العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-03-08, 02:50 AM   رقم المشاركة : 1
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


عدالة الصحابة في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية و دفع الشبهات / عماد الشربيني

عدالـة الصحابـة رضى الله عنهم
في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية
ودفع الشبهات



الدكتور
عماد السيد الشربيني
مدرس الحديث وعلومه
بجامعة الأزهر

1425 هـ - 2005 م



بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عز وجل

 مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا( )0


وقال رسول الله

" إن الله اختار أصحـابي على العالميـن ، سوى النبيـين والمرسليـن ،
واختار لي من أصحابي أربعة :
أبا بكر، وعمر, وعثمان ، وعلياً 
فجعلهم أصحابي
قال في أصحابي كلهم خير , وأختار أمتي على الأمم
وأختار من أمتي أربعة قرون
القرن الأول , والثاني , والثالث ، والرابع "( )0



تقديــــم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد , وعلي آله , وصحبه البررة الأوفياء ، أئمة الدين ، وصفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين , ورضي الله عمن تبع سنتهم ، وسلك طريقتهم ، واقتفى أثرهم ، ونصرهم إلى يوم الدين0

ثم أما بعـــد
فإن الطعن فى عدالة رواة السنة النبوية من صحابة رسول الله ، والتابعين فمن بعدهم إلى الأئمة أصحاب المصنفات الحديثية ، من وسائل غلاة المبتدعة الرافضة ، والخوارج ، والمعتزلة ، والزنادقة( )- فى الطعن فى السنة النبوية0

وغرضهم من ذلك تحطيم الوسيلة التى وصلت السنة النبوية بها إلينا ، وإذا تحطمت الوسيلة يصبح الأصل معتمداً على لا شئ فيصبح لا شئ 0

وقديماً صرح بذلك أحد الزنادقة فيما رواه الخطيب البغدادي فى تاريخه عن أبى داود السجستانى قال : "لماء جاء الرشيد بشاكر - رأس الزنادقة ليضرب عنقه - قال : أخبرنى ، لم تعلِّمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض - أى الطعن فى الصحابة - ؟ قال : إنا نريد الطعن على الناقلة ، فإذا بطلت الناقلة ؛ أوشك أن نبطل المنقول" ( )0

وبذلك صرح ذيل ( شاكر) محمود أبو ريه فى كتابه أضواء على السنة قائلاً : "إن عدالة الصحابة تستلزم ولا ريب الثقة بما يروون ، وما رووه قد حملته كتب الحديث بما فيه من غثاء ، وهذا الغثاء هو مبعث الضرر وأصل الداء"( )0

نعم : إن الصحابة  "هم حجر الزاوية فى بناء الأمة المسلمة ، عنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله  ، وسنة رسوله  , فالغض من شأنهم والتحقير لهم ، بل النظر إليهم بالعين المجردة من الإعتبار، لا يتفق والمركز السامى الذي تبوءوه ، ولا يوائم المهمة الكبرى التى انتدبوا لها ونهضوا بها0

كما أن الطعن فيهم , والتجريح لهم ؛ ‍‍‍‍‍‍‍يغال فى الباطل ! ، وتهجم على الأكابر , وجرح لشعور المسلمين , وهو مرفوض بادئ ذى بدء , كما أنه يقوض دعائم الشريعة ، ويشكك فى صحة القرآن ، ويضيع الثقة بسنة سيد الأنام  ! ؛ فضلاَ عن أنه تجريح وقدح , فيمن بوأهم تلك المكانة ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس !!! . ولا يقبل عاقل مثل هذا القول !!.

لذلك عنى علماء الإسلام قديماً وحديثاً , بالدفاع عن عدالة الصحابة ، لأنه - كما رأيت - دفاع عن الإسلام ، ولم يكن ذلك الدفاع نزوة هوى ، ولا عصبية ؛ بل كان نتيجة لدراسات تحليلية وأبحاث تاريخية ، وتحقيقات بارعة واسعة ، عرضتهم على أدق موازين الرجال ؛ مما تباهى به الأمة الإسلامية كافة الأمم والأجيال0

وبعد هذا التحقيق والتدقيق ، خرج الصحابة  من بوتقة هذا البحث ، وإذا هم خير أمة أخرجت للناس ، وأسمى طائفة عرفها التاريخ ، وأنبل أصحاب لنبي ظهر على وجه الأرض ، وأوعى وأضبط جماعة لما استحفظوا عليه من كتاب الله  , وهدى رسول الله  , وقد اضطر أهل السنة والجماعة ، أن يعلنوا رأيهم هذا كعقيدة ، فقرروا أن الصحابة كلهم عدول0 ولم يشذ عن هذا الرأى إلا المبتدعة والزنادقة قبحهم الله"( )0

وطعون المبتدعة والزنادقة قديماً وحديثاً فى صحابة سيدنا رسول الله  كثيرة 0

وسوف أتناول هنا بمشيئة الله تعالى نماذج من تلك الطعون والشبهات ؛ التي طعنوا بها في عدالة الصحابة ، استعرضها وأفندها 0

على أن أًفرد أيضاً ترجمة لراوية الإسلام الأول أبو هريرة  لنتعرف على مكانته فى الإسلام .
وهذا البحث يقع في ثمانية مباحث :
المبحث الأول : التعريف بالصحابة لغة واصطلاحاً0
المبحث الثاني : التعريف بالعدالة لغة واصطلاحـاً0
المبحث الثالث : أدلــة عدالـــة الصحابــة 0
المبحث الرابع : شبهات حول عدالة الصحابة والرد عليها 0
المبحث الخامس : سنة الصحابـة  حجـة شرعيـة 0
المبحث السادس : من أراد معاوية  فإنما أراد الصحابة جميعاً  .
المبحث السابع : شبهات حول راوية السنة الأول ( أبو هريرة ) والرد عليها 0
المبحث الثامن : حكم الطاعن فى عدالة الصحابة .
الخاتمــــة : في نتائج هذا البحث , وفهرس الموضوعات 0

منهجي في البحث :
1ـ استعرضت شبه ومطاعن أهل الزيغ والهوي , قديمَا وحديثَا , المتضمنة الطعن في عدالة
صحابة سيدنا رسول الله  , و قرنت ذلك بالرد الحاسم الذي يبين بطلان وزيف تلك
الشبه والمطاعن معتمدَا في ذلك علي القرآن الكريم , والسنة المطهرة , والسيرة العطرة ,
وكلام أهل السنة قديمَا وحديثَا .
2 ـ بينت مواضع الآيات التي وردت في البحث بذكر اسم السورة , ورقم الآية في الهامش , مع
وضع الآية بين قوسين 0
3 ـ عزوت الأحاديث التي أوردتها في البحث إلي مصادرها الأصلية , من كتب السنة المعتمدة
فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بالعزو إليهما ، بذكر اسم الكتاب ، واسم
الباب ، وذكر الجزء والصفحة ورقم الحديث ، وأقدم في التخريج من ذكرت لفظه ، مع البيان
غالباً لدرجة الحديث , من خلال أقوال أهل العلم بالحديث ، أو دراستي للسند ، إن كان الحديث
في غير الصحيحين ، وفيما عدا ذلك اقتصر على ما يفيد ثبوت الحديث أورده0






4 ـ اعتمدت في التخريج من الصحيحين على طبعتى البخارى "بشرح فتح البارى" لابن حجر،
والمنهاج "شرح صحيح مسلم" للنووي ، لصحة متون الأحاديث في الشرحين ، ولصحة
عرضهما على أصول الصحيحين ، وتسهيلاً للقارئ لكثرة تداول تلك الشروح ، وإتماماً
للفائدة بالإطلاع على فقه الحديث المخرَّج 0
5 ـ التزمت عند النقل من أي مرجع ، أوالإستفادة منه الإشارة إلى رقم جزئه وصفحته
بالإضافة إلى ذكر طبعات المراجع في الفهرست0
6ـ عند النقل من فتح البارى ، أو المنهاج شرح مسلم للنووي ، أذكر رقم الجزء والصفحة
ورقم الحديث الوارد فيه الكلام المنقول ، تيسيراً للوصول إلى الكلام المنقول ، نظراً
لاختلاف رقم الصفحات تبعاً للطبعات المتعددة 0
7ـ اكتفيت في تراجم الأعلام من الصحابة بذكر مصادر تراجمهم بذكر رقم الجزء والصفحة
ورقم الترجمة ، ولم أترجم لهم لعدالتهم جميعا ، ولم أخالف في ذلك إلا في القليل عندما
تقتضى الترجمة الدفاع عن شبهة 0
8 ـ ترجمت لكثير من الأعلام الذين جرى نقل شئ من كلامهم ، مع ذكر مصادر تراجمهم ،
بذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة 0
9- شرحت المفردات الغريبة التي وردت في بعض الأحاديث مستعيناً في ذلك بكتب غريب
الحديث ، ومعاجم اللغة ، وشروح الحديث 0

والله عز وجل أسال أن ينفع بما كتبت , وأن يتقبله خالصَا لوجهه الكريم 0
والحمــد لله رب العالمـــين
وصلى الله علـى سيدنــا ومولانــا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الراجي عفو ربه الكريم
أبو نور الدين
د/ عماد السيد محمد الشربيني
مدرس الحديـث وعلومـه
بكلية أصول الدين
جامعة الأزهر






=============
هذا الكتاب
يتناول فيه المؤلف الرد علي الطاعنين في عدالة صحابة سيدنا رسول الله  , من أعداء الإسلام من المستشرقين, وأذيالهم ممن يسمون أنفسهم (القرآنيون) وذلك من خلال عدة قضايا أهمها مايلى:
 بيان أن الصحابة  هم حجر الزاوية فى بناء الأمة المسلمة ، عنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله ، وسنة رسوله  , فالغض من شأنهم والتحقير لهم ، بل النظر إليهم بالعين المجردة من الإعتبار، لا يتفق والمركز السامى الذي تبوءوه ، ولا يوائم المهمـة لكبرى التى انتدبوا لها ونهضوا بها0 كما أن الطعن فيهم والتجريح لهم ، يقوض دعائم الشريعة ، ويشكك فى صحة القرآن ، ويضيع الثقة بسنة سيدالأنام  ! ؛ فضلاَ عن أنه تجريح وقدح فيمن بوأهم تلك المكانة ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس !!!
 بيان أن المنافقين الذين كشف الله ورسوله – سترهم ، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم ، والمرتدين الذين ارتدوا فى حياة النبى  وبعد وفاته ، ولم يتوبوا ويرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا على ردتهم ، هم بمعزل من شرف الصحبة ، وبالتالى بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول جمهور العلماء والأئمة إنهم عدول ، وفى تعريف العلماء للصحبة ما ينفى عنها هؤلاء ؛ وأولئك .
 إن الآيات القرآنية , التى جاء فيها عتاب للصحابة أو لبعضهم لارتكابهم بعض المعاصى لخير دليل شاهد على أن المراد بعدالتهم جميعاً ؛ عصمتهم من الكذب فى حديث سيدنا رسول الله  , وليس معنى عدالتهم عصمتهم من المعاصى أو من السهو أو الغلط ، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم , وحتى مع ارتكاب بعضهم لبعض الذنوب ، فقد امتن الله  عليهم بالتوبة والمغفرة لذنوبهم ؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
أن الصورة الحقيقية لسيدنا معاوية , تخالف الصورة الكاذبة التى يصورها الزنادقة من الرافضة ؛ ومن تابعهم من أعداء الإسلام ، والسنة المطهرة ، تلك الصورة التى تنكر ما جاء فى السنة المطهرة عن رسول الله  ، وعن الصحابة ، والتابعين ، من الشهادة له بالصحبة ، والفقه ، والملك العادل ، وحسن السيرة , حتى شهد له من أدركه كمجاهد ؛ والأعمش بأنه المهدى .
 ما اتهم به سيدنا أبو هريرة  ، من أكاذيب وافتراءات من قبل أرباب الأهواء قديماً وحديثاً ، سندهم فيه إما روايات مكذوبة أو ضعيفة ، وإما روايات صحيحة لم يفهموها على وجهها ، بل تأولوها تأويلاً باطلاً يتفق وأهواءهم .

ونسأل الله  التوفيق والسداد ...

======
المبحث الأول
التعريـف بالصحابـة لغـةً واصطلاحـاً

الصحابة فى اللغة : يقال صحب أى دعاه إلى الصحبة ولازمه ، وكل شئ لازم شيئاً فقد استصحبه( )0

وقال أبو بكر الباقلانى( ): "لا خلاف بين أهل اللغة فى أن القول "صحابى" مشتق من الصحبة، وأنه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص، بل هو جار على كل من صحب غيره قليلاً كان أو كثيراً … يقال صحبت فلاناً حولاً، ودهراً، وسنة، وشهراً، ويوماً، وساعة، فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيرة0
وذلك يوجب فى حكم اللغة : إجراء هذا على من صحب سيدنا رسول الله  أى قدر من الوقت .( ) .

وقال الإمام ابن تيمية ( ): "والأصحاب جمع صاحب ، والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه، وذلك يقع على قليل الصحبه وكثيرها" ( )0 وعلى هذا التعريف اللغوى جرى أصحاب الحديث فى تعريفهم بالصحابى اصطلاحاً : فذهبوا إلى إطلاق (الصحابى) على كل من صحب سيدنا رسول الله ، ولو ساعة واحدة فما فوقها0

الصحابة فى الاصطـلاح :
قال الإمام بدر الدين الزركشى( ) : "ذهب الأكثرون إلى أن الصحابى من اجتمع - مؤمناً – بسيدنا محمد  وصحبه ولو ساعة ، روى عنه أو لا ، لأن اللغة تقتضى ذلك، وإن كان العرف يقتضى طول الصحبة وكثرتها … وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين ، أما عند أصحاب الحديث فيتوسعون فى تعريفهم لشرف منزلة النبى ( )0
يقول الإمام ابن حزم ( ) : " فأما الصحابة  فهم كل من جالس النبى  ولو ساعة ، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها ، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه " ( )0

والتعريفات التى وضعها العلماء للصحابة (اصطلاحاً) كثيرة ، ولكن التعريف الصحيح المعتمد هو ما قرره الحافظ ابن حجر( ) بقوله : "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابى هو من لقى النبى  مؤمناً به ، ومات على الإسلام ، ولو تخللت ردة على الأصح 0
ثم شرح التعريف فقال : "فيدخل فيمن لقيه" من طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية، ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى0
ومن هنا كان التعبير بالًّلقِـىِّ أولى من قول بعضهم : "الصحابى من رأى النبى " لأنه يخرج حينئذ ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهم صحابة بلا تردد0

ويخرج "بقيد الإيمان" من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى0
وقولنا"به"يخرج من لقيه مؤمناً بغيره كمن لقيه مؤمناً من مؤمنى أهل الكتاب قبل البعثة0
ويدخل فى قولنا "مؤمناً به" كل مكلف من الجن والإنس …0

وخرج بقولنا "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله - كعبيد الله بن جحش، وابن خطل، ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به  مرة أخرى أم لا، كالأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد ثم أسلم فى حياة رسول الله  , لكنه لم يلقه . وأتى به إلى أبى بكر الصديق أسيرا ً، فعاد إلى الإسلام فقبل منه، وزوجه أخته ، ولم يتخلف أحد عن ذكره فى الصحابة، ولا عن تخريج أحاديثه فى المسانيد وغيرها0

وهذا هو الصحيح المعتمد، ووراء ذلك أقوال شاذة أخرى كقول من قال لا يعد صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة :
من طالت مجالسته ، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه ، أو استشهد بين يديه، وكذا من اشترط فى صحة الصحبة بلوغ الحلم ، أو المجالسة ولو قصرت"( )0
قال الحافظ السيوطى( ) مؤيداً الحافظ ابن حجر- رحمهما الله تعالى- :
"وهو المعتبر " ( )0
وذهب إليه الجمهور من الأصوليين، منهم الآمدى فى الإحكام( )، وابن عبد الشكور فى فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت( )، والزركشى فى البحر المحيط ( )، والشوكانى فى إرشاد الفحول( ) وغيرهم0
ويقول الحافظ السخاوى ( ) مؤيداً رأى شيخه ابن حجر "والعمل عليه عند المحدثين والأصوليين" ( )0
السر فى التعميم فى تعريف الصحابى :
التعميم فى تعريف الصحابى نظراً إلى أصل فضل الصحبة، ولشرف منزلة النبى ، ولأن لرؤية نور النبوة قوة سريان فى قلب المؤمن، فتظهر آثارها على جوارح الرائى فى الطاعة والاستقامة مدى الحياة ، ببركته  ويشهد لهذا قوله  : " طوبى لمن رآنى وآمن بى، وطوبى لمن رأى من رآنى، ولمن رأى من رأى من رآنى وآمن بى "( )0

وفى ذلك يقول الإمام السبكى ( ) : "والصحابى هو كل من رأى النبى  مسلماً، وقيل : من طالت مجالسته، والصحيح الأول، وذلك لشرف الصحبة، وعظم رؤية النبى ، وذلك أن رؤية الصالحين لها أثر عظيم، فكيف رؤية سيد الصالحين؟! فإذا رآه مسلم ولو لحظة، انطبع قلبه على الاستقامة، لأنه بإسلامه متهيئ للقبول، فإذا قابل ذلك النور العظيم، أشرق عليه وظهر أثره فى قلبه وعلى جوارحه"( )0
يقول الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - : "فالتعميم فى تعريف (الصحابى) نظراً إلى أصل فضل الصحبة، وأما تفاوت من يشملهم هذا اللقب فى الفضل والدين وسائر خصال الخير … فهذا أمر وراء ذلك"( ) أ0هـ0
طريـق معرفـة الصحبـة :
تثبت الصحبة بأمور متعددة منها :
1- التواتر كأبى بكر الصديق المعنى بقوله تعالى : إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا( ) وسائر العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم0
2- أو باشتهار قاصر عن التواتر؛ وهو الاستفاضة , كعكاشة بن محصن، وضمام بن ثعلبة
وغيرهما 0
3- أو بقول صاحب آخر معلوم الصحبة ، إما بتصريح بها كأن يجئ عنه أن فلاناً له صحبة
مثلاً أو نحوه ، كقوله : كنت أنا وفلان عند النبى  , أو دخلنا على النبى  0
بشرط أن يعرف إسلام المذكور فى تلك الحالة 0
4- وكذا تعرف بقول آحاد ثقات التابعين ؛ على الراجح من قبول التزكية من عدل واحد"( )0

انتهى .
المبحث الثانـى
التعريـف بالعدالـة لغـة واصطلاحـاً

العدالة لغة : العدل ضد الجور، يقال عدل عليه فى القضية فهو عادل، وبسط الوالى عدله ومَعْدِلَتَه – بكسر الدال وفتحها - ، وفلان من أهل المَعْدَلَة – بفتح الدال - ، أى : من أهل العدل ، ورجل عدل ، أى : رضا ومقنع فى الشهادة0

والعدالة : وصف بالمصدر معناه ذو عدل، قال تعالى : وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ( ) ويقال : رجل عدل ورجلان عدل، ورجال عدل، وامرأة عدل، ونسوة عدل، كل ذلك على معنى رجال ذوو عدل، ونسوة ذوات عدل، فهو لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث، فإن رأيته مجموعاً، أو مثنى أو مؤنثاً، فعلى أنه قد أجرى مجرى الوصف الذى ليس بمصدر، وتعديل الشئ تقويمه، يقال عدلته فاعتدل، أى قومته فاستقام( ) أ0هـ

فمن هذه التعاريف اللغوية يتبين أن معنى العدالة فى اللغة الاستقامة ، والعدل هو المتوسط فى الأمور من غير إفراط فى طرفى الزيادة والنقصان، ومنه قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا( ) أى عدلاً فالوسط والعدل بمعنى واحد( )0

والعدالة اصطلاحاً : تنوعت فيها عبارات العلماء من محدثين وأصوليين وفقهاء، إلا أنها ترجع إلى معنى واحد وهو أنها : ملكة أى صفة راسخة فى النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة0

والتقوى ضابطها : امتثال المأمورات، واجتناب المنهيات من الكبائر ظاهراً، وباطناً من شرك أو فسق أو بدعة0

والمروءة ضابطها : آداب نفسية تحمل صاحبها على التحلى بالفضائل , والتخلى عن الرذائل ، وترجع معرفتها إلى العرف 0

وليس المراد بالعرف هنا سيرة مطلق الناس بل الذين نقتدى بهم .

ولا تتحقق العدالة فى الراوى إلا إذا اتصف بصفات خمسة : الإسلام , والبلوغ والعقل , والسلامة من أسباب الفسق , وخوارم المروءة ( )0

وليس المقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب ، وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين ، والتحرى فى فعل الطاعات0

وفى ذلك يقول الإمام الشافعى : " لو كان العدل من لا ذنب له لم نجد عدلاً، ولو كان كل مذنب عدلاً لم نجد مجروحاً ، ولكن العدل من اجتنب الكبائر؛ وكانت محاسنه أكثر من مساويه " ( )0
ويعبر أبو يوسف عن هذا الإتجاه حين يقول : "من سلم أن تكون منه كبيرة من الكبائر التى أوعد الله تعالى عليها النار ، وكانت محاسنه أكثر من مساوئه فهو عدل "( )0

ونخلص مما سبق فيما يخص بتعريف الصحابة  أن المنافقين الذين كشف الله ورسوله – سترهم ، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم ، والمرتدين الذين ارتدوا فى حياة النبى وبعد وفاته ، ولم يتوبوا ويرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا على ردتهم ، هم بمعزل من شرف هذه الصحبة ، وبالتالى بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول جمهور العلماء والأئمة إنهم عدول ، وفى تعريف العلماء للصحبة ما ينفى عنها ؛ هؤلاء وأولئك 0

ومعنى عدالة الصحابة : " أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله  ، لما اتصفوا به من قوة الإيمان، والتزام التقوى، والمروءة، وسمو الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور0

وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم0

ومما ينبغى أن يعلم أن الذين قارفوا إثماً ثم حدوا - كان ذلك كفارة لهم - وتابوا وحسنت توبتهم ، وهم فى نفس الوقت قلة نادرة جداً ؛ لا ينبغى أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم ، وجانبوا المآثم ، والمعاصى ما كبر منها وما صغر، وما ظهر منها وما بطن ، والتاريخ الصادق أكبر شاهد على هذا " ( ) أ0هـ0

ويؤكد ما سبق الإمام الأبيارى( ) بقوله : "وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم ، واستحالة المعصية عليهم ، وإنما المراد : قبول روايتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية ، إلا أن يثبت ارتكاب قادح ، ولم يثبت ذلك ولله الحمد ! فنحن على استصحاب ما كانوا عليه فى زمن رسول الله  ، حتى يثبت خلافه ، ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإنه لا يصح ، وما صح فله تأويل صحيح " ( ) أهــ 0


المبحث الثالـئث
أدلـة عدالـة الصحابـة 

إن العدالة التى نثبتها لصحابة سيدنا رسول الله  - لم نعطها هبة لهم من عند أنفسنا - فنحن أقل من ذلك فضلاً عن أننا لا نملك ذلك، وإنما العدالة ثابتة لهم جميعاً بنص الكتاب العزيز, والسنة الشريفة - سواء منهم من تقدم إسلامه ومن تأخر، ومن هاجر ومن لم يهاجر، ومن اشترك فى الغزوات ومن لم يشترك ، ومن لابس الفتنة ومن لم يلابسها( )0 فهذه العدالة لهم جميعاً تضافرت عليها الأدلة من الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة0

أولاً : دلالة القرآن الكريم على عدالة الصحابة  :
لقد وصف رب العزة صحابة رسول الله  بالعدالة وأثنى عليهم فى آيات يطول ذكرها منها مايلى :
1- قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا( ) ووجه الاستدلال بهذه الآية على عدالة الصحابة  أن وسطاً بمعنى "عدولاً خياراً"( )، ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة( )0 وقد ذكر بعض أهل العلم أن اللفظ وإن كان عاماً إلا أن المراد به الخصوص ، وقيل : "إنه وارد فى الصحابة دون غيرهم( )0
2- وقوله تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ( ) ووجه دلالة هذه الآية على عدالة الصحابة  أنها أثبتت الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها ، وأول من يدخل فى هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول ، وهم الصحابة الكرام  ، وذلك يقتضى استقامتهم فى كل حال ، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة ، ومن البعيد أن يصفهم الله  بأنهم خير أمة ولا يكونوا أهل عدل واستقامة ، وهل الخيرية إلا ذلك ؟

كما أنه لا يجوز أن يخبر الله تعالى بأنه جعلهم أمة وسطاً – أى عدولاً – وهم على غير ذلك ، فيصح أن يطلق على الصحابة أنهم خير أمة بإطلاق ، وأنهم وسط أى عدول بإطلاق"( )0

وهكذا سائر الآيات التى جاءت بمدحهم قال تعالى : لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(8)وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( ) فالصادقون هم المهاجرون، والمفلحون هم الأنصار، بهذا فسر أبو بكر الصديق، هاتين الكلمتين، من الآيتين، حيث قال فى خطبته يوم السقيفة مخاطباً الأنصار:"إن الله سمانا (الصادقين) وسماكم (المفلحين)،وقد أمركم أن تكونوا حيثما كنا ، فقال : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ( ) 0

فهذه الصفات الحميدة فى هاتين الآيتين كلها حققها المهاجرون والأنصار من أصحاب رسول الله  ، واتصفوا بها، ولذلك ختم الله صفات المهاجرين بالحكم بأنهم صادقون ، وختم صفات الذين آزروهم ونصروهم وآثروهم على أنفسهم بالحكم لهم بأنهم مفلحون0
وهذه الصفات العالية لا يمكن أن يحققها قوم ليسوا بعدول " ( )0
وحتى الآيات التى جاء فيها عتاب لهم أو لبعضهم شاهدة بعدالتهم حيث غفر الله لهم ما عاتبهم فيه وتاب عليهم قال تعالى : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(67)لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(68)فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( ) وتأمل ختام العتاب "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" وهل بعد مغفرة الله  من شئ؟!0
وقال تعالى : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وتأمل ختام الآية "إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"( )0

وغير ذلك من الآيات الشاهدة بمغفرة الله  لهم لما ارتكبوا من بعض المعاصى - وسيأتى ذكر بعضها فى الرد على الشبهات حول عدالة الصحابة0

إن تلك الآيات التى جاء فيها عتاب للصحابة أو لبعضهم لارتكابهم بعض المعاصى لخير دليل شاهد على ما سبق ذكره ، من أن المراد بعدالتهم جميعاً عصمتهم من الكذب فى حديث رسول الله  وليس معنى عدالتهم عصمتهم من المعاصى أو من السهو أو الغلط، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم0 وحتى مع ارتكاب بعضهم لبعض الذنوب، فقد امتن الله  عليهم بالتوبة والمغفرة لذنوبهم0

وما هذه المنة من ربهم  إلا بيان لعباده مؤمنهم وكافرهم إلى قيام الساعة ؛ بعظم مكانة من اختارهم لصحبة سيد أنبيائه ورسله  ، وأن التجريح والقدح فى تلك المكانة والعدالة إنما هو تجريح وقدح فيمن بوأهم تلك المكانة ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس !!!
نعوذ بالله  من الخذلان 0

ثانياً : دلالة السنة المطهرة على عدالة الصحابة  :
لقد وصف النبى  أصحابه بالعدالة ، وأثنى عليهم فى أحاديث يطول تعدادها منها :
1- قوله :"ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب"( ) "ففى هذا الحديث أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ، ولا ضعيف إذ لو كان فيهم أحد غير عدل ، لاستثنى فى قوله  وقال : "ألا ليبلغ فلان منكم الغائب" فلما أجملهم فى الذكر بالأمر بالتبليغ لمن بعدهم، دل ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدله رسول الله  شرفاً " ( ) 0
2- وقال  : "خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ قوم تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِم يَمِيَنهُ ويَميِنُهُ شَهَادَتَهُ"( ) وهذه الشهادة بالخيرية مؤكدة لشهادة رب العزة : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ( )0
3- وقوله  : "النجومُ أَمنةٌ للسماءِ، فإذا ذهبتِ النجوُمِ، أَتى السماءَ ما تُوعدُ، وأَنا أَمَنةٌ لأَصْحَابى0 فإذا ذهبتُ أَتَى أَصْحَابِى ما يُوعدونَ، وأَصْحَابى أَمنةٌ لأُمَّتِى، فإِذا ذهب أصحابى أتى أُمِتى ما يُوعَدُون"( )0
4- وقال  : "إن الله اختار أصحابى على العالمين، سوى النبيين والمرسلين، واختار لى من أصحابى أربعة أبا بكر، وعمر وعثمان، وعلياً  فجعلهم أصحابى قال فى أصحابى كلهم خير، وأختار أمتى على الأمم، وأختار من أمتى أربعة قرون، القرن الأول والثانى والثالث، والرابع"( )0
وهذا الحديث مؤكد لقوله تعالى : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا( )0

ويؤكد ابن مسعود  ما سبق من الآية والحديث قائلاً : "إن الله نظر فى قلوب العباد، فوجد قلب محمد  خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه  يقاتلون عن دينه " ( )0

يقول الإمام الآمدى ( ) : " واختيار الله لا يكون لمن ليس بعدل " ( )0
5- وقال  : "لا تسبوا أصحابى0 لا تَسُبُّوا أصحابى : فوالذى نفسى بيده! لو أن أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذهباً، ما أَدركَ مُدَّ أَحَدِهِم، ولا نَصِيَفهُ"( )0

يقول الصحابى الجليل سعيد بن زيد بن عمرو( )، أحد العشرة المبشرين بالجنة  لما سمع رجلاً من أهل الكوفة يسب رجلاً من أصحاب رسول الله  قال : "… والله لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله  : أفضل من عمل أحدكم ، ولو عمر عمر نوح عليه السلام " ( )0
يقول فضيلة الشيخ محمد الزرقانى - رحمه الله - "فأنت ترى من هذه الشهادات العالية فى الكتاب والسنة ، ما يرفع مقام الصحابة إلى الذروة ، وما لا يترك لطاعن فيهم دليلاً، ولا شبهة دليل 0
والواقع أن العقل المجرد من الهوى والتعصب، يحيل على الله فى حكمته ورحمته، أن يختار لحمل شريعته الختامية، أمة مغموزة، أو طائفة ملموزة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً0

ومن هنا كان توثيق هذه الطبقة الكريمة طبقة الصحابة ، يعتبر دفاعاً عن الكتاب، والسنة، وأصول الإسلام من ناحية، ويعتبر إنصافاً أدبياً لمن يستحقونه من ناحية ثانية، ويعتبر تقديراً لحكمة الله البالغة فى اختيارهم لهذه المهمة العظمى من ناحية ثالثة0

كما أن تَوْهِينهم والنيل منهم، يعد غمزاً فى هذا الاختيار الحكيم، ولمزاً فى ذلك الاصطفاء والتكريم، فوق ما فيه من هدم الكتاب، والسنة، والدين"( ) أ0هـ0

ثالثاً : دلالة إجماع الأمة على عدالة الصحابة  :
أجمعت الأمة - إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافهم( )0 على ما سبق من تعديل الله  ورسوله  للصحابة أجمع ، والنقول فى هذا الإجماع كثيرة عن علماء الأمة ، من المحدثين، والفقهاء، والأصوليين0

يقول الخطيب البغدادى : "إنه لو لم يرد من الله  ورسوله فيهم شئ مما ذكرناه، لأوجبت الحال التى كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة فى الدين، وقوة الإيمان واليقين : القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين0 هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء"( )0

وقال ابن الصلاح : " للصحابة بأسرهم خصيصة ، وهى أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب، والسنة، وإجماع من يعتد به فى الإجماع من الأمة"( )0
وقال العراقى : "إن جميع الأمة مجمعة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم وأما من لابس الفتن منهم وذلك حين مقتل عثمان  فأجمع من يعتد به أيضاً فى الإجماع على تعديلهم إحساناً للظن بهم، وحملاً لهم فى ذلك على الاجتهاد " ( )0

وقال الإمام الغزالى : "والذى عليه سلف الأمة ، وجماهير الخلق ، أن عدالتهم معلومة بتعديل الله  إيـاهم وثنائه عليهم فى كتابه، فهو معتقدنا فيهم ، إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به، وذلك مما لا يثبت فلا حاجة لهم إلى التعديل – ثم ذكر بعض ما دل على عدالتهم من كتاب الله  وسنة رسوله  ثم قال : فأى تعديل أصح من تعديل علام الغيوب – سبحانه - وتعديل رسوله  كيف ولو لم يرد الثناء لكان فيما اشتهر وتواتر من حالهم فى الهجرة، والجهاد، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء والأهل، فى موالاة رسول الله ، ونصرته، كفاية فى القطع بعدالتهم"( )0

فهذه النقول المباركة للإجماع من هؤلاء الأئمة وغيرها كثير0 كلها فيها بيان واضح، ودليل قاطع على أن ثبوت عدالة الصحابة عموماً بلا استثناء، أمر مفروغ منه ، ومسلم به 0
فلا يبقى لأحد شك ،ولا ارتياب بعد تعديل الله  ورسوله  وإجماع الأمة على ذلك( )0

"وإذا تقرر لك عدالة جميع من ثبتت له الصحبة ، علمت أنه إذا قال الراوى عن رجل من الصحابة، ولم يسمه كان ذلك حجة، ولا يضر الجهالة، لثبوت عدالتهم على العموم"( )0

قال الإمام الجوينى : "ولعل السبب فى قبولهم من غير بحث عن أحوالهم ، والسبب الذى أتاح الله الإجماع لأجله، أن الصحابة هم نقلة الشريعة، ولو ثبت توقف فى رواياتهم، لانحصرت الشريعة على عصر رسول الله ، ولما استرسلت على سائر الأعصار" ( )0

أولئك آبائى فجئنى بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
غمرهم الله برحمته ورضوانه … آمين 0
====











المبحث الرابع
شبهات حول عدالة الصحابة
والرد عليها
ويشتمل على مطلبين :
المطلب الأول : شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها .
المطلب الثانى : شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها .













المطلب الأول
شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها

إن لأهل الزيغ والإلحاد قديماً وحديثاً ؛ شبهات كثيرة , يطعنون بها فى عدالة الصحابة ، وأساس تلك الشبهات الرافضة ؛ الذين فاقوا اليهود والنصارى فى خصلتين كما قال الشعبى( ) - رحمه الله تعالى - فيما رواه عنه ابن الجوزى فى الموضوعات قال : "… فضلت الرافضة على اليهود والنصارى بخصلتين0سئلت اليهود من خير أهل ملتكم ؟ قالوا أصحاب موسى-عليه السلام - وسئلت النصارى فقالوا أصحاب عيسى- عليه السلام - ، وسئلت الرافضة من شر أهل ملتكم ؟ فقالوا حوارى محمد ، وأمروا بالإستغفار لهم فسبوهم " ( )0

فمن مطاعنهم فى عدالة الصحابة : ما استدلوا به من :
1- قوله تعالى : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ( ) وقالوا نزلت فى أكثر الصحابة الذين انفضوا عن رسول الله  إلى العير التى جاءت من الشام، وتركوه وحده فى خطبة الجمعة، وتوجهوا إلى اللهو، واشتغلوا بالتجارة، وذلك دليل على عدم الديانة ( )0

2- واستدلوا أيضاً بما ورد فى القرآن الكريم من آيات تتحدث عن النفاق والمنافقين، وحملوها على أتقى خلق الله ، وأطهرهم (رضوان الله عليهم أجمعين) كقوله تعالى : وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ( )0

وأيدوا ذلك بما جاء فى السنة المطهرة من أحاديث يطلق فيها لفظ الصحابة على المنافقين 0
مثل حديث جابر بن عبد الله  قال : "أتى رَجُلٌ رسول الله  بِالجِعْرَانَة مُنْصَرَفَهُ من حُنين0 وفى ثوب بلال  فِضَةٌ ورسول الله  يقبض منها 0 يعطى الناس0 فقال: يا محمد ُ! اعْدِلْ 0 قال : " ويلك ومن يَعْدِلُ إذا لم أَكُنْ اَعْدِلُ؟ لقد خِبْتُ وَخَسِرْتُ إن لم أكن أعدِل ُ" فقال عمر بن الخطاب دعنى يا رسول الله فأقُتل هذا المنافق 0فقال : "مَعَاذ الله ! أَنْ يتحدث الناس أَنى أَقْتُلُ أَصْحَاِبى 0 إِنَّ هذا وأصحابَهُ يقرأون القرآنّ لا يُجاوزُ حَنَاجِرَهُم 0 يَمرُقُونَ منه كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيِة " ( )0

3- واستدلوا أيضاً بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا( )

وقوله تعالى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ( )

وقالوا : الفرار من الزحف من أكبر الكبائر( )0
ويجاب عما سبق بمايلى :

أولاً : قصة انفضاض أكثر الصحابة عن رسول الله  إلى العير القادمة من الشام ، وتركهم خطبة الجمعة ، إنما وقع ذلك فى بدء زمن الهجرة ، ولم يكونوا إذ ذاك واقفين على الآداب الشرعية كما ينبغى ، كما أن كبار الصحابة كأبى بكر وعمر كانوا قائمين عنده، كما ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحة 0
فعن جابر بن عبد الله  قال : بينما النبى  يخطب يوم الجمعة قائماً إذ قدمت عير المدينة ، فابتدرها( ) أصحاب رسول الله  حتى لم يبق منهم إلا اثنى عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر  ونزلت الآية :وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا( )،
ولذا لم يشنع عليهم ، ولم يتوعدهم سبحانه وتعالى بعذاب ولم يعاتبم الرسول  أيضاً " ( )0

ورد آخر على هذه القصة وهو : أنه ورد فى بعض الأخبار أنها وقعت لما كان النبى  يقدم الصلاة على الخطبة يوم الجمعة ، وانفضاضهم وقع فى الخطبة ، وليس فى الصلاة كما هو الظاهر من بعض الروايات ، والتى ركز عليها بعض الرافضة ، كمحمود أبو رية( )،

ومروان خليفات( ) ، وغيرهم 0

ويدل على أن الإنفضاض كان فى الخطبة ما جاء فى رواية مسلم السابقة : بينما النبى  يخطب يوم الجمعة قائماً 0


يقول الحافظ ابن حجر : "ترجيح كون الإنفضاض وقع فى الخطبة لا فى الصلاة ، هو اللائق بالصحابة تحسيناً للظن بهم ، وعلى تقدير أن يكون فى الصلاة حمل على أن ذلك وقع قبل النهى كآية يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ( ) وقبل النهى عن الفعل الكثير فى الصلاة ونزول قوله تعالى : الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ( )0
ويؤيد ذلك : ما رواه أبو داود فى المراسيل أن هذه القصة كانت لما كان رسول الله  يصلى الجمعة قبل الخطبة ، مثل العيدين ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس فى ترك الجمعة شئ ، فأنزل الله  :  وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا
فقدم النبى  الخطبة يوم الجمعة , وأخر الصلاة . ( ) 0

وهو ما رجحه أيضاً النووى فى شرحه على مسلم ( ) 0

وعلى كل تقدير أنه فى الصلاة ، فلم يكن تقدم لهم نهى عن ذلك ، فلما نزلت آية الجمعة ، وفهموا منها ذم ذلك ، اجتنبوه " ( )0

يقول الألوسى ( ) : " ورواية أن ذلك وقع منهم مراراً" إن أريد بها رواية البيهقى فى شعب الإيمان( ) عن مُقَاتِل بن حيان( ) أنه قال : بلغنى والله أعلم أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات، فمثل ذلك لا يلتفت إليه، ولا يعول عند المحدثين عليه، وإن أريد بها غيرها فليبين، ولتثبت صحته، وأنى بذلك؟
وبالجملة : الطعن فى الصحابة بهذه القصة التى كانت من بعضهم فى أوائل أمرهم، وقد أعقبها منهم عبادات لا تحصى، سفه ظاهر، وجهل وافر " ( )0

ثانياً : أما نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان فى المدينة منافقين، وأن النبى  أطلق لفظ الصحابة عليهم : "معاذ الله! أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى "0

هذه الشبهة فى وهن بيت العنكبوت ، وهى فرية واضحة لا تثبت لها قدم 0
أولاً : لأن إطلاق لفظ الصحابة على المنافق كما جاء فى الحديث هذا الإطلاق لغوى، وليس اصطلاحى نظير قوله تعالى : أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ( ) وقوله تعالى : مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى( ) فإضافة صحبة النبى  إلى المشركين والكافرين إنما هى صحبة الزمان والمكان لا صحبة الإيمان، وذلك كقوله تعالى فى حق سيدنا يوسف - عليه السلام - : يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ( )0

فالصحبة فى الحديث الشريف، بمعناها اللغوى كما فى الآيات السابقة، وليست الصحبة الاصطلاحية، فتعريفها السابق يخرج المنافقين والمرتدين0

ثم كيف يكون المنافقون من الصحابة بالمعنى الإصطلاحى وقد نفاه عنهم رب العزة بقوله : وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ( )0

ثم إن المنافقين لم يكونوا مجهولين فى مجتمع الصحابة الكرام  ولم يكونوا هم السواد الأعظم، والجمهور الغالب فيهم، وإنما كانوا فئة معلومة آل أمرهم إلى الخزى والفضيحة، حيث علم بعضهم بعينه، والبعض الآخر منهم علم بأوصافه، فقد ذكر الله فى كتابه العزيز من أوصافهم ، وخصوصاً فى سورة التوبة ، ما جعل منهم طائفة متميزة منبوذة، لا يخفى أمرها على أحد، كما لا يخفى على أحد حالهم فى زماننا0

فأين هذه الفئة المنافقة ممن أثبت الله لهم فى كتابه نقيض صفات المنافقين، حيث أخبر عن رضاه عنهم، من فوق سبع سماوات، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس"( )0

ويدل على ما سبق من قلة المنافقين فى المجتمع الإسلامى، وأنهم فئة معلومة تكفل رب العزة بفضحهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب عظيم0

ما رواه حذيفة بن اليمان( )  صاحب سر رسول الله  فى المنافقين0 قال : قال النبى  فى أمتى - وفى رواية - فى أصحابى إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها حتى يَلِجَ الجَمَلُ فى سم الخياط0 ثَمانيةٌ منهم تَكْفِيكُهُمُ الدُّبِيْلَةُ، سِرَاجٌ من النارِ، يظهرُ فى أكتافِهِم حتى يَنْجُمَ من صُدَورِهِم"( )0
وعن ابن عباس ( ) - رضى الله عنهما- قال : كان رسول الله  فى ظل حجرةٍ من حجره ، وعنده نفرٌ من المسلمين قد كان يقلصُ عنها الظل ، قال : سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعين شيطان فلا تكلموه، فدخل رجل أزرق، فقال رسول الله  على ما تسبُنى أنت وفلانٌ وفلان ، لقوم دعا بأسمائهم، فانطلق إليهم فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله  يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ( )0

أما ما استدل به محمود أبو رية من قول "أُسَيْدُ بن حُضَيْر، لسعدُ بنُ عبادةُ إنك منافق تجادل عن المنافقين" وقوله فهؤلاء البدريون منهم من قال لآخر منهم : "إنك منافق ولم يكفر النبى لا هذا ولا ذاك"( )0

هذا الذى يزعمه الرافضى محمود أبو ريه من فرط جهله ، وتضليله وبتره لسبب ذلك القول0
وهو كما جاء فى الصحيحين فى قصة الإفك لما قال  وهوعلى المنبر : "يا معشر المسلمين من يعذرنى من رجل قد بلغ أذاه فى أهل بيتى فوالله ما علمت على أهلى إلا خيراً0 ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً0 وما كان يدخل على أهلى إلا معى" فقام سعد بن معاذ الأنصارى فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه0 وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت عائشة - رضى الله عنها - فقام سعد بن عبادة( )، وهو سيد الخزرج ، وكان رجلاً صالحاً0 ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير( ) ، وهو ابن عم
سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ! لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين ... " ( )0
فكما هو واضح من قصة الحديث أن قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة "فإنك منافق" وقع منه على جهة المبالغة ، فى زجره عن القول الذى قاله حمية للخزرج ، ومجادلته عن ابن أُبى، وغيره0

ولم يرد أُسيدُ بإطلاقه "فإنك منافق" لم يرد به نفاق الكفر، وإنما أراد أنه كان يظهر المودة للأوس، ثم ظهر منه فى هذه القصة، ضد ذلك فأشبه حال المنافق، لأن حقيقته إظهار شئ وإخفاء غيره0
ولعل هذا هو السبب فى ترك إنكار النبى ( ) وهو أقوى دليل على الخصم0

ومع كل هذا فقد تقرر أن العدالة لا تعنى العصمة من الذنوب ، أو السهو، أو الخطأ، ومن فضل الله عليهم  أن وعدهم بالمغفرة ، ولا سيما أهل بدر، وهم من أهلها .
فعن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب  كتب حاطب بن أبى بلتعه إلى أهل مكة فأطلع الله تعالى عليه نبيه  فبعث علياً والزبير فى أثر الكتاب فأدركا امراة على بعير فاستخرجاه من قرن من قرونها، فأتيا به نبى الله  فقرئ عليه ، فأرسل إلى حاطب فقال "يا حاطب إنك كتبت هذا الكتاب ؟ " قال نعم : يا رسول الله ! قال : "فما حملك على ذلك"؟ قال : يا رسول الله ! إنى والله لناصح لله  ، ولرسوله ، ولكنى كنت غريباً فى أهل مكة وكان أهلى بين ظهرانيهم ، فخشيت عليهم ، فكتبت كتاباً لا يضر الله ورسوله شيئاً ، وعسى أن يكون فيه منفعة لأهلى0 قال عمر : فاخترطت سيفى وقلت : يا رسول الله أمكنى منه فإنه قد كفر فأضرب عنقه 0 فقال رسول الله  : "يا ابن الخطاب وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل هذه العصابة من أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فإنى قد غفرت لكم " ( ) أ0هـ0


ثالثاً : أما ما استدلوا به من فرار بعض الصحابة يوم الزحف فى غزوتى أحد وحنين، ما استدلوا به حجة عليهم0
ففى عتاب الفرار يوم أحد قال  : إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ثم ختم العتاب بقوله تعالى : وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ( )0
ولا تعيير بعد عفو الله تعالى عن الجميع( ) "0

وفى عتاب الفرار يوم حنين قال  : وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثم يمتن رب العزة عليهم بقوله تعالى : ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ( )0

وهل تنزل السكينة إلا على قوم مؤمنين؟!! .

نعم تنزل السكينة على قوم مؤمنين ليزدادوا بها إيماناً مع إيمانه ، وصدق رب العزة : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا( ) ويقول  : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا( )0

وهل بعد تلك الشهادات العلا لهم بالإيمان والتقوى من تعيير؟!!
اللهم إنى أعوذ بك من الخذلان وسوء العاقبة ... آمين .
المطلب الثانى
شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها

بعد أن تحايل أهل الزيغ من الرافضة وأذيالهم , على بعض آيات من القرآن الكريم , ليحوروا معانيها، ويستدلوا بهذا التحوير على عدم عدالة الصحابة , وتكفيرهم ، نجدهم هنا باسم السنة النبوية , ونصوصها يستشهدون بها أيضًا على عدم عدالتهم ، وهكذا عكس المشاغبون القضية ، ونظروا في السنة النبوية المطهرة ، فما وافق دعواهم منها قبلوه ، واعترضوا به على منازعيهم , وما احتجوا به لا حجة لهم فيه ؛ لأن ما استشهدوا به إما أحاديث مكذوبة ، وضعيفة ، وإما صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا به .
وإليك ما استشهدوا به والجواب عنه .
1- استدلوا من السنة المطهرة : بقوله  : "… ألا وإنه سَيْجَاءُ برجالٍ من أمتى فيؤخذُ بِهمْ ذات الشمال، فأقول : يا ربِّ أُصيحَابى، فيقال : إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح : وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ( ) فيقال : إن هؤلاء لا يَزَالوا مُرْتَدِّينَ على أعقابِهِم منذ فَارَقْتَهُم"( )0
2- واستدلوا بقوله  : "لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "( ) وقالوا : تقاتل الصحابة فى صفين والجمل ( ) 0

3- واستدلوا بماروى عن بُرَيْدَة ( ) قال: جاء رجل إلى قوم فى جانب المدينة فقال : إن رسول الله  أمرنى أن أحكم برأيى فيكم، فى كذا وكذا0 وقد كان خطب امرأة منهم فى الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه، فبعث القوم إلى النبى  يسألونه، فقال : "كذب عدو الله"0 ثم أرسل رجلاً فقال : "إن أنت وجدته ميتاً فأحرقه" فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبى  : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"( )

واستدل آخرون بالطعن فى عدالة الصحابة بما تمليه عليهم عقولهم الضالة من فهم أعوج لسيرة الصحابة ، وتاريخهم المجيد ، كما فعل مفتى الماركسية خليل عبد الكريم( ) فى كتابه "مجتمع يثرب العلاقة بين الرجل والمرأة فى العهدين المحمدى والخليفى" فقد صور مجتمع المدينة المنورة بقيادة رسول الله ، وخلفائه الراشدين ، وصحابته الأطهار، تصويراً شائناً قبيحاً، وجعله أشبه بمجتمع الحيوانات التى لا هم لها إلا إشباع الغرائز الجنسية بأى شكل ، وبغير ضابط من دين أو خلق ، غير مكترثين بالنصوص الدينية التى تمنعهم من هذا الهبوط "( ) 0

كما أصدر كتاباً آخر بعنوان " شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة " وهو من ثلاثة أسفار، الأول بعنوان " محمد والصحابة " والثانى " الصحابة والصحابة " والثالث " الصحابة والمجتمع " تناول فيها المؤلف تاريخ الصحابة ، وسيرتهم بأسلوب فج قبيح ينبئ عن سوء فهمه ، وجهله ، وحقده الدفين ، ضد صحابة رسول الله  ، وكذلك فعل سعيد العشماوى( ) وغيرهم( ) .

ويجاب عما سبق بمايلى :
أولاًً : أما استدلالهم بحديث الحوض ، وما جاء فيه من وصف الصحابة بالردة 0 فهذا من زندقة الرافضة ، ومن تلبيسهم ، وتضليلهم 0


فإن المراد بالأصحاب هنا ليس المعنى الإصطلاحى عند علماء المسلمين ، بل المراد بهم مطلق المؤمنين بالنبى  المتبعين لشريعته ، وهذا كما يقال لمقلدى أبى حنيفة أصحاب أبى حنيفة ، ولمقلدى الشافعى أصحاب الشافعى وهكذا ، وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع .
وكذا يقول الرجل للماضين , الموافقين له فى المذهب : " أصحابنا " مع أن بينه وبينهم عدة من السنين ، ومعرفته  لهم مع عدم رؤيتهم فى الدنيا ؛ بسبب أمارات تلوح عليهم يعرفها النبى  0
فعن حذيفة  قال : قال رسول الله : " إن حوضى لأبعد من أَيَلَةَ مِن عَدَنٍ( )، والذى نفسى بيده ! إنى لأزودُ عنه الرجال كما يَزُودُ الرجلُ الإبلَ الغريبةَ عن حوضه "، قالوا: يا رسول الله ! أو تعرفنا ؟ قال : " نعم تَرِدُون علىَّ غُرًّا مُحَجَّلينَ من آثار الوضوء0 ليست لأَحدٍ غَيْرِكُم " ( ) 0

ولو افترضنا أن المراد بالأصحاب فى الحديث ، الأصحاب فى زمنه  0
فالمراد بهم : الذين صاحبوه صحبة الزمان والمكان مع نفاقهم ، كما سبق من قوله تعالى : ما ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( )0
وعلى هذا فالمراد بالمرتدين من أصحابه فى الحديث هم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق  0
وقد علمت أن التعريف الإصطلاحى للصحابة يخرج من ارتد ومات على ردته - والعياذ بالله -0

وفى الحديث ما يؤيد المعانى السابقة ، كقوله  "أصيحابى" بالتصغير، كما جاء فى بعض الروايات ، قال الخطابى : "فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك ، وإنما وقع لبعض جفاة الأعراب ، ولم يقع من أحد من الصحابة المشهورين " ( )0 وفى قوله  : "فيقال" : هل شعرت ما عملوا بعدك " "فيه إشارة إلى أنه لم يعرف أشخاصهم بأعيانها ، وإن كان قد عرف إنهم من هذه الأمة " ( )0
أما حمل الحديث على أصحاب رسول الله  بالمعنى الإصطلاحى- فهذا ما لا يقوله مسلم!! وهو ما يدحضه ما سبق ذكره من تعديل الله  ، ورسوله  ، وإجماع الأمة على ذلك أ0هـ0

ثانياً : أما ما احتجوا به من حديث " لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " والزعم بأن الصحابة استحل بعضهم دماء بعض فى صفين والجمل 0

فالحق أن هذه الشبهة من أخطر الشبه ؛ التى احتج بها الرافضة الزنادقة ، وأذيالهم من دعاة العلمانية، الذين اتخذوا من تلك الفتن مادة دسمة ، طعنوا بها فى عدالة الصحابة، وفتنوا بذلك عوام المسلمين ، وممن لا علم له ، بضربهم على (الوتر الحساس) وهو : دعوى ظلم الصحابة  لآل بيت رسول الله  فى تلك الفتن "0

وهذا ما فعله طه حسين فى كتابه " الفتنة الكبرى - عثمان بن عفان  " ( )0 وقال بقوله محمود أبو رية ( )، وغير واحد من دعاة الرافضة واللادينية ( ) 0

حتى وجدنا من يجهر من الرافضة قائلاً : "معاوية بن أبى سفيان " - كافر ابن كافر - ولعنة الله على معاوية ، فقد بغى على الحق ، وخرج على طاعة الإمام علىّ ، وشتت شمل المسلمين ، وفرق كلمتهم ، فأساس فرقة المسلمين إلى الآن هو معاوية الذى خرج عن طاعة الإمام على بن أبى طالب " ( ) 0

والجواب عن هذا الإفك يطول( )، وهو بحاجة إلى تحقيق دقيق( )0 أكتفى هنا بخلاصة القول 0

وهو أنه لا حجة لهم فى الحديث ، ولا فى الفتن التى وقعت بين سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين- والتى أشعلها سلفهم من الخوارج ، والرافضة ، والزنادقة 0

فقوله : "لا ترجعوا بعدى"0 بصيغة النهى والتحذير من قتال المؤمن 0

وإطلاق الكفر على قتال المؤمن محمول على معانى متعددة :
1- مبالغة فى التحذير من ذلك ، لينزجر السامع عن الإقدام عليه وليس ظاهر اللفظ مراداً ، أو أنه على سبيل التشبيه لأن ذلك فعل الكافر " ( )0
والمعنى لا تفعلوا فعل الكفار فتشبهوهم فى حالة قتل بعضهم بعضاً ( )0

2- وقيل : المعنى كفاراً بحرمة الدماء ، وحرمة المسلمين ، وحقوق الدين .
3- وقيل : كفاراً بنعمة الله .
4- وقيل : المراد ستر الحق ، والكفر لغة الستر، لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه ، فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه .
5- وقيل: إن الفعل المذكور يفضى إلى الكفر، لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصى جره شؤم ذلك إلى أشد منها ؛ فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإسلام .
6- وقيل : اللفظ على ظاهره للمستحل قتال أخيه المسلم 0
وقيل غير ذلك ( )0

وما جرى بين الصحابة  من قتال لم يكن عن استحلال له حتى يحمل الحديث على ظاهره وأن قتالهم كفر، كما استدل الخوارج ومن شايعهم بقوله  : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"( )0


كيف والقرآن الكريم يكذبهم فى هذا الفهم السطحى قال تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( )0

فسماهم أخوة ، ووصفهم بأنهم مؤمنون ، مع وجود الاقتتال بينهم ، والبغى من بعضهم على بعض 0
يقول الحافظ ابن كثير( ) : " وبهذا استدل البخارى( ) وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت ، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم ، وهكذا ثبت فى صحيح البخارى من حديث الحسن( )، عن أبى بكرة( )  قال : رأيت رسول الله  على المنبر- والحسن بن علىّ إلى جنبه- وهو يقبل على الناس مرة ، وعليه أخرى ويقول : إن ابنى هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ( ) .

فكان كما قال ، أصلح الله تعالى به بين أهل الشام ، وأهل العراق ، بعد الحروب الطويلة ، والواقعات المهولة " ( )
يقول الإمام ابن تيمية : "والذين قاتلوا الإمام على  لا يخلوا : إما أن يكونوا عصاة ، أو مجتهدين مخطئين أو مصيبين ، وعلى كل تقدير، فهذا لا يقدح فى إيمانهم ، ولا فى عدالتهم ، ولا يمنعهم الجنة ، بما سبق من تصريح القرآن الكريم ، من تسميتهم إخوة ، ووصفهم بأنهم مؤمنون ، وتأكيد النبى  ذلك بما سبق من رواية الحسن بن على عن أبى بكرة  0

ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين ، وإن قالوا فى إحداهما أنهم كانوا بغاة( ) .

والبغى إذا كان بتأويل كان صاحبه مجتهدا ً، والمجتهد المخطئ لا يكفر، ولا يفسق وإن تعمد البغى فهو ذنب من الذنوب ، والذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة ، وشفاعة النبى  ودعاء المؤمنين، وغير ذلك( )0
وعلى هذا القول إجماع الأمة من علمائها0

يقول الإمام الآمدى : " فالواجب أن يحمل كل ما جرى بينهم من الفتن على أحسن حال، وإن كان ذلك إنما لما أدى إليه اجتهاد كل فريق من اعتقاده أن الواجب ما صار إليه ، وأنه أوفق للدين وأصلح للمسلمين 0


وإلا فجمهور الصحابة وسادتهم تأخروا عن تلك الفتن والخوض فيها كما قال محمد بن سيرين ( ) : "هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله  عشرة آلاف فما حضر منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين "

وإسناد هذه الرواية كما قال ابن تيمية أصح إسناد على وجه الأرض ( )0

وعلى هذا فالذى خاض فى تلك الفتن من الصحابة إما أن يكون كل مجتهد مصيباً، أو أن المصيب واحد ، والآخر مخطئ فى اجتهاده مأجور عليه0

وعلى كلا التقديرين ، فالشهادة والرواية من الفريقين لا تكون مردودة ، إما بتقدير الإصابة فظاهر، وإما بتقدير الخطأ مع الاجتهاد فبالإجماع " ( )0

يقول الإمام الجوينى( ) : "أما التوقف فى تعديل كل نفر من الذين لابسوا الفتن، وخاضوا المحن ، ومتضمن هذا، الإنكفاف عن الرواية عنهم ، فهذا باطل من دين الأمة، وإجماع العلماء على تحسين الظن بهم ، وردهم إلى ما تمهد لهم من المآثر بالسبيل السابقة ، وهذا من نفائس الكلام " ( ) أ0هـ0

وصدق عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى : "تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا تخضب بها السنتنا " ( ) أ0هـ0


والله تبـارك وتعالـى
أعلـى أعلـم




ثالثاً : أما ما زعمه غلاة الشيعة , والمستشرقون , ودعاة اللادينية : أن بداية الوضع كانت فى زمن النبى  ووقعت من صحابته الكرام ، واستدلالهم على ذلك بالروايات السابقة ( )0 وغيرها مما جاء فيها تخطئة بعض الصحابة لبعضهم ، واستشهادهم بذلك على أنهم كانوا يشكون فى صدق بعضهم بعضاً , وأنهم كانوا يكذِّب بعضهم بعضاً ، وأنهم تسارعوا على الخلافة وانقسموا شيعاً وأحزاباً ( وأخذ كل حزب يدعم موقفه بحديث يضعه على النبى  ، واشتد ذلك الأمر فى العصر الأموى ، والعباسى حيث تحولت تلك الأكاذيب إلى أحاديث ، وتم تدوينها فى العصر العباسى ضمن كتب الحديث الصحاح ) ( )0


فهذا لا يقوله إلا قوم امتلأت قلوبهم حقداً وبغضاً على من اختارهم واصطفاهم ربهم  لصحبة نبيه  وتبليغ رسالته إلى الخلق كافة .



وهذا الكذب ترديد لما قاله قديماً جولد تسيهر( ) فى العقيدة والشريعة فى الإسلام قائلاً: " ولا نستطيع أن نعزو الأحاديث الموضوعة للأجيال المتأخرة وحدها، بل هناك أحاديث عليها


طابع القدم ، وهذه إما قالها الرسول  أو هى من عمل رجال الإسلام القدامى … " ( ) .
وردد ذلك من غلاة الشيعة على الشهرستانى( ) فى كتابه " منع تدوين الحديث أسباب ونتائج" قائلاً : "السنة المتداولة اليوم ليست سنة الرسول , بل هى سنة الرجال ؛ فى كم ضخم من أبوابها ومفرداتها "( ) وفى موضع آخر : يصف السنة المطهرة بأنها " فقه الرجال " ( )


ويجاب عما سبق بما يلى :
بداية الوضع فى الحديث وبراءة الصحابة  منه :
اختلف العلماء فى بداية ظهور الوضع فى الحديث إلى قولين :
1- القول الأول : ذهب إلى أن بدايته فى عهد النبوة المباركة ، وبه قال الدكتور صلاح الدين الأدلى( )، والدكتور فاروق حماده( )، واستدلوا على ذلك بما روى عن بُرَيْدَة  قال : جاء رجل إلى قوم فى جانب المدينة فقال : إن رسول الله  أمرنى أن أحكم برأيى فيكم، فى كذا وكذا0 وقد كان خطب امرأة منهم فى الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه ، فبعث القوم إلى النبى  يسألونه، فقال : "كذب عدو الله"0 ثم أرسل رجلاً فقال : "إن أنت وجدته ميتاً فأحرقه" فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبى  : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"( )0
2- القول الثانى : ذهب إلى أن بداية الوضع فى الحديث ، كانت باندلاع الفتنة التى أشعل فتيلها أقوام من الحاقدين على الإسلام ، ويعتبر الدكتور السباعى سنة أربعين من الهجرة هى الحد الفاصل بين صفاء السنة وخلوصها من الكذب والوضع ، وبين التزايد فيها واتخاذها وسيلة لخدمة الأغراض السياسية والإنقسامات الداخلية بعد أن اتخذ الخلاف بين علىّ ومعاوية - رضى الله عنهما- شكلاً حربياً سالت به دماء وأزهقت منه أرواح ، وبعد أن انقسم المسلمون إلى طوائف متعددة( )0 وربما بدأ قبل ذلك ، فى الفتنة التى كانت زمن عثمان  ، هذا إذا اعتبرناها الفتنة المذكورة فى خبر ابن سيرين ، والتى جعلها بداية لطلب الإسناد 0

قلت : وأياً كانت بداية الوضع فى الحديث " زمن النبوة المباركة " أو " زمن الفتنة " فلا يمكن أن يكون الوضع فى الحديث وقع من صحابة رسول الله  العدول الثقات المعروفين بالخيرية ، والتقى ، والبر والصلاح ، والذين يدور عليهم نقل الحديث 0

وعلى فرض صحة الروايات التى تشير إلى أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة0 فليس فيها ما يشكك فى صدق الصحابة ، ولا ما يطعن فى عدالتهم ، إذ كان معهم منافقون ، وهم الذين كانت تصدر منهم أعمال النفاق ، فلا يبعد أن يكون الرجل الوارد فى تلك الروايات واحد من المنافقين ؛ وبذلك قال الدكتور صلاح الدين الأدلبى( )، والدكتور فاروق حمادة( ) دفاعاً عن تهمة الصحابة بالكذب عليه  فى زمانه ، وهما من أصحاب القول الأول أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة 0

وصفوة القول : " لا يختلف منصفان فى أن العصر الأول للإسلام يُعَـدُ أنظف العصور وأسلمها من حيث استقامة المجتمع , وتوفيق رجاله وصلاحهم ولا غرو ، فإن جلّ القيادات كانت من الصحابة "( ) .

كما أن التربية القرآنية التى غرسها  فى صحبه ، وتعهدها بالرعاية كانت عاملاً فعالاً فى تطهير نفوس الأصحاب مما يطرأ عادة على القلوب والنفوس من أهواء ورغائب تكون مدعاة للكذب والإفتراء ، ولا سيما والقرآن الكريم يتوعد الكاذبين بأشد الوعيد ، ويصف الكذب بأنه ظلم قال تعالى:فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ( ) .
وقال سبحانه : قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ( )0

وكيف يكذبون! وقد اشتهر وأعلن فيهم وتواتر عنهم قوله  : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" ( )

وكيف نتصور وصفهم بالكذب وعشرات من الآيات القرآنية ، وعشرات أخرى من الأحاديث النبوية تزكيهم وتصفهم بالصدق ، والإخلاص ، والتقوى؟!! .


بل إنه كما يقول الدكتور السباعى – رحمه الله تعالى- : " ليس من السهل علينا أن نتصور صحابة رسول الله  الذين فدوا الرسول بأرواحهم وأموالهم وهجروا فى سبيل الإسلام أوطانهم وأقرباءهم ، وامتزج حب الله وخوفه بدمائهم ولحومهم : ليس من السهل أن نتصور هؤلاء الأصحاب يقدمون على الكذب على رسول الله  مهما كانت الدواعى إلى ذلك( ) … ولقد دلنا تاريخ الصحابة فى حياة الرسول وبعده ، أنهم كانوا على خشية من الله وتقى يمنعهم من الإفتراء على الله ورسوله ، وكانوا على حرص شديد على الشريعة وأحكامها ، والذب عنها ، وإبلاغها إلى الناس ، كما تلقوها عن رسوله , يتحملون فى سبيل ذلك كل تضحية ويخاصمون كل أمير أو خليفة أو أى رجل يرون فيه انحرافاً عن دين الله  لا يخشون لوماً ، ولا موتاً ، ولا أذى ، ولا اضطهاداً , وإليك أمثلة على صدق ذلك .

نماذج من جراءة الصحابة فى حفظ الشريعة :
1- فهذا الفاروق عمر  الذى تهابه أعتى الإمبراطوريات ويخاف سطوته العادلة أشجع الرجال، تقف فى وجهه امرأة لتقول له : لا، وذلك حين دعا إلى أمر رأت فيه هذه المرأة مخالفة لتعاليم القرآن، فقد خطب الناس يوماً فقال : " أيها الناس لا تغالوا فى مهور النساء لو كان ذلك مكرمة عند الله لكان أولاكم بها رسول الله 0 فتتصدى له امرأة على مسمع من الصحابة فتقول له : "يا أمير المؤمنين! كتاب الله  أحق أن يتبع أو قولك ؟ قال : بل كتاب الله  ، فما ذلك ؟ قالت نهيت الناس آنفاً أن يغالوا فى صدق النساء والله  يقول فى كتابه العزيز : وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا( ) فقال عمر : كل أحد أفقه من عمر، مرتين أو ثلاثاً , ثم رجع إلى المنبر فقال للناس : إنى نهيتكم أن تغالوا فى صدق النساء ؛ ألا فليفعل كل رجل فى ماله ما بدا له( ) .


2- ويذهب أبو بكر  إلى محاربة الممتنعين عن أداء الزكاة فيعارضه عمر طالما أن نصاً نبوياً يمنع دماء من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو قوله  "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله، فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله"، فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال والله لو منعونى عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله ، لقاتلتهم على منعه فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله  قد شرح صدر أبى بكر للقتال فعرفت أنه حق " ( ) 0
3- وهذا على بن أبى طالب  يعارض عمر  فى همه برجم امرأة ولدت لستة أشهر، فقال له علىّ : ليس ذاك لك : إن الله  يقول فى كتابه وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا( ) فقد يكون فى البطن ستة أشهر، والرضاع أربعة وعشرين شهراً فذلك تمام ما قال الله : ثلاثون شهراً ، فخلى عنها عم ر"( )0
4- وهذا أبو سعيد الخدرى  ينكر على مروان من الحكم والى المدينة تقديم الخطبة على صلاة العيد مبيناً أنه عمل مخالف للسنة النبوية ( ) 0
5- وها هو ابن عمر- كما يروى لنا الذهبى فى "تذكرة الحفاظ" يقوم - والحجاج( )يخطب فيقول : أى ابن عمر متكلماً عن الحجاج : عدو الله استحل حرم الله , وخرب بيـت الله وقتـل أولياء الله .
وروى الذهبى أن الحجاج خطب فقال : إن ابن الزبير بدل كلام الله ، فقال ابن عمر: كذبت لم يكن ابن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت ، قال الحجاج : إنك شيخ قد خرفت اقعد0 قال ابن عمر : أما إنك لو عدت عدت ) ( )0

مثل هذه الأخبار، ومئات أمثالها قد استفاضت بها كتب التاريخ ، وهى تدل دلالة قاطعة على ما كان عليه الصحابة من الشجاعة ، والأمانة ، والجرأة فى الحق ، والتفانى فى الدفاع عنه ، بحيث يستحيل أن يكذبوا على رسول الله  اتباعاً لهوى أو رغبة فى دنيا ، إذ لا يكذب إلا الجبان ، كما يستحيل عليهم أن يسكتوا عمن يكذب على رسول الله  وهم الذين لا يسكتون عن اجتهاد خاطئ ؛ يذهب إليه بعضهم بعد فكر وإمعان نظر0

وهذا غاية ما يكون بينهم من خلاف فقهى لا يتعدى اختلاف وجهات النظر فى أمر دينى وكل منهم يطلب الحق وينشده ( ) 0

وما يرد من ألفاظ التكذيب على ألسنة بعضهم ، فإنما هو تخطئة بعضهم لبعض، وبيان ما وقع فيه بعضهم من وَهَم الكلام 0

والكذب بهذا المعنى لا يعصم منه أحد ، لا من الصحابة ، ولا ممن دونهم ، وقد جاءت كلمة "الكذب" فى أحاديث كثيرة بمعنى الخطأ ، من ذلك مايلى :

1- قول النبى  : "كذب من قال ذلك"( ) فى الرد على من ظن أن عامر بن الأكوع( ) : "قتل نفسه فى غزوة خيبر حيث أصابه سيفه ، وهو يبارز "مرحباً" ملك اليهود .

2- وقوله  : "كذب أبو السنابل( )، ليس كما قال، قد حللت فانكحى"0 وذلك فى الرد على أبى السنابل الذى قال لسبيعة بنت الحارث( )، وقد وضعت حملها بعد وفاة زوجها

بأيام : إنك لا تحلين حتى تمكثى أربعة أشهر وعشراً0 فذكرت ذلك لرسول الله  فقال : " كذب أبو السنابل ، ليس كما قال "( )0






وعلى نحو هذا الإستعمال لكلمة "كذب" جاء استعمال الصحابة لها .
1- كقول ابن عباس - رضى الله عنهما - عن نوف البكالى( ) : "كذب نَوْف" عندما قال صاحب الخضر ليس موسى بنى إسرائيل ، وإنما موسى آخر - ونوف من الصالحين العبا ، ومقصود ابن عباس : اخطأ نوف ( )0

2- ومنه قول عبادة بن الصامت  : "كذب أبو محمد" حيث قال : " الوتر واجب " .
3- ومنه قول عائشة - رضى الله عنها - لما بلغها أن أبا هريرة يحدث بأنه "لا شؤم إلا فى ثلاث" قالت : "كذب - والذى أنزل على أبى القاسم - من يقول : " لا شؤم إلا فى ثلاث - ثم ذكرت الحديث " ( ) .
4- "واسْتَمَعَ الزبير بن العوام  ، إلى أبى هريرة يحدث ، فجعل يقول كلما سمع حديثاً : كذب … صدق … كذب ، فسأله عروة ابنه : يا أبت ما قولك : صدق … كذب 0 قال : يا بنى : أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله  ، فلا شك فيه ، ولكن منها ما يضعه على مواضعه ، ومنها ما وضعه على غير مواضعه " ( ) .
فعائشة والزبير- رضى الله عنهما - لا يريدان بقولهما - كذب أى اختلق - حاشاهم من ذلك – وإنما المراد اخطأ فى فهم بعض الأحاديث ؛ ووضعها فى غير محل الإستشهاد بها، كما صرح الزبير بن العوام ، فعدالة أبى هريرة بين الصحابة أعظم من أن تمس بجرح ، وما اتهم به كذباً من أعداء الإسلام تصدى للرد عليه رهط من علماء الإسلام ( )0

فهذا كله من الكذب الخطأ، ومعناه "اخطأ قائل ذلك"0 وسمى كذباً ؛ لأنه يشبهه , لأنه ضد الصواب ، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد( ) .


وما استدرك به بعض الصحابة بعضاً فى الرواية لا يعد كذباً ، كيف لا ! والصحابة يتفاوتون فى روايتهم عن النبى  بين مكثر ومقل ، يحضر بعضهم مجلساً للرسول  يغيب عنه آخرون، فينفرد الحاضرون بما لم يسمعه المتخلفون ، حتى يبلغوا به فيما بعد0 ومن هذا القبيل كتاب " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة " للإمام بدر الدين الزركشى0 كما وقع لجماعة من الصحابة غيرها ، استدركوا على مثيلهم ، ونفوا ما رواه وخطؤوه فيه 0

ويدل على ما سبق ما رواه الحاكم عن البراء بن عازب  : " ليس كلنا كان يسمع حديث النبى ، كانت لنا ضيعة وأشغال ، ولكن كان الناس لم يكونوا يكذبون فيحدث الشاهد الغائب " ( )0

وعن القاسم بن محمد( ) قال : " لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر مرفوعاً : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه قَالَتْ إِنَّكُم لَتُحَدِّثُونِّىٍ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلاَ مُكَذَّبَيِنْ وَلِكَنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ( )، وفى رواية قالت : "يغفر الله لأبى عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسى
أو اخطأ، إنما مر رسول الله  على يهودية يُبكى عليها فقال : إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب فى قبرها"( )0

كل ذلك وغيره الكثير، يدل على ثقة الصحابة بعضهم ببعض، ثقة لا يشوبها شك ولا ريبة، لما يؤمنون به من تدينهم بالصدق، وأنه عندهم رأس الفضائل، وبه قام الإسلام ، وساد أولئك الصفوة المختارة من أهله الأولين .

وصدقت أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنهما - ما كَانَ خُلُق أَبْغضَ إلى أصحاب رسول الله  من الكذب( )0

وعلى هذا : فإذا ورد على لسان أحد من الصحابة نفى ما رواه نظيره ، أو قوله فى مثيله : كذب فلان …، أو نحو هذا من العبارات، فالمراد به أنه أخطأ أو نسى؛ لأن الكذب عند أهل السنة هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو عليه عمداً أو نسياناً أو خطأ ، ولكن الإثم يختص بالعامد ، كما جاء فى الحديث : " من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " ( )0


قال الإمام النووى ( ) : بعد تعريفه للكذب عند أهل السنة : "وقالت المعتزلة ، شرطة العمدية ودليل خطاب هذه الأحاديث لنا، فإن قيده عليه السلام بالعمد ، لكونه قد يكون عمداً، وقد يكون سهواً ، مع أن الإجماع والنصوص المشهورة فى الكتاب والسنة متوافقة متظاهرة على أنه لا إثم على الناسى والغالط ، فلو أطلق  الكذب لتوهم أنه يأثم الناسى أيضاً فقيده وأما الروايات المطلقة ، فمحمولة على المقيدة بالعمد ( ) 0 أ0هـ0

الرد على زعم أعداء السنة المطهرة بأن لفظة "متعمداً" فى حديث "من كذب علىّ" مختلقة :

زعم أعداء السنة بأن لفظة "متعمداً" مختلقة ، وأدرجها العلماء ليسوغوا بها ، وضع الحديث على رسول الله  حسبة من غير عمد ، كما كان يفعل الصالحون من المؤمنين ويقولون "نحن نكذب له لا عليه " أو يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ ، أو الوهم أو سوء الفهم … إلخ"( )0

الجـواب : هذا زعم كله كذب لأن " لفظة متعمداً " أخرجها البخارى فى صحيحه فى أكثر رواياته( )،واتفق معه الإمام مسلم فى تخريجها فى صحيحه( )0

وأفاض الحافظ ابن حجر فى بيان ثبوتها ( )، ورغم ذلك يكذب محمود أبو رية بذكره للبخارى وابن حجر ضمن من لا يثبتون هذه الزيادة ( ) 0


يقول فضيلة الدكتور محمد أبو شهبة : ولا أحد يدرى - كيف يجتمع الوضع حسبة مع عدم التعمد ؟ إن معنى الحسبة أن يقصد الواضع وجه الله ، وثوابه ، وخدمة الشريعة – على حسب زعمه – بالترغيب فى فعل الخير والفضائل ، وهم قوم من جهلة الصوفية ، والكرامية ، جوزوا الوضع فى الترغيب والترهيب ، وربما تمسكوا بقوله تعالى : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ( ) .

وقوله  "من كذب علىَّ ليضل به الناس"( )0 فكيف يجامع قصد الوضع ، عدم التعمد ؟!

وتفسير الحسبة بأنها عن غير عمد غير مقبول ولا مسلم 0

ثم إن رفع إثم الخطأ أو السهو ليس بهذه الكلمة ، وإنما ثبت بأدلة أخرى ، وقد تقرر فى الشريعة أنه لا إثم على المخطئ والناسى ، ما لم يكن بتقصير منه فذكر الكلمة لا يفيد هؤلاء الرواة شيئاً ما دام هذا أمراً مقرراً .







 
قديم 09-03-08, 02:52 AM   رقم المشاركة : 2
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


والسر فى ذكرها أن الحديث لما رتب وعيداً شديداً على الكاذب ، والمخطئ ، والساهى، والناسى، لا إثم عليهم ، كان من الدقة والحيطة فى التعبير التقييد بالعمد ، وذلك لرفع توهم الإثم على المخطئ والغالط والناسى ، وهو ما نقله الإمام النووى عن مذهب أهل السنة والمعتزلة أيضاً 0

على أن أئمة الحديث وإن قالوا برفع الإثم عن المخطئ ، والناسى ، والغالط ، فقد جعلوا ما ألحق بالحديث غلطاً ، أو سهوا ً، أو خطأً ، من قبيل الشبيه بالموضوع فى كونه كذباً فى نسبته إلى الرسول  ، ولا تحل روايته إلا مقروناً ببيان أمره ، وإلى هذا ذهب الأئمة، الخليلى ، وابن الصلاح ، والعراقى ، وغيرهم ، وقد اعتبره بعض أئمة الجرح - كابن معين ، وابن أبى حاتم - من قبيل الموضوع المختلق ، وذهب بعض الأئمة إلى أنه من قبيل المدرج ، ومهما يكن من شئ فقد جعلوا هذا النوع من الغلط أو الوهم مما يطعن فى عدالة الراوى وضبطه ( ) أ0هـ0


فأين هذا الذى يقرره الجهابذة من المحدثين مما يزعمه الأفاكون أمثال محمود أبو رية ، فى قوله كلمة "متعمداً" "يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ ، أو الوهم أو سوء الفهم … إلخ" ؟!! .

يقول الشيخ المعلمى اليمانى : "ولا يتوهمن أحد أن كلمة "متعمداً" تخرج من حدث جازماً وهو شاك ، كلا فإن هذا متعمد بالإجماع ، ولا نعلم أحداً من الناس حتى من أهل الجهل والضلالة زعم أن كلمة "متعمداً" تخرج هذا ، وإنما وجد من أهل الجهل والضلال من تشبث بكلمة " علىَّ " فقال : نحن نكذب له لا عليه . فلو شكك محمود أبو ريه ، ومن قال بقوله، فى كلمة " علىَّ " لكان أقرب ( )0أهـ

والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم
المبحث الخامس
سنـة الصحابـة  حجـة شرعيـة

إذا كان أعداء الإسلام يشككون فى عدالة الصحابة  فهم أيضاً يشككون فى سنتهم، وسنة الخلفاء الراشدين0
يقول محمد شحرور( ): "فإذا سألنى سائل الآن ألا يسعك ما وسع الصحابة فى فهم القرآن؟ فجوابى بكل جرأة ويقين هو : كلا لا يسعنى ما وسعهم، لأن أرضيتى العلمية تختلف عن أرضيتهم، ومناهج البحث العلمى عندى تختلف عنهم ، وأعيش فى عصر مختلف تماماً عن عصرهم والتحديات التى أواجهها تختلف عن تحدياتهم " ( )0

والحق أن هذا كلام من يرى الشريعة الإسلامية قرأناً وسنة غير صالحة لكل زمان ومكان ، فكلامه هو وغيره من أعداء السنة المطهرة فى سنة الصحابة لا قيمة له 0

لأن سنة الصحابة وهى ما جاء عنهم من قول أو فعل أو تقرير إذا كان مما لا يقال من قبل الرأى ، ومما لا مجال للإجتهاد فيه ، فله حكم المرفوع المسند تحسيناً للظن بهم ، وجزم بذلك الرازى فى المحصول ، وغير واحد من أئمة الأصول والحديث( )0

وإذا كانت سنتهم فى غير ذلك ، فقد اختلف العلماء فى ذلك 0
والراجح من هذا الخلاف( ) : أن سنتهم كسنة الرسول يعمل بها ، ويرجع إليها، وانتصر لهذا الرأى غير واحد من أئمة الأصول ، منهم الشاطبى - رحمه الله - فبعد أن ذكر الآيات والأحاديث الدالة على عدالتهم قال : "فيصح أن يطلق على الصحابة أنهم خير أمة بإطلاق، وأنهم وسط أى عدول بإطلاق ، وإذا كان كذلك فقولهم معتبر، وعملهم مقتدى به0 ثم استدل الشاطبى لما رجح بأدلة منها :
1- ما جاء فى الحديث من الأمر باتباعهم ، وأن سنتهم فى طلب الإتباع كسنة النبى  لقوله  : " فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ " ( ) .
2- أن جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل ، فقد جعل طائفة قول أبى بكر وعمر حجة ودليلاً، وبعضهم عد قول الخلفاء الأربعة دليلاً، وبعضهم يعد قول الصحابى على الإطلاق حجة ودليلاً، ولكل قول من هذه الأقوال متعلق من السنة وهذه الآراء - وإن ترجح عند العلماء خلافها - ففيها تقوية تضاف إلى أمر كلى هو المعتمد فى المسألة، وذلك أن السلف والخلف من التابعين ومن بعدهم ، يهابون مخالفة الصحابة، ويتكثرون بموافقتهم ، وأكثر ما تجد هذا المعنى فى علوم الخلاف الدائرة بين الأئمة المعتبرين، فتجدهم إذا عينوا مذاهبهم قوَّوها بذكر من ذهب إليها من الصحابة ، وما ذاك إلا لما اعتقدوا فى أنفسهم وفى مخالفيهم من تعظيمهم ، وقوة مآخذهم دون غيرهم ، وكبر شأنهم فى الشريعة ، وأنهم مما يجب متابعتهم وتقليدهم فضلاً عن النظر معهم فيما نظروا فيه0

ويؤيد هذا ما جاء عن السلف الصالح ، من تزكيتهم والحث على متابعتهم 0

فعن ابن مسعود  قال : "من كان مستناً فليستن( ) بأصحاب محمد  فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هدياً ، وأحسنها حالاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم فى آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " ( )0

وقال عمر بن عبد العزيز : " سن رسول الله ، وولاة الأمر بعده سننا ً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، من عمل بها مهتدٍ، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم ، وساءت مصيراً 0

وفى رواية بعد قوله - وقوة على دين الله - ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ، ولا النظر فى رأى خالفها ، من اهتدى بها مهتد … الحديث"( ) .

فقال مالك فأعجبنى عزم عمر على ذلك"( ) والآثار فى هذا المعنى يكثر إيرادها ، وقد استوعب كثيراً منها الإمام ابن قيم الجوزية فى كتابه أعلام الموقعين عن رب العالمين( )0

ويقول الإمام الشاطبى فى موضع آخر من كتابه مبيناً أن بيان الصحابى حجة ، قال: "وأما بيان الصحابة ، فإن أجمعوا على ما بينوه ، فلا إشكال فى صحته أيضاً، كما أجمعوا على الغسل من التقاء الختانين المبين لقوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا( ) وهذا الإجماع حجة موجبة للعلم ،ولا يعتد بخلاف من خالفهم ،كما حكاه السرخسى( )،عن أبى حازم القاضى( ) .

وإن لم يجمعوا عليه فهل يكون بيانهم حجة أم لا ؟ هذا فيه نظر وتفصيل0
ولكنهم يترجح الإعتماد عليهم فى البيان ، من وجهين :
أحدهما : معرفتهم باللسان العربى، فإنهم عرب فصحاء، لم تتغير ألسنتهم، ولم تنزل عن
رتبتها العليا فصاحتهم ، فهم أعرف فى فهم الكتاب والسنة من غيرهم ، فإذا جاء
عنهم قول أو عمل واقع موقع البيان صح اعتماده من هذه الجهة0
ثانيهما : مباشرتهم للوقائع والنوازل ، وتنزيل الوحى بالكتاب والسنة ، فهم أقعد فى فهم القرائن الحالية، وأعرف بأسباب التنزيل، ويدركون ما لا يدركه غيرهم بسبب ذلك، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فمتى جاء عنهم تقييد بعض المطلقات، أو تخصيص بعض العمومات ، فالعمل عليه صواب ، وهذا إن لم ينقل عن أحد منهم خلاف فى المسألة، فإن خالف بعضهم فالمسالة اجتهادية " ( )0
ويقول فى كتابه الإعتصام : "الصحابة هم المتقلدون لكلام النبوة ، المهتدون للشريعة ، الذين فهموا أمر دين الله بالتلقى من نبيه مشافهة على علم ، وبصيرة بمواطن التشريع، وقرائن الأحوال ، بخلاف غيرهم : فإذا كل ما سنوه ، فهو سنة ، من غير نظير فيه، بخلاف غيرهم ، فإن فيه لأهل الاجتهاد مجالاً للنظر رداً وقبولاً " ( )0

سنة الصحابة مصدراً للأحكام الدستورية :
يقول المستشار الدكتور على حريشة بعد أن رد اعتراضات المنكرين لحجية مذهب الصحابى( )، قال : وسنة الصحابة يمكن أن تكون مصدراً للأحكام الدستورية : ولقد كان نظام الخلافة وليد اجتهاد الصحابة فضرورة البيعة – وهى مظهر رضا المسلمين – كانت عليها سنة الصحابة ، فلم يل أحدهم دون بيعة ، ولم يكن الإستخلاف بالنسبة لمن استخلفوا إلا ترشيحاً، واستمرار الخلافة مدى حياة الخليفة … كان سنة للصحابة ، تحقق بها ميزات عجز عنها كل من النظام الجمهورى ، والنظام الملكى على السواء ، فقد وفرت الثبات الذى ينقص الأنظمة الجمهورية ، ونفت التوارث الذى يعيب الأنظمة الملكية 0
وهكذا يتبين أن سنة الخلفاء كانت مصدراً لكثير من الأحكام الدستورية ؛على غير ما يذهب إليه بعض "المجتهدين" "المحدثين " ( ) أ0هـ0


والله تبــارك وتعالــى
أعلى وأعلم

====
المبحث السادس
من أراد معاوية  فإنما أراد الصحابة
جميعاً 


يحرص أعداء السنة النبوية من غلاة الرافضة وأذيالهم , فى الطعن فى صحة إسلام سيدنا معاوية  ، وأنه فتح باب الوضع فى السنة النبوية , وعلى هذا الزعم بنى نيازى عز الدين كتابه (دين السلطان) فهو يعنى بالسطان معاوية بن أبى سفيان  ، وسيدنا معاوية فى زعمه هو الذى فتح باب الروايات بالأحاديث المفتراة لتحل محل القرآن ، وأصبحت ديناً، وساعده على ذلك جنوده من الفقهاء ، والمحدثين ، وفى ذلك يقول : "والتاريخ الإسلامى يحدثنا أن معاوية كان من دهاة العرب … فأعاد عقلية الجاهلية بتوقيفه أحكام القرآن، من خلال فتح باب الروايات بالأحاديث المفتراة لتحل محل القرآن0 وقد وجد كثيراً من المساعدين من بين أصحاب المصالح من علماء السوء ، والحساد، والمنافقين من أعداء الإسلام " ( )0

وبنفس هذا الزعم تقول الرافضة طاعنين بذلك فى عقيدة أهل السنة 0

يقول صالح الوردانى بعد أن ذكر نماذج من الأحاديث السابقة وما فى معناها قال : "إن هذه الروايات ، وهذه العقيدة ، هى التى خلقت فقهاء السلاطين ، وخلقت الحكام الطغاة الظالمين فى تاريخ المسلمين … ولولا هذه الروايات وهذه العقيدة ما هيمنت القبلية ، والأموية ، والعباسية ، على واقع المسلمين0 فإن جميع الحكومات التى قامت من بعد الرسول ، اعتمدت هذه الروايات فى دعم سلطانها ونفوذها وإضفاء المشروعية عليها " ( ) .
ويقول رافضى آخر زكريا عباس داود : "إننا عندما نبحث فى أسباب الوضع نلاحظ أن الجانب السياسى ، كان دافعاً قوياً لمعاوية كى يوظف السنة لخدمة أهدافه …، ولذا عمد لاستخدام مجموعة من الصحابة ، والتابعين ، كى يضعوا أحاديث تبرر له أعماله ، وتضفى الشرعية الدينية على ملكه ( ) 0

وممن قال بذلك أيضاً : عبد الحسين شرف الدين( )، ومرتضى العسكرى( )، ومحمود أبو رية( )، ومحمد نجيب( )، وعلى الشهرستانى( )، وعلى الوردى( )، وجمال البنا( )،

وعبدالجواد ياسين( )، وإدريس الحسينى( )، والسيد صالح أبو بكر( )0

والناظر فيما قاله أعداء السنة سابقاً يرى أنهم يطعنون فى :
صحة إسلام معاوية  ، ووصفهم له بأنه كان منافقاً اعتماداً على ما ورد من أنه أسلم يوم الفتح ، وكان من الطلقاء المؤلفة قلوبهم ، وأنه فتح باب الوضع فى السنة ، وصرح بذلك الرافضة السابق ذكرهم ، وتبعهم على ذلك دعاة الفتنة , وأدعياء العلم 0

الجواب عن الطعن فى صحة إسلام سيدنا معاوية  ،
وأنه فتح باب الوضع فى السنة النبوية .
ما طعن به أعداء السنة المطهرة فى صحة إسلام سيدنا معاوية  ، دافع عنه فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو شهبة بقوله : "وقد غاب عن أعداء الإسلام أن الكاتبين فى تاريخ الصحابة ذكروا عن الواقدى ، وابن سعد ، أنه أسلم بعد الحديبية قبل الفتح ، وأنه أخفى إسلامه مخافة أهله ، وأنه كان فى عمرة القضاء مسلما ً، وإذا كان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم فى رأى البعض ، ففى رأى الكثيرين أنه ليس من المؤلفة قلوبهم ، قال ابن عبد البر : "معاوية وأبوه من المؤلفة قلوبهم ، ذكره فى ذلك بعضهم "، وهو يشعر بأن الكثيرين لا يرون هذا الرأى ، ولذا نجد الحافظ المحقق ابن حجر لم يذكر فى ترجمته شيئاً من هذا ، وإنما ذكر فى ترجمة أبيه أنه من المؤلفة قلوبهم ( ) 0

قلت : ومهما يكن من شئ فقد أسلم وحسن إسلامه ، وحتى لو كان ممن أسلموا يوم الفتح ، فلا يقدح ذلك فى عدالته وصحبته ، بعد تزكية رب العزة لمن أسلموا بعد الفتــح
أيضاً قال تعالى : وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( )0



وكيف يصح الطعن فى صحة إسلامه  ، وقد كان أحد كتبة الوحى بين يدى النبى  ( ) .


يدل على ذلك ما روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن رسول الله  بعث إلى معاوية ليكتب له ، فقال : إنه يأكل ، ثم بعث إليه ، فقال : إنه يأكل ، فقال رسول الله  : " لا أشبع الله بطنه " ( )0


يقول الأستاذ محب الدين الخطيب( ) - رحمه الله - : " قد يستغل بعض الفرق من أعداء الإسلام( )0 هذا الحديث ليتخذوا منه مطعناً فى معاوية  وليس فيه ما يساعدهم على ذلك ، كيف وفيه أنه كان كاتب النبى ؟! .



فالظاهر أن هذا الدعاء منه  غير مقصود ، بل هو مما جرت به عادة العرب فى وصل كلامها بلا نية كقوله  : ماله تربت يداه ( ) , وثكلتك أمك يا معاذ ( ) . ونحو ذلك .
ويمكن أن يكون ذلك منه  بباعث البشرية التى أفصح عنها هو نفسه  فى أحاديث كثيرة متواترة : منها حديث عائشة – رضى الله عنها – مرفوعاً : "… أَوَ مَاَ عَلِمْتِ مَا شَرَطْتُ عَلَيْهِ رَبِىِّ ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَىُّ المُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاَةً وَأَجْرا ً" ( )0

ولم تعرف عن معاوية  دخلة فى إيمانه , ولا ريبة فى إخلاصه لإسلامه , ولا فى إمارته 0
يقول القاضى أبو بكر بن العربى( ) : مبيناً ما اجتمع فى معاوية من خصال الخير إجمالاً قال : "معاوية اجتمعت فيه خصال : وهى أن عمر جمع له الشامات كلها وأفرده بها، لما رأى من حسن سيرته، وقيامه بحماية البيضة وسد الثغور، وإصلاح الجند ، والظهور على العدو، وسياسة الخلق0 وقد شهد له فى صحيح الحديث بالصحبة والفقه ، فيما رواه البخارى فى صحيحه بسنده عن ابن أبى مليكه قال : "أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس، فقال : دعه؛ فإنه صحب رسول الله  0

وفى رواية أخرى قيل لابن عباس : هل لك فى أمير المؤمنين معاوية ؛ فإنه ما أوتر إلا بواحدة ، قال : إنه فقيه ( ) .

يقول ابن العربى : "وشهد بخلافته فى حديث أم حرام – رضى الله عنها ( )– فيما رواه أنس بن مالك  أن رسول الله  نام عندها القيلولة ثم استيقظ وهو يضحك ؛ لأنه رأى ناساً من أمته غزاة فى سبيل الله يركبون ثبج البحر – أى وسطه ومعظمه – ملوكاً على الأسرة0 ثم وضع رأسه فنام واستيقظ وقد رأى مثل الرؤيا الأولى فقالت له أم حرام : أدع الله أن يجعلنى منهم، فقال، أنت من الأولين"، فركبت أم حرام البحر فى زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر0 فهلكت"( )0

قال الحافظ ابن كثير : يعنى بالأول جيش معاوية حين غزا قبرص ففتحها سنة 27 أيام عثمان بن عفان ، بقيادة معاوية ، عقب إنشائه الأسطول الإسلامى الأول فى التاريخ، وكانت معهم أم حرام فى صحبة زوجها عبادة بن الصامت0 ومعهم من الصحابة أبو الدرداء وأبو ذر وغيرهم 0 وماتت أم حرام فى سبيل الله , وقبرها بقبرص إلى اليوم 0

قال ابن كثير : ثم كان أمير الجيش الثانى يزيد بن معاوية فى غزوة القسطنطينية0 قال : وهذا من أعظم دلائل النبوة( ) فى الشهادة لسيدنا معاوية ، وابنه يزيد بالفضل ، والمغفرة والجنة كما جاء فى حديث أم حرام مرفوعاً : " أول جيش من أمتى يركبون البحر قد أوجبوا ( )0 وأول جيش من أمتى يغزون مدينة قيصر مغفور لهم0 فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا " ( )0



يقول الإمام ابن تيمية : "لم يكن من ملوك المسلمين ملك خيراً من معاوية ، ولا كان الناس فى زمان ملك من الملوك خيراً منهم فى زمن معاوية ، إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده ، وإذا نسبت إلى أيام أبى بكر وعمر ظهر التفاضل 0


وقد روى أبو بكر بن الأثرم - ورواه ابن بطه من طريقه عن قتادة قال : "لو أصبحتم فى مثل عمل معاوية لقال أكثركم : هذا المهدى "0


وروى ابن بطه بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال : لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدى 0


وروى الأثرم عن أبى هريرة المكتب قال : كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبدالعزيز وعدله ، فقال الأعمش ، فكيف لو أدركتم معاوية ؟ قالوا فى حلمه ؟ قال : لا والله ، بل فى عدله0

وعن أبى إسحاق السبيعى أنه ذكر معاوية فقال : لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم : كان المهدى 0

وهذه الشهادة من هؤلاء الأئمة الأعلام لأمير المؤمنين معاوية صدى استجابة المولى  لدعاء سيدنا رسول الله  , لهذا الخليفة الصالح يوم قال  : " اللهم اجعله هادياً ، مهدياً ، واهد به " ( )0

وقبل أن أنهى الكلام على شهادات الصحابة ، والتابعين ، وآراء العلماء ، فى معاوية ، أنقل رأياً طريفاً للمؤرخ العلامة ابن خلدون فى اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين قال : "إن دولة معاوية وأخباره كان ينبغى أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين وأخيارهم فهو تاليهم فى الفضل والعدالة والصحبة ( ) 0

ويقول أيضاً فى مقدمته : مدافعاً عن إيثاره ابنه يزيد بالعهد، دون من سواه قال : " إنما هو مراعاة المصلحة فى اجتماع واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بنى أمية … وهم عصابة قريش( ) وأهل الملة أجمع ، وأهل الغلب منهم ، فآثره بذلك دون غيره … حرصاً على الإتفاق ، واجتماع الأهواء الذى شأنه أهم عند الشارع ، ولا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه ، دليل على انتفاء الريب فيه ، فليسوا ممن يأخذهم فى الحق هوادة، وليس معاوية ممن تأخذه العزة فى قبول الحق فإنهم كلهم أجل من ذلك وعدالتهم مانعة منه " ( )0


" نذكر جميع هذه الشهادات ، وقبلها الأحاديث النبوية فى فضل معاوية( )، مع اعترافنا - يشهد الله تعالى - بفضل على بن أبى طالب ، وأنه أفضل منه والحق غالبه معه ، وكل كان مجتهدا ً( )0 وقد جاء فى الحديث الصحيح : "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم اخطأ؛ فله أجر"( )0

وقد أوردت هذه الأمثلة القليلة التى لا يسع المقام لأكثر منها ؛ ليعلم الناس أن الصورة الحقيقية لمعاوية  تخالف الصورة الكاذبة التى يصورها الزنادقة من الرافضة ومن تابعهم من أعداء الإسلام ، والسنة المطهرة ، تلك الصورة التى تنكر ما جاء فى السنة المطهرة عن رسول الله  ، وعن الصحابة ، والتابعين ، من الشهادة له بالصحبة ، والفقه، والملك العادل ، وحسن السيرة , حتى شهد له من أدركه كمجاهد والأعمش بأنه المهدى 0

فهل من كان هذا حاله يكون له دخل أو حتى رضا بالوضع فى السنة المطهرة , سواء فى فضائله ، وفضائل الشام , أو فى وضع ما يثبت ملكه ، أو غير ذلك مما يزعمه أعداء الإسلام من الرافضة ومن شايعهم ؟! نعم إذا لم تستح فاصنع ما شئت ....

وأخيراً : " إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة ؛ إنما أراد الإسلام ، كمن نقر الباب - أى نقبه - إنما يريد دخول الدار، قال : فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة " ( )0
والله تبــارك وتعالــى
أعلـى وأعلـم
المبحث السابع
شبهات حول راوية السنة الأول (أبو هريرة )
والرد عليها

لهج أعداء الإسلام ، وأعداء السنة المطهرة ، قديماً وحديثاً ، وشغفوا بالطعن فى أبى هريرة وتشكيك الناس فى إسلامه ، وفى صدقه وروايته ، وما إلى ذلك أرادوا ! ؛ وإنما أرادوا أن يصلوا إلى التشكيك فى راوية السنة الأول ، وأحفظ من رواها فى دهره ، فأبو هريرة  على رأس السبعة المكثرين من الرواية الذين عناهم من أنشد :

سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا
أبو هريـرة ، سعـد، جابـر، أنـس ***
*** من الحديث عن المختار خير مضـر
صديقة ، وابن عباس، كذا ابن عمـر

فأبو هريرة هو أكثرهم حديثاً فقد روى (5374) حديثاً، ثم عبد الله بن عمر روى (2630) حديثاً، ثم أنس بن مالك روى (2286) حديثاً، ثم عائشة أم المؤمنين روت (2210) حديثاً، ثم ابن عباس روى (1660) حديثاً، ثم جابر بن عبد الله روى (1540) حديثاً، ثم أبو سعيد الخدرى (سعد بن مالك) روى (1170) حديثاً( )0

وما اتهم به أبو هريرة  ، من أكاذيب وافتراءات من قبل أرباب الأهواء قديماً وحديثاً، سندهم فيه إما روايات مكذوبة أو ضعيفة ، وإما روايات صحيحة لم يفهموها على وجهها ، بل تأولوها تأويلاً باطلاً يتفق وأهواءهم 0

وقد تصدى للرد على تلك الطعون رهط من علماء الإسلام0 على رأسهم أبى هريرة نفسه ، وصدق على دفاعه - على ما سيأتى - كبار الصحابة ، والتابعين ، فمن بعدهم من أئمة المسلمين، منهم الحاكم فى المستدرك ، وابن عساكر فى تاريخه ، وابن كثير فى البداية والنهاية، وابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث ، وعبد المنعم صالح العلى فى كتابه دفاع عن أبى هريرة ، والدكتور محمد السماحى فى كتابيه "أبو هريرة فى الميزان"، والمنهج الحديث فى علوم الحديث ، والدكتور السباعى فى كتابه "السنة ومكانتها فى التشريع ، والدكتور عجاج الخطيب فى كتابيه السنة قبل التدوين ، وأبو هريرة راوية الإسلام ، والشيخ عبد الرحمن
المعلمى فى كتابه (الأنوار الكاشفة) ، والدكتور أبو زهو فى الحديث والمحدثون ، والدكتور أبو شهبة فى دفاع عن السنة ، والدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف فى كتابه "المختصر فى علم رجال الأثر" وفى مقدمة كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمى وغيرهم 0
وأكتفى هنا بترجمة للصحابى الجليل لنتعرف بها على مكانته فى الإسلام ، وبراءته مما نسب إليه من أكاذيب0 وذلك بعد أن نتعرف على أصناف الطاعنين فيه ، والذين ذكرهم الإمام ابن خزيمة ( ) بقوله : "إنما يتكلم فى أبى هريرة لدفع أخباره من قد أعمى الله قلوبهم فلا يفهمون معانى الأخبار0
1- إما معطل جهمى يسمع أخباره التى يرونها خلاف مذهبهم الذى هو كفر، فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه ، تمويهاً على الرعاء ، والسفل أن أخباره لا تثبت بها الحجة 0
2- وإما خارجى يرى السيف على أمة محمد  ، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام ، إذا سمع أخبار أبى هريرة  عن النبى  خلاف مذهبهم الذى هو ضلال لم يجد حيلة فى دفع أخباره بحجة وبرهان ، كان مفزعة الوقيعة فى أبى هريرة 0
3- أو قدرى اعتزل الإسلام وأهله ، وكفر أهل الإسلام الذين يتبعون الأقدار الماضية التى قدرها الله تعالى ، وقضاها قبل كسب العباد لها ، إذا نظر إلى أخبار أبى هريرة التى قد رواها عن النبى  فى إثبات القدر لم يجد حجة يؤيد صحة مقالته التى هى كفر وشرك ، كانت حجته عند نفسه أن أخبار أبى هريرة ، لا يجوز الاحتجاج بها 0
4- أو جاهل يتعاطى الفقه ، ويطلبه من غير مظانة ، إذا سمع أخبار أبى هريرة فيما يخالف مذهب من قد اجتبى مذهبه ، وأخباره تقليداً بلا حجة ولا برهان ، تكلم فى أبى هريرة ، ودفع أخباره التى تخالف مذهبه , ويحتج بأخباره على مخالفته إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه ، وقد أنكر بعض هذه الفرق على أبى هريرة أخباراً لم يفهموا معناها " ( ) 0
قلت : والله  إن من يتكلم فى أبى هريرة فى عصرنا لا يخرج فى عقيدته ، ومذهبه عما ذكرهم الإمام ابن خزيمة - رحمه الله تعالى -0

أبـو هريـرة 


إسلامـه وصحبتـه :
قدم أبو هريرة مهاجراً من اليمن إلى المدينة ليالى فتح خيبر فى المحرم سنة سبع من الهجرة ، وكان قد أسلم على يد الطفيل بن عمرو( ) فى اليمن ، وشهد هذه الغزوة مع رسول الله  , ولازمه إلى آخر حياته يخدمه ، ويتلقى العلم عنه  .

ويتحدث هو عن ذلك لما سأله مروان بن الحكم قائلاً له : " إن الناس قد قالوا إنك أكثرت على رسول الله  الحديث ، وإنما قدمت قبل وفاة النبى  بيسير، فقال أبو هريرة : نعم ! قدمت ورسول الله  بخيبر سنة سبع ، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات ، وأقمت معه حتى توفى، أدور معه فى بيوت نسائه وأخدمه ، وأنا والله يومئذ مقل (أى فقير)، وأصلى خلفه ، وأحج، وأغزو معه ، فكنت والله أعلم الناس بحديثه ، قد والله سبقنى قوم بصحبته والهجرة إليه من قريش والأنصار ، وكانوا يعرفون لزومى له فيسألونى عن حديثه ، منهم عمر، وعثمان، وعلى ، وطلحة والزبير ، فلا والله ما يخفى على كل حديث كان بالمدينة 0
قال : فوالله ما زال مروان يقصر عن أبى هريرة ، ويتقيه بعد ذلك ، ويخافه، ويخاف جوابه( ) .


وفيما سبق رد على دعوى الرافضة ومن قال بقولهم : " إن أبا هريرة لم يصاحب النبى  إلا سنة وتسعة أشهر( )، فالمعروف أن أبا هريرة أسلم عام خيبر، وخيبر كانت فى جمادى الأولى سنة سبع( )0 وبين خيبر ووفاة النبى  أربع سنوات ، إلا شهرين تقريباً فإن الوفاة كانت فى ربيع الأول سنة 11هـ ( ) 0


خلقـه وتقـواه :
كان ، صادق اللهجة ، خفيف الروح محبباً إلى الصحابة ، وكان  تقياً ورعاً كثير التعبد ، شديد الخشية لله تعالى، وكان يقول : "وأيم الله لولا آية فى كتاب الله ما حدثتكم بشئ أبداً ، ثم يتلو قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ( )0

وكان صواماً قواماً يتناوب قيام الليل ، هو وزوجته ، وخادمه ، فيما رواه عنه أبو عثمان النهدى( )  قال : "تضيفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته ، وخادمه يتعقبون الليل أثلاثاً : يصلى هذا ، ثم يوقظ الآخر فيصلى ، ثم يوقظ الثالث " ( )0
وقد أرسله النبى  مع العلاء بن الحضرمى( ) إلى البحرين لينشر الإسلام ، ويفقه المسلمين فى الدين( ) 0

كما استعمله الخليفة عمر بن الخطاب  على البحرين فترة ثم عزله ، وبعد ذلك دعاه عمر ليوليه فلم يقبل أبو هريرة وقال : "أخشى أن أقول بغير علم ، وأقضى بغير حلم ، وأن يضرب ظهرى , وينزع مالى ، ويشتم عرضى " ( )0


يقول الإمام الجوينى : "وهذا مما يتمسك به فى أبى هريرة  فعمر مع تنزهه عن المداراة والمداجاة والمداهنة ، اعتمده وولاه فى زمانه أعمالاً جسيمة ، وخطوباً عظيمة ، وكان يتولى زماناً على الكوفة وكان يبلغه روايته عن رسول الله ، فلو لم يكن من أهل الرواية ، لما كان يقرره عمر  مع العلم بإكثاره ( )0

ولم يشترك أبو هريرة فى الفتن التى حدثت بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان  بل اعتزلها0 ولم يفارق الحجاز منذ استعمله عمر على البحرين ثم عزله0 ولم يزل يسكن المدينة ، وبها كانت وفاته 0

وفى هذا رد على الرافضة ومن قال بقولهم 0 من اشتراك أبى هريرة فى الفتنة بين على ومعاوية- رضى الله عنهما - :
" فكان يأكل مع معاوية فإذا حضرت الصلاة صلى خلف على ، فإذا قيل له فى ذلك قال: مضيرة( )معاوية أدسم ،والصلاة خلف علىّ أفضل"( ) .

فهذه القصة التى بنى عليها الرافضى محمود أبو رية تسمية كتابه "شيخ المضيرة أبو هريرة" هذه القصة لا يصدقها عاقل ، والأحداث التاريخية تكذبها 0

يقول الدكتور محمد أبو شهبة : "كيف يصح هذا فى العقول ، وعلىّ كان بالعراق ، ومعاوية كان بالشام ، وأبو هريرة كان بالحجاز، إذ الثابت أنه بعد أن تولى إمارة البحرين فى عهد عمر  لم يفارق الحجاز( )0

وقال الإمام ابن عبد البر : استعمله عمر على البحرين ثم عزله ، ثم أراده على العمل، فأبى عليه ، ولم يزل يسكن المدينة وبها كانت وفاته ( )0

وبهذا يتبين لنا كذب ادعاءاتهم ، ويظهر لنا مدى حقدهم ، اللهم إلا إذا كانت الشيعة ترى أن أبا هريرة أعطى بساط سيدنا سليمان عليه السلام أو كانت الأرض تطوى له طياً !!! ( )0

وعودة إلى خلقه وتقواه  : فقد اشتهر  بالتواضع، والمرح ، فكان يداعب الأطفال ، ويمازح الناس ويلاطفهم ، ومن ذلك أنه كان يمر فى السوق ، يحمل الحزمة من الحطب على ظهره- وهو يومئذ أمير مروان على المدينة فيقول: أوسعوا الطريق للأمير( )0
فمعاوية  استعمله فى عهده على المدينة ثم عزله وولى عليها مروان ، ثم استخلفه مروان عليها حين توجه إلى الحج " ( )0

قـوة ذاكرتـه وروايتـه :
لقد لازم أبو هريرة رسول الله منذ قدم عليه مهاجراً، ينهل من عمله، ويتلقى عنه أحاديثه ويحفظها، واجتهد فى ذلك حتى صار أحفظ أصحابه، وأكثرهم رواية للحديث، فقد روى (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً نبوياً - كما فى مسند بقى ابن مخلد- اتفق الشيخان البخارى ومسلم على (325) ثلاثمائة وخمسة وعشرين حديثاً منها،وانفرد البخارى بثلاثة وتسعين،ومسلم بمائة وتسعة وثمانين( )،وقيل غير ذلك0
وهذه الروايات التى زادت على خمسة آلاف هى بالمكرر0
وذكر الدكتور الأعظمى فى كتابه : أبو هريرة فى ضوء مروياته( ) أن أحاديثه فى المسند والكتب الستة هى 1336 حديثاً فقط ، وذلك بعد حذف الأسانيد المكررة0 وهذا القدر يستطيع طالب عادى أن يحفظه فى أقل من عام، فما بالك بمن كان حفظه من معجزات النبوة " ( )0
ويقول الدكتور أبو شهبة : "وأحب ألا يعزب عن بالنا أن هذه الخمسة آلاف والثلاثمائة والأربعة والسبعون حديثاً، الكثير منها لا يبلغ السطرين أو الثلاثة ، ولو جمعتها كلها لما زادت عن جزء فأى غرابة فى كثرة مروياته مع حداثة صحبته ، مع أن السنين الأربع ليست بالزمن القصير فى عمر الصحبة( )، ولا سيما ما توافر له دون غيره من الصحابة من أمور كانت سبباً فى تفوقه فى الرواية وكثرة مروياته منها :

أسباب كثرة مروياته :
أولاً : شدة ملازمته للنبى  منذ قدم مهاجراً إليه سنة سبع من الهجرة يدور معه فى بيوت نسائه يخدمه، ويصلى خلفه، ويحج، ويغزو معه كما حدث عن نفسه، ومما أعانه على التفرغ لذلك أنه كان فقيراً، ولم تكن له زوجه، ولا أولاد حينئذ - ونحو ذلك مما يشغل، مع شدة حرصه على تلقى الحديث عن النبى ، وشهد له النبى  بهذا الحرص .
ومن الآثار الدالة على ذلك : ما جاء فى الصحيح عنه  قال : "يقولون : إن أبا هريرة قد أكثر والله الموعد0 ويقولون : ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون مثل أحاديثه؟ وسأخبركم عن ذلك : إن إخوانى من الأنصار كان يشغلهم عمل أراضيهم0 وإن إخوانى من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق0 وكنت ألزم رسول الله  على ملئ بطنى فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، ولقد قال رسول الله  يوماً : "أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثى هذا، ثم يجمعه إلى صدره، فإنه لن ينس شيئاً سمعه ، فبسطت بردة على حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدرى، فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئاً حدثنى به0 ولولا آيتان أنزلهما الله فى كتابه ما حدثت شيئاً أبداً : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ(159)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ( )0
ثانياً : دعاء رسول الله  له بالحفظ وعدم النسيان، ومما يدل على ذلك الرواية السابقة، وما رواه الحاكم فى المستدرك عن زيد بن ثابت، أن رجلاً جاء إليه فسأله عن شئ فقال له زيد : عليك بأبى هريرة، فإنه بينما أنا وأبو هريرة فى المسجد وفلان فى المسجد ذات يوم ندعوا الله تعالى، ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله  حتى جلس إلينا قال : فجلس وسكتـنا0 فقال عودوا للذى كنتم فيه، قال زيد فدعوت أنا وصاحبى قبل أبى هريرة ، وجعل رسول الله  يؤمن على دعائنا قال:ثم دعا أبو هريرة فقال : اللهم إنى أسألك مثل الذى سألك صاحباى هذان وأسألك علماً لا ينسى، فقال رسول الله : آمين"فقلنا يا رسول الله ! ونحن نسأل الله علماً لا ينسى ؛ فقال:"سبقكما بها الدوسى"( )0
ثالثاً : إن أبا هريرة تميز بقوة ذاكرته وحفظه وحسن ضبطه، خاصة بعد أن دعا له الرسول بالحفظ وعدم النسيان - كما سبق - فكان حافظاً متقناً ضابطاً لما يرويه0

ويدل على ذلك قصة امتحان مروان له فيما رواه الحاكم عن أبى الزُّعَيْزِعَة( ) كاتب مروان بن الحكم ، أن مروان بن الحكم دعا أبا هريرة فأقعدنى خلف السرير، وجعل يسأله وجعلت أكتب حتى إذا كان عند رأس الحول ، دعا به فأقعده وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا آخر"( ) وقد نقل هذه القصة الذهبى فى سير أعلام النبلاء، ثم عقب بقوله : "قلت هكذا فليكن الحفظ"( )0

وهذه القصة نقلها أيضاً ابن حجر فى الإصابة( )، وابن كثير فى البداية( )، وهى تدل على قوة حفظه وإتقانه، كما شهد له بذلك الصحابة، والتابعون فمن بعدهم من أئمة المسلمين إلى يومنا هذا على ما سيأتى بعد قليل0

وكان  يراجع ما يسمعه من النبى  تأكيداً لحفظه ، فقد روى عنه أنه قال : "جزأت الليل ثلاثة أجزاء : ثلثاً أصلى،وثلثاً أنام، وثلثاً أذكر فيه حديث رسول الله ( )0

رابعاً : أدرك أبو هريرة كبار الصحابة، وروى عنهم كثيراً من الأحاديث فتكامل علمه بها واتسع أُفُقُهُ فيها0
خامساً : امتداد عمره  بعد وفاة رسول الله  ، حيث عاش بعده نحو سبعة وأربعين عاماً، واحتياج الناس إليه فكان يحدثهم ويبث بينهم ما يحفظه من أحاديث، وأعانه على ذلك : ابتعاده عن الفتن وغيرها من المشاغل ووجوده فى المدينة، والناس يفدون إليها، وكانت له حلقة فى مسجد الرسول يحدث الناس فيها بالأحاديث النبوية، فساعد ذلك على انتشار مروياته وتداولها، وكثرة أتباعه وتلامذته، حتى بلغوا نحو ثمانمائة من الصحابة والتابعين كلهم يجلونه ويثقون به ويثنون عليه على ما سيأتى بعد قليل0

قال الإمام البخارى - رحمه الله - : "روى عنه نحواً من ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم، من الصحابة والتابعين وغيره"( )0 ومن أشهر من روى عنه من الصحابة : زيد ابن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعائشة، وأبو أيوب الأنصارى0 ومن أشهر من روى عنه من التابعين : مروان بن الحكم، والحسن البصرى، وسعيد بن المسيب، وعامر الشعبى، وعروة ابن الزبير، وهمام بن منبه - وقد كتب عنه الصحيفة المشهورة( )0 وغيرهم كثير0

شهادة الرسول  والصحابة  ومن بعدهم من أهل العلم بقوة حفظه
وإتقانه وكثرة سماعه وحرصه على الحديث
1- روى عنه  أنه قال ذات يوم : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله  : "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألنى عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه( )0
2- وعن ابن عمر - رضى الله عنهما - أنه مر بأبى هريرة  ، وهو يحدث عن النبى : من تبع جنازة فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان أعظم من أحد0 فقال ابن عمر : يا أبا هريرة انظر ما تحدث عن رسول الله ، فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق إلى عائشة -رضى الله عنها- فقال لها : يا أم المؤمنين أنشدك الله أسمعت رسول الله  يقول : "من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، وإن شهد دفنها فله قيراطان؟ فقالت : اللهم نعم، فقال أبو هريرة : إنه لم يكن يشغلنا عن رسول الله  عرس ولا صفق بالأسواق، إنما كنت أطلب من رسول الله  كلمة يعلمنيها أو أكلة يطعمنيها0
فقال ابن عمر : يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله  وأعلمنا بحديثه( )0
وكان ابن عمر يترحم عليه فى جنازته ويقول : "كان يحفظ على المسلمين حديث رسول الله ( )0

وعن حذيفة بن اليمان  قال : قال رجل لابن عمر : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله  فقال ابن عمر : أعيذك بالله أن تكون فى شك مما يجئ به، ولكنه اجترأ وجبنا "( ) ومعنى "اجترأ" هنا أى على سؤال النبى  والتعلم منه ، فى حين كانوا يهابون سؤال النبى 0
يدل على ذلك ما رواه الحاكم عن أبى بن كعب  قال : كان أبو هريرة جريئاً على النبى  يسأله عن أشياء لا نسأله عنها ( )0

وعن أنس بن مالك  قال : "نهينا أن نسأل رسول الله  عن شئ فكان يعجبنا أن يجئ الرجل من أهل البادية العاقل0 فيسأله ونحن نسمع … الحديث"( )0

3- وعن مالك بن أبى عامر قال : كنت عند طلحة بن عبيد الله فدخل عليه رجل فقال : يا أبا محمد والله ما ندرى هذا اليمانى أعلم برسول الله  أم أنتم، تقول على رسول  ما لم يقل - يعنى أبا هريرة - فقال طلحة : والله ما نشك أنه سمع من رسول الله  ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا قوماً أغنياء لنا بيوت وأهلون كنا نأتى نبى الله  طرفى النهارى ثم نرجع، وكان أبو هريرة  مسكيناً لا مال له، ولا أهل ولا ولد , وإنما كانت يده مع يد النبى  وكان يدور معه حيثما دار، ولا نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسمع ما لم نسمع، ولم يتهمه أحد منا، أنه تقول على رسول الله  ما لم يقل"( )0
وهذا الخبر ذكره ابن حجر فى الإصابة وزاد فى قوله طلحة : "قد سمعنا كما سمع، ولكنه حفظ ونسينا " ( )0

4- وقال ابن خزيمة : وقد روى عن أبى هريرة أبو أيوب الأنصارى مع جلالة قدره، ونزول رسول الله  عنده، ولما يقبل له : تحدث عن أبى هريرة وأنت صاحب منزلة عند رسول الله  ؟ فقال : إن أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع ، وإنى إن أحدث عنه أحب إلىَّ ؛ من أن أحدث عن رسول الله  يعنى ما لم أسمعه منه( )0

5- وعن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى( ) أنه قعد فى مجلس فيه أبو هريرة، وفيه مشيخة من أصحاب رسول الله ، فجعل أبو هريرة يحدثهم عن النبى  بالحديث، فلا يعرفه بعضهم ، ثم يتراجعون فيه ، فيعرفه بعضهم ثم يحدثهم بالحديث، فلا يعرفه بعضهم ، ثم يعرفه0 حتى فعل ذلك مراراً0 قال : فعرفت يومئذ أنه أحفظ الناس عن رسول الله ( )0
6- ولم يكن أبو هريرة  من أهل الحفظ فقط وإنما كان من أهل الفقه وشهد له بذلك الصحابى الجليل ابن عباس 0

يقول الحافظ السخاوى : "ولا عبرة برد بعض الحنفية روايات سيدنا أبى هريرة ، وتعليلهم بأنه ليس فقيهاً، فقد عملوا برأيه فى الغسل ثلاثاً من ولوغ الكلب وغيره، وولاه عمر  الولايات الجسيمة 0
وقال ابن عباس له كما فى مسند الشافعى( )، وقد سئل عن مسألة " افته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة ، فأفتى ، ووافقه على فتياه " ( )0

7- وعن أبى صالح السمان( ) قال : " كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله ، ولم يكن بأفضلهم " ( )0

وفى هذا رد على من يحاول الربط بين المنزلة فى الدين , وكثرة الرواية ، فالربط بينهما ليس من التحقيق العلمى فى شئ ( ) 0

وقال الإمام الشافعى : "أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى دهره"( )0

وقال الإمام الذهبى : "أبو هريرة إليه المنتهى فى حفظ ما سمعه من الرسول ، وأدائه بحروفه"( )0

وقال أيضاً : "وكان من أوعية العلم ،ومن كبار أئمة الفتوى مع الجلالة ،والعبادة،والتواضع( ).

10- وقال شمس الأئمة السرخسى : "إن أبا هريرة ممن لا يشك أحد فى عدالته ، وطول صحبته مع رسول الله 0


إن كل هذه النقول وغيرها كثير تبين لنا مدى افتراء الرافضة ، والمستشرقين، وضعفاء الإيمان الذين اتهموا أبا هريرة بالكذب ، والخيانة ، فى رواية الحديث ، بسبب كثرة أحاديثه مع قلة صحبته0

وأعتقد أنه ليس هناك ما يدعوا إلى اتهام أبى هريرة بتلك الإفتراءات، وقد تهيأت له الأسباب السابقة التى أعانته على هذا التفوق فى الرواية ، وشهد له بذلك رسول الله  وكبار الصحابة، ومن بعدهم من أئمة المسلمين السابق ذكرهم( )0

وأى غرابة فى حفظ أبى هريرة أحاديث لم تبلغ خمسة آلاف وخمسمائة ومعلوم أن العرب قد اشتهروا وامتازوا بقوة حفظهم، ووجد فى الصحابة والتابعين من كان آية عجباً فى قوة الذاكرة ، وسرعة الحفظ ؛ فالإمام أحمد بن حنبل ، والبخارى ، وأبو زرعة ، وأشباههم ، كان كل واحد منهم يحفظ عشرات الألوف من الأحاديث بأسانيدها " ( ) 0

يقول الدكتور السباعى _ رحمه الله تعالى _ دفاعاً عن أبى هريرة : "إن صحابياً يظل يحدث الناس سبعاً وأربعين سنة بعد وفاة الرسول  على مسمع من كبار الصحابة، وأقرب الناس إليه من زوجته وأصحابه، ثم لا يلقى إلا تجلة وإعظاماً، يرجع إليه فى معرفة الأحاديث، ويهرع إليه التابعون من كل جانب … ويبلغ الآخذون عنه ثمانمائة من أهل العلم … وكلهم يجمعون على جلالته والثقة به … وتمر هذه القرون وكلها شهادات صدق فى أحاديثه وأخباره … ويأتى اليوم من يزعم أن المسلمين جميعاً … لم يعرفوه على حقيقته، وأنه فى الواقع كان يكذب ويفترى، إن موقفاً كهذا يقفه بعض الناس من مثل هذا الصحابى العظيم، لجدير بأن يجلب لأهله والقائلين به الاستخفاف، والازدراء بعلومهم، وعقولهم جميعاً ( )0


إن حب هذا الصحابى الجليل لعلامة على الإيمان وبغضه لعلامة على النفاق وهذا تصديقاً لدعوة النبى  لما سأله أبو هريرة بأن يدعو الله له بأن يحببه هو وأمه إلى عباده المؤمنين0 ويحببهم إليهما ، فقال رسول الله  : " اللهم حبب عبيدك هذا - يعنى أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحبب إليهم المؤمنين " يقول أبو هريرة  ، فما خلق الله مؤمناً يسمع بى ولا يرانى إلا أحبنى( )0

يقول الحافظ ابن كثير: "وهذا الحديث من دلائل النبوة ، فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس، وقد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس فى الجوامع المتعددة فى سائر الأقاليم فى الإنصات يوم الجمعة بين يدى الخطبة، والإمام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له ( )أ0هـ

يقول الأستاذ الدكتور على أحمد السالوس : " هذا أبو هريرة وعاء العلم، فكيف نجد فى عصرنا من ينسب نفسه للإسلام ويعرض عن قول رسول الله ، والصحابة والتابعين، والأئمة الأعلام الهداة المهديين ، ويأخذ بقول الضالين المضلين ؟! " ( )0

هذا المسلك يفسره العلامة المرحوم الشيخ أحمد شاكر فيقول : " وقد لهج أعداء السنة ، أعداء الإسلام، فى عصرنا، وشغفوا بالطعن فى أبى هريرة، وتشكيك الناس فى صدقه وفى روايته0 وما إلى ذلك أرادوا، وإنما أرادوا أن يصلوا –زعموا- إلى تشكيك الناس فى الإسلام، تبعاً لسادتهم المبشرين، وإن تظاهروا بالقصد إلى الإقتصار على الأخذ بالقرآن، أو الأخذ بما صح من الحديث فى رأيهم، وما صح من الحديث فى رأيهم إلا ما وافق أهواءهم، وما يتبعون من شعائر أوروبا وشرائعها0 ولن يتورع أحدهم عن تأويل القرآن، إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ فى اللغة التى نزل بها القرآن، ليوافق تأويلهم هواهم وما إليه يقصدون!!0

وما كانوا بأول من حارب الإسلام من هذا الباب، ولهم فى ذلك سلف من أهل الأهواء قديماً0 والإسلام يسير فى طريقه قدماً ، وهم يصيحون ما شاءوا، لا يكاد الإسلام يسمعهم ، بل هو إما يتخطاهم لا يشعر بهم، وإما يدمرهم تدميراً0

ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون ، يكاد يرجع فى أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون ! بفرق واحد فقط : أن أولئك الأقدمين ، زائغين كانوا أم ملحدين ، كانوا علماء مطلعين أكثرهم ممن أضله الله على علم !! أما هؤلاء المعاصرون ، فليس إلا الجهل والجرأة ، وامتضاغ ألفاظ لا يحسنوها، يقلدون فى الكفر، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم !! " ( ) 0



وبعـد
فإن صحابة رسول الله  وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة  هم خير جيل عرفته البشرية ، وهم أبرز وجوه حضارتنا ، وأكثرها إشراقا ً، وأخلدها ذكراً، وأنبلها أخلاقا ً، وهم بشر، ولكنهم فى القمة ديناً , وخلقاً ؛ رغم أنف الحاقدين !0
رضى الله تعالى عن صحابة رسول الله  ، وعلى الحافظ علينا شرائع الدين أبى هريرة  , وجعلنا الله  من محبيه ، وجمعنا معه فى واسع جنته ( ) آمين أ0هـ0


والله تبــارك وتعالــى
أعلـى وأعلـم
========

المبحث الثامن
حكم الطاعن فى عدالة الصحابة 

عرفت فيما سبق أن الصحابة , هم وسيلتنا وشهودنا على شريعتنا الغراء , فعنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله  ، وسنة رسوله  , و هذا يعنى أن الطعن في عدالتهم , وتجريحهم ، يزلزل بناء الإسلام ، ويقوض دعائم الشريعة ، ويشكك فى صحة القرآن ، ويضيع الثقة بسنة سيد الأنام  ! .

ومن هنا جاءت أقوال أهل السنة والجماعة , صريحة فى بيان حكم من ينتقصهم ,
وأن أمثال هؤلاء لهم خبيئة سوء ، ومتهمين فى دينهم ، وإليك نماذج من أقوالهم :

قال الإمام أحمد بن حنبل  لما سئل عن رجل تنقص معاوية ، وعمرو بن العاص أيقال له رافضى ؟ فقال : " إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء ، ما انتقص أحدٌ أحداً من الصحابة إلا وله داخلة سوء"0 وفى رواية أخرى قال : " إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام " ( )0

ويُسئل الإمام النسائى عن معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنهما - فيقول : " إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام ، كمن نقر الباب - أى نقبه - إنما يريد دخول الدار، قال : فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة( )0


وقال الإمام الحافظ أبى زُرْعة الرازى( ) - رحمه الله تعالى- : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله  ، فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول  عندنا حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن ، والسنن ، أصحاب رسول الله  ،

وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة " ( )0

وعن عبد الله بن مصعب( ) قال : قال المهدى : ما تقول فيمن ينتقص الصحابة ؟ فقلت زنادقة ، لأنهم ما استطاعوا أن يصرحوا بنقص رسول الله  فتنقصوا أصحابه ، فكأنهم قالوا : كان يصحب صحابة السوء ) ( )0


وصدق شمس الأئمة السرخسى : " الشريعة إنما بلغتنا بنقلهم فمن طعن فيهم فهو ملحد , منابذ للإسلام , دواؤه السيف إن لم يتب " ( )0

وتكفير ساب الصحابة اختلف فيه الفقهاء فيما يلى :

1- ذهب إلى تكفيرهم فريق من أهل العلم من الحنفية , والمالكية , والشافعية ، والحنابلة ، والظاهرية . ( ) .

2- وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن ساب الصحابة لا يكفر بسبهم ، بل يفسق ويضلل ، ولا يعاقب بالقتل ، بل يكتفى بتأديبه ، وتعزيره تعزيراً شديداً حتى يرجع ؛ وإن لم يرجع تكرر عليه العقوبة حتى يظهر التوبة . ( ) .

3- قال الملا على القارئ : " وإذا كان لكل فريق أدلته على ما ذهب إليه ؛ فالقول الذى تطمئن إليه النفس ؛ ويرتاح إليه القلب , أن من أبغضهم جميعاً أو أكثرهم أو سبهم سباً يقدح فى دينهم ، وعدالتهم ، فإنه يكفر بـهذا ، لأن هذا يؤدى إلى إبطال الشريعة بكاملها لأنـهم هم الناقلون لها ، أما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ، ومبتدع بالإجماع ، إلا إذا اعتقد إنه مباح أو يترتب عليه ثواب كما عليه بعض الشيعة أو اعتقد كفر الصحابة فإنه كافر بالإجماع " ( ) .

4- وقال القاضى عياض - رحمه الله تعالى - : "وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة ، وتكفير جميع الصحابة ... , وجميع الأمة بعد النبى  إذ لم تقدم علياً ، وكفرت علياً إذ لم يتقدم ، ويطلب حقه فى التقديم ، فهؤلاء قد كفروا … لأنـهم أبطلوا الشريعة بأسرها " ( ) .

قلت : وبالقول الثالث , والرابع , أقول . أهــ .

وأخيراً : دع عنك – أخى المسلم – أباطيل هؤلاء المبتدعة الذين يجادلون فى عدالة الصحابة
جميعاً , ويتحدثون عنهم بأسلوب غير لائق ، وينصبون أنفسهم حكماً فيما شجر بينهم
من خلاف ، ويقبلون رواية هذا ، ويرفضون رواية ذلك ، وهم لا يملكون سبباً واحداً
من أسباب ذلك كله 0 واعلم أن أمثال هؤلاء لهم خبيئة سوء ، ومتهمين فى دينهم ،
على ما سبق من أقوال الأئمة  أ . هـ

والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم

***
**
*
====
الخـاتمــة
مما تقدم فى مباحث ومطالب هذا الكتاب , يتضح للقارئ الفطن عددٌ من النتائج التى يمكن إجمال أهمها فيما يلى :
1- أن التعريف الصحيح المعتمد للصحابى هو : من لقى النبى  مؤمناً به ، ومات على الإسلام ، ولو تخللت ذلك ردة على الأصح 0
2- أن المنافقين الذين كشف الله ورسوله – سترهم ، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم ، والمرتدين الذين ارتدوا فى حياة النبى  وبعد وفاته ، ولم يتوبوا ويرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا
على ردتهم ، هم بمعزل من شرف الصحبة ، وبالتالى بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول
جمهور العلماء والأئمة إنهم عدول ، وفى تعريف العلماء للصحبة ما ينفى عنها ؛ هؤلاء وأولئك .
3- أن معنى عدالة الصحابة : أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله  ، لما اتصفوا به من
قوة الإيمان ، والتزام التقوى ، والمروءة ، وسمو الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور0 وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم 0
4- أن فى القرآن الكريم ؛ والسنة المطهرة ، من الشهادات العالية , ما يرفع مقام الصحابة  إلى الذروة ، وما لا يترك لطاعن فيهم دليلاً , ولا شبهة دليل ؛ والعقل المجـرد من الهوى والتعصب ، يحيل على الله  فى حكمته ورحمته ، أن يختار لحمل شريعته الختامية ، أمة مغموزة ، أو طائفة ملموزة ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً 0
5- إن الصحابة  هم حجر الزاوية فى بناء الأمة المسلمة ، عنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله ، وسنة رسوله  , فالغض من شأنهم والتحقير لهم ، بل النظر إليهم بالعين المجردة من الإعتبار، لا يتفق والمركز السامى الذي تبوءوه ، ولا يوائم المهمـة لكبرى التى انتدبوا لها ونهضوا بها0 كما أن الطعن فيهم والتجريح لهم ، يقوض دعائم الشريعة ، ويشكك فى صحة القرآن ، ويضيع الثقة بسنة سيد الأنام  ! ؛ فضلاَ عن أنه تجريح وقدح فيمن بوأهم تلك المكانة ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس !!! .
6- إن الآيات القرآنية , التى جاء فيها عتاب للصحابة أو لبعضهم لارتكابهم بعض المعاصى لخير دليل شاهد على ما سبق ذكره ، من أن المراد بعدالتهم جميعاً عصمتهم من الكذب فى حديث رسول الله  , وليس معنى عدالتهم عصمتهم من المعاصى أو من السهو أو الغلط ، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم , وحتى مع ارتكاب بعضهم لبعض الذنوب ، فقد امتن الله عليهم بالتوبة والمغفرة لذنوبهم ؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
7- أجمعت الأمة - إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافهم ؛ على تعديل الله  , ورسوله  للصحابة أجمع ، والنقول فى هذا الإجماع كثيرة عن علماء الأمة ، من المحدثين ، والفقهاء، والأصوليين0
8- إن جميع الأمة مجمعة على تعديل من لم يلابس الفتن من الصحابة  , وأما من لابس الفتن منهم , وذلك حين مقتل عثمان  , فأجمع من يعتد به أيضاً فى الإجماع على تعديلهم إحساناً للظن بهم ، ولما أدى إليه اجتهاد كل فريق من اعتقاده ؛ أن الواجب ما صار إليه ، وأنه أوفق للدين وأصلح للمسلمين 0
9- إن شبهات أعداء السنة المطهرة – ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا – حول صحابة سيدنا رسول الله  ؛ قائمة على إعلان الكفر صراحة بالشطر الثانى من الوحى الإلهى؛ وهم فيما يزعمون من شبهات , يتسترون بعباءة القرآن الكريم ، وفاق تسترهم كل حد ، إذ تجرأوا على كتاب ربهم  ، ففسروه وأولوه ، بما يأتى فى النهاية صراحة بردهم على الله تعالى كلامه وتطاولهم عليه  من حيث يشعرون أو لا يشعرون 0
وما استشهدوا به من أحاديث للطعن فى الصحابة  إما أحاديث مكذوبة ، وضعيفة ، وإما صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا به .
10- أياً كانت بداية الوضع فى الحديث " زمن النبوة المباركة " أو " زمن الفتنة " فلا يمكن أن يكون الوضع فى الحديث وقع من صحابة رسول الله  العدول الثقات المعروفين بالخيرية ، والتقى ، والبر والصلاح ، والذين يدور عليهم نقل الحديث 0 وعلى فرض صحة الروايات التى تشير إلى أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة ؛ فليس فيها ما يشكك فى صدق الصحابة ، ولا ما يطعن فى عدالتهم ، إذ كان معهم منافقون ، وهم الذين كانت تصدر منهم أعمال النفاق ، فلا يبعد أن يكون الرجل الوارد فى تلك الروايات واحد من المنافقين ، وبذلك قال أهل العلم ممن ذهب إلي أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة .
11- أن الصورة الحقيقية لسيدنا معاوية , تخالف الصورة الكاذبة التى يصورها الزنادقة من الرافضة ومن تابعهم من أعداء الإسلام ، والسنة المطهرة ، تلك الصورة التى تنكر ما جاء فى السنة المطهرة عن رسول الله  ، وعن الصحابة ، والتابعين ، من الشهادة له بالصحبة ، والفقه ، والملك العادل ، وحسن السيرة , حتى شهد له من أدركه كمجاهد والأعمش بأنه المهدى 0
12- ما اتهم به أبو هريرة  ، من أكاذيب وافتراءات من قبل أرباب الأهواء قديماً وحديثاً، سندهم فيه إما روايات مكذوبة أو ضعيفة ، وإما روايات صحيحة لم يفهموها على وجهها ، بل تأولوها تأويلاً باطلاً يتفق وأهواءهم .
13- ليس هناك ما يدعوا إلى اتهام أبى هريرة بتلك الإفتراءات ، وقد تهيأت له الأسباب التى أعانته على التفوق فى الرواية ، وشهد له بذلك رسول الله  , وكبار الصحابة ، ومن بعدهم من أئمة المسلمين .
14- أقطع بتكفير كل قائل قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة ، وتكفير جميع الصحابة , وجميع الأمة بعد النبى  إذ لم تُقدم علياً ، وكفرت علياً إذ لم يَتقدم ، ويطلب حقه فى التقــديم ، فهؤلاء قد كفروا … لأنـهم أبطلوا الشريعة بأسرها , أما غيرهم ممن لا يصرحون بتضليل الأمة ، وتكفير جميع الصحابة , وجميع الأمة بعد النبى  , فإن أقوال أهل السنة والجماعة , صريحة فى بيان أن أمثال هؤلاء لهم خبيئة سوء ، ومتهمين فى دينهم أيضاَ .

وبعـد
فإن صحابة سيدنا رسول الله  , وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة  , هم خير جيل عرفته البشرية ، وهم أبرز وجوه حضارتنا ، وأكثرها إشراقا ً، وأخلدها ذكراً ، وأنبلها أخلاقا ً، وهم بشر، ولكنه فى القمة ديناً , وخلقاً , رغم أنف الحاقدين !0

رضى الله تعالى عن صحابة سيدنا رسول الله  ، وعلى الحافظين علينا شرائع الدين ,
وجعلنا الله  من محبيهم ، وجمعنا معهم فى واسع جنته . آمين أ0هـ0

وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد , خاتم النبيين
وإمام المرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين , وعلى آله ، وصحبه
والمتمسكين بسنته أجمعين 0





=====
أهم المصادر والمراجع
أهمل في الترتيب الألف واللام، وأب، وابن، في أول اسم الكتاب، وكذلك كلمة (كتاب)0
1- القرآن الكريم0
( أ )
2- الإبانة عن أصول الديانة، لأبى الحسن الأشعرى ، تحقيق الدكتورة فوقية حسين محمود ، دار الأنصار بالقاهرة، الطبعة الأولى 1397هـ-1977م .
3- الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول ، " للقاضي البيضاوي" لعلى السبكى وولده عبد الوهاب، حققه جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية بيروت، 1404هـ – 1984م0
4- أحاديث أم المؤمنين عائشة، أدوار من حياتها، لمرتضى العسكرى، دار الزهراء، بيروت، الطبعة الثانية 1413هـ-1992م0
5- الأحكام في أصول الأحكام ، لابن حزم الظاهري، تحقيق أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ – 1985م0
6- الأحكام في أصول الأحكام ، لعلى بن محمد الآمدى ، مطبعة البابى الحلبي بمصر، 1387هـ – 1967م0
7- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، تحقيق على محمد البجاوى، دار الجيل
بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ – 1992م 0
8- أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير، تحقيق على معوض، وعادل أحمد، دار الكتب
العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ – 1994م0
9- الإسلام على مفترق الطرق، لمحمد أسد (ليبولد فايس) ترجمة الدكتور عمر فروخ، دار العلم بيروت، 1987م0
10- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، لمحمد بن على الشوكانى، تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل، دار الكتبى بمصر، بدون تاريخ0
12- الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلانى، دار السعادة بمصر 1328هـ0
13- أصل الشيعة وأصولها، لمحمد الحسين آل كاشف الغطاء، مؤسسة الأعلمى للمطبوعات، بيروت، الطبعة الرابعة 1413هـ-1993م0
14- أصول الحديث ، للدكتور عبد الهادى الفضلى، دار المؤرخ العربى، بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ-1993م0
15- أصول السرخسى، لمحمد بن أحمد السرخسى، تحقيق أبو الوفا الأفغانى، حيدر أباد الدكن
بالهند، تصوير الكتب العلمية بيروت 1414هـ – 1993م0
16- أصول الشريعة، لمحمد سعيد العشماوى، طبعة القاهرة 1979م
17- أصول علم الحديث بين المنهج والمصطلح، للدكتور أبو لبابة حسين، دار الغرب
الإسلامى، بيروت، الطبعة الأولى، بدون تاريخ0
18- أصول الفقه المحمدى، لجوزيف شاخت، ترجمة الأستاذ الصديق بشير بن نصر، نشر مجلة كلية الدعوة، بليبيا، العدد 11 لسنة 1994م0
19- الأصلان العظيمان – الكتاب والسنة – رؤية جديدة، لجمال البنا، مطبعة حسان بمصر0
20- أضواء على السنة المحمدية، لمحمود أبو ريه، دار المعارف بمصر، الطبعة الثالثة، بدون تاريخ0
21- الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية، وتطهير البخارى منها، للسيد صالح أبو بكر، مطبعة محرم الصناعية 1974م0
22- إعادة تقييم الحديث، لقاسم أحمد، مكتبة مدبولى الصغير بمصر، الطبعة الأولى 1997م0
23- إعادة قراءة القرآن، لجاك بيرك، ترجمة وائل غالى شكرى، تقديم أحمد صبحى منصور، دار النديم للصحافة بمصر، الطبعة الأولى 1996م0
24- الاعتصام ، للشاطبى ، تحقيق محمود طعمة ، دار المعرفة بيروت، الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م0
25- الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين،
لخير الدين الزركلى، دار العلم، بيروت، الطبعة السادسة 1984م0
26- أعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن قيم الجوزية، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد،
مطبعة السعادة بمصر، الطبعة الأولى 1374هـ0
27- الإفصاح فى إمامة على بن أبى طالب، لمحمد بن النعمان العكبرى، دار المنتصر، بيروت، الطبعة الثانية 1409هـ-1989م0
28- إنذار من السماء ، لنيازى عز الدين ، الأهالى للطباعة بيروت ، الطبعة الأولى 1996م0
29- أهل السنة شعب الله المختار، لصالح الوردانى، كنوته للطباعة، الطبعة الأولى 1417هـ- 1997 م 0
( ب )
30- البحر المحيط في أصول الفقه، للزركشى، تحقيق الدكتور عمر سليمان الأشقر وغيره، دار الصفوة بالغردقة، الطبعة الثانية 1413هـ – 1992م0
31- البداية والنهاية في التاريخ، لابن كثير، تحقيق الدكتور أحمد أبو ملحم وغيره، دار الريان
للتراث، الطبعة الأولى 1408هـ – 1988م0
32- البرهان في أصول الفقه، للجوينى، تحقيق صلاح محمد عويضة، دار الكتب العلمية
بيروت، الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م0

( ت )
33- تاج العروس في جواهر القاموس، للزبيدى، المطبعة الخيرية بمصر، الطبعة الأولى 1306هـ0
34- تدريب الراوى شرح تقريب النواوى، لعبد الرحمن بن أبى بكر السيوطى، تحقيق
الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الثانية
1399 هـ- 1979م0
35- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبى، تحقيق الدكتور عمر التدمرى، دار
الكتاب العربي بيروت 1990م0
36- تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم ، لابن شاهين ، تحقيق الدكتور عبد المعطى أمين
قلعجى ، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ – 1986م0
37- تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادى ، مطبعة السعادة، الطبعة الأولى 1349هـ – 1930م0
38- تاريخ الثقات، للعجلى ، بترتيب الحافظ الهيثمى ، وتضمينات ، الحافظ ابن حجر، تحقيق
الدكتور عبد المعطى قلعجى، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ – 1984م
39- تاريخ الصحابة الذين روى عنهم الأخبار، لابن حبان، تحقيق بوران الضناوى، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ – 1988م0
40- تاريخ الطبرى، لمحمد بن جرير الطبرى، تحقيق محمد أبى الفضل إبراهيم، دار المعارف بمصر 1979م0
41- تأملات في الحديث عند السنة والشيعة، لزكريا عباس داود، دار النخيل بيروت، الطبعة الأولى، 1416هـ – 1995م0
42- تبصير الأمة بحقيقة السنة، لإسماعيل منصور جودة، خال من مكان الطبع 1416هـ – 1995م0
43- تجريد أسماء الصحابة، للذهبى، دار المعرفة بيروت، بدون تاريخ0
44- تذكرة الحفاظ، للذهبى، تصحيح عبد الرحمن المعلمى اليمانى، حيدر آباد الدكن بالهند،
الطبعة الأولى 1395هـ – 1975م0
45- تطهير الجنان واللسان، لابن حجر الهيتمى، تحقيق الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف،
مكتبة القاهرة ، بمصر ، الطبعة الثانية ، 1385هـ – 1965م0
46- التعليق المغنى على الدارقطنى، للعظيم آبادى، تحقيق السيد عبد الله هاشم يمانى، دار
المحاسن للطباعة بمصر 1386هـ 0
47- تفسير فرات الكوفى، لفرات بن إبراهيم الكوفى، المطبعة الحيدرية، النجف0
48- تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تحقيق عبد العزيز غنيم وغيره، مطبعة دار الشعب
بمصر بدون تاريخ0
49- تفسير القمى، لعلى بن إبراهيم القمى، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، قم، إيران،
الطبعة الثانية 1387هـ-1968م0
50- التفسير الكبير، (المسمى مفاتيح الغيب) للفخر الرازى، دار إحياء التراث العربي بيروت0
51- تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلانى، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية
بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ – 1993م0
52- تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعى الكبير، لابن حجر العسقلانى، تحقيق عادل عبد
الموجود، وعلى معوض، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1419هـ – 1998م0
53- تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلانى، حيدر أباد الدكن بالهند 1907م
54- توجيه النظر إلى أصول الأثر ، لطاهر بن صالح الجزائرى ، دار المعرفة ، بيروت ، بدون
تاريخ0
55- توضيح الأفكار لمعانى تنقيح الأنظار، لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى،
تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، مكتبة الخانجى، الطبعة الأولى 1366هـ0
56- توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى، أسسه واتجاهاته، للدكتور رفعت فوزىعبدالمطلب، مكتبة الخانجى بالقاهرة ، الطبعة الأولى 1400هـ-1981م0
57- تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير، للدكتور مروان محمد
شاهين، مكتب فوزى الشيمى للطباعى، بطنطا، بدون تاريخ0

( ث )
58- الثقات ، لابن حبان البستى، حيدر أباد الدكن بالهند ، الطبعة الأولى 1404هـ – 1984م0

( ج )
59- جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبد البر، المطبعة المنيرية 1978، تصوير دار الكتب العلمية0
60- جامع البيان عن تأويل آى القرآن، لابن جرير الطبرى، مطبعة مصطفى البابى الحلبي بمصر، الطبعة الثالثة 1388هـ0
61- الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبى، تصحيح أحمد عبد العليم، الطبعة الثانية 1952م0

( ح )
62- الحسبة دراسة أصولية تاريخية، لأحمد صبحى منصور، مركز المحروسة للنشر بمصر، الطبعة الأولى 1995م0
63- حصاد العقل، لمحمد سعيد العشماوى، مكتبة مدبولى الصغير 1992م0

( خ )
64- الخطوط العريضة ، لمحب الدين الخطيب ، تحقيق محمد مال الله ، المطبعة الفنية،
بالقاهرة، بدون تاريخ0
65- الخلافة المغتصبة، أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخ ، لإدريس الحسينى ، دار الخليج للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1416هـ-1996م0
( د )
66- دراسات محمدية ، لجولدتسيهر، ترجمة الأستاذ الصديق بشير نصر، نشر مجلة كلية
الدعوة الإسلامية، بليبيا، العدد الثامن لسنة 1991م، والعدد العاشر لسنة 1993م0
67- الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلانى، حيدر آباد الدكن، الهند،
الطبعة الأولى 1349هـ-1930م، تصوير دار إحياء التراث العربى0
68- دفاع عن الحديث والمحدثين وتفنيد شبهات خصومه لجماعة من نوابغ العلماء، تصحيح
زكريا على يوسف، مطبعة الإمام، توزيع مكتبة المتنبى بالقاهرة 1972م0
69- دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين، لصالح الوردانى، الناشر تريدنكو بيروت
1997م0
70- الدولة والمجتمع ، لمحمد شحرور، مطبعة الأهالى بيروت، الطبعة الرابعة 1997م0
71- الديباج المذهب فى معرفة أعيان علماء المذهب (المالكى)، لإبراهيم بن على، المعروف
بابن فرحون المالكى، تحقيق مأمون محيى الدين الجنان، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة
الأولى 1417هـ-1996م0
72- دين السلطان ، لينازى عز الدين ، دار الأهالى بيروت ، الطبعة الأولى 1997م0

( ر )
73- الربا والفائدة في الإسلام، للعشماوى ، مكتبة مدبولى الصغير بمصر، الطبعة الأولى 1996م0
74- الرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة، ليحيى العامرى
اليمنى، تصحيح عمر أبو حجلة، مكتبة المعارف بيروت 1983م0

( س )
75- السلطة في الإسلام، لعبد الجواد ياسين، الدار البيضاء، بالمغرب، الطبعة الأولى 1998م0
76- السنة ، لابن أبى عاصم ، تحقيق ناصر الدين الألبانى، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة 1413هـ – 1993م0
77- السنة ودورها في الفقه الجديد، لجمال البنا، دار الفكر بمصر، 1997 0
78- سنن أبى داود، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، دار الكتب العلمية بيروت0
79- سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى، عيسى البابى الحلبي بمصر 1954م0
80- سنن الترمذى ، تحقيق أحمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقى وغيرهما، عيسى البابى الحلبي بمصر 1385هـ نشر وتصوير دار الحديث0
81- سنن الدارقطنى، تحقيق السيد عبد الله هاشم يمانى، دار المحاسن بمصر، الطبعة الأولى 1386هـ – 1966م0
82- سنن الدارمى، تحقيق فواز أحمد زمرلى، وخالد العلمى، دار الريان بمصر، الطبعة الأولى 1407هـ – 1987م0
83- السنن الكبرى، للبيهقى، دار المعارف العثمانية، الطبعة الأولى 1344هـ – 1925م0
84- السنن الكبرى، للنسائى، تحقيق الدكتور عبد الغفار سليمان البندارى وغيره، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ – 1991م0
85- سنن النسائى، (المجتبى) تحقيق الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ – 1986م0
86- سير أعلام النبلاء، للذهبى، تحقيق شعيب الأرنؤوط وغيره، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثامنة، 1412هـ – 1992م0
87- سيرة المصطفى، نظرة جديدة، لهاشم معروف، دار التعارف بيروت 1996م0
88- السيرة النبوية، لابن هشام، تحقيق الدكتور فتحى أنور، ومجدى فتحى، دار الصحابة بطنطا، الطبعة الأولى 1416هـ – 1995م0
( ش )
89- شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، للشيخ محمد محمد مخلوف، دار الفكر0
90- شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد، مكتبة القدسى بمصر، الطبعة الأولى 1371هـ – 1951م0
91- شرح ألفية العراقى المسماة بالتبصرة والتذكرة، لأبى الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقى، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ0
92- شرح السنة ، للبغوى ، تحقيق زهير الشاويش وغيره، المكتب الإسلامي بيروت، الطبعة
الثانية 1403هـ – 1983م0
93- الشريعة ، لأبى بكر محمد بن الحسينى الآجرى، تحقيق محمد حامد الفقى، دار
الكتب العلمية ، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ-1983م0
94- الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي عياض، دار الكتب العلمية بيروت0
95- شيخ المضيرة (أبو هريرة)، لمحمود أبو ريه، مؤسسة الأعلمى بيروت 1413هـ
96- الشيعة هم أهل السنة، للدكتور محمد التيجانى السماوى، شمس المشرق ومؤسسة الفجر،
لندن، الطبعة الأولى 1413هـ- 1993م0


( ص )
97- الصارم المسلول على شاتم الرسول، لابن تيمية، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، عالم الكتب بيروت، 1982م 0
98- الصحابة فى نظر الشيعة الإمامية، لأسد حيدر، نشر مطبوعات النجاح بالقاهرة، بدون
تاريخ0
99- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهرى، تحقيق أحمد العطار، مصر، الطبعة الثانية
1402هـ – 1982م0
100- صحيح البخارى ، مع (فتح البارى) تحقيق محب الدين الخطيب ومحمد فؤاد عبد الباقى،
دار الريان بمصر، الطبعة الأولى 1407هـ – 1986م0
101- صحيح ابن حبان، بترتيب الأمير ابن بلبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة
بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ – 1993م0
102- صحيح ابن خزيمة ، تحقيق محمد مصطفى الأعظمى ، المكتب الإسلامي بيروت ،
الطبعة الثانية 1412هـ – 1992م0
103- صحيح مسلم ، مع (المنهاج شرح مسلم) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى ، دار الحديث
بمصر، الطبعة الأولى 1415هـ – 1994م0
( ض )
104- الضعفاء والمتروكين، للنسائى، تحقيق كمال يوسف الحوت وغيره، مؤسسة الكتب الثقافية بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ – 1987م0
105- الضعفاء والمتروكين، لابن الجوزى ، تحقيق عبد الله القاضى، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ – 1984م0
106- الضعفاء الكبير، للعقيلى، تحقيق الدكتور عبد المعطى قلعجى، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ – 1984م0
( ط )
107- طبقات الحفاظ، للسيوطى، دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1983م0
108- طبقات الشافعية الكبرى ، للسبكى، تحقيق محمود الطناحى وغيره، مطبعة عيسى الحلبي
بمصر، الطبعة الأولى 1383هـ – 1964م0
109- طبقات الفقهاء الشافعيين ، لابن كثير، تحقيق الدكتور أحمد عمر هاشم ، والدكتور زينهم عزب ، المكتبة الثقافية بمصر 1413هـ – 1993م0
110- الطبقات الكبرى، لابن سعد، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ – 1990م0
111- طبقات المفسرين، للداودى ، دار الكتب العلمية بيروت ، بدون تاريخ 0
112- طبقات المفسرين، للسيوطى ، دار الكتب العلمية بيروت ، بدون تاريخ 0
( ع )
113- العقيدة والشريعة فى الإسلام، تاريخ التطور العقدى والتشريعى فى الدين الإسلامى،
لجولدتسهير، نقله إلى العربية الدكتور على حسن عبد القاهر، ومحمد يوسف موسى،
وعبد العزيز عبد الحق، الناشر : دار الكتب الحديثة بمصر، ومكتبة المثنى ببغداد، الطبعة
الثانية ، بدون تاريخ0
114- علوم الحديث ، لابن عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزورى المعروف بابن
الصلاح ، تحقيق صلاح عويضة ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ،
1416هـ-1995م .
115- العواصم من القواصم فى تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبى ، لأبى بكر ابن
العربى المالكى، تحقيق محب الدين الخطيب، ومحمود مهدى الإستانبولى، مكتبة السنة
بالقاهرة، الطبعة السادسة 1412هـ0
116- العواصم والقواصم فى الذب عن سنة أبى القاسم ، لمحمد بن إبراهيم الوزير، تحقيق
شعيب الأرنؤوط، دار البشير، عمان، الطبعة الأولى 1405هـ-1985م0
( ف )
117- فتح البارى بشرح صحيح البخارى، لابن حجر العسقلانى، تحقيق محب الدين الخطيب، ومحمد فؤاد عبد الباقى، دار الريان بمصر 1986م0
118- فتح الباقى على ألفية العراقى، لأبى يحيى زكريا بن محمد الأنصارى، تحقيق محمد بن الحسينى العراقى، دار الكتب العلمية، بيروت، بهامش شرح ألفية العراقى المسماه بالتبصرة والتذكرة
119- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث ، لأبى الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقى، تحقيق
أحمد محمد شاكر، ومحمود ربيع ، مكتبة السنة ، بالقاهرة، الطبعة الثانية 1408هـ-
1988م0
120- فتح المغيث شرح ألفية الحديث ، للعراقى ، شرح السخاوى ، تحقيق صلاح محمد
عويضة , دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ – 1993م0
121- الفقيه والمتفقه، لأبى بكر أحمد بن على الخطيب البغدادى، تحقيق عادل يوسف
العزازى، دار ابن الجوزى بالرياض، الطبعة الأولى 1417هـ-1997م، توزيع دار التوعية الإسلامية، مصر0
122- الفكر المنهجى عند المحدثين، للدكتور همام عبد الرحيم سعيد، كتاب الأمة، الطبعة
الأولى 1408هـ0
123- فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت ، لعبد العلى محمد بن نظام الأنصارى ، المطبعة الأميرية ببولاق ، 1322هـ مطبوع بهامش المستصفى0
( ق )
124- القاموس المحيط، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادى، المطبعة الأميرية، الطبعة الثالثة 1301هـ، تصوير الهيئة المصرية العامة للكتاب 1397هـ-1977م0
125- قراءة في صحيح البخارى، لأحمد صبحى منصور، مخطوط0
( ك )
126- الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، لمحمد شحرور، شركة المطبوعات بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ – 1992م0
127- كشف الأستار عن زوائد البزار، للهيثمى، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى، مؤسسة الرسالة 1979م0
128- الكفاية فى علم الرواية، لأبى بكر أحمد بن على، الشهير بالخطيب البغدادى، تحقيق
محمد الحافظ التيجانى، وعبد الحليم محمد، وعبد الرحمن حسن، دار ابن تيمية،
بالقاهرة، 1410هـ-1990م0
129- لقد شيعنى الحسين ، الانتقال الصعب فى رحاب المعتقد والمذهب ، لإدريس الحسينى ، دار النخيل العربى، بيروت، الطبعة الرابعة 1416هـ-1996م0

( ل )
130- لسان العرب، لابن منظور، دار صادر بيروت، بدون تاريخ0
131- لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث ، للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الرابعة 1417هـ0
132- لماذا القرآن، لعبد الله الخليفة = أحمد صبحى منصور، خال من مكان الطبع وتاريخه0
( م )
133- مجلة روز اليوسف، الأعداد 3559 – 3563 – 3564، مطابع الأهرام بمصر0
134- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمى، دار الكتاب العربي بيروت 1402هـ – 1982م0
135- المحصول فى أصول الفقه، لفخر الدين محمد بن عمر الرازى، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م0
136- مختار الصحاح، لمحمد بن أبى بكر الرازى، عنى بترتيبه محمود خاطر، دار النهضة
للطباعة0
137- مختصر التحفة الإثنى عشرية ، تأليف شاه عبد العزيز الإمام ولى الله أحمد الدهلوى،
تعريب غلام محمد الأسلمى ، وتهذيب السيد محمود شكرى الألوسى ، تحقيق محب الدين
الخطيب، طبعة الرئاسة العامة للإفتاء والإرشاد بالسعودية 1404هـ0
138- المراسيل ، لأبى داود سليمان بن أشعث السجستانى ، تحقيق كمال يوسف
الحوت ، دار الجنان ، بيروت ، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م0
139- مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، لعبد المؤمن البغدادى، تحقيق على البجاوى،
دار المعرفة بيروت، 1373هـ0
140- مروج الذهب ومعادن الجوهر، للمسعودى، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، دار المعرفة بيروت 1368هـ – 1948م0
141- مساحة للحوار من أجل الوفاق ومعرفة الحقيقة ، لأحمد حسين يعقوب، الغدير بيروت،
الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م0
142- المستدرك على الصحيحين، للحاكم، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ – 1990م0
143- المستصفى من علم الأصول ، للغزالى ، المطبعة الأميرية بمصر 1322هـ0
144- المسلم العاصى، هل يخرج من النار ليدخل الجنة، لأحمد صبحى منصور، القاهرة 1407هـ – 1987م0
145- مسند أبى داود الطيالسى، لأبى داود ، حيدر أباد الدكن بالهند 1321هـ – 1903م0
146- مسند أبى يعلى الموصلى، لأبى يعلى، تحقيق حسين أسد، ودار المأمون 1415هـ – 1990م0
147- مسند الإمام أحمد ، لأحمد بن حنبل ، المطبعة الميمنية بمصر 1313هـ – 1895م0
148- مسند الحميدى ، للحميدى ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى ، عالم الكتب بيروت0
149- مسند الشافعى،للإمام الشافعى، تحقيق سعيد محمد اللحام وغيره، دار الفكر بيروت 1996م0
150- مسند الشهاب ، للقضاعى، تحقيق حمدى عبد المجيد السلفى، مؤسسة الرسالة بيروت 1405هـ0
151- مشاهير علماء الأمصار، لابن حبان، تحقيق مجدى الشورى، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1416هـ – 1995م0
152- مصادر الشريعة الإسلامية مقارنة بالمصادر الدستورية، للمستشار الدكتور على جريشة، مكتبة وهبة بالقاهرة، الطبعة الأولى 1399هـ-1979م0
153- المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير للرافعى، لأحمد بن محمد بن على الفيومى، تحقيق الدكتور عبد العظيم الشناوى، دار المعارف، بدون تاريخ0
154- المصنف، لابن أبى شيبة، تصحيح عامر الأعظمى، حيدر أباد الدكن بالهند 1966م0
155- المصنف، لعبد الرزاق، تحقيق حبيب الأعظمى، المجلس العلمى بالهند 1970م0
156- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر، تحقيق حبيب الأعظمى، دار عباس أحمد الباز0
157- مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع، للدكتور على أحمد السالوس، دار التقوى بمصر، دار الثقافة، قطر، الطبعة الأولى 1417هـ-1997م0
158- معالم المدرستين، لمرتضى العسكرى، الدار العالمية بيروت، الطبعة الخامسة 1993م0
159- المعجم الأوسط، للطبرانى، تحقيق طارق عوض وغيره، دار الحرمين بمصر 1415هـ – 1995م0
160- معجم البلدان، لياقوت الحموى، دار إحياء التراث العربي بيروت0
161- المعجم الصغير، للطبرانى، تحقيق محمد سمارة، دار إحياء التراث العربي 1992م0
162- المعجم الكبير، للطبرانى، صدر منه 25 جزء، وناقص أجزاء 15، 16، 21، تحقيق حمدى عبد المجيد السلفى، الدار العربية للطباعة 1398هـ0
163- معجم مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهانى، تصحيح إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م0
164- مقاصد الحديث فى القديم والحديث، للدكتور مصطفى أمين إبراهيم التازى، مطبعة دار التأليف بالقاهرة، الطبعة الثالثة، 1971م0
165- مقدمة ابن خلدون ، لعبد الرحمن بن محمد بن خلدون، دار الجيل، بيروت، بدون تاريخ0
166- المكانة العلمية لعبد الرازق بن همام الصنعانى فى الحديث النبوى، لشيخى الجليل فضيلة
الدكتور إسماعيل عبد الخالق الدفتار، مخطوط بكلية أصول الدين ، بالقاهرة ، رقم 2332،
لسنة 1396هـ-1976م0
167- منهاج السنة النبوية فى نقض كلام الشيعة والقدرية ، لأبى العباس أحمد بن تيمية، المطبعة الأميرية ، ببولا ق، الطبعة الأولى1321هـ،تصوير دار الكتب العلمية،بيروت.
168- المنهج الإسلامى فى الجرح والتعديل، للدكتور فاروق حمادة ، مكتبة المعارف ،
المغرب ، الطبعة الأولى 1402هـ-1982م0
169- منهج نقد المتن عند علماء الحديث النبوى ، للدكتور صلاح الدين الأدلبى ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، الطبعة الأولى 1403هـ-1983م0
170- منع تدوين الحديث أسباب ونتائج ، لعلى الشهرستانى ، مؤسسة الأعلمى بيروت ، الطبعة
الأولى 1418هـ – 1997م0
171- المنهاج شرح مسلم ، للنووى ، تحقيق عصام الصبابطى وغيره ، دار الحديث بمصر، الطبعة الأولى 1415هـ – 1994م0
172- المواجهة مع رسول الله وآله ، لأحمد حسين يعقوب ، مركز الغدير بيروت، الطبعة
الأولى 1417هـ – 1996م0
173- الموافقات في أصول الشريعة، للشاطبى، تحقيق عبد الله دراز وغيره، دار المعرفة
بيروت، الطبعة الثانية 1416هـ – 1996م0
174- موطأ الإمام مالك ، برواية يحيى الليثى ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى، دار الحديث
بمصر 1993م0
( ن )
175- نزهة النظر شرع نخبة الفكر فى مصطلح أهل الأثر، لابن حجر العسقلانى، تحقيق
إسحاق عزوز، مكتبة منارة العلماء، الإسماعيلية، القاهرة، 1409هـ-1989م0
176- النص والاجتهاد، لعبد الحسين شرف الدين الموسوى، مؤسسة الأعلمى للمطبوعات، بيروت، الطبعة الرابعة 1386هـ-1966م0
177- نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية فى الإسلام، لأحمد حسين يعقوب، مطبعة الخيام، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، بدون تاريخ0
178- النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، خرج أحاديثه وعلق عليه صلاح عويضة،
دار الكتب العلمية بيروت ، الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م0
( هـ )
179- أبو هريرة ، لعبد الحسين شرف الدين الموسوى ، دار الزهراء ، بيروت ، الطبعة
السادسة 1415هـ-1995م0
( و )
180- وركبت السفينة، لمروان خليفات ، مركز الغدير للدراسات بيروت 1418هـ– 1997م.
181- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، لأحمد بن خلكان ، تحقيق الدكتور إحسان عباس،
دار الثقافة , بيروت0

هذا وقد تركت ذكر بعض المصادر والمراجع، لقلة رجوعى إليها، وهى مبينة عند مواطن النقل منها، أو العزو إليها للاستفادة منها 0






فهرس الموضـوعات
الموضــوع رقم الصفحة

تقديـــم 0000000000000000000000000000000000000000000 5 - 8

المبحث الأول
التعريـف بالصحابـة لغـةً واصطلاحـاً
9 - 13
• الصحابة فى اللغة............................................. ........ 9
• الصحابة فى الاصطلاح.......................................... .. 10
• السر فى التعميم فى تعريف الصحابى ............................... 12
• طريـق معرفـة الصحبـة........................................ 13

المبحث الثانى
التعريـف بالعدالـة لغـة واصطلاحـاً
14 – 16
• العدالة لغةً.............................................. .................... 14
• العدالة اصطلاحاً .................................................. .................. 14 • ليس المقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب ........................ 15
• معنى عدالة الصحابة ................................................. .. 15
• ليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو .......... 15
• صفوة القول فى عدالة الصحابة  ....................................... 16

المبحث الثالـث
أدلـة عدالـة الصحابـة 
17- 23
أولاً : دلالة القرآن الكريم على عدالة الصحابة  ........................ 17
• الآيات التى جاء فيها عتاب لهم أو لبعضهم شاهدة بعدالتهم ............ 18
ثانياً : دلالة السنة المطهرة على عدالة الصحابة  ........................ 19

الموضـــــــــوع رقم الصفحة

ثالثاً : دلالة إجماع الأمة على عدالة الصحابة  ............................... 22
• السبب فى قبول روايتهم من غير بحث عن أحوالهم ....................... 23


المبحث الرابع
شبهات حول عدالة الصحابة 
24 – 54
المطلب الأول : شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها ....................... 25
• استعراض شبهاتهم .................................................. . 26
• الجواب عن شبهاتهم .................................................. .......... 27
أولاً : الجواب عن قصة انفضاض أكثر الصحابة عن رسول الله  إلى العير
القادمة من الشام .................................................. ........ 27
ثانياً : الجواب عن نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان فى المدينة
منافقين .................................................. ............... 29
ثالثاً : الجواب على ما استدلوا به من فرار بعض الصحابة يوم الزحف فى
غزوتى أحد وحنين .................................................. ... 33

المطلب الثانى : شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها ........................ 34
• استعراض شبهاتهم .................................................. . 34
• الجواب عن شبهاتهم .................................................. ....... 36
أولاًً : الجواب عن حديث الحوض ، وما جاء فيه من وصف الصحابة بالردة ... 36
• المراد بالأصحاب فى الحديث الذين صاحبوه صحبة الزمان والمكان مع نفاقهم
وهم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق  ..................... 37
• وفى الحديث ما يؤيد المعانى السابقة .......................................... 37

ثانياً : الجواب عن حديث " لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " .. 38


الموضـــــــــوع رقم الصفحة

• إطلاق الكفر على قتال المؤمن محمول على معانى متعددة ................... 39
•ما جرى بين الصحابة  من قتال لم يكن عن استحلال له ................ 39
•اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين ، وإن قالوا فى إحداهما
أنهم كانوا بغاة .................................................. ........... 41
• التوقف فى تعديل كل نفر من الذين لابسوا الفتن، والإنكفاف عن الرواية عنهم
باطل من دين الأمة .................................................. ...... 42

ثالثاً : الجواب عما زعمه غلاة الشيعة وأذيالهم من أن بداية الوضع كانت فى زمن
النبى  ووقعت من صحابته الكرام ...................................... 43
• بداية الوضع فى الحديث وبراءة الصحابة  منه ................ 44
• اختلف العلماء فى بداية ظهور الوضع فى الحديث إلى قولين ................ 44
• نماذج من جراءة الصحابة  فى حفظ الشريعة .................. 47
• ما يرد من ألفاظ التكذيب على ألسنة بعضهم ، فإنما هو تخطئة بعضهم لبعض
وبيان ما وقع فيه بعضهم من وَهَم الكلام ..................................... 49
• أمثلة على استعمال سيدنا رسول الله  كلمة " الكذب " بمعنى الخطأ ....... 49
• أمثلة على استعمال الصحابة  كلمة " الكذب " بمعنى الخطأ ............ 49
•ما استدرك به بعض الصحابة بعضاً فى الرواية لا يعد كذباً ................ 51
• الرد على زعم أعداء السنة المطهرة بأن لفظة " متعمداً " فى حديث
"من كذب علىّ" مختلفة ................................................. 52
• الحكمة فى ذكر كلمة " متعمداَ " فى الحديث ........................... 54
• أئمة الحديث وإن قالوا برفع الإثم عن المخطئ ، والناسى ، والغالط ، فقد جعلـوا
ما ألحق بالحديث غلطاً ، أو سهوا ً، أو خطأً ، من قبيل الشبيه بالموضوع فى كونه
كذباً فى نسبته إلى الرسول  ........................................... 54



الموضـــــــــوع رقم الصفحة

المبحث الخامس
سنـة الصحابـة  حجـة شرعيـة
55 - 58
• استعراض شبهة من يطعن فى سنة الصحابة  .......................... 55
• ما جاء عن الصحابة  من قول أو فعل أو تقرير , إذا كان مما لا يقال من
قبل الرأى ، ومما لا مجال للإجتهاد فيه ، فله حكم المرفوع المسند ............ 55
• سنة الصحابة  كسنة الرسول  يعمل بها ، ويرجع إليها ، وانتصر لهذا
الرأى غير واحد من أئمة الأصول .......................................... 55
• الأدلة على أن سنتهم فى طلب الإتباع كسنة النبى  ................... 56
• أوجه ترجيح الإعتماد علي الصحابة فى بيان القرآن الكريم ................ 57
• سنة الصحابة مصدراً للأحكام الدستورية .................................. 58


المبحث السادس
من أراد معاوية  فإنما أراد الصحابة
جميعاً 
59 – 67 • استعراض شبهة الطاعنين فى سيدنا معاوية  ..................... 59
• الجواب عن الطعن فى صحة إسلام سيدنا معاوية  , وأنه فتح باب
الوضع فى السنة النبوية ............................................. 61
• شهادات التزكية لسيدنا معاوية  فى القرآن الكريم , والسنة النبوية ,
وأقوال أئمة المسلمين .................................................. ...... 62
• العلامة ابن خلدون يرى أن معاوية  من الخلفاء الراشدين........ 66

المبحث السابع
شبهات حول راوية السنة الأول ( أبو هريرة  ) والرد عليها
68 – 82
الموضـــــــــوع رقم الصفحة

• ما اتهم به أبو هريرة  ، من أكاذيب وافتراءات من قبل أرباب الأهواء
قديماً وحديثاً ، سندهم فيه إما روايات مكذوبة أو ضعيفة ، وإما روايات
صحيحة لم يفهموها........................................... ........ 68
• تصدى للرد على الطعون الموجهة إلى سيدنا أبى هريرة  رهط من علماء
الإسلام على رأسهم أبى هريرة نفسه .......................................... 68
• أصناف الطاعنين فى سيدنا أبى هريرة  .................................. 69
• إسلامـه وصحبتـه........................................... ............... 70
• خلقـه وتقـواه .................................................. ............ 71
• القصة التى بنى عليها الرافضى محمود أبو رية تسمية كتابه "شيخ المضيرة
أبو هريرة" هذه القصة لا يصدقها عاقل ، والأحداث التاريخية تكذبها........... 72
• قـوة ذاكرتـه وروايتـه.......................................... ........... 73
• أسباب كثرة مروياته........................................... .............. 73
• شهادة الرسول  والصحابة  ومن بعدهم من أهل العلم بقوة حفظه
وإتقانه وكثرة سماعه وحرصه على الحديث.................................. 76
• حب هذا الصحابى الجليل علامة على الإيمان , وبغضه علامة على النفاق..... 80

المبحث الثامن
حكم الطاعن فى عدالة الصحابة 
83 - 85
• أقوال أهل السنة والجماعة , صريحة فى بيان حكم من ينتقصهم........ 83
• اختلاف الفقهاء في تكفير ساب الصحابة ............................. 84
الخاتمة : في نتائج هذا البحث............................................ 86
فهرس أهم المصادر والمراجع ..................................... 89
فهرس الموضوعات......................................... ........ 103







 
قديم 19-09-10, 06:43 PM   رقم المشاركة : 3
خالد المخضبي
عضو ماسي






خالد المخضبي غير متصل

خالد المخضبي is on a distinguished road


بحث اكثر من رائع







 
قديم 19-09-10, 10:25 PM   رقم المشاركة : 4
فتح روما
عضو ذهبي






فتح روما غير متصل

فتح روما is on a distinguished road



جزاك الله خيرا وتقل الله منك






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "