دعا كاتب وباحث ليبي متخصص بشؤون الفكر الإسلامي إلى العمل على إحداث حركة إصلاحية وتجديدية في حركة التصوف بليبيا خصوصا وبدول المغرب العربي عامة من أجل العودة بالتصوف إلى جذوره الدينية الحقيقية وربطها بتجارب زعمائه الاولين من أمثال أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وأمثالهما من الصحابة وأعلام التدين.
وطالب الكاتب والباحث في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور علي محمد الصلابي في تصريحات خاصة لـ 'قدس برس' بإتاحة الفرصة أمام من أسماهم بـ 'العلماء الربانيين' لقيادة حركة إصلاحية تجديدية في فكر التصوف ليكون على أصوله السنية.
وقال: 'أعتقد أن قيادة معركة ضد حركة التصوف ليس في ليبيا فقط وإنما في دول المغرب العربي كلها لا جدوى من ورائها على الإطلاق، وإنما ما يمكن الرهان عليه في هذا المجال هو السماح بحركة تجديدية يكون هدفها تهذيب وترشيد فكر التصوف لوضعه على سكته الصحيحة، وأعني بذلك العودة به إلى منبعه الأول أي أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والحسن البصري وعبد الله بن المبارك ومالك بن دينار وأيوب السخطياني، لأن التصوف في المرحلة الراهنة دخل فيه دخن كبير ويحتاج إلى حركة تجديدية يقودها علماء ربانيون، على اعتبار أن الأمة بكاملها وليس ليبيا فقط في حاجة إلى التصوف السني الذي يعتبر عاملا من عوامل نهضتها'.
وأشار الصلابي إلى أن ربط التصوف بالخنوع للظلم ليس صحيحاً في المطلق، وقال: 'لا شك أن علم التصوف يصيبه ما يصيب أي علم آخر من ضعف وتراجع، وهذا يقتضي الدعوة إلى حركة تجديد أصيلة يقودها علماء مسلمون من ليبيا ومن خارجها لتنضبط الحركة بالكتاب والسنة، ووسيلة ذلك هي فتح المعاهد الشرعية والجامعات الإسلامية والاستفادة من خبرات العلماء من ليبيا والعالم الإسلامي حتى يمكن إزالة الكثير من الجهل وترشيد الأخطاء بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالحوار البناء وإحياء نماذج المتصوفة السنيين الذين حملوا لواء العلم والعمل، فالتصوف في الفقه الإسلامي بمعنى الزهد والاستعداد للقاء الله وصفاء النفس والتغلب على أمراضها وإحياء فقه القدوم إلى الله سبحانه وتعالى من المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية عندما ترتبط بعقيدة إسلامية صحيحة. وللتاريخ ففي ليبيا كان رموز التصوف من المجاهدين ضد الاستعمار الإيطالي، وأعني هنا البطل المجاهد عمر المختار وأحمد الشريف السنوسي وكلاهما من المتصوفة، وبالتالي فالربط بين التصوف والخنوع للظلم ليس صحيحا دائما'، على حد تعبيره.
وأوضح الصلابي أن دعوته لتجديد حركة التصوف تعني أيضا مطالبة أعلام التصوف من الليبيين الحاليين الإقدام على انجاز مراجعات فكرية وعقائدية حقيقية تزيل اللبس الحاصل لدى كثير من علماء الأمة على نهج التصوف وأساليبه المعمول بها، حرصا على صفاء المعتقد وسلامة المنهج.
وأضاف: 'إن علم التصوف السني له أصل قرآني عظيم، وهو مستخرج من قول الله تعالى، (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم، ويعلمكم الكتاب والحكمة، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)، وهو ما يعرف بعلم التزكية، والذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم خير القيام في تربية أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، وهذا العلم ضعف ويحتاج إلى حركة تجديدية حقيقية تساهم في إعادة الدور الحضاري للأمة'، على حد تعبيره.
وربط الصلابي بين مطالبة المتصوفة بالمراجعة وبين مطلب المراجعة الفكرية بشكل عام، باعتبارها مطلبا من الجميع سواء كانوا جماعات مقاتلة تريد الخروج من السجن والعودة إلى الحياة العامة، أو سياسيون سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة يعملون على إصلاح ما بهم، أو متصوفة يريدون العودة إلى نقاء التدين وصفاء العلاقة بخالق الكون ورسالة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، كما قال.