فلسفة الجمال في الاسلام .. التصوف يرد على المستشرقين
كثيرا ما نقرأ تلك الشبهات التي يرسلها المستشرقون المتعصبون إرسالا حول الإنتاج و الإبداع الفكري و الفلسفي في الإسلام (الحضاري التاريخي و الثقافي) لتركيز و تثبيت تلك الروح الإستعلائية و تصوير المسلمين المنتجين في هذا الميدان على أنهم مجرد نقلة أو ربما نقلة أسفار مترجمين فقط لم يضيفوا جديدا و لم يحسنوا شيئا و غير ذلك.
لنأخذ نظرية المعرفة عند أرسطو و منطقه فنراهم يدعون أن المسلمين كانوا مجرد نقلة منبهرين أو رافضين دوغمائيين في إرث أرسطو. إبن تيمية مثلا عارض أرسطو يرفضه، و الحقيقة أن إبن تيمية رحمه الله مارس الفلسفة في قمة عطائها النقدي لأنه لم يعترض فقط ليعترض بل إنتقد و النقد يكون بالفهم العميق للموضوع الذي يتم تناوله و يتم إستعمال اليات و مناهج علمية و فلسفية دقيقة في التعامل مع الموضوع، بينما المعارضة نوعين
معارضة مرسلة تقوم على النفي فقط
و معارضة مرجعية أي تقوم على مرجع تم تبريره بحجج عقلية و عملية.
هذا التراث التيمي يستحق حقيقو كثير من التقدير و الدراسة لتقديمه للخواص و العوام، أولا للتعريف بحقيقة الابتكار و الابداع العلمي الفكري عند شيح الاسلام، و ثانيا لتشجيع الجيل الناشئ على المضي قدما في نفس الاتجاه فلا يأخذون كل شيء يقوم إستيراده كما يفعل المنهزمون نفسيا و معنويا بيننا و للأسف.
و ما يقال هنا عن إبن تيمية يقال حول البغدادي أيضا و نحن نستحضر العمل الرائع الذي أخرجه الدكتور أحمد الطيب "الجانب النقدي في فلسفة ابي البركات البغدادي".
ما أردت الكلام حوله في هذا الموضوع هو فلسفة الجمال عند المسلمين إذ نجد تقريبا كل المستشرقين ينفون إهتمام المسلمين بهذا الجانب من الفلسفة أي لم يمارسوا فيه أصلا بله الإبداع خصوصا على المستوى الصوري و التجريدي كما هو الحال عند فلاسفة اليونان.
أولا
نحن نتسائل لماذا هذا الفصل بين ما هو عملي و ما هو صوري؟ ألا يكون الاهتمام بالجمال حكمة و محبة للحكمة عندما ينحصر في الجانب التطبيقي؟
إذا إفترضنا ذلك يصح فهذا إمتياز يؤكد أن للمسلمين فلسفتهم الخاصة في الجمال مؤسسة على الجانب العملي.
و هذا يهدم من الأساس فرضية إنعدام الإجتهاد.
و الإمتياز الآخر نجده عند المتصوفة بحيث أن فلسفة الجمال عندهم عملية تقوم على الذوق الوجداني و طرقهم في تصور الوجود بشكل عام و العالم بشكل خاص.
ماذا بقي للمستشرقين في إدعاءاتهم أن الإنتاج الفكري الفلسفي عند المسلمين لا و لم يعرف إبداعا و لا تمييزا إذن؟
تحياتي