اسمحوا لي بهذا التعقيب عن معنى السنة و الجماعة
السنة في الاصطلاح :
يختلف تعريف السنة باختلاف أهل الاصطلاح ، فالسنة عند المحدثين غير السنة عند الفقهاء ، وعند الفقهاء غير عند أهل أصول الفقه ... وهكذا .
فعند أهل اللغة[10] وغيرهم يراد بسنة النبى صلى الله عليه وسلم سيرته .
[11]
وعند أهل الحديث : ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال أو أفعال أو تقرير أو ما هم بفعله .
[12]
وتطلق السنة على كل ما عليه دليل شرعي .
وتطلق أيضا ً مقابل البدعة . [13]
أما معنى السنة التي ترد في باب الاعتقاد أو سياق أهل العلم لها في معرض الكلام عن مسائل الإعتقاد فالمراد بذلك :
"طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عليها هو وأصحابه السالمة من الشبهات والشهوات ...
ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم السنة عبارة عما سَلِمَ من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة ، وصنفوا في هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم والمخالف فيه على شفا هلكة" [14].
ـ المراد بالجماعة:
لها عدة معان ، منها [15] :
أ ـ الصحابة رضي الله عنهم .[16]
ب ـ تطلق الجماعة على أهل العلم وأئمة الهدى المقتدى بهم في الدين وأتباعهم ، وهم الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة .
ج ـ وتطلق الجماعة على الاجتماع على الحق وعدم الفرقة .
د ـ وتطلق الجماعة على مجموع المسلمين وسوادهم الأعظم .
هـ ـ وتطلق الجماعة على جماعة من المسلمين إذا اجتمعوا على أمير .
2 ـ أهل الحديث والأثر :
وهم أهل السنة والجماعة ، وهذا اللقب قاله جماعة من السلف كالبخاري وأحمد والترمذي وغيرهم .
قال البخاري : بَاب قَوْلِهِ تَعَالَى
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا }
وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ.[17]
قال الإمام أحمد : إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم ؟![18]
قال الترمذي : وتفسير الجماعة عند أهل العلم هم أهل الفقه والعلم والحديث. [19]
وسبب تسميت أهل الحديث بأهل الأثر ، لأنهم هم المتمسكون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره ، المنقادون لها ، وأيضا ً اهتمامهم بالحديث ، وجمع السنن ، ومعرفة الصحيح من الضعيف ، والإشتغال بالأسانيد ، وهي من أبرز سماتهم التي يعرفون بها ، خلاف ما عليه غيرهم من أهل البدع .
3 ـ الفرقة الناجية ، والطائفة المنصورة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ). [20]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ). [ 21]
__________________________________
[10] ـ عند أهل اللغة هنا في الاصطلاح ، غير المعنى اللغوي ، فأهل اللغة إذا عرفوا بالكلمة يذكرون مفهوم الكلمة ، إما بشكل عام ، أو باصطلاح معين ، وقد يكون المعنى العام هو نفسه المعنى اللغوي أو أحد معانيه اللغوية .
[11] ـ معجم مقاييس اللغة لابن فارس ( 3/61)
[12] ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ( 13/245)
[13] ـ انظر الموافقات للشاطبي ( 4/4)
[14] ـ كشف الكربة للحافظ ابن رجب ص 11-12.
[15] ـ انظر مفهوم السنة والجماعة ص 52-74 . وموقف ابن تيمية من الأشاعرة (1/17-32)
[16] ـ انظر الإعتصام للشاطبي ( 2/162) ، وفتح الباري لابن حجر ( 13/37)
[17] ـ فتح الباري ( 13/316)
[18] ـ شرف أصحاب الحديث ص 26-27 .
[19] ـ قاله في كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب ما جاء في لزوم الجماعة ، تحت حديث رقم ( 2093)
[20] ـ رواه أبوداود ، وابن ماجه وغيرهما ، أبو داود في كتاب السنة ،باب شرح السنة ( 3980) ، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن ، باب افتراق الأمم ( 3982) .
[21] ـ متفق عليه . رواه البخاري في كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة ( 6767) ، وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي .. ( 3544) </B>