بعد 8 أعوام .. القائد البرغوثي ما زال يُرعِبُ عرش سجّانه
2011-03-05
القسام ـ خاص :
كالجبل يقف بينهم,يصرح ويقول ويهدد ويتوعد , وهو بين أيديهم وفي أسرهم,والقيد الفضي المشدود من صنع أيدهم,وكأنه لا يبالي ولا يكترث,ولا حتى كأنه يراهم أويسمع صوتهم فهم في عينيه سراب.
فبعد مرور ثمانية سنوات على اعتقاله في مثل هذا اليوم ، يخشى العدو الصهيوني إطلاق سراح الأسير في سجونه المظلمة عبد الله البرغوثي أحد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة المحتلة ، نتيجة مدى الرعب والذعر الذي زرعه البرغوثي في قلوب أركان الدولة العبرية، التي باتت عاجزة ومترددة في إتمام صفقة تكفل الإفراج عن جنديها الأسير في غزة جلعاد شاليط.
وتحمل قوات الاحتلال، البرغوثي، المسؤولية عن العديد من العمليات الاستشهادية البطولية، التي أسفرت عن مصرع أكثر من 66 صهيونياً وجرح نحو 500 آخرين بجروح وإحداث دمار هائل في الممتلكات العامة والخاصة وخسائر مباشرة تقدر بملايين الدولارات، عدا عن كونه خبيراً في صناعة المتفجرات، الأمر الذي يثير مخاوفها خشية عودته إلى نشاطه العسكري في صفوف الجناح العسكري لحركة حماس.
ولادة القائد
ولد عبد الله غالب عبد الله البرغوثي في الكويت عام 1972، وعاش فيها حتى عام 1991، ثم انتقل بعد حرب الخليج للعيش في الأردن، حيث حصل على شهادة الثانوية العامة، وبعد ذلك توجه إلى كوريا بهدف العمل وإكمال تعليمه، حيث درس الأدب الكوري لمدة عامين، ثم عاد مجدداً إلى الأردن ليكمل دراسته، حيث حصل على شهادة في الميكانــــيـــــكـــــا الصناعية.
تمتع البرغوثي بالعديد من الصفات والمواهب، فبالإضافة لكونه حاصلاً على الحزام الأسود في "الجودو"، وامتلاكه بنية قوية، حيث يبلغ طوله 182سم، فهو ماهر بالمجال الكهربائي أيضا.
عاد البرغوثي إلى الضفة الغربية، وتحديداً إلى بلدته الأصلية (بيت ريما) قضاء رام الله عام 1999، وعمل في مدينة القدس المحتلة حتى عام 2000، حيث حال اندلاع انتفاضة الأقصى وتأججها دون مواصلته للعمل في القدس المحتلة .
اعتقلوه على غير يقين
في بداية عام 2002 عند اجتياح عمارة النتشة وتدميرها من أجل البحث عن مطلوبين ، كان عبد الله بداخلها وقاموا باحتجازه مع الشبان ولم يستطيعوا التعرف عليه..."، وهكذا كان البرغوثي يغادر بيته ويعود إليه بكل هدوء وبدون أن يضطر للتخفي، ويخرج مع أطفاله في نزهة قصيرة لا تثير شكوك أي من المارة على الأرض أو في الجو..
ولكن بعد أكثر من خمسة عشرة شهرا، استطاعت خلالها حماس تسديد أقصى الضربات في قلب القدس المحتلة، " وتل أبيب"، استطاعت المخابرات الصهيونية اصطياده على غير يقين من هويته في الخامس من آذار 2003، حيث كان يخرج من إحدى مستشفيات رام الله، بعد أن أسرع صباحا الى معالجة طفلته الكبرى تالا" 3.5 سنوات " في حينها، عندما فوجئ بالقوات الخاصة تقتحم يديه وتكبله، ..نسي لوهلة أنه عبد الله البرغوثي المطلوب الأول، وتذكر أن طفلته وحيدة ستظل في الشارع...ألقوا به في سيارة عسكرية، وتركت الصغيرة على الرصيف في صدمة وبكاء مرير.
تقول الأم:" علمت بالأمر، بعد ساعة تقريبا، ومع ذلك لم أخرج من البيت، ولكن في ساعات المساء كانت الشرطة الفلسطينية قد عممت صور تالا على التلفزيونات المحلية، فذهبت إليهم، وأخبروني أن أحد أقاربنا قد تعرف عليها واصطحبها الى منزله، بعدها لم أشاهدها الا بعد ثلاثة أيام، وهي الفترة التي كان زوجي عبد الله قد طلب مني خلالها أن لا أخرج ولا أعلم أحدا بأمر اعتقاله، لأن المخابرات الصهيونية نفسها لم تكن متأكدة من هويته، ولا يريد أن يتم تأكيدها من قبلنا..".
خمسة أشهر تحت التحقيق
وبمجرد اعتقاله تم تحويل البرغوثي مباشرة الى معتقل تحقيق المسكوبية في القدس، وعلى الفور بدأ التحقيق، " تقول زوجته:" عرفنا أنه خلال التحقيق تعرض لتعذيب قاس، وبالرغم من ذلك لم يقدم أية اعترافات، فقد استخدم المحققون معه أسلوب التحقيق المتواصل طيلة 24 ساعة، وذلك لفترة زادت عن 13 يوما، بدون أن يمنح دقائق للنوم، بالإضافة الى الشبح المتواصل على كرسي صغير، وأسلوب الكيس الموضوع على الرأس لفترة طويلة، عدا عن الضرب والتهديدات باعتقال الزوجة وخطف الأولاد، وهدم المنزل، وتشريد العائلة والأقارب.."، وعلى الرغم من أن أقصى مدة تحقيق مسموح بها قانونيا لا تتجاوز التسعين يوما، الا أن التحقيق المتواصل مع التعذيب استمر مع عبد الله البرغوثي مدة زادت عن الخمسة أشهر، حيث اعتقل في آذار وخرج من التحقيق في نهاية شهر آب من نفس العام.
وبعد ذلك تم تحويله مباشرة الى عزل " أوهالي ايكدار" مباشرة، حيث خضع منذ ذلك الحين لتضييق نفسي صعب ضده وألقي في ذات الزنزانة التي كان يقبع بها قاتل رابين، وفي الحادي والثلاثين من تشرين ثاني 2003، عقدت المحكمة العسكرية الصهيونية جلسة عاجلة نطقت فيها بالحكم النهائي، تقول الزوجة بلهجة ساخرة:" في الحقيقة لقد فوجئنا من الحكم، كنا نتوقع 66 مؤبدا، وكان أن زادوه مؤبدا آخر، والحمد لله على كل شيء..".
ويسمح العدو للقائد البرغوثي بالخروج لساعة واحدة فقط إلى الفورة ( الساحة الأمامية أمام زنزانته العزل) ، ويقبع الأسير حالياً في عزل جلبوع منذ تاريخ 15/1/2010.
وما زال قائد القسام يتمتع بعزيمة جبارة ومعنويات عالية، وهو على يقين بأنه سوف يرى النور والحرية في أقرب فرصة سواء بصفقة التبادل أو غيرها كما قال من داخل زنزانته .