نشر في المكتب الرسمي لموقع مكارم الشيرازي ما يلي :
/ هل يؤجر المكتشفون والمخترعون في يوم القيامة؟
********************_CONTRIBUTEDBY ********************
السؤال:
نظراً الى أن عدد من العلماء مثل "أديسون" مخترع الكهرباء , و "غاليلو" مخترع التلسكوب (المرصد) ومكتشف أمور مهمة في الهيئة, و "غوتنبرك" مخترع الطباعة وغيرهم , قد خطوا خطوات مؤثرة في طريق راحة وخدمة البشر ؛ فهل يؤجر أولئك يوم القيامة إزاء ما قدموا من خدمات , أو ستكون كافة أعمالهم هباءً منثوراً نتيجة عدم إسلامهم ورفضهم آخر الشرائع السماوية؟
الجواب:
قبل شرح منطق اللاسلام في هذا الموضوع , من الضروري الاشارة الى بعض الآراء التي تبدى في هذا المجال :
1- يتصور البعض أن كل عمل صالح يخدم المجتمع تكون له قيمة عند الله تعالى , ولا فرق في هذا الصدد بين الموحد وغير الموحد والمسلم وغير المسلم , ولا يمكن أن يفرق الله العادل بين عباده في ذلك .
أولئك يقولون : ما هو تأثير الايمان بالله والاعتقاد بنبوة خاتم الانبياء والمبعوثين منه على العمل , فالعمل الصالح سينفع المجتمع على كل حال , سواء كان مكتشفه موحد أم مشرك , مسلم أم كافر .
2- وفي مقابل هذه الجماعة , هناك جماعة أخرى لا تعير أي اهتمام لهذه الأعمال الانسانية حتى لو كانت مقرونة بحسن النية , فيتجاهلون جميع ذلك , ويعتبرون تلك الأعمال فاقدة لأي اعتبار لافتقار أصحابها الى العقائد الصحيحة.
لكن كلا هذين الرأيين المتقابلين غير صائبين , وثمة رأي ثالث يبدو أنه منطقي وهو أن كل عمل صالح يتسم بسمتين هما :
1- الطابع الشخصي والمصلحي الذي يرجع الى الانسان نفسه .
2- الطابع الاجتماعي الذي تعم فائدته البشر جميعاً , وينتفع منه كافة الأفراد .
كلما كان هدف المخترعين من الجهود العظيمة التي يبذلونها بغية كشف الحقائق واختراع ما هو جديد الحصول على شهرة مطبقة في المجتمعات الانسانية , أو الانتفاع من العوائد المادية لتلك الاختراعات , فقد حصلوا في هذه الحالة على مكافآتهم وبلغوا مناهم وأهدافهم المنشودة , ولا يبقى معنى حينئذ لأن يطلبوا من الله الثواب يوم القيامة ؛ لأنهم - حسب الفرض – لم يأخذوا الله والمجتمع البشري بنظر الاعتبار في تقديم الخدمة لهم , ولم يفكروا في ذلك قط , بل لم يكن الباعث والمحفز لهم نحو ذلك سوى الشهرة والأرباح المادية , والفرض يقول : إنهم نالوا ما كانوا يطمحون إليه .
لكن حينما يكون الدافع لهم نحو البحوث العلمية والخدمات الاجتماعية القيام بعمل ما من أجل توفير الرفاهية والرخاء لعباد الله تعالى , وحل مشاكل الحياة لمختلف الطبقات , وتخفيف أعباء المجتمع الانساني , فمن المسلم أن لهم أجراً وثواباً عند الباري جل وعلا , ومقتضى العدل الالهي هو الحصول على الثواب مقابل أعمالهم .
نقرأ في الأحاديث الاسلامية أن حاتم الطائي يؤجر يوم القيامة على الرغم من كونه مشركاً ولم يؤمن بأي من الأديان السماوية , وإنما كان ملاذاً للفقراء والمساكين بإكرامه إياهم وحل مشاكلهم 1.
وهناك طرق واضحة لمعرفة نوايا المخترعين من اختراعاتهم , وهل كان الدافع من قيامهم بهذه الأعمال دافعاً إنسانياً أم مادياً وشخصياً .
فالعالم الذي يُمنح أموالاً في مصانع القنابل والأسلحة الميكروبية المدمرة أكثر منها في مصانع الأدوية والعقاقير ليُستفاد من خبرته , ويرجح الأولى على الثانية , لا يستحق أجراً وثواباً إلهياً على مكتشفاته العلمية ؛ لأن نيته لا تحمل طابعاً إلهياً وإنسانياً , أما من يغض الطرف عن المنافع المادية من أجل الأوجه الانسانية فيستحق الأجر والثواب , وهو جدير بذلك قطعاً .
1. سفينة البحار, ج 1, ص 607.
http://www.makaremshirazi.org/arabic...rticle&sid=765