العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-11-09, 04:16 AM   رقم المشاركة : 1
زيدي وافتخر
مشترك جديد






زيدي وافتخر غير متصل

زيدي وافتخر is on a distinguished road


المذهب الزيدي -تعريفه -عقيدته

جميع الحقوق محفوظة لموقع الزيدية ومرجعها الإمام الحجة المجدد للدين
مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي رضوان الله تعالى وسلامه عليهم
www.azzaidiah.com





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين:
[بحث في تعريف الزيدية]
قال شيخ الإسلام، ونجم الزيدية الأعلام، وإمام أهل البيت الكرام مولانا الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي ـ رضي الله تعالى عنهم ـ في الجوابات المهمة [ص10] ما لفظه:
من هم الزيدية

الزيدية اسمٌ عامٌّ للمُنْتسبين إلى الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، وهم أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من بعده، وأتباعهم.
ومنهم الهادوية: وهم المنتسبون إلى الإمام المجدد للدين الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، ولا فرق بينهم، ولا اختلاف عندهم في نظام الحكم، ولا في مسألة من مسائل أصول الدين.
وإنما سميت الزيدية زيدية لموافقتهم لإمام الأئمة زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ في التوحيد، والعدل، والإمامة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والخروج على أئمة الجور والظلم كما قال الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية ـ عليهم السلام ـ: أمَا والله لقد أحيا زيدُ بنُ عليٍّ ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن ننحوَ إلاَّ أثرَهُ، ولن نقتبسَ إلاَّ من نوره، وزيد إمام الأئمة، وأولُ من دعا إلى الله بعد الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ أخرجه الإمام أبوطالب في أماليه [ص186]، وما ورد فيه من البشارات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسين السبط ـ عليهم السلام ـ لا يسع المقام ذكره، وهو مبسوط في الأماليات، وكتاب الشافي، وفي المنهاج الجلي، وقواعد عقائد آل محمد، وغيرها.
وفضائله كالشمس وضحاها، لا يمتري في ذلك أحدٌ من علماء الإسلام.


سبب اختيار أهل البيت وأتباعهم _ رضي الله عنهم_ الانتساب إلى الإمام زيد بن علي عليهما السلام:

وإنما اختارَ أهلُ البيت وأتباعُهم ـ رضي الله تعالى عنهم ـ الانتساب إليه: لفتحه باب الجهاد في سبيل الله تعالى، وإحياء دينه، وتجديد شرعه، وقد كانت اشتدت الفتنة، وعظمت المحنة، واستحكمت الظلمة، وتراكمت الغمة على هذه الأمة بعد استشهاد سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وريحانته الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ، وظهرت البدع والفتن، وانطمست الأعلام والسنن، فلما أبان الحجة، وأوضح المحجة؛ إمام الأئمة زيد بن علي ـ عليهم السلاما ـ جعلوه عَلَمَاً بينهم، وبين الأمة؛ ليعلموهم ما يدعونهم إليه من أول وهلة، كما أفاد ذلك كلام الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية ـ عليهما السلام ـ ، وكما قال والده الكامل عبدالله بن الحسن ـ عليهما السلام ـ:"العَلَمُ بيننا وبين الناس: عليُّ بنُ أبي طالبٍ، والعَلَمُ بيننا وبين الشيعة: زيدُ بنُ عليٍّ".
وهذا كلامٌ حكيمٌ صحيحٌ فلو قال: العَلَمُ: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو اتِّباع الكتاب والسنة لم يُمَيِّز؛ لأن كلَّ مَنْ يَدَّعِي الإسلامَ من جميع الفرق يَدَّعِي ذلك، ولَّمَّا كان المدعون لمتابعة أمير المؤمنين فرقاً متعددة مَيَّزَ ذلك بالعَلَمِ الثاني؛ فإنه لم ينتسب إليه إلاَّ خلاصةُ الصفوة، وعلى هذا وردت السنةُ النبويةُ في قصد التمييز؛ ألا ترى إلى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أمير المؤمنين: ((لا يحبه إلاَّ مؤمن، ولايبغضه إلا منافق))، وكرر ذلك، وقرره بألفاظٍ كثيرة، وفي مقامات عديدة، وصار ذلك معلوماً حتى قال بعض الصحابه: كنا نعرف المنافقين ببغضهم علي بن أبي طالب، ولو قال: لا يحبني إلاَّ مؤمن، ولا يُبْغِضُنِي إلاَّ منافق لم يُمَيِّز كل التمييز؛ لأن كل من يدعي الإسلام يدعي حبه بخلاف عليٍّ ـ عليه السلام ـ
وانظر إلى خبر الثَّقَلين المروي في الصحيحِ وسائر السُّنَنِ عن بضعٍ وعشرين صحابياً، وقد أوضحتُ الكلام عليه في لوامع الأنوار [ط1/ج1/ص46]، وفي شرح الزلف [ص 223 في الطبعة الأولى، و ص321/ في الطبعة الثانية/ و ص 428/ في الطبعة الثالثة] بلفظ ((كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) وفي صحيح مسلم، وسنن أبي داود، وعبد بن حُمَيْدٍ، وغيرهم: ((أُذَكِّرُكُم الله في أهلِ بيتي))ثلاثاً.
فعدل الأكثر عن هذا اللفظ الصحيح المعلوم إلى لفظ ((وسنتي))، وهي رواية شاذة، لم تُخَرَّجْ في الصحيح، ولا في شيء من الأمهات السِّت إلا في الموطأ بلاغاً مرسلة، فلا تراهم يذكرون تلك الرواية المعلومة الصحيحة المروية من الطرق الكثيرة بأي ذكر لا في كتابةٍ، ولا في خطابةٍ، ولا أي مقام، بل أعرضوا عنها صَفْحَاً، وطووا دونها كَشْحَاً، وصيَّروها نسيَّاً مَنسياً؛ لأن بذكرها يتضح الأمر، وينكشف اللبس.
وأما السُّنة فهي دعوى مشتركة لا يعجز عنها أحدٌ ممن يدَّعي الإسلام.
نعم! ولا منافاة بين الروايتين، فالكتاب والسُّنة مؤداهما واحد، فلذا اكتفَى بذكره في الرواية الصحيحة، فمن اعتمد على رواية ((وسنتي))، لقصد إلغاء رواية ((وعترتي)) فقد خالف السُّنةَ قطعاً، وهَجَرَ ما علم أنه من السُّنة بإجماع؛ نعوذ بالله تعالى من الزيغ والهوى.
هذا وليس بين الزيدية كلهم قاسمية، وهادوية، وناصرية، ومؤيدية خلاف في الأصول الدينية التي هي عمدة الإسلام، وأساس الدين الحنيف، وأما المسائل الفرعية الاجتهادية فلكل إمام أنظاره واجتهاداته، يوافقه فيها من أراد موافقته، وكلهم نجوم هدى، وأعلام اقتداء:

مِثْلَ النجومِ التي يَسري بها السَّاري




مَنْ تَلْقَ منهم تَقُلْ لاقيتُ سيِّدَهُم




فمهما كان المتابعُ مقتدياً بآثارهم، مهتدياً بأنوارهم، فقد اعتصم بالحبل الأقوى، واستمسك بالعروة الوثقى، لآيات التطهر، والمودة، والولاية، وخبر الثقلين المجمع على صحته، ومن ألفاظه ما أخرجه مسلم في صحيحه: (( ألا وإني تاركٌ فيكم ثَّقَلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثاً))، وأخرجه سائرُ المحدثين بألفاظه وسياقاته، وأخبار السفينة، والنجوم، وما لا يحاط به كثرة كتاباً وسنةً كما قال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير:

ثَّقَلانِ للثَّقَلين نصُ محمدِ


من رامَ عَدَّ الشُّهبْ لم تتعددِ




والقومُ والقرآنُ فاعرفْ قَدْرَهُمْ


ولهم فضائلُ لستُ أُحصي عَدَّهَا



هذا، ونسبة هذه الطائفة الزَّكية إلى الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ مجمعٌ عليها بين الأمة؛ كما ذكر ذلك النوويُّ في شرح مسلمٍ، وابنُ الأثير في النهاية، والشهرستانيُّ في المِلَلِ والنِّحَلِ، وصاحبُ القاموسِ، وغيرُهم.
قال الشيخ ابن تيمية في الأول من منهاجه [صفحة21] ما لفظه: لفظ الرافضة إنما ظهر لَّمَّا رفضوا زيد بن علي بن الحسين إلى قوله: وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم.
قال: وسَمَّىَ من لم يرفضه من الشيعة زيدياً؛ لانتسابهم إليه، ولَّمَّا صُلِبَ كانت العباد تأتي إلى خشبته بالليل فيتعبدون عندها إلى آخره. تأمل هذا.
قلت: أراد عليه السلام بقوله: تأمل هذا، أنه لم يعد التعبد عند الموتى شرك.
وقال في الجزء الثاني[67]: وتولاه قوم فسموا زيدية، لانتسابهم إليه، ثم وصفهم بالعلم والصدق والشجاعة إلى آخر كلامه.
قال مولانا الإمام ـ أيده الله تعالى ـ: وهذه النسبة ليست كسائر النسب المذهبية التي مفادها التقليد والمتابعة في المسائل الفرعية كأهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وإنما هي للاتفاق في مسائل الأصول التي لا يجوز التقليد فيها، ولا الخلاف كما سبق إلخ كلام شيخنا الإمام المجتهد المطلق مجدالدين المؤيدي ـ رضي الله تعالى عنه ـ وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وقال الإمام الأعظم المنصور بالله رب العالمين عبدالله بن حمزة ـ عليهما السلام ـ في الشافي:
"وكان زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ أولَ من سنَّ الخروجَ على أئمة الجور، وجرد السيف بعد الدعاء إلى الله؛ فمن حذا حذوه من أهل البيت ـ عليهم السلام ـ فهو زيدي، ومن تابعهم وصوبهم من الأمة فكذلك، ولم يتأخر عن زيدٍ إلاَّ الروافضُ، فهم أهل هذا الإسم، والنواصبُ إلخ كلامه ـ عليه السلام ـ.
ولزيادة البحث ـ وإن كان قد تقدم ما فيه كفاية وافية، ونبذة إن شاء الله تعالى شافية، ولكنها لا تخلو من فائدة ـ نذكر ما قاله مولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي ـ أيده الله تعالى ـ في التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية في سبب الإنتماء إلى الإمام زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ ومعناه [ط3/ص67]:
قال ـ أيده الله تعالى ـ :"ولَّمَّا ظهرت الضلالات، وانتشرت الظلمات، وتفرقت الأهواء، وتشتت الآراء في أيام الأُمَوية ـ وإن كان قد نجم الخلاف في هذه الأمة من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلاَّ أنها عظمت الفتن، وجَلَّت الِمَحن في هذه الدولة ـ، وصار مُتَلَبِّسَاً بالإسلام من ليس من أهله، وادَّعاه من لا يحوم حوله، وقام لرَّحْضِ الدين، وتَجديد ما أتى به رسول رب العالمين الإمام زيد بن علي يقدم طائفة من أهل بيته وأوليائهم، وهي الطائفة التي وعد الله تعالى الأمة على لسان نبيها ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنها لن تزال على الحق ظاهرة، تُقَاتِلُ عليه إلى يوم الدين.
أَعلَنَ([1]) أهلُ البيت ـ صلوات الله عليهم ـ الاعتزاءَ إلى الإمام زيد بن عليٍّ، بمعنى أنَّهم يدينون الله تعالى بِما يدينه، من: التوحيد، والعدل، والإمامة؛ ليظهروا للعباد ما يدعونهم إليه من دين الله تعالى القويم، وصراطه المستقيم، وكان قد أقام الحجة، وأبان المحجة، بعد آبائه صلوات الله عليهم، فاختاروه علماً بينهم وبين أمة جدِّهم.
قال الإمام الكامل عبدالله بن الحسن بن الحسن: "العَلَمُ بيننا وبين النَّاس: عليُّ بنِ أبي طالبٍ، والْعَلَمُ بيننا وبين الشيعة: زيدُ بن عليٍّ".
وقال ابنه الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية:" أمَا والله لقد أحيا زيدُ بنُ عليٍّ ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذْ اعوج، ولن نقتبس إلاَّ مِنْ نوره، وزيدٌ إمامُ الأئمة"، انتهى.
فلم يزل دعاء الأئمة، ولا يزال على ذلك إن شاء الله تعالى إلى يوم القيامة.


([1])- جواب لَمَّا.




الكلام على النصب والرفض

قال ـ أيده الله تعالى ـ في لوامع الأنوار [ط1/ج1/ص 207] في الكلام على النَّصْبِ والرَّفْضِ:
"هذا ومن مباينتهم لآل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، ومجانبتهم لأوليائهم ما عُلِمَ منهم من التبديع لهم والتضليل، وعدم التأول لهم بأي تأويل، ورميهم لأوليائهم من العصابة الناجية، والطائفة الهادية بدائهم، من الرفض والغلو، وقد علموا أنَّ النصب والرفض، مع ما تقدم من أسماء الذم، واردة في أعدائهم.
[النصب]

أما النَّصبُ فواضحٌ، وليس بين الأمة اختلاف في أنه لأعداء آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ.
قال ابن حجر في تحديده: والنصب بغض علي، وتقديم غيره عليه انتهى.
قال مولانا الإمام ـ أيده الله تعالى ـ : وظاهر هذا العموم في تقديم غيره عليه، وقد قَدَّمَهُ الله تعالى، ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بعد أخيه وابن عمه سيد المرسلين صلوات الله عليهم على الخلق، فهو الحق الذي نطقت به السنة والقرآن، ودلت عليه صرائح حجج الله تعالى القاطعة البرهان، لا بالدعاوى الْمُخْتَلَقَةِ التي لم يُنْزِل الله تعالى بها من سلطان.
فقد أخرج الله تعالى الحقَّ على لسانه، ولَمْ يَزل يُخْرِجُ الله تعالى الحقَّ على ألسنتهم، وإنْ حاولوا كتمه، وخالف ما في أجِنَّتِهم، فانظر إلى هذا، وإلى ما تقدم له في تحديد التشيع، المذموم عندهم، الذي هو من أعظم الجرح، ففيه التصريح بأنَّ تقديمه على الشيخين غلو ورفض، وأن مجرد محبته تشيع، وهو عندهم ذم وغض، لتعلم إنْ كنتَ من ذوي العلم، وتنظر إنْ كنتَ من أولي النَّظَرِ، وتعتبر إنْ كنتَ من أهل الفكر، فقد صارت محبةُ أمير المؤمنين، وسيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ عندهم تشيعاً، وبغضُهُ نصباً، وتقديمه على غيره رفضاً، وتقديم غيره عليه نصباً.
وكلُّ اسم من هذه الأسماء ذماً وجرحاً، وهضماً وقدحاً، فهل بقي على هذا للسالك من سبيل؟! وإلى أي جيل ينحاز طالب النجاة والحق عندهم في شأن سيد الوصيين، وأخي سيد النبيين ـ صلوات الله عليهم ـ؟ وفي أي قبيل؟
وليس هذا ببدع من تناقض أقوالهم، وتهافت أحوالهم، ولئن رمت التأويل لهم في شأن التقديم، بأن المراد بتقديم غيره غير المشايخ على بعده وتعسفه، إذ ليس بين الأمة خلاف إلاَّ في تقديمه عليهم، أو تقديمهم عليه، فلا يستقيم لك بوجه التأويل، في شأن المحبة والبغض، فليس بينهما واسطة في حقه عقلاً وشرعاً إلاَّ التوقف، وهو غير مراد إجماعاً وقطعاً.
وليس مرادهم بالمحبة إلاَّ المحبة المطلقة، لأنهم جعلوا أول درجات الغلو فيها: التقديم، كما صرح به الشيخ هذا وغيره، واعترضه كما تقدم السيد محمد بن إسماعيل الأمير، وذلك واضح لمن لم يعم التعصب بصيرته، ولم يسلب الهوى فكرته، وما ذلك وغيره مما هو أعظم وأطم من مناقضتهم، وتهافتهم إلاَّ مصداق الإصابة بالدعوة النبوية ((واخذل من خذله))، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى () إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[سورة النجم: 2ـ 3]
من هم الرافضة

الإمام زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ والرافضة:
الرافضة هم الذين رَفَضوا بيعة الإمام زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ.

قال مولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي ـ أيده الله تعالى ـ في لوامع الأنوار[ط1/ج1/ص209] في الكلام على الرافضة:
وأمَّا الرَّفْضُ فقد أجمع الجميع أنه اسم للفئة الرافضة للإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي صلوات الله عليهم كما صَرَّحَ به النوويُّ في شرح مسلم، وصاحب القاموس، وغيرهما من علمائهم، قال ابن تيمية في الجزء الأول من المنهاج [ص21]:
"لفظ الرافضة إنما ظهر لَمَّا رَفَضُوا زيدَ بن علي بن الحسين، إلى قوله: فقال: رفضتموني، فسموا رافضة لرفضهم إياه وسَمَّىَ من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه".
وقال في [ص 67]:" ومن حينئذ انقسمت الشيعة ثم قال: فالزيدية خير من الرافضة، وأعلم وأصدق وأشجع انتهى.
وهو معلوم لا نـزاع فيه بين الأمة، وإنما النـزاع في السبب، وآل محمد ـ عليهم السلام ـ أعلم بذلك، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، مع أنه لو فرض صحة ما روته العامة، أنهم رفضوه لعدم تصريحه بالبراءة من الشيخين، فلا مستروح لهم في ذلك.
أما أولا: فلا يلزم إظهار البراءة، ولو كانت عنده جائزة، لخشية افتراق الجمع، وانشقاق العصا، وإثارة الفتنة، ولو لم يدل على ذلك إلاَّ قوله تعالى {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ }[الأنعام: 107]، وله بأبيه الوصي ـ صلوات الله عليه ـ أعظم أسوة، فقد كان يسكت على أشياء كثيرة، هي عنده منكرة، كما علم ذلك من صرائح كلماته، المنقولة بالتواتر لمن اطَّلَعَ على سيرته ـ صلوات الله عليه ـ.
وأما ثانياً: فليس ذلك إلاَّ سبب الرفض للإمام ولآل محمد ـ عليهم السلام ـ بالاتفاق، والذَّم والوعيدُ واردان على الرفض، لا على الباعث عليه ولا على علامته، ألا ترى أنَّ من ترك الصلاة مثلاً لأجل محبة الراحة أو نحو ذلك من الدواعي المباحة وعلامته أنَّه مثلاً يَلْبَسُ الثياب السود: يكون مذموماً ومعاقباً على ترك الصلاة قطعاً لا على السبب والعلامة، وأما السبب ونحوه فأمر آخر موقوف على الدليل.
وقد روى إمام الأئمة الهادي إلى الحق عن الإمام الأعظم زيد بن علي ـ صلوات الله عليهم ـ بعد أن حكى سبب رفضهم، وأنهم تعللوا عليه بما يدعون من الوصية والنص على جعفر بن محمد ـ عليهما السلام ـ ما نصه: فلما كان فعلهم على ما ذكرنا سماهم أي الإمام زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ روافض، ورفع يديه، فقال: اللهم اجعل لعنتك، ولعنة آبائي وأجدادي، ولعنتي على هؤلاء الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي كما رفض أهلُ حروراء عليَّ ابن أبي طالب حتى حاربوه انتهى.
فانظر على أي شيء وجه اللعن، وعلل الرفض، أعلى البراءة؟ أم على رفضه، والخروج من بيعته؟، كما رفض أهلُ حروراء جَدَّهُ ـ صلوات الله عليهم ـ.
ولَمْ يَذْكُرِ البراءةَ، ولا ذَكَرَ كَوْنَهُ جعلها الموجب، ولا أنه علق عليها الذم أحدٌ من الرواة، لا من آل محمد ـ عليهم السلام ـ، ولا من غيرهم، وإن كانوا قد رووا أنها السبب في رفضهم له.
وهذا الحافظ المِزِّيُّ ـ صاحبُ تهذيب الكمال، وهو الذي عليه المدار عندهم في علم الرجال ـ روى عن الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ في ترجمته ما لفظه: الرافضة حربي وحرب أبي في الدنيا والآخرة، مرقت الرافضة علينا كما مرقت الخوارج على علي ـ عليه السلام ـ، ونقله صاحب الخلاصة بلفظه.
وقال في التهذيب: قالوا: إذاً نرفضك، فسميت الرافضة، وقال في شأن الزيدية: فخرجوا مع زيد بن علي فسميت الزيدية" انتهى المراد.
فهذا نقل أئمة آل محمد ـ عليهم السلام ـ، ونقل ثقات غيرهم، وإقرارهم أنها مرقت عليه، كما مرقت الخوارج على جده، وأنها سميت الرافضة لرفضها له ـ عليه السلام ـ، وهو المعلوم، والأخبار والآثار دالة على ذلك.
وروى صاحب المحيط ـ رضي الله عنه ـ : بسنده إلى أبي الطيب محمد ابن محمد بن فيروز الكوفي، قال: حدثنا يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ـ عليهم السلام ـ
قال ـ أيده الله تعالى ـ: يعني إمام الأئمة الهادي إلى الحق ـ عليهم السلام ـ. قال: حدثني أبي عن أبيه، قال: لَّمَّا ظهر زيد بن علي، ودعا الناس إلى نصرة الحق، فأجابته الشيعة، وكثير من غيرهم، وقعدوا عنه، وقالوا: لستَ الإمام؟ قال: فَمَنْ هو؟ قالوا: ابنُ أخيكَ جعفرٌ.
فقال لهم: إنْ قال جعفرٌ هو الإمام فقد صدق، فاكتبوا إليه واسألوه.
فقالوا: الطريق مقطوعة، ولا نَجِدُ رسولاً إلاَّ بأربعين ديناراً.
قال: هذه أربعون ديناراً، فاكتبوا وأرسلوا إليه.
فلمَّا كان من الغد أتوه، فقالوا: إنه يداريك.
فقال لهم: ويلكم إمامٌ يُداري من غير بأس، أو يكتم حقاً؟ أو يخشى في الله أحداً ؟.
اختاروا: إمَّا أن تقاتلوا معي، وتبايعوني على ما بويع عليه علي، والحسن، والحسين ـ عليهم السلام ـ، أو تعينوني بسلاحكم، وتكفوا عَنِّي ألسنتكم، فقالوا: لا نفعل.
فقال: الله أكبر، أنتم والله الروافض الذين ذكر جدي رسول الله ((سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي، ويقولون ليس عليهم أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، يقلدون دينهم، ويتبعون أهواءهم)) انتهى.
وقد روى هذا السيد الإمام أبو العباس الحسني ـ عليه السلام ـ.
فَمَنِ الذين يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل البيت، ويقولون ليس عليهم أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، ويرون تحريم الخروج على الظلمة، ويوجبون الطاعة للجبابرة المتغلبين على الأمة، فيعينونهم بذلك على تعدي حدود الله تعالى، وانتهاك كل حرمة، وينصرونهم على قتل الآمرين بالقسط، الحافظين لحدود الله تعالى من الأئمة؟.
وقد علموا: أن الله تعالى لَم يَجعل بنص كتابه للظالمين عهداً، وأنه لا يتخذ المضلين عضداً.
وعلى الجملة قد قضت المعلومة من الأدلة، وإجماع جميع أهل الملة أنَّ الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ، وطائفته هم المحقون، وأن هذه الفرقة الرافضة له مبطلون، وليس النـزاع إلاَّ فيما كان عليه من البراءة عن الشيخين، أم الولاية لهما، أم التوقف فيهما، وهو أمر آخر يجب على المتدين الاعتماد فيه على الدليل من غير تقليد، ولا تعويل على متابعة الأقاويل.
والمعلوم من حال الإمام الأعظم ـ صلوات الله عليه ـ بالإجماع من الجميع أنَّه لَمْ يَبْحث عن معتقدهم في ذلك، ولم يسألهم عن البراء، ولا التولي، وأنَّه لم يُسمهم الرافضة، ولم يلعنهم، ولم يتبرأ منهم إلاَّ حين خذلوه، ورفضوه ولم ينصروه.
وبذلك يعلم أنهم لم يستحقوا ذلك، إلاَّ لرفض إمام الحق، والخروج عن طاعة سادة الخلق كايناً في ذلك السبب ما كان، هذا معلوم بأبين بيان، وأوضح برهان، والله المستعان.
فكيف يكون رافضياً من تولاه، ونصره وقاتل بين يديه؟ ومن أتى من بعده متبعاً لأثره مقتدياً بهديه، مهتديا بنوره؟
فقد صارت هذه الطائفة المتسمية بالسنية ترمي به قطعاً أولياء الله تعالى، وأولياء رسوله، وأهل بيت نبيه، القانتين من هذه العصابة، تجارياً على الله تعالى، وإطِّراحاً للمفروض عليهم من حقوق القرابة، ومعاندة للحق، ومضادة لبراهينه، وقواطعه.
فإن كنت أيها الطالب للنجاة المراقب لله تعالى؟ ممن اطلع على الأحوال، ومارس علم الرجال، لم تحتج إلى تجشم بيان، ولا تكلف برهان"
انتهى كلامه ـ أيده الله تعالى ـ.
وقال الإمام مجدالدين المؤيدي ـ أيده الله تعالى ـ في التحف شرح الزلف، الطبعة الثالثة [ص 68]:
وحال الإمام الرضي، السابق الزكي، الهادي المهدي، زيد بن علي، وقيامه في أمة جده طافح بين الخلق، ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الخبر الشريف بضلالها.
وسبب مفارقتهم له مذكور في كتاب معرفة الله للإمام الهادي إلى الحق، وغيره من مؤلفات الأئمة والأمة، فإن الأمة أجمعت على أن الرافضة هم الفرقة الناكثة على الإمام زيد بن علي([1])، ولكنها اختلفت الروايات في سبب نكثهم عليه، وأهل البيت أعلم بهذا الشأن، واقتدت هذه الفرقة بسلفها المارقة الحرورية، كما قال الإمام زيد بن علي: اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حَرَوْرَاء([2]) علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، حتى حاربوه([3]).
وأما رواية العامة، فقال في تاريخ الأمم والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري الجزء (8) ص272 حوادث سنة 122 ما لفظه: (وتخوف زيد بن علي أن يؤخذ فعجل قبل الأجل الذي جعله بينه وبين أهل الكوفة..إلى قوله: فلما رأى أصحاب زيد بن علي الذين بايعوه أن يوسف بن عمر قد بلغه أمر زيد، وأنه يدس إليه ويستبحث عن أمره، اجتمعت إليه جماعة من رؤوسهم، فقالوا: رحمك الله ما قولك في أبي بكر وعمر.
..إلى قوله: فقال لهم زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم إنا كنا أحق بسلطان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الناس أجمعين، وأن القوم استأثروا علينا ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً قد ولوا فعدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنة، قالوا: فلم يظلمك هؤلاء إذا كان أولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا بظالمين، فقال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم، وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، وإلى السنن أن تُحْيَا، وإلى البدع أن تطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سعدتم، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته، وقالوا: سبق الإمام، وكانوا يزعمون أن أبا جعفر محمد بن علي أخا زيد بن علي هو الإمام، وكان قد هلك يومئذ، وكان ابنه جعفر بن محمد حياً، فقالوا: جعفر بن محمد إمامنا اليوم بعد أبيه، وهو أحق بالأمر بعد أبيه ولا نتبع زيد بن علي فليس بإمام فسماهم زيد الرافضة.
قال: وكانت طائفة منهم قبل خروجه مَرُّوا إلى جعفر بن محمد بن علي، فقالوا له: إن زيد بن علي فينا يبايع أَفَتَرَى لنا أن نبايعه، فقال لهم: نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيرنا، فجاءوا فكتموا ما أمرهم به).
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج5 ص389 في ترجمة الإمام زيد ما لفظه: روى عن أبيه زين العابدين وأخيه الباقر..إلى قوله: وعنه ابن أخيه جعفر بن محمد، وشعبة، وفُضَيل بن مرزوق، والمطّلب بن زياد، وسعيد بن خثيم، وابن أبي الزناد، وكان ذا علم وجلالة وصلاح هفا وخرج فاستشهد.
إلى قوله: قال عيسى بن يونس، وجاءت الرافضة زيداً، فقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى ننصرك..إلى قوله: قالوا: إذاً نرفضك، فمن ثم قيل لهم الرافضة، وأما الزيدية فقالوا بقوله وحاربوا معه، وذكر إسماعيل السُّدي عنه، قال: الرافضة حربنا مرقوا علينا.
وروى عبدالله بن أبي بكر العتكي عن جرير بن حازم، قال: رأيت النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كأنه متساند إلى خشبة زيد بن علي وهو يقول: هكذا تفعلون بولدي؟!
قال عباد الرَّواجني: أنبأنا عمرو بن القاسم، قال: دخلت على جعفر الصادق وعنده ناس من الرافضة، فقلت: إنهم يبرؤون من عمك زيد، فقال: برأ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم ما تركنا وفينا مثله.
قال الذهبي: قلتُ: خرج متأولاً، وقتل شهيداً وليته لم يخرج.
قال مولانا أيده الله تعالى: فهل جرى لتقديم المشائخ ذكر في رواياتهم فنقلهم لاسم الرفض إلى من قدم علياً ـ عليه السلام ـ على المشائخ زور وبهتان ليس لهم عليه أي مبرر، فقد اتفقنا نحن وهم على أن الرافضة هم الذين رفضوا زيد بن علي ـ عليهما السلام ـ.
قال نشوان الحميري في كتابه الحور العين في ذكر الرافضة ما لفظه: فقال لهم زيد: إن أبا بكر وعمر ليسا كهؤلاء هؤلاء ظالمون لكم ولأنفسهم ولأهل بيت نبيهم، وإنما أدعوكم إلى كتاب الله ليعمل به وإلى السنة أن يعمل بها، وإلى البدع أن تطفأ، وإلى الظَّلَمة من بني أمية أن تخلع وتنفى، فإن أجبتم سعدتم وإن أبيتم خسرتم ولست عليكم بوكيل، قالوا: إن برئت منهما وإلا رفضناك، فقال زيد: الله أكبر، حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: ((إنه سيكون قوم يدَّعون حبنا لهم نبز فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون)) اذهبوا فإنكم الرافضة ففارقوا زيداً يومئذ فسماهم الرافضة فجرى عليهم هذا الاسم.
وروى السيد أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون الحسني في كتاب الدعامة: أن جميع فرق الأمة اجتمعت على إمامة زيد بن علي عليه السلام إلا هذه الفرقة التي تقدم ذكرها، فقال لما شهر فضله وتقدمه وظهر علمه وبراعته، وعُرف كماله الذي تقدم به أهل عصره اجتمع طوائف الناس على اختلاف آرائهم على مبايعته فلم يكن الزيدي أحرص عليها من المعتزلي، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجي، ولا المرجي من الخارجي، فكانت بيعته عليه السلام مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها ولم يشذ عن بيعته إلا هذه الطائفة القليلة التوفيق.
إلى قوله: وكان أفضل العترة ؛ لأنه كان مشاركاً لجماعتهم بوجوه لم يشاركوه فيها، فمنها اختصاصه بعلم الكلام الذي هو أجل العلوم وطريق النجاة، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه والتقدم فيه والاشتهار عند الخاص والعام.
هذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به ويشهد له بنهاية التقدم، وجعفر بن حارث في كتاب الديانة وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبدالله الإسكافي وغيره ينسبون إليه في كتبهم، ويقولون: نحن زيدية وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه مع أنها تنظر إلى الناس بالعين التي ينظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلاً، فلولا ظهور علمه وبراعته وتقدمه على كل أحد في فضيلته لما انقادت له المعتزلة.
إلى قوله: ومما يدل على صحة ما رواه السيد أبو طالب من إجماع فرق الأمة على زيد بن علي لما كان من فضله قول شاعر الخوارج يرثي زيداً عليه السلام ويقرع الزيدية:

يا با حسين والأمور إلى مديً


يا با حسين لو شراة عصابة





أولاد دَرْزَةَ أسلموك وطاروا


علقتك كان لوردهم إصدار




وقال أيضاً:

أولاد دَرْزَةَ أسلموك مبتلاً


تركوا ابن فاطمة الكرامُ جدودُه





يوم الخميس لغير ورد الصادر


بمكان من مسخنة لعين الناظر




وروى حسن بن علي بن يحيى بن أبي يعلى عن عمر بن موسى، قال: قلت لزيد بن علي: أكان علي إماماً؟
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نبياً مرسلاً، لم يكن أحد من الخلق بمنـزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا كان لعلي ما ينكر الغالبية، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان علي من بعده إماماً للمسلمين في حلالهم وحرامهم، وفي السنة عن نبي الله وتأويل كتاب الله فما جاء به علي من حلال أو حرام أو كتاب أو سنة كان رده عليه كفراً، فلم يزل ذلك حتى أظهر السيف وأظهر دعوته واستوجب الطاعة ثم قبضه الله شهيداً.
ثم كان الحسن والحسين فوالله ما ادعيا منـزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من القول فيهما ما قال في علي عليه السلام، وأيضاً أنه قال: سيدا شباب الجنة، فهما كما سماهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانا إمامين عدلين فلم يزالا كذلك حتى قبضهما الله تعالى شهيدين، ثم كنا ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعدهما ولد الحسن والحسين، ما فينا إمام مفترضة طاعته، ووالله ما ادعى علي بن الحسين أبي ولا أحد منـزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا منـزلة علي، ولا كان من رسول الله فينا ما قال في الحسن والحسين غير أنا ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهؤلاء يقولون حسدت أخي وابن أخي، أحسد أبي حقاً هو له، لبئس الولد أنا من ولد، إني إذاً لكافر إن جحدته حقاً هو له من الله، فوالله ما ادعاها علي بن الحسين، ولا ادعاها أخي محمد بن علي منذ صحبته حتى فارقني.
ثم قال: إن الإمام منا أهل البيت المفروض علينا وعليكم وعلى المسلمين من شهر سيفه ودعا إلى كتاب ربه وسنة نبيه وجرى على أحكامه وعرف بذلك، فذلك الإمام الذي لا تسعنا وإياكم جهالته.
فأما عبد جالس في بيته، مرخٍ عليه ستره، مغلق عليه بابه يجري عليه أحكام الظالمين لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ؛ فأنى يكون ذلك إماماً مفروضة طاعته؟
وفي فضل زيد ما روى محمد بن سالم، قال: قال لي جعفر بن محمد: يا محمد، هل شهدت عمي زيداً؟ قلت: نعم، قال: فهل رأيت فينا مثله: قلت: لا، قال: ولا أظنك والله ترى فينا مثله إلى أن تقوم الساعة، كان والله سيدنا ما ترك فينا لدين ولا دنيا مثله.
وروى عن محمد بن علي أنه قال ـ وأشار إلى زيد ـ: هذا سيد بني هاشم، إذا دعاكم فأجيبوه،
وإذا استنصركم فانصروه." انتهى من التحف.
وقال ابن حجر الهيتمي في كتابه الصواعق المحرقة[79/ طبعة دار الكتب العلمية/ الطبعة الأُولى]في كلامه على إمام الأئمة زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ ما لفظه:" وزيدٌ هذا كان إماماً جليلاً، استشهد في صفر سنة إحدى وعشرين ومائة، ولَّمَّا صُلِبَ عرياناً جاءت العنكبوت ونسجت على عورته حتى حُفِظَتْ عن رؤية الناس، فإنه استمر مصلوباً مدة طويلة، وكان قد خرج وبايعه خلق من الكوفة، وحضر إليه كثير من الشيعة، إلى أن قال:اذهبوا فأنتم الرافضة، فمن حينئذ سموا الرافضة، وسميت الشيعة بالزيدية" انتهى.
ولو استقصينا هذا الأمر لكثر الكلام، ولَطال المقام، ولكن كما قيل: القليل يدل على الكثير، وضوء البارق يشير إلى النَّو المطير.
ولقد تكلم كثير من المفكرين والأدباء والمؤرخين من غير أبناء الزيدية ـ قديماً وحديثاً ـ عن الزيدية، تكلموا عن فكرها، وعن منهجها، وعن أئمتها ـ عليهم السلام ـ بشيءٍ من الإعجاب والتعظيم، وسنقوم هنا بنقل بعض نصوصهم الدالة على الإعجاب والتعظيم:
1/ قال الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه [الزيدية/ص 79/ طبعة دار النهضة العربية/ الطبعة الثالثة/1411هـ]: "وإن تباهى أهلُ كلِّ دينٍ بشهدائهم، فإنه يَحِقُّ للمسلمين أن يتباهوا على الأُمم بشهداء الزيدية"
وأقول: حقاً إنها كلمة تُكتبُ بماء الذهب، فَلَعَمْرِ الحقِّ إنها لَمْ تقمْ فرقة في تاريخ الإسلام كالفرقة الزيدية لتغيير الظلم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتنغيص حياة الظالمين، ورفع راية الحرية والكرامة للناس، وبذل النفس والنفيس لإخراج البشرية من سرادق الجهل، إلى نور المعرفة والعلم، ومن عمايات الغواية إلى أنوار الهداية، ومن الاستعباد والذل تحت وطأة وقهر أهل الظلم والطغيان إلى حياة العزِّ والحرية والأمن والأمان، من تشبيه الله تعالى وتجويره وإضافة القبائح إليه، وهي التي يتـنـزه منها أهل الفساد أن تضاف إليهم، وتكذيبه في وعده ووعيده، إلى معرفة الله تعالى وتنـزيهه، وتوحيده في ذاته، وتعديله في أفعاله، وتصديقه في أقواله، وهذه العقيدة هي دين الإسلام، وهي دين الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين ـ صلوات الله تعالى عليهم أجمعين ـ وهو الدين القويم الذي أرسل الله عزَّ وجلَّ الأنبياء والمرسلين ـ عليهم السلام ـ إلى الناس لدعائهم إليه ، ] ليهلِكَ من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة [ [الأنفال:42]، وكما قال تعالى{رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}[ النساء : 165 ]، وواصل الدعوة إلى هذا الدين القويم، والصراط المستقيم، والعقيدة الصحيحة: قرناءُ القرآنِ، وسفينةُ نوح المنجية من الغرق، والأمانُ من الضلال، وهم أهل البيت ـ عليهم السلام ـ فقاموا ـ سلام الله تعالى عليهم ـ بأداء هذه الرسالة أتم قيام.
2/وكذلك الدكتور علي شلق في كتابه العقل السياسي في الإسلام قد امتدح الزيدية،
والدكتور محمد عمارة، وقبلهم الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه الإمام زيد، والأستاذ إمام حنفي، والأستاذ سيد مختار حشّاد، وغيرهم من المفكرين.


([1])- كما في القاموس وغيره من كتب اللغة، وكتب الحديث كشرح مسلم للنووي.

([2])- حَرَوْرَاء بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى وألف ممدودة: موضع على ميلين من الكوفة، نزل به الخوارج فنسبوا إليه.

([3])- رسائل العدل والتوحيد 2/






 
قديم 23-11-09, 05:46 AM   رقم المشاركة : 2
زيدي وافتخر
مشترك جديد






زيدي وافتخر غير متصل

زيدي وافتخر is on a distinguished road


هذا ومن اراد السؤال عن المذهب الزيدي او الاستفسار والابحار في علومه فيدخل على هذا الرابط



××××××××××××××

زميلي المحترم بارك الله فيك
يمنع وضع الروابط المخالفة
أحسن الله إليك

*المشرف



تحياتي وتقديري للجميع واتمنى ان يفيدكم في جميع اسئلتكم واستفساراتكم حول المذهب الزيدي
لاني انسان فقير علم
تحياتي لكم ميعا







 
قديم 23-11-09, 06:27 AM   رقم المشاركة : 3
Fatima*
عضو فضي







Fatima* غير متصل

Fatima* is on a distinguished road



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ وسلم وبـآرِك على محمدٍ وآل محمد

أخي زيدي جزاك الله خيراً ..
قرأت الموضوع بالكامل وما رأيت إلا صورة مشرقة لأتباع زيد رضوان الله تعالى عليه


لكن أخبرني أخي وعُذراً على كثرة الأسئلة هل تتفقون مع الرافضة في مسألة :
سب الصحابة وأمهات المؤمنين والانتقاص منهم - المهدي المنتظر - المتعة

< بما أنهما من أكثر المواضيع المتنازع والمتناقش عليها اليوم ..

والسلام عليكم ؛







التوقيع :

~
لا إله إلا أنت سبحــانك إني كنت من الظالمين
~
من مواضيعي في المنتدى
 
قديم 23-11-09, 07:32 AM   رقم المشاركة : 4
زيدي وافتخر
مشترك جديد






زيدي وافتخر غير متصل

زيدي وافتخر is on a distinguished road


Fatima*
اشكرك على مرورك الكريم وقرائتك للموضوع كاملا وعلى الاطراء الجميل
فشكرا من اعماق قلبي

اقتباس:
لكن أخبرني أخي وعُذراً على كثرة الأسئلة هل تتفقون مع الرافضة في مسألة :
سب الصحابة وأمهات المؤمنين والانتقاص منهم - المهدي المنتظر - المتعة

الصحابه
رضي الله عنهم جميعا لانهم صحابه رسوال الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين
والصحابه افضل منا فكيف نسب منهم افضل منا جميعا
وامهات المؤمنين امهاتنا وزوجات رسول الله رضي الله عنهم ولا ننقص او نقول فيهم الا كل ما يرضي الله وما يرضي المسلمين كيف بنا ان نسب امهاتنا
أن الإمام المهدي يكون في آخر الزمان؛ يخلقه الله من أهل بيت رسـوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، والمهدي مُتفق عليه بين الأمة؛ والأحاديث فيه كثيرة، وليس بالثاني عشر كما تزعمه الإمامية آخر أئمتهم، والثاني عشر لم يُوجد فضلاً عن إمامته، ولم يقم عليه دليل.

بحث في تحريم المتعة
من كتاب الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير
مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
ص _ حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر).
ش _ أخرج البخاري ومسلم والمؤيد بالله في شرح التجريد وغيرهم من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبدالله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية).
وقال المؤيد بالله: أخبرنا أبو العباس الحسني قال: أخبرنا عبدالعزيز بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن منصور الحرى، أخبرنا محمد بن الأزهر الطائي، أخبرنا إبراهيم بن يحيى المزني عن عبدالله بن الحسن عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام، قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتعة من النساء يوم خيبر، وقال: ((لا أجد أحداً يعمل بها إلاَّ جلدته))، ولعل قوله: ((لا أجد أحداً))، من قول علي _ عليه السلام _، وعبد العزيز هو البقال شيخ الزيدية، وتكلم فيه الذهبي بما يعود إلى المخالفة في المذهب، وترجم لباقي رجال السند صاحب المشارق.
وأخرج البيهقي من طريق عبدالله بن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المتعة)، قال: وإنما كانت لمن لم يجد، فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت.
وقوله: (يوم خيبر) بالمعجمة أوله، والراء آخره، وشذَّ بعض الرواة فزعم أنه بمهملة أوله ونونين، أخرجه النسائي والدارقطني، ونبها على أنه وهم.
قال السهيلي: ويتصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال؛ لأنَّ فيه النهيَّ عن نكاح المتعة يوم خيبر، وهذا شيء لا يعرفه أهل السير ورواة الآثار. قال: والذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهري، وقد أشار ابن القيم في زاد المعاد إلى تقريره، وسبقه إلى ذلك ابن عيينة فيما رواه البيهقي بإسناده من طريق الحميدي عن سفيان، أخبرنا الزهري، أخبرنا حسن وعبدالله ابنا محمد بن علي، وكان حسنٌ أرضى من عبدالله، عن أبيهما، أن علياً رضي الله عنه، قال لابن عباس: (إنك امرؤ تائه، إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر)، قال سفيان: "يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر لا يعني نكاح المتعة"، قال البيهقي: "وهذا الذي قاله سفيان محتمل، فلولا معرفة علي بن أبى طالب بنسخ نكاح المتعة، وأن النهي عنه كان البتة بعد الرخصة لَمَا أنكر به على ابن عباس" انتهى.
وظاهر حديث الأصل أن عام خيبر ظرفٌ لتحريم نكاح المتعة، وهو صريح روايات الشيخين، وكرره البخاري في مواضعَ متفرقةٍ من كتابه، ومن طرق متعددة، ويؤيده حديث ابن عمرَ أخرجه البيهقي بإسناد قوي: أنَّ رجلاً سأل عبدالله بن عمر عن المتعة، فقال: "حرام"، قال: فإن فلاناً يقول فيها، فقال: "والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرمها يوم خيبر، وما كنا مسافحين".
والحديث يدل على تحريم نكاح المتعة للنهي عنه، وهو: النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم وغايته إلى خمسة وأربعين يوماً، ويرتفع النكاح بانقضاء الوقت المذكور في المنقطعة الحيض، والحائض بحيضتين، والمتوفى عنها بأربعة أشهر وعشر، ولا يثبت لها مهرٌ ولا نفقةٌ ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر، ولا نسب يثبت به إلاَّ أن يشترط، وتحرم المصاهرة بسببه، هكذا ذكره في بعض كتب الإمامية.
والاستمتاع: طلب التمتع، والاسم المتعة، ومنه متعة النكاح، ومتعة الحج، ومتعة الطلاق، وأمتعه الله بكذا، أو متعه بمعنى، وقد كانت مباحةً في صدر الإسلام ثم نسخت، وورد ما يدل على تكرير الإباحة والنسخ مرتين، قاله الشافعي وغيره.
وأما جملة ما ورد من تحريمها بعد الترخيص ففي ستة مواطن ذكرها ابن حجر في تلخيصه وغيره.
(أولها) في عام خيبر كما في حديث الأصل وشواهده.
(ثانيها) عمرة القضاء أخرجه عبدالرزاق عن الحسن مرسلاً، قال: ((ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ما حلت قبلها ولا بعدها))، وله شاهد رواه ابن حبان في صحيحة من حديث سبرة بن معبد قال: خرجنا مع رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فلما قضينا عمرتنا، قال لنا: ((ألا تستمتعون من هذه النساء))، قال ابن حجر: "أما عمرة القضاء فلم يصح الأثر فيها لضعف مراسيل الحسن" انتهى.
وهذا باعتبار قصر التحليل على وروده في عمرة القضاء وأما مطلق وقوعه فيها ففيه الشاهد المذكور، ونقل النووي عن القاضي عياض أن قول الحسن ترده الأحاديث الثابتة في تحريمها يوم خيبر، وهي قبل عمرة القضاء، وما جاء من إباحتها يوم فتح مكة ويوم أوطاس.
(وثالثها) عام الفتح، عند مسلم من حديث سبرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ((نهى عن متعة النساء يوم الفتح))، وفي لفظ له: ((أمرنا بالمتعة حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها)) وفي لفظ صحيح: ((إن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة))، ووقع في الصحيح عن سلمة بن الأكوع أن ذلك وقع عام أوطاس ثلاثة أيام وهو.
(الرابع)، لكن قال السهيلي: "هي موافقة لرواية من روى عام الفتح لأنهما كانا في عام واحد".
(الخامس) في غزوة تبوك رواه الحازمي من طريق عباد بن كثير عن ابن عقيل عن جابر قال: ((خرجنا مع رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلى عزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنية مما يلي الشام جاءنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برحالنا فسأَلَنا رسولُ الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ عنهن، فأخبرناه فغضب فحمد الله وأثنى عليه ونهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء، ولم تعد ولا نعود فيها أبداً، فسميت ثنية الوداع))، قال ابن حجر: وإسناده ضعيف وله شاهد عند ابن حبان والبيهقي من حديث أبي هريرة. وليس في القصة ما يدل على أن الاستمتاع وقع منهن في تلك الحال، فيحتمل أن ذلك وقع قديماً، وجاءت النسوة على ما ألفن منهم فوقع التوديع حينئذ، أو أنه وقع ممن لم يبلغه النهي بناء على بقاء الرخصة المتقدمة، ولذا وقع الغضب لأجل تقدم النهي على أن حديث جابر فيه عباد وهو متروك وحديث أبي هريرة فيه مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار وفيهما مقال".
(السادس) حجة الوداع رواه أبو داود من طريق الربيع بن سبرة، وقال أشهد على أبي أنه حدث عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنه نهى عنها في حجة الوداع، والرواية عنه بأنها في غزوة الفتح وهي أصح وأشهر، فإن كان حديثاً محفوظاً فليس فيه أنه وقع الترخيص في حجة الوداع ثم نهى عنها بل مجرد النهي، فلعله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أراد تقرير النهي وتأكيده ليشيع ويسمعه من لم يبلغه ذلك، ويؤيده أن الصحابة رضي الله عنهم حجوا فيها بنسائهم بعد أن وسع عليهم فلم يكونوا في شدة يحتاجون معها إلى المتعة، وأيضاً فحديث سبرة وقع عليه الاختلاف في تعيين الغزوة والحديث واحد في قصة واحدة فيتعين الترجيح، والطريق التي أخرجها مسلم مصرحة بأنها في زمن الفتح فيتعين المصير إليها.
قال النووي: "والصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريماً مؤبداً، ولا مانع من تكرير الإباحة" وهو معنى ما تقدم عن الشافعي.
وأخرج ابن عبد البر من حديث سهل بن سعد بلفظ: "إنما رخص رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في المتعة لعزبة كانت بالناس شديدة، ثم نهى عنها، فلما فتحت خيبر وسع عليهم من المال ومن السبي، فناسب النهي عن المتعة لارتفاع سبب الإباحة، وكان ذلك من تمام شكر نعمة الله على التوسعة بعد الضيق، وكانت الإباحة إنَّما تقع في المغازي التي تكون في المسافة التي إليها بُعْدٌ ومشقة، وخيبر بخلاف ذلك؛ لأنها بقرب المدينة، فوقع النهي عن المتعة فيها إشارة إلى ذلك من غير تقديم إذن فيها، ثم لَمَّا عادوا إلى سفرة بعيدة المدة وهي غزاة الفتح، وشقت عليهم العزوبة أَذن لهم في المتعة لكن مقيداً بثلاثة أيام فقط دفعاً للحاجة، ثم نهاهم بعد انقضائها عنهم. انتهى.
وبه يندفع ما ذكره ابن القيم في تقرير أنَّ الظرف في حديث علي عليه السلام بقوله: ((عام خيبر))، يعود إلى تحريم الحمر الإنسية، بأنه لم يكن الصحابة فيها يستمتعون باليهوديات، ولا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبتحريم المتعة قال جمهور الصحابة، وأجمع عليه فقهاء الأمصار بعد الخلاف، ولم يُنقل الخلاف المحقق فيه إلاَّ عن الإمامية، وحكاه في البحر عن ابن عباس والباقر والصادق وابن جُرَيج، وفي ذلك نظر.
أمَّا ابن عباس فقد صح عنه القول بذلك، ولكنه روي عنه الرجوع، فأخرج الترمذي بسنده إليه أنَّه قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون:6]، قال ابن عباس: فكل فرج سواهما فهو حرام.
وأخرجه الحازمي وقال: إسناده صحيح، لولا موسى ابن عبيدة الربذي، كان يسكن الربذة، يعني وهو ضعيف، لكنه أخرج البخاري في باب النهي عن نكاح المتعة عن أبي حمزة الضبعي أنَّه سأل ابن عباس عن متعة النساء، فرخص له، فقال له مولى له: إنَّما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، قال: نعم.
وفي كتاب غرر الأخبار أخرجه بإسناد ساقه في التلخيص عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ما تقول في المتعة، فقد أكثر الناس فيها حتى قال فيها الشاعر:
قد قلت للشيخ لَمَّا طال مجلسه
وهل ترى رخصة الأطراف ناعمة



يا صاحِ هل لك في فتوى ابنِ عباس
تكون مثواك حتى مصدر النَّاس
­­­­­­

قال: وقد قال الشاعر فيه؟ قلت: نعم. قال: فكرهها أو نهى عنها.
وأخرج الخطابي عن سعيد بن جبير مثل هذا، قال: قال ابن عباس: "سبحان الله، والله ما بهذا أفتيتُ، وما هي إلاَّ كالميتة لا تحل إلاَّ لمضطر".
قال الخطابي: "فهذا يبين لك أنَّه سلك مسلك القياس، فشبهه بالمضطر إلى الطعام الذي به قوام الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما في حكم الضرورة كالآخر" انتهى.
وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال: "ما مات ابن عباس حتى رجع عن هذه الفتيا"، وذكره أبو عَوانة في صحيحه.
وبهذا يتضح أنَّ جميع ما روي عنه من القول بها إما أن يكون رجع عنه، أو خصه بحالة الضرورة الشديدة في السفر.
وأما الباقر وولده الصادق فنقل في الجامع الكافي عن الحسن بن يحيى ابن زيد فقيه العراق أنه قال: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كراهية المتعة والنهي عنها.
وقال أيضا: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أنَّه لا نكاح إلا بولي وشاهدين وصداق بلا شرط في النكاح.
وقال محمد _ يعني ابن منصور _: سمعنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن علي وابن عباس وأبي جعفر _ يعني الباقر _ وزيد بن علي وعبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد عليهم السلام أنهم قالوا: ((لا نكاح إلاَّ بولي وشاهدين)).
وأخرج البيهقي من طريق إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا الأشجعي، عن بسام الصيرفي، قال: "سألت جعفر بن محمد عن المتعة ووصفتها له، فقال لي: ذاك الزنا".
وأما ابن جريج، فأخرج أبو عوانة في صحيحه عنه أنه قال لهم في البصرة: اشهدوا أنَّي قد رجعت عن حل المتعة، بعد أن حدثهم ثمانية عشر حديثاً أنها لا بأس بها.
وأما ما نقله في التلخيص عن ابن حزم في المحلى مما يشعر أنه بقي على جوازها جماعةٌ من الصحابة وغيرهم، ولفظه: (مسألة): "ولا يجوز نكاح المتعة، وهي: النكاح إلى أجل، وقد كان ذلك حلالاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نسخها الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة"، ثم احتج بحديث الربيع بن سبرة عن أبيه وقد سبق، قال ابن حزم: "وما حرم الله علينا إلى يوم القيامة فقد أمنا نسخه، وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جماعة من السلف، منهم من الصحابة: أسماء بنت أبي بكر، وجابر بن عبدالله، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية، وعمرو بن حريث، وأبو سعيد، وسلمة ومعبد ابنا أمية بن خلف، قال: ورواه جابر عن الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومدة أبي بكر، ومدة عمر إلى قرب آخر خلافته، قال: وروي عن عمر أنَّه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وقال به من التابعين: طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكة، قال: وقد تقصينا الآثارَ بذلك في كتاب الإيصال" انتهى كلامه.
فأجيب عنه: بأنَّ الرواية عن أسماء، أخرجها النسائي من طريق مسلم القرى، قال: "دخلتُ على أسماء بنت أبي بكر، فسألناها عن متعة النساء، فقالت: فعلناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، وليس فيه زيادة على حكاية ما وقع في وقته صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يدل السياق على أنَّها تقول بجوازها.
وأما جابر، ففي مسلم من طريق أبي نضرة عنه: "فعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نهانا عنها عمر فلم نعد لها"، وفي رواية: "تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر"، وفي رواية: "فعلناها".
قال في المنار: "فهذا الذي حمل ابن حزم على قوله: ورواه جابر عن الصحابة، اغتر بضمير الجمع في قوله: "فعلناها"، وهو يسوغ لجابر أن يكون قال ذلك لفعلهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لم يبلغه النسخ حتى نهى عمر عنها، واعتقد أنَّ الناس باقون على ذلك، لعدم الناقل عنه عنده، وقال أيضاً: وما ذكر عن جماعة من الصحابة أنهم ثبتوا عليها، فمحمول على أنهم رأوا ذلك إذ لم يرو عن أحد أنه فعلها" انتهى. والمراد ممن يعتد بفعله منهم لما سيأتي أنه قد فعلها البعض.
وقال البيهقي بعد إيراده لحديث جابر هذا: "ونحن لا نشك في كونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد الإذن فيه، ثم لَم نجده أَذِنَ فيه بعد النهي عنه، حتى مضى لسبيله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان نهي عمر عن نكاح المتعة موافقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذنا به، ويبين أنَّ عمر إنما نهى عن نكاح المتعة؛ لأنه علم نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه ما روي من طريق سالم بن عبدالله عن أبيه، عن عمر بن الخطاب قال: صعد عمرُ المنبرَ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها، لا أوتى بأحدٍ نكحها إلاَّ رجمته" انتهى.
وما روي عنه في الصحيح أنه قال: "متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهى عنهما..." الحديث، معناه أنَّا أؤكد النهي عنهما، وأبينه للناس، إذ يبعد أنَّه أراد التشريع بخلاف ما عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما لا يخفى.
وأما ابن مسعود، ففي الصحيحين عنه قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء ثم قرأ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ}[المائدة:87].
وفي لفظ لمسلم: كنا ونحن شباب، فقلنا: يا رسول الله ألا نختصي؟ قال: لا، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبدالله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} الآيـة.
قال البيهقي: "وفي هذه الرواية ما دل على كون ذلك قبل فتح خيبر أو قبل فتح مكة، فإن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة، وكان يوم مات ابن بضع وستين سنة، وكان فتح خيبر سنة سبع من الهجرة، وفتح مكة سنة ثمان، فعبدالله زمن الفتح كان ابن أربعين سنة، أو قريباً منها، والشباب قبل ذلك." انتهى.
ومراده أن الغرض من رواية عبدالله حكاية الواقع في وقته صلى الله عليه وآله وسلم من تحليلها للحاجة إليها، وذلك قبل زمن التحريم المؤيد، ولا ينافيه استدلاله بالآية، إذ هي وقت حلها من الطيبات التي لا يجوز تحريمها حينئذ، فليس فيه ما يفيد القول ببقاء تحليلها.
ويدل له صريحاً ما رواه البيهقي من طريق سفيان قال: "قال بعض أصحابنا عن الحكم بن عتيبة، عن عبدالله بن مسعود قال: نسختها العدة والطلاق والميراث يعني المتعة. ورواه حجاج بن أرطأة، عن الحكم، عن أصحاب عبدالله عن عبدالله بمعناه بزيادة: الصداق، ورواه أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عبدالله.
وأما ابن عباس، فقد تقدم الكلام على ما روى عنه.
وأما معاوية، ففي مصنف عبدالرزاق عن ابن جريج، عن عطاء قال: " أول من سمعنا منه المتعة صفوان بن يعلى بن أمية، قال: أخبرني يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف، فأنكرتُ ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس، فذكرنا له ذلك، فقال: نعم.
وليس في ذلك ما يعول عليه، ولم يكن معاوية من أهل الاجتهاد حتى يعتد بخلافه، وربما اغتر بما اشتهر من فتوى ابن عباس قبل رجوعه، ولذا استروح إلى سؤاله عند ورود الإنكار عليه".
وأما عمرو بن حريث، فوقعت الإشارة إليه فيما رواه مسلم عن جابر: " كنا نستمتعُ بالقبضة من الدقيق والتمر الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، وعمر، حتى نهانا عمر في شأن عمرو بن حريث".
وكذلك معبد وسلمة ابنا أمية. أما سلمة، فذكر عمرو بن شبة في أخبار المدينة بإسناده أنَّ سلمة بن أمية بن خلف استمتع بامرأة، فبلغ ذلك عمر فتوعده على ذلك.
وأمَّا قصة معبد، فذكرها عبدالرزاق في مصنفه، ووقوع مثل ذلك من هؤلاء على سبيل التفريط والهفوة، إما جهلاً بتحريمها، أو تجاهلاً عنه، ولذا بادر عمر إلى تقريعهم وتوعدهم، كما فعله أيضاً فيما رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة أنَّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بنِ الخطاب، فقالت: "إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة، فحملت منه، فخرج عمر يجر رداءه فزعاً، فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته".
ومثل هذا لا يصدر من عمر إلا في حقِّ غمار العامة، وأفناء الناس، الذين لا يصدر ما فعلوه عن نظر واجتهاد، لِمَا ثبت واشتهر عن الصحابة من عدم النكير والتوعد في مسائل الخلاف بين علمائهم، فكيف تعد تلك الزلة والهفوة من صاحبها قولاً معتداً به في مخالفة الإجماع إن ثبت.
أما أبوسعيد، فلم يخرج الروايةَ عنه في التلخيص ولا ذكرها البيهقي مع استيعابه والله أعلم بصحتها عنه.
وأما خلاف من ذكره من التابعين، فإن صحت الرواية عنهم بالقول بها لم يضر بعد تقرر التحريم قبل حدوثهم، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلاَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا قال الأذرعي فيما رواه الحاكم في علوم الحديث: "يترك من قولِ أهل الحجاز خمس، فذكر منها متعة النساء من قول أهل مكة، وإتيان النساء في أدبارهن من قول أهل المدينة".
وما أحسن ما قاله شارح بلوغ المرام وهو أن المبيحين إنما بنوا على الأصل، لَمَّا لم يبلغهم الدليل الناسخ، وليس مثل هذا من باب الاجتهاد، وإنَّما هم معذورون لجهل الناسخ، فالمسألة لا اجتهاد فيها بعد ظهور النص.
قال المؤيد بالله في شرح التجريد: فإن قيل: ففي القرآن ما يدل على إباحة المتعة وهو قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[النساء:24]، فإذا ثبتت الإباحة في القرآن، فلا خلاف أنَّه لا يجوز نسخها بخبر الواحد؟!، قيل له: ليس فيها ما يدل على إباحتها، لأن الاستمتاع في اللغة: هو الانتفاع، ومنه قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا}[الأحقاف:20]، {فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ}[التوبة:69] الآية، فالمراد به: الانتفاع بهنَّ في النكاح الصحيح، وما روي عن ابن عباس أنَّه قال: "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى"، فقد قيل: الرواية ضعيفة، وإن ثبتت فتحمل على أن المراد بها تأخير المهر، وهو يجوز تأخيره إلى أجل. انتهى.
وذكر الموزعي أن تلك الزيادة قراءة ابن عباس، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن جبير، وأن منهم من ذهب إلى نسخها بالطلاق في سورة البقرة، وما فرض من الميراث والعدة والطلاق، وبين وجه التعارض والنسخ بأنا لما وجدنا سنة الله التي شرعها بين الزوجين من استمرار النكاح، ووقوع الطلاق وفرض الميراث، ووجوب العدة معارضاً لخصائص المتعة، لأن المتعة: قول الرجل للمرأة: أتزوجك على كذا وكذا إلى أجل كذا وكذا، على أن لا ميراث بيننا ولا طلاق ولا عدة، استدللنا على أنَّ أحدهما ناسخٌ للآخر، فوجدنا الشرع استقر على هذا، وبينت السنة تحريم نكاح المتعة، فجعلناها مبينة للناسخ في القرآن لا ناسخة للقرآن.
ثم تعقب ذلك بأنَّه لا تعارض بين نكاح المتعة والنكاح الصحيح، وأشار إلى نحو ما ذكره المؤيد بالله من أن الآية محكمة، وأن المراد منها النكاح الصحيح، ثم قال: ويقوي تأويلها بنكاح المتعة قوله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}[النساء:24]، فإذا رفع الجناح لا يستعمل في اللسان في أداء الفريضة، ولا في فعل البر، وإنما يرد فيما له أصل في المنع يعني وذلك كالزيادة على الأجل المؤقت، فليس المراد منه أنَّه لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للزوج مهرَهَا، أو يهب الرجل للمرأة تمام مهرها إذا طلقها قبل الدخول.
قال: فإن قيل: قراءة الصحابي بطريق الآحاد لا تثبت قرآناً، ولا تبلغ بيان السنة عند المحققين.
قلنا: ينبغي أن يكون هذا بمنْزلة التفسير، وتفسير الصحابي أولى من تفسير غيره على الصحيح عندهم في تفسير السنة بأحد الوجوه عند قيام احتمالها، وكذلك ينبغي أن يرجحوا به أحدَ الوجوه عند احتمال القرآن لها، ولم أر هذا لأحد من الأصوليين، ولكنه متجه عندي.
ثم ذكر بعد ذلك قول من ذهب إلى أن الآية محكمة في نكاح المتعة، وعزاه إلى ابن عباس وأتباعه وفيه نظر من وجوه:
(الأول): أنَّ من ذهب إلى النسخ لم يجعل الناسخ مقصوراً على ما ذكره من آية الطلاق والميراث ونحوها، بل هو أحد ما قيل فيه، وقد روي عن ابن عباس أنّ الناسخ لها قوله تعالى: {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}[النساء:24]، أخرجه عنه ابن أبي حاتم، وفيه: كان الإحصان بيد الرجل، يمسك متى شاء، ويطلق متى شاء. وروي عنه أيضاً أنَّ الناسخ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء:23] إلى آخر الآية. قال فحرمت المتعة، وتصديقها من القرآن: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}[المؤمنون:6، المعارج:30] إلى قوله: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون:7، المعارج:31]، أخرجها البيهقي والطبراني، وفيه موسى بن عبيده الربذي وقد تقدم.
(الثاني): أن قوله: لم يرد رفع الجناح إلا فيما له أصل في المنع ينازع فيه بأنه ورد في كتاب الله تعالى على أنحاء مرجعها إلى رفع الإثم المعلوم أو المظنون، فمن الأول: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ}[النساء:101]، {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء}[البقرة:235]، ومن الثاني:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}[البقرة:198]، فإنَّه لم يسبق منعهم عن التجارة، ولكنهم ظنوا أنَّ أعمال الحج لا يشوبها غيرها من الأعمال المباحة، فكان نفي الجناح لرفعِ ما ظنوه إثماً، ومن ذلك هذه الآية، فإنَّ فيه رفع الإثم عمَّا ظنه الزوجان ثابتاً فيما يريدانه من هبة أو نحوها بعد فرض الصداق.
(الثالث): أنَّ الوجه الذي ارتضاه تفسيراً للمراد من الآية، إنما يصح إذا كان الصحابي معتقداً لبقاء حكمه، وأمَّا إذا ورد عنه ما يقضي بعدم البقاء عليه فلا، وقد تقدم ما روي عن ابن عباس من القول بنسخها وما تقدم عنه أيضاً عند البخاري، وصاحب غرر الأخبار، والخطابي من رجوعه، ويؤيده أيضاً ما أخرجه أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}[النساء:24]، قال: نسختها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:1]،{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}[البقرة:228]،{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ}[الطلاق:4]، وبهذا تندفع نسبته إلى ابن عباس القول: بأن الآية محكمة.
(الرابع): أنَّ ما نفاه من كون معنى الآية: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للزوج مهرها... إلخ، خلاف ما ورد عن ابن عباس وغيره، فأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس في ناسخه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}[النساء:24]، قال: "التراضي أن يوفيَ لها صداقها ثم يخيرها"، وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال: "نزل ذلك في النكاح، فإذا فرض الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة أو صنعت إليه"، وذكر في الدر المنثور آثاراً بمعناها.
(واعلم): أنَّه ورد على القول بالنسخ سؤال، وهو أنَّ الأدلةَ في إباحتها قطعية؛ لأنَّها إمَّا من القرآن وهو قطعي، أو من السنة وقد بلغت حد التواتر المعنوي، ولا قائل بإنكارها من الأصل، واختلفت أقوال العلماء في جوابه.
فقال الإمام يحيى: إباحتها ظنية لثبوتها بأخبار الآحاد، فيجوز نسخها بأخبار الآحاد، وفيه نظر، إذ قد حصل من مجموع أدلة الإباحة ما يفيد التواتر معنى، كما يجده الباحث مع ما يعضده من الآية الكريمة على قول من حملها على نكاح المتعة، إلا أنَّه يقال في الآية: إنَّها وإن كانت قطعية المتن، فهي ظنية الدلالة، ولذا اختلفت فيها أقوال المفسرين، فالنسخ للدلالة لا للمتن، وهو الذي روي عن ابن عباس وغيره.
ومنها ما ذكره الموزعي في التخلص عن هذا الإشكال وهو: أن السنة مبينة للناسخ، لا ناسخة القرآن كما سبق نقله، وقال في نهاية المجتهد: "إنَّها تواترت الأَخبار بالتحريم، إلاَّ أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه التحريم". انتهى.
وفيه أنه ليس من الاختلاف في شيء، بل مما تكرر فيه التحريم والإباحة كما عرفته، ومحل النـزاع في التحريم الأخير المؤبد هل نقل تواتراً أم لا؟.
[كلام الإمام المؤيد بالله عليه السلام في نسخ الخبر الآحادي للمعلوم، واستدلاله]
وقال المؤيد بالله: الأصل في خبر الواحد أنه مقبول إذا سلم سنده، ولا يمتنع أن ينسخ به ما هو معلوم، كما يُقْبَلُ خبر الواحد فيما يحظره العقل، وفي حظرِ ما أباحه، وكما يُقبل في استباحة الفروج مع أنَّ حظرها معلوم على الجملة شرعاً، واختار ذلك من المتأخرين المحققان الجلال والمقبلي، وهو مذهب الظاهرية.
ولا يرد أن الظني لا يقاوم القطعي، فلا يجوز رفعه به؛ لأنَّ دليل المنسوخ ليس بقطعي في الدوام، بل ظني الدلالة فيه، فكان مِنْ رَفْعِ الدوام المظنون بالمظنون، وتضمن الرَّفْعُ بيانَ انتهاءِ مدة الحكم الشرعي؛ ولأنَّه قد صح تخصيص المتواتر بالآحاد، فيجوز النسخ بها؛ لأن في كل منهما بياناً للمراد من المخصوص والمنسوخ، إلاَّ أنَّ الأول في الأعيان، والثاني في الأزمان، وتوضيحه أنَّ العموم مراد به البعض دون الكل، والتخصيص قرينةُ تلك الإرادة، والمنسوخ من المطلق الذي أريد به المقيد، والنسخ قرينة التقييد، وبهذا يندفع ما يقال: التخصيص بيان، وجمع بين الدليلين دون النسخ، فهو إبطال ورفع، فيكفي في الأول دون الثاني، على أن في العمل بالناسخ جمعاً أيضاً، لحصول العمل بأحدهما في الزمان الأول، وبالثاني وفي الزمان الآخر.
واعلم ثانيا أنَّه قال في البحر: وتحريمها ظني لأَجل الخلاف، وإن صح رجوع من أباحها لم تصر قطعية، على خلاف بين الأصوليين. انتهى.
يعني والمختار: أنَّه لا يصح أن يقع إجماعٌ على مسألة بعد اختلاف في عين تلك المسألة، كما هو قول جماعة، وفَصَّلَ بعضُهُم بأنَّه إن رجع عن قوله إلى قول بقية أهل العصر لدليل ظني، فالظن لا ينقض الظن، وإن رجع لدليل قطعي صار قطعياً، ولكنه مبني على اعتبار الخلاف في هذه المسألة، وقد عرفتَ فيما تقدم أنَّه لم يتحصل فيها خلافٌ محققٌ من الصحابة والتابعين والله أعلم.






 
قديم 23-11-09, 09:09 AM   رقم المشاركة : 5
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زيدي وافتخر مشاهدة المشاركة
  
... والإمامة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والخروج على أئمة الجور والظلم

لنحتكم الى رسول الله صلى الله عليه و سلم

" قلت : يا رسول الله ! إنا كنا بشر . فجاء الله بخير . فنحن فيه . فهل من وراء هذا الخير شر ؟ قال ( نعم ) قلت : هل من وراء ذلك الشر خير ؟ قال ( نعم ) قلت : فهل من وراء ذلك الخير شر ؟
قال ( نعم ) قلت : كيف ؟
قال ( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنون بسنتي . وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ) قال قلت : كيف أصنع ؟ يا رسول الله ! إن أدركت ذلك ؟
قال ( تسمع وتطيع للأمير . وإن ضرب ظهرك . وأخذ مالك . فاسمع وأطع ) . "

الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1847


أخي زيدي
هذا مذهب الخوارج
الذين وصفهم النبي صلى الله عليه و سلم بأقذع العبارات
منفرا عن سلوك طريقتهم و محذرا من وبال أمرهم و الخروج على أئمة الجور هو منكر كبير يؤدي لسفك الدماء بغير حق

فاليك هذا الحديث
"الخوارج كلاب النار "

الراوي: عبدالله بن أبي أوفى المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 143
خلاصة الدرجة: صحيح

و هذا

قال علي : أتيت رسول الله بذهبة و تربتها و كان بعثه مصدقا إلى اليمن فقال : أقسمها بين أربعة بين الأقرع بن حابس و زيد الطائي و عيينة بن حصن الفزاري و علقمة بن علاثة العامري فقام رجل غائر العينين ناتىء الجبين مشرف الجبهة محلوق فقال : و الله ما عدلت فقال ويلك من يعدل إذا لم أعدل إنما أتالفهم فأقبلوا عليه ليقتلوه فقال اتركوه فإنه من ضئضيء هذا ، أو من صئصيء هذا قوم يخرجون فى آخر الزمان يقتلون أهل الإسلام و يتركون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 910
خلاصة الدرجة: صحيح مرفوعاً

و نرشد أنفسنا و اياك الى التزام ما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم و صحبه
فهم الجماعة و هم على الحق-و الحق واحد لا يتعدد-
بشهادة الله سبحانه و تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم
و من ابتغى الهداية في غير سبيلهم ضل و أضل


و أما عن الامامة فهو مذهب الروافض






 
قديم 24-11-09, 01:10 AM   رقم المشاركة : 6
زيدي وافتخر
مشترك جديد






زيدي وافتخر غير متصل

زيدي وافتخر is on a distinguished road


الاخ حلم
تحيه طيبه
اخي وعزيزي
اولا شكرا على المداخله
ثانيا
انا لست بعالم او متفقه في الدين
انا من عامه الناس ولا جئت الى هنا لكي اتجادل معكم او نتهاتر
انا كتبت هذا الموضوع وطرحته هنا بنائا على طلب الاخوه في موضوع سابق لي
واذا اردت اجابه شافيه لك فأابحث في موقع الزيديه ومرجعها
وان شاء تلقى ما يسر خاطرك ان شاء الله
تحياتي لك






 
قديم 24-11-09, 02:13 AM   رقم المشاركة : 7
Fatima*
عضو فضي







Fatima* غير متصل

Fatima* is on a distinguished road



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
اللهم صلِ وسلم وبـآرك على محمدٍ وآل محمد

ضيفنا الكريم زيدي جـزاك الله خيراً أجبت بصورة وافية وما قصرت ,,


وجميــلٌ جداً كيف أنكم تتفقون مع الأمة في أمور عدة من أهمها الأمور التي ذكرت ,,

وفي الحقيقة أسعـدتني عندما أخبرت أنكم لا تسبون أصحاب وأزواج النبي عليه الصلاة والسلام وهذه أيضاً صورة مشرفة عنكم ,,

هدانـا وهداكم الله وهدى بكم وهو الهـآدي إلى سواءِ السبيل








التوقيع :

~
لا إله إلا أنت سبحــانك إني كنت من الظالمين
~
من مواضيعي في المنتدى
 
قديم 27-11-09, 12:01 AM   رقم المشاركة : 8
زيدي وافتخر
مشترك جديد






زيدي وافتخر غير متصل

زيدي وافتخر is on a distinguished road


Fatima*

عليكم السلام ورحمه الله وبركاته

اشكرك على الاطراء وعلى الكلمات الطيبه

واتمنى من الله العلي القدير ان يهدينا واياكم الى سواء السبيل
تحياتي للجميع






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:43 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "