العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحـــــــــــوار مع الإسـماعيلية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-14, 09:33 AM   رقم المشاركة : 91
فاطمه الاحساء
عضو ماسي








فاطمه الاحساء غير متصل

فاطمه الاحساء is on a distinguished road


موقف العلماء من العبيديين

يؤكد أغلب المؤرخين والعلماء المحققين الدور الإفسادي الذي قامت به الدولة العبيدية في المغرب ثم مصر والشام كما يؤكدون عدم صله هذه الدولة ببيت النبوة، وجميع كتب التاريخ تورد قصة لقاء المعز العبيدي عندما دخل مصر واجتمع مع علمائها والحديث الذي دار بينه وبين نقيب الأشراف السيد ابن طباطبا عندما سأل عن نسبه، وقال المعز بجوابه المشهور عندما سل سيفه ثم قال: هذا نسبي، ثم نثر ذهبا وقال: هذا حسبي، وقد أصبحت هذه المقولة مثلا معروفا إلى يومنا هذا >سيف المعز وذهبه<، ولو كان يعرف أن له نسباً يصل إلى الدوحة الشريفة لأعلنها أمام الملأ، ومعروف لدى المحققين من أهل العلم أنهم أولاد ميمون القداح بن ديصان اليهودي، وقال الشيخ المؤرخ أبو شامة عن مؤسس الدولة العبيديه عبيد الله المهدي: كان زنديقيا خبيثا عدواً للإسلام متظاهر بالتشيع حريصا على إزاله الملة الإسلامية، قتل من الفقهاء والمحدثين والصالحين جماعة كثيرة.


وقال عنه الذهبي: عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية، ويضيف قائلا: وفي نسب المهدي أقوال: حاصلها أنه ليس بهاشمي ولا فاطمي وقام بعده ابنه القائم.

ويقول الذهبي عن هذا القائم: كان مهيبا شجاعاً قليل الخير فاسد العقيدة، ويقول أيضا: وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه.

وقال القاضي عياض: أجمع العلماء بالقيروان أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة .

سيرتهم مع المجتمع



قال الحافظ ابن كثير رحمه الله واصفا حال أهل مصر عندما مات الحاكم بأمر الله العبيدي: فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك، وذلك لأنه كان جبارًا عنيدًا وشيطانًا مريدًا. ولنذكر شيئًا من صفاته القبيحة وسيرته الملعونة أخزاه الله: كان كثير التلون في أفعاله، وأحكامه، وأقواله، جائرًا، وقد كان يروم أن يدّعي الألوهية كما ادعاها فرعون، فكان قد أمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس على أقدامهم صفوفًا إعظامًا لذكره، واحترامًا لاسمه، فعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين، وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا عند ذكره خروا سجدًا له، حتى إنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم ممن كان لا يصلي الجمعة، وكانوا يتركون السجود لله في يوم الجمعة وغيره ويسجدون للحاكم، وأمر في وقت لأهل الكتابين بالدخول في دين الإسلام كرهًا، ثم أذن لهم في العودة إلى دينهم، وخرب كنائسهم، ثم عمرها، وخرب القمامة ثم أعادها، وابتنى المدارس وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وخرّب مدارسهم، وألزم الناس بإغلاق الأسواق نهارًا وفتحها ليلاً، فامتثلوا ذلك دهرًا طويلاً حتى اجتاز مرة برجل يعمل النجارة في أثناء النهار، فوقف عليه فقال: ألم أنْهكم؟ فقال: يا سيدي لما كان الناس يتعيشون بالنهار كانوا يسهرون بالليل، ولما كانوا يتعيشون بالليل سهروا بالنهار، فهذا من جملة السهر، فتبسم وتركه، وأعاد الناس إلى أمرهم الأول. وكل هذا تغيير للرسوم واختبار لطاعة العامة له ليرقى في ذلك إلى ما هو أشد شراً وأعظم منه، وقد كان يعمل الحسبة بنفسه، فكان يدور بنفسه في الأسواق على حمار له، وكان لا يركب إلا حمارًا فمن وجده قد غش في معيشة أمر عبدًا أسود معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى، وهذا أمر منكر ملعون لم يسبق إليه. وكان قد منع النساء من الخروج من منازلهن، وقطع شجر الأعناب حتى لا يتخذ الناس منها خمرًا، ومنعهم من طبخ الملوخية وأشياء من الرعونات التي من أحسنها منع النساء من الخروج، وكانت العامة تبغضه كثيرًا ويكتبون له الأوراق بالشتيمة البالغة له ولأسلافه في صورة قصص، فإذا قرأها ازداد غيظًا وحنقًا عليهم، حتى إن أهل مصر عملوا له صورة امرأة من ورق بخفيها وإزارها وفي يدها قصة فيها من الشتم واللعن والمخالفة شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها فقرأها فرأى ما فيها فأغضبه ذلك جدًا فأمر بقتل المرأة فلما تحققها من ورق ازداد غيظًا إلى غيظه، ثم لما وصل إلى القاهرة أمر السودان أن يذهبوا إلى مصر فيحرقوها وينهبوا ما فيها من الأموال والمتاع والحريم، فذهبوا فامتثلوا ما أمرهم به، فقاتلهم أهل مصر قتالاً شديدًا ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم، وهو في كل يوم قبحه الله يخرج فيقف من بعيد وينظر ويبكي ويقول: من أمر هؤلاء العبيد بهذا؟ ثم اجتمع الناس في الجوامع ورفعوا المصاحف وصاروا إلى الله عز وجل واستغاثوا به فرق لهم الترك والمشارقة، وانحازوا إليهم وقاتلوا معهم عن حريمهم ودورهم، وتفاقم الحال جدًا ثم ركب الحاكم لعنه الله ففصل بين الفريقين، وكف العبيد عنهم، وكان يظهر التنصل مما فعله العبيد وأنّهم ارتكبوا ذلك من غير علمه وإذنه، وكان ينفذ إليهم السلاح ويحثهم على ذلك في الباطن، وما انجلى الأمر حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب قريب من نصفها، وسبيت نساء وبنات كثيرات وفعل معهن الفواحش والمنكرات، حتى أن منهن من قتلت نفسها خوفًا من العار والفضيحة، واشترى الرجال منهم من سبى لهم من النساء والحريم. قال ابن الجوزي: ثم ازداد ظلم الحاكم حتى عنّ له أن يدّعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت، قبحهم الله جميعًا.


فساد عقيدتهم

-ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هؤلاء العبيديين وأتباعهم من الفرق الباطنية الأخرى: فهؤلاء المحادون لله ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره، فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك ، ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين وصلاح الدين وأتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى وممن كان بها منهم، وفتحوا أيضا أرض مصر ، فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة، وأتفقوا هم والنصارى، فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية.

-يقول الدكتور على محمد الصلابي في كتابه القيم الدولة الفاطمية: اعلم أخي الكريم أن المذهب الباطني من الأسباب التي أضعفت الأمة، وأنهكت قواها. لقد أدخل أهله عقائد فاسدة مبنية على الفلسفة القديمة، والأصول الإلحادية، فخدعوا ضعاف العقول، والذين لا حظّ لهم من المنهج الرباني القويم، وتحالفوا مع النصارى والتتار ضد الإسلام والمسلمين. وعندما قويت شوكتهم وأقاموا دولة البحرين فعلوا ما تقشعر منه الجلود، وتشيب منه الرؤوس من قتل وسفك ونهب واغتصاب.

بل تجرؤوا على حجيج بيت الله الحرام، ففعل أبو طاهر الجنابي بالحجيج أفاعيل قبيحة، فدفن منهم في بئر زمزم الكثير، ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم من الحرم, وفي المسجد الحرام.

وعندما أقاموا دولتهم في الشمال الإفريقي أظهروا عقائدهم الفاسدة، وقتلوا العلماء، وأذلوا أهل السنة.

- ويقول الدكتور محمد العبدة: إن أجيال المسلمين الذين يقرؤون تاريخ العبيديين لا يعلمون إلا ما كتب لهم عن التاريخ السياسي لهذه الدولة، ذهب فلان وخلفه فلان، وأنها دولة تحب العلم وتنشره، والمقصود نشر كتب الفلاسفة ولكن لا أحد يذكر -عدا الذين ترجموا للعلماء- بطش هؤلاء الأوغاد الظلمة بالعلماء من أهل السنة.

وهذا كله نتيجة لغياب التفسير العقدي الإسلامي لتاريخنا، بل إن المؤرخين الذين كتبوا لنا التاريخ تأثروا بمدارس الاستشراق أو بالفكر الباطني، أو بذلت لهم أموال لطمس الحقائق التي لابد من بيانها للأجيال الصاعدة لتعرف عدوها من صديقها، ولتعرف أن الأفكار لا تموت، وإنما تتغير الأشكال والوجوه والمسوح، وأن هؤلاء الملاعين من أعداء الإسلام لا يزالون يعملون سرًا وإعلانًا، ليلاً ونهارًا للقضاء على العقيدة البيضاء الناصعة التي تلقفتها جموع أهل السنة والجماعة من الحبيب المصطفى وأصحابه الغر الميامين الطاهرين الطيبين رضي الله عنهم أجمعين.

موقفهم من علماء السنة


من جرائم عبيدالله الكثيرة أن خيله دخلت المسجد، فقيل لأصحابها: كيف تدخلون المسجد؟ فقالوا: إن أرواثها وأبوالها طاهرة؛ لأنها خيل المهدي، فأنكر عليهم قيم المسجد، فذهبوا به إلى المهدي فقتله. بل إن الطلبة الذين يدرسون التاريخ الإسلامي يذكرون معد بن إسماعيل الملقب بالمعز، يذكرونه وكأنه بطل من أبطال التاريخ، وأنه هو الذي بنى القاهرة وأسس الأزهر، بل ويضيفون القاهرة إليه -قاهرة المعز-، وقد عاهد قائده -جوهر- أهل مصر على ترك الحرية لهم في بقائهم على السنة، ولكن لما دخل الجيش وتمكن من مصر، وانتقل المعز إلى القاهرة لم يعمل بهذا العهد، وجد الفاطميون في تخريب عقائد المصريين، وهذا الطاغية -المعز- هو الذي بطش بالعالم أبي بكر النابلسي عندما أحضر إليه وجرى بينهما هذا الحــوار :

- المعز: أنت الذي تقول: لو معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة -والعبيديين- بواحد.

- الشيخ: لا، بل لرميتكم بتسعة ورميت الروم بواحد.

- ولــم ؟

- لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الله.

فضرب هذا العالم بالسياط، ثم سلخ جلده، سلخه يهودي ثم قتله، ولعنة الله على الظالمين.

ومنهم ابن البردون الإمام تلميذ أبي عثمان ابن الحداد، قتله أبو عبيدالله، وقد قال له لما جرد للقتل: أترجع عن مذهبك؟ فقال: أعن الإسلام أرجع، ثم صلب وقد كان بارعاً في العلم - رحمه الله - ومنهم ابن خيرون الإمام أبو جعفر محمد بن خيرون المعافري، أمر عبيد الله المهدي بأن يداس حتى الموت، فقفز عليه الجنود السودان حتى مات، وذلك بسبب جهاده وبغضه لعبيدالله وجنده.

- ومن العلماء الذين شاركوا في الثورة ضد العبيديين أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم المغربي - خرج في ثورة أبي يزيد الخارجي - وكان علماء أهل السنة يقولون: نخرج مع أهل القبلة -الخوارج- ضد الكفرة العبيديين .

قال الذهبي: وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد، لما شهدوه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه، وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة يصدق بعضها بعضاً وخرج كثير من العلماء والعباد مع أبي يزيد الخارجي لقتال القائم بن عبيدالله، وقالوا: نكون مع أهل القبلة ضد من ليس من أهل القبلة.

- وفي حوادث 183هـ ضرب رجل من أهل مصر وطيف به في المدينة؛ لأنهم وجدوا عنده كتاب الموطأ للإمام مالك، ويقول العالم البحاثة محمد بن الحسن الحجوي: وسقط المذهب المالكي في القيروان والقطر التونسي ثم الجزائري سقوطاً كلياً باستيلاء المتبربرين من الأعراب الجفاة الذين صبهم الفاطميون من مصر على أفريقية كالصاعقة سوط عذاب، فخربوا القيروان سنة 944 وجلا علماؤها إلى الأقطار ومات منهم كثير...

- هذا غيض من فيض جرائم العبيديين،
فاطمه






التوقيع :
حساب وقناة اخونا أبو عمر الباحث مكافح الشبهات :
..
https://twitter.com/AntiShubohat
..
https://www.youtube.com/user/AntiShubohat/videos

حساب وقناة اخونا - حبيب المهتدين - رامي عيسى :
https://twitter.com/RAMY_EASA2016

https://www.youtube.com/channel/UCtm...Uf8_3yA/videos
من مواضيعي في المنتدى
»» طريقة قضاء حاجة الموالي ( اكتب رقعة واطرحها على قبر من قبور الأئمة)
»» حكم الخليلي الغوي على عصاة الموحدين
»» الجهمي المقبالي جاء لمحاورة الرافضة فتورط معهم
»» علي خلق عيسى ، وعيسى يعبد علي في كتب الاسماعيليه ( وثيقه )
»» تلميذ الخميني آية الله دستغيب : السماء تمطر سمكاً وتوزعه على القرى في البحرين الخ
 
قديم 02-07-14, 09:46 AM   رقم المشاركة : 92
فاطمه الاحساء
عضو ماسي








فاطمه الاحساء غير متصل

فاطمه الاحساء is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كهف مشاهدة المشاركة
   ****في كتاب العبر :.‏

،:

دافع ابن خلدون عن العبيديين الإسماعيليين المعروفين بالفاطميين ، في ادعائهم للنسب العلوي ،و صحح انتسابهم إليه ، و خطّأ العلماء الذين أنكروا ذلك ، و قال إنهم غفلوا عن الشواهد و الأدلة التي تُثبت صحة دعوى العبيديين في انتسابهم لعلي بن أبي طالب . و ذكر خمسة أدلة لإثبات ما ذهب إليه ، نذكرها فيما يأتي تباعا .
أولها إنه قال إن العبيديين لو كانوا كاذبين مدعين للنسب العلوي لانكشف أمرهم سريعا ، ثم قارن حالهم بالقرامطة في ادعائهم للنسب العلوي ، كيف تلاشت دعوتهم ،و تفرق اتباعهم و ظهر خبثهم و مكرهم سريعا ، فساءت عاقبتهم و ذاقوا وبال أمرهم ، فلو كان حال العُبيديين كحال القرامطة لأنكشف أمرهم بسرعة .
و ردا عليه أقول : أولا لا يوجد دليل من النقل و لا من العقل يقول إن الكاذب لا بد أن ينكشف أمره بسرعة في هذه الدنيا و يعرفه الناس و يفشل في تحقيق مراده ، فكم من أكاذيب و أباطيل موجودة في الأديان و المذاهب و الدعوات و الأحزاب السياسية ، و لا يعرفها أكثر أتباعها , و لم ينكشف أمرها لديهم ، و هم يعتقدون أنها صحيحة و يموتون من أجلها ، و لهذا أخبرنا الله تعالى أنه هو الذي يحكم بين الناس يوم القيامة فيما اختلفوا فيه بحق و بغير حق ، رغم أنه سبحانه أنزل كتابه المعجز المؤيد بالبراهين الدامغة ، لأن الكذابين نجحوا في نشر أكاذيبهم لحجب نور الإسلام عن أكثر شعوب العالم ، و هي شعوب مُغيبة و مُخدرة ، و مُغرر بها ، و لا تعلم حقيقة الإسلام ، و هي على ضلال بسبب أعمال هؤلاء الماكرين الأفاكين الذين نجحوا قرونا طويلة في ممارسة لعبتهم القذرة في صد شعوب العالم عن الإسلام ، باستخدام الكذب و الشبهات و المغالطات و غيرها من أساليب الصد عن سبيل الله تعالى .
و ثانيا إن ما قاله عن القرامطة من أنهم لما كانوا كاذبين في ادعائهم للنسب العلوي ، تلاشت دولتهم و ظهر خبثهم و مكرهم سريعا ، هو كلام غير صحيح ، و مغالطة مفضوحة ، لأن القرامطة أسسوا دولة كغيرهم من كثير من مؤسسي الدول ، فاستمرت دولتهم نحو قرن من الزمن ، بجنوب الجزيرة العربية ، و حققوا انتصارات كثيرة على العباسيين و شكّلوا عليهم خطرا داهما ، حتى إنهم دخلوا الحرم المكي سنة 317 ، و قتلوا بداخله الحجيج ، و أخذوا الحجر الأسود إلى عاصمتهم بالبحرين ،و بقي عندهم عدة سنوات ، و لم تقدر الدولة العباسية على استرجاعه ، و لا على القضاء عليهم ، و قد وصل نفوذ هؤلاء إلى بلاد الشام . فهؤلاء على كفرهم و زندقتهم دامت دولتهم نحو قرن من الزمن ، و هي فترة ليست بالقصيرة ، فدول أخرى غير مطعون في نسبها عاشت نفس الفترة ، فالدولة الأموية عاشت 91 سنة ، و الدولة المرابطية عاشت نحو 91 سنة ، ، و أكثر من ذلك ، فإننا نجد الدولة الراشدة المؤمنة لا يزيد عمرها عن 30 سنة ، و دولة الصحابي عبد الله بن الزبير استمرت نحو13 سنة .
و ثالثا إن قوله بأن العبيديين لو كانوا كاذبين لانكشف أمرهم سريعا كما انكشف حال القرامطة ، هو قول غير صحيح ، و من مغالطاته ، لأن العبيديين هم أيضا انكشف أمرهم و خبثهم و زندقتهم ضلالهم بسرعة ، فإنهم لما ظهرت دولتهم بالمغرب الإسلامي(سنة 296ه) و أظهروا ادعاءهم للنسب العلوي ، أنكر عليهم ذلك العارفون بالنسب العلوي بمكة و المدينة ، و قد كان هذا (( الإنكار لباطلهم شائعا في الحرمين ، و في أول أمرهم بالمغرب منتشرا انتشارا يمنع أن يُدلّس أمرهم على أحد ، أو يذهب وهم إلى تصديقهم فيما ادعوه )) . و قد ألف الزاهد الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن الحسن العلوي الدمشقي(ت ق: 4ه) كتابا عن العلويين ، نفى فيه زعم عبيد الله المعدي انتمائه للبيت العلوي ، و بالغ في نفيه ، و قال إنه دعي و نحلته خبيثة ، مدارها على المخرقة و الزندقة .
و ضلالاتهم و منكراتهم هي أيضا ظهرت مبكرا ، فما إن أسسوا دولتهم حتى أظهروا ذلك جهارا نهارا ، فسبوا الصحابة و اضطهدوا أهل السنة ، و قتلوا منهم الآلاف ، مما حدا بعلماء السنة بالقيروان إلى إصدار فتوى بارتداد و زندقة هؤلاء ،و الدعوة إلى حمل السلاح لمقاومتهم .
و رابعا إنه لا توجد علاقة حتمية بين الكذب و سرعة الانكشاف ، فقد ينكشف الكذب و قد لا ينكشف لمعظم الناس و يستمر قرونا عديدة ، فالأرض تموج بالعقائد و المذاهب الباطلة ، و لم ينكشف كذبها و زيفها لمعظم أتباعها ، كما هو حال اليهود و النصارى و الهنود و البوذيين ، و معظم الفرق الإسلامية على نفس ذلك الحال ، لأن القائمين عليها هم على قدم وساق لضمان استمرار أكاذيبهم و مفترياتهم .
و خامسا إنه لا توجد علاقة حتمية بين سرعة السقوط و الكذب ، و لا بين طول الأعمار و الصدق ، لكن مقتضى زعم ابن خلدون هو وجود هذه العلاقة ، و هي بلا شك علاقة باطلة بدليل الشواهد الآتية ، منها أن هناك رجالا صادقين مؤمنين أسسوا دولا فلم تُعمر طويلا ، كدولة الراشدين ،و دوله الصحابي عبد الله بن الزبير –رضي الله عنهما- . و أن هناك رجالا كاذبين هم أيضا أسسوا دولا لم تعمر طويلا ، كدولة بابك الخرمي ،و دولة صاحب الزنج .
و منها أيضا دولة الحشاشين الإسماعيلية بقلعة ألموت ببلاد فارس، كانت دولة رافضية ضالة منحرفة مفترية على الله و رسوله و المؤمنين ، و مع ذلك عمرت أكثر من 170 سنة . و كذلك دولة برغواطة البربرية بجنوب المغرب الأقصى ، فقد كذب ملوكها على الله و رسوله الأكاذيب الكبار ، و فيهم من ادعى النبوة ، و أحلوا لرعيتهم المحرمات ،و شرعوا لهم صلوات من أهوائهم ، و مع هذا دامت دولتهم نحو 300 سنة ، على كفرها و زندقتها ، و قد عمرت أكثر من دولة العبيديين الإسماعيليين ، التي دامت 271سنة .
و يتبين مما ذكرناه أن التاريخ يُثبت عكس ما زعمه ابن خلدون ، و هو أن الكذابين هم الذين عمرت دولهم مدة طويلة ، و أن الصادقين المؤمنين لم تعمر دولهم –على قلتها-إلا قليلا ، حتى إن تاريخنا الإسلامي الطويل ، على كثرة دوله لم تتكرر فيه الدولة الراشدة إلى يومنا هذا .
..

و أما الدليل الثاني –الذي اعتمد عليه ابن خلدون – فمفاده أن مما يدل على صحة نسب العبيديين في ادعائهم للعلوية ، هو أن أتباعهم بعد سقوط دولهم ظلّوا يوالونهم ،و خرجوا مرارا للمطالبة بالخلافة ، و يقولون بالوصية لأئمتهم ، فلو ارتاب هؤلاء في (( نسبهم لما ركبوا أعناق الأخطار في الانتصار لهم ، فصاحب البدعة لا يُلبس في أمره ، و لا يشبه في بدعته ،و لا يكذب نفسه فيما ينتحله )) .
و قوله هذا غير صحيح ،و فيه تمويه و مغالطة ، تُبطله المعطيات الآتية : أولها إن كل أصحاب الأديان و المذاهب ، ما صح منها و ما بطُل ، لا يرتابون-في غالبهم- في عقائدهم و يركبون الأهوال من أجلها ، لكن هذا لا يدل بالضرورة على أن أفكارهم صحيحة ، لأن الحق لا يُعرف –بالضرورة- بتلك التصرفات ، و إنما الحق يُعرف أساسا بذاته و بالدليل الذي يحمله ، لذا فإن ثورة هؤلاء العبيديين للمطالبة بعودة دولتهم ليست دليلا على صحة نسبهم ، و إنما قد يدل ذلك على صدق ولائهم للعبيديين ، و هذا ليس دليلا على صحة نسب هؤلاء ، لأن كل الأديان و المذاهب لها أتباع مخلصون لها ، لكن إخلاصهم هذا ليس دليلا على صحة تلك العقائد و صوابها ، فكم من طوائف و ملل ضالة متحمسة لباطلها و ضلالها ! ، كحال اليهود في فلسطين ، فهم يدافعون عن دولتهم و يموتون من أجلها ،و مع ذلك فهم مغتصبون لفلسطين ، و لا يدل تعصبهم و موتهم من أجلها ، أنهم أصحاب حق في فلسطين .
و ثانيها إن صاحب البدعة الضال المنحرف الكذاب قد يلتبس أمره على كثير من الناس ، فيصدقونه و يُؤمنون بفكره ، و يضع لهم عقائد و تشريعات و ينشئ لهم مذهبا جديدا مزيفا ، و مع ذلك لا ينكشف أمره عند معظم أتباعه ، و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا قديما و حديثا ، منها السبئية ، و الخرمية ، و الإسماعيلية ، و الإثنى عشرية ، و البهائية ، و القاديانية ، و غيرها كثير ، فثورة هؤلاء الأتباع انتصارا لمذاهبهم و تحمسهم لها ليس دليلا على صحتها ، فكذلك ثورة أتباع العبيديين بمصر لاسترجاع دولتهم ، فإنها لا تدل على صحة النسب العلوي ، على حد زعم ابن خلدون .

و الدليل الثالث مفاده أن عبيد الله المهدي الإسماعيلي لما دخل بلاد المغرب و استقر بسجلماسة عند المدراريين بجنوب المغرب الأقصى ، أرسل الخليفة العباسي إلى الأغالبة و المدراريين يُخبرهم بذلك و يحثهم على القبض على عبيد الله ، و هذا عند ابن خلدون دليل شاهد على صحة نسب العبيديين العلوي .
فهل ما ذهب إليه صحيح ؟ ، كلا إنه ليس حجة مقنعة ، لأن الخليفة لما سمع بانتقال عبيد الله المهدي إلى المغرب سعى إلى القبض عليه ، لأنه يمثل خطرا عليه و على الأغالبة و المدراريين على حد سواء ، لذلك أغراهم به ،و حثهم على وضع حد له ، لأنه يهدد الجميع ، و تصرّفه هذا لا يدل على صحة نسب عبيد الله المزعوم ، و قوله –أي الخليفة- لهؤلاء بأن الذي دخل بلادهم هو المهدي ، يعني أنه عرّفهم بأنه هو الذي يدعي المهدوية و يرفع شعار العلويين ،و تصرّفه هذا طبيعي و ضروري ، كان يتصرّفه مع أي خطر يتهدده من أي جهة كانت .

و دليله الرابع هو أبيات شعرية للشاعر الشريف الراضي الشيعي العلوي ، يقول فيه :
أليس الذل في بلاد الأعادي + و بمصر الخليفة العلوي
مَن أبوه أبي و مولاه مولاي + إذا ضامني البعيد القصي

و هو –أي ابن خلدون- في اعتماده على هذا الشعر متناقض مع نفسه ، لأنه استدل هنا بشعر للراضي لإثبات صحة نسب العبيديين العلوي ، ثم هو في موضع آخر من مقدمته يُشير إلى المحضر الذي كتبه العباسيون للطعن في العبيديين المدعين للنسب العلوي ، و يذكر من بين الأعيان الذين وقّعوا على المحضر الأخوان الشيعيان الراضي و المرتضي . و قد أكدت ذلك مصادر تاريخية أخرى من أن الأخوين الراضي و المرتضي كانا من الموقعين على المحضر . مع العلم أنه لما انتشر ذلك الشعر بين الناس ،و تكلّموا في قائله أنكر الراضي ذلك و حلف أنه لم يقله .
و لا ندري هل تعمد ابن خلدون ذكر ذلك التناقض ، أم لم يتنبه له ؟ كما أن ذلك الشعر المنسوب للراضي ، إما أنه منحول عليه ، و إما أنه قاله نكاية في العباسيين قبل كتابة المحضر أو بعده ، بحكم العداء الموروث بين العباسيين و العلويين بسبب الحكم . مع أن موقفه الذي ذكره في المحضر هو الصحيح ، لأن أعيان بغداد من مختلف الطوائف وافقوا عليه ، و لأن الأدلة الكثيرة التي سبق ذكرها ، و التي سيأتي بعضها لاحقا ، كلها تؤيد ذلك ، و بذلك يتبين أن اعتماد ابن خلدون على ذلك الشعر في تصحيح نسب العبيديين ، هو اعتماد ضعيف جدا و لا يصح .

و دليله الأخير –أي الخامس- في تصحيحه لنسب العبيديين ، هو قوله بأن الانقياد للعبيديين و ظهور كلمتهم هو أدل شيء على صدق نسبهم .
و دليله هذا هو أيضا غير صحيح ، لأنه لا توجد علاقة حتمية بين الصدق و قيام الدول ،و بين الكذب و عدم نجاحها ، لأن قيامها يخضع لأسباب كثيرة جدا ، أهمها حسن التنظيم ،و توفر القوة المادية و المعنوية ، و حسن اختيار الظروف المناسبة داخليا و خارجيا . كما أنه لا يوجد دليل نقلي و لا عقلي و لا تاريخي يدل على أن ظهور الدول و انتصارها يدل بالضرورة على أنها و أصحابها على صدق و صواب ، فالله تعالى يعطي الدنيا لمن يُحب و لمن لا يُحب ، قال سبحانه (( كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك ،و ما كان عطاء ربك محظورا )) –سورة الإسراء /20- ،و (( تلك الأيام نداولها بين الناس )) –سورة آل عمران/140- ، لكنه سبحانه لا يُدخل الجنة إلا من يُحب، و لا يُخلّد في النار إلا من لا يُحب ، و هذا معروف من دين الإسلام بالضرورة .
و الشواهد التاريخية على ذلك كثيرة جدا ، فمن الدول التي أسسها كذابون ضالون منحرفون : دولة القرامطة ، و دولة الحشاشين ، و دولة العبيديين ، و دولة البرغواطيين ، و دولة اليهود . و منهم أيضا كذابون فشلوا في تكوين دول لهم ، كزعيم الحركة الرواندية ، و صاحب الزنج ، و أستاذ سيس ،في ثوراتهم على العباسيين في القرنين الثاني و الثالث الهجريين .
و في مقابل هؤلاء هناك صادقون كثيرون أسسوا دولا ، كدولة الخلافة الراشدة ، و دولة عبد الله بن الزبير ، و دولة الزنكيين ، و دولة الأيوبيين ، و دولة المرابطين ، و منهم أيضا صادقون فشلوا في تكوين دول لهم ، كالحسين –رضي الله عنه- ،و العلويين السنيين الذين فشلوا في خروجهم على الأمويين و العباسيين .
و النصارى في زماننا هذا ظاهرون ،و يُهيمنون على العالم ، و يزعمون أنهم على دين المسيح-عليه السلام- ، فهل هذا الظهور دليل على صدق ديانتهم و صوابها ؟ ، طبعا لا ، لأنهم على دين محرف بشهادة القرآن الكريم ،و السنة النبوية ، و البراهين العقلية و العلمية الكثيرة ، فالظهور الدنيوي إذن ، ليس دليلا بالضرورة على الصدق و لا على الكذب ، و إنما صدق الدعوات و صحة أفكارها يقوم أساسا على الحق الذي تحمله المؤيد بالأدلة النقلية و العقلية و العلمية الصحيحة .

و بذلك يتبين أن أدلة ابن خلدون في إثبات صحة انتساب العبيديين للعلويين ، هي كلها لا تصح ، و فيها كثير من المغالطات و التمويهات و المخالفات لكثير من حقائق المنقول و المعقول و التاريخ . و في مقابل ذلك نجد أدلة إثبات كذب هؤلاء في انتسابهم للعلويين ، قوية و راجحة ، نذكر منها ما يأتي :
أولها إن كثيرا من البيوتات العلوية أنكرت ما زعمه العبيديون من انتسابهم للعلويين ، و قالت إنهم خوارج كذبة . و ثانيها هو إن هؤلاء العبيديين –لما أقاموا دولتهم- أظهروا كفرا بواحا ،و ادعى بعضهم الألوهية ، و سبوا الأنبياء و الصحابة ،و سفكوا الدماء ، و أحلوا الخمر و أباحوا الفروج . و من كان هذا حاله فهو كذاب في انتسابه للإسلام ، و كذاب أيضا في زعمه أنه على منهاج علي بن أبي طالب و بنيه- رضي الله عنهم- ، فما كان علي و أولاده على مذهب هؤلاء العبيديين الزنادقة ، و إنما كان هو و بنوه على مذهب أهل السنة و الجماعة . و إذا كان ذلك هو حال العبيديين فإنهم على الأرجح هم أيضا كذبة في انتسابهم للعلويين .
و الدليل الثالث هو أن العبيديين لما كوّنوا دولتهم ارتكبوا في حق أهل السنة بالمغرب الإسلامي جرائم نكراء ، و أقاموا لهم دار النحر ذبحوهم فيها كالكباش ظلما و عدوانا ، مما دفع علماء القيروان إلى إصدار فتوى بكفرهم و زندقتهم و الدعوة لحمل السيف لجهادهم . فهذه التصرفات التي قام بها هؤلاء العبيديون ، هي دليل قوي على أنهم ليسوا من العلويين ، لأن العلويين الذين انتسبوا إليهم و هم علي و أولاده ، كانوا من أهل السنة و لم يكونوا رافضة أصلا ، فهذه المخالفة دليل قوي علىكذبهم .
و الدليل الرابع هو أن هؤلاء العبيديين عندما ادعوا النسب العلوي كانوا في مرحلة التستر و الكتمان ، نظموا خلالها جماعتهم و ادعوا فيها ما شاءوا ، بعيدين عن أعين الناس ، و عليه فنحن من حقنا أن نشك في كل ما زعموه ،و ننكر الدعاوى التي لا دليل عليها و تردها الشواهد التاريخية ، خاصة و أنه قد ثبت أنهم بالفعل كانوا كذبة ضالين منحرفين .
...


و الدليل الخامس يتمثل في المحضر الذي كتبه كبار علماء بغداد و قضاتها و أعيانها ، في سنة 402 هجرية ، أنكروا فيه دعوى العبيديين انتسابهم للبيت العلوي ، و شهدوا عليهم بالكذب و الزندقة ، و الضلال و الانحراف ، و وقّعوا على ذلك بخطوطهم ، على اختلاف طوائفهم ، من شيعة وسنة ، و من علويين و عباسيين ،و غيرهم .
فهذا المحضر دليل قوي ،و شاهد تاريخي على إجماع كبار علماء بغداد و أعيانها على تكذيب دعوى العبيديين في انتسابهم للبيت العلوي ، فما موقف ابن خلدون منه ؟ أشار إليه في مقدمته و تاريخه ،و قال إن الذين كتبوه سايروا فيه الدولة العباسية ، و إن معظمهم كانوا شيعة لها .

و موقفه هذا خطير جدا ، مؤداه أن علماء بغداد و أعيانها كتبوا ذلك المحضر تزلفا للخليفة و مراعاة له ، فكتموا الحقيقة ،و شهدوا شهادة زور ، فهذا اتهام خطير لهؤلاء وقع فيه ابن خلدون ، فصدّق العبيديين الكذبة المنحرفين , و كذّب كثيرا من علماء بغداد و أعيانها الصادقين ، كل ذلك لكي يُثبت ما ذهب هو إليه من صحة نسب العبيديين . و نحن قد سبق أن أبطلنا أدلته ،و أثبتنا أنها لا تنهض دليلا لإثبات ما زعمه ، و هذا المحضر الذي ذكرناه تؤيده الأدلة التي أوردناها ،و هو يصب فيها ، لكن ابن خلدون قلل من أهميته و قزّمه ، تدعيما لما ذهب إليه .
و أشير في هذا المقام إلى أمر هام جدا ، مفاده أن ابن خلدون في موقفه من تصحيح نسب العبيديين ، ساير فيه المؤرخ ابن الأثير (ت630ه) في دفاعه عن نسب العبيديين و تصحيحه ، فتبنى موقفه ،و اعتمد على أدلته ،و لم يُشر إلى ذلك ، وكأن ما قاله عنهم هو كله من عنده ،ولم يأخذه من عند ابن الأثير .
و بذلك يتبين من تتبعنا لمواقف ابن خلدون من مسألة نسب العبيديين الإسماعيليين ، أنه كان مصرا على تصديقهم في انتسابهم للعلويين ، و دافع عنهم بقوة ، فلماذا كل هذا الإصرار لإثبات نسب هؤلاء ؟ ! .
و إجابة على ذلك يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني: (( و ابن خلدون لانحرافه على آل علي ، يُثبت نسب الفاطميين إليهم ، لما اشتهروا من سوء معتقد الفاطميين ، و كون بعضهم نُسب للزندقة و ادعى الإلهية ، كالحاكم ،و بعضهم في الغاية من التعصب لمذهب الرفض ، حتى قُتل في زمانهم جمع من أهل السنة ، و كان يُصرح بسب الصحابة في جوامعهم و مجامعهم ، فإذا كانوا بهذه المثابة ، و صحّ أنهم من آل علي حقيقة، إلتصق بآل علي العيب )) .

و لانحرافه –أي ابن خلدون- على العلويين كان الحافظ أبو الحسن الهيثمي يُبالغ في الغض من ابن خلدون و يسبه و يلعنه ، عندما بلغه إنه قال عن الحُسين (( قُتل بسيف جده )) ، لكن ابن حجر-الذي روى الخبر- قال إن مقولة ابن خلدون هذه لا توجد في تاريخه العبر ،و ربما كان ذكرها في النسخة الأولى منه ، ثمر تراجع عنها و حذفها .و عنها قال الشوكاني إنه إذا صحّت تلك المقولة عنه ، فهو ممن أضله الله على علم .
لكنني عثرت في المقدمة على ما يخالف ذلك ، فالرجل –أي ابن خلدون- دافع عن الحسين ، في قوله : (( و غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا ، فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم و القواصم ، ما معناه ، إن الحسين قُتل بشرع جده ، و هو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل ، و من أعدل من الحسين في زمانه في إمامته و عدالته في قتال أهل الآراء ؟)) . فمقولة (( قُتل بسيف جده )) المنسوبة لابن خلدون تُشبه-في المعنى- مقولة (( قُتل بشرع جده )) المنسوبة لابن العربي ، و قد انتقده فيها ابن خلدون ، و دافع عن الحسين-رضي الله عنه- مما يدل على ان ابن خلدون بريء من تلك المقولة المنسوبة إليه في الحسين ، اللهم إلا إذا كان قالها ثم حذفها من تاريخه ، و هذا أيضا مُستبعد لأن ابن خلدون لم يُوافق ابن العربي فيما قاله عن الحسين .
لكن مع ذلك تبقى تهمة انحراف ابن خلدون على العلويين عموما قائمة و تلاحقه ، لأنه تَرجّح لدي أن ما نقله السخاوي عن ابن حجر في تأكيده على انحراف ابن خلدون على العلويين ، فيه جانب كبير من الصحة ، بدليل الشواهد الآتية :
أولها إنه-أي ابن خلدون- قال بصحة نسب العبيديين في ادعائهم للنسب العلوي من جهة ، و وصفهم بأنهم كانوا على الكفر و الإلحاد في الدين ،و التعمق في الرافضية. ثم سماهم بأهل البيت ،و أنهم رافضة طبقوا بمصر فقه أهل البيت من جهة أخرى، و قال أيضا : (( و شذّ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها ،و فقه انفردوا به ، و بنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح ،و على قولهم بعصمة الأئمة ،و رفع الخلاف عن أقوالهم ،و هي كلها أصول واهية )) .
و كلامه هذا صريح لا لبس فيه ، بأن العبيديين من آل البيت كانوا على مذهبهم ،و عنهم أخذوه ،و هو الذي طبقوه بمصر ، و قد وصفهم بأنهم أهل كفر و إلحاد و ضلال ، و بما أنه زعم أنهم كانوا على مذهب آل البيت العلوي ، فهذا يستلزم أن آل البيت هم أيضا على ضلال و إلحاد و انحراف،و عنهم أخذ العبيديون ذلك الضلال ،و هذه نتيجة منطقية تستلزمها مقولة ابن خلدون ، مع العلم أن لازم المذهب ليس مذهبا بالضرورة .
و حاشا أهل البيت أن يكون ذلك حالهم ،و ما زعمه ابن خلدون كلام باطل من أساسه ، و لا توجد أية علاقة صحيحة بين آل البيت و هؤلاء الزنادقة الضالين ، فآل البيت العلوي و العباسي ، كانوا من أهل السنة ، و لم يقولوا بوجود الأئمة ،و لا بعصمتهم ،و لم يشذوا بأفكارهم عن مذهب أهل السنة ، كما زعم ابن خلدون ، و الأدلة على ذلك كثيرة جدا ، منها :
إنه صحّ الخبر أن عليا –رضي الله عنه- اعترف صراحة في خطبة له أن رسول الله –عليه الصلاة و السلام- لم يعهد إليه في الإمارة شيئا . و لم يخصهم و لم يعهد إليهم بشيء . و صحّ عنه إنه كان يقول أمام الناس: خير الناس بعد الرسول أبو بكر و عمر . و صحّ أيضا عن جعفر الصادق إنه قال : (( بَرِء الله ممن تبرأ من أبي بكر و عمر )) .
و الدليل الثاني هو أن روايات آل البيت الحديثية، موجودة في مصنفات أهل السنة ، و هم عندهم ثقات ، على رأسهم : علي بن ابي طالب ، و الحسن ، و الحسين ، و علي بن الحسين ،و زيد بن علي ، و جعفر الصادق، و غيرهم كثير .
و الدليل الثالث هو أن فقه أهل البيت العلوي لا يختلف عن فقه علماء أهل السنة و الجماعة ، و هو مدون في مصنفات السنيين مع فقههم دون تمييز ، كفقه علي بن أبي طالب ،و علي بن الحسين ،و جعفر الصادق –رضي الله عنهم- .
و بذلك يتبين أنه لو كان آل البيت على عقائد و فقه العبيديين الضالين ، ما جعل أهل السنة آل علي من جماعتهم و ما قبلوا رواياتهم الحديثية ،و لا فتاويهم الفقهية و ما جعلوها من فقههم ، الأمر الذي يُثبت قطعا أن ما زعمه ابن خلدون في أن مذهب العبيديين هو مذهب آل البيت ، هو زعم باطل ،و افتراء مُتعمد من ابن خلدون ، لأن زعمه ظاهر البطلان ، لا يغيب عن فقيه مثله .

و الشاهد الثاني -على إثبات ما قاله ابن حجر- هو أن ابن خلدون زعم أن مذهب العبيديين القائم على الكفر و الزندقة و الإلحاد ، هو مذهب آل البيت ، و هو الذي طبقوه بمصر ، و هذا يستلزم أن آل البيت كانوا مثلهم في ذلك الضلال كما سبق أن ذكرنا ذلك . و هذا أمر خطير جدا ، قرره ابن خلدون ، لكن الغريب أنه قرر ذلك و سكت عنه ،و لم يستخدم آية التطهير لينفي عنهم ذلك الضلال الكبير ، كما استخدمها في الدفاع عن إدريس بن عبد الله العلوي . و لا شك أن الدفاع عنهم لتنزيههم عن الكفر و الزندقة و الضلال و البدعة أولى من الدفاع عن أحدهم من بعض الفواحش ، لكنه سكت و لم يفعل ذلك ! ! فلم يُنزه العبيديين و لا آل علي ، رغم سهولة الدفاع عنهم ، لأن آية التطهير جاهزة حسب فهم ابن خلدون لها ، و مع ذلك لم ينزههم ، و يبدو و الله أعلم أنه فعل ذلك لكي يُسيء للعلويين بإلحاق العبيديين بهم .

و الشاهد الثالث –على إثبات ما قاله ابن حجر- هو أن ابن خلدون زعم أن بداية الدعوة العُبيدية بالمغرب الإسلامي تعود إلى أيام جعفر الصادق المتوفى سنة 148ه ، الذي أرسل بعض دعاته إلى المغرب لنشر دعوته قبل قيام الدولة العبيدية سنة 296ه ، و ابن خلدون في زعمه هذا يُساير الرواية العبيدية التي تقول ذلك ، و هو زعم باطل ، لأن جعفر الصادق كان سنيا و لم يكن عُبيديا رافضيا إسماعيليا ، مما قد يُشير إلى أن إثبات ابن خلدون لتلك العلاقة المزعومة الهدف منها الإساءة لآل علي.

و بذلك يتبين مما ذكرناه في مبحثنا هذا أن دفاع ابن خلدون عن العبيديين و تصحيحه لنسبهم العلوي ، لم يكن موفقا فيهما ، لأن أدلته كانت ضعيفة جدا ، لم تصمد أمام النقد العلمي المُدعم بالشواهد المتنوعة الصحيحة ، مما يُرجح مقولة ابن حجر العسقلاني ، من أنه –أي ابن خلدون- كان يرمي من وراء موقفه من نسب العبيديين الطعن في آل علي و الإساءة إليهم ، لأنه كان منحرفا عليهم ، و الله أعلم بالصواب .






التوقيع :
حساب وقناة اخونا أبو عمر الباحث مكافح الشبهات :
..
https://twitter.com/AntiShubohat
..
https://www.youtube.com/user/AntiShubohat/videos

حساب وقناة اخونا - حبيب المهتدين - رامي عيسى :
https://twitter.com/RAMY_EASA2016

https://www.youtube.com/channel/UCtm...Uf8_3yA/videos
من مواضيعي في المنتدى
»» غلاء المهور كسرآ للظهور
»» ابن تيمية وكروية الارض
»» الرد على شبهة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بصفية دون عدة
»» حاطب الليل من يعتقد عقيدة اساسها المجاهيل
»» فَإِنِّي لَكُمْ وَزِيرٌ خَيْرٌ مِنِّي لَكُمْ أَمِيرٌ
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:31 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "