هذا شرك أكبر والعياذ بالله, قال تعالى { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا }
هذا ما أوصانا به الله سبحانه,
وقال رسول الله { من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار } أخرجه البخاري عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه.
وتقول لماذا شرك, لأنك أشركت غير الله في العبادة وجعلته نداً له, والله سمّاه شركاً { إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ }
وبيان ذلك أيضاً من قوله تعالى { قُلْ إِنَّمَا أَدْعُــو رَبِّي وَلَا أُشْــرِكُ بِهِ أَحَداً }
وذلك أن المشركين كانوا إذا أصابتهم مصيبة دعوا الله مُخلصين له الدين, أي يوحّدونه في دعائهم فيدعونه وحده لا شريك له ويسألونه وحده الغوث والعون وينسون وقتها ما يشركون من الأنداد والأوثان, فإذا كشف الله عنهم الضر -بإخلاصهم بدعائه وحده- إذا هم يشركون, أي يشركون غيره في الدعـاء والسؤال كقولهم: يا يغوث, يا عيسى المسيح, يا ميكائيل, يا لات وغيرهم من المدعوِّين الغيبيين سوى الله.
واسمه شرك لأنك صرفت نوعاً من أنواع العبادة بل من أجلّها وأعظمها (الدعاء) وفيه بيان افتقار العبد وحاجته إلى إلهه, صرفته إلى غير مستحقه سبحانه, ولأنك جعلت عبداً من عبيدالله نــداً له سبحانه في دعائه والتضرع إليه, ولأنك أشركت عبداً مع الله في خصائصه سبحانه وهي أنه تعالى "سميع" وسع سمعه جميــع الأصوات فلا يشغله نـداء منادٍ عن مناد, وأنه تعالى "محيطٌ" يطّـلع ويُحيط علماً بأحوال من يدعونه ويرجونه في جميع اللحظات والآنات فلا يشغله شأن داعٍ عن داع, وأنه تعالى "مجيب" يجيب المضطر إذا دعاه ولا تشغله إجابة سائلٍ عن سائل, وهذه قدرات إلهية ليس لأحدٍ غير الله سبحانه وهذا ما يعتقده أبسط إنسان في إلهه الذي يدعوه ويتضرع إليه من أي مكان وفي أي آن.
ثم يا أخي هداك الله, تسأل النبي -وعلي والحسين- ماذا ؟!
ما الذي يملكه لك الميت إذا كان لا يستطيع نفض الغبار من على قبره؟ كشف الضر عنك؟ جلب منفعة لك؟ يمنحك علاج؟ سيارة؟ بيت؟ زوجة ومال؟ شهادة جامعية؟
أترك الجواب إلى عقلك إن كنت تعقل ..!
قد تعود إلى رشدك قليلاً وتقول مبرراً -كما يقول أكثر من يدعون غير الله- بل لا أسأله إلا الدعاء! أقول لك : كيف وهو الذي قرّر مبدأ أن العبد إذا مات انقطع عنه عمله؟ فإذا كان لا يستطيع الدعاء لنفسه فكيف يدعو لغيره؟!
ثم من عــلَّمك هذا؟ (أن تأتي الأموات -الغير قادرين على فعل شيء لأنفسهم فضلاً عن غيرهم- وتتـملق إليهم وتسألهم) ؟ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ؟!
ألم تلحظوا أنكم جعلتم للنبي صلى الله عليه وسلم وظيفة جديدة غير إبلاغ رسالة ربه وهي بعد مماته وانتقاله إلى عالم الغيب وحياة البرزج (والتي تعتبر دار سلام وراحةً له كما أخبر الله عن أوليائه) من سماع شكوى الشاكين وإعانة المكروبين وتلبية طلبات المحتاجين وإجابة دعوة المضطرين!
فحولتم دار الـسَّلام والطمأنينة والراحة الذي وعد ربي أولياءه إلى دار حُـزنٍ وغُـصّة وتكاليف جديدة لا تنقطع إلى يوم الدين!!
وكأن الله لم يصدق في وعده لأوليائه -تعالى الله عن ذلك-!
ألا تدرون هداكم الله أن من تدعونهم وتستجيرون بهم لا علم لهم بما في الدنيا بل هم سعداء منعّمون يُرزقون في دار السلام عند ربهم مـنشغلون عنكم غـــافلون عن دعائكم ولم يعد لهم أي صلة ولا أي شغل بالعاجزين أو المذنبين الخطَّائين ؟!
{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ }
{ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير }
{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
أسأل المولى عز وجل بمنّه وكرمه أن يفتح على قلوبنا ويرزقنا الهداية؛ آمين