إنَّ هذا الكتمان، اتَّقى به الإباضية الضرر الذي أحاط بهم ابتداءً من إمامهم جابر بن زيد الأزدي رضي الله عنه (ت 93 هـ)، فهو أوَّل من مارس التقيَّة ووضع أساسها، وتعتبر إمامته إمامة كتمان، ثم مارسها من جاء بعده من أئمة الإباضية الذين خلفوه في الإمامة كأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة رضي الله عنه (ت 150 هـ) والربيع بن حبيب الأزدي رضي الله عنه (ت 170 هـ)، كما مارستها الرعية الإباضية في البصرة وبلاد العرب والمغرب حيثما وجدوا تحت سلطانٍ وُصف بالجور.
فالإمام جابر بن زيد، أحد التابعين المشهورين الثقاة في رواية الحديث والفقه، لم يكن يخوض في الأمور السياسية (السياسة الشرعية) أو يبدي أيَّ معارضة للتوجُّه العام لدولة بني أمية ظاهراً، وإنما كان يساير الاتجاه تقية، وينشئ اتجاها علميًّا جديداً، لم يُطلع عليه، على ما يبدو، حتى أقرب المقرَّبين إليه كالحسن البصري(4).