العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-18, 08:20 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


( من التاريخ: دراكولا... الحقيقة والخيال ) د. محمد عبد الستار البدري - بتصرف -



بسم الله الرحمن الرحيم




«دراكولا مصاص الدماء»... هكذا عرفناه من أفلام السينما الغربية متمثلة في شخصية الكونت دراكولا، الذي كان يمتص دماء ضحاياه مثل الخفافيش، فقط ليتحول الضحية بعد موته إلى كائن آخر من مصاصي الدماء. وهكذا جسّدت هوليوود هذه الشخصية التي برع في تمثيلها الممثل البريطاني الراحل الشهير كريستوفر لي، وسرعان ما تعددت الأفلام والمسلسلات المختلفة حول هذه الشخصية بأشكال مختلفة.


ولقد ابتكر المخرجون وكتَّاب القصص وسيلة قتل هذا المخلوق الخيالي من خلال وسيلتين أساسيتين، هما: دق الخازوق في قلبه مباشرة فيموت، أو يُكشف لضوء الشمس الذي يحرقه لأنه كائن ليلي لا يعيش إلا في الظلام. وهكذا تسلسلت الروايات، غير أن الحقيقة هي أن هذه الشخصية لها أساس في كتب التاريخ، ولكن ليس كمصاص دماء بطبيعة الحال، بل كشخصية سادية متعطشة للدماء والقتل والتعذيب.


الشخصية التاريخية التي اشتقت منها هذه الانحرافات الروائية هي للكونت فلاد ابن دراكولا، حاكم إقليم والاخيا (ولاشيا - أو بلاد الأفلاق - أكبر أقاليم جمهورية رومانيا الحالية) خلال القرن الخامس عشر، وينسب اسم «دراكولا» إلى والده وهو المرادف باللغة الرومانية لابن التنّين.


لقد ولد فلاد لأمير إقليم والاخيا، الواقع بين قوتين متحاربتين هما الدولة العثمانية الفتية والدولة المجرية. وكان على هذا الإقليم أن يوازن سياسته دائمًا بين عدوين كبيرين لا طاقة له بهما. واختار والد فلاد أن يتحالف مع العثمانيين ضد المجريين، ووفقًا لمعايير ذلك الوقت كان التحالف يتطلب ضمانات لتحاشي الخيانة والغدر، وفي هذه الحالة سلّم الأب ابنيه فلاد و رادو إلى السلطان العثماني رهينتين لضمان ولائه له.


وعاش فلاد في كنف العثمانيين لسنوات طويلة، لكنه على الرغم من أنه لقي منهم معاملة حسنة للغاية تضمنت تدريبه على كل فنون القتال والحرب والحياة الرغدة، نشأ على كراهية العثمانيين والإسلام على حد سواء. وحقًا، رفض اعتناق الإسلام وتشرَّب الثقافة العثمانية تمامًا، إلا أنه كتم أمر كراهيته لهما منتظرًا لحظة عودته لقيادة بلاده. وهذا ما حدث عام 1448 عندما قتل والده بعد مؤامرة النبلاء ضده، فعاد فلاد ليتولى إمارة والاخيا، في ظاهره حليفًا للعثمانيين وفي باطنه عدوًا شديد العداوة لهم.


وعلى الفور بدأ القائد الشاب التجهيز لمواجهة العثمانيين، إلا أن هذه الخطة كانت تحتاج إلى تأمين الجبهة الداخلية، وهو ما فعله بكل عنف وقسوة في استهانة كاملة بإنسانيته وإنسانية شعبه. إذ بدأ تشديد قبضته من خلال التخلص من طبقة النبلاء بعد دعوتهم إلى مأدبة عشاء لكنه لم يتخلص منهم بالقتل، بل جمعهم تحت تهديد السلاح ووضعهم كعمال لبناء الجدران وترميم الأسوار الدفاع حول عاصمته دون أية مراعاة لحالتهم الاجتماعية أو أعمارهم، فمات أغلبيتهم بعد مرور فترة وجيزة.


أما على المستوى الشعبي فقد وضع دستورًا أخلاقيًا متشددًا للغاية، وكانت العقوبات أكثر من رادعة، فأغلبية عقوبات الذكور كانت قتل المذنبين على الخازوق وتركهم لساعات طويلة أو حتى أيام ليموتوا ببطء شديد، وكان يتلذذ وهو يراهم يتألمون ويرى في ذلك عبرة للرعية. ولكن الثابت تاريخيًا أن هذا الرجل السادي المريض كانت يشتاق إلى هذا المنظر، بدليل أنه قتل الآلاف من شعبه بهذه الطريقة البشعة، أما عقوبة الزانية فكان سلخها وتركها لتموت في الساحات العامة. ويقال إن أحد النبلاء دخل عليه ففزع من روائح الجثث المنتنة في الساحات، وعندما شكا له، أمر فلاد فورًا بجدع أنفه ووضعه على الخازوق هو الآخر. ويقال إن هذا الرجل المريض نفسيًا كان يتلذذ بمشاهدة مناظر القتل والتعذيب لدرجة أنه تعمد أن يكون حول قصره من كل الاتجاهات خوازيق يعدم عليها الناس.


وبمجرد أن دانت لفلاد ولأخيه رادو السيطرة المطلقة على والاخيا بالقهر والدم، فتح الجبهة مباشرة مع العثمانيين ودخل في صدام عسكري مع السلطان محمد الثاني «الفاتح» في أعقاب فتح الأخير القسطنطينية بسنوات قليلة.

وكان السلطان قد أوفد اثنين من السفراء ليتفاوضوا مع فلاد بدلاً من الحرب، وعندما طلب منهما خلع عمامتيهما، اعتذر السفيران، فما كان منه إلا أن أمر جنوده بدق المسامير في رأسيهما لتثبيت العمامتين !! .


هذا التصرف الوحشي أثار غضب السلطان ؛ فنشبت الحرب بينهما لسنوات طويلة، وخلالها طبَّق فلاد كل التكتيكات التي تعلمها في البلاط العثماني، حتى إنه في عام 1462 جر جيش محمد «الفاتح» إلى معركة مفتوحة بالقرب من نهر الدانوب وهزم - متحالفًا مع المجريين - مقدمة جيشه هزيمة نكراء، وأقدم على قتل كل الأسرى على الخازوق كعادته، وقطع أيدي البعض وأرجلهم، وتركهم أمام أنظار جنود جيش السلطان المتقدم ليروهم.


وهكذا، ازداد غضب السلطان وأقسم على الانتقام من فلاد بوضع رأسه على الخازوق أسوة بما كان يفعله مع الأسرى والمصابين. وبالفعل، عندما تقدم الجيش العثماني داخل والاخيا، وعلى الرغم من سياسة «الأرض المحروقة» التي لجأ إليها فلاد ليبطئ تقدم العثمانيين - وهو ما حدث - فإنه أخفق مع المجريين في مواجهة قوة جيش الدولة العثمانية الفتية المتصاعدة شهرًا بعد شهر.


وفعلاً استطاع العثمانيون محاصرة قلعة دراكولا، لكن فلاد تمكن من الفرار بمساعدة الغجر وتوجه إلى إقليم ترانسلفانيا، شمال غربي والاخيا، المتاخم للمجر، محاولاً تحالفه مع المجريين الذين قبضوا عليه. وفي هذه الأثناء، نصّب السلطان الفاتح الأمير رادو بدلاً من أخيه حاكمًا لوالاخيا. وظل فلاد في المنفى حتى عام 1475 عندما جاءه خبر وفاة أخيه، فقرر العودة متوهمًا أن الشعب سيستقبله بالترحاب. إلا أن هذا لم يحدث بطبيعة الحال لأن الشعوب لا تنسى مجرميها.

وبالتالي فإنه لم يصمد بعد اعتلائه العرش أكثر من شهرين، إذ مات في ظروف غامضة، فقد قُطعت رأسه وأُرسلت مغطاة بالعسل إلى السلطان العثماني، الذي علّقه على الخازوق في العاصمة أدرنة ليكون رمزًا للانتقام ، والعظة لكل من تسوّل له نفسه الخيانة ..


وهكذا انتهت حياة هذا الرجل الدموي السادي الذي تناقلت أوروبا قصص فظائعه لقرون تالية. وبقي عالقًا في الذاكرة الإنسانية على اعتباره من أسوأ الحكام وأكثرهم تعطشًا لدماء شعبه وأعدائه على حد سواء، كما دخل إلى عالمنا اليوم من خلال رواية «دراكولا مصاص الدماء» للكاتب الإيرلندي ( برام ستوكر ) عام 1897 م .






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:50 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "