الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ، واللعنة على أعداء الله المحرفين للكتاب الطاعنين بالأصحاب فالعنهم لعناً كبيراً ولا تخفف عنهم عذابك إنك شديد العقاب
من الشبهات التي يثيرها الرافضة لعنهم الله هو حديث كيس أبي هريرة المعروف ، وفي ما يلي سنعرض الشبهة والرد :
الحديث : ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول . تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الابن اطعمني إلى أن تدعني . فقالوا يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال لا هذا من كيس أبي هريرة" ....
الشبهة : لماذا يقول اذاً قال رسول الله ؟
فأنتم امام خيارين اما انه يكذب أو يدلس في الحديث
الرد : فيه إجمال وتفصيل
أما الإجمال : فلو أنهم آمنوا بعدالة الصحابة وفضلهم لأحسنوا الظن بهم وبأفعالهم وأقوالهم ، وهذا أصل عظيم من أصول الدين غاب عنهم ، ولكنهم يسيئون الظن بهم لخسة قلوبهم وخبثهم ، ونحن نقول أنه ثبت عدل الصحابة وحسن دينهم في العديد من الأدلة الصحيحة الصريحة الثابتة من كتاب الله وسنة نبيه ، وقد شهد الله للصحابة وأثنى عليهم وكذلك رسوله ، وعليه وجب على المسلم الثناء عليهم وأن يحسن الظن في كل ما قد يريبه من أمورهم .
فإنه - أقصد المثير للشبهة - ترك كثيراً من الأحاديث والآثار الواردة في فضل هذا الصحابي الجليل وأخذ بهذه الرواية لأنه وجد فيها مطعن عليه ، وكان الأولى به لو أن قلبه يحمل ذرة من العدل أن يحاول الجمع بين كل تلك الروايات . وكان الأولى به أيضاً أن يقرأ شرح الحديث من كتب أئمة أهل السنة والجماعة حتى يفهمه حق الفهم خصوصاً أنهم لا يؤمنون بروايات البخاري
أما التفصيل فإن أباهريرة رضي الله عنه قد سئل عن قوله : تقول المرأة كذا وكذا ويقول العبد كذا وكذا ويقول الإبن كذا وكذا ، فأجاب أن هذا من قوله هو لا قول النبي صلى الله عليه وسلم وكان يريد أن يضرب المثل لتقريب المعنى إلى الذهن ، وكونه قد نسب الكلام لنفسه لهو دليل على صدقه وأمانته ، ولو لم يكن كذلك لما منعه مانع أن ينسبه للرسول الكريم ، ولكنه قد شرح بعضاً من كلام الرسول بكلامه الخاص ، فإن هذا أمر مشاع ويحصل كثيراً عندما يقول إنسانٌ عن آخر قولاً ويريد أن يشرح جزءاً من القول فقد يختلط القولان فيبدوان كأنهما قولاً واحداً للإنسان الأول .
وهذا ليس فيه كذب بأي حال من الأحوال ، لأنه لم ينسب إليه قول زائد أو معنى زائد عما قاله ، بل هو فسر المعنى والكلام بكلام له ، بمعنى انه نقل القول كما هو ، لكنه شرح جزءاً من ذلك القول .
فإن قال قائل كان الأولى أن يفصل بين القولين فصلاً واضحاً وإلا عد تدليساً .
نقول إن من شروط التدليس إيهام السامع ، وهذا لم يحصل هنا ، بل على العكس ، فإن سياق الرواية يدل أنه قد ألمح إلى ذلك ، فإن إنتباه الناس وسؤالهم عن هذا الكلام إن كان من كيسه أم من كيس الرسول عليه الصلاة والسلام دليل على أنه نبّه لهذا ، كأنه حدّث عن الرسول الكريم ثم سكت قليلاً ، ثم شرح - من كيسه - ففصل بين القولين فصلاً واضحاً فانتبه الناس لفعله ، وهذا لا يفعله عادة في باقي رواياته عن النبي الكريم ، لذا لم يسأله أحد مثل هذا السؤال في باقي الروايات ، لأنه لم يشرح من قوله معنى لقول الرسول إلا في هذا الحديث .
فلما فصل بين الكلامين بسكتة انتبه الناس ، ولو أراد إيهام الناس لواصل في الكلام ولما انتبه الناس ولما سألوه كما لم يسألوه في باقي رواياته ، فامتنع إيهام السامع في حقه ، فانتفى التدليس ، بل هو لم يكتفي بعدم إيهام السامع بل نبه السامع بالكلامين ، وهذا من أعظم مراتب الصدق والأمانة . فتبين أن هذا الخبر هو ليس فقط براءة لإبي هريرة من الكذب والتدليس بل هو دليل على أمانته وصدقه في القول فأنه أعده منقبة من مناقب أبي هريرة رضي الله عنه .
أخوكم أبو يحيى