شرف الله الإنسان بأن اختاره لعمارة الأرض، وفضله على سائر خلقه بما أودع فيه من قوة الإرادة، ثم أعطاه الحرية ليختار أيا من النجدين: ]وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ[.
رافق رحلة الإنسان على كوكب الأرض صراع الخير والشر... وقد ]خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً[، ومن سمات هذا الضعف؛ طغيان الشيطان على العقل الإنساني، والنفخ في جلده حتى يتصور وكأنه منطاد يطير فوق الجبال!
طالما ضحك الشيطان على بعض البشر، وجعلهم يركعون أمام بشر أمثالهم! وكلما رضخ أناس أمام واحد منهم، نفخ فيه الشيطان وسولت له نفسه، وزين له ضعفه، وجعله يدعي السطوة، ثم الملوكية، ثم بعده الألوهية...
وما أن يتصور هذا الضعيف المنهمك في الغرور، بأنه أصبح ماردا فتاكا..، وما إن يرفع عقيرته بين عبيده بأنه ]أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى[ إلا ويثور في وجهه "موسى" وبيده عصا!..
أبدا لا تسعى هذه السطور في أن تقارن بين نبي الله موسىu، وهذا القائد الإيراني الذي شرفته الثورة الشعبية -المسمى بالخضراء- بأن اختارته قائدا لمصيرها..
وإن كنا نتمنى أن يدرك الرجل بأن أبواب التوبة مفتوحة أمامه، ويمكنه أن يمحوا سيئاته السابقة بحسنات لاحقة، وأن يتخذ نبي الله موسىu أسوة و قدوة له في الكفاح أمام فرعون عصره!
لكننا نحاول أن نقارن بين هذا الفرعون المدعى "علي الخامنئي" الذي سمى نفسه بالولي الفقيه المطلق -النائب المعصوم للإمام الغائب!- والذي استخف شعبه فأطاعوه، وذلك الفرعون المدعى "رمسيس الثاني" الذي استعبد بني إسرائيل! لنقول بأن التاريخ يعيد نفسه، وكل ما هنالك... أمر رباني، يستطيع أن يجعل فرعون اليوم وكأنه من أساطير الأولين، لا يتجاوز كلمتين: "كن"... "فيكون".
]ِإنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ .
*فرعون أمس:
من على نبي الله موسى قائلا: ]أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ[ [الشعراء: 18]
*فرعون اليوم:
صرخ في وجه قادة الثورة الشعبية: نحن جعلناكم صفوة القوم وقادتهم، وإنكم لم تكونوا إلا سفلة الناس!
*فرعون أمس:
قال فرعون لملأه: ]إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ[ [الشعراء: 27]
*فرعون اليوم:
طالما سمى الخامنئي وهامانه (أحمدي نجاد) ومن تبعهم من الغوغاء، قادة الثورة الشعبية، وعلية الثورة وصفوة القوم؛ بالحمقاء، والمجانين، والسفلة، والحمار (!)، والخردل، والقطمير...
*فرعون أمس:
قال فرعون لموسى: ]لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ[ [الشعراء:29]
*فرعون اليوم:
من أنكر أنه هو؛ الولي الفقيه المعصوم الذي ينوب الإمام المهدي الغائب، ويأخذ جميع أوامره منه مباشرة، فهو باغ مرتد، ولابد و أن يقتل أو يسجن وله عذاب عظيم. وطالما سلط جنوده الشهوانيين على المعارضة لينتهكوا أعراضهم. وما اعترف بها من الفضائح الجنسية التي ارتكبت في السجون الإيرانية لم يشهد التاريخ البشري مثلها في القباحة!
*فرعون أمس:
بعدما عجز فرعون أمام معجزات موسى و حججه الدامغة وبراهينه الساطعة قال: ]لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ*يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ[ الشعراء 34ـ35
*فرعون اليوم:
ولما حار الخامنه اي في أمره صرخ في الناس بأن قادة الثورة الشعبية ما هم إلا عملاء لإسرائيل وللصهيون وما هم إلا أجندة لبريطانيا وأمريكا ولا يريدون إلا الفساد في الأرض، والقضاء على البلد، وأن يطردوكم من أرضكم، فماذا تأمرون!
*فرعون أمس:
أشار حاشية فرعون و مستشاروه بأن يبعث جنده حتى: ]يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ[ [الشعراء: 37]
*فرعون اليوم:
طلب الخامنئي أشرس جنود الحرس الثوري و"البسيج" من المدن المختلفة إلى طهران للقضاء على الثورة الشعبية الأعزل!
*فرعون أمس:
طار عقل فرعون لما آمنت السحرة، وأصبح يهرف بما لا يعرف فيصرخ كالمجانين كيف: ]آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ[ [الشعراء/49].
*فرعون اليوم:
وطار عقل الخامنئي لما وجد كثيرا من قادة الدولة وأجنحة الحكم يقفون بجانب الشعب الثائر الذي رفض ديكتاتوريته ونظامه العدواني، وأخذ يصرخ كالمجانين: كيف انضممتم إلى الشعب دون أن تستأذنوني! وسترون ماذا أصنع بكم! فإنكم من المطرودين، ولابد وأن تنتهك أعراضكم و تعذبوا حتى الموت!!
*فرعون أمس:
وأخذ فرعون يشوه صورة المؤمن، واستعمل الإعلام في الدعاية المضادة: ]فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ*إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ*وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ*وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ*فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ[ [الشعراء: 53-58]
*فرعون اليوم:
سيطر الخامنئي على جميع وسائل الإعلام وأمرهم بأن يصرخوا بالصوت الواحد بأن؛ أصحاب الثورة الشعبية ما هم إلا عملاء للصهيونية والاستعمار، وأنهم من أراذل القوم، وقد تجاوزوا حدهم وأثاروا غضب جيشنا الجرار! وسيدركون عما قريب؛ ما ينتظرهم من العقاب الأليم. وإن قادتهم لمطرودون من رحمتنا، وأنهم سيرمون من أعالي قصورهم إلى أسفل الشارع!
*فرعون أمس:
]إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ[ [القصص: 4]
*فرعون اليوم:
وطاغية إيران سمى نفسه على الملأ بأنه "ولي الفقيه المطلق"، أي: أنه الوسيط المعصوم بين الإمام المعصوم الغائب، أو الله عز وجل و بين الناس! أو بعبارة أخرى؛ صرخ في الناس ]أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى[!
وأثار الفتن والطائفية بين الشعب، فشتت وحدتهم وفرق جماعتهم. و سلط سيفه على أهل السنة و الإصلاحيين من الشيعة. وقد سبق أن وأد ثلاثة ملايين من شباب البلد أحياء على الحدود العراقية الإيرانية في حرب شعواء دامت 8 سنوات!
ثم ها هو اليوم جعل المرأة الإيرانية العفيفة تبيع عرضها تحت سياط الفقر مقابل رغيف خبز! إنه من المجرمين والمكارين والمفسدين!
وهذا هو وعد الله عز وجل لمن يثور من المستضعفين:
]وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ[ [القصص:5-6]
ووعد الله لمن ثار أمس، ومزق قيود الظلم والطغيان، هو وعده سبحانه لمن يثور اليوم و يهدم السجون و يكسر القيود.
شعب تفلت مــن أغـلال قاهره***حرا، فأجفل منه الظلم والظُلـم
نبا عن السجن ثم ارتد يهدمــه***كـي لا تكبل فيــه بعده قـدم
والشعب لو كان حيا ما استخف به***فرد، ولا عاث فيه الظالم النهم