العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-09, 10:45 AM   رقم المشاركة : 1
الوافي 4
عضو ماسي







الوافي 4 غير متصل

الوافي 4 is on a distinguished road


شكرا للشيخين مقال رائع لسلمان العودة

شكرا للشيخين
ربما خطر ببالي حينا؛ أن المرء كلما صفا وتجرّد وأحكم لسانه من الاندفاع والطيش؛ كان أقرب إلى السلامة من الناس ، وأدعى إلى أن يتآلفوا عليه، ويقل حوله خلافهم.. ولا زلت أدرك أن قدراً من ذلك هو صحيح ، فإن من صحّ جنانه فصح لسانه ، كما قال بعض السلف..
وفي صحيح السنة: «المؤمن مألفة ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» كما عند أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.
لكن مما يحسن أن يضاف إلى هذا المعنى حتى تكتمل صوابيته؛ أن المرء كلما اتسعت دائرته اختلف الأمر بالنسبة إليه؛ لأن الدائرة التي تتعامل معه، رضا وقبولا، أو تردداً أو شكاً، أو رفضاً واتّهاماً، هي دائرة واسعة، ربما تمتدّ لتشمل البشرية كلها جمعاء، كما تراه في شأن مشاهير المصلحين والمؤرخين، وعلى رأسهم أنبياء الله ورسله، صلوات الله وسلامه عليهم.
وقد سنح لي أن أقرأ في سيرة الشيخين المقدمين لدى المسلمين؛ أبي بكر، وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فرأيت من كمال الإخلاص واليقين، كما في الأثر عن المزني : «ما سبقكم أبو بكر بفضل صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه».
وكمال العلم والمعرفة كما في رؤيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه رأى على عمر قميصاً يجرّه، ورآه يشرب فضل النبيّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ من اللبن، وأول ذلك بالعلم والدين.
وهم طليعة الأصحاب الذين أَذِن الله في سمائه أن يكونوا خلصاءه في حياته، وجيرانه في قبره بعد رحيله، ليكون ذلك شاهداً ماديًا قطعياً لكل ذي عقل وإنصاف أنهم وزراؤه وخاصته من أصحابه، وليعلم كل متأمل أن من ازدرى أو انتقص فإنما يزدري بمقام من اختارهم وفضّلهم؛ لأن قربهم من مربيهم وهاديهم عليه السلام، هو ضرورة تاريخية ومشاهدة واقعية.
وإذ نقرأ في سيرهم تجرّدهم من حظوظ النفس، وكمال إحسانهم إلى الخلق بكل مقدورهم؛ من علم أو مال أو جاه أو قوة، وتفانيهم في ذلك، مع التجافي عن المصالح الآنية، والترفّع عن الإرادات الأنانية، وإيثار العفو عن الناس من القريب والبعيد، والموافق والمخالف..
ومع ذلك لم يسلم جنابهم من قادح! ولعلك حين تقرأ بعض ما سطرته أقلام مسمومة، وأياد موتورة في حق الشيخين عليهما الرضوان والسلام، تهون عليك الدنيا، وتعلم أن جمعها شتيت وكثيرها قليل، وأن الله ادخر لأوليائه من رفيع المقامات في الآخرة مالا يبالون معه بما أصابهم من الدنيا، وربما ود أهل العافية أن لو قرضوا بالمقاريض في جنب الله.
إن الذي يقرأ كتباً مسطورة، ويعلم أن مجلدات ضخمه طبعت ووزعت ودرست في مدارس، ولقنت لأجيال، مليئة بالذم والعيب والاتهام بالمؤامرة والتخطيط لاقتناص فرص الدنيا، أو السيطرة على الحكم، أو الإعداد لاغتيال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو بعض خاصّته من قرابته، بقدر ما يرفض هذه الصورة السوداوية للتاريخ، وخاصة لأفضل حقبه ومراحله، إلا أنه يدرك أن سنّة الله في عباده أن يكون من كمال أجر السابقين وتوبتهم؛ أن يقيّض لهم حتى بعد موتهم من يؤذيهم ويبهتهم بما هم منه براء؛ ليكون ذلك درساً لكل سالك للإسلام من الناس، ولو كنت في عيار أبي بكر وعمر، فشكراً لشيخينا على هذه الدروس العملية، وجزاهما الله عنا أفضل الجزاء وأوفاه.
والمؤكد أن اختلاف الألسن بفحش القول في حق الأفاضل هو أثر عن «الاختلاف» ، فالاختلاف يغرز لدى المتعصبين «التصنيف» ، هذا مع، وهذا مع، ولا خيار ثالثا سوى هذين، فأما من كان معي فهو مَلَاك في صورة إنسان، معصوم اعتقاداً أو عملاً، وأما من كان ضدي فهو شيطان مارد، وأفعاله لا تقع إلا فاسدة، وهذا دأب القلوب التي ران عليها الجهل، وغلّفها الهوى وأحاطت بها العصبية.
ولهذا قيل: إن الأخلاق إنما تبدأ عند الاختلاف، فأما مع التوافق فالتصنع والانسجام هو سيد الموقف..
ولقد كان مما علمونا ــ لو تعلمنا ــ رضي الله عنهم، كيف يكون المرء مترفعاً، عفّ القول، حسن الظن بالآخرين، يتّهم نفسه قبل أن يتهم غيره عند الاختلاف:
أتانا أن سهـلا ذم جهـلا
أموراً ليس يدريهن سهل
أموراً لو دراها ما قلاها
ولكن الرضا بالجهل سهل..







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "