العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-04-16, 02:41 PM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


معنى الإيثَار

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى الإيثار
(الإيثَار أن يقدِّم غيره على نفسه في النَّفع له،والدَّفع عنه،وهو فضيلة للنَّفس بها يكفُّ الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصُّه حتى يبذله لمن يستحقُّه)
الفرق بين الإيثَار والسَّخاء والجود،
قال ابن القيِّم (الإيثار،هو منزل الجود والسَّخاء والإحسان،وأن لا ينقصه البذل ولا يصعب عليه، فهو منزلة السَّخاء،
وأن يعطي الأكثر ويبقي له شيئاً،فهو الجود،
أن يؤثر غيره بالشَّيء مع حاجته إليه،وهي مرتبة الإيثار،
يعتبر الإيثَار مِن محاسن الأخلاق الإسلاميَّة،فهو مرتبة عالية مِن مراتب البذل، ومنزلة عظيمة مِن منازل العطاء، لذا أثنى الله على أصحابه، ومدح المتحلِّين به،وبيَّن أنَّهم المفلحون في الدُّنْيا والآخرة،
قال الطَّبري(يقول تعالى ذكره،وهو يصفُ الأنصار،وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قبل المهاجرين(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ)
يقول،ويعطون المهاجرين أموالهم إيثَاراً لهم بِها على أنفسهم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ يقول،ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثَرُوا به مِن أموالهم على أنفسهم)
وقال ابن كثير(أي،يقدِّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالنَّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك)
وقال الله تعالى(لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)آل عمران،
يعني،لن تنالوا وتدركوا البرَّ،الذي هو اسمٌ جامعٌ للخيرات،وهو الطَّريق الموصل إلى الجنَّة،حتى تنفقوا ممَّا تحبُّون،من أطيب أموالكم وأزكاها،فإن النَّفقة من الطَّيب المحبوب للنُّفوس،من أكبر الأدلَّة على سماحة النَّفس،واتِّصافها بمكارم الأخلاق،ورحمتها ورقَّتها،
فمن آثر محبَّة الله على محبة نفسه، فقد بلغ الذِّروة العليا من الكمال، وكذلك من أنفق الطَّيبات،وأحسن إلى عباد الله، أحسن الله إليه ووفَّقه أعمالاً وأخلاقاً،
وقوله تعالى(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)الحشر،
والمعنى،وجزاهم بصبرهم على الإيثار،
عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(طعام الاثنين كافي الثَّلاثة، وطعام الثَّلاثة كافي الأربع)
وفي لفظ لمسلم(طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثَّمانية)
قال المهَلَّب،والمراد بهذه الأحاديث الحضُّ على المكارمة في الأكل والمواساة والإيثَار على النَّفس، الذي مدح الله به أصحاب نبيَّه،
وعن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال(جاء رجل إلى النبي،صلى الله عليه وسلم،فقال،يا رسول الله،أي الصدقة أعظم أجراً،قال (أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمُل الغِنى،ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت،لفلان كذا،ولفلان كذا،وقد كان لفلان)متفق عليه،
قال ابن بطَّال(أنَّ أعمال البرِّ كلَّما صعبت كان أجرها أعظم،لأنَّ الصَّحيح الشَّحيح إذا خشي الفقر،وأمَّل الغنى صعبت عليه النَّفقة، وسوَّل له الشَّيطان طول العمر،وحلول الفقر به،فمن تصدَّق في هذه الحال،فهو مؤثر لثواب الله على هوى نفسه،وأمَّا إذا تصدَّق عند خروج نفسه،فيخشى عليه الضِّرار بميراثه والجوار في فعله،
للإيثار فوائد عظيمة يجنيها أصحاب هذا الخُلُق العظيم،
دخولهم فيمن أثنى الله عليهم مِن أهل الإيثَار،وجعلهم مِن المفلحين،
والإيثَار طريق إلى محبَّة الله تبارك وتعالى،وأنَّ التَّحلِّي بخُلُق الإيثَار فيه اقتداءٌ بالحبيب محمَّد صلى الله عليه وسلم،
أنَّ المؤثر يجني ثمار إيثاره في الدُّنْيا قبل الآخرة وذلك بمحبَّة النَّاس له وثناؤهم عليه، كما أنَّه يجني ثمار إيثاره بعد موته بحسن ذِّكره، فيكون بذلك قد أضاف عمراً إلى عمره،
الإيثار يقود المرء إلى غيره مِن الأخلاق الحسنة والخِلال الحميدة كالرَّحمة وحبِّ الغير والسَّعي لنفع النَّاس، كما أنَّه يقوده إلى تَرك جملةٍ مِن الأخلاق السَّيِّئة والخِلال الذَّميمة كالبخل وحبِّ النَّفس والطَّمع،وجالبٌ للبركة في الطَّعام والمال والممتلكات،
أقسام الإيثار،
القسم الأوَّل،إيثار يتعلَّق بالخالق، وهو أفضل أنواع الإيثَار وأعلاها منزلة، وأرفعها قدرًا،
يقول ابن القيِّم(والإيثَار المتعلِّق بالخالق أجلُّ وأفضل، وهو إيثار رضاه على رضى غيره، وإيثار حبِّه على حبِّ غيره، وإيثار خوفه ورجائه على خوف غيره ورجائه، وإيثار الذُّل له والخضوع والاستكانة والضَّراعة والتملُّق على بذل ذلك لغيره،
وأن يفعل المرء كلَّ ما يحبُّه الله تعالى ويأمر به، وإن كان ما يحبُّه الله مكروهًا إلى نفسه، ثقيلًا عليه،
وأن يترك ما يكرهه الله تعالى وينهى عنه،وإن كان محبـباً إليه، تشتهيه نفسه،وترغِّب فيه،
وإن كان هذا النَّوع مِن الإيثَار شديدٌ على النَّفس صعب على الرُّوح إلَّا أنَّ ثمراته وما يجنيه الشَّخص منه تفوق ثمرات أيِّ نوع مِن الأعمال، فنهايته فوز محقَّق وفلاح محتوم، وملك لا يضاهيه ملك،
القسم الثَّاني،إيثار يتعلَّق بالخلق،

وقد قسَّم ابن عثيمين هذا النَّوع مِن الإيثَار إلى ثلاثة أقسام،

القسم الأوَّل،
وهو الممنوع،وهو أن تؤثر غيرك بما يجب عليك شرعًا، فإنَّه لا يجوز أن تقدم غيرك فيما يجب عليك شرعاً،
فالإيثَار في الواجبات الشَّرعية حرام، ولا يحل لأنَّه يستلزم إسقاط الواجب عليك،
القسم الثَّاني، وهو المكروه أو المباح،فهو الإيثَار في الأمور المستحبة، وقد كرهه بعض أهل العلم، وأباحه بعضهم، لكن تَــركُه أولى لا شكَّ إلَّا لمصلحة،
القسم الثَّالث، وهو المباح، وهذا المباح قد يكون مستحبًّا، وذلك أن تؤثر غيرك في أمر غير تعبُّدي أي تؤثر غيرك، وتقدِّمه على نفسك في أمرٍ غير تعبُّدي)
والحبُّ مِن أقوى البواعث الذَّاتية الدَّافعة إلى التَّضحية بالنَّفس،مِن أجل سلامة المحبوب أو تحقيق رضاه، أو جلب السَّعادة،تقول أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها(جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرة،ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقَّت التَّمرة، التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال،إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنَّة، أو أعتقها بها مِن النَّار)
فهذا الإيثَار دافعه حبُّ الأم لابنتيها ورحمتها بهما،
الوسائل المعينة على اكتساب الإيثَار المتعلِّق بالخالق، ذكر ابن القيِّم،أن يكون إيمانه راسخاً ويقينه قويًّا،فإنَّ هذا ثمرة الإيمان ونتيجته،وقوَّة صبره وثباته،
الوسائل المعينة على اكتساب الإيثَار المتعلِّق بالخلق، قال ابن القيِّم، فإنَّ مِن أفضل أخلاق الرَّجل وأشرفها وأعلاها،الإيثَار،
النُّفرة مِن أخلاق اللِّئام ومقت الشُّح وكراهته له،
وتعظيم الحقوق التي جعلها الله سبحانه وتعالى،للمسلمين بعضهم على بعض، فهو يرعاها حقَّ رعايتها، ويخاف مِن تضييعها،ويختار الإيثَار بما لا ينقصه ولا يضرُّه، ويكتسب به جميل الذِّكر في الدُّنْيا، وجزيل الأجر في الآخرة مع ما يجلبه له الإيثَار مِن البركة وفيضان الخير عليه، فيعود عليه مِن إيثاره أفضل ممَّا بذله،

اللهم اجعلنا ممن يؤثرون على انفسهم،وطهر قلوبنا من الشح يا رب العالمين، واجعلنا من المنفقين في سبيلك المطيعين.







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:12 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "