سقوط الأندلس1492م
وصف حى لتسليم غرناطة
فى الثانى من ربيع الأول 897 كانون الثانى (يناير)1492م وفى وقت الصباح تم تسليم المدينة, فما أن تقدم النصارى الأسبان القشتاليون من تل الرحى صاعدين نحو الحمراء حتى تقدم أبو عبد الله الصغير وهو يلبس أثواب الهزيمة وعلى وجهه العار والشنار وقال للقائد القشتالى بصوت مسموع ((
هيا يا سيدى فى هذه الساعة الطيبة وتسلم القصور-قصورى باسم الملكين العظيمين اللذين أراد لهما الله القادر أن يستوليا عليها لفضائلهما وزلات المسلمين )) .
وتم تسليم القصور الملكية والأبراج على يد الوزير ابن كماشة الذى ندبهأبو عبد الله الصغيربهذه المهمة . وما كاد الكردينال وصحبه يجوزان إلى داخل القصر المنيف حتى صعدوا ووضعوا فوق برجه الأعلى صليبا كبيرا فضيا وبجانبه علم قشتالة وعلم القديس ياقب . وأعلن من فوق البرج ثلاثا أن غرناطة أصبحت ملكا للملكين الكاثوليكيين.
وأخذ رنين وبكاء يتردد فى غرف قصر الحمراء وأبهائه وكانت الحاشية منهمكة فى حزم أمتعة الملك المخلوع فى ركب قاتم مؤثر يحمل أمواله وأمتعته ومن ورائه أهله وصحبه القلائل وبعض الفرسان المخلصين وكانت أمه الأميرة عائشة تمتطى صهوة جوادها يشع الحزن من محياها الوقور. وحين بلغ الباب الذى سيغادر منه المدينة إلى الأبد ضج الحراس بالبكاء وتحرك الركب نحو منطقة البشرات وفى شعب من الشعاب المطلة على غرناطة وقف أبو عبد الله الصغير مودعا لمدينته وملكه فأجهش بالبكاء على هاتيك الربوع العزيزة , فصاحت به أمه الأميرة عائشة الحرة:((ابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال)).
إن هذه الكلمة حرى بها أن تكون إطارا لمأساة غرناطة وقد جمعت فيها كل العبر والأمثلة والحكم
ومرت سنون , وخبا أثر مصرع الأندلس فى نفوس المسلمين شيئا فشيئا , وأسدل ستار من النسيان عليه , ولكن مأساة المسلمين المتنصرين ((أو المور يسكين)) لم تقف , وظهرت محاكم التفتيش التى هدفت إلى إبادة المسلمين فى الأندلس .
المصدر:دولة الموحدين د. الصلابى