العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > الرد على شبهات الرافضة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 29-06-10, 09:12 PM   رقم المشاركة : 1
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road


شبهة إنكار صفات الله

(عرض ومناقشة لما طرحه صلاح أبو عرفة في أشرطته)




خبَّاب بن مروان الحمد




بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله حمداً حمداً، والشكر له شكراً شكراً، وصلَّى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيراً إلى يوم الدين أمَّا بعد:
فقد استمعت إلى كلام تفوَّه به صلاح أبو عرفة) حول صفات الله تعالى؛ ومحاولة إنكار هذا اللفظ الذي دَرَجَ عليه علماء الإسلام، ومحاولته إنكار التلفظ بهذه الكلمة، فالرجل مشكلته الكبرى في الكون والحياة في إطلاق لفظ : (صفات الله) عن الله تعالى، وقد استمعت لشريطين من أشرطته المسجَّلة والمنشورة على موقعه المسمَّى أهل القرآن) وفهمت ووعيت مراده ومقصده جيداً، وسمعت كلامه مرتين !
فالمرَّة الأولى : للاهتداء إلى الحق والبصيرة فيه إنَّ كان ما قاله صوابا، ولئلاَّ أقوِّل الشخص ما لم يقل!
والمرَّة الثانية: لتأكدي أنَّ ما كان يقوله في هذا الأمر ضرب من الانحراف، وخلل في الاعتقاد والإيمان وملَّة الإسلام، واستكبار على إخوانه من علماء المسلمين ورميهم بأبشع العبارات وأقذع الكلمات!
فوجدته والعياذ بالله على أسوأ ممَّا تصورَّت، فحذلقة في الكلام، وصياح وصراخ لإقناع الخصم، واستخدام لوسائل عاطفيَّة للتأثير والتشويش على المخالف، بل يزيد الطين بلَّة، أقواله السمجة التي سمعتها منه في أشرطته فكانت إضافة على ما ذكرته عنه ضغثاً على إبَّالة، فحسبي الله ونعم الوكيل!



* عرض لكلام صلاح أبو عرفة حول صفات الله :
وسأسوق كلامه بحذافيره بين علامتي تنصيص، وما أسوقه من كلامه مستقى من أشرطته أنَّ إطلاق صفات الله) على الله والقول بها فهو على حدِّ قوله من أشد البدع والإحداث في دين الله ورسوله).
ويقول كذلك : (الصفات هي البدعة التي ابتدعها علماء الكلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
بل يرى أنَّ قول العلماء بلفظ صفات الله عن الله: (أنكى نكاية في دين الله من الإحداث وذلك لأنَّها ليست من إحداث العوام بل لأنَّ هذا من إحداث العالِم وإحداث العالِم أشد من إحداث العوام).
ويقول : (أنَّ من جاء وعبد الله بالأسماء والصفات فهو مبتدع مبدِّل مُحدِث ولو شفتوها بالكتاب ولو على الفضائيات ولو قالها رجل معه مائة شهادة دكتوراة)!!
ويقول كذلك: (الإشكال في الصفات ولسنا مضطرين للقول في الصفات ويكفي أن نعلم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتكلَّم في الصفات)!!
ويقول لقد قال ابن عمر: كل بدعة سيئة ولو رآها الناس حسنة. ثم قال صلاح أبو عرفة: وعلى رأس رأس البدع الصفات).
وكذلك يقول: (مجرَّد أن تقول أنَّ الله وصف المؤمنين أو وصف الجنَّة فأنت شتمت الله)!!
ويرى كذلك أنَّ الصفات شتيمة لله ومجرَّد أن تعبد الله بالصفات فهي شتيمة لله)!!
وحينما ساق كلاماً نقله عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهوونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأنَّه له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا) قال (صلاح أبو عرفة) إنَّ ابن عثيمين حينما قال الصفات العليا عن الله فإنَّه شتم الله شعر أم لم يشعر! وأنَّه كَذَبَ على الله! ثمَّ رقَّع كلامه بالترحم على الشيخ ابن عثيمين!!
ولهذا فإنَّ الرجل كما قلت في البداية لديه مشكلة مع لفظ صفات الله) وعليه نحاول أن نفهم قوله في ذلك، ومنطقه الذي يدل على جهله وقلَّة أدبه مع الله ومع علماء الإسلام!!
وعلى العموم فلقد ردَّد (صلاح أبو عرفة) أقوال الجهميَّة والمعتزلة من حيث يدري أو لا، كما سنبينه لاحقاً والله المستعان ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
وإني أستغرب من شخص ينتسب للإسلام بله يدعو إليه، كيف يقحم نفسه، في التحدث بأمور ليس له فيها كبير إنعام؟! بل نراه يتحدَّث بالغرائب ويجمع الناس حوله ليحكي لهم العجائب، والعجب العجاب أن نجد الناس حوله زرافات ووحدانا، عدا التعصب لقوله، والتقليد الأرعن لكلامه، والهوى المقيت من قِبَلِ أغلب طلاَّبه ومريديه!!
ولقد خرجت عنه عدَّة عبارات، وسمعنا من أقواله ضروباً من المقالات، والأفكار، والمعتقدات الجائرات، فلم أستغرب ما ذكرته عنه من ضلال في الفكر وانحراف في الفهم وخلل في الاعتقاد الذي خالف به جادَّة أهل السنة والجماعة رحمهم الله ورضي عنهم، وسأحاول قدر الإمكان الرد عليه بنوع من التوضيح لكي تنقشع حجَّته، وتطوَّح أدلَّته، ومن الله القصد وهو حسبي ونعم الوكيل.



فإن أصبتُ فلا عجب ولا غرر *** وإن نقصت فإنَّ الناس ما كملوا

والكامل الله في ذات وفي صفة *** وناقص الذات لم يكمل له عمل






*جواباً عن الشبهات التي طرحها (صلاح أبو عرفة):
أمَّا ما ذكره بأنَّ الصفات من أشد البلاء الذي ابتلي به المسلمون بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم؟)
فالجواب عن ذلك : إنّ من يزعم أنَّ القول بإثبات صفات الله تعالى من أشدِّ البلاء الذي ابتلي به المسلمون بعد نبيهم صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّه قائل على الله بالباطل، ومنتهج سبيل ضلالة وردى، بل أبعد النجعة عن سبل الهدى.
فماذا يقول هذا القائل في وصف الله تعالى لنفسه بصفات كثيرة في الكتاب الكريم؟
وماذا هو قائل بوصف رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ربَّه تبارك وتعالى بالصفات الحميدة اللائقة به سبحانه؟
وماذا يجيب عن وصف الصحابة والتابعين الله تعالى بالصفات اللائقة به؟!
لقد أقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الصحابي الجليل حينما كان يحب قراءة سورة الإخلاص فحينما سئل عن سبب تكراره لقراءة هذه السورة العظيمة فأجاب لأنها صفة الرحمن).
والحديث وارد عن الصحابية الجليلة عائشة رضي الله عنها:{ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بـقل هو الله أحد) فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سلوه لأي شيء صنع ذلك ؟) فسألوه . فقال : لأنها صفة الرحمن عز وجل ، فأنا أحب أن أقرأ بها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروه : أن الله تعالى يحبه}[1].
وعن هذا الشخص الذي كان يقرأ سورة الإخلاص فقد ذكر الإمام ابن حجر أنَّ اسمه كرم بن زهدم، وقالذكره الحافظ رشيد الدين بن العطار في حاشية المبهمات للخطيب فيما قرأت بخطه وقال: هو الذي كان يصلي بقومه ويقرأ (قل هو الله أحد) الحديث وفيه قوله إنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها وذكر أنه نقل ذلك من صفة التصوف لابن طاهر ذكره عن عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده عن أبيه)[2].
وذكر الإمام ابن حجر رحمه الله نقلاً عن ابن التين قوله إنما قال إنها صفة الرحمن ; لأن فيها أسماءه وصفاته , وأسماؤه مشتقة من صفاته , وقال غيره : يحتمل أن يكون الصحابي المذكور قال ذلك مستندا لشيء سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إما بطريق النصوصية وإما بطريق الاستنباط)[3].
ثمَّ ذكر ابن حجر عن ابن دقيق العيد قوله " لأنها صفة الرحمن " يحتمل أن يكون مراده أن فيها ذكر صفة الرحمن كما لو ذكر وصف فعبر عن الذكر بأنه الوصف وإن لم يكن نفس الوصف، ويحتمل غير ذلك إلا أنه لا يختص ذلك بهذه السورة لكن لعل تخصيصها بذلك ؛ لأنه ليس فيها إلا صفات الله سبحانه وتعالى فاختصت بذلك دون غيرها)[4]ا.هـ.
وقد احتجَّ ابن تيمية بهذا الحديث فقال وفي الصحيح أيضا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : سأل الذي كان يقرأ بـ {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} سورة الإخلاص في كل ركعة وهو إمام فقال: إني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن فقال: «أخبروه أن الله يحبه»، فأقره النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على تسميتها صفة الرحمن. وفي هذا المعنى أيضا آثار متعددة، فثبت بهذه النصوص أن الكلام الذي يخبر به عن الله صفة له، فإن الوصف هو الإظهار والبيان للبصر أو السمع، كما يقول الفقهاء: ثوب يصف البشرة أو لا يصف البشرة، وقال تعالى: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ}، وقال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ})[5].
ولو كان قول ذلك الصحابي من البلاء لأجابه صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّ ذلك من البلاء، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما يقول علماء الأصول، فكيف إذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقر ذلك الرجل على قوله لأنها صفة الرحمن)، فصار هذا اللفظ من قبيل السنَّة التقريريَّة ممَّا صدر عن الصحابة من أقوال أو أفعال؛ بسبب سكوته وعدم إنكاره صلَّى الله عليه وسلَّم، أو بموافقته صلَّى الله عليه وسلَّم واستحسانه قول ذلك الصحابي.
فأي بلاء يدَّعيه هذا الرجل وهو يخالف نهج سلف هذه الأمَّة الأكارم من الصحابة والتابعين ومن تبعهم وسار على دربهم واقتفى أثرهم ونحا نحوهم إلى يوم الدين؟!
بل إنَّ البلاء العظيم بالتطرق في الحديث عن الله تعالى بما لم ينقل من كتاب الله وما صحَّ من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستحيل أن يجيء شخص بعد عصر الرسالة يهدى لحق لم يهد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحم الله ابن القاسم حينما نقل عن الإمام مالك قوله لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها)[6].
إنَّ صفات الله عز وجل وغيرها مِن مسائل الدين لا يمكن أن تأتي للأمة بالبلاء؛ فإِنَّنا نعلم يقيناً وضرورة أنَّ الإسلام إنما جاء لسعادة البشرية لا لشقائها، ولرحمتها لا لعذابها، فكانت الصفات التي هي جزءٌ مِن الدين مشتملة على هذه المعاني أيضًا بشكلٍ أو بآخر، وإنما يأتي البلاء مِن خارج الدين، ممن يحاربون أهله، أو يُلحدون في نصوصه، أو يتأوَّلونه على غير مراده، فبان أن الدين لا بلاء فيه، وأن البلاء مِن صنع البشر الذين يتلقَّون هذا الدين، فمن أخذه بحقِّه، واتَّبع سبيل المؤمنين في فهمه، فاز ونجا وكان الدين له سعادة وهناءة، ومَن حرَّف وبدَّل وغيَّر، فله مِن الشقاء بحسب تبديله وتغييره وتحريفه وعداوته للنصوص. وهذا ظاهرٌ واضحٌ لا يحتاج لبرهان.



على أنَّ صلاح أبو عرفة) قد ردَّ الحديث الوارد سابقاً عن عائشة، وقول ذلك الصحابي عن سبب محبته لقراءة سورة الإخلاص لأنَّهاصفة الرحمن) وادَّعى أنَّ الحديث شاذ، مع أنَّ الحديث ثابت صحيح، ولم يتكلَّم به أحد من علماء الحديث، فهو من رواية الإمام البخاري سمعه من أحمد بن صالح قال أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو عن ابن أبي هلال أنَّ أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدَّثه عن أمِّه عمرة بنت عبد الرحمن وكانت في حجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة .... وذكر الحديث.
وهو من رواية الإمام مسلم يرويه عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب حدَّثه عمه عبد الله بن وهب حدَّثه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنَّ أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدَّثه عن أمِّه عمرة بنت عبد الرحمن وكانت في حجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة ... وروى الحديث.
وهو من رواية الإمام النسائي رواية عن سليمان بن داود عن ابن وهب قال حدَّثنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنَّ أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدَّثه عن أمِّه عمرة عن عائشة .... وساق الحديث.
والعجب أنَّ هذا الشخص (صلاح أبو عرفة) لم يعلم عنه إطلاقاً وحتَّى طلاَّبه يعلمون قطعاً أنَّه ليس بمحدِّث أو بمشتغل في علم الحديث، فكيف يتجرَّأ على تضعيف حديث ثابت في صحيحي البخاري ومسلم، ويقول عن هذا الحديث بأنَّه شاذ؟
هل سبقه أحد بذلك فقال عن هذا الحديث الذي ادَّعى زوراً وبهتاناً أنَّه شاذ؟
أم لأنَّ الحديث ناقض قوله وخالف رأيه فرمى به وأعرض عنه؟
إنَّ الغريب أنَّه يُشعر الناس وكأنَّه قد وفِّق لهذا القول الباطل، وأنَّه يدور مع الكتاب والسنة حيث دارَا، ولكنَّه وللأسف حينما يتعارض الحديث مع قوله وفكره ورأيه فما أسرع أن يضعِّف الحديث وبكل جرأة، والعجب كذلك أنَّه بعد اكتشافه الخطير لشذوذ هذا الحديث، يدَّعي زوراً وبهتاناً على أهل الحديث فيقولهم كلاماً لا يقولون به مطلقاً حيث يقول: (فواضح أنَّ هذه اللفظة بحكم أهل الحديث أنَّ لفظة : (صفة الرحمن ) شاذة!!) كما في الشريط الذي تكلَّم فيه عن هذا الحديث، وإنكار لفظصفات الله).
وهذا كذب على أهل الحديث وتقويل لهم بكلام لم يقولوه ولم يلتزموه، بل إنَّ أهل الحديث يقولون بخلاف ما يدَّعيه هذا الذي يكذب عليهم والذي يقال له : (صلاح أبو عرفة)!
وإني أقول لـ: (صلاح أبو عرفة) إن قصدت بالشاذ ما ذكره أهل العلم، ومنهم الإمام الشافعي بأنَّه: (أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس)، فليس ما حكمت عليه بالشذوذ يصلح لحجَّتك، فالإمام الشافعي قال عَقِبَ ذلك: ( وليس من ذلك أن يروي ما لم يروِ غيره) كما زعمت أنَّ صاحب هذا الحديث روى ما لم يروِ غيره، أو أنَّ هذا الثقة خالف رواية الثقات، فليس الشاذ يتطابق مع ما ذكرته، وإن قصدت أنَّه شاذ بمعنى مطلق التفرد، فلم يعلَّ علماء الإسلام الحديث بمطلق التفرِّد هكذا وبدون أي تفصيل!
وعلى فرض التسليم بتفرِّد سعيد بن أبي هلال، فإنَّنا نعلم أنَّ أهل العلم لا يردون سائر التفردات ولا يقبلونها بإطلاق، وإنَّما الأمر كما قال الإمام ابن رجب رحمه الله لهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه)[7].
وتأسيساً على ذلك فلا حجَّة لمن ضعَّف هذا الحديث ولا أعرف أحداً قال بذلك سوى الإمام ابن حزم، حيث قال إن في سنده سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف[8]، فكلامه مردود منقوض وذلك لأمور:
أولاً:أنَّ ابن حزم متأخر عن أهل العلم الذين تكلموا في سعيد بن أبي هلال، فقد توفي ابن حزم في سنة 456هـ أي في القرن الخامس الهجري، وهنالك الكثير من العلماء المتقدِّمين الذين عرفوا حال سعيد بن أبي هلال أكثر من ابن حزم، ولم يقولوا فيه ما قاله ابن حزم!
ثانياً: أنَّ ابن حزم في تضعيفه وتجهيله للرجال لا يغترُّ بكلامه حينما يتحدَّث عنهم فهو متسرِّع في الحكم على الرجال كما هو معلوم، حتَّى إنَّه جهَّل بعض الأئمة، بل قد يجهِّل ويضعِّف كذلك بدون بيِّنة أو حجَّة.
ثالثا: بعد البحث والاستقصاء والتفتيش عن حال سعيد بن أبي هلال وجدناه ثقة ثبتاً، لم نجد من حكم بضعفه، فلقد وثَّقه ابن سعد، وابن خزيمة، والدار قطني ، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر، وابن حبَّان، وقال عنه الإمام أحمد : مدني لا بأس به، وقال عنه أبو حاتم: لا بأس به، ووثقه ابن رجب، بل حكى ابن حجر الاتفاق على الاحتجاج به وأنَّه لا يلتفت إلى من ضعَّفه[9]، وكأنَّه يعتبر رأي ابن حزم شاذ وخارج عن النسق الصحيح.
رابعاً: حديث عائشة لأنَّها صفة الرحمن) لم يتعقبه أحد من علماء الإسلام بل قد تواتروا على تصحيحه، ونحن نعلم أنَّ الإمام البخاري انتقى أحاديث صحيحه انتقاءً، وكان شرطه في قبولها محل تشديد وتريث، حتَّى إنَّه ما كان يضع حديثاً إلاَّ ويستخير الله قبل وضعه في صحيحه، وهذا الحديث المذكور منها ، فهو محل قبول الأمَّة، ولم يتعقبه العلماء برد، فقد ذكر ابن رجب هذا الحديث[10]، واحتج به على مسائل عدَّة ولم يتطرق لنقده، وكذلك الذهبي[11] روى هذا الحديث ولم يتعقبه كعادته في تعقب التفردات والتنبيه على بعض الأوهام، ونقله ابن كثير[12] في تفسيره عن البخاري ولم يتعقبه، والبيهقي ألَّف كتاباً في الصفات نصر فيه الأشاعرة في عدَّة مواضع وخالف أهل السنَّة والجماعة؛ لكنَّه ذكر هذا الحديث ولم يتعقبه بشيء، وكذلك المنذري أورد الحديث معزواً للبخاري ومسلم والنسائي ولم يتعقبه بتفرد ولا غيره[13]، ونحوهم النووي ذكره في رياض الصالحين[14]، ولم يتكلَّم فيه، وهذا كله يدل على تلقي أهل العلم للحديث بالقبول.
أفنصدق هؤلاء الأئمة الأثبات وهم أهل التخصص أم نصدق صلاح أبو عرفة الذي لا ناقة له ولا جمل في علم الحديث!!
إنَّ من ردَّ هذا الحديث فهو كما لو جاء شخص وردَّ أحاديث ثابتة في البخاري كحديث إنَّما الأعمال بالنيات) وقال إنَّ هذا الحديث شاذ بسبب التفرد، ولأنَّ فيه محمد بن إبراهيم التيمي، وأنَّ الإمام الذهبي نقل عن الإمام أحمد أنَّه قال عن محمد بن إبراهيم التيمي : في حديثه شيء يروي أحاديث مناكير أو منكرة.
ثمَّ زاد البليَّة على كلامه فقال: إنَّ هذا الحديث معلول لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام قاله على المنبر، ولم يروه غير الصحابي الجليل عمر بن الخطَّاب، فكل هذه قوادح في الحديث، تدل على بطلانه!!
فمن قال هذا الكلام فإنَّ كلامه يعدَّ أضحوكة بين علماء الحديث، فظاهره تأصيل وباطنه خبل يدل على العقل الكليل، والذي فضح صاحبه على رؤوس الأشهاد لأنَّه تحدَّث في غير فنِّه فأضحك الناس على عقله، وأتى بالعجائب!!
خامسا:أنَّ ابن حزم نفسه والذي تكلم في الحديث المذكور سابقا، أثبت لفظ الصفات في موضعين صريحين في كتبه، وسنأتي على ذكرهما إن شاء الله تعالى في الموضع المناسب لذلك.
وبناء على ذلك، فلقد أطبق علماء الأمَّة على القول بصفات الله ؛ ومنهم التابعون والذين وصفهم صلاح أبو عرفة في أشرطته بأنَّهم من خير القرون التي شهد لهم الرسول عليه الصلاة والسلام بذلك، فلقد قال التابعون كذلك بصفات الله، ولو تجشَّم (صلاح أبو عرفة) شيئاً من العناء لوجد في كتب أهل العلم نقولاً كثيرة في ذلك وبالتصريح كذلك باسم صفات الله) أو صفة الله) فليذهب لكتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ولكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة للالكائي، وكتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني، وكتاب الإبانة عن أصول الديانة لابن بطَّة العكبري، والشريعة للآجري، والعظمة للأصبهاني، وغيرهم من علماء السنَّة.
ولتنظر معي إلى أقوال أئمة المذاهب الأربعة وكيف أنَّهم جميعاً أطبقوا على القول والتلفظ بصفات الله.
أ) فالإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ يقول لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين , وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف , وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال : غضبه عقوبته ورضاه ثوابه , ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ لم يلم ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , حيٌّ قادر سميع بصير عالم , يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه)[15].
وكذلك يقول في الفقه الأكبر، عن الله جلَّ وعلا ( و له يد ووجه و نفس، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه و اليد و النفس فهو صفات له بلا كيف، و لا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأن فيه إبطال الصفة، و هو قول أهل القدر و الاعتزال، و لكن يده صفته بلا كيف)[16].
ب) والإمام مالك بن أنس، حدَّث عنه أشهب بن عبد العزيز فقال سمعت مالكاً يقول : إيّاكم والبدع ، قيل يا أبا عبد الله ، وما البدع ؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان)[17]
وقال الوليد بن مسلم سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا: أمرِّوها كما جاءت بلا كيف)[18].
ونحن نقول هنا لـصلاح أبو عرفة) فهذا رأي مالك بن أنس يا من استدللت بقوله في شريطك المذكور ، وقلت اسمعوا لجواب مالك بن أنس، ولا تسمعوا لكلامي، وها نحن كذلك نطلعك على جواب مالك بن أنس فما أنت قائل عنه؟
فهل ستقول عنه: هو كلب أو حمار؛ لأنَّه يزعم أنَّ لله صفات ، كما قلت بعظمة لسانك كلَّ من يقول عن الله أنَّ له صفات فهو كلب أو حمار!!
أم أنَّك سترد كلام الإمام مالك لأنَّك تأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواك، وما لم يوافقه ترميه ولا تأبه له، بناء على فهمك الخاطئ والمغلوط؟
أم أنَّك ستترك ما لديك من بدعة محدثة وتتبرأ إلى الله من ذلك؟ وهو أحبّ إلينا من أن تبقى على قناعتك الخاطئة.
ج) والإمام الشافعي رحمه الله يقول: (لله أسماءٌ وصفاتٌ لا يسع أحدًا ردُّها، ومَن خالف بعد ثبوت الحُجَّة عليه فقد كفر، وأمَّا قبل قيام الحُجَّة فإنه يعذر بالجهل)[19].
وقال في كتابه الرسالة والحمد لله ... الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصف به خلقه)[20].
د) والإمام أحمد بن حنبل يقول لا يوصف الله إلاَّ بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث)[21].
وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي نقل عن الإمام أحمد كتابه لمسدَّد وجاء فيه صفوا الله بما وصف به نفسه، وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه)[22].
فقد ذكرت هنا جميع النقول الواردة عن أئمة المذاهب الأربعة في إثباتهم للصفات وتلفظهم بها، فكان ماذا؟ ألم يقولوا هذا القول وهم أئمة الإسلام وفقهاء الملَّة، وأهل اللغة العربيَّة.
وانتقالاً لآراء أئمة الإسلام ومنهم الإمام البخاري رحمه الله ، فقد بوَّب في صحيحه باباً فقال باب:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ}؛ فسمى الله تعالى نفسه شيئاً، وسمى النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن شيئاً، وهو صفةٌ من صفاته)ا.هـ
ونجد كذلك عن الفضيل بن عياض قوله ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف لأنَّ الله وصف نفسه فأبلغ فقل قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد)[23].
وهذا الإمام أبو جعفر الطحاوي يقول وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم. وعليه دين المسلمين،ومن لم يتوقَّ النَّفيَ و التشبيه، زلَّ و لم يُصِب التنزيه. فإن ربنا جل و علا موصوف بصفات الوحدانية)[24]
وقال الإمام البيهقي: (فلله عز اسمه، أسماء وصفات، وأسماؤه صفاته، وصفاته أوصافه)[25]
والعالم أبا القاسم اللالكائي في أصول السنة ينقل عن محمد بن الحسن - صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما -قوله: (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليم وسلم وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا)[26].
بل قال الحافظ ابن عبد البر أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة, والإيمان بها, وحملها على الحقيقة لا على المجاز, إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك, ولا يحدون فيه صفة محصورة, وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج, فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة, ويزعمون أن من أقر بها مشبه, وهم عند من أثبتها نافون للمعبود, والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله)[27].
بل إنَّ ابن حزم نفسه الذي قالفلا يجوز القول بلفظ الصفات ، ولا اعتقاده بل ذلك بدعة منكرة)[28] نجده رحمه الله قد خالف كلامه السابق في كتبه الأخرى، حيث قال وقف العلم عند الجهل بصفات الباري عزَّ وجلَّ)[29].
وقد جاء ذكر ابن حزم للصفات في موضع آخر صريح فقال وكلام الله تعالى صفة قديمة من صفاته ، ولا توجد صفاته إلا به ولا تبين منه ... وكلام الله لا ينفد ولا ينقطع أبداً ؛ لأن كلامه صفة من صفاته تعالى لا تنفد ولا تنقطع ولا تفارق ذاته والله عز وجل لم يزل متكلماً ليس لكلامه أول ولا آخر كما ليس لذاته لا أول ولا آخر وجميع صفاته مثل ذاته وقدرته وعلمه وكلامه ونفسه ووجهه مما وصف به نفسه في كتابه العزيز)[30].
فهذه نصوص متواترة متتابعة قاطعة للسان كلِّ من يتقوَّل على أهل العلم، ويتطاول عليهم، فهم أعلم بالسنَّة منه، وأفقه بدين الله لكلِّ من زعم أنَّه من أهل القرآن ، وأهل القرآن يتبرؤون من منطقه وقوله.
والسؤال الآن: هل كلُّ هؤلاء العلماء الكبار، والجهابذة الأخيار، كانوا يشتمون الله تعالى بقولهم وتلفظهم بصفات الله، لأنَّه على حد قول صلاح أبو عرفة) من يثبت لفظ الصفات فإنَّه يعتبر شتيمة لله تعالى) فهل كان علماؤنا يشتمون الله بتلفظهم بلفظ الصفات؟!
فسبحان من شرح صدورهم، وفتح على بصيرتهم، وطبع على قلوب مخالفيهم، فأعماهم الهوى عن نيل الحق كما نالوه، ولله في خلقه شؤون!
وصدق الإمام ابن تيمية وهو يقول فلا تعجب من كثرة أدلة الحق وخفاء ذلك على كثيرين فإن دلائل الحق كثيرة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وقل لهذه العقول التي خالفت الرسول في مثل هذه الأصول: كادَها باريها، واتل قوله تعالى: {وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}[الأحقاف: 26])[31].






التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» العائدون إلى الله
»» كتيبة رياض الصالحين تنفذ عملية ضد مركز غازبوم في موسكو
»» مجلة الصوفيّة
»» مذاهب وأديان
»» أفلاطون تفضل هُنا
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:56 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "