الإسماعيلية قوم بهت رأس مالهم سب السلف والأئمة وإنكار ما لله تعالى من الأسماء والصفات, فالله تعالى قد وصف نفسه بصفات وسمى نفسه بأسماء وهي معلومة في القرآن العظيم ولكن القوم أبوا إلا الشقاق والعناد لله ورسوله صلى الله عليه وسلم, فمن ذلك قول داعيهم
يقول المؤيد الشيرازي في نفي ذات الله سبحانه: "إن الله لا يقال له ذات؛ لأن كل ذات حاملة للصفات"([1]).
فليس هو بذات عندهم، بل وليس بشيء كما يقولالكرماني: " إنه لا يقال لله شيء؛ لأن الشيء يقتضي شيئاً شيئه"، وترتب علىإنكار الذات إنكارهم للصفات، كما يقول صاحب الكافية: "ليس هو موجود فيوصفولا غائب فينعت"([2]).
وهذا النفي يجعلونه من أعظم العبادات والقرب كما يقول السجستاني: "بأن عبادة القلب لله هي نفي الصفات عن الله سبحانه"([3]).
ومن كلامهم في النفي إجمالاً: قول الكرماني في كتابه راحة العقل: "إنه تعالى لا ينال بصفة من الصفات"([4]).
وقال صاحب المجالس الحاتمية: "لا ينعت بالحرف ولا يسمى بصفة"([5]).
ثم يعلل الكرماني هذا التعطيل بقوله: "وفيالجملة فليس في اللغات الموجودة بين البشر ما يمكن به الإعراب عن اللهتعالى بحسب اللائق به لأنها محدثة ولا تدل إلا على ما كان محدث مثل حالها"([6]).
وهو ما يراه صاحب المجالس المؤيدية([7]).
وينظم هذا التعطيل والغاية من هذه العقيدة؛ صاحب القصيدة التائية عند كلامه على التوحيد الإسماعيلي فيقول: تجليت في هذا وذاك فلم يروك
وحيرت فيك أهل العقول بذا وذا
فلا أنت مولود ولا أنت والد
ولا أنت منسوب إلى جوهر ولا
ولا أنت روحاني ذات بسيطة
ولا أنت علوي ولا أنت سافل
ولا أنت مخفي ولا أنت ظاهر
وتاهوا فيك من فرط دهشة
فألقيتهم بالوهم في كل شبهة
لأنك فرد الذات من غير قسمة
إلى عرض يعزى إلى عنصرية
ولا أنت جسم ذو مواد كثيفة
ولا أنت محصور بحد وعرصة
ولا أنت ذو طبع وبطبيعة
إلى قوله ...
ولا أنت في شيء من الكل داخلولا أنت خارج عنه وهذي عقيدتي
فأنت إذاً فرد لك الكـل ساجـداولا كـل إلا أنـت يا كـل صفوة([8])
فهذه الأبيات تؤدي إلى إله هو العدم.
فبالله عليكم يا إسماعيلية من الذي ينفي وجودالله تعالى ومن الذي يعبد المعدوم ومن أشد منكم إلحاداً بعد هذا هل تقرونبما يقر به علماءكم ودعاتكم أم لا؟
أيها القارئ الكريم هذا كلام الباطنية في حقالله تعالى, والله تعالى هو أعلم بنفسه من الباطنية وقد وصف نفسه بصفاتوسمى نفسه بأسماء فهو الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيزالجبار المتكبر هو الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولانوم هو الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض وهو على كل شيء قدير هوالذي يسمع دبيب النملة في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء هو الذي لايشغله صوت عن صوت ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فماذا تريدون منمخالفتكم لكتاب ربكم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, كيف تصفون الله تعالىبالعدم وأنه غير موجود والله قد عرفنا بنفسه في كتابه الكريم, فتأمل أيهاالقارئ الفاضل لتجد في النهاية أن منتهى ما يصبو إليه القوم نفي وجود اللهونفي ما نفاه الله عن نفسه فهذه دعوة للمراجعة والتوبة والتحاكم إلى شرعالله وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا إلى الفلاسفة الباطنيةوالخرافات الإسماعيلية.
وهل لهذه الأقوال أصل في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فترى بعضهم ينكر على أهل السنة بعض الألفاظ التي يظن بعضهم بجهله عدم جواز استعمالها في حق الله تعالى والمتصفح ما عم وطم في الديانة الباطنية يجد العجب فهذا غيض من فيض وقطرة من بحر من عقائدكم الإسماعيلية فكونوا على يقين أن الله تعالى ناصر دينه ومعز لأوليائه ومحقق لوعده الذي وعد به عباده الصالحين.
[1]- كما نقله عنه الحامدي في كتابه كنز الولد ص13، ومجموع التربية لمجموعة من دعاتهم 2/1، مخطوط.
[2]- الرسالة الكافية ص25، وانظر قواعد عقائد آل محمد للديلمي ص14.
[3]- اثبات النبوات للسجستاني ص175.
[4]- راحة العقل للكرماني ص135.
[5]- المجالس الحاتمية لحاتم بن إبراهيم الحامدي ص1/371-372.
[6]- الرياض للكرماني ص218، وراحة العقل للكرماني ص144-146، وانظر زهر المعاني للقرشي ص13، ورسائل اخوان الصفاء 4/63.
[7]- المجالس المؤيدية للشيرازي ص37.
[8]- القصيدة التائية لعامر بن عامر البصري 81-85 ضمن أربع رسائل إسماعيلية، تحقيق: عارف تامر.