سلفية سيد قطب
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال ظهرت في بعض الدول العربية جماعة يدعون أنهم أتباع سيد قطب ، وأنهم هم السلفيون حقاً، فما رأيكم؟
الجواب رأيي أن المشكلة هي هي، وجوابي عليها:
والدعاوى ما لم تقيموا عليـ ـها بينات أصحابها أدعياءُ
نحن نعتقد أن سيد قطب رحمه الله لم يكن سلفي المنهج في عامة حياته، ولكن ظهر له اتجاهٌ قوي إلى المنهج السلفي في آخر حياته وهو يعيش في سجنه، فالسلفية ليست مجرد دعوة، السلفية تتطلب معرفة بالكتاب والسنة الصحيحة والآثار السلفية، نحن نعلم من هؤلاء وأمثالهم الذين يدعون أن دعوتهم قائمة على الكتاب والسنة؛ أنهم لا يعرفون أصول فهم الكتاب أولاً، وهذه الأصول معروفة من كلام ابن تيمية في رسالته في أصول الفقه، وكلمات أئمة التفسير كـ ابن جرير و ابن كثير وغيرهم؛ أن القرآن يفسر بالقرآن، وإلا فبالحديث، وإلا فبأقوال الصحابة، ومن دونهم من السلف الصالح ، فالذين يدعون السلفية لا يسلكون في سبيل تفسير القرآن هذا السبيل العلمي المتفق عليه بين علماء المسلمين.
السائل: هل هذا موجود عند القطبية؟ الشيخ: نعم.
هو موجود؛ ولذلك تجد في تفسير سيد قطب بعض التفاسير التي تنحو منحى الخلفيين الذين يخالفون السلف الصالح .
ثم أريد أن أقول: إن هؤلاء لا يُعْنَوْنَ بتمييز السنة الصحيحة من الضعيفة؛ فضلاً عن أنهم لا يعنون بتتبع الآثار عن الصحابة و السلف الصالح ؛ لأن هذه الآثار هي التي تعين العالم على فهم الكتاب والسنة كما أشرنا إليه آنفاً.
من أين تأتيهم السلفية إذا كانوا هم بعيدين عن فهم الأصل الأول للإسلام وهو القرآن على الأصول العلمية الصحيحة، وبعيدين عن تمييز الصحيح من الضعيف من الحديث، وأبعد من ذلك عن أن يتتبعوا آثار السلف الصالح حتى يهتدوا بهديها ويستنيروا بنورها؟ إذاً: القضية ليست مجرد ادعاء، ولماذا هؤلاء يدعون أنهم سلفيون؟ للأمر الذي ذكرته في بعض أجوبتي السابقة؛ أن الدعوة السلفية الآن -والفضل لله عز وجل- غطت الساحة الإسلامية تقريباً، وظهر لأكثر من كان يعاديها -ولو في الجملة- أن هذه الدعوة هي دعوة الحق؛ ولذلك فهم ينتمون إليها ولو كانوا في عملهم بعيدين كل البعد عنها.
الكتاب : دروس للشيخ محمد ناصر الدين الألبانيالمؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ)مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
وصْف القرن العشرين بـ " الجاهلية " إنما ينطبق على غير المسلمين الذين لم يتبعوا الكتاب والسنَّة ، ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير ، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأُمة على الحق ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء ...) قالوا : من هم يا رسول الله ؟ جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم - واصفاً الغرباء - : (هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنَّتي من بعدي) ، وفي رواية أُخرى قال عليه الصلاة والسلام : (هم أُناس قليلون صالحون بين أُناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) فلذلك لا يجوز هذا الإطلاق في العصر الحاضر على القرن كله ؛ لأنَّ فيه - والحمد لله - بقية طيبة لا تزال على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى سنته ، وستظل كذلك حتى تقوم الساعة ، ثم إن في كلام سيد قطب - رحمه الله - وفي بعض تصانيفه ما يشعر الباحث أنه كان قد أصابه شيء من التحمس الزائد للإسلام في سبيل توضيحه للناس ، ولعل عذره في ذلك أنه كان يكتب بلغة أدبية ؛ ففي بعض المسائل الفقهية كحديثه عن حق العمال في كتابه : "العدالة الاجتماعية" أخذ يكتب بالتوحيد ، وبعبارات كلها قوية تحيي في نفوس المؤمنين الثقة بدينهم وإيمانهم ، فهو من هذه الخلفية في الواقع قد جدّد دعوة الإسلام في قلوب الشباب ، وإن كنَّا نلمس أحياناً أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته على أن يحرر فكره من بعض المسائل التي كان يكتب حولها أو يتحدث فيها ، فخلاصة القول أن إطلاق هذه الكلمة في العصر الحاضر لا يخلو من شيء من المبالغة التي تدعو إلى هضم حق الطائفة المنصورة ، وهذا ما عنَّ في البال فذكرته.من كتاب حياة الألباني.
الكتاب : مجموع فتاوى العلامة الالباني