أَدِلَّةُ الرَّافِضِيِّ الْجَهُولِ عَلَى وَضْعِ حَدِيثِ « عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ »
ــــــ
قَالَ الرَّافِضِىُّ الْمُسَمَّى بِالْمِيلانِيِّ :
(( 1 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُكَذِّبُهُ وَاقِعُ الْحَالِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أَنْفَسِهِمْ ، فَلَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ كَثِيرَاً مَّا يُخَالِفُونَ سَنَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَالْمَفْرُوضُ أَنَّهُمَا مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، بَلْ لَقَدْ خَالَفَ الثَّانِي مِنْهُمَا الأَوَّلَ فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوْرِدٍ !! ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ حَقَّاً لَمَا وَقَعَتْ تَلِكَ الْخِلافَاتُ وَالْمُخَالَفَاتُ ! .
هَذَا مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَلَي أَسَاسِهِ أَوَّلُوا الْحَدِيثَ ، وَقَدْ نَصَّ بَعْضُهُمْ كَشَارِحِ مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ عَلَى ضَرُورَةِ تَأْوِيلِهِ .
قُلْتُ : لَكِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُضَّطَرَ إِلَيْهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الأصحاب ملتزمين بإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنقادين لأوامره ونواهيه ، ولكن .
2 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ وَأَسَانِيدِهِ يَنْتَهَي إلَى الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلُمِيِّ ، فَهُوَ الرَّاوِي الْوَحِيدُ لَهُ . وَهَذَا مَمَّا يُورِثُ الشَّكَّ فِي صُدُورِهِ ، لأَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ بَعْدَ الصَّلاةِ ، وَكَانَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، ثُمَّ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى الأُمَّةِ ، فَقَالَ : « عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي » ، فَكَيْفَ لَمْ يَرْوِه إِلا الْعِرْبَاضُ ؟! ، وَلِمْ لَمْ يَرْوُوهُ إِلا عَنْ الْعِرْبَاضِ ؟! .
3 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ فِي الشَّامِ ، وَإِنَّمَا تَنَاقَلَهُ وَرَوَّجَهُ أَهْلُ الشَّامِ ! ، وَأَكْثَرُ رُوَاتِهِ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ بَالْخُصُوصِ ، وَهُمْ مِنْ أَنْصَارِ مُعَاوِيَةَ ، وَأَشَدُّ أَعْدَاءِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ .
فَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذِهِ النَّاحِيَةِ ، لا سِيَّمَا مَعَ ضَمِّ النَّظَرِ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ ، لا يَبْقَى وُثُوقٌ بِصُدُورِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ كَيْفَ يُوثَقُ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ حِمْصِيٌّ عَنْ حِمْصِيٍّ عَنْ حِمْصِيٍّ !! . وَلا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ حَمَلَةِ الْحَدِيثِ وَالأثَرِ عِلْمٌ بِهِ ؟! ، وَأَهْلُ الشَّامِ قَاطَبَةً غَيْرُ مُتَحَرِّجِينَ مِنْ الافْتِعَالِ لِمَا يَنْتَهِي إِلَى تَشْيِيدِ سُلْطَانِ مُعَاوِيَةَ أَوْ الْحَطِّ مِمَّنْ خَالَفَهُ ! .
4 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا أَعْرَضَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، وَكَذَا النَّسَائِيُّ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ . وَقَدْ بَنَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءَ الْكِبَارِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى عَدَمِ الاعْتِنَاءِ بِحَدِيثِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى الإِعْرَاضِ عَنْهُ ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَرْبَابُ السُّنَنِ عَلَى إِخْرَاجِهِ وَالْعِنَايَةِ بِهِ .
قَالَ ابْنُ تَيْمَيَّةَ بِجَوَابِ حَديثِ افْتِرَاقِ الأُمَّةِ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً : « هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، بَلْ قَدْ طَعَنَ فِيهِ بَعْضُ أهْلِ الْحَدِيثِ كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ قَدْ أَوْرَدَهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ ، وَرَوَاهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ » .
قُلْتُ : وَمِنْ عَجِيبِ الاتِّفَاقِ أنَّ حَدِيثَ « عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي » كَذَلِكَ تَمَامَاً ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، بَلْ قَدْ طعَنَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَابْنِ الْقَطَّانِ ، وَلَكِنْ قَدْ أَوْرَدَهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ ، وَرَوَاهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ ، بَلْ إِنَّهُمْ بَنَوْا عَلَى ذلك طَرْحِ الْخَبَرِ إِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
قُلْتُ : فَكَذَا حَدِيثُنَا .. فَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ لَمْ يَصْبِرْ عَنْ إِخْرَاجِهِ ، وَالاحْتِجَاجِ بِهِ . كَيْفَ وَقَدْ تَبِعَهُ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ بِمَرْأَى وَمَشْهِدٍ مِنْهُمَا ؟! ، ثُمَّ جَاءَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ ، فَأَرَادَ تَوْجِيهَ إِعْرَاضِهِمَا عَنْهُ بِأَنَّهُمَا « تَوَهَّمَا .. » ، أَيْ إِنَّ اعْرَاضَهُمَا موهن ، وَلَكِنَّهُمَا تَوَهَّمَا ، وَلَوْلا ذَلِكَ لأَخْرَجَاهُ . وَسَنَرَى أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الْمُتَوَّهِمُ .
5 ـ ثُمَّ إِنَّ الْمُخَرِّجِينَ لَهُ ، مِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ كَالتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَكَتَ عَنْهُ كَأَبِي دَاوُدَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ فِي الْحِسَانِ كَالْبَغَوِيِّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبُطَلانِ كَابْنِ الْقَطَّانِ )) اهـ .