!
!
!
التسخيري والدولة الفاطمية
جمال سلطان : بتاريخ 29 - 10 - 2008
لم يتحوط المرجع الشيعي الإيراني محمد علي التسخيري للأجواء المضطربة والقلقة فيما يخص الملف الشيعي والاختراقات الإيرانية للعالم العربي وهو يتحدث في مؤتمر طرابلس "إن الدين عند الله الإسلام" ، أمس ، وما إن تكلم باحث مغمور لم يسمع به أحد من قبل عن أهمية قيام الدولة الفاطمية من جديد ، وهو محض نفاق لدعوة القذافي إلى إحياء الدولة الفاطمية ، حتى سارع التسخيري بإعلان تأييده للفكرة ولدعوة العقيد القذافي ، وأن الدولة الفاطمية إذا قامت من جديد فإنها ستتصدى للمخططات الأمريكية والصهيونية التي تريد تمزيق المنطقة ،
كلام التسخيري مضحك جدا ، بقدر ما أنه يمثل انتهازية سياسية وطائفية صريحة ، ويبدو أن حكاية التصدي للمخططات الأمريكية والصهيونية أصبحت كلمة السر في "تنويم" الشعوب وتخديرها ، من أجل تمرير "المخططات" الإجرامية الحقيقية لتمزيق الأمة وتشتيت قواها وبذر بذور الصراعات الطائفية العنيفة في جنباتها ، وإلا فليشرح لنا عاقل واحد ، كيف أن إنشاء الدولة الفاطمية الشيعية في جزء من الأمة الآن سيساهم في توحيدها ، ويبعد عنها خطر المذهبية والتمزق الطائفي ، وهل يمكن لمثل هذه الدولة المفترضة أن تفعل أكثر من إضافة صدع جديد في الأمة ، ومزقا مستحدثا ،
هل يتصور عاقل أن إنشاء العقيد القذافي لدولته الكاريكاتيرية هذه سوف يجعل شعوب العرب والمسلمين والملوك والأمراء والسلاطين والرؤساء يذعنون له ويأتون طائعين بوصفه منقذ الأمة من الضياع ، وقائد حملتها المظفرة لمجابهة الأمريكان والصهاينة ، هذا محض تهريج سياسي لا يليق إلا بجلسات الحشاشين أو مسارح الكوميديا ، ولا يمكن نسبته إلى مؤتمر علمي أو بحث علمي ،
وعندما يعلن عالم شيعي إيراني كبير في حجم محمد علي التسخيري تأييده ومباركته لهذا المشروع فإنه يكشف عن خبيئة نفسه ، وأنه صاحب مشروع طائفي محض ، وداعم لكل ما يعزز الاختراق الطائفي في المنطقة العربية ، حتى لو كان في مثل هذا الهزل والهشاشة والتهريج ، التسخيري الذي يقدم نفسه بوصفه داعية الوحدة والتقارب المذهبي ويحرص على أن يخلل حديثه في "المؤتمرات العربية" باستحضار بعض أبيات الشعر العربي القديم ، هو أحد أهم داعمي وممولي مشروعات التشييع في المغرب العربي وفي نيجيريا ، وعندما يتحدث عن إحياء الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية دون أي من دول الإسلام على مر تاريخه ، حتى دولة الخلفاء الراشدين أنفسهم ، ويجعل من دولة "الفاطميين الشيعة " هي النموذج الذي يتوجب أن تحتذيه الأمة ، إذا أرادت أن تنهض وتقاوم الأمريكان والصهاينة ، وليس دولة الراشدين أو الدولة الأموية أو العباسية مثلا ، فهو يتحرك من منطق طائفي محض ، لأن دولة الفاطميين الإسماعيلية هي التي مزقت الأمة وهي التي أدخلت المجتمع العربي في أسوأ عهوده الثقافية والعلمية والمعرفية ، وهي التي أدخلت الخرافات في الوجدان الشعبي وهي الخرافات التي يعاني منها العوام حتى الآن في الموالد وغيرها ، وهي التي حولت الإسلام إلى فولكلور مضحك ، مثل تراث القبائل الأفريقية القديمة ، وهي التي نشرت لعن أصحاب النبي على المنابر ، حتى أن المصريين بعد أن دحر صلاح الدين دولة الشذوذ والإجرام الفاطمية كانوا يكتبون على المنابر وجنبات المساجد أسماء الراشدين الأربعة ، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، لكي يطهروا سيرتهم الكريمة من دنس الشتائم الفاطمية ، ليس هذا مجال الحديث عن الفاطميين بالطبع ، فهو حديث يطول ، ولكن مجال الكشف عن الانتهازية الإيرانية في أجلى صورها .
[email protected]
http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=55787&Page=1&Part=8