وقال عنه الذهبي: عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية، ويضيف قائلا: وفي نسب المهدي أقوال: حاصلها أنه ليس بهاشمي ولا فاطمي وقام بعده ابنه القائم.
ويقول الذهبي عن هذا القائم: كان مهيبا شجاعاً قليل الخير فاسد العقيدة، ويقول أيضا: وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه.
وقال القاضي عياض: أجمع العلماء بالقيروان أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة .
سيرتهم مع المجتمع
فساد عقيدتهم
-ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هؤلاء العبيديين وأتباعهم من الفرق الباطنية الأخرى: فهؤلاء المحادون لله ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره، فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك ، ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين وصلاح الدين وأتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى وممن كان بها منهم، وفتحوا أيضا أرض مصر ، فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة، وأتفقوا هم والنصارى، فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية.
-يقول الدكتور على محمد الصلابي في كتابه القيم الدولة الفاطمية: اعلم أخي الكريم أن المذهب الباطني من الأسباب التي أضعفت الأمة، وأنهكت قواها. لقد أدخل أهله عقائد فاسدة مبنية على الفلسفة القديمة، والأصول الإلحادية، فخدعوا ضعاف العقول، والذين لا حظّ لهم من المنهج الرباني القويم، وتحالفوا مع النصارى والتتار ضد الإسلام والمسلمين. وعندما قويت شوكتهم وأقاموا دولة البحرين فعلوا ما تقشعر منه الجلود، وتشيب منه الرؤوس من قتل وسفك ونهب واغتصاب.
بل تجرؤوا على حجيج بيت الله الحرام، ففعل أبو طاهر الجنابي بالحجيج أفاعيل قبيحة، فدفن منهم في بئر زمزم الكثير، ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم من الحرم, وفي المسجد الحرام.
وعندما أقاموا دولتهم في الشمال الإفريقي أظهروا عقائدهم الفاسدة، وقتلوا العلماء، وأذلوا أهل السنة.
- ويقول الدكتور محمد العبدة: إن أجيال المسلمين الذين يقرؤون تاريخ العبيديين لا يعلمون إلا ما كتب لهم عن التاريخ السياسي لهذه الدولة، ذهب فلان وخلفه فلان، وأنها دولة تحب العلم وتنشره، والمقصود نشر كتب الفلاسفة ولكن لا أحد يذكر -عدا الذين ترجموا للعلماء- بطش هؤلاء الأوغاد الظلمة بالعلماء من أهل السنة.
وهذا كله نتيجة لغياب التفسير العقدي الإسلامي لتاريخنا، بل إن المؤرخين الذين كتبوا لنا التاريخ تأثروا بمدارس الاستشراق أو بالفكر الباطني، أو بذلت لهم أموال لطمس الحقائق التي لابد من بيانها للأجيال الصاعدة لتعرف عدوها من صديقها، ولتعرف أن الأفكار لا تموت، وإنما تتغير الأشكال والوجوه والمسوح، وأن هؤلاء الملاعين من أعداء الإسلام لا يزالون يعملون سرًا وإعلانًا، ليلاً ونهارًا للقضاء على العقيدة البيضاء الناصعة التي تلقفتها جموع أهل السنة والجماعة من الحبيب المصطفى وأصحابه الغر الميامين الطاهرين الطيبين رضي الله عنهم أجمعين.
موقفهم من علماء السنة
من جرائم عبيدالله الكثيرة أن خيله دخلت المسجد، فقيل لأصحابها: كيف تدخلون المسجد؟ فقالوا: إن أرواثها وأبوالها طاهرة؛ لأنها خيل المهدي، فأنكر عليهم قيم المسجد، فذهبوا به إلى المهدي فقتله. بل إن الطلبة الذين يدرسون التاريخ الإسلامي يذكرون معد بن إسماعيل الملقب بالمعز، يذكرونه وكأنه بطل من أبطال التاريخ، وأنه هو الذي بنى القاهرة وأسس الأزهر، بل ويضيفون القاهرة إليه -قاهرة المعز-، وقد عاهد قائده -جوهر- أهل مصر على ترك الحرية لهم في بقائهم على السنة، ولكن لما دخل الجيش وتمكن من مصر، وانتقل المعز إلى القاهرة لم يعمل بهذا العهد، وجد الفاطميون في تخريب عقائد المصريين، وهذا الطاغية -المعز- هو الذي بطش بالعالم أبي بكر النابلسي عندما أحضر إليه وجرى بينهما هذا الحــوار :
- المعز: أنت الذي تقول: لو معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة -والعبيديين- بواحد.
- الشيخ: لا، بل لرميتكم بتسعة ورميت الروم بواحد.
- ولــم ؟
- لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الله.
فضرب هذا العالم بالسياط، ثم سلخ جلده، سلخه يهودي ثم قتله، ولعنة الله على الظالمين.
ومنهم ابن البردون الإمام تلميذ أبي عثمان ابن الحداد، قتله أبو عبيدالله، وقد قال له لما جرد للقتل: أترجع عن مذهبك؟ فقال: أعن الإسلام أرجع، ثم صلب وقد كان بارعاً في العلم - رحمه الله - ومنهم ابن خيرون الإمام أبو جعفر محمد بن خيرون المعافري، أمر عبيد الله المهدي بأن يداس حتى الموت، فقفز عليه الجنود السودان حتى مات، وذلك بسبب جهاده وبغضه لعبيدالله وجنده.
- ومن العلماء الذين شاركوا في الثورة ضد العبيديين أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم المغربي - خرج في ثورة أبي يزيد الخارجي - وكان علماء أهل السنة يقولون: نخرج مع أهل القبلة -الخوارج- ضد الكفرة العبيديين .
قال الذهبي: وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد، لما شهدوه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه، وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة يصدق بعضها بعضاً وخرج كثير من العلماء والعباد مع أبي يزيد الخارجي لقتال القائم بن عبيدالله، وقالوا: نكون مع أهل القبلة ضد من ليس من أهل القبلة.
- وفي حوادث 183هـ ضرب رجل من أهل مصر وطيف به في المدينة؛ لأنهم وجدوا عنده كتاب الموطأ للإمام مالك، ويقول العالم البحاثة محمد بن الحسن الحجوي: وسقط المذهب المالكي في القيروان والقطر التونسي ثم الجزائري سقوطاً كلياً باستيلاء المتبربرين من الأعراب الجفاة الذين صبهم الفاطميون من مصر على أفريقية كالصاعقة سوط عذاب، فخربوا القيروان سنة 944 وجلا علماؤها إلى الأقطار ومات منهم كثير...
- هذا غيض من فيض جرائم العبيديين،
فاطمه