العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-02-09, 04:37 AM   رقم المشاركة : 1
ديار
موقوف





ديار غير متصل

ديار is on a distinguished road


أنا كويتي وأفتكر السفير عبدالله بشارة

أنا كويتي.. وأفتكر

السفير عبدالله بشارة

تنتشر اليافطات في شوارع الكويت حاملة شعارات أعياد التحرير التي تهدف إلى تحفيز الوعي الوطني لدى الرأي العام وتسعى لغرس الوفاء للوطن، ومن تلك الشعارات أنا كويتي.. وأفتخر، ومعاني الافتخار كبيرة جدا ولها مقاييس خاصة لدى الشعوب الراقية، مرتبطة بالتفوق المعترف به عالميا، وأهم مظاهر التفوق هو العطاء الإنساني للأسرة العالمية في مجالات عالمية مثل الطب والعلوم والتكنولوجيا، والإسهامات السلمية في حماية البشر من الدمار وفي الفكر والمعرفة، ورغم توافر هذه المقاييس على بعض الأمم، فلا نجد في ميادين عواصمها قصائد الافتخار على لوحات تأسر انتباه المشاهدين.
ومع تواضع عطاء المواطن الكويتي لبلده، ورغم تعميق قاعدة "الأخذ على حساب الوطن"، أجد بعض المبررات وراء تلك الحملة الافتخارية، وأظنها أحد إفرازات الغزو، الذي ترك شروخا دائمة في التركيب النفسي للمواطن، فالغزو ليس عملية احتلال تمت إزالته، وإنما هو شيء آخر، فقد حدد الغزو خريطة جديدة للفكر الكويتي في جميع عناصر الحياة، في الهوية النفسية وفي السياسة وغيرها، وأهم شيء خلفه الغزو هو غريزة اليقظة الدائمة للأمن من أجل البقاء.
في الأسبوع الماضي قدمت محاضرة في جامعة لندن عن تركة الغزو The legacy of invasion، وقلت ان الكويت لا تنفرد في الحالة المتيقظة للبقاء، فهي موجودة في فرنسا التي عانت من احتلال ألمانيا - ثلاث مرات خلال سبعين سنة - وحاضرة في حياة بولندا التي كانت أراضيها ميدانا لمعارك روسيا مع ألمانيا، ومتجلية في فنلندا البلد الذي خرج منه تعبير "Findlandization" ومعناه الاستكانة لجور الجار القوي.
وكان بودي، في مناسبة أعياد التحرير، أن نتعاطى مع هذه الذكرى بالفكر الجدي الباحث عن مظاهر تركة الغزو، مع كلمات صريحة تقول أنا كويتي وأفتكر، قبل أن أسترخي على مقاعد الافتخار، ومن أبرز مظاهر يقظة البقاء هو انسجام المواطن مع مصالح الوطن العليا، والتضحية بمصالح الأفراد من أجل الوطن، والوضوح في مواقف الدفاع عن الوطن، بلا التباس تغلفه الاعتبارات الحزبية والإغراءات السياسية، بحيث يصبح شعار الكويت فوق الجميع شعارا جذابا وبمصداقية لا تخضع للشكوك.
والوفاء للوطن عبء كبير يتوافر مع التثقيف الواعي ومع الوضوح في المواقف، وفي القناعات، ويحضرني هنا السؤال الذي يردده الكثيرون من أبناء الوطن عن مصالح الكويت في الاستعراض السياسي الجماهيري الذي تنظمه جماعة حدس احتفالا بانتصارات غزة، وأظهر من خلاله نواب حدس ومؤيدوها تلك المواهب النادرة في فنون الابتهاج، في مسلك لا يتفق مع مصالح الكويت العليا، وإنما يتعارض وبشكل قوي مع تلك الغريزة التي خلفها الغزو في يقظة البقاء، فجماعة غزة لهم مفاهيمهم غير تلك التي يجب أن نوفرها لصالح البقاء الكويتي، الذي يلتقي تماما مع الشرعية العربية والدولية في دعم المبادرة العربية وفي مسيرة السلام كخيار استراتيجي، ولا يخرج عن هذا الاستغراب تطوع بعض المواطنين في حضور مأتم عماد مغنية، مهندس حملة التدمير ضد الكويت الذي اعتقل أبناءها في طائرتها الجابرية، والذي اعتدى على أمير القيم والخلق، المغفور له الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت، وفي كلتا الحالتين يوجد إخفاق كبير في تقدير المزاج الكويتي، وارتكاب خطأ مزعج لمشاعره قد يصل إلى التحدي.
وما يهم هنا التذكير بأهمية الابتعاد عن التعرض لمصالح الوطن العليا، فالتداخل مع القوى الخارجية وتبني مفاهيمها والابتهاج بسلوكها، أمر مؤذ لنهج الحماية الدائمة للوطن، واليقظة المستمرة لصون الاستقلال، ومن المفيد أن نتذكر أن الخطر على الكويت يأتي من المنطقة ومن القوى الراديكالية المنتشرة فيها، سواء الراديكالية القومية أو من خصومها في الراديكالية الدينية، وأمامي المشهد الذي لا يمكن أن يزول، المتمثل في تلك المظاهرات البليدة التي زحفت على شوارع غزة والضفة الغربية وشوارع المرتزقة في عواصم التشفي والعجز عند حدوث كارثة الغزو.
ولعلنا نعتبر من دروس ذلك المشهد البائس في الإيمان بأن حصانة الكويت تأتي من متانة أبنائها، ومن عزوفهم عن الضعف أمام مغريات السياسة ومن ترسيخ القناعة الدائمة بأن الولاء لتراب الوطن وحده، بدون شراكة الانتماءات الخارجية.
وهنا تتداخل مسؤولية الحكومة في فرض القانون على الجميع مع الاعتراف بأن القانون هو القوة المشرفة على حماية الوطن، وهو سيد الجميع، يستوجب الطاعة من الكبير والصغير، ومن المتعاطين بالسياسة قبل غيرهم، وفوق ذلك من الذين يتصورون أنهم دعاة الأمن والاستقرار.
ولا أتصور أن قانون البقاء الكويتي ينتصر لحماس أو لغيرها من الذين يسعون لتخريب الأمن الإقليمي ومن الذين يأملون في دعم من قوى سياسية كويتية تسهل لهم التأثير في القرار الكويتي، رغم سجلهم المؤلم في مشهد الغزو.
وحتما لا أجد مباهج الافتخار في منظر نائب كويتي يتزين بشعارات وافدة، ويرتدي الطقم الذي يتحلى به البائسون في المنظمات الفلسطينية، هذا الأداء لا علاقة له بالطين الذي صاغ مزاج المواطن الكويتي البسيط الذي سيطر عليه العجب من ذلك الحماس الطاغي في الانتصار لهموم الآخرين الذين توعدوه بالأمس القريب.
ومن المنطقي أن نقول إن سيادة القانون، وعلو شأنه من أبرز واجبات الحكم، الذي تساهل أكثر مما يجب أمام اغتصاب صلاحيات الحكومة التي تعدت عليها القوى البرلمانية حتى ضاع الخيط الفاصل بين حق الحكم وحق البرلمان، وأفرز هذا التساهل حالة الاختطاف التي أدخلت الكويت في شلل شبه دائم، ووصل الاستخفاف بمنطق القانون الذي جسده الدستور في فصل السلطات إلى حد غير مقبول، فتتسابق القوى البرلمانية في إعداد صحيفة الاستجواب ضد رئيس الوزراء، فالقوى السياسية الدينية تريد أن تحتكر استجواب الرئيس، بينما تخرج مجموعة الشعبي بإصرار على أن الاستجواب سيطول الرئيس عند تمرير قانون الإنقاذ الاقتصادي.

هذا الخلل الذي استفحل في الفترة الأخيرة وعطل حياة الكويت، تتحمل مسؤولياته شهوة البرلمان للتمدد، وضعف الحكومة في الذود عن الوثيقة الدستورية التي تحتضن حقوقها وتحدد مسؤولياتها، ويشارك في هذه المسؤولية المواطن السلبي، الذي أخذه الزهو في عبارات خادعة تدعوه إلى الافتخار، بينما هو في الواقع لا يؤدي دورا يعتز به الفكر المستنير في العطاء للوطن وفي التضحية من أجله وفي الارتفاع عن التكسب على حساب الوطن الجريح.
وطالما نتحدث عن حقوق الوطن فلا بد من التساؤل عن دور الهيئات والمنظمات ذات النفع العام وتجمعات المجتمع المدني ومواقفها من الانحسار في قيم الدولة وفي غياب الدفاع عن هذه القيم، وأهمها تجذير مفاهيم الأمن الوطني التي تعتمد على الإجماع حول الدستور وعلى صون القانون وعلى الوعي المستنير لرأي عام فعّال، يستنفر قوته حماية للوطن ولسيادة القانون، وممارسة التعبير وبصوت قوي عن معارضته أسلوب الاحتلاب المستمر على حساب الوطن بما فيه سيل المقترحات الهادفة لتدليل المواطن وإغراقه بالامتيازات المسحوبة من المال العام وبما يضعف الهمة الوطنية التي نبحث عنها، كل ذلك من أجل تأمين رضا الناخب، صاحب الصوت الذي يفصل بين حياة الامتيازات النيابية وحياة النسيان المؤلمة، وبهذا الإطار تأتي الاستعراضات السياسية الرخيصة التي تنظم لصالح قوى خارجية، في حياتها إضرار بالمنافع الكويتية وفي مماتها انحسار لتهديدات ضد استقرار الوطن.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن دور المنظمات الأهلية لا يختصر في نقد الحكم ولا في التعريض بالحكومة فقط وإنما يمتد على مدى واسع في رصد السلوك النيابي والإعلامي والمواطني تجاه الوطن والدفاع عن مصالحه والمحافظة على قيمه.
كلنا على معرفة بالدستور ونقدر البعد الاستراتيجي الأمني الذي يحمله الدستور، ونعرف مواقع الضعف فيه، وأبرزها الإخفاق في الاعتماد على الحكم البرلماني القائم على الأغلبية البرلمانية المؤمنة أكثرية الأصوات لمشاريع الحكومة ولمواقفها وفي توفير التعددية، ونعرف أن الدستور فصل لفترة مختلفة ولتركيبة سكانية غير التي نراها الآن، حيث يعتمد في معيشته على حسن النوايا وعلى التحاور التراثي بين القيادة وأطياف المجتمع، ونعرف أيضا صعوبة التغيير وصعوبة إدخال التحسينات وممارسة المراجعة على بنوده، وهنا نشير إلى دور المنظمات والهيئات في الكويت في الدعوة إلى الالتزام بالموجود والممكن، مع اعتراف واقعي بأن المتوافر أفضل كثيراً من فقدانه، مع دعوة متواصلة للحكومة - السلطة التنفيذية - إلى الالتزام بحقوقها دون ضعف والإصرار على برامجها دون تردد، والدخول في حوار منفعي مع الرأي العام يشرح البرامج ويتفاعل مع تساؤلات الرأي العام.
كلنا نتحمل المسؤولية في عدم الوفاء بإعطاء الوطن حقه، وفي عدم الالتزام بما تعنيه جروح الغزو الدائمة والغائرة في تنمية يقظة الأمن المستمر من أجل صون الوطن الدائم، وأمامنا طريق شاق قبل أن نصل إلى فصل الحياة الذي نتمكن فيه وبكل شرعية من أن نضع يافطات في الميادين العامة تقول [أنا كويتي.. وأفتخر].
وكل عام والكويت وأهلها بألف خير،،

تاريخ النشر 23/02/2009

http://www.alwatan.com.kw/Default.as...6&AuthorID=880







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:56 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "