المبحث الثاني:
جهاده واجتهاده وأخلاقه
كان صلّى الله عليه وسلّم أسوة وقدوة وإماماً يُقتدى به؛
لقوله تعالى:
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ
وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}([1])؛
ولهذا كان صلّى الله عليه وسلّم يصلي
حتى تفطَّرت قدماه وانتفخت وورمت
فقيل له:
أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال:
”أفلا أكون عبداً شكوراً“([2]).
وكان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة،
وربما صلى ثلاث عشرة ركعة([3])،
وكان يصلي الرواتب اثنتي عشرة ركعة([4])
وربما صلاها عشر ركعات([5])،
وكان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله([6])،
وكان يطيل صلاة الليل
فربما صلى ما يقرب من خمسة أجزاء
في الركعة الواحدة([7])،
فكان ورده من الصلاة كل يوم وليلة
أكثر من أربعين ركعة منها الفرائض سبع عشر ركعة([8]).
وكان يصوم غير رمضان ثلاثة أيام من كل شهر([9])
ويتحرَّى صيام الاثنين والخميس([10])،
وكان يصوم شعبان إلا قليلاً،
بل كان يصومه كله([11])،
ورغَّب في صيام ست من شوال([12])،
وكان صلّى الله عليه وسلّم يصوم حتى يقال:
لايفطر،
ويفطر حتى يقال: لايصوم([13])،
وما استكمل شهر غير رمضان
إلا ما كان منه في شعبان،
وكان يصوم يوم عاشوراء([14])،
وروي عنه صوم تسع ذي الحجة([15])،
وكان يواصل الصيام اليومين والثلاثة وينهى عن الوصال،
وبيَّن أنه صلّى الله عليه وسلّم ليس كأمته؛
فإنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه([16])،
وهذا على الصحيح:
مايجد من لذة العبادة والأنس والراحة
وقرة العين بمناجاة الله تعالى؛
ولهذا قال:
”يا بلال أرحنا بالصلاة“([17])،
وقال:
”وجُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة“([18]).
1- وكان يكثر الصدقة،
وكان أجود بالخير من الريح المرسلة
حينما يلقاه جبريل عليه الصلاة والسلام([19])؛
فكان يعطي عطاء من لايخشى الفاقة؛
ولهذا أعطى رجلاً غنماً بين جبلين
فرجع الرجل إلى قومه وقال:
ياقومي أسلموا فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة([20])،
فكان صلّى الله عليه وسلّم أكرم الناس،
وأشجع الناس([21])،
وأرحم الناس وأعظمهم تواضعاً،
وعدلاً، وصبراً، ورفقاً، وأناة،
وعفواً، وحلماً، وحياءً، وثباتاً على الحق.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
([1]) سورة الأحزاب، الآية 21.
([2]) البخاري برقم 1130، ومسلم برقم 2819.
([3]) البخاري برقم 1147، ومسلم برقم 737.
([4]) مسلم برقم 728.
([5]) مسلم برقم 729، والبخاري برقم 1172.
([6]) مسلم برقم 719.
([7]) مسلم برقم 772.
([8]) كتاب الصلاة لابن القيم ص 140.
([9]) مسلم برقم 1160.
([10]) الترمذي برقم 745، والنسائي 4/202 وغيرهما.
([11]) البخاري رقم 1969 و1970، ومسلم برقم 1156 و1157.
([12]) مسلم برقم 1164.
([13]) البخاري برقم 1971، ومسلم 1156.
([14]) البخاري برقم 2000 – 2007، ومسلم برقم 1125.
([15]) النسائي 4/205، وأبو داود برقم 2437، وأحمد 6/288، وانظر صحيح النسائي رقم 2236.
([16]) البخاري برقم 1961- 1964 ومسلم 1102 -1103.
([17]) أبو داود برقم 8549، وأحمد 5/393.
([18]) النسائي 7/61، وأحمد 3/128، وانظر: صحيح النسائي 3/827.
([19]) البخاري برقم 6، ومسلم رقم 2308.
([20]) مسلم 4/1806.
([21]) البخاري مع الفتح 10/455، ومسلم 4/1804.