العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-08, 05:01 AM   رقم المشاركة : 1
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


االتفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية / الكاتب الشيعي فاخر السلطان

التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية

كتب:فاخر السلطان

في ضوء الاشارة (في المقالين السابقين) الى سيطرة التفسير الأسطوري الغيبي الخرافي على الخطاب الشيعي فيما يخص شرح حادثة عاشوراء التي قتل فيها الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته وأصحابه في معركة كربلاء، نود هنا أن نطرح تساؤلات قد تبدو مهمة في ظل ترديد البعض بأن التفسير الأسطوري للتاريخ الديني يؤسس لحالة ايمانية ربما تفتقدها التفاسير الأخرى، وبالذات التفسير التاريخي. بمعنى أنه: هل التفسير التاريخي العلمي البشري للحادثة يساهم في اضعاف الجانب الايماني عند الانسان، لأنه يبعد الحادثة ورموزها، وبالذات الحسين بن علي، الذي هو الولي والامام والمعصوم والمنصب من قبل الله لدى الشيعة، عن الغيبيات والماورائيات الدينية، وبالتالي يفرغ الحادثة من جانبها الروحي؟ وهل استناد تفسير الحادثة الى المفاهيم والنظريات والوسائل العلمية الحديثة، يعني الابتعاد مسافات عن الجانب الأسطوري الغيبي، وبالتالي الابتعاد مسافات أيضا عن الجانب الايماني الروحي؟ بمعنى أنه هل العيش في الحياة الحديثة في ظل نظرياتها وغاياتها ومفاهيمها ووسائلها يساهم في اضعاف التديّن عند الانسان؟
باعتقادي، لابد من توضيح أمر مهم يتعلق بالايمان والتدين قبل أن نحدد اجابات لهذه الأسئلة. فالمسلمون اليوم يتباينون في شرح مفهوم الايمان وفي تفسير طريقة التديّن. فالبعض يعتقد أن المتديّن هو الشخص الذي يمارس واجباته الفقهية على أكمل وجه ويبتعد عن محرماتها، في حين يعتقد البعض الآخر أن المتديّن هو شخص شديد الحرص مثلا على عدم الكذب، وحساس جدا تجاه قضايا متعلقة بالخيانة، وملتزم التزاما شديدا باحترام حقوق الناس، ويسعى الى التقيّد بالأخلاق العامة في الحياة، لكنه غير ملتزم بممارسة واجباته الفقهية. فهل هذا الشخص أكثر تديّنا أم الأول؟ بمعنى أنه هل الشخص الذي لا تُحرك ضميره قضايا الظلم والاعتداء على حقوق الناس التي نشاهدها باستمرار في مجتمعنا، لكنه حريص على عدم ترك الصلاة في المسجد وعلى الصيام في كل أسبوع وعلى عدم ترك الأذكار وعلى اعطاء الصدقات وعلى زيارة الأماكن المقدسة، هل هذا أقرب الى الله، أم ذلك الذي يعبّر عن حساسيته تجاه القضايا الحقوقية والأخلاقية لكنه لا يمارس كل تلك الشعائر والطقوس؟ بعبارة أخرى: ما هو المعيار الذي من خلاله نستطيع أن ندّعي بأن شخصا ما أكثر تديّنا وأكثر قربا الى الله من آخر؟. اذا قلنا أن التديّن لا يمكن الا أن يكون شكلا واحدا وطريقة واحدة ونوعا واحدا، سنواجه مشاكل في تحديد الشخص المتديّن، وفي ممارسة مسلمين عملية اقصاء دينية لمسلمين آخرين. أما اذا قلنا أن التدّين ينقسم الى مدارس عدة، وكل مدرسة لها نهجها ووسائلها وأنصارها، نكون قد طرحنا مفهوم التعددية الايمانية في المجتمع، وضيّقنا الخناق على الثقافة الداعية الى حصر الايمان والتديّن في جهة محددة ومدرسة معينة ومن ثَمّ تقوم هذه الجهة بالغاء مجموعات متدينة أخرى مختلفة معها.
ان ما يهمنا هنا هو علاقة هذا الموضوع، أي تعدد طرق الايمان والتديّن، بموضوع الخطاب الشيعي المستند الى التفسير الأسطوري الغيبي، اذ نعتقد أن هذا الخطاب ينتمي الى مدرسة التديّن التي تحث أنصارها على ممارسة الواجبات الفقهية والابتعاد عن المحرمات الفقهية فحسب، والتي نسميها مجازا بمدرسة التديّن المعيشي الحياتي، التي يحرص مفسروها من خلال تلك الواجبات والمحرمات الى الاهتمام بـ«هوية» الانسان المذهبية والطائفية وابرازها كتحد أمام الهويات الأخرى، ولعل الملصقات الدينية والطائفية التي نراها باستمرار على السيارات خير دليل على ذلك.
فمدرسة التديّن المعيشي الحياتي تسعى الى استغلال أمور الدين وقضاياه من أجل تحقيق مصالحها في الحياة. وعلى هذا الأساس يسعى الخطاب الشيعي الأسطوري الى تنفيذ هذا الهدف بتشديد سيطرة رجال دينه وخطبائه على شؤون الناس بربطها بتفسيراتهم الأسطورية الغيبية الخرافية. فمعيار النجاح في الدنيا ومن ثَم في الآخرة بالنسبة لهذه المدرسة يستند الى ما يحمله التفسير الأسطوري من معالجات لقضايا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. فكلما ارتبط الناس بالتفسير الديني الأسطوري الخرافي واعتمدوا على مفسريه في معالجة أمورهم وقضاياهم الدنيوية، كلما عبروا عن تمسّكهم بهذا النوع من التديّن، وهو ما يجعل هذا التديّن معبّرا عن هويتهم المذهبية الطائفية. فالخطاب يعتقد أن قدرته على تفسير مختلف الأمور في الحياة وعلى حل القضايا من خلال الطرح الأسطوري الغيبي الخرافي، يصب في النهاية في السيطرة على مجريات شؤون الناس والتحكم بمصائرهم وتثبيت تعلقهم بالأمور الأسطورية الغيبية وابتعادهم عن التحليل العلمي الحديث، وذلك كله في اعتقادهم يعنى «تديين» المجتمع. وهذا الأمر ينطبق تماما على التفسير الأسطوري الغيبي لحادثة عاشوراء، وكيف أن ذلك يصب في النهاية في سيطرة مخرجات تفسير واقعة كربلاء على مجريات أمور الحياة الراهنة والتحكم بمصائر عامة الناس. بالتالي نجد أن عامة الناس المرتبطين بالرؤى الدينية الأسطورية انما ينجذبون بقوة نحو التفسير الأسطوري الغيبي لحادثة عاشوراء، بسبب أن جميع التفاصيل المرتبطة بالحادثة قد جاءت من الغيب وانتهى مطافها الى الغيب، وبالتالي كانت الحلول المتعلقة بقضايا الحياة الصادرة عن هذا التفسير جزءا من هذا الغيب فوق البشري وغير القابل للمناقشة. وبسبب أن الشخصيات والرموز الرئيسية المتعلقة بالحادثة لا تربطهم بالحياة علاقات طبيعية وانما تعتبر شخصيات أسطورية فوق بشرية، الا أن بعض ملامح الطبائع البشرية التي نراها فيهم انما جاءت بالصدفة وبسبب الظروف التي كانت تحيط بالحادثة.
في التفسير الديني الأسطوري لا مجال أمام التحليل التاريخي في أن يظهر ويفسر الحوادث، لأنه سيغلق الطريق أمام وسائل الأسطورة في أن تلعب دورها. ومنذ اللحظةً التي بدأ التاريخ العلماني يتغلغل في ثقافة الناس، بدأ ذلك يؤثر في التحليل الأسطوري لحادثة عاشوراء، اذ بدأ البعض، ممن يرفض أن يكون الدين حياتيا ومعيشيا أو يكون قائما على التقليد أو يكون مادة لتجاذبات الهوية الدينية، يتحدث عن تفاسير حديثة.
واذا ما تمعنّا في نهج الخطباء ورجال الدين المنتمين الى مدرسة التفسير الأسطوري وكيفية استغلال تفسيرهم الغيبي في تحريك عواطف الناس للحصول على دعم مادي وجماهيري، أي توفير كميات كبيرة من الأموال نظير ما يقومون به من جهد ديني أسطوري غير عقلاني يملأ الفراغ العاطفي جراء غياب التفسير العلمي، سنشاهد كيف يتنافس هؤلاء في هذا المجال، اذ من يكون أكثر تأثيرا على الناس من خلال حقنهم بالتفسير الأسطوري، يكون أكثر قدرة على التأثير فيهم وأكثر شعبية بينهم، وأكثر قدرة على تحديد سقف المال اللازم نظير تبليغه الديني. ويعتبر ذلك من أخطر القضايا التي تهدد روحانية أي دين. فالارتزاق المستند الى العمل الديني يجعل الدين مصلحي، بمعنى انه يشجع «الهداية» مقابل أن يقبض رجل الدين المقابل المالي والمادي. فالارتزاق عن طريق الدين يفتح باب المصلحة والاستغلال على مصراعيه ويفضح دعاوى بعض من يدّعون الزهد في الحياة.

http://www.alwatan.com.kw/Default.as...131&pageId=163







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:25 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "