[ . . . حلقــات نقض دعوى الشيعة في الامامة والعصمة عقلا . . . ]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين وبعد :
فان القصد من هذا الموضوع هو هدي الخلق وبيان الحق .
واظهار الحقيقة لطلابها والباحثين عنها .
واشعال نار الحقيقة بين يدي القراء المنصفون الذين يدخلون ليقرؤون ويستفيدون لا يدخلون بنية مسبقة مبيته في القراءة النقدية لا القراءة للاستفادة وطلب الحق !
واعلم اخي القارئ الكريم هداني الله واياك انك ان اخلصت النية لله تعالى في طلب الحق وسالته متضرعا فانه لن يخيب من رجاه ثقة بكرمه وجوده ولطفه وانعامه .
والان مع البحث :
الحلقة الاولى :
" 1 "
قال الشيعي الاثني عشري : . . . ولا بد من نصب إمام معصوم يصدّهم عن الظلم والتعدّي، ويمنعهم عن التغالب والقهر، وينصف المظلوم من الظالم، ويوصِّل الحق إلى مستحقِّه، لا يجوز عليه الخطأ ولا السهو ولا المعصية .
فيقال له:
نحن نقول بموجب هذا الدليل إن كان صحيحًا، فإن الرسول هو المعصوم وطاعته واجبة في كل زمان على كل أحد، وعلم الأمة بأمره ونهيه أتم من علم آحاد الرعية بأمر الإمام الغالب، كالمنتظر ونحوه، بأمره ونهيه. فهذا رسول صلى الله عليه وسلم إمام معصوم، والأمة تعرف أمره ونهيه، ومعصومهم ينتهي إلى الغائب المنتظر، الذي لو كان معصومًا لم يعرف أحدٌ لا أمره ولا نهيه، بل ولا كانت رعية عليّ تعرف أمره ونهيه، كما تعرف الأمة أمر نبيّها ونهيه، بل عند أمة محمد صلى الله عليه وسلم من علم أمره ونهيه ما أغناهم عن كل إمام سواه، بحيث أنهم لا يحتاجون قط إلى المتولّى عليهم في شيء من معرفة دينهم، ولا يحتاجون في العمل إلى ما يحتاجون فيه إلى التعاون، وهم يعلمون أمره ونهيه أعظم من معرفة آحاد رعيّة المعصوم، ولو قُدِّر وجوده بأمره، فإنه لم يتولّ على الناس ظاهرًا من ادُّعيت له العصمة إلا عليٌّ.
ونحن نعلم قطعًا أنه كان في رعيته باليمن وخراسان وغيرهما من لا يدري بماذا أمر ولا عمَّاذا نهى، بل نوّابه كانوا يتصرفون بما لا يعرفه هو.
وأما الورثة الذين ورثوا علم محمد صلى الله عليه وسلم فهم يعرفون أمره ونهيه، ويَصْدُقُون في الإخبار عنه، أعظم من علم نواب عليّ بأمره ونهيه، ومن صِدْقهِم في الإخبار عنه
وهم إنما يريدون أنه لا بد من إمام معصوم حيّ.
فنقول:
هذا الكلام باطل من وجوه:
أحدها:
أن هذا الإمام الموصوف لم يوجد بهذه الصفة، أما في زماننا فلا يُعرف إمام معروف يُدَّعى فيه هذا، ولا يدعي لنفسه، بل مفقود غائب عند متّبعيه، ومعدوم لا حقيقة له عند العقلاء، ومثل هذا لا يحصل به شيء من مقاصد الإمامة أصلاً، بل من وَلِيَ على الناس، ولو كان فيه بعض الجهل وبعض الظلم، كان أنفع لهم ممن لا ينفعهم بوجه من الوجوه !!
وهؤلاء المنتسبون إلى الإمام المعصوم لا يوجدون مستعينين في أمورهم إلا بغيره، بل هم ينتسبون إلى المعصوم، وإنما يستعينون بكفور أو ظلوم، فإذا كان المصدِّقون لهذا المعصوم المنتظر لم ينتفع به أحد منهم لا في دينه ولا في دنياه، لم يحصل لأحد به شيء من مقاصد الإمامة.
وإذا كان المقصود لا يحصل منه شيء، لم يكن بنا حاجة إلى إثبات الوسيلة؛ لأن الوسائل لا تُراد إلا لمقاصدها. فإذا جزمنا بانتفاء المقاصد كان الكلام في الوسيلة من السعي الفاسد . . .!
وكان هذا بمنزلة من يقول : الناس يحتاجون إلى من يطعمهم ويسقيهم، وينبغي أن يكون الطعام صفته كذا، والشراب صفته كذا، وهذا عند الطائفة الفلانية، وتلك الطائفة قد عُلم أنها من أفقر الناس، وأنهم معروفون بالإفلاس.
وأي فائدة في طلب ما يُعلم عدمه ، واتباع ما لا ينتفع به أصلاً ؟
والإمام يُحتاج إليه في شيئين :
1- إما في العلم لتبليغه وتعليمه،
2- وإما في العمل به ليعين الناس على ذلك بقوته وسلطانه.
وهذا المنتظر لا ينتفع لا بهذا ولا بهذا؛ بل ما عندهم من العلم فهو من كلام مَنْ قَبْله، ومن العمل، إن كان ممّا يوافقهم عليه المسلمون استعانوا بهم، وإلا استعانوا بالكفّار والملاحدة ونحوهم، فهم أعجز الناس في العمل، وأجهل الناس في العلم، مع دعواهم ائتمامهم بالمعصوم، الذي مقصوده العلم والقدرة، ولم يحصل لهم لا علم ولا قدرة، فعلم انتفاء هذا مما يدّعونه.
وأيضًا فالأئمة الاثنا عشر لم يحصل لأحدٍ من الأمة بأحد منهم جميع مقاصد الإمامة.
أما من دون عليّ فإنما كان يحصل للناس من علمه ودينه مثل ما يحصل من نظرائه، وكان عليّ بن الحسين وابنه جعفر بن محمد يعلّمون الناس ما علّمهم الله، كما علمه علماء زمانهم، وكان في زمنهم من هو أعلم منهم وأنفع للأمة.
وهذا معروف عند أهل العلم، ولو قدِّر أنهم كانوا أعلم وأَدْيَن، فلم يحصل من أهل العلم و الدين ما يحصل من ذوي الولاية والقوة والسلطان، وإلزام الناس بالحق،ومنعهم باليد عن الباطل.
وأما بعد الثلاثة كالعسكريَيْن ، فهؤلاء لم يظهر عليهم علم تستفيده الأمة، ولا كان لهم يد تستعين بها الأمة، بل كانوا كأمثالهم من الهاشميين لهم حرمة ومكانة، وفيهم من معرفة ما يحتاجون إليه في الإسلام والدين ما في أمثالهم، وهو ما يعرفه كثير من عوام المسلمين.
وأما ما يختص به أهل العلم ، فهذا لم يعرف عنهم، ولهذا لم يأخذ عنهم أهل العلم، كما أخذوا عن أولئك الثلاثة، ولو وجدوا ما يُستفاد لأخذوا، ولكن طالب العلم يعرف مقصوده.
وإذا كان للإنسان نسب شريف، كان ذلك مما يعينه على قبول الناس منه، ألا ترى أن ابن عبّاس لما كان كثير العلم عَرَفت الأمة له ذلك، واستفادت منه، وشاع ذكره بذلك في الخاصة والعامة.
وكذلك الشافعي لما كان عنده من العلم والفقه ما يُستفاد منه، عرف المسلمون له ذلك، واستفادوا ذلك منه، وظهر ذكره بالعلم والفقه.
ولكن إذا لم يجد الإنسان مقصوده في محل لم يطلبه منه، ألا ترى أنه لو قيل عن أحد : إنه طبيب أو نحوي، وعُظِّم حتى جاء إليه الأطباء أو النحاة، فوجدوه لا يعرف من الطب والنحو ما يطلبون، أعرضوا عنه، ولم ينفعه مجرد دعوى الجهّال وتعظيمهم ؟
وهؤلاء الإمامية أخذوا عن المعتزلة أن الله يجب عليه الإقدار والتمكين واللطف، بما يكون المكلَّف عنده أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، مع تمكّنه في الحالين.
تابع . . . تابع . . . تابع