نقطة نظام
1. من خلال متابعتي للمواضيع التي يطرحها بعض الزّملاء الشّيعة، رأيت أنّهم يتعمّدون الاستدلال من كتب أهل السنّة بما يظنّون أنّه يخدم مذهبهم، والأدلّة التي يطرحونها ليست جديدة علينا، ولعلّ من أهمّ المصادر التي يعتمدونها في استقاء تلك الأدلّة المتهافتة: كتاب "المراجعات" للموسويّ بتحقيق حسين الرّاضي، وهم في ذلك يظنّون أنّ هذا الكتاب قد أفحم أهل السنّة وأقام الحجّة عليهم، مع أنّه قد ردّ عليه العلماء وأبانوا ما فيه من كذب وتدليس، وناقشوا أدلّته، وجعلوه قاعا صفصفا ولله الحمد، ومن أهمّ الرّدود المؤلّفة في هذا الباب: كتاب "الفرية الكبرى: المراجعات" للدّكتور علي السّالوس، وكتاب "الحجج الدّامغات لنقض كتاب المراجعات" لأبي مريم الأعظمي.
فإذا ما سمحنا للزّملاء الشّيعة أن ينسخوا ويلصقوا من هذا الكتاب، فإنّنا سنضطرّ للردّ على كتاب المراجعات بأكمله، لأنّ المحاورين سيضلّون ينتقلون من دليل إلى دليل، وكلّما فنّدنا دليلا من أدلّتهم انتقلوا إلى آخر، وهكذا تسوّد الصّفحات والصّفحات ولم تحسم معهم قضية واحدة.
فأرى أن يناقش الشّيعة في قضية "التّوحيد عند أهل البيت" أولا، ثمّ قضية "الاتّباع عند أهل البيت"، ثمّ مسألة "عدالة الصّحابة عند أهل البيت"، ثمّ "الإمامة"،... وهكذا، ويستعان في نقاشهم بما في كتبهم من روايات كثيرة تنقض مذهبهم، فإنّ من نعم الله (جلّ وعلا) أن جعل في كلّ مذهب باطل ما يدلّ على بطلانه، وما يدلّ معتنقه على الحقّ، ليكون أبلغ في إقامة الحجّة.
لهذا ينبغي التنبّه عند أوّل دليل يُطرح، فيجاب عنه إجابة وافية، ويطرح الدّليل المفنّد له من كتب الشّيعة، لتبدأ رحلة إقامة الحجّة من كتب القوم.
2. الشّيعة يناقشون أهل السنّة من منطلق نظرة شيعيّة مفادها أنّ أهل السنّة يرفضون مذهب أهل البيت، وهذا حيف وظلم، فأهل السنّة هم – ولله الحمد - أتباع أهل البيت، أهل السنّة حينما يناقشون الشّيعة في بعض الأدلّة التي يطرحونها لإثبات الإمامة، فإنّما يناقشونهم في صحّة تلك الأدلّة من عدمها، ولا يناقشون في ثبوت إمامة أهل البيت الإمامة الشّرعيّة، ومعلوم أنّه ليس كلّ ما يكون حقا تجوز نسبته إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) هذا أولا، أمّا ثانيا: فإنّهم يناقشون الشّيعة في دلالة تلك الأدلّة على الإمامة ومقتضياتها بالمفهوم الشّيعيّ.
3. أظنّ أنّه قد حان الوقت لتجاوز مرحلة قبول وصاية الشّيعة على أهل البيت، وحان الوقت لردّ الاتّهامات التي دأبوا على توزيعها على غيرهم: "عداوة أهل البيت، النّصب،...".
4. أهل السنّة أولى النّاس بالدّفاع عن أهل البيت ممّا نسبه إليهم الشّيعة من أقوال وأحوال وأفعال هم برآء منها، ولهذا لا ينبغي مخاطبة الشّيعة بمثل هذه الألفاظ " أئمّتكم، معصوموكم،... "
5. الشّيعة بالنّسبة إلينا الآن هم في موضع تهمة بأنّ أهل البيت قد تبرؤوا منهم، ونملك أدلّة كثيرة لذلك، منها:
· ما رواه الكشيّ عن أبي خالد الكابلي قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: "إنّ اليهود أحبّوا عزيرا حتى قالوا فيه ما قالوا فلا عزير منهم ولا هم من عزير، وإنّ النصارى أحبّوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا فلا عيسى منهم ولا هم من عيسى، وأنا على سنّة من ذلك أنّ قوما من شيعتنا سيحبّوننا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير وما قالت النصارى في عيسى ابن مريم فلا هم منا ولا نحن منهم". (رجال الكشّي: ص120).
· وما رواه الكشيّ أيضا عن عنبسة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): "لقد أمسينا وما أحد أعدى لنا ممّن ينتحل مودّتنا". (رجال الكشّي: 307).
لأجل هذا فالشّيعة الآن مطالبون بإثبات اتّباعهم لأهل البيت، ودون ذلك خرط القتاد، لأنّهم يظنّون أنّ محبّة أهل البيت – رضوان الله تعالى عليهم – كافية لنجاتهم، وهذا خطأ، فالمحبّة التي لا تثمر الاتّباع لا تكفي، بل قد تهلك صاحبها إن هي قادته إلى الغلوّ.
في (الكافي) للكلينيّ بسنده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا جابر أ يكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتّواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله والصّوم والصّلاة والبرّ بالوالدين والتّعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.
قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة؟، فقال: يا جابر لا تذهبنّ بك المذاهب، حسب الرّجل أن يقول أحبّ عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟ فلو قال: إنّي أحبّ رسول الله؛ فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السّلام) ثمّ لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنّته ما نفعه حبّه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله عز وجلّ [وأكرمهم عليه] أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله مايتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براء ة منالنار، ولا على الله لأحد من حجّة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ".(الكافي: 02/74. بَابُ الطَّاعَةِ والتَّقْوَى. حديث 03).