بارك الله فيك أخي أبوعساف
والرد على أغلب الشبه موجود في الكتاب الذي أرفقت رابطه بما في ذلك الرد على المشاركة الأخيرة
وأرفق هذا التوضيح المختصر وبعض ما فيه من كلام الشيخ ابن باز رحمه الله كما أذكر
جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قوم من مُضر حفاة عراة مجتابي النمار، فلما رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم تمعَّر وجهه لِمَا رأى بهم من الفاقة، فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب بالناس يحثهم على الصدقة فجاء أحد الصحابة بصرة كادت يده أن تعجز عن حملها فوضعها أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فتتابع الناس حتى اجتمع كَوْمان من طعام وثياب فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « من سن في الإسلام سنة حسنة... » فالسنة أنه أحيا سنة الإنفاق بسخاء وليس هو الذي سن الصدقة.
فالمعنى في " سن في الإسلام " يعني : أحيا سنة وأظهرها وأبرزها مما قد يخفى على الناس ، فيدعو إليها ويظهرها ويبينها ، فيكون له من الأجر مثل أجور أتباعه فيها وليس معناها الابتداع في الدين . لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البدع وقال : ( كل بدعة ضلالة ) وكلامه صلى الله عليه وسلم يصدق بعضه بعضا ، ولا يناقض بعضه بعضا بإجماع أهل العلم ، فعلم بذلك أن المقصود من الحديث إحياء السنة وإظهارها
كما لا يمكن أن يكون معنى: من سن في الإسلام سنةً حسنة ً أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" لأن بهذا يكون معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: "كل بدعة ٍضلالة" "كل سنة ضلالة "
وللعلم فالإمام الشافعي رحمه الله هو القائل:
1- " ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه ،
فمهما قلت من قول ، أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف
ما قلت ؛ فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي " .
2- " أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لم يحل
له أن يدعها لقول أحد " .
3- " إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوا ما قلت " . وفي رواية " فاتبعوها ، ولا تلتفتوا إلى قول أحد" .
وللإستزادة يمكنكم الرجوع إلى كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني رحمه الله حيث ذكر المزيد من أقوال الأئمة الأربعة في اتباع السنة وترك التقليد مع ذكر المصادر
وللعلم فقد رد الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه الإعتصام على تقسيم البدع إلى 5 أقسام وليس الإمام الشافعي رحمه الله هو من قال بذلك بل العز بن عبدالسلام و النووي رحمهما الله وكلاهما مجتهد يؤخذ من قوله ويترك
-----------
وبالنسبة لقول الإمام الشافعي رحمه الله وأكرم مثواه فالرد عليه كالتالي كما في االبحث الأول:
الشبهة العاشرة: قول الإمام الشافعي- رحمه الله -:"البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة، فهو محمود، وما خالف السنة، فهو مذموم" واحتج بقول عمر tفي قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه" رواه أبو نعيم في"حلية الأولياء" (9/113).
وقوله: المحدثات من الأمور ضربان: ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه بدعة ضلالة.وما أحدث من الخير لا خلاف لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة.قد قال عمر في قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه".
يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى.أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/469).
الجواب:
قال الشيخ سليم الهلالي في "البدعة وأثرها السيئ في الأمة" راداً على من يستدل بقول الشافعي هذا (ص63- 66):
(أولاً: بالنسبة لما أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/113) ففي سنده عبدالله بن محمد العطشي، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخه" والسمعاني في"الأنساب" ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما بالنسبة لما أخرجه البيهقي ففيه محمد بن موسى الفضل، لم أجد له ترجمة( 1 ).
ثانياً: قول الشافعي إن صح لا يصح أن يكون معارضاً أو مخصصاً لعموم حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والشافعي نفسه - رحمه الله - نقل عنه أصحابه أن قول الصحابي إذا انفرد ليس حجة، ولا يجب على من بعده تقليده، ومع كون ما نسب إلى الإمام الشافعي فيه نظر بدليل ما في "الرسالة " للشافعي (ص597- 598)، فكيف يكون قول الشافعي حجة، وقول الصحابي ليس بحجة؟!
ثالثاً: كيف يقول الشافعي رحمه الله بالبدعة الحسنة وهو القائل: "من استحسن فقد شرع".
والقائل في "الرسالة" (ص507):"إنما الاستحسان تلذذ".
وعقد فصلاً في كتابه "الأم" (7/293- 304) بعنوان:"إبطال الاستحسان".
لذلك؛ من أراد أن يفسر كلام الشافعي- رحمه الله - فليفعل ضمن قواعد وأصول الشافعي، وهذا يقتضي أن يفهم أصوله، وهذا الأمر مشهود في كل العلوم، فمن جهل اصطلاحات أربابها جهل معنى أقاويلهم، وأبعد النجعة في تفسيرها.
إن المتأمل في كلام الشافعي- رحمه الله - لا يشك أنه قصد بالبدعة المحمودة البدعة في اللغة، وهذا واضح في احتجاج الشافعي- رحمه الله - بقول عمر رضي الله عنه، وعلى هذا الأصل يفسر كلام الشافعي، وأنه أراد ما أراده عمر بن الخطاب رضي الله عنه أي: البدعة اللغوية (كما سبق بيانه) لا الشرعية؛ فإنها كلها ضلالة؛ لأنها تخالف الكتاب، والسنة، والإجماع، والأثر) انتهى كلامه بتصرف.
------------------------------------------------------------
(1):وقال الشيخ علي الحلبي في "علم أصول البدع" (ص121) عنهما: "أن في أسانيدها مجاهيل".
وأستميح أخي أبوعساف العذر على الإطالة والخروج عن لب الموضوع والله الموفق