العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-03-14, 08:23 AM   رقم المشاركة : 1
شعيب الاشباني
صوفي






شعيب الاشباني غير متصل

شعيب الاشباني is on a distinguished road


Lightbulb التصوف بين الدوغمائية والإيمان (دعوة لنقد الذات)

من المفاهيم الإسلامية التي أخطأ المستشرقون و المسلمون المعاصرون في تصويرها الإيمان، و الكلام، و التصوف، و العقيدة.

فأما الكلام فقد صوروه قياسا على اللاهوت المسيحي، فجرى مجرى الإلهيات. هذا في علم مقارنة الأديان وفي الإستشراق. أما العقيدة فقد صوروها قياسا على قانون الأيمان المسيحي. هذا في الإستشراق. أما "العلماء" المسلمون المعاصرون فمنهم المحافظون الذين يضعون ما يسمى أصول الدين إزاء الكلام، ومنهم من أخذ من مذهب أهل الحديث مصطلح ومن التاريخ مصطلح فوضعوا للكلام مصطلح عقيدة أهل السنة و الجماعة (الاشاعرة والأحناف)، ومنهم مفكرون أخذوا الإصطلاح الإستشراقي "اللاهوت" وهذا عند كثير من الحداثيين والعصرانيين والاسلاميين الاصلاحيين.

وفي واقع الأمر، لاتوجد ترجمة عصرية للكلام أدق مما يسمى "فلسفة الدين"، وإن أردنا أن نضع للكلام تعريفا، فلا أرى إلا أن نصفه بأنه فلسفة قضايا الدين الأولى بمنهجية الإلهيات الطبيعية واللاهوت العقلاني. هذه الترجمة الحديثة لمصطلح الكلام لا تساعد في محاولة فهم الكلام في عصره وحسب، بل تساعد في دراسته في بئيته من أجل إستخراج ما يستفاد منه في العصر الحاضر. وما يمكن الإستفادة منه ليس جملة العقائدة المسطرة إذ أن المسلم غير ملزم بها بتاتا، بل المنظومات الأخلاقية و الإجتهاد في وضع التنظيرات النظرية في تنظيم الجدال و المناظرة، وإدارة الإختلاف، وذلك تفصيلا للمجمل في القرآن و السنة. وما وراء ذلك تراث يصلح للمتاحف.

أما بالنسبة للعقيدة، فإن الدارسين المستشرقين منهم من خلط بين علم الكلام وعلم العقيدة، فوضع للعقيدة ما وضع للكلام، ومنهم من ميز، واختلفوا في الترجمة، حيث ترجم بعضهم العقيدة بالمذهب الديني، ومنهم من ترجم معناها اللغوي حرفيا (الدوغمائية) فكانوا أقرب للصواب. أما المسلم المعاصر ففي الاغلبية محافظ يحاول بشتى الوسائل تبريرالمصطلح وإيصاله بمفهوم الإيمان، ومنهم من "يتكلم" فيفصل بين التوحيد والايمان والعقيدة ليضع في الأخير نقطة صلة بينهم وكأن المسألة مسألة تعميم وتخصيص، وتقعيد وتنظير.

وفي واقع الأمر كذلك، أن أقرب نقطة بين العقيدة والإيمان كما بين الأرض والسماء. العقيدة شمولية شاملة كاملة في النفس أو في اللاشعور، وصورة من الصور في الثقافات الشعبية والعامة، بوعي وبغير وعي، وهي ألصق بالهوية. وتخلخلها في التراث إلى الحد الذي جعل المحافظين يتمسكون بتبريرات القدماء للتوفيق بين الاعتقاد والايمان، جعل مستوية لا ينظر اليها يعين فاحصة متدبرة لأن نقد الذات أمر مرير و مؤلم لا يقدر عليه إلا الأقوياء والأحرار و المؤمنون الصادقون. في هذه المحاولات لا ينظرون إلى السياق السياسي الذي ظهرت فيه تداول العقيدة بمعنى عقد قانون إيماني مع الدولة التي تتبنى مذهبا عقديا، وهو أمر قد تكرر في العصر الحاضر حيث يتبنى الدستور الايراني العقيدة الهرمسية التي تطورت من توفيق بين النزعة الامامية والعقائد الفارسية الباطنية والعرفانية، إلا أن هذا الأمر لن يدوم طويلا فشبان فارس تجري الحرية في دمائهم و لا يمكن لاحد ان يفرض عليهم مذهبا، ولهذا يتجه كثير الشباب الايراني نحو العلمانية ونحو القومية والبحث عن الاديان الفارسية القديمة.

أما الإيمان فبنظرة واحدة سريعة في القرآن تتيح لنا التعرف على الجانب الحي في الايمان على أنه شعور حي متقلب بين الجهد في صيغة الفتنة (.. وهم لا يفتنون؟) و الإطمئنان (..تطمئن القلوب). هذا الايمان إن كان ولابد أن يوصل بين بينه وبين قناعة في القلب، فأقرب السبل إلى ذلك هو اليقين إلا أن اليقين مراتب ودرجات أعلاها لا سبيل إليها إلا يوم الحشر. هذا الايمان متموج في القلب، تثيره نيران الشوق إلى الإطمئنان الذي طلبه النبي إبراهيم عليه السلام. هذا الايمان يزداد و ينقص، لا بالعمل كما يدعي أصحاب العقيدة، إذ لا فصل في الاسلام بين العلم والعمل، بل في القناعة أيضا، ولهذا نقرأ في الحديث أن الشك الذي يخطر ببال المؤمن ما هو إلا إشارة من آيات الإيمان. وكما ان اليقين درجات فالشك درجات، و من لا يشك فهو أقرب للعقيدة منه للايمان، لأن العقيدة هوية، شيء في الوعي حاضر بشكل ثابت، ولهذا هي من خصائص المثاليات والايديولوجيات. أما القرآن فيحدثنا عن إيمان بأشكال من المستحيل توفيقها بمعاني العقيدة، كإخباره تعالى ان اكثر الناس المؤمنون لا يؤمنون الا وهم مشركون. وكما ان التوحيد درجات فالشرك درجات. ومن يحاول ان يبرر الاية بانها تخاطب الربانيين المشركين في الألوهية، فهو يريد أن يسمعنا أن الله يصف المشركين بالإيمان، وهو وصف لا يمكن معه إلا أن نعيد النظر في جميع الآيات التي تصف مناقض الايمان، وهو الكفر. الحقيقة ان هذه الآية تخاطب كل الناس، وأولى بنا نحن أن نهتم بها و ننتبه إلى خطورتها، فكم من منا يعبد ءالاء الدنيا ومفاتنها وهو لا يشعر، وكم منا اتخد الرهبان و المريدين في الطرق الصوفية و اهل الفتاوى اربابا من دون الله سلم لهم عقله فهو لا يكترث للايات التي تأمر بالتأمل والتفكر والذكر والتبين.

و المفهوم الثالث الذي اساء اليه المستشرقون و المسلمون المعاصرون فهو التصوف حيث خلطوا بينه و بين الصوفية و الاشراق و الطرقية. اساء اليه المستشرقون عندما وضعوا له مقابلا هو العرفان الباطني، واساء اليه المعاصرون عندما أخرجوا التصوف التاريخي من سياقاته.

وكما هو الحال مع الكلام وعلم العقيدة، لا يمكن لنا إلا أن نضع التصوف في المتحف ايضا، كجزء من التراث و ان ابن عربي و الجيلاني و الغزالي وغيرهم رموز عظيمة في التاريخ، لا لقيمة لهم في وقتنا المعاصر، بل لانهم خاضوا في عصرهم بتحدياته وملابساته، وعاشوا لحظاتهم، وكان ذلك أحسن ما فعلوا. ويبقى السؤال الطبيعي: ماذا يعني لنا لنا التصوف و الكلام وعلم العقيدة و التراث باكمله؟ يهم في دراسته للكشف عن الطرق التي تعامل بها كل في فنه مع اصول الاسلام، و بالدراسة العميقة فقط يمكن لنا الوصول الى القيم الاخلاقية و الروحية التي تتجاوز حدود الزمن و المكان والسياق، لان القيم لا تاريخية، اما الفتاوى و التفاسير و التأويلات و الاحكام وغيرها فكلها تاريخية و لا معنى لها الا في التاريخ الذي ظهرت فيه، وهذا المعنى لا مكان احق به إلا المتاحف.

و في التصوف لابد من نبذ كل المتصوفة و الطرق وراء الظهر. الطرق الصوفية كان لها معنى في التاريخ للحفاظ على التعاليم من خلال التجماعت البشرية، والتمسك بتقاليد "المعلمين". وتطورت بفعل التراكم لتبتعد عن منابع الاسلام، كما ابتعد الكلام وعلم العقيدة والتراث كله، بحكم منطق تطور الاجتماع البشري. المتصوفة والطرق لا معنى لهما في عصر المعلومات و الاعلاميات، والتجمعات المدنية، والجمعيات، وحق التجمع والتجمهر، عصر المواصلات والادارة المقننة.

ان ما تبقى في التصوف شيء لا يتجاوز باب القيم و التجربة الروحية و التوسط في التعامل مع الدنيا بين تركها و التعلق بها. اما في جانب جدلية العقيدة و الايمان، فالتصوف قيمته كامنة في تطوير الشك المصاحب للايمان حتى يبلغ الشك درجة عدم الارتياب، ثم الطمأنية التي لا سبيل اليها إلا بمجاهدة النفس في علاقتها مع الغير، ليكون اثبات الذات مع الدنيا وما فيها ومن فيها، ويكون نفي الذات مع الله، الحق الواحد الظاهر الباطن.

هذا ما يقدمه التصوف. تطوير الايمان، و الاستغناء عن الاعتقاد لان الاعتقاد يورث الجمود في الاصل، والمتجمد في الاصل، هو متجمد في الفروع. المتجمد في الاصل قلب لا حياة. و المتجمد في الفروع عقل بلا إجتهاد.






التوقيع :
الناس رجلان: رجل نام في النور، ورجل إستيقظ في الظلام! .
من مواضيعي في المنتدى
»» كلنا صوفيون ؟
»» الفرق بين المعرفة و العلم؟
»» حوار حول التكفير: تكفير فرعون، وكل غير المسلمين!
»» نظرية الفيض و وجود الله سبحانه
»» الدور التركي في المنطقة مقابل النشاط الشيعي
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:16 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "