المدارس الشيعية الرافضية كثيرة ومتنوعة، بعضها يشرق والآخر يغرب، لم يتفقوا على شيء مثلما اتفقوا على سب الصحابة والإمامة والعصمة والمتعة والخمس، أما عن باقي الأمور فلا تجدهم متفقين فيما بينهم أبدا، يتناقضون في المسألة الواحدة.
لا يثبتون على رأي واحد.
*مثال على ذلك:
روى الطبرسي في "الاِحتجاج" (2/376) عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل.
قلت له: ولِمَ جعلت فداك؟ قال: لأمر لا يؤذن لي في كشفه لكم.
قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام، من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما. يا ابن الفضل! إنَّ هذا الأمر أمر من الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف».
ثم تناقضوا، وقالوا: هناك مجموعة من الروايات الشريفة والتي ذكرها الصدوق في "كمال الدين" (1/479-482)، (باب: علة الغيبة) قد أفصحت عن بعض أوجه الحكمة من غيبته: وهي على طوائف خمس على حسب ما تتبعته عاجلاً وهي:
الطائفة الأولى: كرواية علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن بن موسى الرضا عليه السلام أنّه قال: «كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث (الرابع ن ل) من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له: ولِمَ ذاك يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولِمَ؟ قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف».
الطائفة الثانية: (وهي رواية واحدة): ما روي عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنَّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها، فقلت له: يا ابن رسول الله ولِمَ ذلك؟ قال: لأنّ الله عزّ وجلّ أبى إلاّ أن تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم، وإنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: )لتركبنَّ طبقاً عن طبق(» الانشقاق: - أي سنن من كان قبلكم.
الطائفة الثالثة: كرواية زرارة عن أبي عبد الله قال: «للقائم غيبة قبل قيامه، قلت: ولِمَ؟ قال: يخاف على نفسه الذّبح».
الطائفة الرابعة: وهي التي ذكرها أيضاً الصدوق في "كمال الدين" (ج2 ص 641 ب 54) عن إبراهيم الكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: «أصلحك الله ألم يكن عليّ عليه السلام قوياً في دين الله عزّ وجلّ؟ قال: بلى.
قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال: أيةً في كتاب الله عز وجل منعته، قال: قلت وأيّة آية هي؟ قال: قوله عزّ وجلّ:)لو تزيّلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً(إنّه كان لله عزّ وجلّ ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت عليهم السلام لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله عزّ وجلّ فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله».
الطائفة الخامسة: وهي ما روي عن أبي جعفر عليهم السلام محمد بن علي أنه قال: «إذا اجتمع للإمام عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر وجب عليه القيام والتغيير». (بحار الأنوار: ج 100 ص49 ح 18).
فمفاد هذه الطوائف الخمس هي أن أوجه الحكمة خمسة أمور في عدم ظهور المهدي حتى يأذن الله له بالخروج وهي:
1 ـ «لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف».
2 ـ «لكي تجري فيه سنن الأنبياء السابقين في غيباتهم واستيفائها».
3 ـ «إنّه يخاف على نفسه الذبح لو خرج قبل أوان خروجه المناسب».
4 ـ «إنّه لن يظهر حتى تظهر ودائع الله» وفي رواية:«ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين».
5 ـ «إنه لا يظهر حتى تتكامل عدة أصحابه عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه...» إلخ كما في رواية المفضل بن عمر، عن الإمام الصادق "بحار الأنوار" (ج52ص326ح42).
هل من شيعي اثني حشري متواجد في منتدى شبكة الدفاع عن السنة يستطيع أن يبين لنا الراجح بين رواية الهاشمي التي مفادها عدم معرفة الحكمة من غيبة المهدي حتى يظهر، وبين الطوائف الخمس التي ذكرها صدوقكم في بيان الحكمة من الغيبة؟