بين "العصف" و"الجرف".. رسائل ردع
الجمعة, 11 يوليو, 2014
القسام - وكالات:
المعطيات القائمة لمعركة (العصف المأكول) التي تقودها المقاومة الفلسطينية ضد عملية (الجرف الصامد) التي ينفذها الجيش الاسرائيلي على قطاع غزة، تعكس حجم التخبط العسكري الاسرائيلي في عدم القدرة على تحقيق اهدافه المعلنة والخفية المتمثلة بالقضاء على المقاومة على ضوء افتقاده للمعلومات المتعلقة بالمقاومة ومخزون سلاحها.
من يمر على قائمة الشهداء في غزة الذين يربو عددهم عن 100 شهيد، يجد أن ما نسبتهم الى 10% من مجمل الشهداء دفنوا وبحوزتهم اسلحتهم، ما يعني أن اسرائيل تحاول ان تصنع نصرا وهميا على حساب المدنيين من النساء والأطفال، مدعية اصابة بنك الاهداف المزعوم.
ورغم كل التطورات الميدانية الدراماتيكية التي استدعت من اسرائيل التلويح بالحرب البرية على غزة، فإن المراقبين يرون في ذلك محاولة من الاحتلال لاستعادة هيبته المفقودة بفعل ضرب المقاومة عمق (تل ابيب) وصولا الى الخضيرة شمال حيفا.
ويعتقد المحلل السياسي حسام الدجني أن الاحتلال يعاني من تخبط على ضوء فشله الاستخباري في تحقيق أهدافه المتعلقة باغتيال قادة المقاومة، وعليه ربما يكون تكثيف الضربات العسكرية الجوية من أجل تمرير مبادرات سياسية تلوح في الأفق تتعلق بالتهدئة".
ما يزيد وطيس المعركة اشتعالا، هو لغة التحدي التي تبديها المقاومة هذه المرة. وتحدث الناطق باسم كتائب القسام (أبو عبيدة) بشيء من الثقة أول امس، حين رد على تهديدات وزير الحرب الاسرائيلي موشيه يعلون بشن عملية برية على غزة، قائلا "إن غزة تنتظركم بالموت الزؤام".
تلك الروح والثقة العالية في التعامل مع الموقف من جهة المقاومة، تؤشر إلى اعتمادها في هذه المعركة على أمرين اساسيين:
- سياسة النفس الطويل:دولة الاحتلال تريدها حربا قصيرة على ضوء الخسائر الاقتصادية التي تعانيها جراء نزول أكثر من 7 آلاف صهيوني الى الملاجئ من جنوب الاراضي المحتلة وصولا إلى حيفا، فيما أن المقاومة يبدو أنها نصرت بالرعب وقد اعدت نفسها للمواجهة اطول مدة ممكنة من خلال تأكيدها امتلاك مخزون صاروخي كبير يعينها على البقاء لفترات طويلة.
- الحرب النفسية: منذ اللحظة الأولى لبدأ العملية العسكرية على غزة والتي ماتزال تعتمد على سلاح الطيران، والمقاومة تطلق رصاصات حربها النفسية على الروح المعنوية الاسرائيلية وقد اصابتها بعمق عبر رسائل الهواتف المحمولة والالكترونية وصولا الى الرسائل المتلفزة.
وثمة من يعتقد أن المقاومة نجحت في توصيل رسائلها وبدقة في اطار صراع الادمغة، فيما أن الاحتلال حاول استنساخ تجاربه السابقة بالاعتماد على الرسائل المكتوبة التي تلقي بها الطائرات في المناطق الحدودية لمطالبة السكان بإخلاء منازلها وعدم التعاون مع المقاومة.
ويعزو استاذ علم النفس الأمني اسماعيل أبو ركاب، نجاح المقاومة في حربها النفسية ضد الاحتلال، إلى تركيبتها الصلبة والتي تقوم على الجانب الديني الروحاني، على عكس الاحتلال الذي يتعلق مواطنيه بالحياة وتركبهم رؤية الصواريخ وطول القتال.
وعلى ضوء المتغيرات القائمة، فإن المراقبين مازالوا يعتقدون أن هناك فرصة لتدخل الوسطاء من اجل وقف اطلاق النار، اخذين بعين الاعتبار الاتصال الذي اجراه الرئيس الامريكي باراك اوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو امس الخميس ودعوته لوقف اطلاق النار. وهو أمر اعتبره البعض انه محاولة امريكية لقطع الطريق على الحرب البرية.
وفي هذا الاطار اعتبر المحلل السياسي طلال عوكل أن العدوان جزء من سياسة امريكية تمارسها واشنطن منذ توقفت عملية التسوية، وتقوم على ترك الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في قدر المواجهة، حتى ينضجوا الى مستوى عملية التسوية، مشيرا الى أن تدخل (اوباما) نابع من عدم رغبة الادارة الامريكية توسع العملية العسكرية على غزة، وقال "رغم كل التصريحات المتلاحقة بضرورة توجيه ضربة قوية إلى حماس، الا أن الظروف غير مواتية للعدوان البري".