بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ،،، والباطل باطلاً ويلهمنا إجتنابه
لا يخفى على كل مؤمن يحتسب الأجر في الدعوى إلى الله أنه على ثغر عظيم .
ولكن مهما غطينا هذا الثغر بطينة هشة فكأننا أهدرنا أوقاتنا وجهدنا فيما لا فائدة منه
فلا نحن تركنا هذا الثغر ليصلحه غيرنا ... ولا نحن أصلحناه بما يسد الحاجة
فقد روي : { إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه }
إخوتي في الله لاحظت على بعض ولا أبالغ إن قلت كثير من الأعضاء يجتهدون بالدعوة ولكن بالأسلوب الغير مقبول
فكيف نلوم غيرنا ولا نلوم انفسنا ؟
لماذا لا نأسر قلوب مخالفينا حتى يسمعوا منا ؟ بكل صدر رحب فكم من خلقٍ غير ديناً .
قال أبو الفتح علي بن محمد البستي
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان، إحسان
وكن على الدهر معواناً لذي أمل ... يرجو نداك فإن الحر معوان
فكلما أحسنا في الخطاب للناس فلا شك أننا سنأسرهم بأخلاقنا ،،، فإن لم يهتدوا فعلى الأقل يعرفون من أين أخذنا أخلاقنا .
قال - تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]
وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لعلي - رضي الله عنه - لما أعطاه الراية يوم خيبر: (( أنفذ على رسلك؛ حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خير لك من حُمر النعم ))
وهذا لا شك أنه واجب الداعية ..وهو البحث عن الطريقة الأدعى لوصول الحق وإقامة الحجة
لماذا يبخل أحدنا على نفسه بكلمة حق وعلم يوصله إلى من هو بحاجة إليه فتكون له علم ينتفع به يحصل له به الأجر والمثوبة حتى وهو في قبره .
قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].
ومِن أبدع ما قيل: مُرْ بالمعروف بمعروفٍ، وانْهَ عن المنكـر بغير منكر
وإذا بغى باغٍ عليك بجهله ....... فاقتله بالمعروفِ لا بالمنكرِ
وفى تفسير قوله - تعالى -: {وَلَكِن كُونُوا ربَّانِيِّينَ بمَا كُتْنُم تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وبِمَا كُنتُم تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79]، قال الإمام البخاري - رحمه الله -: "وقال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "كونوا ربَّانيِّين: حلماء فقهاء"، ويقال: الرباني الذي يُربِّي الناس بصِغار العِلم قبلَ كباره"؛ البخاري، كتاب العلم، باب: العلم قبل القول والعمل.
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
وقد قال الله عز وجل: { وقل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء: 53]، قال ابن جرير: قل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة. ثم ساق بسند حسن عن الحسن البصري قوله: "التي هي أحسن، لا يقول له مثل قوله، يقول له: يرحمك الله، يغفر الله لك
وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، قال الحسن: "لين القول من الأدب الحسن الجميل، والخلق الكريم، وهو مما ارتضاه الله وأحبه"[5]،
وقال سبحانه: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46]،
وقال: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 34-36].
والآيات والنصوص في ذلك كثيرة
ومن أجمل ما قرأت في بعض المواقع قول بعض الكتاب : إنَّ الداعية للمدعوين كالطبيب للمرضى، فلا يسوغُ أن تبْدُر منه لفظةٌ نابِيَة تسيء إلى شخصه، وتنزع الثِّقةَ منه، وترفع عنه وسامَ الوقار والهَيْبة والقدوة، وتجرح نفوسَ الناس، وهو إنَّما تحرَّك لسانُه لعلاج تلك النفوس.
أخي الداعي عبر شبكة الدفاع عن السنة أو غيرها ، إعلم رحمك الله أن من سلك طريق الدعوة إلى الله وظنها عرساً يحتفل فيه كما يشاء وينتظر الولائم الشهية والزوجة الحسناء فقط أخطأ خطئاً عظيماً .
( إنَّه طريق شاقٌّ وصعب، ناح لأجله نوح، والْتقم يونسَ الحوتُ، وذُبح يحيى، ونُشِر بالمنشار زكريا، وابتُلى أيُّوب، ورُفع عيسى ) م
إن مثل الدعوة إلى الله كمثل الغابة التي يدخلها من لا يعرف طيرها من وحشها . فإما أن تتسلح بالسلاح ووتفقه بالتعامل مع جميع الظروف والنوازل في الغابة . أو لا تدخلها من أصله .
ومما وصف النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه حيث قال للأشج - أشج عبد القيس -: (( إنَّ فيك خصلتَينِ يحبهما الله: الحِلم والأناة ))؛ مسلم، كتاب الإيمان، باب: الأمر بالإيمان.
أيها الأخ الكريم المستقيم: لا يكن الجاهلي ذو الإصبع العدواني خيراً منك، وقد كان فيما قال لابن عم انقضت عقدته معه، واضطرب حبله، فكان يزري عليه ويسمع به:
لَولا أَواصِرُ قُربى لَستَ تَحفَظُها ....... وَرَهبَةُ اللَهِ في مولىً يُعاديني
إِذاً بَرَيتُكَ بَرياً لا اِنجِبارَ لَهُ ........ إِنّي رَأَيتُكَ لا تَنفَكُّ تَبريني
اللَهُ يَعلَمُني وَ اللَهُ يَعلَمُكُم ....... وَاللَهُ يَجزيكُمُ عَنّي وَ يَجزيني
وبعدما سقت من النصوص التي لا جهد لي فيها إلا النقل أقول ما ولد من بنيات أفكاري راجياً من الله أن يكون ما قلته خالصاً لوجهه ونافعاً لعبادة .
لماذا لا نجد إسلوب للحوار إلا بالوصف القبيح والإستفزاز وتجريح بالرموز وذكر بما هو سيء .
نعم ،،، عندما أكتشف سوءة تخل بالدين أوضحها وأوضح الرد عليها ..... فإن كانت كذبة إجتمعت الأدلة عليها بينتها وبينت الرد عليها بما آتاني الله من علم .
ولكن آتي بابشع الأوصاف رداً على الخصم وكأن همي هو الإستشفاء وليس الشفاء فهذا يخالف سنة محمد صلى الله عليه وسلم والذي نتقاتل في هذا الموقع وغير من أجل أن كلُ يزعم أنه يحبه
فمن يحب فلا بد أن يطيع ... ومحبة بلا طاعة كشجرة بلا ماء ... يصعب أن تصمد طويلاً ..
لو كان حبك صادقاً لأطعته ..... إن المحب لمن يحب مطيع
اللهم صلي على محمد وآله وصحبة ومن إتبع سبيلهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين