لماذا ارتبط اللطف الإلهى عند الشيعة بوجود الأئمة؟
ركن الامامة هو الركن الذى تفرد به الامامية عن غيرهم من الطوائف ، فجعلوا منكرها مرتداً منكراً للدين عندهم ـ على الرغم من اختلاف علمائهم حولها ـ
فالإمامة عندهم هى لطف عام و إنكارها أشد من إنكار اللطف الخاص ( النبوة ) .
و اعتمدوا فى ذلك المعتقد على أن بقاء الامام حيا ً هو مظهر من مظاهر اللطف الإلهى بل هو واجب على الله .
ووضعوا العواقب و النتائج المهلكة لغياب ذلك الامام
و سأكتفى فقط بما أورده الكلينى حيث ذكر :
عَلِيٌّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ عَنْ أَبِي هَرَاسَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ رُفِعَ مِنَ الْأَرْضِ سَاعَةً لَمَاجَتْ بِأَهْلِهَا كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ . الكافي : المجلد الأول صفحة (179)
و أيضا : على بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام )أَ تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ قَالَ لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ لَسَاخَتْ . الكافي : المجلد الأول صفحة (179)
فوجود الامام حياً لطف إلهى واجب على الله حتى لا تسيخ الأرض و لا تموج بأهلها ،
فلا ينبغى للأرض أن تبقى بغير إمام و إلا لانعدم ذلك اللطف ،
وحددوا عدد أولئك الأئمة باثنى عشر إماما محددين بأسمائهم .
بينما نجد و بمراجعة بسيطة لآيات الله و كلامه سبحانه أن لطف الله ليس متعلقاً و لا متوقفاً على حياة أحد .
فالله هو اللطيف سبحانه : "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)" الشورى
فاللطيف : اسم من أسماء الله و صفة من صفاته سبحانه .
فمظاهر لطف الله لا تعد ولا تحصى و ليست متوقفة على أحد من عباده بل هى بيد الله وحده سبحانه .
فأنزل إلينا كتابه الخالد المحفوظ و تكفل بحفظه وجعل فيه الهدى و التبيان و الشفاء و أمرنا أن نتدبره ،
فتعلمه و تدبره ليس حكراً على أحد من خلقه .
" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) " سورة ص
و أرسل إلينا رسوله صلى الله عليه و آله وسلم معلماً و ناصحاً وجعله بنا رؤوفاً رحيماً ، فبيّن و نصح للأمة .
وجعل تلك الأمة خير أمة أخرجت للناس فأخرج من تلك الأمة من تكفل بجمع كتابه الكريم المحفوظ بحفظ الله له ،
و ويسر لهم من شرع فى جمع الأحاديث و الروايات الصحيحة عن نبى الاسلام صلى الله عليه وآله سلم .
و أمرنا بأن تنفر جماعة من المسلمين ليتفقهوا فى الدين : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) " سورة التوبة
إذا فلم يتوقف طلب العلم هنا على أشخاص بأعيانهم .
ولم يتوقف اللطف الإلهى على حياة أحد البشر حتى ولو كان نبى الرحمة صلى الله عليه و آله وسلم ،
فيقول عز وجل : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) " سورة الأنفال
فلطف الله عز وجل لا يتوقف على وجود أى أحد مهما كان يتواجد بحضوره أو ينزوى بغيابه ،
بل هو مستمد منه سبحانه .