العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-05-10, 06:16 AM   رقم المشاركة : 1
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


موقف الإمامين ابن تيميَّة وابن القيّم من الصوفية

موقف الإمامين ابن تيميَّة وابن القيّم من الصوفية

نقلاً من كتاب
كشف زيف التصوف وبيان حقيقته وحال حملته
(حوار مع الدكتور القاري وأنصاره)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :



فقد اطلعت على مقالٍ
لعبد الحفيظ ملك عبد الحق المكي الصوفي
الذي وصف نفسه
بخادم الحديث الشريف ببلد الله الحرام (!)


تحت عنوان :

أئمة السُنَّة يردُّون ادِّعاءات
الدكتور ربيع المدخلي عن التصوف والصوفية

والذي نشر في ملحق جريدة المدينة يوم الجمعة الموافق 10جمادى الأولى عام 1426هـ
وكان رداً على مقالي الذي ناقشت فيه الدكتور عبد العزيز القاري في موضوع الصوفية .

ولي بعض الوقفات مع هذا المقال وصاحبه :


الوقفة الأولى :

أنه وصف نفسه بأنه :
( خادم الحديث الشريف ببلد الله الحرام )!

وهذه منـزلة عظيمة ما كان يدَّعيها أئمة السنة والحديث مثل عطاء بن أبي رباح وسفيان بن عيينة ، والحميدي وغيرهم ، من علماء الحديث والسنة ببلد الله الحرام.

وأنا شخصياً سكنت مكة حوالي تسع سنوات من عام 1392هـ فلم أسمع بهذا الرجل في مكة ولا بخدمته للحديث ,وعدت إلى مكة عام 1419هـ وما زلت بها إلى أن وقفت على هذا المقال الذي نشر في 10/5/1426هـ فوالله ما سمعت به ولا علمت بوجوده في مكة ولا أعرف له طالباً واحداً ينتمي إلى الحديث وأهله ولا غير منتمٍ ولا عرفت له كتاباً في خدمة الحديث الشريف ولا حتى خدمة حديث واحد !

فماذا يريد بهذا المدح لنفسه وماذا يريد بهذه التزكية ؟
لا شك أنه متشبع بمالم يعط.


الوقفة الثانية :

مع عنوان مقاله :
وهو قوله :
" أئمة السلفية يردون على ادعاءات الدكتور ربيع المدخلي عن التصوف والصوفية "

هكذا بهذا العموم والشمول الذي يوهم القراء أن كل أئمة السنة وقفوا في وجه ربيع يدافعون عن كل أصناف التصوف والصوفية ويردون على ادعاءاته بالحجج والبراهين !

وأقول :

إني أنا ربيع لا أعرف ادعاءً واحداً ادعيته على الصوفية بل لا تجد في مقالي :


إما
نقلا ً عن أئمة موثوقين في نقلهم عند أهل السنة مثل الذهبي وقد حددت ما نقلته عنه بالجزء والصحيفة ,وكذلك نقلت نقده الشخصي ,ومثل ابن الجوزي وقد نقلت عنه نقوله ونقده للصوفية وأئمتهم في كتابه
" تلبيس إبليس "
وهو مشهور متداول بأيدي الناس وما عدا ذلك من أقوالي إنما هو بناء وتأكيد لما نقله وقاله هؤلاء الأئمة فيهم , فمن هو إذن صاحب الادعاءات الباطلة والافتراءات المشينة
" رمتني بدائها وانسلت " .


الوقفة الثالثة :

مع قوله :
" وآلمني ما ورد فيه من ادعاءات باطلة وافتراءات مشينة حول التصوف والسادة الصوفية في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف وسعة الصدر وحسن الظن لأن قوى الكفر المتنوعة قد اتحدت وتناست الخلافات فيما بينها تتآمر ليل نهار بشتى الأساليب لإضعاف شوكة المسلمين وإبعادهم عن تعاليم دينهم الحنيف ونشر الخلاف والشقاق والنزاع فيما بينهم"


والجواب :


1- قد سبقت الإجابة عما يزعمه من الادعاءات الباطلة والافتراءات المشينة.


2- هل الصوفية يحسنون الظن بأئمة الدعوة السلفية

كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب
وأبنائه وأحفاده ومن سلك طريقهم في التمسك بالكتاب والسنة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والخرافات ؟

أو أنهم يسيئون بهم الظن ويحاربونهم ويشوهون دعوته
م ويألفون المؤلفات الكثيرة في تشويههم وتشويه دعوتهم وينشرون هذا التشويه في مدارسهم ومساجدهم لا يفترون عن ذلك من عهد السبكي وأتباعه والهيتمي والحداد الحضرمي وأتباعه ودحلان والنبهاني والبوطي وغيرهم ومؤلفاتهم تنشر في الآفاق تبث الأكاذيب والشركيات والخرافات وتصد الناس عن سبيل الله ,فهل كتبت مقالاً واحداً تردُّ فيه هذه الافتراءات والضَّلالات ؟!


أو لا همَّ لك إلا نشر التلبيسات والدفاع عن هذا الضلال وأهله كما في مقالك هذا وكتابك الذي ذكرته في هذا المقال ؟.



على أي أساس تدعو إلى وحدة الصف ؟


أَعلَى أساس التمسك بالكتاب والسنة :

عقيدة وعبادة وسياسة وأخلاقاًِ
والدعوة إلى ذلك
ووضع المناهج في المدارس والجامعات والتدريس في المساجد والكتابة في الصحف والمجلات
و تسخير كل الوسائل الشرعية الممكنة
لتحقيق هذه الغاية
( وحدة الصَّف) ؟


إذا كان على هذا الأساس
فهذا أمرٌ يدعوا إليه السلفيون
ويتعطشون لتحقيقه
وهو أمر واجب لا عذر للمسلمين في التقصير فيه والتباطؤ والتقاعس عنه ،ونصوص القرآن والسنة الداعية إليه والحاثة بشدة عليه كثيرة منها قول الله تعالى :

( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )

وقوله سبحانه :

( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )

ففي هذين النصين أمرٌ للأمة جميعها أن تعتصم بحبل الله وهو الكتاب والسنة .

واتباع الصراط المستقيم هو اتباع الكتاب والسنة والاعتصام بهما وفيهما نهي عن التفرق في العقائد والعبادات والمناهج والسياسات وغيرها ونهيٍ عن اتباع السبل التي على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ,ومن هذه السبل المضلة الطرق الصوفية والرافضية والسياسية بما حوتها من عقائد ومناهج .


أو تريد الوحدة على الطريقة الأوربية

في التجمعات والتحالفات على الضلال والجهل والخرافات
التي لا تزيد المسلمين إلا خذلاناً وذلاً وهواناً
فليس هذا هو العلاج أبداً ،
إنما العلاج هو العودة الجادة إلى الكتاب والسنة
وذلك هو الدِّين الصَّحيح
الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالرجوع إليه إذا هي عاشت في الهوان وعانت من الذل فقال صلى الله عليه وسلم :

" إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا على دينكم " .

أي الدِّين الحق
الذي تضمنته النصوص القرآنية والنبوية
لا دين الجهمية ولا المعتزلة
ولا دين الحلاج وابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ولا دين النقشبندية والسهروردية والتيجانية والمرغنية ونحوها من الطرق القائمة على الحلول ووحدة الوجود وعبادة القبور والخرافات

فإن هذه هي السبب الرئيس في إضلال كثير أو أكثر المسلمين ورميهم في هوة الجهل بحقيقة الإسلام والتوحيد الذي جاءت به كل الرسالات ,والسبب الرئيس في ذلهم وجعلهم غثاء تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها .


الوقفة الرابعة :

أنه قال :
" وبعد هذا كله أزيد الدكتور المدخلي علماً بفضل الله وتوفيقه أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان بنفسه صوفياً قد لبس خرقة التصوف (1)

وقد صرَّح هو بذلك
وذكر سند خرقته
في كتابه الشهير "منهاج السنة"
فما رأي فضيلة الدكتور المدخلي الآن هل نبقي ابن تيمية في أهل السنة والجماعة أم نخرجه مثل غيره وننسبه إلى دين الصوفية عقيدة وعبادة ومنهجا ؟؟؟ " .

وجوابه :

إني مع اهتمامي بدراسة كتب ابن تيمية لم أعرف أن ابن تيمية كان صوفياً ولا أعرف أنه لبس خرقة الصوفية ولم أسمع بهذا من أحد من علماء السنة ولا من زملائي المحبين لابن تيمية ,فأطلب من عبد الحفيظ خادم الصوفية أن ينص على هذا الكلام بالجزء والصحيفة من كتاب المنهاج الذي نسب إليه هذا الكلام .

وبعد وقوفي عليه أحتاج أن أعرف الطريقة الصوفية التي كان منتسباً إليها أهي الرفاعية أو القادرية أو الشاذلية ,وهل يؤمن بما فيها من عقيدة ومنهج وعبادة فأُحدِّدُ حينئذ موقفي منه .

فإن عجز عن إثبات ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ظهر للناس افتراء هذا الرَّجل على إمام عظيم جاهد الصوفية جهاداً عظيماً في عدد من مؤلفاته وكشف عوارهم وهتك أستارهم , ولا سيما أهل الطريقة الرفاعية (2)
وأتباع ابن عربي والتلمساني وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم من أئمة الحلول ووحدة الوجود (3)
والذين تنتمي إليهم جلُّ الطرق الصوفية التي جاءت بعدهم أو كلُّها ولا سيما الطرق القائمة الآن والجاثمة على صدر الأمة بضلالاتها الكبرى من الشرك في القبور واعتقاد الحلول ووحدة الوجود ونشر الخرافات .

ومن هذه الطرق الطريقة النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية والتي أظنُّ أنَّ عبد الحفيظ يؤمن بها ويدافع عنها .

فإن كان ليس من أهلها فليتبرأ منها علانية ولِيُدِنْ أهلها بما فيها من الضلال البعيد.

الوقفة الخامسة :
مع قوله :
" ويشتد الأمر مرارة وخطورة عندما يكون متعلقاً بالتصوف حيث إنَّ أكثر من 95% من علماء المسلمين ومشايخهم في العالم إما تجدهم منتسين إلى التصوف وبعض طرقه أو محبين ومؤيدين له ولمشايخه " .

والجواب :

1- إنه ليشتد الأمر جدًّا مرارةً وخطورةً ويكاد القلب يتقطع أن يكون هذا هو واقع المسلمين أن يكون 95% من علماء المسلمين ومشايخهم على الطرق الصوفية المسيطرة على عقول معظم المسلمين وعقائدهم ولعلَّ بعضهم لا يكتفي بطريقة واحدة بل يبايع على أربع طرق فيها الحلول ووحدة الوجود.

ويزداد القلب أسى وحسرة أن يكون هذا الكم الهائل من العلماء إما معتقدين للتصوف أو مؤيدين له فلا يُغيِّرون هذا الواقع المُرَّ بل يؤيدونه ويذبون عنه.

وأسألك لماذا يعتنق هؤلاء العلماء ويؤيدون التصوف وهم يرون آلاف القبور المشيدة يُصرف لها أنواع العبادات من الاستغاثات واللجوء إلى أهلها في الكربات والتقرب إليهم بالذبائح والنذور وإقامة الأعياد والاحتفالات فلا تجد من هؤلاء العلماء إلا التأييد والتأكيد ، فأين هم من قول الله تعالى :
( كنـتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )

ألا يخافون أن ينطبق عليهم قول الله تعالى
( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) ؟.


الواجب عليك إن كنت من أهل السنة وتحتج بأقوال ابن تيمية أن تواجههم بالنصح والإنكار لا بالتهويل بكثرتهم فهل هذه الكثرة تجيز لك وأنت ( خادم الحديث ببلد الله الحرام ) !
أن تلمعهم وتدافع عنهم ؟!.

2- أنت تتمسح بابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن القيم لتدافع بهم عن التصوف والصوفية فلماذا لا تتحف الناس بذكر جهادهم لمحو آثار التصوف وتطهير الأرض والعقول والعقائد منها ؟ .

3- أنت تريد وحدة الصف الذي قد يشمل الروافض والقاديانية والصوفية بطرقها والأحزاب السياسية على اختلاف ضلالاتها فهل أنت بهذا التجميع الأعمى على منهج الكتاب والسنة ومنهج ابن تيمية ؟ .

أما الكتاب والسنة فقد مضى من نصوصهما في هذا المقال ما مضى .

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية
-رحمه الله-
فيرى أنَّ سبب تسلُّط الأعداء إنَّما يكمن في ظهور النِّفاق والبدع والفجور حيث قال :

( فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سُلِّطتْ عليهم الأعداء ،فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرة بعد مرة، وأخذوا الثغور الشامية شيئًا بعد شيء إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق، وكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة ،إلى أن تولى نور الدين الشهيد، وقام بما قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه ،ثم استنجد به ملوك مصر بنو عبيد على النصارى فأنجدهم ،وجرت فصول كثيرة إلى أن أخذت مصر من بني عبيد أخذها صلاح الدين يوسف بن شاذي وخطب بها لبني العباس ،فمن حينئذ ظهر الإسلام بمصر بعد أن مكثت بأيدي المنافقين المرتدين عن دين الإسلام مائة سنة‏ .‏

فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينه سببًا لخير الدنيا والآخرة، وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا والآخرة‏ .‏

فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة الإلحاد والبدع سلط عليهم الكفار ،ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم اللّه على الكفار تحقيقًا لقوله‏:
( ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )
‏[‏الصف‏:‏10 ـ 13‏]‏‏.‏

وكذلك لما كان أهل المشرق قائمين بالإسلام كانوا منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم، فلما ظهر منهم ما ظهر من البدع والإلحاد والفجور سلط عليهم الكفار، قال تعالى‏:‏‏
( ‏وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا )[‏الإسراء‏:‏ 4-8‏]‏‏‏ ) ([1]) اهـ.

وقال شيخ الإسلام في كلامه عن ضلال الصوفية
وبُعدهم عن حقيقة التوحيد :

( ومنهم ([2]) من لا يعرف ابتداء إلا طريقة الرياضة، والتجرد والتصوف، ككثير من الصوفية والفقراء الذين وقعوا في الاتحاد، والتأله المطلق، مثل‏:‏ عبد الله الفارسي، والعفيف التلمساني ونحوهما‏.‏

ومنهم من قد يجمع كالصدر القوْنَوِي ونحوه‏.‏ والغالب عليهم عالم التوهم‏.‏ فتارة يتوهمون ما له حقيقة، وتارة يتوهمون ما لا حقيقة له ،كتوهم إلهية البشر ،وتوهم النصارى ،وتوهم المنتظر ،وتوهم الغوث المقيم بمكة أنه بواسطته يدبر أمر السماء والأرض، ولهذا يقول التلمساني ‏:‏
ثبت عندنا بطريق الكشف ما يناقض صريح العقل‏.‏

ولهذا أصيب صاحب الخلوة بثلاث توهمات‏ :‏

أحدها‏ :
‏ أن يعتقد في نفسه أنه أكمل الناس استعداداً‏.‏

والثاني‏ :‏
أن يتوهم في شيخه أنه أكمل من على وجه الأرض‏.‏

والثالث ‏:‏
أنه يتوهم أنه يصل إلى مطلوبه بدون سبب ،وأكثر اعتماده على القوة الوهمية فقد تعمل الأوهام أعمالا لكنها باطلة ،كالمشيخة الذين لم يسلكوا الطرق الشرعية النبوية نظراً أو عملاً ،بل سلكوا الصابئية‏.‏

ويشبه هؤلاء من بعض الوجوه‏ :‏

أكثر الأحمدية، واليونسية، والحريرية، وكثير من العدوية، وأصحاب الأوحد الكرماني، وخلق كثير من المتصوفة والمتفقرة بأرض المشرق؛ ولهذا تغلب عليهم الإباحة ،فلا يؤمنون بواجبات الشريعة ومحرماتها‏.‏ وهم إذا تألهوا في تألهٍ مطلقٍ ،لا يعرفون من هو إلههم بالمعرفة القلبية، وإن حققه عارفوهم الزنادقة، جعلوه الوجود المطلق ‏.‏

ومنهم من يتأله الصالحين من البشر، وقبورهم ونحو ذلك‏.‏

فتارة
يضاهئون المشركين
وتارة
يضاهئون النصارى
وتارة
يضاهئون الصابئين
وتارة
يضاهئون المعطلة الفرعونية
ونحوهم من الدهرية ،وهم من الصابئين ،لكن كفار في الأصل‏.‏

والخالص منهم
يعبد الله وحده، لكن أكثر ما يعبده بغير الشريعة القرآنية المحمدية
فهم منحرفون
إما عن شهادة أن لا إله إلا الله
وإما عن شهادة

أن محمداً رسول الله
وقد كتبته في غير هذا‏ ) اهـ
([3]).‏

-أقول :
وأهل البدع من الروافض والجهمية والصوفية معروف عنهم أنَّهم يتعاونون مع الكفَّار الغازين المحتلِّين في قديم الزمان وحديثه !!

وقصَّة تعاون الروافض مع التتار ومع اليهود والنصارى معروفة مذكورة في كتب التاريخ وغيرها ,وأظهر تعاون لهم مع التتار كان في إسقاط الخلافة العباسية وإدخالهم بغداد وقتلهم لأهلها .

وانظر تعاون الجهمية والصوفية مع التتار وغيرهم في كتابه
( الفرقان بين الحق والباطل )
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- :
( فمنتهى الجهمية المجبرة إما مشركون ظاهرًا وباطنًا، وإما منافقون يبطنون الشرك؛ ولهذا يظنون باللّه ظن السوء، وأنه لا ينصر محمدًا وأتباعه، كما قال تعالى‏:‏
( ‏وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا‏ )
‏[‏الفتح‏:‏6‏]‏

وهم يتعلقون بقوله‏:‏
( ‏لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ‏ )
‏[‏الأنبياء‏:‏32‏]‏
وبأنه ( ‏يَفْعَلُ مَا يَشَاء‏ )‏
[‏آل عمران‏:‏40‏]‏
ولذلك
لما ظهر المشركون التتار وأهل الكتاب كثر في عبادهم وعلمائهم من صار مع المشركين وأهل الكتاب ،وارتد عن الإسلام إما باطنًا وظاهرًا، وإما باطنًا وقال‏:‏
إنه مع الحقيقة، ومع المشيئة الإلهية ،وصاروا يحتجون لمن هو معظم للرسل عما لا يوافق على تكذيبه بأن ما يفعله من الشرك والخروج عن الشريعة وموالاة المشركين وأهل الكتاب والدخول في دينهم ومجاهدة المسلمين معهم هو بأمر الرسول، فتارة تأتيهم شياطينهم بما يخيلون لهم أنه مكتوب من نور ،وأن الرسول أمر بقتال المسلمين مع الكفار ،لكون المسلمين قد عصوا‏.‏

ولما ظهر أن مع المشركين وأهل الكتاب خفراً
([4])
لهم من الرجال المسمين برجال الغيب -وأن لهم خوارق تقتضي أنهم أولياء اللّه- صار الناس من أهل العلم ثلاثة أحزاب‏ :

1- حزب يكذبون بوجود هؤلاء ،ولكن عاينهم الناس ،وثبت ذلك عمن عاينهم أو حدثه الثقاة بما رأوه ،وهؤلاء إذا رأوهم أو تيقنوا وجودهم خضعوا لهم‏.‏

2- وحزب عرفوهم ورجعوا إلى القدر، واعتقدوا أن ثم في الباطن طريقًا إلى اللّه غير طريقة الأنبياء‏.‏

3- وحزب ما أمكنهم أن يجعلوا أولياء اللّه خارجين عن دائرة الرسول فقالوا‏:‏ يكون الرسول هو ممدًا للطائفتين لهؤلاء وهؤلاء .

فهؤلاء معظمون للرسول، جاهلون بدينه وشرعه، والذين قبلهم يجوزون اتباع دينٍ غير دينه وطريق غير طريقه‏.‏

وكانت هذه الأقوال الثلاثة بدمشق لما فتحت عَكَّة، ثم تبين بعد ذلك أن هؤلاء من أتباع الشياطين، وأن رجال الغيب هم الجن، وأن الذين مع الكفار شياطين، وأن من وافقهم من الإنس فهو من جنسهم شيطان من شياطين الإنس أعداء الأنبياء، كما قال تعالى‏:‏
( ‏وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا‏ )
‏ ‏[‏الأنعام‏:‏112‏]‏‏.‏

وكان سبب الضلال عدم الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
وأصله قول الجهمية الذين يسوون بين المخلوقات
فلا يفرقون بين المحبوب والمسخوط ،ثم إنه بعد ذلك جرت أمور يطول وصفها‏.‏

ولما جاء قازان وقد أسلم دمشق انكشفت أمور أخرى، فظهر أن اليونسية كانوا قد ارتدوا وصاروا كفارًا مع الكفار‏ )([5]) اهـ .

- أقول :


هذه بعض مخازي أهل البدع من الروافض والصوفية وغيرهم في الأزمان الغابرة !

وفي تاريخنا الحديث تتكرر تلك المخازي منهم بأبشع صورها ؛فلا ينسى أحد تجنيد الاستعمار البريطاني للصوفية من أجل إسقاط دولة التوحيد التي أقامها الإمام المجاهد أحمد بن عرفان وإخوانه في ( بيشاور ) .

ومعروف عند الجميع تعاون الصوفية مع الحكومة الشيوعية في أرض (عدن) اليمنية.

ولا يخفى على من استقرأ التاريخ الحديث ما كان من علاقة وطيدة وحميمة بين الاستعمار الفرنسي وطرق الصوفية بأنواعها في أرض ( الجزائر ) وهو الذي كان يمدها بكل الوسائل المادية والمعنوية !!

فأيُّ وحدة إسلامية
تقوم على كواهل مثل هؤلاء ؟!

وأيُّ نصرٍ للإسلام يتحقَّق بهم ؟!

ومن يريد نصرة الإسلام وعزَّته فليعلم هذه الحقائق ,وليبذل أقصى ما يمكن من جهدٍ لجمع المسلمين على كتاب ربهم تبارك وتعالى وسنَّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم على فهم سلفهم الصالح : عقيدةً ومنهجاً وعبادةً وسلوكاً ...

الوقفة السادسة :
عند قوله :
" وقد شدَّد الدكتور المدخلي على أن الصوفية ليسوا من أهل السنة والجماعة بل اتهمهم بما هو أقبح وأدهى من ذلك بقوله :

" قد صحح علماء أهل السنة والجماعة كل ما فسد من دين الصوفية عقيدة وعبادة ومنهجا ".

- فأقول :

يتضمن كلامه هذا أمرين :

- أحدهما :
إنكار ما عند الصوفية من فساد عقائدي ومنهجي وعبادي .

وهذه مكابرة عظيمة وإنكار لواقع يمتد من عهد الأئمة أحمد بن حنبل وأبي زرعة وإخوانهم في ذلك العصر إلى عهد ابن تيمية وما بعده إلى عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب والصنعاني والشوكاني ومن بعدهم إلى يومنا هذا ذلك الواقع الذي من آثاره مؤلفات من عهد الحارث المحاسبي إلى أبي عبد الرحمن السلمي وأبي طالب المكي إلى القشيري والغزالي إلى ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض وإلى رؤوس الرفاعية والشاذلية والنقشبندية والسهروردية والتيجانية والمرغنية إلى الشعراني ودحلان والنبهاني والحداد وغيرهم وغيرهم .

ومن آثاره هذه القبور المنتشرة في العالم الإسلامي والتي تتجاوز الآلاف تقدسها الصوفية ومن انخدع بهم ولها سدنة وصناديق نذور ولها في بعض البلدان إدارة تدير شئون هذه القبور تعادل وزارات الأوقاف وريعها الشركي يصب في كروش الصوفية .

ولقد رأيت أنا وغيري من يطوف بهذه القبور ويسجد لها ويعتكف عندها وهم في غاية الخشوع والخضوع إلى أعمال يندى لها الجبين ويضحك منها اليهود والنصارى والهندوك.

أهذه الأعمال الشركية تُحافظ على الصوفية وتُبقيهم في دائرة أهل السنة والجماعة
يا (خادم الحديث ببلد الله الحرام) !

لا يدَّعي هذا إلاَّ من لا يعرف عقيدة أهل الحديث أو يعرفها ويحاربُها دفاعاً عن هذه الضلالات .

وأنا أسألك
ما رأيك فيمن يعطل صفة علو الله على عرشه وغيرها من صفات الله عز وجل التي ألف في شأنها العلماء كتباً وحرروا مقالات وساقوا لها الأدلة الشرعية والعقلية .

ما رأيك فيمن يقول بالحلول ووحدة الوجود ؟

ما رأيك فيمن يستغيث بغير الله ويذبح له وينذر له ويطوف بالقبور ؟

ما رأيك في طائفة البريلوية التي تشكل حوالي 80% في الهند وباكستان ؟

ما رأيك في الطرق التي مرَّ ذكرها ؟

هل هذه الأصناف وأعمالها وعقائدها تجعلهم في طليعة أهل السنة أو في طليعة أهل الضلال والبدع الكبرى ومنها البدع الشركية ؟ .

- الوقفة السابعة :

عند قوله :

" ولا أدري عن الدكتور المدخلي
( ومعروف عنه أنه من غلاة السلفية المُبدِّعين المُكفِّرين )([6])
هل يجهل ما قاله أئمة السلفية كالإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مدح التصوف والصوفية وأنهم من صميم أهل السنة والجماعة أم أنه يعلم كل ذلك ولكن العناد والكبر والبغض المذموم هو الباعث لادعاءاته الباطلة وكلا الأمرين مصيبة .

الجواب :

1- عن قوله :
" ومعروف عنه أنه من غلاة السلفية المبدعين المكفرين " .

أقول :
المعروف عند أهل السنة السلفيين أنني أحارب الغلو في التبديع والتكفير وهذه كتبي وأشرطتي منتشرة فأثبت هذا منها ,وإلاَّ فأنت من غلاة الملبسين والمقاومين لأهل السنة الدعاة إلى توحيد الله والناهين عن الشرك والبدع والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر السائرين على طريقة الأنبياء والمصلحين في تغيير المنكرات البدعية والشركية .

والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تكلفهم القيام بهذه الواجبات كثيرة والآيات والأحاديث التي تذم وتتوعد من يكتم الحق , أو لا ينكر المنكر كثيرة ولا يتسع المقام لسردها وقد ذكرت بعضها فيما سلف وأذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "

وفي الحديث الآخر :
" وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .

فهل سمعت بهذه الآيات والأحاديث التي أشرت إليها أو أنك تتجاهلها وتعاند ؟

والكبر هو غمط الناس ورد الحق لا الدعوة إلى الحق وإنكار المنكر ورد الباطل ,فافهم ولا أريد أن أتنازل معك إلى السب والاتهامات ولكني أذكرك لعلك تتذكر أو تخشى .

2- أما من ذكرت من الأئمة فلا تتمسح بهم .

وأنصحك أن تدرس عقائدهم ومناهجهم ومواقفهم من البدع ومن بدع الصوفية بالذات وجهادهم ضدها فإذا فعلت ذلك فسر على مناهجهم وعقائدهم ,ثم انقل عنهم وأنا واثق بأنك إن فعلت هذا وقمت به على الوجه المطلوب فستدرك أنك على خطأ جسيم في هذا النقل وهذه الدعاوى التي تصور فيها هؤلاء الأئمة المجاهدين ضد الصوفية وقبوريتهم بأنهم من جنود الصوفية يمدحونهم ويدافعون عنهم ويعدونهم من صميم أهل السنة والجماعة أيصِّحُ نقلك عنهم بهذا التعميم في مدح الصوفية والتصوف ؟ .

أَئِذَا ذكر ابن تيمية
بعض أفراد الصوفية الذين لا يمثلون قطرة في بحر الصوفية في فترة معينة انتهت وانقضت ,قبل أن يولد بقرون تنسب إليه أنَّه يمدح الصوفية والتصوف بهذا العموم ؟!

ألاَ تعلم أنَّ الأحكام في شريعة الله
إنَّما تُبنَى على الغالب لا على الأمور النادرة ؟!

بأي عقل وبأي لغة تخاطب الناس ؟


وبأي عقل وعلى أي أساس تلصق بأئمة السلفية هذه الدعاوى العريضة التي ينكرها كل من عرف هؤلاء الأئمة وعرف مناهجهم ومواقفهم من الصوفية وهدمهم لأباطيلهم وضلالاتهم ؟.

وأتحفك بشيء من نقد الإمام ابن القيم للصوفية وهو قليل من كثير (1) قال :
في "إغاثة اللهفان " :
" فصل ومن كيده :
ما ألقاه إلى جهال المتصوفة من الشطح والطامات وأبرزه لهم في قالب الكشف من الخيالات فأوقعهم في أنواع الأباطيل والترهات وفتح لهم أبواب الدعاوي الهائلات وأوحى إليهم :

أن وراء العلم طريقا إن سلكوه أفضى بهم إلى كشف العيان وأغناهم عن التقيد بالسنة والقرآن فحسن لهم رياضة النفوس وتهذيبها وتصفية الأخلاق والتجافي عما عليه أهل الدنيا وأهل الرياسة والفقهاء وأرباب العلوم والعمل على تفريغ القلب وخلوه من كل شيء حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلم فلما خلا من صورة العلم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم نقش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعد له من أنواع الباطل وخيله للنفس حتى جعله كالمشاهد كشفا وعيانا فإذا أنكره عليهم ورثة الرسل قالوا :
لكم العلم الظاهر ولنا الكشف الباطن ولكم ظاهر الشريعة وعندنا باطن الحقيقة ولكم القشور ولنا اللباب فلما تمكن هذا من قلوبهم سلخها من الكتاب والسنة والآثار كما ينسلخ الليل من النهار ثم أحالهم في سلوكهم على تلك الخيالات وأوهمهم أنها من الآيات البينات وأنها من قبل الله سبحانه إلهامات وتعريفات فلا تعرض على السنة والقرآن ولا تعامل إلا بالقبول والإذعان فلغير الله لا له سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان من الخيالات والشطحات وأنواع الهذيان وكلما ازدادوا بعدا وإعراضا عن القرآن وما جاء به الرسول كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم " (1/139ـ 140) ط . الحلبي .

أترى في هذا الكلام مدحاً للصوفية وحرصاً على اعتبارهم من أهل السنة أم هو بيان لضلالهم وأباطيلهم وترهاتهم وبعدهم عن دين الله الحق وفضح لدعاواهم الهائلة وكشفا ً لطرقهم وأساليبهم وأنهم أهل خيالات وضلالات فهم في واد وأهل السنة وعلماؤهم في واد آخر .

وقال رحمه الله في (1/249) :
( قال أبو بكر الطرطوشي :
وهذه الطائفة ([7]) مخالفة لجماعة المسلمين لأنهم جعلوا الغناء دينا وطاعة ورأت إعلانه في المساجد والجوامع وسائر البقاع الشريفة والمشاهد الكريمة وليس في الأمة من رأى هذا الرأي .
قلت :
ومن أعظم المنكرات :
تمكينهم من إقامة هذا الشعار الملعون هو وأهله في المسجد الأقصى عشية عرفة ويقيمونه أيضا في مسجد الخيف أيام منى وقد أخرجناهم منه بالضرب والنفي مرارا ورأيتهم يقيمونه بالمسجد الحرام نفسه والناس في الطواف فاستدعيت حزب الله وفرقنا شملهم ورأيتهم يقيمونه بعرفات والناس في الدعاء والتضرع والابتهال والضجيج إلى الله وهم في هذا السماع الملعون باليراع والدف والغناء .
فإقرار هذه الطائفة على ذلك فسق يقدح في عدالة من أقرهم ومنصبه الديني
وما أحسن ما قال بعض العلماء وقد شاهد هذا وأفعالهم :

ألا قل لهم قول عبد نصوح ***
وحق النصيحة أن تستمع
متى علم الناس في ديننا ***
بأن الغناء سنة تتبع
وأن يأكل المرء أكل الحمار ***
ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا : سكرنا بحب الإله ***
وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت ***
يرقصها ريها والشبع
ويسكره الناي ثم الغنا ***
ويس لو تليت ما انصدع
فيا للعقول ويا للنهى ***
ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسماع ***
وتكرم عن مثل ذاك البيع ) اهـ .

- قلتُ :
فمن النصح للمسلمين أن تبين هذه الأدواء المهلكة حتى يحذروها ويسلموا من غوائلها ، فإن حماية الناس من الأمراض الفتاكة بالعقول والأديان أوجب من حمايتهم من الأمراض التي تفتك بالأبدان .

الوقفة الثامنة :

- عند قوله :
" إن من المتفق عليه بين أهل التصوف والسنة سلفاً وخلفا شرقا وغربا في كل عصر ومكان أن الصوفي والسالك يجب عليه قبل أي أمر أن يصلح عقيدته حتى تكون موافقة لعقائد أهل السنة والجماعة وكتبهم ومقالاتهم مشحونة بهذا المعنى " .

- الجواب :

هذه دعوى لا تستطيع إثباتها عمليا .

أما أن زعماء الصوفية يضحكون على جهالهم بمثل هذا الكلام

فهذا موجود

وأما الحقيقة والواقع


فإن عقائد الصوفية من أبعد العقائد عن عقائد أهل السنة والجماعة

وهات كتب عقائدهم في مشارق الأرض ومغاربها من عهد القشيري والغزالي إلى عهد شيوخ البريلوية والديوبندية والتجانية والمرغنية إلى يومنا هذا ,هات كتبهم لنقارنها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومؤلفات أهل السنة الموجودة في كتب العقائد كالسنة لعبد الله بن أحمد وأصول السنة لأحمد ولابن أبي حاتم والسنة للخلال والشريعة للآجري والإبانتين لابن بطة وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي وكتب ابن تيمية وهي كثيرة وكتب ابن القيم وكتب أئمة الدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ومن سار على نهجه فإن وافقتها في توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العبادة وتوحيد الربوبية وفي الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة والتحذير من الشرك والبدع والضلال سلمنا لك أنهم من أهل السنة والجماعة ثم نهضنا جميعاً إلى دعوة الطوائف الصوفية إلى التمسك بما حوته هذه الكتب من عقائد ودعوناهم إلى تطهير عقولهم وقلوبهم من العقائد الفاسدة المخالفة لما في هذه الكتب وبذلك يسهل علينا وعليهم تحقيق وحدة الصَّف .

وإن عجزتَ عن ذلك ولابد أن تعجز فلن تجد مؤلفات وعقائد ومناهج الصوفية موافقة لمؤلفات وعقائد ومناهج أهل السنة والجماعة وحينئذ فما عليك إلا أن تتوب إلى الله من هذه الدعاوى الباطلة وأن تنصح للمسلمين على طريقة الأنبياء والمصلحين بوجوب تصحيح عقائدهم ومناهجهم وعباداتهم وذلك لا يتم إلا بالاعتصام الجادِّ بالكتاب والسنة لا بالدعاوى الفارغة التي يدَّعيها حتى القاديانية والرافضة ولن تُغني عنهم شيئاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا ينفعهم التلبيس ولا أقوال الملبسين بأنهم من صميم أهل السنة والجماعة.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد
وعلى آله وصحبه
وسلَّم
وكتب :

ربيع بن هادي عمير المدخلي

-كان الله له -

مكة : 14/5/1426 هـ


(1) : انظر نقد شيخ الإسلام للباس الخرقة الصوفية وتكذيبهم في نسبة الخرقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب الحديث الوارد بها ( مجموعة الرسائل والمسائل 1/148-150) .
(2) : انظر مجموع الرسائل والمسائل لشيخ الإسلام (1/121-146) , وقد بيَّن فيها ضلال هذه الطائفة بياناً شافياً.
(3) : انظر مجموع الرسائل (1/61-120) .
([1]) : انظر الفرقان بين الحق والباطل ( ص115-116/ ط المؤيد ) .
([2]) : الضمير يعود إلى جمهور المتكلمين والجهمية والمعتزلة والأشعرية وغيرهم .
([3]) : المجموع(2/57-58) .
([4]) : أي يتعاونون معهم .
([5]) : ( ص137-138- ط المؤيد) .
([6]) : ما بين القوسين مأخوذ من موقع جريدة "المدينة - الرسالة " على الانترنت في نفس المقال ,وهي محذوفة من المقال المنشور !!
(1) : وقد أسلفنا نقد الإمام ابن تيمية للصوفية وغيرهم من أهل البدع .
([7]) : وهي الصوفية .








التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» الحقد الفارسي على العرب صريح في واجهة المكتبة العامة في طهران
»» أصول أه السنة و الجماعة لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان
»» خاتمة الشعراوي كما يصفها ولده عبد الرحيم
»» الحوثيون بين إيران و القاعدة
»» نصيحة امام الشيعة المعصوم للشيعية بأن تعمل مثل الكلب عندما يبول
 
قديم 29-05-10, 06:31 AM   رقم المشاركة : 2
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:

فإن من أعظم ما نكب به المسلمون
البدع والضلالات التي انتشرت فيهم من قرون فلم يسلم منها إلا من حفظه الله وسلمه ممن اعتصم بكتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان.


ومن شر أنواع البدع والضلال التي استفحل شرها وامتد ضررها وجثمت على صدر الأمة وعلى عقول كثرة ساحقة
منها بدع الصوفية والتصوف
وما حوته من خرافات وانتشرت بسببها عبادة القبور والغلو في الأولياء والاستغاثة والاستنجاد بهم واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون وضلالات كبرى لا تحصى فكان لهذه الطوام الصوفية الآثار المدمرة في حياة الأمة مما جعل الكثير منها غثاء كغثاء السيل سهل لأمم الكفر التداعي عليها كما تداعى الأكلة على قصعتها.


ومع كل هذا التدمير الذي جلبه على الأمة الصوفية والتصوف بالإضافة إلى الرفض وغيره من البدع تجد من يدافع عن التصوف والصوفية والرفض والروافض وسائر البدع وأهلها.


وممن انبرى للدفاع عن الصوفية والتصوف
فادعى أن التصوف الصحيح عين التوحيد
وأن الصوفية من أهل السنة والجماعة
الدكتور عبد العزيز قاريء
المدرس سابقاً مع الأسف في قلعة التوحيد والسنة الجامعة الإسلامية ,
وارتكب من المغالطات بهذا الصدد مالا يجوز السكوت عليه بل يجب كشف هذه المغالطات وبيان حقيقة الصوفية والتصوف، وتابع القاري في مغالطاته بعض الصوفية فلم يحرك ساكناً تجاه أباطيلهم بل ذهب يؤكد باطله وباطلهم.
فقمت تجاه هذا الباطل بجهد المقل نصرة لدين الله الحق وذباً عنه في عدد من المقالات وبينت أن التصوف الصحيح إنما هو وساوس وخطرات وجهالات وتعذيب للنفس وتجويع لها وصيام غير مشروع على طريقة رهبان النصارى , فكيف يكون هذا هو عين التوحيد؟.



ثم عنَّ لي جمع هذه المقالات في كتاب واحد ثم نشرها ليُسهم في دحض الباطل وفي التمييز بين الحق والباطل , والضلال والهدى , وسميته " كشف زيف التصوف وبيان حقيقته وحال حملته

" حوار مع الدكتور القاري وأنصاره ".


أسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين وأن يبدد به ظلمات الباطل إن ربي لسميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.








التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» موقف الإمامين ابن تيميَّة وابن القيّم من الصوفية
»» موثق جنايات سيد قطب على الاسلام وأهله
»» الرد على محاضرات قصص تاريخية لطارق السويدان
»» في الإعتماد على الحساب الفلكي لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان
»» وبهذا يهدم الدين
 
قديم 29-05-10, 06:37 AM   رقم المشاركة : 3
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


تنبيه الدكتور عبد العزيز القاري
إلى خطورة قوله:


(إن التصوف الصحيح هو عين التوحيد
و إنه من مذاهب أهل السنة و الجماعة)!



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه
ومن اتبع هداه أما بعد:

فقد اطلعت على مقال نشر في ملحق جريدة المدينة المسمى بـ
"الرسالة"
للدكتور/ عبد العزيز قاري،
بتاريخ الجمعة 20 ربيع الأول عام 1426هـ،
الموافق 29 إبريل 2005م، تحت عنوان:

د/ عبد العزيز قاري
الصوفية مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة
والتصوف الصحيح عين التوحيد .

قال المحرر ياسر عامر:
" اعتبر إمام مسجد قباء السابق بالمدينة المنورة وأستاذ علم الحديث الشيخ عبد العزيز قاري أن الصوفية مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة، ودعا عقلاء الصوفية والجيل الجديد منهم إلى نهج التصحيح لا التبرير ".


- أقول :

1- أنا كنت أحد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية
المدرسين في كلية الحديث ورئيس قسم السنة سابقاً في هذه الجامعة
وما علمت أن الدكتور عبد العزيز قاري
كان أستاذ علم الحديث
وما أظنه يدَّعي هذا ولعل هذا خطأ من المحرر.


2- إن مذهب أهل السنة والجماعة مذهب واحد فقط
لا مذاهب
فأهل السنة والجماعة يقال لهم:

أهل السنة والجماعة
ويقال:
لهم أهل الحديث
ويقال لهم:
السلفيون أو أتباع مذهب السلف
ولا يدخل فيهم الصوفية
لا سابقاً ولا لاحقاً.

وقد حمل أئمة الإسلام
حديث الطائفة المنصورة وحديث الفرقة الناجية
على أهل الحديث وعلمائهم لا على الصوفية ولا على غيرها
ولا سيما بعد تشعب الصوفية
إلى فرق كثيرة جداً كلها قائمة على عقائد ضالة
ومناهج خرافية تصادم الكتاب والسنة
وما عليه أهل السنة والجماعة .


ومن عقائدها:


الحلول، ووحدة الوجود، وتقديس الأولياء، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، وأنَّ فيهم أقطاباً وأوتاداً، ويدعون هؤلاء ويستغيثون بهم في الشدائد من دون الله، وأفضلهم من يقرر هذه الأفعال الخطيرة ولا ينكرها، والخصومة بينهم وبين أهل السنة قديمة ومستمرة إلى يومنا هذا فكيف يقال:
إنهم من أهل السنة والجماعة؟!.


3- قوله:

"ودعا عقلاء الصوفية إلى التصحيح لا التبرير".


أقول:
أ - هذا كلام مجمل
لا يستفيد منه أحد لا صوفية ولا غيرهم،
فمن النصيحة لهم أن يبين لهم القاري الجوانب التي تحتاج إلى التصحيح بياناً واضحاً.



ب – إن دعوتهم إلى التصحيح تدل أنهم شيء آخر غير أهل السنة .


ج – إن هذه الطريق غير طريق الأنبياء والمصلحين
فإنهم ما كانوا يدعون الكافرين والمنحرفين
إلى أن يصححوا ما عندهم من الضلال بأنفسهم
وإنما يأتي التصحيح من الله ويُبلِّغ ذلك الأنبياء ثمَّ ورَّاثهم.



د – قد صحَّح علماء أهل السنة والجماعة
كل ما فسد من دين الصوفية عقيدة وعبادة ومنهجاً،
لأنهم يدركون أنهم لا رغبة لهم في التصحيح
ولا قدرة لغلبة الجهل عليهم ولبعدهم وبُعد عقائدهم ومناهجهم عن الكتاب والسنة ومذهب أهل السنة والجماعة،
فلم يقبلوا هذا التصحيح
بل حاربوا أهل السنة الذين صححوا ونصحوا لهم،
فهل بعد كل هذا سيسارعون إلى التصحيح
الذي دعاهم إليه القاري؟!.



وأنا أطلب من القاري
– إن كان يعتقد فيهم أنهم سيسرعون إلى تنفيذ نصيحته –
أن يساعدهم بما يعينهم ويشجعهم على التصحيح الذي يرضي الله ويدخلهم في عداد أهل السنة والجماعة.

ونرجوا أن يتحقق ما يصبو إليه القاري بل يصبو إليه أهل السنة والجماعة، ونرجو مرة أخرى أن يدخل القاري في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم".


4- قال المحرر:

"وقال فضيلته في كلمته التي ألقاها في منتدى بجدة وحضرتها
(الرسالة):
إن أكثر من كتب في التصوف ارتكز على روايات المتأخرين من أحوال الزهاد والعُبَّاد، كإبراهيم بن أدهم، والفضيل بن عياض، ولم يرتكز على روايات القرون الأولى المفضلة.

وأكَّد فضيلته على ضرورة ربط التصوف بالرعيل الأول من السلف، والسلف في نظر الشيخ القاري هم الصحابة".


- أقول :

إنَّ إبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض
يُعدَّان من أهل القرون المفضَّلة فكلاهما من طبقة متوسطي أتباع التابعين
,وهما ليسا من الصوفية ,
وإنما هما من أهل الدِّين والورع والزهد المشروع .



ويفيد كلام القاري
أن أكثر مؤلفات الصوفية ارتكزت على روايات أناس جاءوا بعد القرون المفضلة، وإن الواقع ليؤكِّد ذلك،
وهذا يدل على
انفصام منهج الصوفية وعقيدتهم عن عقيدة ومنهج السلف الصالح: القرون المفضلة التي شهد لها رسول الله بأنها خير القرون
" ثم يأتي بعدها قوم يشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يوفون ويكثر فيهم السمن.

أما أهل السنة والجماعة أهل الحديث فهم امتداد للقرون المفضلة عقيدة ومنهجاً "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي وعد الله تبارك وتعالى".


وبداية الصوفية
وإن كان في عهد الحسن البصري وابن سيرين -رحمهما الله- اللذين أنكراها عليهم .
بداية كتابات الصوفية -فيما أعلم- هي كتابات الحارث بن أسد المحاسبي أحد تلاميذ يزيد بن هارون الذي يُعدُّ في أتباع التابعين آخر القرون المفضلة، وكان الحارث من المعاصرين للإمام أحمد وإخوانه من أئمة الحديث والسنة.


ألَّف الحارث كتباً للصوفية فأنكرها أهل السنة
ومنهم الإمام الحافظ أبو زرعة، قال الحافظ الذهبي :
( قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي : شهدت أبا زرعة وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل : إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات عليك بالأثر فإنك تجهد فيه ما يغ************ قيل له في هذه الكتب عبرة فقال من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس ما أسرع الناس إلى البدع مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومائتين وأين مثل الحارث فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كـ ( القوت) لأبي طالب وأين مثل القوت كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم , وحقائق التفسير للسلمي لطار لبه كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية بلى لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسي وابن شحانة كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان (1)
نسأل الله العفو والمسامحة آمين ) ميزان الاعتدال في نقد الرجال (2/166) .
وقال ابن الجوزي
وبالإسناد إلى أبي يعقوب إسحاق بن حية قال: "قال: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الوساوس والخطرات فقال :
ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون , وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا.
وروينا عن أحمد بن حنبل أنه سمع كلام الحارث المحاسبي ، فقال لصاحب له لا أرى لك أن تجالسهم ، وقال ابن الجوزي :
وقد ذكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال : حذروا من الحارث أشد التحذير , الحارث أصل البلية يعني في حوادث كلام جهم ، ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام حارث بمنـزلة الأسد المرابط ينظر أي يوم يثب على الناس , تلبيس إبليس (ص151) .

ثم نقل ما ذكره الذهبي عن أبي زرعة قوله عن كتب الحارث إنها كتب بدع وضلالات .. إلخ " , تلبس إبليس ( ص/150) .
فهذا هو موقف أئمة الإسلام الناصحين من التصوف وأهله إدانة لمؤلفاتهم وتحذير من ضلالاتهم وشطحاتهم.



وأما إلحاح القاري على ربط الصوفية بالسلف الصالح ولا سيما الصحابة؛ فهذا الربط يجب أن يكون شاملاً لكل الفرق المنتمية إلى الإسلام بما فيها الأحزاب السياسية التي تتهاون في أمر الصوفية والروافض وغيرهم، ويجب على كل عالم ناصح وغيور أن يسعى جاداً في إرجاع المنحرفين عن صراط الله المستقيم والمتبعين لغير سبيل المؤمنين إلى الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح.



5- قال المحرر:

(وطالب الشيخ القاري في محاضرته التي كانت بعنوان: "التصوف الصحيح هو عين التوحيد"، بأنه ينبغي عند النظر في شئون التصوف والمتصوفة التطرق إلى جانبين: الإنصاف من جهتنا ،والتصحيح من جهتهم.
واعتبر أن الإنصاف هو من منهج أهل السنة والجماعة، قائلاً: لا بد من إنصاف مذهب التصوف بين صحيحه وسقيمه، فالتصوف في جذوره كان صحيحاً، وهذا من كلام أهل السنة والجماعة، كشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية، وهو مدرسة كبرى في حياة المسلمين لا يمكن إلغاؤها بجرَّة قلم .
وفي الجهة المقابلة طالب الشيخ القاري بضرورة الإصلاح، وذلك بتنقية ممارسات المتصوفة الحاصلة اليوم قائلاً:

"ممارسات أكثر المسلمين في العالم الإسلامي اليوم من التصوف تجدهم يمارسون ممارسات لا تمتُّ إلى الصوفية الأولى -الرعيل الأول- فالتصوف في أصله التعلق الكامل بالخالق وقطع العلائق".
وأضاف أن أخطر ما شوَّه التصوف هو دخول الفلسفة عليه).
- أقول :

1- من سبقك من أئمة السنة إلى القول:

بأن التصوف هو عين التوحيد، وحتى لو قالها أحد لردَّه واقع التصوف وعقائده ومناهجه، ولردَّه جهود أئمة الإسلام وأقوالهم في إدانته بالانحراف منذ ذرَّ قرنه، ولو كان هو عين التوحيد ؛فكيف يحاربه أئمة الإسلام ؟!.


2- مطالبتك من ينظر في شئون التصوف بالإنصاف، فهل ترى أيها الرجل أنك أتقى وأورع من أئمة الإسلام والسنة وعلى رأسهم الإمام أحمد، وأبو زرعة، والشافعي، وابن الجوزي، وابن تيمية، والذهبي، وابن القيِّم،وابن عبد الهادي وابن عبد الوهاب، والشوكاني، والصنعاني، وأئمة الدعوة السلفية، وغيرهم وأنهم قد ظلموا الصوفية وعلى رأسهم الحلاج، وابن عربي، وابن سبعين، والشعراني، والنبهاني، ودحلان ،وطوائفهم كالرفاعية وكالتيجانية، والمرغنية، والنقشبندية، والسهروردية، والجشتية ؟!

فقولك :

الإنصاف من جهتنا، أظن أن أهل السنة لا يوافقونك على هذا الاعتراف الضمني بأنهم قد ظلموا الصوفية، بل يجب أن يقال:

إن الصوفية قد ظلموا الإسلام والمسلمين بنشر تصوفهم الذي من ثماره وآثاره ما يراه الناس من آلاف المشاهد في بلدان المسلمين وحتى في المساجد تُدعى من دون الله ويستغاث بهم في الشدائد وتُشدُّ إليها الرحال، ويقام لها الاحتفالات والموالد، ويُقدَّم لها النذور والذبائح والأموال الطائلة التي لا تسخى نفوس كثير من مقدميها أن يقدِّموها لله وفي سبيله.
أترى أن أهل السنة لم ينصفوهم وهذا حالهم ؟
بل لا يعرف الناس عنهم إلا أنهم يضعون السدود والحواجز بين الناس وبين الحق والنور الذي يقدِّمه لهم علماء السنة الناصحون من كتاب الله ومن سنة رسول الله ومن هدي السلف الصالح.
لماذا تريد أن يتعب أهل السنة في التفريق بين صحيح التصوف وسقيمه ؟!
فهل ألزم اللهُ تعالى الرسولَ r وأصحابه أن يذهبوا إلى التوراة والإنجيل وقد بُدِّلت نصوصهما مع أنَّ جذورهما صحيحة بل وحي من الله فهل ألزمهم بأن يقوموا بالتمييز بين الحق والباطل ؟! أو أنَّ الله تبارك وتعالى بيَّن ما عندهم من الضلال وكفى المؤمنين هذا التمييز.


لقد جرى أهل السنة في نقد الفرق ومنها الصوفية على طريقة الكتاب والسنة في بيان الباطل ليحذره الناس، ولم يقولوا إن ما عندكم من حق فهو باطل حتى يُقال إنهم قد ظلموهم.
ولهم الحق أن يحذِّروا من التصوف والرفض والتجهم والاعتزال وسائر أنواع الضلال وإن كان يوجد عندهم شيء من الحق، لكن هذا الحق قد غمس بالباطل، ومعظم الناس لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل، فمن الإنصاف للمسلمين ومن الحكمة والنصح أن يحذِّر من التصوف والصوفية والرفض والروافض، لأن سلامة الناس ونجاتهم لا تتحقق إلا بهذا الأسلوب.
أرأيت كيف حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدع وسماها شر الأمور؟!
أرأيت كيف ذمَّ رسول الله r الخوارج ووصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة، وقال: "اقتلوهم حيث وجدتموهم فإن لمن قتلهم أجراً عند الله"، مع أن عندهم من العبادة ما يجعل الصحابة -رضوان الله عليهم- يحقرون قراءتهم عند قراءتهم وصلاتهم عند صلاتهم، فهل كلَّف رسول الله الصحابة أن يذهبوا ليميِّزوا بين حق الخوارج وباطله حنى يكونوا منصفين؟!.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وأئمة الإسلام أتقى الناس لله وأخشاهم له وأشدهم ورعاً وإنصافاً ونصحاً، ومن إنصافهم للناس ونصحهم لهم أن حذَّروهم من بدع الخوارج والروافض والتصوف وسائر البدع وأهلها.
وقولك:

(الإنصاف هو منهج أهل السنة والجماعة).

أقول:
هذا حق، وقد ميَّزهم الله بذلك، ومنهجهم في نقد الصوفية هو الحق والمنهج الذي ترى أنه هو الإنصاف، لا أصل له في شريعة الإسلام، ولو كان من الإسلام لسبقونا إليه.
وما نسبته إلى أهل السنة ومنهم ابن تيمية من أن التصوف في جذوره كانت صحيحة؛ أرى أنه لا أساس له، وما رأينا منهم إلا النقد لجذوره وفروعه، وقد سبق تحذير أبي زُرعة وكلام الذهبي المتضمِّن لمغايرة أهل السنة للصوفية ومنابذتهم لهم من عهد أحمد ومن معه والمحاسبي ومن معه، فإن قلت: أنا أقصد المعاصرين، فنقول: بيِّن اختلاف المنهجين والظلم الذي ترتب على مخالفة المعاصرين من أهل السنة لمنهج أسلافهم، وإلا فليعلم الناس أنك تتكلم بغير علم وبغير حجج.
وقوله:
(وهو مدرسة كبرى في حياة المسلمين لا يمكن إلغاؤها بجرة قلم).
لا أدري أهذا وصف لشيخ الإسلام أم للتصوف ؟
وإذا كان وصفاً للتصوف؛ فمن قال من أهل السنة إنه يمكن إلغاؤه بجرة قلم، وكيف يقولون هذا وهم يعلمون ويدركون جهود أئمة الإسلام من فجر تاريخ التصوف إلى اليوم لم تلغه ، بل لعناد أساطين الصوفية ما يزداد على مرِّ الأيام والقرون إلا انتشاراً وتضخماً والعياذ بالله، والله يقول لرسوله:
( إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ) (الشورى: من الآية48)،
ويقول تعالى لرسوله: ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) (الغاشية:21-22)،
ويقول لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ )(البقرة:من الآية272)،
ومع ذلك فرسول الله مكلَّف بالتبليغ والجهاد.
وأهل السنة ما عليهم إلا الدعوة والبلاغ والصبر على الأذى، ولا يجوزلهم السكوت عن باطل الصوفية ولا عن باطل غيرهم لأن الله تعالى يقول:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)
(البقرة:159).
وقوله:
(وممارسات أكثر المسلمين في العالم الإسلامي اليوم من التصوف تجدهم يمارسون ممارسات لا تمتُّ إلى الصوفية الأولى -الرعيل الأول- فالتصوف في أصله التعلق الكامل بالخالق وقطع العلائق).
- أقول :
في هذا الكلام حذر شديد من جرح مشاعر الصوفية وإيهام في الكلام لا يظهر منه فداحة ما عند الصوفية من البُعد السحيق عما كان عليه السلف من تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة:

توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل جوانب الإسلام ومحاربة مظاهر الشرك ووسائله كلها.

وفي هذا الكلام إيهام الناس أن الرعيل الأول وهم الصحابة الكرام كانوا صوفية أعاذهم الله وأعاذ أتباعهم بحق من التصوف، وهذا باطل قطعاً، وأنكر ابن الجوزي على أبي نُعيم عدَّه بعض الصحابة من الصوفية حيث قال: وجاء أبو نعيم الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وسادات الصحابة رضي الله عنهم فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحاً القاضي والحسن البصري وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل, وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية الفضيل وابراهيم بن أدهم ومعروفا الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره). [تلبيس إبليس: ص/148].


ولقد حارب أئمة الإسلام التصوف وأهله وكتبه
من أول ظهوره كما أسلفنا ذلك في هذا المقال.



وقال الشافعي:

إذا دخل الرجل في التصوف أول النهار لا يأتي الليل إلا وقد ذهب عقله، أو كما قال.


وفيه:

إيهام أن صوفية اليوم فقط هي التي خالفت الرعيل الأول،
ويفيدنا هذا الكلام براءة صوفية ما قبل اليوم من هذه المخالفة.

وهذا فيه ما ينافي العهد الذي أخذه الله على أهل العلم
وهو البيان،
قال تعالى:

(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ)(آل عمران: من الآية187)،

والرسول يقول:

"الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قال الصحابة: لمن ؟، قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".

وقوله :

( فالتصوف في أصله التعلق الكامل بالخلق وقطع العلائق بالخالق ).

- أقول :


من قال هذا من الرعيل الأول أو من علماء الإسلام إنه كلام غامض هل يخص توحيد الربوبية أو يشمل أنواع التوحيد الثلاثة وغيرها من جوانب الإسلام ثم هل في القرآن والسنة أمر أو دعوة إلى قطع العلائق بالخالق كلا لقد قال تعالى :
)وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
إلى قوله:
(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً).
وقال تعالى:
)وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً)
(النساء:36)
ولا يقطع العلائق مع هؤلاء إلا عاق الوالدين وإلا كل مختال فخور .
وقال تعالى ذاكراً صفات أهل االنار ومنها
: " )وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)
(الرعد:25)
وقال تعالى :
) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )
(محمد:22-23).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ".
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا يدخل الجنة قاطع رحم "
صحيح مسلم
كتاب البر حديث رقم ( 2555- 2656 ).

فإن قال قائل :
لا يقصدون هذا .
قلنا :
هذا ظاهر كلامهم
وليس لنا إلا الظاهر
ويمكن أن يلجأ الصوفية إلى قولهم لعلماء الشريعة :
أنتم علماء الرسوم ونحن علماء الباطن أو إلى الفرق بين علماء الشريعة وبين علماء الحقيقة .

6- قال المحرر :
وأكد الشيخ ضرورة أن يقوم أهل التصوف الصحيح والجيل الجديد منهم بالمبادرة بالمحاولات الإصلاحية لا التبريرية، وعليهم أن ينقوا صورة التصوف وإعادته إلى وجهه الصحيح وجذوره الأولى حتى لا يتخلفوا عن الدائرة الكبرى دائرة أهل السنة و الجماعة وهم أصلاً منهم'' مضيفاً
:'' دائرة أهل السنة والجماعة لا يبقى خارجها إلا بعض الطوائف - كما يقول الشيخ قاري- ويؤكد الشيخ من جهته أن هناك جهوداً بذلت في هذا السياق ودلل على تجربة بعض علماء المتصوفة في الهند إلى التصحيح، وشدد بقوله ان شيوخ التصوف الصحيح في القرون الأولى وحتى المتأخرة قاوموا التصوف المنحرف وهم - أي شيوخ المتصوفة- أكثر من دافع ضد الشيعة كالحارث المحاسبي.
وحينما سئل د.قارئ عن الداعية
علي زين العابدين الجفري ،
لم يشنع عليه بل ما زاد عن قوله :
'' هو شاب مثقف ويحاول أن يقدم التصوف بأسلوب ما،
والمطلوب أكثر من ذلك وهو يعتبر من الجيل الجديد الذي نريد منه الإصلاح لا التبرير''.


- أقول :
من هم أهل التصوف الصحيح ؟

ومتى كان التصوف في يوم من الأيام صحيحاً ؟!!

ولقد قدمت للقارئ
كلام الإمام أحمد وأبي زرعة في المحاسبي وكتبه وأضيف هنا قول ابن الجوزي في مصنفاتهم، قال رحمه الله – بعد أن ذكر كلام بعض من نُسب إلى التصوف وتعريفه للتصوف قال:
"وعلى هذا كان أوائل القوم فلبس إبليس عليهم في أشياء
ثم لبس على من بعدهم من تابعيهم
فكلما مضى قرن زاد طمعه في القرن الثاني
فزاد تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن
وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم
وأراهم أن المقصود العمل
فلما أطفأ مصباح العلم عندهم
تخبطوا في الظلمات فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم وشبهوا المال بالعقارب ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى إنه كان فيهم من لا يضطجع , وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري .


ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوساوس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق وتميزوا بزيادة النظافة والطهارة ثم ما زال الأمر ينمي والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتهم ويتفق بُعْدُهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أو في العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر , ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه فكأنهم تخايلوا شخصا مستحسن الصورة فهاموا به وهؤلاء بين الكفر والبدعة ثم تشعبت بأقوام منهم الطرق ففسدت عقائدهم فمن هؤلاء من قال بالحلول ومنهم من قال بالاتحاد وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سننا وجاء أبو عبد الرحمن السلمي فصنف لهم كتاب السنن وجمع لهم حقائق التفسير فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك إلى أصل من أصول العلم وإنما حملوه على مذاهبهم والعجب من ورعهم في الطعام وانبساطهم في القرآن".


ثم نقل الطعن في عدالة أبي عبد الرحمن السلمي.
ثم قال:

"وصنف لهم أبو نصر السراج كتابا سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى وصنف لهم أبو طالب المكي قوت القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة وما لا يستند فيه إلى أصل من صلوات الأيام والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد وردد فيه قول قال بعض المكاشفين وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية أن الله عز وجل يتجلى في الدنيا لأوليائه".
ونقل عن الخطيب بإسناده
"أن أبا طالب دخل إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ فخلط في كلامه فحفظ عنه أنه قال ليس على المخلوق أضر من الخالق".


قال:
" وصنف لهم عبد الكريم بن هوزان القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء والبقاء والقبض والبسط والوقت والحال والوجد والوجود والجمع والتفرقة والصحو والسكر والذوق والشرب والمحو والإثبات والتجلي والمحاضرة والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والشريعة والحقيقة إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء وتفسيره أعجب منه .
وجاء محمد بن ظاهر المقدسي فصنف لهم صفوة التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها ما يصلح ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى".
قال:

" وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الإحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطله وهو لا يعلم بطلانها وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه ، وقال إن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات وهذا من جنس كلام الباطنية , وقال في كتابه المفصح بالأحوال إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق".
ثم قال ابن الجوزي في (تلبيس إبليس):

" وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنن والإسلام والآثار وإقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم".
إلى أن قال:
" وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء".
ثم قال:
"فصل وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها وقد سموها بالعلم الباطن
" تلبيس إبليس (ص148-150) .
فهذه أصول الصوفية وجذورها:

الجهل والوساوس والخطرات والعشق
- تعالى الله عما يقولون –
وفساد العقائد بل الزندقة كالحلول ووحدة الوجود والورع القائم على الجهل والجرأة على تفسير كتاب الله بعقائدهم الباطلة ووساوسهم وخطراتهم إلى آخر ما عندهم من الضلال.

ثم جرأتهم على تفسير كتاب الله
فلا يرجعون إلى أصول أهل السنة في تفسير كتاب الله،
كتفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسنة، وبفقه الصحابة الذين عرفوا مراد الله من جهة معرفتهم بأسباب النـزول ومعاصرتهم لنـزول الوحي، ومعاشرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتطبيقه العملي لمعاني القرآن، وإنما يرجعون إلى أصولهم الفاسدة ومناهجهم الضالة.


فكيف يصحُّ القول بأن الصوفية من أهل السنة،
وأن جذور التصوف صحيحة؟!


لقد توصل كثير من الباحثين
إلى أن التصوف تسرب إلى الإسلام
من النصرانية والمجوسية والهندوكية .

ونسأل القاري من هم أهل التصوف الصحيح والجيل الجديد ؟!.


أهم الرفاعية والتيجانية، والمرغنية، أم البريلوية، أم النقشبندية، أم السهروردية، أم البرهانية، أم الشاذلية، وكلُّها تلتقي في ابن عربي وأمثاله من أهل وحدة الوجود.

وأذكر أنني في رحلتي إلى السودان عام (1392 هـ)
جمعت كتباً للطرق الصوفية التي يعيش أهلها في دول أفريقيا ودرستها دراسة مقارنة بينها،
فوجدتها كلها
تشترك في عقيدة الحلول ووحدة الوجود، والخرافات، والغلو في الأولياء، والشرك
ولقد ذكر لي أحد علماء أهل الحديث من أهل الهند أنه درس الطرق الصوفية في الهند وباكستان
فوجدها كلها تلتقي في الحلول ووحدة الوجود والشرك .

وأذكر أنه دار نقاش بيني وبين عالم صوفي أزهري حول التصوف وما فيه من الضلال، ومن حلول ووحدة وجود إلخ،
فذكرت له ما أعرفه عن الطرق الصوفية وما فيها من البلاء المشار إليه، وهو يجادل بالباطل.
فقلت له:
اختر لي أفضل هذه الطرق لأبين لك ما فيها مما ذكرته.
فقال:
الطريقة الشاذلية، وأنا عليها.


فجئته في اليوم الثاني بكتاب من كتب الشاذلية،
وأوقفته على ما في الكتاب من القول بالحلول ووحدة الوجود والشرك، فبُهت فطلب مني الكتاب عارية،
فذهب به ولم يُعده إليَّ
– مع الأسف –
ولم يُظهِر تراجعه عن التصوف.

ولا شك عندي أنَّ هذا الرجل على علاته
أعلم وأفضل عندي من صوفية الجيل
الذين يطلب منهم القاري التصحيح،
ومنهم: الجفري ،
الذي لم يُشنِّع عليه القاري، بل ما زاد على قوله:
"هو شاب مثقف ويحاول أن يقدِّم التصوف بأسلوب ما والمطلوب أكثر من ذلك، وهو يعتبر من الجيل الجديد الذي نريد منه الإصلاح لا التبرير".


ونقول للقاري:

لقد عُرِفَ الجفري بأنه يدعو إلى الشرك الصريح ويكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقص القصص الخرافي ويدعو إلى التعلق بالموتى ويطعن في أهل التوحيد والسنة ويسخر منهم .


وفي موقعه الالكتروني يقول :

"إنه بعد البحث والتدقيق تبين لي أن الولي يستطيع أن يخلق طفلاً بلا أب ولكننا لا نستطيع أن نقول هذا أمام العامة حتى لا تدعي الزانية أن ما في بطنها من خلق الولي".

فهذا تصحيحه وتجديده , إنَّه الجد في إنعاش التصوف في الجزيرة العربية بعد أن كاد أن ينتهي وتخمد ناره , وعنده من البلايا والطوام المخزية ما عرف به أهل السنة خطره فدفعهم إلى التحذير منه ,وأما الروافض والصوفية فقد أفرحهم وأما عوام الناس فقد فتنوا به بعد أن خدعهم .


ومن أذكاره التي يرقص فيها على الطريقة الصوفية:


(حي ...حي )
و(هو ...هو )
و( أح ...أح )
فهذه هي ثقافة الجفري!!


فهل يرجو عاقل من أمثال هذا الصوفي المحترق أن يقوم بتصحيح التصوف المزعوم له أنه صحيح الجذور .
أيا عبدالعزيز قاري أين النصيحة وبيان المنهج السلفي على حقيقته والتفصيل فيه، وبيان حقيقة التصوف من بداياته إلى اليوم؟.


فهل لي أن أقول:
فيك: إن فاقد الشيء لا يعطيه، وإن لك عُذراً ألا وهو الضعف الشديد بمعرفة منهج السلف ،والضعف الشديد بمعرفة الصوفية وعقائدها ومناهجها وآثارها المدمرة على الأمة الإسلامية ؟.


وهذا أحسن شيء أعتذر به لك، فإن كنت أصبتُ الحقيقة في هذا الاعتذار، أو قاربت، فأرجو منك التحرك للدراسة الجادة للمذهبين:

مذهب أهل السنة
ومذاهب الصوفية.

وستجد الفروق الهائلة بين المذهبين بحيث يتبين لك ولكل دارس منصف أنه لا يجوز أن يقال: إن التصوف هو عين التوحيد كما لا يجوز أن يُقال أنَّ الصوفية من أهل السنة بحال من الأحوال .
وإنه يجب أن يَسعى كل من عنده علم وغيرة على الإسلام والمسلمين إلى تطهير المجتمعات الإسلامية من عقائد التصوف ومناهجه وآثاره، وذلك لا يحصل إلا بالجهود المتواصلة في نشر العلم الصحيح، والتوحيد الذي جاء به جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ولا تبرأ ذمة العلماء والدعاة الصادقين إلا بالنهوض الجاد المخلص في نشر التوحيد وما قام عليه من علوم وأعمال.
وأن يتجنبوا مثل هذا الأسلوب الميت الذي لا يحق حقاً، ولا يُبطل باطلاً، ولا يُنقذ غريقاً.


وأنصحك لوجه الله وأمثالك
ولست -والله- متعالياً عليك
أن تسلك طريق الأنبياء والمصلحين في بيان الحق والصدع به بالعلم والحجة والبرهان، مع الحكمة والصبر على الأذى، مع اعتقاد بأنك ستحاسب وتُسأل أمام الله عن الأمانة التي حملتها فأنصحك بالبُعد عن المجاملات السياسية وطلب السلامة، وطلب رضى الناس وتقديمه على رضى الله.
وأنصح كل من آتاه الله علماً بمثل ما نصحتُك به، وأسأل الله أن يهيئ لهذه النصيحة آذاناً صاغية وقلوباً واعية بعيدة عن سوء الظن بالناصحين وغمطهم .







التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» في كلام النبوة الأزواج من الآل قبل الذرية
»» أصبح " للبابا " نسخة صوفية و أول مطلب منه إنهاء النزاع من الشيعة
»» موثق جنايات سيد قطب على الاسلام وأهله
»» عمرو خالد المدافع عن إبليس والمنكر لكفره
»» نواب صفوي من أراد أن يكون جعفريا حقيقياً فلينضم إلى الإخوان المسلمين
 
قديم 29-05-10, 07:35 AM   رقم المشاركة : 4
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


تنبيه الدكتور عبد العزيز القاري


إلى خطورة قوله :


(من يرى أن مذهب أهل السنة واحد


فليخرج بقية المذاهب من هذه الدائرة) !




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام
على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد فقد اطلعت على مقال للدكتور عبد العزيز قارئ نشرته جريدة المدينة في ملحقها المسمى بالرسالة تحت عنوان
"من يرى أن مذهب أهل السنة واحد فليخرج بقية المذاهب من هذه الدائرة "
وبتاريخ 7 رجب 1426هـ الموافق 12 أغسطس 2005 م .
وتخلل هذا المقال عنوانان ثانويان أولهما قوله :
" نسبة كبيرة من شباب الصحوة مصابة بهزال عقلي وسذاجة في التفكير " .

- وثانيهما

" التلطف مع الصوفية كان وصية الشيخ ابن باز لي
ولغيري من طلبة العلم والدعوة " .


وسأقف مع هذه العناوين الثلاثة
ثم أدلف إلى مناقشة ما يتيسر لي من مقاله .
- أولاً :

مع عنوانه الرأسي
ألا وهو قوله :

" من يرى أن مذهب أهل السنة واحد فليخرج بقية المذاهب من هذه الدائرة "

- أقول :

لا تظن أيها الرجل أن هذا هو قول ربيع فأئمة الإسلام هم الذين قرروا أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية من بين الفرق جميعاً وعلى رأسهم
الإمام عبد الله بن المبارك وإمام أهل السنة بعده على الإطلاق الإمام أحمد ابن حنبل والإمام البخاري والإمام الترمذي والإمام ابن أبي عاصم والإمام محمد بن جرير والإمام الآجري والحاكم أبو عبد الله النيسابوري وشيخه الإمام ابن حبان وأبو القاسم الأصبهاني قوَّام السنة والخطيب البغدادي والإمام الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي والإمام أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام ابن رجب وابن كثير الشافعي وابن حجر العسقلاني الشافعي والعيني من أئمة الأحناف والإمام محمد بن أحمد السفاريني وشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني وأبو الحسن محمد بن عبد الهادي الحنفي المعروف بالسندي ,والإمام محمد بن عبد الوهاب وابنه الإمام عبد الله وغيرهم الكثير من العلماء المنصفين .



ونقول أن كل من وافق أهل الحديث من المنتسبين إلى المذاهب في عقيدتهم ومنهجهم وتولاهم فهو منهم ومن خالفهم ونابذهم من أهل المذاهب فليس منهم ولا سيما أهل الطرق الصوفية القبورية مثل الرفاعية والشاذلية و النقشبندية والسهروردية والجشتية والقادرية والتيجانية والمرغنية وغيرها من الطرق التي لا يتسع المقام لسردها ،فهذه مؤلفاتهم تدينهم بالضلال قبل مؤلفات أهل السنة في نقدهم ، فأهل هذه الطرق لا يشك مسلم عنده أدنى فهم وإدراك للإسلام أنهم خارجون عن أهل السنة بعيدون كل البعد عنهم ولا سيما من أصيب من أهل هذه الطرق بوحدة الوجود والحلول واعتقاد أن الأولياء يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون .
فإذا كان القاري يوافقنا على هذا التقرير فليعلن ذلك وإن كان يخالفنا فليصرح برأيه .
- ثانياً : تدَّعي أن الشيخ ابن باز أوصى بالتلطف بالصوفية وغيرهم فهل من اللطف قولك "نسبة كبيرة من شباب الصحوة مصابة بهزال عقلي وسذاجة في التفكير " .
وما إخالك تقصد بها إلا الشباب السلفي فقط ولو كنت تقصدهم وغيرهم فأين هو اللطف الذي تدعيه ولماذا تخص به الصوفية فقط .
ونقول : إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤوفاً رحيماً ليناً متواضعاً يخفض جناحه للمؤمنين ,فلم تترك طريقة العلماء في الاحتجاج بقال الله وقال رسول الله وتقول قال ابن باز على طريقة عوام المقلدين ، إن ابن باز كان ديدنه قال الله قال رسول اله صلى الله عليه وسلم ولا مانع أن تقول قال ابن باز وقال العالم الفلاني بعد الاحتجاج بالنصوص القرآنية والنبوية .
لماذا تحتج بابن تيمية وبابن باز فيما يوافق رأيك ولا تعرج على أقوالهما وجهادهما ومنهجهما فيما يخالف رأيك ، وأبشرك أن ابن تيمية وابن باز يخالفانك مع غيرهما من أئمة الإسلام في الاعتراف بأن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية آخذين ذلك من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال أئمة الهدى , ومن واقع أهل الحديث سابقاً ولاحقاً في التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكم لشيخ الإسلام ابن تيمية من الأقوال العطرة في مدحهم والثناء عليهم .
وإلى مناقشة ما يمكن من أقوال القاري في هذا المقال :
1- قال : " ودعوت علماء الصوفية اليوم وحكماءهم إلى إصلاح التصوف من داخله بدلاً من محاولات " التبرير " التي رفع لواءها بعضهم " .
أقول : وأنا أسأل القاري :
أ- من هم علماء الصوفية اليوم وحكماءهم سمهم لنا لنعرفهم ولندرك أنك أحلت على مليء .
ب- بيّن لنا كيف يمكن إصلاح التصوف من داخله ؟ هل تريد بذلك من كتب التصوف ؟ إن كنت تريد ذلك فسم لنا كتب التصوف الكفيلة بإصلاح الصوفية وتصوفهم .
ج- أنا أرى أن هذا المنطق غير صحيح , فالمصلحون في كل زمان يسعون إلى إصلاح الأمة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان , والله أمرنا باتِّباع الكتاب والسنة والتحاكم عند التنازع إليهما ولم يأمر المختلفين أن ترجع كل طائفة إلى ما عندها وعند شيوخها .


فقولك :
والإصلاح يكون بالعودة إلى التصوف الصحيح دعوى لا رصيد لها من واقع الصوفية .

ومن تسميهم صوفية وتصوفهم صحيح عندك لا يوافقك غيرك كابن الجوزي بأنهم من الصوفية كالفضل بن عياض وإبراهيم بن أدهم ومعروف الكرخي -رحمهم الله- فإنهم كانوا من صالحي أهل السنة عقيدة وعبادة وزهداً ,
فإذا سلم لك جدلاً بأنهم صوفية فإنه يقف أمامك عقبة كأداء وهي أنهم ليس لهم مؤلفات تقرر عقائد الصوفية ومنهجهم وفقههم , فإن كنت تعلم لهم مؤلفات لا نعلمها تكفل لهم التصحيح الذي يرضاه الله ويقرره الإسلام وعلماؤه , فاذكرها لنا حتى نستفيد منها ونضم صوتنا إلى صوتك في مطالبة الصوفية بالتصحيح منها وإلا فاسلك مسلك العلماء المصلحين في المناداة بالرجوع إلى الكتاب والسنة , وما كان عليه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان , فإن هذا أمر إن ناديت به وحثثت عليه ناديت بالحق وأحلت على مليء , فكتب عقائد أهل السنة ودواوين السنة تزخر بها المكتبات وهي في متناول أيدي الناس وجوداً ووضوحاً ليس فيها همهمات الصوفية ولا شطحاتهم الحلولية الوجودية .

2- قال القاري :

" والإصلاح يكون بالعودة إلى التصوف الصحيح الذي هو مذهب في السلوك مستنبط من الكتاب والسنة وملتزم بحدود الشريعة , وهو الذي أسسه الأوائل من مشايخ السلف كما يسميهم شيخ الإسلام ابن تيمية مثل إبراهيم بن أدهم , والفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني والسري السقطي ومعروف الكرخي والجنيد بن محمد وعبد القادر الجيلاني .


- أقول :


في وصف التصوف(1) بهذه الأوصاف نظر ؛ ففيه عقائد ومناهج وأصول ليست مأخوذة من الكتاب والسنة ولا منضبطة بهما . ولا تجد عقائد وأصول منضبطة إلا عقائد وأصول أهل السنة والحديث ومن سار على نهجهم بخلاف الصوفية وغيرها من الفرق .


3- قال القاري :

" وهدفي كان توجيه الاهتمام ولفت الأنظار -خاصة أنظار إخواننا الصوفية- إلى التصوف الصحيح , ليرتبطوا بالكتاب والسنة ويظلوا داخل حدود الشريعة ولنتكاتف جميعاً ضد الأخطار المحدقة بنا والتي تتهددنا نحن أهل السنة اليوم " .


أقول :


هذا الكلام فيه ما فيه , والصوفية اليوم وقبل اليوم ومن عهد الإمام أحمد وإسحاق وأبي زرعة يتخبطون في البدع وكلما امتد بهم الزمان زادوا تخبطاً وبعداً عن منهج أهل السنة وعقائدهم ولقد أحلت الصوفية وغيرهم إلى غير مليء .

قال القاري :

" ولكن الإخوة الذين ردوا عليَّ صرفوا الاهتمام ولفتوا الأنظار إلى غير ذلك , وكادوا بتعجلهم يفسدون هذا الهدف , والعجيب أنهم اعترضوا بمجرد أن قرؤوا العناوين التي انتقتها جريدة " المدينة " من محاضرتي ونشرتها في ملحق " الرسالة " , فردوا على محاضرة لم يسمعوها , ولم يقرؤوا نصها وقد نشر نصها في موقع " الصوفية " , وبعض الأفاضل الذين يحترمون المنهج العلمي ويتأدبون بآداب العلماء طلبوا مني نص المحاضرة فلما قرءوه زال الإشكال وذهب الإنكار " .


- أقول :



أ‌- إن كانت جريدة المدينة لم تنشر من كلامك إلا العناوين
- وهذا غير صحيح -
فلماذا لم تنكر عليها هذا التصرف في حينه وترسل بتواضع وأدب نص كلامك إلى الذين انتقدوك ممن لا هدف لهم إلا الذب عن الحق أو تنشره في صحيفة أخرى بكامله وتريح الناس من الأخذ والرد والقيل والقال.

ومن يدري أنك نشرت مقالك في موقع الصوفية ولماذا لم تنشره في مواقع أهل السنة ؟


ثم لماذا سكت طوال أكثر من ثلاثة أشهر ثم تقول الآن هذا الكلام العجيب ؟


ب‌-الذين ناقشوا مقالك الذي نشر في الرسالة وجدوا عناوين في هذه الرسالة مأخوذة من كلامك يعقبها كلامك , فما كان النقاش مقصوراً على العناوين فقط ، وإنما كان النقاش للكلام الذي قدمته الرسالة مع عناوينه المأخوذة من كلامك .


4- قال القاري :

" ولكن هذه الزوبعة التي أثيرت حول الموضوع كشفت عن أمور :


أولاً –
المستوى الهزيل الذي غلب على الردود مما يدل على أن بعض من ينتسب إلى السلفية لا يقرؤون -لا يقرؤون حتى لابن تيمية وابن القيم- بل الملفت أنهم لم يقرؤوا المحاضرة التي يردون عليها " .

هكذا يقول القاري الذي ينفذ وصية ابن باز باللطف يرمي ردود أهل السنة السلفيين القائم نقدهم على العلم الصحيح والمنهج الصحيح والنقل الصحيح بالهزال .


ويرى أنهم غير سلفيين ليس لهم من السلفية إلا الانتساب , لا يقرؤون حتى لابن تيمية بل ولا حتى محاضرته التي يردون عليها , ولا ندري ما هي مقاييس الهزال عند القاري.

أهكذا يكون اللطف وهكذا يكون المنهج العلمي وأدب أهل العلم ؟ .


المنهج العلمي أن تسوق نصوصهم وتناقشها بلطف وأدب ومن خلال عرض نصوصهم ونقاشها يظهر الهزال والغثاء في أي الأطراف , أما هكذا تقذفهم وتحط منهم ومن كتابتهم , فهذا ليس من منهج أهل العلم .

ولا أريد أن أجاريك في الغلظة والجفاء وألتمس لك العذر لأن النقد العلمي ليس من شأنك ولا خبرة لك به وبأساليب أهله , وأنصحك بتحري الحق وبسلوك أهل العلم في النقاش ولو كنت تستفيد من منهج ابن تيمية وتقرأ له بوعي لعرفت طرق النقاش وقيمة المنهج السلفي وأهله وكيف تتعامل مع الصوفية وكيف تتعامل مع السلفيين وغيرهم .

5- قال القاري :

" ثانياً –

سوء الظن والمبادرة إلى الاتهام , بعضهم بشكل مباشر وسائرهم من ناحية ظنهم أنني مدحت
" التصوف المنحرف "
وهاتان الخصلتان :
"سوء الظن والمبادرة إلى الاتهام "
أصبحتا حرفة طائفة انتسبوا إلى " السلفية "
وبعضهم أبعد ما يكونون عنها " .

أقول :

أين هو اللطف الذي أوصاك ابن باز بالصوفية وغيرهم ؟

وأين هو الكلام الذي يحمل سوء الظن والمبادرة إلى الاتهام وأين هي هذه الطائفة التي انتسبت إلى السلفية وهي تحترف الاتهام وهي أبعد ما تكون من السلفية ؟

وما هي السلفية عندك ؟
وهل هم يتهمون العلماء ويقولون إنهم جواسيس وعملاء ولا يعرفون الواقع إلى آخر التهم والطعون وعملاء أمريكا وبوش .


أخي أنا أذكر أنني ناقشتك مناقشة علمية ومن يعرف التصوف ويعرف التوحيد لا يحتمل أن يقال :

إن التصوف هو عين الوحيد , فالتصوف لا ينفك عن الانحراف ومن تعدهم من الصوفية وتصول بهم على من يناقشك ليسوا من الصوفية وإنما ألصق بهم الصوفية هذا التصوف الذي هم برءاء منه ولم يخجل رؤوس الصوفية حتى عدوا منهم الصحابة وأئمة الإسلام وحتى الإمام أحمد الذي حارب التصوف وغيره من البدع والترهات .

وأذكرك مرة أخرى بأنك من أبعد الناس عن المنهج العلمي في طريق المناقشة فلا تذكر نصوص خصومك ولا تلتزم بنصيحة ابن باز , فأين تقع هذه الاتهامات الغليظة من نصيحة ابن باز التي تعمل بضدها تجاه أهل الحق ؟

وهل يريد ابن باز وغيره ممن يأمر بالرفق هذه الطريقة التي تتعامل بها مع الصوفية والتصوف ؟

فأين هي النصيحة لله وللإسلام والمسلمين إذا كانت الصوفية قد استولت على عقول أكثر المسلمين وملأت عقولهم بالعقائد الفاسدة والخرافات والتعلق بالأموات ...إلخ .


اقرأ لابن تيمية
وانظر كيف واجه صوفية عصره ولا سما الرفاعية , بل كيف واجه صوفية من قبله , فهل يكتفي بكلام مجمل مثل كلامك فيقول التصوف المنحرف ولا يبين ما هو هذا الانحراف ولا أهله وهل هو يطالب الصوفية وغيرهم بالعودة الجادة الصريحة إلى الكتاب والسنة ويسوق الأدلة والبراهين على ضلالاتهم التي ينقلها بنصوصها من كتبهم ثم يكر عليها بالنقد الواضح القوي .


أو هو مثل القاري يكتفي في بعضهم بكلمات مجملة ميتة فإذا ناقشه أحد بعلم ذهب يكيل لهم التهم وأن مستواهم هزيل إلى آخر التهم والطعون التي يخترعها لهم .


6- قال القاري :


" ثالثاً -

أسلوب " الفظاظة " التي تميزت بها ردود بعض هؤلاء المنكرين كأنهم لم يقرؤوا قوله تعالى :
( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )
حتى بلغت الفظاظة ببعضهم أن حكم على سائر الصوفية سابقاً ولاحقاً بأنهم خارج أهل السنة والجماعة " .

أقول :


1- أين هو اللطف الذي أوصاك به الشيخ ابن باز , وأين الاستفادة من هذه الآية , وألا ترى أن هذه الطريقة التي تسلكها قد جمعت بين الغلو في قضية التصوف والصوفية , والتفريط والإفراط تجاههم والغلظة والفظاظة على أهل السنة ؟ .


2- أنا الذي قال إن الصوفية سابقاً ولاحقاً ليسوا من أهل السنة وسقت لك كلام أئمة الإسلام الذين عاصروا سابقيها مثل الإمام أحمد وأبي زرعة وكلام الذهبي وكلام ابن الجوزي في الصوفية ومؤلفاتهم التي قامت على الجهل والضلال من الحارث المحاسبي إلى السلمي والقشيري والغزالي .


7- قال القاري :


" ولو علم هذا المتسرع أن كلامه هذا يشمل كثيراً من أئمة الهدى لعض على أصبع الندم واغتسل وتاب , يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجنيد بن محمد الذي يسميه
" سيد الطائفة " :
" .. فإن الجنيد قدس الله روحه كان من أئمة الهدى ... "
( مجموع الفتاوى 11/239) .

أقول :

1- من هم أئمة الهدى الذين يشملهم كلامي ؟

سمهم لنا ودع الإجمال في الكلام , فإذا ذكرت أسماءهم فإن كانوا أئمة هدى حقاً كالإمام أحمد وإسحاق ومالك والشافعي والبخاري وأمثال هؤلاء تكون قد أسديت إليَّ معروفاً تشكر عليه .


2- لا أدري من أي أنواع الذنوب الذي ترى أني أغتسل منه فأخشى أن يكون ردة وهل الاغتسال عندك شرط في قبول التوبة .


3- أما الجنيد – رحمه الله –
فمختلف فيه فابن جوزي ينقل القدح فيه وابن تيمية يزكيه ويحتاج الأمر إلى دراسة خاصة به ويرجح فيه ما يؤيده الدليل كما هي طريق أهل العلم .

8- قال القاري عن شيخ الإسلام -رحمه الله - :


" ويسمي المتقدمين من أئمة التصوف

" مشائخ السلف "

وهم إبراهيم بن أدهم , والفضيل بن عياض , وأبو سليمان الداراني , والسري السقطي , ومعروف الكرخي والجنيد بن محمد وبعدهم الشيخ عبد القادر الجيلي أو الجيلاني ويثني عليهم ويمدح أحوالهم , من أراد أن يعرف ذلك فليقرأ جزء التصوف وجزء السلوك من مجموع الفتاوى ويقول :

" ..وفي المتسمين بذلك -أي التصوف- من أولياء الله وصفوته وخيار عباده ما لا يحصى عدده ...
" ( مجموع الفتاوى 10/370)
فكل هؤلاء ليسوا من أهل السنة والجماعة ؟
حقاً إنَّ من يقول هذا فقد ظلم نفسه ظلماً عظيماً .

هذا الأسلوب أسلوب سقيم , فعلينا جميعاً أن نعود إلى أسلوب السلف الذي أصله أئمة السلف وشرحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم , ولا يترك الأمر لأهواء المعاصرين , فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .
وقد لخص " ابن باز " -رحمه الله-
أسلوب السلف بقوله :
" المقصود الهداية وليس النكاية " .

أقول :

1- يعجبني قول القاري :

" فعلينا جميعاً أن نعود إلى أسلوب السلف الذي أصله أئمة السلف .. الخ ,
وهذا منهجنا الذي ندعوا إليه ونطلب من الأمة جميعاً أن يعودوا إليه ومن منهجهم التمسك بنصوص الكتاب والسنة وذلك هو الميزان الذي يجب أن توزن به المناهج والعقائد والمذاهب والأشخاص وأرجو للقارئ أن يوفق للالتزام به ولا سيما في موضوع التصوف والصوفية وأخاف عليه أن يخالف ما يقول .


2- قد ذكرت كلام أئمة السلف ومن أخذ بقولهم ممن بعدهم من العلماء في ردي على مقاله الأول فهل قرأه وهل يعتبر الإمام أحمد وأبا زرعة ومن أشار إليهم الذهبي من أئمة الحديث .


3- لا يسلم له أن الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم من الصوفية فلا يجوز التكثر بهم للصوفية .


4- نقل ابن الجوزي بإسناده عن أبي عبد الرحمن السلمي أن أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر وكان يذهب مذهب مالك وهجره علماء مصر , قال السلمي وأخرج أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه , وشهد قوم على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة , وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول :
لي معراج كما كان للنبي معراج , فأخرجوه من بسطام .


قال ابن الجوزي :

وقال السلمي وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول :
إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه , وأنه يتكلم عليهم فأنكر عليه ذلك العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها .

قال السلمي وتكلم أحمد على الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات .


قال ابن الجوزي :

" وقد ذكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال : حذروا من الحارث أشد التحذير , الحارث أصل البلية – يعني في حوادث جهم – ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم " تلبيس إبليس ( ص150-151)".


فهذا ما نقله السلمي ونقله عنه ابن الجوزي في كبار الصوفية وأئمتهم وليس هؤلاء من أئمة الحديث ولا من أئمة الفقه والتفسير , وهذه مواقف معاصريهم من العلماء وغيرهم , وأما عبد القادر فسيأتي الحديث عنه وعن كتابه الحلية .


وقال الذهبي :

( قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي :

شهدت أبا زرعة وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل :

إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغ************ قيل له في هذه الكتب عبرة فقال من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس ما أسرع الناس إلى البدع مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومائتين وأين مثل الحارث فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كـ ( القوت) لأبي طالب وأين مثل القوت كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم , وحقائق التفسير للسلمي لطار لبه كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية بلى لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسي وابن شحانة كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان(1)
نسأل الله العفو والمسامحة آمين ) ميزان الاعتدال في نقد الرجال (2/166) .


أما شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –
فهو من أعظم أئمتنا وله جهاد عظيم في نصرة الإسلام والسنة قل من يلحقه فيه وله نقد شديد على الصوفية في عدد من كتبه كالفرقان والفرقان بين الحق والباطل والرد على أهل وحدة الوجود , كما له مؤلفات عظيمة في الرد على الأشاعرة والفلاسفة واليهود والنصارى والروافض , ولتلاميذه الكبار كابن القيم وابن عبد الهادي ردود على طوائف أهل البدع ولا سيما الصوفية .


ومع هذه المنازل العظيمة لهم ومع جهادهم العظيم فإننا نتعامل مع أقوالهم بتلك القاعدة الذهبية التي قررها السلف وعلى رأسهم الإمام مالك

" كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "

ونتعامل بما يقوله شيخ الإسلام

" الرجال يحتج لهم ولا يحتج بهم "

وبما يقوله :

" إذ الأمة متفقة على أنه إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو صواب دون هذا إلا بحجة "

مجموع الفتاوى (20/585)

ولا نتعامل معهم كما يتعامل متعصبة أهل الأهواء فنسلم بكل ما يقولون ولا بقاعدة الصوفية
" كن مع شيخك كالمت بين يدي الغاسل "
وقاعدة
" لا تعترض فتنطرد "
بل نأخذ منهم ما وضح برهانه وقامت حجته وما ليس كذلك أو فيه مخالفة أو ضعف فلا نلتزمه بل نرده مع احترامنا لهم وإكبارنا لهم واعتقاد أنهم أئمة مجتهدون كغيرهم من أهل الاجتهاد للمصيب أجران وللمخطئ أجر .


وقول القاري :
ويقول -يعني ابن تيمية -:

".. وفي المتسمين بذلك -أي التصوف- من أولياء الله وصفوته وخيار عباده ما لا يحصى عدده .. "

- أقول :
أخذت من كلامه ما تحب وتركت منه ما تكره , فقد قال -رحمه الله- قبل هذا الكلام :

" وقد تكلم به -يعني التصوف- أبو سليمان الداراني وغيره أما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية وكذلك مالك فيما أظن وقد خاطب به أحمد لأبي حمزة الخراساني وليوسف ابن الحسين الرازي ولبدر بن أبي بدر المغازلي .

وقد ذم طريقهم طائفة من أهل العلم ومن العُبَّاد أيضاً من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وأهل الحديث والعباد ومدحه آخرون .

والتحقيق أنه مشتمل على الممدوح والمذموم كغيره من الطريق (1) .

وأن المذموم ما قد يكون اجتهادياً وقد لا يكون وأنهم في ذلك بمنـزلة الفقهاء في الرأي , فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة والقاعدة التي قدمتها تجمع ذلك كله , ثم ذكر الكلام الذي نقله عنه القاري .

ثم قال :

" وبهذا يتبين لك أن البدعة في الدين وإن كانت في الأصل مذمومة كما دل عليه الكتاب والسنة سواء في ذلك البدع القولية والفعلية وقد كتبت في غير هذا الموضع أن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :
" كل بدعة ضلالة " متعين وأنه يجب العمل بعمومه .

ثم أخذ ينتقد من يقسم البدع إلى حسن وقبيح -رحمه الله- مجموع الفتاوى (10/370-371) .

وأقول للقارئ لماذا لم تنقل هذا الكلام وهو من صميم البحث في التصوف وبه يظهر كلام أهل العلم من السلف الكرام وموقفهم من التصوف سلباً وإيجاباً .


ألا يصدق عليك القاعدة

" إن أهل الأهواء يأخذون ما لهم ويدعون ما عليهم " .


1- نحن مع السلف الذين ذموا التصوف لأنه يقوم على البدع وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

2- نحن مع السلف الذين يأتي على رأسهم مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأتباعهم وأبو زرعة الذين أنكروه وذموه وبدعوا أهله وحذروا منهم ومنه ,ونحن مع أئمة الإسلام والحديث الذين أشار إليهم الذهبي لأن معهم الحجج على ذمه .

بل نحن مع الإمام ابن تيمية وتلاميذه في ذم التصوف والرأي المذموم المخالف للكتاب والسنة وله كلام قوي في الرأي وأهله . انظره في كتابه " بيان الدليل على بطلان التحليل " واقرأ ما كتبه ابن القيم في " إعلام الموقعين " في ذم التقليد القائم على الهوى والتعصب الأعمى والآراء وذم ذلك وهو مذهب أهل الحديث الطائفة المنصورة ونرجوا أن يكون الإمام ابن تيمية من أئمة هذه الطائفة.



3- نحن لا نعرف أحداً من أئمة الحديث والفقه يمدح التصوف ولم يبينهم لنا شيخ الإسلام فليبينهم القاري .


4- نقول لإمامنا ابن تيمية -رحمه الله- كل الطرق تشتمل على الممدوح والمذموم فعند الخوارج ما يمدح ومع ذلك وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم شر الخلق والخليقة وأمر بقتلهم وبين أن لمن قتلهم أجراً عند الله .

والروافض والشيعة والجهمية والقدرية والمرجئة والصوفية على تفاوت بينهم وكلهم عند الأئمة عندهم ما يمدح وما يذم ولم يمنعهم ما عندهم من الحق أن يذموهم ويذموا مذاهبهم ويحذروا منهم وينزلون كل طائفة منـزلتها ويبينون الأسوأ فالأسوأ ,ولا يمنعهم هذا التفاوت من ذم الكل وذم مذاهبهم والتحذير منها ,وهذه كتب السلف مبثوثة منتشرة بين الناس كأصول السنة للإمام أحمد ولابن أبي حاتم والسنة للخلال والشريعة للآجري والإبانة لابن بطة وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي والحجة للأصفهاني وكتب مقالات الفرق ومنها مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري والفصل في الملل والنحل لابن حزم وغير ما ذكرنا كثير , وكلها تنطلق من النصح للأمة ولحمايتهم من غوائل أهل البدع .


وإن من أخطرها وأعمقها أثراً في الأمة لمذاهب الصوفية التي ملأت بلاد المسلمين بالخرافات والضلالات وعبادة القبور بالدعاء والذبائح والنذور والغلو في الأولياء واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون وشحن كتبهم بترهات الحلول ووحدة الوجود .


وما أكثر طرق هذه الصوفية وما أخطرها ولا سما الرفاعية والشاذلية والقادرية والتيجانية والنقشبندية والسهروردية والجشتية والمرغنية وكلها تشترك في عقيدة الحلول ووحدة الوجود والغلو في أهل القبور .


فهل من النصح للإسلام والمسلمين أن نقوم بالدفاع عن الصوفية والتصوف في عصر نجد أشد المهلكات للأمة هذا التصوف بحجة أن هناك في العصور الأولى صالحين مثل فلان وفلان ممن حذر من بلائهم أعلام الأمة كالشافعي وأحمد وغيرهم والحق معهم وجرحهم مقدم على تعديل من عدلهم والحجج معهم , ومن منهج السلف أن الجرح المفسر مقدم على التعديل .


ثم إن مؤلفات الصوفية تدينهم , تدين مؤلفيها وأتباعهم وواقعهم المرير يدينهم فماذا تريد أيها القاري بإثارة موضوع الصوفية في هذا الوقت الذي تكالب فيه أهل الضلال على أهل السنة ,ومن أشدهم على أهل السنة الصوفية والروافض ,وانظر واقعهم وانظر قنواتهم الفضائية ومواقعهم على الشبكة العنكبوتية ومؤلفاتهم وكيف يتكالبون على ابن تيمية نفسه الذي تريد أن تجعل منه منطلقاً للذب عن الصوفية والتصوف وهيهات .



فوالله ما تعلمنا وغيرنا محاربة البدع ومنها التصوف إلا من هذا الإمام ,فاتق الله وانصح لله وللإسلام والمسلمين ودع هذه الأساليب التي لا يستخدمها إلاَّ الصوفية والتي لا تزيد المسلمين إلا بلاء على بلائهم .


واترك التمويه بابن باز فإنه نصحك باللطف بالصوفية ولم يأمرك بالدفاع عنهم ومحاربة من يقول كلمة الحق فيهم .


9- قال القاري :

" رابعاً –

التلطف مع الصوفية كانت وصية الشيخ ابن باز -رحمه الله- لي ولغيري من طلبة العلم وأهل الدعوة , بل كان يوصي بالتلطف مع الناس كافة حكاماً ومحكومين والصوفية إخواننا ,نشترك معهم في دائرة واحدة هي دائرة أهل السنة والجماعة ,وما بيننا وبين بعضهم من اختلاف يجب أن نعالجه برفق ولين ,ومن انحرف منهم عن الجادة نناصحه كما نناصح أي منحرف من أهل الإسلام , صوفياً كان أم سلفياً " .


أقول :
متى كنت متشدداً على الصوفية حتى يهتم بك ابن باز فيوقف زحفك على الصوفية ويُهدِّئْ صولاتك عليهم ؟ .


أنت يا سيد كنت ولا تزال شديداً على السلفية في الوقت الذي كان ينصرهم ابن باز ويدافع عنهم ويشجعهم على نقد أهل الباطل من الأحزاب وغيرهم ، أنت كنت تحارب السلفيين على منبر مسجد قباء وتذمهم وتؤلب عليهم وتسميهم بالخلوف ولا تزال على هذا النهج , فشدتك وطول لسانك على أهل السنة والحق , فعليهم تصول وتجول لا على صوفية ولا على غيرهم ولا أريد أن أتوسع فأبين التزامك بنصائح ابن باز وعدمه .


وقولك :

" وما بيننا وبين بعضهم من اختلاف يجب أن نعالجه برفق ولين " .

أقول :

باسم من تتكلم ؟
وكم قدمت للصوفية من علاج ؟
وهل أنت مع غالبهم على وفاق ؟
لا أستبعد , وإلا فكيف تقول وما بيننا وبين بعضهم من اختلاف ؟ يا هذا للسنة رجالها , ولو وكلت إلى أمثالك لانتهت , وتذكر المثل القائل " وكل إناء بما فيه ينضح " .


وإذا كنت ترى أنك والبريلوية والتيجانية والمرغنية والنقشبندية والسهروردية وغيرهم على منهج واحد فأنت وشأنك , فأما أهل السنة والحديث في مشارق الأرض ومغاربها وعلى رأسهم ابن تيمية وتلاميذه وابن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين والألباني وسائر علمائهم فيأبون ذلك .


وعلى سبيل المثال هذا الإمام ابن تيمية
يدخل الأشاعرة في الجهمية
ويقول فيهم كلاماً شديداً ,
ولا يستثني منهم
إلا من قال منهم بما في كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري فإنه يعده من أهل السنة بشرطين :
1- ألا يظهر مقالة تناقض ذلك .
2- وأن لا ينتسب إلى الأشعري فإن ذلك بدعة لأنه بذلك يفتح باب شر
انظر مجموع الفتاوى ( 6/358-360) .


هذا مع أن الأشعرية خير من الصوفية ,
ومن باب أولى أن يكون الانتساب إليها بدعة والصوفية أولى من الأشعرية بالإبعاد عن دائرة أهل السنة لأنهم الآن يجمعون الأشعرية الجهمية إلى ضلالات التصوف التي منها الحلول ووحدة الوجود التي أصبحت لازمة من لوازم الغلو في التصوف ولا يخلو منه طريق من الطرق التي ذكرناها ,وأما ابن باز فقد أخرج جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ من دائرة أهل السنة.


وقوله :

" ومن انحرف منهم عن الجادة نناصحه كما نناصح أي منحرف من أهل الإسلام , صوفياً كان أم سلفياً " .


- أقول :
يبدو أن القاري يرى أن الصوفية على الجادة , عقيدة ومنهجاً , ونحن نعتقد أنهم بعيدون عن الجادة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في عقائدهم ومناهجهم وطرقهم وعبادتهم ,والسلفي لا يؤمن عليه من الانحراف , فإذا وجد من أحد منهم انحراف تقدم له المناصحة ولكن من السلفيين المعروفين بالولاء لها ولأهلها .


وعلى كل أنا ما رأيت للقارئ مناصحات واضحة للصوفية قائمة على منهج السلف تردهم إلى جادتهم .


والكلام سهل جداً لكن العمل النافع والبيان الواضح صعب المنال على كثير من الناس بل يضيقون ذرعاً بهذا العمل والبيان .


10- قال القاري :

" وهؤلاء الذين أنكروا عليَّ التلطف مع الصوفية , وأطلقوا عليَّ ألسنة حدادا ونالني من شتائمهم نصيب يدعون أنهم سلفيون , فأين هم من إمام السلفيين في عصرنا سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- وموقفه من جماعة " التبليغ " مشهور كان يوصيني -ويوصي غيري- فيقول : تلطفوا معهم فهم أهل دعوة وصدق في الغالب , كملوا نقصهم وناصحوهم بدلاً من أن تسبوهم , وهم لهم أثر عظيم في هداية العصاة ولقد رأيت بنفسي كيف استقبل يوماً في بيته بالطائف الشيخ " إنعام الحسن " -رحمه الله- ومعه بعض شباب " التبليغ " استقبلهم هاشاً باشاً , وأظهر الأنس بهم ودعا لهم ونصحهم وتلطف معهم غاية التلطف , والشيخ إنعام الحسن وقتها هو رئيس جماعة التبليغ , ورؤساء التبليغ صوفيون نقشبنديون جشتيون وأتباعهم من أهل الهند والباكستان كذلك والشيخ ابن باز – رحمه الله – يعلم ذلك "


- أقول :

يبدو أن القاري يعتبر المناقشات العلمية سباً وشتما ,وأن من انتقده يخرج عن دائرة السلفية إلى دائرة الدعاوى ,فماذا ينتظر ممن هذا حاله ؟ أهكذا يكون اللطف أيها الرجل ؟ وأين تأثرك بأخلاق ابن باز ؟ فهل كان ابن باز يخرج من انتقده من السلفية ويعتبر نقده سباً ؟ .


وقولك :

" وموقفه من جماعة التبليغ مشهور ,كان يوصي ...الخ " .
نعم موقفه من جماعة التبليغ مشهور كان يتلطف بهم وينصح لهم ويوصي بالتلطف بهم وربما يذهب في حسن التعامل معهم إلى أبعد مما ذكرت ولكن لم يستفيدوا من هذا التعامل الراقي والأخلاق العالية , وكانوا يخادعونه ويزعمون أنهم ينشرون الدعوة السلفية , ولقد قرأ عليَّ الأخ حسن الصايغ كتاباً وجهه إنعام الحسن إلى الشيخ ابن باز -رحمه الله- يثني فيه على الشيخ ابن باز ويدعي فيه أنهم وجماعته ينشرون الدعوة السلفية في العالم .
فناقشت الأخ حسن -رحمه الله- وأقنعته من واقعهم أن هذه دعوى باطلة.

وذكر في هذا الكتاب أن جماعة التبليغ قد تركوا كتاب تبليغي نصاب واستبدلوا به كتاباً آخر اسمه الفضائل , فقلت له هذه حيلة من إنعام الحسن وجماعته , وشاء الله أن أسافر إلى كشمير أنا والشيخ عبد الرزاق العباد وعبد الرب نواب ثم في عودتنا إلى أرض الحرمين مررنا في طريقنا بدهلي في قصة طويلة تدل على مكر جماعة التبليغ بكل من يثق بهم من العلماء وطلاب العلم العرب .
لا مجال لذكرها ومن هذه القصة أنني حرصت أن أشتري كتاب تبليغي نصاب فمررنا على عدد من المكتبات المجاورة لمسجد جماعة التبليغ المركزي نسألهم عن هذا الكتاب , فيجيبون أنه لا يوجد عندنا , حتى كدنا نيأس منه ثم أخيراً سألنا صاحب مكتبة عن كتاب تبليغي نصاب , فناولنا كتاباً باسم كتاب الفضائل , فقلنا نحن نريد كتاب تبليغي نصاب , فقال هذا هو كتاب تبليغي نصاب بعينه لم يغير منه إلا الاسم ( العنوان ) فاشتريته ثم لما عدنا إلى المدينة سلمنا ما يسمى بكتاب الفضائل لوالد عبد الرب نواب ليقارنه بكتاب تبليغي نصاب فقام بهذا المطلب فوجد أن كتاب الفضائل هو بعينه كتاب تبليغي نصاب , فزدنا بصيرة بمكر وكذب وحيل هذه الفئة .

ولأسباب وأمور أدرك ابن باز مكر هذه الفئة وتأكد من فساد عقيدتهم ومنهجهم فأصدر عدداً من الفتاوى يبيِّن فيها عقائدهم ويحذر من الخروج معهم إلا للعالم الذي يمكنه أن ينقلهم من ضلالهم إلى الهدى وهاكم بعض فتاواه في آخر حياته :

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى- عن جماعة التبليغ فقال السائل :

نسمع يا سماحة الشيخ عن جماعة التبليغ وما تقوم به من دعوة، فهل تنصحني بالانخراط في هذه الجماعة، أرجو توجيهي ونصحي، وأعظم الله مثوبتكم ؟

فأجاب الشيخ بقوله:

(( كل من دعا إلى الله فهو مبلغ (( بلغوا عني ولو آية )) ، لكن جماعة التبليغ المعروفة الهندية عندهم خرافات، عندهم بعض البدع والشركيات، فلا يجوز الخروج معهم، إلا إنسان عنده علم يخرج لينكر عليهم ويعلمهم.

أما إذا خرج يتابعهم، لا.

لأن عندهم خرافات وعندهم غلط، عندهم نقص في العلم، لكن إذا كان جماعة تبليغ غيرهم أهل بصيرة وأهل علم يخرج معهم للدعوة إلى الله.

أو إنسان عنده علم وبصيرة يخرج معهم للتبصير والإنكار والتوجيه إلى الخير وتعليمهم حتى يتركوا المذهب الباطل، ويعتنقوا مذهب أهل السنة والجماعة )) اهـ .

[[ فليستفد جماعة التبليغ ومن يتعاطف معهم من هذه الفتوى المبنية على واقعهم وعقائدهم ومناهجهم ومؤلفات أئمتهم الذين يقلدونهم ]].


[فرغت من شريط بعنوان
(فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على جماعة التبليغ)
وقد صدرت هذه الفتوى في الطائف قبل حوالي سنتين من وفاة الشيخ وفيها دحض لتلبيسات جماعة التبليغ بكلام قديم صدر من الشيخ قبل أن يظهر له حقيقة حالهم ومنهجهم ]
- وسئل سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى - :
أحسن الله إليك ، حديث النبي -r- في افتراق الأمم: قوله:
(( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة )).
فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع.
وجماعة الأخوان المسلمين على ما عندهم من تحزب وشق العصا على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة.
هل هاتين الفرقتين تدخل...؟
فأجاب - غفر الله تعالى له وتغمده بواسع رحمته -:
تدخل في الثنتـين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين، المراد بقوله ( أمتي ) أي:
أمة الإجابة، أي :
استجابوا له وأظهروا اتِّباعهم له، ثلاث وسبعين فرقة: الناجية السليمة التي اتبعته واستقامت على دينه واثنتان وسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع أقسام.

فقال السائل: يعني: هاتين الفرقتين من ضمن الثنتين والسبعين ؟
فأجاب :

نعم ،من ضمن الثنتين والسبعين والمرجئة وغيرهم، المرجئة والخوارج بعض أهل العلم يرى الخوارج من الكفار خارجين، لكن داخلين في عموم الثنتين والسبعين.

[ ضمن دروسه في شرح المنتقى في الطائف وهي في شريط مسجّل وهي قبل وفاته -رحمه الله- بسنتين أو أقل ]

وقولك :

" ورؤساء التبليغ صوفيون نقشبنديون جشتيون , وأتباعهم من أهل الهند والباكستان كذلك , والشيخ ابن باز – رحمه الله – يعلم ذلك " .
أقول :
قد تقدم أن جماعة التبليغ أهل مكر وأنهم يتظاهرون للشيخ ابن باز بأنهم يدعون إلى منهج السلف , هل حولهم حلم الشيخ عليهم ولطفه بهم ..الخ عن هذه الطرق النقشبندية والسهروردية والجشتية إلى آخر الطرق التي يخجل الصوفية جميعاً من الجمع بين هذه الطرق الأربع , هل رجع إنعام الحسن عنها أو رؤساء التبليغ أو أتباعهم أو بعضهم إلى الجادة ؟ .
وهل تعلم ماذا تحمل هذه الطرق من البلايا والرزايا ؟ إن من بلاياها القول بوحدة الوجود.
يقول بعض أكابر النقشبنديين في معنى " لا إله إلا الله " أحياناً يقول : " لا معبود إلا الله وأحياناً لا مقصود إلا الله وأحياناً لا موجود إلا الله " كتاب رشحات عين الحياة ( ص141) بواسطة كتاب حقائق خطيرة عن الطريقة النقشبندية لعبد الرحمن دمشقية (ص57) وكل هذه الأقوال تدندن حول وحدة الوجود .
2- تفضيلهم الذكر بقول
" هو "
على الذكر بقول لا إله إلا الله , فقد ذكروا أن ( لا إله إلا الله ) ذكر العوام و( الله ) ذكر الخواص و( هو ) ذكر خواص الخواص .
3- وعندهم أن شاه نقشبند يحي ويميت , انظر كتاب حقائق خطيرة السالف الذكر (ص38) .


ويتمثل شيخ نقشبند وأتباعه بأقوال الحلاَّج , منها هذا البيت :


كفرتُ بدين الله والكفر واجبٌ ! *** لديَّ وعند المسلمين قبيح



(ص38) من المصدر السابق وعزاه لعدد من مصادر النقشبندية , وهم يعظمون الحيوانات ويعتبرونها من شيوخهم كالبازي والهرة والكلب والفهد والنحلة ويعتبرونها من شيوخهم " ( ص43) المصدر السابق .
فهذه واحدة من الطرق التي يبايع عليها جماعة التبليغ .

11- قال القاري :

" خامساً -

نحن الآن في زمن عصيب , طوقنا العدو المشترك وهو ذو ثلاث شعب : اليهود , وأمريكا , والروافض , وهذا العدو نبت من أحداث العراق الجسام وما وقع في لبنان انه يستهدف " أهل السنة " جميعاً ,على اختلاف مذاهبهم ,فهل يصح أن نتشاجر نحن أهل الدائرة الواحدة المستهدفة – دائرة أهل السنة والجماعة , ألا يجب أن نتكاتف ضد الأخطار التي تهددنا جميعاً ؟ ومن أهم عوامل التكاتف أن نبحث عن نقاط الاتفاق ويعذر بعضنا بعضاً في مسائل الاختلاف , مع وجوب الاحتكام فيها إلى الكتاب والسنة طاعة لربنا عز وجل الذي قال :
( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) " .

- أقول :
إن هذا العدو المشترك نبت من فجر تاريخ الإسلام ومن أخطر مراحله الحروب الصليبية وحركات الاستعمار وهذا العدو ليس محصوراً فيمن ذكرت فدائرته أوسع يدخل فيها أوروبا بل هي أصل أمريكا ويدخل فيها روسيا والصرب والهند والصين .


ولكن العلاج الصحيح ليس هو هذا العلاج السياسي الإخواني الذي طرح منذ سبعين عاماً ليجمع الروافض والصوفية والنصارى وعلى مر الأيام لا تزيد مشاكل المسلمين إلا حدة وشدة ولا يزال الإخوان المسلمون يبتعدون عن الكتاب والسنة ومنهج السلف ولا تزال دائرة منهجهم تتسع حتى أصبحوا دعاة إلى وحدة الأديان وعقدوا لها مؤتمرات في دولتهم وبابهم مفتوح للتعاون مع الشيوعيين والعلمانيين والناصريين وغيرهم وأمرهم معلوم للعقلاء البصراء ، فهل أنت راض عن هذا المنهج وثماره وما أدى إليه ؟

إنَّ الحلَّ الصحيح الذي يؤهل الأمة لرضى الله ودخول جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ويؤهلها للنصر على هذه القوى التي تستهدف الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أن تعود الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها وإلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولنضع نصب أعيننا نصوص الكتاب والسنة
( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )
وحبل الله هو كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقوله عز وجل:
( وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )
ولقد تفرقت بهم السبل التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على كل سبيل منها شيطان ولم ينج من هذا البلاء إلا من اعتصم بكتاب ربه وسنة نبيه وهم قليل ينتقدون هذه الفرق التي ندت وشذت عن الصراط المستقيم ويدعونها إلى الحق ومن النصوص النبوية قوله صلى الله عليه وسلم :
" إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم
" أي الدين الذي رضيه الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .

لقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الداء وأسبابه وقدم لنا العلاج فإن كان هناك دعاة مخلصون فهذا هو العلاج الصحيح وهو الطريق الوحيد لإزالة الذل ورفعه ودفعه .

العلاج يا أخي هو الرجوع الصحيح الذي أراده الله وأراده الرسول في هذا التوجيه العظيم المنطلق من الوحي
( إن هو إلا وحيٌ يوحى ) .

لا علاج الإخوان المسلمين الذي تبين ضلاله وخطؤه وفشله وسوء منقلبه .
انتبه أيها المسلم للحيل السياسية التي لا تزيد الأمة إلا خذلاناً وذلة تحت أقدام أعدائها , وكل هذا من ثمار البدع , وإذن فيجب أن يسبق الرجوع إلى الكتاب والسنة والتحاكم إليهما والتجمع عليهما بصدق وإخلاص لا التجمع السياسي المغفل والمستغفل الذي ظهرت ثماره الوخيمة كما أسلفنا ولقد جربنا أن أصحاب هذه الدعوة أول من ينفر عن التحاكم إلى الكتاب والسنة وينفر منها ومن أهلها ، ولقد بين الناصحون هذا الأمر العظيم من قبل أن يأتي هذا التجمع السياسي الأبله ومن بعده ولكن لا حياة لمن تنادي .
وينبغي أن أذكر هنا موقف شيخ الإسلام ابن تيمية عندما زحف التتار على دمشق والشام واستقبله أهل الشام الذين حطمهم التصوف فكانوا في هذه المواجهة يرددون هذين البيتين :


يا خائفين من التتر *** لوذوا بقبر أبي عمر


لوذوا بقبر أبي عمر *** تنجيكم من الضرر


فقال لهم شيخ الإسلام سوف تهزمون أنتم وأبو عمر
أو كما قال ، قال وتخلف علماء لأنهم يرون أن هذا الجهاد غير شرعي .

وذهب شيخ الإسلام يربي شباباً ورجالاً على التوحيد والدين الصحيح حتى توفر له منهم من أطمأن إلى أنه لا بد أن ينتصروا على عدوهم فكان يقول لهم ولغيرهم النصر لنا مؤكد فيقولون له قل إن شاء الله فيقول إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقا وكان يشبه حال هذا الجند بحال أهل الخندق ، وخاض المعركة مع أعتى قوة آنذاك ونصر الله جنده الموحدين كما وعدهم وهو تعالى لا يخلف الميعاد وكان هذا الجند على غاية من الثقة بإنجاز هذا الوعد .

فإن كنت أيها القاري تتعلق بابن تيمية فتعلق بمثل هذا في هذه الظروف العصيبة التي يجب أن يسبق فيها رجوع الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها لا التجمع المضاد لما أراده الله ورسوله والذي لا نتيجة له إلا الخزي في الدنيا قبل الآخرة .

12- قال القاري :

" وهنا مسائل تتعلق بموضوعنا تستحق الإشارة إليها ، وهي : أهل السنة والجماعة : هل هم على مذهب واحد ؟ هم على منهج واحد ، ومذاهب متعددة ، وهذا مبني على جواز تعدد الاجتهاد من المجتهدين ، فبعضهم مصيب وبعضهم مخطئ ، والجميع في ظل منهج واحد ، ولذلك هم دائرون بين الأجر والأجرين . وإلا كيف نفسر تعدد المذاهب الفقهية مثلاً وعلى رأسها المذاهب الأربعة ، أليست مذاهب متعددة داخل أهل السنة والجماعة "

- أقول :

يظهر أن القاري لم يفقه منهج السلف ولم يقرأ التاريخ الصحيح لأهل السنة ولذا يخلط الحق بالباطل وبين أهل السنة وأهل البدع .
فنقول له الأصل الأصيل والواجب المحتم على الأمة أن تتبع الكتاب والسنة وأنه لا يجوز لأحد أن يتعمد مخالفة نص من نصوص الكتاب والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أمر مجمع عليه من الصحابة فمن بعدهم لكن هناك حالات يعذر فيها المجتهد المخلص الجاد في طلب الحق إذا خالف نصاً كأن لا يبلغه النص فيبذل جهده في الوصول إلى الحق لكنه لم يوفق للصواب فيقع في مخالفة النص أو بلغه النص من وجه ضعيف فعمل بخلافه على أساس قياس يراه صحيحاً فهذا يعذر ويثاب على خطئه الذي وقع فيه ويدخل في قول الله تعالى :
( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
وفي قول رسول الله صلى اله عليه وسلم :
" إذا أجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر " .

وهناك أعذار أخر ذكرها شيخ الإسلام في كتابه
"رفع الملام عن أئمة الإسلام "
فليرجع إليه من أراد معرفتها .

وانطلاقاً من هذا المنهج كان يرجع الصحابة عن أخطائهم والعلماء عن أخطائهم ومنه رجع أبو يوسف ومحمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة عن ثلث أو ثلثي المذهب بعدما تبين لهم أن الحق في خلاف مذهب أبي حنيفة .

وأما من يعاند ويرد النصوص لأجل مذهبه فهذا مذموم وقد يقع في الكفر كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية([1]) .

وقد شدد العلماء النكير على متعصبي المذاهب وردوا عليهم في مؤلفات مثل أبي شامة الشافعي في كتابه
" المؤمل في الرد إلى الأمر الأول "
والسيوطي في
" الرد على من أخلد "

بل كم حارب هذه النوعيات شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه
ولا سيما كتاب " بطلان بيان التحليل "
وكذلك ابن القيم في كتابه
" إعلام الموقعين "
وكذلك ألف في هذا الباب الفلاني , والصنعاني , والشوكاني وانتقد الإمام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه هذا التعصب الأعمى للمذاهب بل سبق الأئمة أنفسهم إلى ذلك , كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة ونهوا عن الأخذ بأقوالهم دون نظر في أدلتهم هذا وليعلم أن الأئمة لم يسعوا في إنشاء مذاهب ليتعصب لها , وإنما وجدت بالصورة التي عليها المذاهب الآن وقبل الآن والتعصب لها ورد الحق من أجلها يسبب اتباع كثير منهم لأهوائهم وإرادة العلو وحب الظهور ، ومن هنا جاء نقد الأئمة الأعلام الصادقين المخلصين لهذه التعصبات التي أدت ببعض المتعصبين إلى أن يحرم التزاوج مع أهل المذاهب الأخرى بل أدت إلى القتال والتدمير للقرى كما حصل في الشرق بين الأحناف والشافعية وأدى إلى الطعن في المذاهب وأئمتها ، يطعن أهل المذاهب بعضهم بعضاً حتى يصل الطعن إلى الأئمة فهذا من أسرار بقاء المذاهب على هذه الصورة .


ولا شك أن هذه الصورة مخالفة لما كان عليه أهل القرون المفضلة بل مخالفة لمنهج أئمة المذاهب.

من خلط القاري أنه لا يفرق بين أئمة الاجتهاد
في الفقه ( الفروع )
وبين الاختلاف في الأصول
ولا شك أن هناك أصولاً لأهل السنة من خالفها خرج عن دائرة أهل السنة إلى دائرة أهل البدع والأهواء .


13- قال القاري :

" إن من يقول إن أهل السنة والجماعة مذهب واحد يلزمه أن يخرج هذه المذاهب الأربعة من دائرة أهل السنة والجماعة ، وهم فعلاً يعتقدون ذلك , ويعتبرون تعدد هذه المذاهب الفقهية مظهر انحراف .

الزهد الذي هو أساس التصوف الصحيح أعظم أنموذج له هو زهد النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" حبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة " وقال :
" .. أصلي وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم وأتزوج النساء " وهذا يعطينا ضابطاً نضبط به زهد الصوفية فإذا ظهر فيه غلو أو رهبانية رددناه إلى الكتاب والسنة فأبطلناه ، وإذا ظل ملتزماً بحدود الشريعة ، وحكم الكتاب والسنة قبلناه ، هكذا أوصى أئمة الصوفية الممدوحون عند المسلمين " .


- أقول :


1- لا تخلط بين قضايا الفروع والأصول ، فهناك أصول من التزمها فهو من أهل السنة ولو انتمى إلى أحد المذاهب الأربعة فهو من أهل السنة ومن خالفها فهو من أهل تلك الأصول المخالفة المبتدعة ، وقد ذكر هذه الأصول أئمة الإسلام في كتب العقائد فمن خالفها بدعوه ومن التزمها وثبت عليها اعتبروه من أهل السنة .

من هذه الأصول التوحيد بأنواعه توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات
فمن خالف في واحد من هذه الأنواع بدعوه وقد خالفت الجهمية فعطلوا في باب الأسماء والصفات فعطلوا أسماء الله وصفاته فبدعهم السلف بل كفروهم ،وتابعهم في نوع التعطيل في هذا الباب المعتزلة فعطلوا الصفات وأثبتوا الأسماء دون معانيها .


وتابع الأشعرية والكلابية الجهمية في تعطيل الصفات الخبرية فجعلهم السلف من أصناف الجهمية وشاركت الصوفية هذه الفرق في تعطيل الصفات ([2]) وأوغلت في ذلك حتى وقعت في الحلول ووحدة الوجود من زمن الحلاج إلا أفراداً منهم وانحرفت في توحيد الربوبية فاعتقدت في الأولياء بأنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون .


وانحرفت الصوفية في توحيد العبادة
فجعلوا مع الله أنداداً في الدعاء والاستغاثة في الشدة بالأموات والأحياء وفي تقديم القرابين لغير الله من الذبائح والنذور وشد الرحال إلى القبور والطواف بها وتشييد البنيان عليها وغير ذلك من الأفعال الشنيعة التي يأنف منها ويسخر منها اليهود والنصارى والهندوك ، واذهب إلى ما شئت من البلدان غير هذه البلاد لترى فيها هذه الشنائع والمخازي مثل الهند وباكستان والسودان ومصر وتركيا وسوريا والعراق وبخارى ثم احكم على الطرق الصوفية التي تفعل هذه الأفاعيل بما يستحقون هل هم من أهل السنة أو من شرار الضلال وأهل البدع الواقعين في الشرك الأكبر والضلال البعيد .
نحن لا نكفرهم لجهلهم إلا بعد إقامة الحجة أما التبديع وإخراجهم عن دائرة أهل السنة فلا يتقاعس عنه إلا أجهل الناس بالإسلام وأبعدهم عن السنة .


الأصل الثاني :

الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى ، خالف فيه المعتزلة القدرية منهج أهل السنة والجماعة وأخرجوا أفعال العباد عن قدرة الله ومشيئته واعتقدوا أن العباد يخلقون أفعالهم ولا دخل لمشيئة الله وإرادته وقدرته في ذلك فضللهم أهل السنة وبدعوهم وبعضهم يكفرهم وبينوا ذلك بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقابلهم الجبرية فعطلوا قدرات العباد واختيارهم ومشيئتهم وقالوا إن العباد مجبرون على أفعالهم لا قدرة لهم ولا مشيئة ولا اختيار فهم كالريشة والأشجار تحركهم الرياح بدون إرادة ومشيئة ، ووقع الصوفية في هذا الضلال فلا شك أنهم مبتدعة ضلال بهذه العقيدة الخبيثة التي تهدر الشريعة الإسلامية وتعطل نصوص الأمر والنهي والوعد والوعيد .

الأصل الثالث :
دل القرآن والسنة على أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان وخالفهم في ذلك الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فقالت الخوارج الإيمان قول وعمل واعتقاد لكن مرتكب الكبيرة المصر عليها يخرج من الإيمان وحكم الخوارج بكفره واستحلال دمه وماله وحكموا عليه بالخلود في النار وأخرجه المعتزلة من دائرة الإيمان ولم يدخلوه في الكفر بل جعلوه في منـزلة بين المنـزلتين ثم حكموا عليه بأنه من المخلدين في النار .

وقابلهم المرجئة فأخرجوا العمل من الإيمان فقال بعضهم إن الإيمان هو المعرفة فقط أو التصديق فقط وقالت معها مرجئة الفقهاء إن الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب والعمل ليس من الإيمان , وأنكر السلف هذه الأقوال الشنيعة وبدعوا أهلها ، ودخلت الصوفية في الإرجاء .

والأصل الرابع :
أن القرآن كلام الله وكفر السلف من قال :
إن القرآن مخلوق وبدعوا من قال لفظي بالقرآن مخلوق أو توقف فقال القرآن كلام الله ولا أقول مخلوق ولا غير مخلوق وقالت الأشاعرة إن كلام الله هو الكلام النفسي والقرآن الذي بين أيدينا مخلوق وتابعهم الصوفية في ذلك .

.






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» شعار الفاتيكان النجاسة من الإيمان
»» وبهذا يهدم الدين
»» بغض الأم والأب أحب إلى السني من بغض علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
»» في كلام النبوة الأزواج من الآل قبل الذرية
»» مطاردة القراصنة على الأراضي الصومالية استهبال ايراني جديد
 
قديم 29-05-10, 07:36 AM   رقم المشاركة : 5
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


الأصل الخامس :
دلَّ الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة على مكانة الصحابة ومنزلتهم عند الله ولقد أثنى الله عليهم وزكاهم وكذلك أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزكاهم وبين أن حبهم إيمان وبغضهم نفاق لأنهم آمنوا بالله ورسوله حق الإيمان وحازوا قصب السبق في العمل بأوامر الله واجتناب نواهيه وجاهدوا لإعلاء كلمة الله بأموالهم وأنفسهم وهدى الله على أيديهم أمماً وشعوباً إلى آخر فضائلهم التي لم يسبقهم غير الأنبياء سابق ولا يلحقهم لاحق فمن أبغضهم أو سبهم فهو ضال , وبغضه لهم من علامات نفاقه ومن كفرهم فهو الكافر .

هذه لمحة موجزة ولا مجال لاستيفاء أصول أهل السنة التي من خالف فيها أو في بعضها حكموا عليه بالبدعة وأخرجوه من دائرة أهل السنة ولو انتمى إلى أهل الحديث أو إلى المذاهب الأربعة أو غيرها ولا شك أن للصوفية نصيباً وافراً من البدع ولا يغني عنهم شيئاً تسترهم بالمذاهب الأربعة .


والذي يتأمل كلام القاري يدرك أنه يجهل منهج أهل السنة والجماعة أو هو يعرفه ,ويلجأ إلى التمويه والمغالطات التي تضره وتضر بالصوفية الذين يدافع عنهم ويحق لي أن أتمثل بالبيت الآتي :



فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم


ونعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن لبس الحق بالباطل .

وقول القاري :
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" حبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء ..." الحديث ،
وقوله : " أصلي وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم وأتزوج النساء " وهذا يعطينا ضابطاً نضبط به زهد الصوفية , فإذا ظهر فيه غلو أو رهبانية رددناه إلى الكتاب والسنة فأبطلناه , وإذا ظل ملتزماً بحدود الشريعة وحكم الكتاب والسنة قبلناه هكذا أوصى أئمة الصوفية الممدوحون عند المسلمين " .

- أقول :

قد ظهر في الصوفية الأوائل الغلو والرهبانية في ملابسهم وطهارتهم ومساكنهم وأربطتهم وفي طعامهم وشرابهم وتعبدهم بالجوع والعطش المهلك , وقع في ذلك كبار الصوفية ومنهم سهل بن عبد الله التستري وأبو يزيد البسطامي والشبلي .

وقد عقد ابن الجوزي في ذلك فصولاً في بيان حالهم وفصولاً في مناقشتهم انظر تلبيس إبليس (ص 156-166)

فغلوهم قد حصل فعلاً ، فقول القاري " فإذا ظهر فيهم غلو ....الخ " مغالطة تتضمن أنه لم يظهر منهم شيء من ذلك في أسلاف الصوفية .

- أقول :

وأما متأخروهم فقد تغيرت حالهم وصاروا طلاب دنيا وأكلة سحت .

قال ابن الجوزي :

إنه كان أوائل الصوفية يخرجون من أموالهم زهداً فيها وذكرنا أنهم قصدوا بذلك الخير إلا أنهم غلطوا في هذا الفعل كما ذكرناه من مخالفتهم بذلك للشرع والعقل ،فأما متأخروهم فقد مالوا إلى الدنيا وجمع المال من أي وجه كان إيثارا للراحة وحباً للشهوات فمنهم من يقدر على الكسب ولا يعمل ويجلس في الرباط أو المسجد ويعتمد على صدقات الناس وقلبه معلق بطرق الباب , ومعلوم أن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي ولا يبالون بمن بعث إليهم فربما بعث إليهم الظالم والماكس فلم يردوه وقد وضعوا في ذلك بينهم كلمات منها تسمية ذلك بالفتوح ، ومنها أن رزقنا لابد أن يصل إلينا ، ومنها أنه من الله فلا يرد ولا نشكر سواه .
وهذا كله بخلاف الشريعة وجهل بها وعكس ما كان السلف الصالح عليه .


وساق -رحمه الله- حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- " إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس ..." الحديث .

ثم قال :


وبلغنا أن بعض الصوفية دخل على بعض الأمراء الظلمة فوعظه فأعطاه شيئاً فقبله ، فقال الأمير كلنا صيادون ثم الشباك يختلف .
ثم قال : ولقد كان أوائل الصوفية ينظرون في حصول الأموال من أي وجه ويفتشون عن مطاعمهم , وقد سئل أحمد بن حنبل عن السري السقطي ،فقال الشيخ المعروف بطيب المطعم ([3]
) ،

قال السري صحبت جماعة إلى الغزو فاكترينا داراً فنصبت فيها تنوراً فتورعوا أن يأكلوا من خبز ذلك التنور .

فأما من يرى ما تجدد من صوفية زماننا من كونهم لا يبالون من أين أخذوا فإنه يعجب ، ولقد دخلت بعض الأربطة فسألت عن شيخه فقيل لي : قد مضى إلى الأمير فلان يهنئوه بخلعة قد خلعت عليه ، وكان ذلك الأمير من كبار الظلمة ، فقلت ويحكم ما كفاكم أن فتحتم الدكان حتى تطوفوا على رؤوسكم بالسلع يقعد أحدكم عن الكسب مع قدرته عليه معولاً على الصدقات والصِّلات ثم لا يكفيه حتى يأخذ ممن كان ثم لا يكفيه حتى يدور على الظلمة فيستعطي منهم ويهنئوهم بملبوس لا يحل وولاية لا عدل فيها والله إنكم أضر على الإسلام من كل مضر " .

ثم قال فصل :
وقد صار جماعة من أشياخهم يجمعون المال من الشبهات ثم ينقسمون :


فمنهم من يدعي الزهد مع كثرة المال وحرصه على الجمع وهذه الدعوى مضادة للحال .

ومنهم من يظهر الفقر مع جمعه المال ، وأكثر هؤلاء يضيقون على الفقراء بأخذهم الزكاة ولا يجوز لهم ذلك .

وذكر عن شيخ لأحد الأربطة أنه كان يلبس الصوف صيفاً وشتاء ويقصده الناس يتبركون به ، فمات فخلف أربعة آلاف ديناراً .
قال : وهذا فوق القبيح وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أهل الصفة مات فخلف دينارين فقال صلى الله عليه وسلم :

" كيَّتان " تلبيس إبليس ص (165/167) .

- أقول :

هذا في صوفية زمانه فكيف لو رأى صوفية ما بعده إلى هذا الوقت ؟! وقد فسدت عقائدهم بالحلول ووحدة الوجود وأنواع العقائد الفاسدة وأنواع الشرك وعبادة القبور وسدانتها وأكل أموال الناس بالباطل وأكل النذور التي تقدم لهذه القبور ؟!


وإنشاء الإدارات والصناديق لنهب أموال الناس بالطرق الإجرامية والحيل فأفسدوا بهذه الأعمال عقول المسلمين وعقائدهم مما كان سبباً في تسليط الله عليهم أعداء الإسلام يدوسون كرامتهم ويستعمرون بلادهم فأي خدمة لأعداء الإسلام تفوق هذه الخدمة .

14- قال القاري :


" قال الجنيد -رحمه الله- : " علمنا هذا مبني على الكتاب والسنة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشأن " ( مجموع الفتاوى 10/412) " .


- أقول :


هذا النقل عن شيخ الإسلام فيه خلل بل مغالطة من القاري , إذ هو يتحدث عن مساوئ الصوفية التي تبين حقيقة ما هم فيه من جهل وضلال وأن الشيطان يزين لهم عباداتهم البدعية ويبغضهم في العلم والقرآن والحديث ويبغض إليهم الكتب , وكثير منهم ينفر ممن يذكر الشرع أو القرآن أو من معه كتاب أو يكتب ,وهذا الداء واقع في الصوفية من عهد سهل التستري .


وكلام الجنيد يواجه واقعاً صوفياً فيدفعه واقعهم المر إلى هذا القول وإن كان لا يجدي فيهم كلامه ولا كلام غيره , وكلام الجنيد هذا لا يرفع شيئاً من شأن الصوفية والتصوف إذ حالهم النفور من العلم وأهله , وهذا كلام شيخ الإسلام الذي يعتبر من أقوى الحجج عليك وعلى الصوفية . قال -رحمه الله- كما في (10/411-412) :
( وأهل العبادات البدعية ،يزين لهم الشيطان تلك العبادات، ويبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم والقرآن والحديث، فلا يحبون سماع القرآن والحديث، ولا ذكره، وقد يبغض إليهم حتى الكتاب، فلا يحبون كتابا، ولا من معه كتاب، ولو كان مصحفًا أو حديثًا، كما حكى النصراباذي أنهم كانوا يقولون‏:‏ يدع علم الخرق، ويأخذ علم الورق، قال‏:‏ وكنت أستر الواحى منهم، فلما كبرت احتاجوا إلى علمي‏.‏


وكذلك حكى السري السقطي ‏:‏

أن واحدًا منهم دخل عليه فلما رأى عنده محبرة وقلمًا خرج، ولم يقعد عنده، ولهذا قال سهل بن عبد اللّه التستري‏:‏ يا معشر الصوفية، لا تفارقوا السواد على البياض، فما فارق أحد السواد على البياض إلا تزندق‏.‏ وقال الجنيد‏:‏ علمنا هذا مبني على الكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشأن‏.‏


وكثير من هؤلاء ينفر ممن يذكر الشرع، أو القرآن أو يكون معه كتاب أو يكتب، وذلك لأنهم استشعروا أن هذا الجنس فيه ما يخالف طريقهم، فصارت شياطينهم تهربهم من هذا، كما يهرب اليهودي والنصراني ابنه أن يسمع كلام المسلمين حتى لا يتغير اعتقاده في دينه، وكما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم، ويستغشون ثيابهم لئلا يسمعوا كلامه ولا يروه، وقال اللّه تعالى عن المشركين‏:‏ ‏{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏ }‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 26‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{ ‏فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ‏.‏ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ‏.‏ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ‏}‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 49 - 51‏]‏‏.‏ وهم من أرغب الناس في السماع البدعي، سماع المعازف‏.‏ ومن أزهدهم في السماع الشرعي سماع آيات اللّه تعالى‏‏".


فهذا حال الصوفية الأوائل الذي يعرفه شيخ الإسلام وغيره فلماذا يكتمه القاري ويجتزئ بكلام الجنيد الذي لا يستفيد منه صوفية عصره فضلاً عمن بعدهم ولماذا يجعل القاري من ابن تيمية مدافعاً عن الصوفية وهو يذمهم أشد الذم ؟ !!


15- قال القاري :

" وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني : " القدر ظلمة فادخل في الظلمة بالمصباح , وهو الحكم : كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا تخـرج عنهما " ( مجموع الفتاوى 10/519) " .
- أقول :

سبق كلام الذهبي في كتاب الغنية للشيخ عبد القادر ,وليت الشيخ عبد القادر حذر من الدخول في ظلمات التصوف ,ومن يقرأ له في كتاب الغنية يندهش من حاله فهو في باب الأسماء والصفات وفي القدر مع أهل السنة فإذا دخل في ظلمات التصوف وجده رجلاً آخر !


ولأضرب لك بعض الأمثلة مما في كتابه الغنية :


1- تحدث عن فضائل الصلوات أيام الأسبوع , اعتمد في هذه الفضائل على أحاديث أغلبها موضوعات .

قال :
" فصل في ذكر صلاة يوم الثلاثاء : عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى يوم الثلاثاء عشر ركعات عند انتصاف النهار وفي حديث آخر عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات لم تكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوماً فإن مات إلى سبعين يوماً مات شهيداً وغفر له ذنوب سبعين سنة " .
وقال :

" عن أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

" من صلى يوم الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآمن الرسول مرة كتب الله له بعدد كل نصراني ونصرانية حسنات , وأعطاه ثواب نبي وكتب له حجة وعمرة وكتب له بكل ركعة ألف صلاة ثم أعطاه الله تعالى في الجنة بكل حرف مدينة من مسك أذفر " الغنية ( 2/140) .


أخرج ابن الجوزي في الموضوعات في فضل صلاة يوم الأحد حديثاً قريباً من هذا الحديث وقال هذا موضوع وفيه جماعة مجاهيل " .
وأقول : إن هذا الحديث من أشد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يعطى ثواب نبي والمرأ لو أنفق عمره في العمل ما لحق ثواب صحابي ولو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .

وكيف يعطى بكل حرف مدينة من مسك أذفر والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن القاري يعطى بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها .


وذكر الشيخ عبد القادر فضائل صلاة الليالي وفيها من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقشعر منه جلود من يعرف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض الكذب على الناس فضلاً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم , والكذب على رسول الله يستوجب صاحبه النار , قال صلى الله عليه وسلم : " من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " وقال : من روى عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين .


1- قال :

" وروى سعيد عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى يوم السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل يا أيها الكافرون ثلاث مرات , فإذا فرغ من صلاته وسلم قرأ آية الكرسي كتب الله بكل حرف حجة وعمرة ورفع له بكل حرف أجر سنة صيام نهارها وقيام ليلها وأعطاه بكل حرف ثواب شهيد وكان تحت عرشه مع النبيين والشهداء " الغنية ( 2/142) .
2- وقال : " فصل في فضل صلاة ليلة الثلاثاء , عن النبي صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة الثلاثاء اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة , وإذا جاء نصر الله خمس مرات بنى الله له في الجنة بيتاً عرضه وطوله وسع الدنيا سبع مرات .
3- وقال فصل في ذكر صلاة ليلة الأربعاء , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من صلى ليلة الأربعاء ركعتين يقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب مرة وقل أعوذ برب الناس عشر مرات ينـزل من كل سماء سبعون ألف ملك يكتبون له الثواب إلى يوم القيامة " الغنية (2/143) . هكذا بدون أسانيد وهذه مجازفات عظيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولقد أكثر من ذكر الفضائل من هذا النوع بدون زمام ولا خطام .
4- ويقول خلال حديثه عن الصوفي والمتصوف : " فالمتصوف المبتديء والصوفي المنتهي ... , المتصوف متحمل والصوفي محمول حمل المتصوف كل ثقيل وخفيف فحمل حتى ذابت نفسه وزال هواه وتلاشت إرادته وأمانته فصار صافياً فسمي صوفياً فحمل فصار محمول القدرة كرة المشيئة مربى القدس منبع العلوم والحكم بيت الأمن والفوز كهف الأولياء والأبدال وموئلهم ومرجعهم ومتنفسهم ومستراحهم ومسرتهم , إذ هو عين القلادة درة التاج منظر الرب " .


ثم يصف المريد بصفات لا يطيقها البشر من المكابدة ثم يقول : " ثم يجاهد نفسه وهواه بأمر الله عز وجل حتى يفارق أخراه وما أعد عز وجل لأوليائه فيها من جنة لرغبته في مولاه فيخرج من الأكوان فيصفى من الأحداث ويتجوهر لرب الأنام فتنقطع منه العلائق والأسباب والأهل والأولاد فتنسد عنه الجهات وتنفتح في وجهه جهة الجهات وباب الأبواب وهو الرضى بقضاء رب الأنام ورب الأرباب ويفعل فيه فعل العالم بما كان وما هو آت والخبير بالسرائر والخفيات وما تتحرك به الجوارح وما تضمره القلوب والنيات ثم يفتح تجاه هذا الباب باب يسمى باب القربة إلى المليك الديان , ثم يرفع منه إلى مجالس الأنس ثم يجلس على كرسي التوحيد , ثم يرفع عنه الحجب ويدخل دار الفردانية ويكشف عنه الجلال والعظمة ، فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو فانياً عن نفسه وصفاته عن حوله وقوته وحركته وإرادته ومناه ودنياه وأخراه فيصير كإناء بلور " الغنية (2/160) .


من أين أخذ عبد القادر صفات الصوفي والمتصوف ؟

هل أخذها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ألم ينه رسول الله عن التبتل والرهبانية ؟ ألم ينه عن التشدد وأمر بالاعتدال في العبادة في الصلاة والصوم والنوم والقيام وقراءة القرآن .


من أين لعبد القادر من أن الصوفي مربى القدس منبع العلوم والحكم بيت الأمن والفوز , كهف الأولياء والأبدال وموئلهم ومرجعهم درة التاج منظر الرب .

هل قال رسول الله هذا عن نفسه أو عن أحد من أصحابه مثل هذا ؟ .

أما قال الله لرسوله :
( قل لا أملك لكم ضراً ولا رشدا ) ؟
أما قال لإمام الأنبياء وخاتم الرسل :
( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرا ) ؟ .


وهل يجوز الزهد في الآخرة وهل زهد الأنبياء والصحابة والصديقون فيها ؟ .

ومن أين له أن الصوفي يترقى إلى هذه المراتب فيفتح له باب القربة إلى الملك الديان ثم يرفع منه إلى مجالس الأنس ثم يجلس على كرسي التوحيد ثم ترفع عنه الحجب فيدخل دار الفردانية ويكشف عنه الجلال والعظمة فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو , فهل الصوفي يرى الله في هذه الدنيا فيعطى منـزلة أفضل من منـزلة محمد وموسى عليهم الصلاة والسلام ؟ وما معنى بقي " بلا هو " فانياً عن نفسه وصفاته أليس هذا فتحاً للقول بوحدة الوجود ؟ .

ثم يقول الشيخ عبد القادر بعد ذكر عناية الله بالصوفية :
" فالله تعالى تولى إخراجهم من الظلمات إلى النور ، وهو عز وجل أطلعهم على ما أضمرت قلوب العباد ، وانطوت عليه النيات ، إذ جعلهم ربي جواسيس القلوب والأمناء على السرائر والخفيات ، وحرسهم من الأعداء في الخلوات والجلوات ، لا شيطان مضل ولا هوى متبع يميل بهم إلى الزلات ، قال الله عز وجل :
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )
ولا نفس أمارة بالسوء ، ولا شهوة غالبة متبعة تدعوه إلى اللذات المردية في الدركات المخرجة من أهل السنة والجماعات
" الغنية (2/161) .

من أين لعبد القادر أن الله اطلع الصوفية على ما أضمرت قلوب العباد وانطوت عليه النيات وجعلهم جواسيس القلوب والأمناء على السرائر والخفيات إلى آخر هذه الدعاوى الباطلة ؟ .

فعلم الغيب وبما في قلوب العباد وسرائرهم وخفياتهم أمر مختص بالله لا يشركه فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل , والله يقول:

( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )
فإذا كان هذا أثر التصوف في الشيخ عبد القادر المنتمي إلى مذهب الإمام أحمد إمام السنة فكيف بحال غيره ؟ .

16- قال القاري :

" وقال أبو يزيد البسطامي :
" لو نظرتم إلى رجل أعطي الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة " ( الرسالة القشيرية 1/103) " .

- أقول :

كل الطوائف بما فيهم الروافض يدعون أنهم على حق وأنهم متمسكون بالكتاب والسنة , ولكن الواقع هو الذي يبين من هو على الحق ومن هو صاحب الدعاوى .

والصوفية لهم دعاوى كثيرة وعريضة , ولكن واقعهم يُبيِّن زيف دعاواهم.

ولأبي يزيد عبارات ومخالفات خطيرة جعلت أهل بلده يخرجونه منها .

ومن عباراته ما نقله أبو عبد الرحمن السلمي بإسناده إلى أبي يزيد أنه سئل :
بأي شيء وجدت هذه المعرفة ؟
فقال : ببطن جائع وبدن عار " .
فهل جاء الأنبياء بهذا وهل جاء به الكتاب والسنة ؟ وهل كان الصحابة تأتيهم المعرفة عن طريق جوع البطون وعري الأبدان ؟ أليس هدا انحراف عن منهج الإسلام ؟ .

ثم ما هي هذه المعرفة وكيف يرضى هذا المدح ويعتد بهذه المعرفة الصوفية التي استمدها من الجوع والعري , لا من كتاب الله وسنة رسوله .

أين هو من الصحابة والسلف , أين هو من عمر بن الخطاب الذي فتح الدنيا وملأها عدلاً يقول :
" ليت أن الأمر بعد رسول الله كان كفافا لا لنا ولا علينا " .

ولأبي يزيد كلام كثير مستغرب , راجع طبقات الأولياء للسلمي ( ص67-74)

قال الذهبي :
وقد نقلوا عن أبي يزيد أشياء الشأن في صحتها عنه منها : سبحاني وما في الجبة إلا الله , ما النار لاستندن إليها غداً , وأقول اجعلني لأهلها فداء أو لأبلغنها (1) , ما الجنة ؟ لعبة صبيان , هب لي هؤلاء اليهود ما هؤلاء حتى تعذبهم ؟ .
ومن الناس من يصحح هذا عنه ويقول :
قال هذا في حال سكره .
قال أبو عبد الرحمن السلمي :
أنكر عليه أهل بسطام ونقلوا إلى الحسين بن عيسى البسطامي أنه يقول : لي معراج كما كان للنبي معراج فأخرجه من بسطام فحج ورجع إلى جرجان فلما مات الحسين رجع إلى بسطام ، قال الذهبي : قلت كان الحسين من أئمة الحديث .
وأبو يزيد من أهل ( الفرق ) (2) فمسلم حاله له (3) والله يتولى السرائر ونتبرأ إلى الله من كل من تعمد مخالفة الكتاب والسنة مات أبو يزيد سنة إحدى وستين ومائتين " الميزان (2/346-347) .
- أقول :


هذا كلام عجيب ، قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه – :
" إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء , الله يحاسب سريرته ومن أظهر لنا سوأ لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة" , البخاري , الشهادات (2641)
قال الحافظ :
وفي رواية أبي فراس
" ومن يظهر لنا شراً ظننا به شراً وأبغضناه عليه " .

وحكى الشوكاني الإجماع أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم وحكى البقاعي قريباً منه.

وساق أبو القاسم القشيري بإسناده إلى أبي يزيد أنه سئل عن ابتدائه وزهده فقال :

ليس للزهد منـزلة ، قال السائل :
قلت : لماذا ؟
فقال لإني كنت ثلاثة أيام في الزهد فلما كنت في اليوم الرابع خرجت منه ، في اليوم الأول زهدت في الدنيا وما فيها ، واليوم الثاني زهدت في الآخرة وما فيها واليوم الثالث زهدت فيما سوى الله ، فلما كان اليوم الرابع لم يبق لي سوى الله ، فهمت فسمعت هاتفاً يقول : يا أبا يزيد لا تقوى معنا فقلت هذا الذي أريد وسمعت قائلاً يقول : وجدتَ وجدتَ " الرسالة للقشيري ص36.

ما هذا الزهد ؟ هل أخذه أبو يزيد من القرآن أو السنة ؟
وهل الأنبياء زهدوا في الدنيا وما فيها على هذه الطريقة ؟ وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم زهد مثل هذا الزهد ؟ أليس قد كان لرسول الله وأصحابه أموال يستعينون بها على طاعة الله في الجهاد في سبيل الله وفي أنواع طرق الخير والبر ؟
أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب .
وكيف يزهد أبو يزيد في الآخرة وما فيها وقد أعد الله فيها الجنة للمتقين جنة عرضها السماوات والأرض وعلى رأسهم الأنبياء والصديقون والشهداء الصالحون ، فكيف يزهد فيها وهذا شأنها وفيها رؤية المؤمنين لربهم وهو أعلى نعيم يناله أهل الجنة .

وهذا إبراهيم خليل الله وثاني أولي العزم من الرسل يسأل ربه الجنة فيقول
: ( واجعلني من ورثة جنة النعيم ) .

وهذا محمد أفضل الرسل وخاتم النبيين يقول :
" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ، ثم صلوا عليَّ فإنه من صل عليَّ صلاة صل الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منـزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة " صحيح مسلم (384) .

وعن جابر -رضي الله عنه – ذكر قصة معاذ ، قال :
وقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم (للفتى) كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليتَ ؟ قال : أقرأ بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار وإني لا أدري مادندنتك ولا دندنة معاذ , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إني ومعاذاً حول هاتين أو نحو هذا " .

يعني حول سؤال الجنة والاستعاذة من النار " أبو داود ، الصلاة ، حديث (793) .

ورواه أبو داود أيضاً من طريق أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل كيف تقول في الصلاة ؟ قال : أتشهد وأقول : اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار ، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حولها ندندن " حديث (792) ورواه الإمام أحمد وابن ماجة وهو حديث صحيح .


وقال تعالى عن بعض الأنبياء
( إنهم كانوا يدعوننا رغباً ورهبا وكانوا لنا خاشعين )
أي يدعوننا راغبين في الجنة راهبين من النار .
فما هي المنـزلة التي بلغها أبو يزيد إذا كان يزهد فيما يرغب فيه الأنبياء وهو أعلى منازل الجنة ، إنها الفلسفة التي تجهل بدهيات القرآن والسنة وما دعا إليه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , فأين دعاوى اتّباع الكتاب والسنة ؟


وما هو تفسير الزهد فيما سوى الله ؟ لا أريد أن أفسره أتركه لغيري وكيف وصل أبو يزيد إلى ما يدعيه في ثلاثة أيام ؟ وما نوع هذا الهاتف الذي هتف به وما الذي وجد ؟ .

قال القشيري :
وقيل لأبي يزيد ما أشد ما لقيت في سبيل الله ؟ فقال : لا يمكن وصفه فقيل له ما أهون ما لقيت نفسك ؟ فقال : أما هذا فنعم دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني ، فمنعتها الماء سنة , وقال أبو يزيد منذ ثلاثين سنة أصلي واعتقادي في نفسي عند كل صلاة أصليها كأني مجوسي أريد أن أقطع زناري " الرسالة للقشيري (ص36) .
أشد ما لقيه أبو يزيد عند الصوفية لا يمكن وصفه , وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد يوم لقيه أنه يوم الطائف فكان يوم الطائف أشد على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل ما لقيه خلال ثلاث عشرة سنة من أهل مكة .

وأشد مما لقيه في يوم أحد والمعارك كلها .

وهل حرمان نفسه من الماء مدة سنة أو حتى أسبوعاً من الإسلام ؟ .
وهل يطيق البشر بما فيهم الرسل الكرام هذا العذاب ؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال أصوم ولا أفطر : " فمن رغب عن سنتي فليس مني " ؟ .

هذه الترهات المخالفة لشرائع الأنبياء والعقول والفطر تعتبر مناقب عند الصوفية وأنا لا أعتقد صحتها فإن صحت فهي على أبي يزيد لا له وأرجو أن يكون من أساطير الصوفية ليسلم منها أبو يزيد .
وساق القشيري إلى الفرغاني قال سمعت الجنيد وقد سئل من العارف قال من نطق عن سرك وأنت ساكت . الرسالة للقشيري (ص45) .
وهذه عقيدة صوفية يدعيها كثير منهم ولا ينكرها سائرهم .
وروى القشيري بإسناده إلى أبي محمد الجريريني قال سمعت الجنيد يقول : ما أخذنا التصوف من القيل والقال ولكن من الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات " الرسالة (ص45) .
هذه من الأدلة على أن التصوف ليس مأخوذاً من كتاب الله ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه الصحابة والتابعون .
قال تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ) .

وقال تعالى :
( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ) .

وقال تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) البقرة (168) .

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) المؤمنون الآية (51) .

وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) البقرة ( 172) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرم وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " مسلم الزكاة (1015) والترمذي في التفسير حديث (2989) وأحمد (2/328) وغيرهم .
- قال صاحب الرسالة القشيرية في ترجمة سهـل بن عبد الله التـستري (ص36-37) : ( وقال : سهل كنت ابن ثلاث سنين وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار , وكان يقوم بالليل فربما كان يقول : يا سهل اذهب فنم فقد شغلت قلبي .
سمعت محمد بن الحسين رحمه الله يقول : سمعت أبا الفتح يوسف بن عمران الزاهد يقول : سمعت عبد الله بن عبد الحميد يقول : سمعت عبد الله بن لؤلؤ يقول : سمعت عمر بن واصل البصري يحكي عن سهل بن عبد الله قال : قال لي خالي يوماً : ألا تذكر الله الذي خلقك ؟ فقلت : كيف أذكره فقال : قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك : الله معي , الله ناظر إلي , الله شاهدي , فقلت ذلك ثلاث ليال ثم أعلمته , فقال لي : قل في كل ليلة سبع مرات , فقلت ذلك ثم أعلمته , فقال : قل في كل ليلة إحدى عشرة مرة , فقلت ذلك فوقع في قلبي حلاوة , فلما كان بعد سنة قال لي خالي : احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة , فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لها حلاوة في سري , ثم قال لي خالي يوماً : يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده أيعصيه ؟ إياك والمعصية , فكنت أخلو فبعثوني إلى الكُتَّاب فقلت : إني لأخشى أن يتفرق عليَّ همي ولكن شارطوا المعلِّم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع , فمضيت إلى الكتاب وحفظت القرآن وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين , وكنت أصوم الدهر وقوتي خبز الشعير إلى أن بلغت اثنتي عشرة سنة , فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فسألت أهلي أن يبعثوني إلى البصرة أسأل عنها , فجئت البصرة وسألت علماءها فلم يشف أحد منهم عني شيئاً , فخرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العباداني فسألته عنها فأجابني ,وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدّب بآدابه ثم رجعت إلى تستر فجعلت قوتي اقتصاراً على أن يشتري لي بدرهم من الشعير الفرق فيطحن ويخبز لي فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بحتاً بغير ملح ولا إدام ,فكان يكفيني ذلك الدرهم سنة , ثم عزمت على أن أُطوَى ثلاث ليال ثم أفطر ليلة ثم خمساً ثم سبعاً ثم خمساً وعشرين ليلة وكنت عليه عشرين سنة ,ثم خرجت أسيح في الأرض سنين ثم رجعت إلى تستر وكنت أقوم الليل كله ) اهـ.
- أقول :
قوله قُل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرَّات من غير أن تحرك به لسانك ...الخ
- قال الإمام الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ناقلاً كلام صاحب " عدة الحصن الحصين " ص52 -وهو يتكلم عن آداب الذكر- : ( وأن يتدبر ما يقول ويتعقل معناه وإن جَهِل شيئا تبيَّنَه ولا يُعتَد له بشيء مما رتَّبه الشارع على قوله حتى يتلفظ به ويُسمع نفسه ) اهـ
- وقال النووي في " الأذكار" ص11 : ( اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت أو مستحبة لا يُحسَب شيء منها ولا يُعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له ) اهـ.
- ونقل علي بن سلطان محمد القاري في " مرقاة المفاتيح " (5/156) أنَّ القاضي عياض قال : " لا ثواب في الذكر بالقلب " ووافقه البلقيني فقال : " وهو حق لا شك فيه " وخالفنا في ذلك علي القاري والصواب مع هؤلاء العلماء .
وجاء في " حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح " (ج1/ص215) : " وذكر ابن الجزري في "الحصن الحصين" :" أن كل ذكر مشروع أي مأمور به في الشرع واجبا كان أو مستحبا لا يعتد بشيء منه حتى يتلفظ به ويسمع به نفسه " اهـ والمعنى : أنه إذا قرأ في قلبه حال القراءة أو سبَّح بقلبه في الركوع والسجود لا يكون آتيا بفرض القراءة وسنَّة التسبيح ..) اهـ.
وهذا الذي قرره هؤلاء العلماء مأخوذ من القرآن والسنة .
قال الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا ) .
ولا يفهم المسلمون من هذه الآية إلا الذكر باللسان مع حضور القلب , ولا يعتد بالذكر حتى يتلفظ به .
عن عبد الله بن بسر أن رجلاً قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ , فأخبرني بشيء أتشبث به , قال : " لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله " .
أخرجه أحمد (4/190,188) والترمذي (5/388) حديث (3375) وابن حبان , الإحسان (3/96-97) حديث ( 814) والحاكم (1/495) وصححه , وصحيح الترمذي (3615) وابن ماجة (2/1246) , وله شاهد من حديث معاذ .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن أقول سبحان الله وبحمده أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس " .
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " متفق عليه , البخاري (6405) وفي مسلم (6738) " من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه " .
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده " البخاري (6406) ومسلم (6740) .
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تبارك وتعالى : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت به شفتاه " أخرجه أحمد (2/540) وابن ماجة (2/1246) وابن حبان , الإحسان (3/97) وغيرهم من طرق عن الأوزاعي عن إسمـاعيل بن عبيـد الله عن كريمـة ابنة الخشخاش وعن أم الـدرداء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً .
وعن معاذ -رضي الله عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله ؟ " قال أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله " أخرجه ابن حبان (3/100) وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة , والطبراني في الكبير والبزار , وهو في درجة الحسن , وانظر تخريجه في حاشية (ص100) من الجزء المذكور .
فهذا هدي خير الأنبياء وخاتمهم,قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) وقال صلى الله عليه وسلم إنكاراً على من تشدد في العبادة : " ومن رغب عن سنتي فليس مني " وهديه صلى الله عليه وسلم في عمله وتعليمه لأمته أن يكون الذكر باللسان مع الإخلاص لله رب العالمين .
وأقول : ثم إن هذا الذكر الذي أُلزم به سهل والتزمه بدعة في كيفيته ومراحله وفي تخصيص عدده وتخصيص وقته , ثم صيامه على هذه الوجوه :
1- يقتصر على أكل أوقية من الشعير بحتاً من غير ملح ولا إدام .
ثم يطوى ثلاث ليال ثم يفطر ليلة ثم يطوى خمساً ثم سبعا ثم خمساً وعشرين ليلة ويستمر على هذا خمساً وعشرين سنة .
هل جاءت شريعة الإسلام السمحة بمثل هذا التنكيل والتعذيب ؟ حاشا الإسلام من هذه الرهبانية التي حاربها فلا رهبانية في الإسلام .
2- ثم سياحته في الأرض سنين مخالف لشريعة الإسلام , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " .
3- قيام الليل كله قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث عن عبد الله بن عمرو وأبي الدرداء وعائشة وغيرهم ومنها – حديث أنس – رضي الله عنه – قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها , فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم , قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا , وقال الآخر أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر , وقال آخر : أما أنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبدا , فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني " البخاري , النكاح (5063) ومسلم , النكاح (3293) باختلاف في بعض الألفاظ .
فليعلم القاري أن ما نقلناه من مخالفات الصوفية يعتبر نزراً يسيراً من أقوال أئمة التصوف القدامى وأعمالهم وزهدهم وعبادتهم .
ألا يرى الناصح لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم أن للصوفية منهجاً يخالف الكتاب والسنة فلا يصدق عليه أنه هو عين التوحيد ولا يصدق عليه أنه هو الإحسان وأن من يحيل الصوفية في هذا العصر على منهج الصوفية الأولين قد أخطأ خطأً كبيراً وأحال على جهل وانحراف خطير .
ومن غلو الصوفية في شيوخهم أنهم ينقلون كلامهم كأنه وحي يوحى ولا يزنونه بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مما دفع الشيوخ إلى الأقوال الكثيرة التي لا صلة لها بالكتاب والسنة .
وهذا بخلاف أهل السنة وعلمائهم الذين يزنون أقوال الناس بعد الأنبياء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما وافقهما قبلوه وما خالفهما ردوه ومن أصولهم قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) .
ومن أصولهم المستمدة من الكتاب والسنـة " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وتجد الصوفية من أبعد الناس عن هذه الأصول , ارجع إلى تراجم شيوخهم وأقوالهم لترى الغلو والمبالغات والأقوال والعقائد والإسراف في حكايات الكرامات ومنها ادعاء علم الغيب والرقابة على قلوب الناس وخطراتهم ما لا نجد منه شيئاً من هذا عند السلف .
- أقول :
فهذا حال أئمة الصوفية القدامى إن رجعت إلى كلامهم وإلى مؤلفاتهم لا تجدهم ملتزمين بالكتاب والسنة ولا على طريقة الصحابة والسلف الصالح بل لا نجد عندهم إلا الطوام فكيف بحال الصوفية المعاصرين ؟!
وكيف يقال : إن التصوف الصحيح هو عين التوحيد ؟! إذا كان حال الصوفية هو ما نقلناه عنهم ؟!!
17- قال القاري : " فهؤلاء وغيرهم من أئمة التصوف الصحيح([4]) كأئمة الفقهاء يردون كل شيء إلى الكتاب والسنة ، فإذا غلا بعض الصوفية في (الزهد) فحرم على نفسه أو على غيره التزوج بالنساء ، أو أكل الحلال أو العمل في التجارة أو نحوها ، فإنه يكون مخالفاً للكتاب والسنة بل يكون مخالفاً للتصوف ، فنرد عليه قوله ونذم حاله ، حسب وصية أئمة التصوف " .
- أقول :
شتان بين أئمة الفقه والحديث وبين أئمة التصوف اهتماما بكتاب الله وسنة رسوله حفظاً وتفقهاً واستنباطاً وتدوين دين الله من عقائد وأحكام وغيرها في دواوين السنة والعقائد والفقه والدعوة إلى هذا الحق والخير والتربية عليه والذب عنه ورد غوائل أهل الضلال من الفرق ورد غوائل أعداء الإسلام من الملاحدة والمنافقين ، شتان بين هؤلاء وبين الصوفية الذين قلت عنايتهم بالعلم حديثاً وفقهاً وعقائد ومن قلد منهم العلماء في شيء من العقائد تجده يتخبط في ميادين التصوف ومن ألف منهم تجد مؤلفاتهم مليئة بالأفكار المنحرفة والأحاديث الباطلة فيتورع أوائلهم في الحلال والحرام ولا يتورعون في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن تفسير كتاب الله بالأقوال الباطلة والاستناد إلى الوساوس التي يسمونها بالإشارات ، أما متأخروهم فقد مر الحديث عنهم ولا سيما في التوسع في كسب الأموال من الطرق الفاسدة وتوسعهم في العقائد الفاسدة كالحلول ووحدة الوجود وفي التعلق بالأولياء وقبورهم وتفريقهم للأمة بكثرة الطرق الصوفية التي تجاوزت العشرات التي يكفي بعضها لإهلاك معظم الأمة وإيقاعها في الضلال .
وكأن القاري لا يخاف على الصوفية في المستقبل إلا الانحراف في الزهد ولا يدرك أنهم قد انحرفوا من نشأتهم في الزهد وغيره أما متأخروهم فحدث عنهم ولا حرج وقد مضى الحديث عنهم .
18- تحدث القاري عن اشتقاق التصوف وحكى عن ابن تيمية أنه مأخوذ من الصوف ثم قال : " ولا أرى كبير فائدة في هذا البحث لأن النقاش ليس في الأسماء ولكن في المعاني والمدلولات ،وإذا كان بالإمكان التخلص من هذه الأسماء الحادثة ، فعلينا أن نتخلص من لفظة "الصوفي" و " الصوفية" الحادثة في منتصف القرن الثاني ، وربما قبل ذلك وكذلك نتخلص من لفظة " السلفي" و " السلفية " الحادثة بعد ذلك بقرون ، لم يعرف وصف أحد بـ "السلفي " أو طائفة بـ" السلفية" طوال القرون الثلاثة المفضلة ، والجواب على هذا هو الجواب على ذاك ".
- أقول للقاريء وغيره :
إذا كان النقاش في المعاني والمدلولات لا في الأسماء ، فهل تستوي المعاني والمدلولات عند الصوفية وعند السلفيين في الضلال ، هل المنهج السلفي القائم على كتاب الله وسنة رسوله وعلى ما كان عليه الصحابة وسائر القرون المفضلة ومن بعدهم من أئمة الهدى ، هل هذا المنهج الذي يسير عليه السلفيون عقيدةً ومنهجاً ودعوة يستوي مع المناهج الصوفية التي أنكرها أئمة الإسلام منذ ذر قرنها إلى زمن الحلاج وأشياعه إلى ابن القشيري ثم الغزالي ، وزادها توسعاً في الضلال ابن عربي والتلمساني وابن الفارض وابن سبعين الذين تدور الصوفية في فلكهم وفلك ضلالاتهم التي منها الحلول ووحدة الوجود من عهدهم إلى يومنا هذا وواقعهم ومؤلفاتهم تشهد بهذا.
والسلفيون من فجر تاريخهم ومؤلفاتهم إلى يومنا هذا تشهد بذلك ، دع عنك أدعياء السلفية الذين يشهد عليهم ولاؤهم وانتماؤهم لأهل الضلال والأهواء فلا يجوز عدهم في السلفيين فإن ولاءهم لأهل الأهواء ومحاربتهم للسلفيين تدينهم ببعدهم عن السلفية والسلفيين حتى يرجعوا إلى محض السلفية منهجاً وولاء وذباً عنها وعن أهلها على طريقة أئمة السلف .
أما لفظ السلفية والسلفيين فقد اضطر إليها السلفيون اضطراراً وهو لفظ تداوله العلماء وأقره ابن تيمية وابن باز اللذين تحتج بهما ، فإذا تخلى أهل البدع من الصوفية وغيرهم عن التصوف والتجهم والاعتزال والتمشعر وعادوا إلى الكتاب والسنة وجب على الجميع بما فيهم السلفيون أن ينتموا إلى الإسلام ويدعوا هذه التسميات .
وأخيراً فإني أدعو المسلمين جميعاً علماء وحكاماً وطلاب علم وشعوباً إلى العودة الحميدة إلى الكتاب والسنة وإلى ما كان عليه السلف الصالح من عقيدة واحدة ومنهج واحد وأن يدعوا المناهج والعقائد الفاسدة التي فرقتهم ومزقتهم شر ممزق وغرست في النفوس العداوة والبغضاء والأحقاد والفتن وسلطت عليهم الأعداء من أهل الملل والنحل من يهود ونصارى وغيرهم ولن تزول عنهم هذه البلايا حتى يحققوا هذه العودة التي أوجبها عليهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهي من أعظم ما فرضه الله عليهم .
نسأل الله أن يأخذ بنواصيهم إلى الحق والخير وإلى القيام بهذه الفريضة العظيمة التي يكمن فيها عزهم وكرامتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة .
وبها يخرجهم الله من دوامة الذل والهوان التي يعيشونها من قرون وينصرهم على أعدائهم وأعداء دينهم إن ربنا لسميع الدعاء .




كتبه


الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي


27/شعبان/1426هـ




____________________
(1) : والإسلام مع ذلك ليس محصوراً في السلوك .
(1): كذا والصواب ابن سبعين .
(1) : كذا ولعله " من الطرق " .
([1] ) انظر كتاب الإيمان (ص67) .
([2] ) بعض أفراد الصوفية قد يشارك أهل السنة في باب الأسماء والصفات كالسلمي ولكنه يأتي بطوام عظيمة في تصوفه وفي تفسيره المعروف بـ " حقائق التفسير" .
([3] ) يبدو أن هذا المدح من الإمام أحمد للسري قبل أن يعرف حاله فلما عرف حاله حذر منه .
انظر (ص150 ) من تلبيس إبليس .
(1) هكذا وفي السير " لأبلعنها " بالعين المهملة .
(2) قال في الهامش : " ليس في خ " .
(3) علق المحقق في الهامش بقوله : أخطأ الذهبي في قوله : " يسلم له حاله " ما يسلم حاله إلا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , أقول : الصواب مع هذا المحقق إذ ليس لنا إلا الظاهر والله يتولى السرائر .
([4]) التصوف الذي يرى القاري أنَّه صحيح إنَّما هو في واقعه وساوس وخطرات وشطحات وتعذيب للنفس بالجوع والعطش على طريقة رهبان النصارى والهنادك






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» برنامج التهريج المسمى الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة
»» إيران تعتقل 1069 معتمراً في مطاراتها بتهمة حيازة المخدرات
»» زوار الحسين أكثر من زوار الكعبة كذبة رافضية قزوينية
»» أصول أه السنة و الجماعة لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان
»» الرد على محاضرات قصص تاريخية لطارق السويدان
 
قديم 31-05-10, 07:47 AM   رقم المشاركة : 6
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


مناقشة
الهادي المختار ومن معه
في ذبِّهم عن الصُّوفية

( الحلقة الأولى)


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .


أما بعد :

فقد اطلعت على مقال الهادي المختار الذي نشر في الرسالة عدد الجمعة الموافق 12ربيع الآخر عام 1426هـ والذي تضمن رداً على مقالي الذي نشر في الرسالة في يوم الجمعة 5ربيع الآخر 1426هـ الذي بينت فيه بالأدلة موقف كبار السنة والتوحيد والحديث من الصوفية وأرائها وزعمائها وكتبها مثل موقف الإمام أحمد وأبي زرعة وابن الجوزي والذهبي وغيرهم .
ومما يؤخذ على هذا الكاتب :


أولاً - إنه تجاهل الأئمة الذين اعتمدت على أقوالهم في نقد الصوفية والتصوف وعلى رأسهم الإمام أحمد .
ثانياً – ذكر من أئمة السلفية تحت العنوان السابق الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور موسى الشريف وذكر سهل بن عبد الله التستري واستشهد بأقوال ابن عطاء الله الإسكندري وهو من كبار الصوفية القائلين بوحدة الوجود ,وذكر أبا حامد الغزالي ونسي موقف علماء المغرب وعلى رأسهم القاضي عياض من كتابه الإحياء حيث قاموا بإحراقه ونسي موقف علماء السنة من هذا الكتاب ومن صاحبه ؛ومنهم ابن تيمية وابن الجوزي والذهبي وأئمة الدعوة في نجد ,واستشهد بقول أحمد التيجاني الذي ملئت كتبه وكتب أتباعه بالأباطيل والافتراءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما أنها قائمة على القول بالحلول ووحدة الوجود ,فهؤلاء الصوفية كلهم يقولون : مذهبنا قائم على الكتاب والسنة ،فإذا سبر الناس كتبهم ومذاهبهم ومنهجهم وجدوا الفروق الكبيرة بينها وبين أقوالهم .



مواقف أهل السنة وعلمائها من الصوفية وزعمائها

وحيث إن ملحق الرسالة لا يتحمل التفصيل فسأذكر في هذا المقال ما يؤكد مقالي في الصوفية الذي رد عليه الهادي المختار وغيره ، منها :


- أولاً : ما ذكره الشعراني في كتاب الطبقات ( 1/13-14)، حيث ذكر:
1- أنهم نفوا أبا يزيد البسطامي من بلده سبع مرات .
2- وذكر أنه وقع لذي النون المصري مثل ذلك ، ويزعم الشعراني أنه وشوا به إلى بعض الحكام وحملوه من مصر إلى بغداد مغلولاً مقيداً , ويؤخذ من كلامه أنهم كانوا يعتقدون فيه أنه زنديق , والذين عاملوه هذه المعاملة هم علماء الأمة وفقهاؤها وإن طعن فيهم الشعراني.
3- ذكر أنهم قتلوا الحسين الحلاج وقطعوا يديه ورجليه.
وهو معروف بأنه زنديق يقول بالحلول ووحدة الوجود ومعروف بالسحر والشعوذة واتفقت عليه كلمة العلماء.
4- قال : وشهدوا على الجنيد أنه كان يقرِّر علم التوحيد، ثم إنه تستر بالفقه واختفى.

5- وذكر أنهم أخرجوا الحكيم الترمذي إلى بلخ حين صنَّف كتاب علل الشريعة وكتاب ختم الأولياء فأنكروا عليه بسبب هذين الكتابين , وقالوا: فضلت الأولياء على الأنبياء ، وأغلظوا عليه فجمع كتبه كلها وألقاها في البحر فابتلعتها سمكة ثم لفظتها بعد سنين . هكذا يقول الشعراني!.

6- وذكر عدداً آخرين من زعماء الصوفية يُطردون من بلدانهم لما فيهم من الضلال ، منهم أبو بكر النابلسي وأبو الحسن الشاذلي، أخرجوه وجماعته من المغرب إلى الإسكندرية لأنهم اتهموه بالزندقة .
والذين يعاملون زعماء الصوفية هذه المعاملة التي ذكرها الشعراني هم علماء الإسلام وفقهاؤه.

- ثانياً :
ويؤكد هذا ما قاله ابن الجوزي في (تلبيس إبليس):

1- أن ذا النون هجره علماء مصر ورموه بالزندقة وكان من المنكرين عليه الإمام عبد الله بن عبد الحكم المالكي.

2- وقال : وأُخرج أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة .

3- وشهد قوم على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة .

4- وذكر عن أبي يزيد البسطامي أنه يقول: لي معراج مثل معراج النبي صلى الله عليه وسلم فأخرجوه من بسطام .
فهذه مواقف أهل السنة من الصوفية الأوائل إلى عهد الشاذلي.

- ثـالثاً :
ومواقف ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن حجر وشيوخه وتلاميذه، والإمام المقري في اليمن، وغير هؤلاء من أهل السنة من الصوفية المتأخرين، ولا سيما أتباع ابن عربي، مثل مواقف علماء السلف وفقهائهم من الصوفية وزعمائها الأوائل.
وليرجع من شاء إلى
( الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن
و( الفرقان بين الحق والباطل
ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية،
و( إغاثة اللهفان ) و ( مدارج السالكين ) لابن القيِّم، و( الميزان ) للذهبي، و( تنبيه الغبي ) للبقاعي -أحد تلاميذ الحافظ ابن حجر-
جمع فيه أقوال العلماء في أهل وحدة الوجود.

ونأسف أن بعض المنتسبين إلى السنة يتعلقون بعبارات لابن تيمية وابن القيِّم والذهبي في بعض أفراد الصوفية الذين لا يُعدَّون قطرة في بحر التصوف والصوفية، يتعلقون بهذه العبارات ليدافعوا بها عن الصوفية وبلائها الجاثم على صدر الأمة منذ نشأ التصوف إلى يومنا هذا.
وأنا أسألهم :
هل هذه الطرق الصوفية القائمة الآن مثل التيجانية والميرغنية والسهروردية والقادرية والجشتية والرفاعية والشاذلية والبرهانية وغيرها من الطرق الكثيرة، هل هم على عقيدة أهل السنة ومنهجهم ؟!

وهل هذه القبور المقدَّسة في مشارق العالم الإسلامي ومغاربه التي يُعتقد في أهلها أو في كثير منهم أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ويستجيبون الدعاء ويكشفون الكربات، هل هي قائمة على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح ؟.
ألا تعلمون أن أهم أسباب هذه البلايا في العالم الإسلامي إنما هم الصوفية ؟.

أرى أنه من الواجب عليكم أن تتركوا مثل هذه الأساليب التي تقوم على التلبيس وأن تسلكوا مسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في محاربة الشرك ومظاهره ووسائله، وفي الجهر بالنصيحة لهذه الأمة، وتحذيرها من خطر الصوفية وعقابيلها، وأن تهتفوا بهم وبالأمة جميعاً إلى العودة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة الكرام وتابعوهم بإحسان، ذلكم هو الطريق النافع للأمة والذي يخلصها من الأوضاع المهلكة التي يعيشونها والتي من أعظم أسبابها الفكر الصوفي وعقائده ومناهجه،
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ).
- ثالثاً :
ولقد فهمت من مقال الهادي المختار أنه من أتباع الطريقة التيجانية أو من المخدوعين بهذه الطريقة وأهلها فرأيت أن أسوق له أمثلة من عقائد هذه الطائفة وشيخها :

قولها بوحدة الوجود


1- قال صاحب جواهر المعاني (1/255) نقلاً عن شيخه التيجاني :
" .. اعلم أن أذواق العارفين في ذوات الوجود أنهم يرون أعيان الموجودات " كسراب بقيعة " الآية . فما في ذوات الوجود كله إلا الله سبحانه وتعالى تجلى بصورها وأسمائها وما ثم إلا أسماؤه وصفاته فظاهر الوجود وصور الموجودات وأسماؤها ظاهرة بصورة الغير والغيرية، وهي مقام أصحاب الحجب الذين حجبوا بظاهر الموجودات عن مطالعة الحق فيها، والظاهر المحض إنما هو وجود الحق وحده في كل شيء " .
2- وقال صاحب الجواهر (2/91-92) عن الشيخ التيجاني في شرح حديث باطل: " وتحقيق ما في هذا الحديث هو ما قلناه أولاً وهو أن جميع المخلوقات مراتب للحق يجب التسليم له في حكمه وفي كل ما أقام خلقه لا يعارض في شيء ،ثم حكم الشرع من وراء هذا يتصرف فيه ظاهراً لا باطناً ولا يكون هذا إلا لمن عرف وحدة الوجود فيشاهد فيها الوصل والفصل ،فإن الوجود عين واحدة لا تجزؤ فيها على كثرة أجناسها وأنواعها ووحدتها لا تخرجها عن افتراق أشخاصها بالأحكام .والخواص وهي المعبر عنها عند العارفين أن الكثرة عين الوحدة والوحدة عين الكثرة فمن نظر إلى كثرة الوجود وافتراق أجزائه نظره عيناً واحدة على كثرته ، ومن نظر إلى عين الوحدة نظرة متكثر بما لا غاية له من الكثرة ، وهذا النظر للعارف فقط لا غيره من أصحاب الحجاب وهذا لمن عاين الوحدة ذوقاً لا رسما وهذا خارج عن القال ومعنى الفصل والوصل، فالوحدة هي الوصل والكثرة هي الفصل " أ.هـ

3- وحدة الوجود ووحدة الأديان :

أ- قال التيجاني: " واعلم أن حضرة الحق سبحانه وتعالى متحدة من حيث الذات والصفات والأسماء والوجوه .
والوجود كله متوجه إليه بالخضوع والتذلل والعبادة والخمود تحت سلطان القهر وامتثال الأمر والمحبة والتعظيم والإجلال .
فمنهم المتوجه إلى صورة الحضرة الإلهية نصاً جليّا في محو الغير والغيرية .
ومنهم المتوجه إلى الحضرة العليَّة من وراء ستر كثيف، وهم عبدة الأوثان ومن ضاهاهم فإنهم في توجههم إلى عبادة الأوثان ما توجهوا لغير الحق سبحانه وتعالى، ولا عبدوا غيره لكن الحق سبحانه وتعالى تجلى لهم من تلك الستور بعظمته وجلاله وجذبهم بحسب ذلك بحكم القضاء والقدر الذي لا منازع لهم فيه وهذا هو التوجه إلى الله كرهاً ، يقول سبحانه وتعالى :
( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ..). الآية.
فالوجود كله متوجه إلى حضرة الحق سبحانه وتعالى بصفة ما ذكرنا فرداً فرداً وأن الكفار والفجرة والمجرمين والظلمة ، فهم في ذلك التخليط الذي خالفوا فيه نصوص الشرع وصورة الأمر الإلهي فإنهم في ذلك ممتثلون لأمر الله تعالى ليسوا بخارجين عن أمره ومراده إلا أنهم خرجوا عن صورة الأمر الإلهي ظاهراً وغرقوا فيه باطناً " جواهر المعاني وبلوغ الأماني (1/239) .

ب - وقال أيضا ً
:".. فكل عابد أو ساجد لغير الله في الظاهر فما عبد ولا سجد إلا لله تعالى لأنه هو المتجلي في تلك الألباس ، وتلك المعبودات كلها تسجد لله تعالى وتعبده وتسبحه خائفة من سطوة جلاله سبحانه وتعالى ولو أنها برزت لعبادة الخلق وبرزت لها بدون تجلية فيها لتحطمت في أسرع من طرفة العين لغيرته تعالى لنسبة الألوهية إلى غيره ، قال سبحانه وتعالى لكليمه موسى : ( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ) والإله في اللغة هو المعبود بالحق وقوله : ( لا إله إلا أنا ) يعني لا معبود غيري وإن عبد الأوثان من عبدها فما عبد غيري ولا توجهوا بالخضوع والتذلل لغيري ..الخ .

ميدان الفضل والإفضال (ص/62)
نقلاً عن كتاب (التيجانية)
للأستاذ علي الدخيل الله (ص/84).

نماذج من كتاب:

(الخلاصة الوافية الظريفة في شرح الأوراد اللازمة والوظيفة للطريقة التيجانية الشريفة)
تأليف: محمد سعد الرباطابي التيجاني

1- الطريقة التيجانية أخذها شيخها وإمامها أحمد التيجاني عن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم (ص/5) حاشية .

2- ويقول محمد سعد الرباطابي التيجاني عن شيخ الطريقة أحمد التيجاني :

" ورضي الله تعالى عن بهجة الأخيار ومعدن البركات والأسرار قطب الأقطاب وغوث الأغواث القطب المكتوم والكنـز المطلسم قدوتنا وشيخنا وإمامنا ختام الأولياء وممدهم الشيخ أحمد بن محمد التيجاني الشريف الحسني وعن أصحابه المنتسبين إليه ومحبيه أجمعين " (ص/ 3) .

- أقول :

فهل هذه العقيدة التي يؤمن أهلها بالأقطاب والأغواث والكنوز المطلسمة منبثقة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟! وهل يعرف الناس وظيفة الغوث والقطب وأن من منها التصرف في الكون ؟!


3- ويقول عن كراماته أنها كثيرة شهيرة لا يحصرها العد ولا تستقصى
ومن لي بحصر البحر والبحر زاخر
*** ومن لي بإحصاء الحصى والكواكب



ومن أعظم كراماته رضي الله عنه رؤيته لذات سيد الوجود وعلم الشهود سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً دائماً بحيث لا يغيب عنه طرفة عين ويسأله صلى الله عليه وسلم عن كل أمر يبدو له ويشاوره صلى الله عليه وسلم في كل شيء دقَّ أو جلَّ " (ص/ 12-13).


فهل هناك مسلم أو عاقل يصدِّق هذه الدعاوى العريضة ؟!


4- ويقول عن علمه :

وكان رضي الله عنه يقول :
لو سألني سائل أربع سنين وأنا أملي عليه وهو يكتب لم يفرغ يعني من غير تأمل ،ولا يستغرب ذلك وقد قال له صلى الله عليه وسلم : كل ما أمليت فأنت مترجم عني " .
فهل يصدق هذا الرجل إذا قال إن ميزانه الكتاب والسنة ؟!

وهل يقول مثل هذا الكلام عاقل فضلاً عن إنسان يدعي أعلى مراتب الولاية ؟!.


5- ويقول : الرباطابي التيجاني:

" وتولى سيدنا وشيخنا القطبانية العظمى في شهر المحرم 1214 من هجرة سيد المرسلين وهو مقيم بفاس ، وهذا من خرق العادة وفي اليوم الثامن عشر من شهر صفر الخير من السنة المذكورة بلغ مقام الختم والكتم الخاصين بختم الولاية المحمدية الخاصة .
6- ويقول:

"قال الشيخ رضي الله عنه : إن جميع الأولياء يدخلون في زمرتنا ويأخذون أورادنا ويتمسكون بها إلى يوم القيامة حتى الإمام المهدي المنتظر إذا قام في آخر الزمان الخ.


يأخذها ويكون من خلفاء الشيخ رضي الله عنه الوارثين لعلومها وأسرارها وقد نوه سيدنا الشيخ رضي الله عنه كثيراً بفضلها ولم يقل ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " (ص/ 38 ).


ويشيد الرباطابي بفضائل هذه الطريقة.


فمن هم هؤلاء الأولياء الذين يدخلون في زمرتهم ويأخذون أوراده؟ وهل الأولياء كلهم تيجانية ؟ ومن هو هذا المهدي المنتظر الذي يأخذ بطريقة أحمد التيجاني ويترك الكتاب والسنة، ويكون خليفة للتيجاني لا خليفة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟


الظاهر أنه يريد بهذا المهدي المنتظر صاحب السرداب الذي ينتظر الروافض قيامه.


7- وينقل الرباطابي التيجاني عن إمام التيجانية قوله :
طريقتنا تنسخ جميع الطرق وتبطلها " .


وهل في الطرق الصوفية ناسخ ومنسوخ ؟!

وما هو الحكم على الطرق القائمة ؟!
وهل يسلِّم أصحابها بهذه الدعوى؟!
وهل يسلِّم أهل السنة بهذا أو ذاك؟!

8- ونقل الرباطابي عن إمامه أنه قال:

"من ترك ورداً من أوراد المشائخ لأجل الدخول في طريقتنا هذه المحمدية الإبراهيمية الحنيفية أمَّنه الله في الدنيا والآخرة فلا يسوؤه شيء أبداً وهذا وعد صادق منه صلى الله عليه وسلم إلينا وأنَّ كل من دخل زمرتنا وخرج منها إلى غيرها طرده الله من حضرته وسلبه ما منحه من محبتنا ويموت كافراً والعياذ بالله من مكر الله ولا يفلح أبداً " !.

هكذا يقول عن طريقته أنها محمدية إبراهيمية حنيفية ومن دخل فيها أمَّنه الله في الدنيا والآخرة ،وينسب هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والرسول ما شهد بمثل هذا لمن دخل في الإسلام بمجرد دخوله ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) والأمان المطلق له شروطه الصعبة.


9- ويقول :

طريقتنا طريق محض الفضل أعطاها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم منه إلي مشافهة من غير واسطة يقظة لا مناماً ، وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مِنَّـة لمخلوق عليك من مشايخ الطرق وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم شيخه ومربيه ووجهته وقدوته ". ص/37 .


سبحان الله !
بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى العالمين بشيراً ونذيراً فبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة وما مات حتى أكمل الله به الدين .


ثم يبعثه الله لأحمد التيجاني وحده فيعلمه ويربيه ويشاوره ويملي عليه كل شيء ولا يفارقه طرفة عين !!!


اللهم إننا نبرأ إليك من هذه الأباطيل ونشهد أنها أكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ونؤمن بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبعها ونتبع سبيل المؤمنين الذين مدحهم الله وزكاهم .
ونؤمن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .

ولا أكذب من هذه الأقوال والدعاوى العريضة .

فهل ادعى أحد من الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة أو ادعى أحد من الصحابة أو زوجاته صلى الله عليه وسلم أو أهل بيته أنه رآه مرة واحدة في اليقظة؟ أو أنه سأله عن مسألة واحدة بعد موته؟!!!


إن روح رسول الله في الجنة وفي الرفيق الأعلى كيف يترك الجنة ويلازم أحمد التيجاني لا يغيب عنه طرفة عين يشاوره ويجيبه عن كل أمر يبدو له؟!
سبحانك هذا بهتان عظيم .

وللطريقة التيجانية
شروط تبلغ تسعة وعشرين شرطاً منها :

1- أن يكون المريد خالياً من أوراد المشائخ أو ينسلخ عنها وقد عاهد الله أن لا يعود إليها البتة .


2- عدم الزيارة لجميع الأولياء الأحياء منهم والأموات إلا من أذن له الشيخ في زيارتهم وهم الأنبياء والصحابة وإخواننا في الطريقة .

قال رضي الله عنه : كل من أخذ وردنا ودخل طريقتنا لا يزور أحداً من الأولياء الأحياء والأموات أصلاً .
وقال رضي الله عنه : قال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم : " إذا مر أصحابك بأصحابي فليزوروهم وأما غيرهم من الأولياء فلا " . (ص/43).


ثم قال :
والزيارة الممنوعة عندنا هي الزيارة بقصد التعلق وطلب الاستمداد لا الزيارة لله ومواصلة الأرحام وتعلم العلم وسماع الوعظ من العلماء".


أي أنهم يوجبون قصر التعلق والاستمداد على شيوخ التيجانية والصحابة للعداوة والتحاسد بينهم وبين شيوخ الطرق الأخرى وهذا التعلق والاستمداد([1]) هو عين الشرك بالله فهم لا يحرمون هذا الشرك من أجل إخلاص الدين والتوحيد لرب العالمين ولا من أجل أنه شرك بالله وإنما من باب التحزب واحتكار المريدين.


صلاة الفاتح وجوهرة الكمال


عقد التيجاني محمد سيد الرباطابي فصلاً في فضل الأوراد اللازمة للطريقة ذكر فيه بعص الآيات والأحاديث في فضل الاستغفار ، وفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم فضل لا إله إلا الله ولم يذكر حديثاً واحداً من أحاديث الاستغفار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر صيغة من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة الإبراهيمية بل اقتصر على ذكر صلاة الفاتح وفضلها المفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال :



" ويكفي في فضل صلاة الفاتح لما أغلق الخ قول الشيخ رضي الله عنه :
إن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم أخبره بأن المرة الواحدة منها تعدل كل تسبيح وقع في الكون ، وكل ذكر ، وكل دعاء صغير وكبير ستة آلاف مرة .

ثم قال( يعني الشيخ التيجاني ) :
وخاصة صلاة الفاتح لما أغلق الخ أمر إلهي لا تَدخَّل للعقول فيه ، فلا يلتفت إلى تكذيب مكذب ، ولا قدح قادح فإن لله فضلاً خارجاً عن دائرة القياس ويكفيك قول الله تعالى: ( ويخلق ما لا تعلمون ).


فما توجه متوجه بأحب إلى الله بعمل يبلغها وإن كان ما كان ولا توجه متوجه بأحب إلى الله منها ، ولا أعظم حظوة إلا مرتبة واحدة وهي : مرتبة من توجه إلى الله باسمه العظيم الأعظم لا غير ، وتكفيه صلاة الفاتح لما أغلق ولا يحصل هذا الخير إلا لمن صدَّق بما سمع وسلَّم لفضل الله تعالى ولا يأخذه الحد والقياس.

قال :
واعلم أن كل ما تذكره من الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأدعية لو توجهت بجميعها مائة ألف عام كل يوم مائة ألف مرة وجمع ثواب ذلك ما بلغ مرة واحدة من صلاة الفاتح لما أغلق الخ ولا يحصل فضلها إلا بشرطين :


الأول : الأذن الخاص من الشيخ أو مقدميه ولو تعددت الوسائط إلى آخر الدهر.
الثاني : أن يعتقد أنها ليست من تأليف مؤلف بل جاءت للقطب البكري من حضرة الغيب ،وهي من أقسام وحي الإلهام للأولياء رضي الله عنهم ويعتقد أنها من كلام الله كالأحاديث القدسية وليست من تأليف البشر وقد ذكرت جملة صالحة من فضلها في الجواهر العلية وفضلها أكبر من أن يحصر وأعظم من أن يسطر وفضل الله أوسع والله ذو الفضل العظيم " .


ونتساءل كيف ادخر الله صلاة الفاتح وفضلها للقطب البكري ثم للتيجاني والتيجانية فلم يعطها لأولى العزم من الرسل ومنهم سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعطها للأنبياء وسائر الرسل الكرام ولا الملائكة المقربين وأوحاها للقطب البكري ؟!!!

عن أنس رضي الله عنه قال :
قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ، فلما انتهيا إليها بكت ، فقالا لها ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم .

فقالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد أنقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان " صحيح مسلم حديث (2454) .

فهؤلاء أصحاب رسول الله يعتقدان اعتقاداً جازماً أن الوحي قد انقطع من السماء لأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين كما جاء بذلك الكتاب والسنة وقام عليه الإجماع فمن اعتقد أن الله يوحي بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم إلى أحد فقد كذب الكتاب والسنة والإجماع .

وهل يجب على الناس أن يصدقوا التيجاني بأن صلاة الفاتح من أقسام وحي الله ؟

وأن الصوفية يوحي الله إليهم بما هو أفضل مما أوحاه الله إلى الأنبياء والرسل الكرام !!

وهل نصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن أفضل الأعمال فأجاب:
" الصلاة لوقتها فقال السائل :
وهو عبدالله بن مسعود ثم أي ؟

قال :
" بر الوالدين "فقال عبدالله ثم ماذا ؟
قال رسول الله : " الجهاد في سبيل الله " أو نصدق التيجاني بأن صلاة الفاتح أحب إلى الله من كل عمل يتوجه به متوجه إلى الله .
والاسم الأعظم ولعله يخترع لله اسماً يسميه هو الاسم الأعظم .

هل نصدق التيجاني أن المرة الواحدة تعدل كل تسبيح وقع في الكون وكل ذكر ودعاء صغير وكبير ستة آلاف مرة إلى آخر ما يدعيه .

وفي (جواهر المعاني)
لعلي حرازم التيجاني ص/135 حاكياً عن إمامه الشيخ أحمد التيجاني قوله :
( فلما رأيت الصلاة التي فيها المرة الواحدة بسبعين ألف ختمة من دلائل الخيرات تركت الفاتح لما أغلق الخ واشتغلت بها وهي : اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله سلاما يعدل سلامهم لما رأيت فيها من كثرة الفضل ، ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها أخبرني أولا بأن المرة الواحدة منها تعدل القرآن ست مرات ، ثم أخبرني ثانياً: أن المرة الواحدة تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة لأنه من الأذكار " (ص/ 135-136 ) .


ويقول:
ثم قال الشيخ رضي الله عنه : وأخبرني صلى الله عليه وسلم أنها لم تكن من تأليف البكري ( أي صلاة الفاتح ) ولكنه توجه إلى الله مدة طويلة أن يمنحه صلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها ثواب جميع الصلوات وسر جميع الصلوات ، وطال طلبه مدة ثم أجاب دعوته فأتاه الملك بهذه الصلاة مكتوبة في صحيفة من النور ثم قال الشيخ : فلما تأملت هذه الصلاة وجدتها لا تزنها عبادة جميع الجن والإنس والملائكة " .انظر (ص/137-138 ) .

وقال على حرازم :
( فائدة : قال الشيخ رضي الله عنه : عدد ألسنة الطائر الذي يخلقه الله من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي له سبعون ألف جناح إلى آخر الحديث ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف إلى أن تعد ثمان مراتب وستمائة وثمانون ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف إلى أن تعد سبع مراتب وسبعمائة ألف ألف ألف ألف ألف إلى أن تعد خمس مراتب فهذا مجموع عدد ألسنة وكل لسان يسبح الله تعالى بسبعين ألف لغة في لحظة وكل ثوابها للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مرة ، هذا في غير الياقوته الفريدة وهي : الفاتح لما أغلق الخ وأما فيها فإنه في كل مرة ستمائة ألف طائر على الصفة المذكورة كما تقدم فسبحان المتفضل على من يشاء من عباده من غير منة ولا علة ، انتهى من خط سيدنا وحبيبنا وخازن سر سيدنا أبي عبدالله سيدي محمد بن المشري حفظه الله وأدام ارتقاءه ) (ص/143-144 من جواهر المعاني).

فهل سمع بشر بأكذب من هذا الكذب والافتراء على الله ؟!
فهذا هو واقع الطريقة التيجانية وواقع شيوخها؛ فهل يقال إنهم من أهل السنة؟!


وأقرأ الطرق الأخرى مثل الرفاعية والشاذلية والنقشبندية والجشتية والمرغنية فستجد ما يهيلك ويذهلك من العقائد الإلحادية كالحلول ووحدة الوجود والشرك الأكبر والخرافات والأساطير ما يندى له الجبين .


فهل يقال إن أهل هذه الطرق وما شاكلها من أهل السنة والجماعة ؟!.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
29/ربيع الآخر/1426هـ


________________
(1) : الاستمداد عند الصوفية : استمداد المريد من روحانية شيخه بكثرة رعاية صورته ليتأدب ويستفيض منه في الغيبة كالحضور ، وقيل الفناء في الشيخ مقدمة الفناء في الله وهذا من أهم المهمات وآكد الآداب في العبادة. وهذا الأمر لا يجحده إلا من كتب الله على جبهته الخسران واتسم والعياذ بالله بالمقت والحرمان أولئك هم الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. انظر نو ر الهداية والعرفان ص/55 وتنوير القلوب ص/ 518 كلاهما من كتب النقشبندية .
ونحن نرى أنه يجب الكفر بهذا الأمر ونرجو السعادة لمن يجحده .






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» العلامة الألباني عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة
»» في الإعتماد على الحساب الفلكي لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان
»» أيها الشيعي هل أنت واثق من عقيدتك ولا تريد إلا الحق ؟
»» آية تدل على سابق علم الله تعالى بنجاة الصحابة من النار
»» فتنة خروج ابن الأشعث على الحجاج و مقتل 100 ألف من المسلمين
 
قديم 31-05-10, 08:12 AM   رقم المشاركة : 7
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


مناقشة


الهادي المختار ومن معه


في ذَبِّهم عن الصُّوفية


( الحلقة الثانية)












بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :

فقد اطلعت على مقال بعنوان
" أتمنى أن تقرأ التاريخ
لتجد بنفسك حضور أهل التصوف "
بتاريخ - الجمعة 2 جمادى الآخرة 1426 هـ -
للمسمى بالهادي المختار
نشرته جريدة المدينة في ملحقها :
"الرسالة "
يتضمن أقوالاً باطلة يدافع بها عن التصوف
والغلاة فيه
فرأيت لزاماً أن أفند تلك الأقوال وأن أبدأ بالعنوان .

فأقول وبالله التوفيق :

- أولاً : أفيدك أنني لي عناية بالتاريخ من صغري وأني أعرف الصوفية وتاريخها معرفة جيدة وأعرف مخابئها ومقاتلها وعندي كتب كثيرة من مؤلفات الصوفية وكتب كثيرة في نقدها وعندي عدد من مؤلفات الطائفة التيجانية مثل :
1 - جواهر المعاني في فيض أبي العباس التجاني : تأليف علي حرازم التجاني
2 - الفوز والنجاة :
تأليف محمد السيد التجاني
3 – الخلاصة الوافية الظريفة في شرح الأوراد اللازمة والوظيفة للطريقة التجانية الشريفة
4 – أقوى الأدلة والبراهين على أن سيدي أحمد محمد التجاني خاتم للأقطاب المحمديين بيقين .
وفي هذه الكتب من الضلال ولا سيما القول بوحدة الوجود والحلول ووحدة الأديان ومن الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما يخجل منه شياطين الجن والأنس ولاسيما ما يتعلق بفضائل صلاة الفاتح واعتقاد التجانية أن هذه الطريقة تلقاها أحمد التجاني كلها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظةً وأن رسول الله أخبره بفضل صلاة الفاتح أولاً أن المرة الواحدة منها تعدل القرآن ست مرات ، ثم أخبره ثانياً:
أن المرة الواحدة تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة ، لأنه من الأذكار .
وعندهم صلاة المرة الواحدة منها بسبعين ألف ختمة ( جواهر المعاني ص / 135 - 136).
ولهم أكاذيب أخرى حول هذه الصلاة المفتراة على رسول الله لا يتسع المقام لذكرها تعتبر أضعاف أضعاف هذه الأكاذيب ارجع إليها في المقال الأول .
- ثانياً :
1- قال الهادي المختار :
" ذكر الدكتور المدخلي أنني تجاهلت الأئمة الذين اعتمد على أقوالهم في نقد الصوفية وأخشى أن يكون هذا التجاهل مما عمت به البلوى فازعم أن الدكتور, وفقه الله ,تجاهل هو أيضا كثيرا مما أوردت عن أئمة وعلماء ودعاة أنصفوا التصوف وتجاهل ما ذكرته من أعمال أهل التصوف في نشر الدعوة والإسلام في أنحاء المعمورة ويمكن للدكتور أن يراجع خريطة العالم الإسلامي ويقرأ التاريخ ليجد بنفسه حجم حضور أهل التصوف .
تجاهل الدكتور كل ذلك و اقتصر المسألة برمتها بوصفها بأنها عبارات لابن تيمية وابن القيم والذهبي في بعض أفراد الصوفية ,ومن رجع إلى كتب هؤلاء الأئمة وغيرهم سيجد, إن كان منصفا وينظر بتجرد, أن المسالة ليست عبارات في آحاد بل هي تقييم موضوعي لمنهج بأكمله .
والحقيقة أن كتب العلماء مليئة بمدح الصوفية ونقدهم النقد البنَّاء المجرد عن التعصب أمَّا من تعصب ضدَّهم أو تتبع الأخطاء فسيجد ما يكتب ويقول لأنه لا أحد منهم يدَّعي العصمة " اهـ.
- الجواب :
الأئمة الذين احتجت بأقوالهم فيها نقد علمي يحذر الناس من أباطيل وضلالات الصوفية ويربط الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
والذين تعلقت أنت بكلامهم ما بين مغموص عليه في دينه كالقرضاوي وإبراهيم نياس زعيم التيجانية في هذا العصر وما بين مجهول لا يعرف ولعله من الصوفية وما بين من لا يُعَدُّ من العلماء .
فكلامهم لا يصلح لمعارضة كلام الإمام أحمد وأبي زرعة والذهبي وغيرهم ممن طعن في الصوفية ومنهجهم وكتبهم فليرجع المنصف إلى الكتب التي ذكرها الذهبي وابن الجوزي ليعرف صحة نقد العلماء الذين احتججت بأقوالهم وأنهم ناصحون للأمة وليعرف على الأقل خطأ من عارضت بأقوالهم أقوال هؤلاء الأئمة العالمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم .
2- قال : " ذكر الدكتور أن علماء المغرب قاموا بإحراق كتاب الإحياء ولئن كان كتاب الإحياء قد أحرق بسبب فتنة معروفة فذلك حصل أيضا مع كتب ابن حزم ولسبب يختلف عن سبب إحراق الإحياء والمسألة كانت اجتهاداً ممن أقدم على ذلك لكنها لم تؤثر على انتشار الكتاب وقبوله بين المسلمين مشرقا ومغربا.
ولئن كان كتاب الإحياء قد احرق فإن كثيرا من أهل العلم لم تحترق بصائرهم فأنصفوا الغزالي ,يقول الإمام الذهبي عن الغزالي : '' الشيخ الإمام البحر حجة الإسلام أعجوبة الزمان زين الدِّين أبو حامد صاحب التصانيف والذكاء المفرط '' .
- أقول : وللذهبي في الغزالي نقد لاذع فلماذا لم تشر إليه ولم تنقل منه شيئاً وقد نقل نقده عن عدد من العلماء منهم المازري وابن العربي والقاضي عياض والطرطوشي وقاضي الجماعة محمد بن حمدين القرطبي ومما نقله عن ابن العربي قوله : " شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيأهم فما استطاع " السير (19/327) .
وذكر المازري عن أحد أصحاب الغزالي أن الغزالي كان له عكوف على رسائل إخوان الصفا التي ألفها ابن سينا وهي خمسون رسالة (19/341) وأنه عول في التصوف على أبي حيان التوحيدي ومعلوم زندقة ابن سيناء وأبي حيان التوحيدي ,ماذا يستفيد الغزالي من العكوف على رسائل إخوان الصفا وكتابات التوحيدي ولقد ظهرت آثارها عليه في فلسفته التي بلعها وفي تصوفه الذي سيطر عليه .
3- وقال الهادي : ويقول الإمام ابن الجوزي : ''صنف الكتب الحسان في الأصول والفروع التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها و تحقيق الكلام فيها '' .
- أقول : قال الذهبي في السير (19/342) :
" قال أبو الفرج ابن الجوزي صنف أبو حامد الإحياء وملأه بالأحاديث الباطلة ولم يعلم بطلانها وتكلم على الكشف وخرج عن قانون الفقه وقال عن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات وهذا من جنس كلام الباطنية وقد رد ابن الجوزي على أبي حامد في كتاب الإحياء وبين خطأه في مجلدات سماه كتاب الأحياء "
4- قال الهادي : " وقد أثنى العلماء على كتاب الإحياء فنظروا إليه بموضوعية وإنصاف قال ابن السبكي : " وهو من الكتب التي ينبغي الاعتناء بها وإشاعتها ليهتدي بها كثير من الخلق " .
وقال: ولو لم يكن للناس في الكتب التي صنفها أهل العلم إلا الإحياء لكفاهم(1) "
وقال الهادي : قال ابن كثير : " وصنف في هذه المدة كتابه إحياء علوم الدين وهو كتاب عجيب يشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات وممزوج بأشياء لطيفة من التصوف وأعمال القلوب ,لكن فيه أحاديث كثيرة غرائب ومنكرات وموضوعات كما يوجد في غيره من كتب الفروع " .
- أقول : لماذا لم تذكر ما نقله ابن كثير في هذا الموضوع نفسه من تشنيع العلماء على الغزالي وكتابه الإحياء ؟!!
حيث قال ابن كثير -رحمه الله- : " وقد شنع عليه أبو الفرج ابن الجوزي ثم ابن الصلاح في ذلك تشنيعا كثيرا . وأراد المازري أن يحرق كتابه إحياء علوم الدين وكذلك غيره من المغاربة وقالوا هذا كتاب إحياء علوم دينه ,وأما ديننا فإحياء علومه كتاب الله وسنة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما قد حكيت ذلك في ترجمته في الطبقات .وقد زيف ابن شكر مواضع إحياء علوم الدين وبين زيفها في مصنف مفيد وقد كان الغزالي يقول أنا مزجي البضاعة في الحديث ويقال إنه مال آخر عمره إلى سماع الحديث والتحفظ للصحيحين وقد صنف ابن الجوزي كتابا على الإحياء وسماه علوم الأحياء بأغاليط الإحياء قال ابن الجوزي ثم ألزمه بعض الوزراء بالخروج إلى نيسابور فدرس بنظاميتها ثم عاد إلى بلده طوس فأقام بها وابتنى رباطا واتخذ دارا حسنة وغرس فيها بستانا أنيقا وأقبل على تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث الصحاح وكانت وفاته في يوم الإثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بطوس رحمه الله تعالى وقد سأله بعض أصحابه وهو في السياق فقال أوصني فقال عليك بالإخلاص ولم يزل يكررها حتى مات رحمه الله " اهـ.
وقد رأيت ما نقله ابن كثير من نقد وتشنيع لما في كتاب الإحياء من عدد من العلماء الناصحين -رحمهم الله وجزاهم الله أحسن الجزاء على نصحهم للإسلام والمسلمين- .
- وأقول : فإن صحَّت توبته فأسأل الله أن يتقبلها -وليس اعتراضنا واعتراض العلماء على توبته- وإنَّما على كتبه وما دوَّنه في كتابه "الإحياء" وغيره من الضلالات الصوفية من الحلول ووحدة الوجود والفلسفة وكذا الأحاديث الموضوعة والضعيفة .
5- قال الهادي المختار : " وغير ذلك كثير من أقوال أهل العلم فيه مثل الحافظ العراقي ومن المعاصرين الشيخ يوسف القرضاوي ... يرجع إليه في مواقعه وخصوصا كتاب " الإمام الغزالي حجة الإسلام ومجدد المائة الخامسة لصالح أحمد الشامي " " اهـ .
- أقول : تقدَّم لك بطلان دعواه على العلماء ثمَّ إن كان هناك من يمدح الغزالي وكتبه فإنَّ القاعدة عند أئمة الحديث والفقه أنَّ الجرح المفسَّر مقدَّمٌ على التعديل وأمَّا القرضاوي فلا يحتج به إلاَّ مُفلسٌ من الحقِّ والحجج .
والذي يعتبر الغزالي مجدد المائة الخامسة فقد ظلم نفسه ولم ينصح للإسلام ولا للمسلمين .
- وأقول : جزى الله خيراً من أحرقوا الإحياء لما فيه من الضلالات ولو لم يكن فيه إلا وحدة الوجود والأحاديث الموضوعة لكَفَى ذلك مُوجِباً لإحراقه دع عنك الأباطيل الأخرى .
أما رواجه بعد ذلك فلا حجة في رواجه ولا في أقوال وأفعال مروجيه فهذا وذاك ليس فيهما دليل على أنه حق ولا أن مروجيه على الحق بل هم على الباطل وبعيدون عن النصح للأمة وأعتقد أن الله سوف يحاسبهم على ترويجهم لهذا الكتاب وفيه ما فيه .
ومن المناسب أن أذكر هنا ما يتعلق بوحدة الوجود .
- قال الغزالي :
فإن قلت : كيف يتصوّر أن لا يشاهد إلا واحداً وهو يشاهد السماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة وهى كثيرة, فكيف يكون الكثير واحداً ؟ فاعلم أن هذه غاية علوم المكاشفات . وأسرار هذا العلم لا يجوز أن تسطر في كتاب؛ فقد قال العارفون: إفشاء سر الربوبية كفر ,ثم هو غير متعلق بعلم المعاملة, نعم ذِكْر ما يكسر سورة استبعادك ممكن: وهو أن الشيء قد يكون كثيراً بنوع مشاهدة واعتبار, ويكون واحداً بنوع آخر من المشاهدة والاعتبار, وهذا كما أنّ الإنسان كثير إن التفت إلى روحه وجسده وأطرافه وعروقه وعظامه وأَحشائه, وهو باعتبار آخر ومشاهدة أخرى واحد إذ نقول إنه إنسان واحد؛ فهو بالإِضافة إلى الإنسانية واحد, وكم من شخص يشاهد إنساناً ولا يخطر بباله كثرة أمعائه وعروقه وأَطرافه وتفصيل روحه وجسده وأعضائه, والفرق بينهما أنه في حالة الاستغراق والاستهتار به مستغرق بواحد ليس فيه تفريق وكأنه في عين الجمع, والملتفت إلى الكثرة في تفرقة, فكذلك كل ما في الوجود من الخالق والمخلوق له اعتبارات ومشاهدات كثيرة مختلفة, فهو باعتبار واحد من الاعتبارات واحد, وباعتبارات أخر سواه كثير, وبعضها أشدّ كثرة من بعض, ومثاله الإنسان وإن كان لا يطابق الغرض ولكنه ينبه في الجملة على كيفية مصير الكثرة في حكم المشاهدة واحداً, ويستبين بهذا الكلام ترك الإنكار والجحود لمقام لم تبلغه وتؤمن به إيمان تصديق, فيكون لك من حيث إنك مؤمن بهذا التوحيد نصيب وإن لم يكن ما آمنت به صفتك كما أنك إذا آمنت بالنبوّة وإن لم تكن نبياً كان لك نصيب منه بقدر قوّة إيمانك, وهذه المشاهدة التي لا يظهر فيها إلا الواحد الحق تارة تدوم وتارة تطرأ كالبرق الخاطف وهو الأكثر, والدوام نادر عزيز, وإلى هذا أشار الحسين بن منصور الحلاج حيث رأى الخوّاص يدور في الأسفار فقال :
فيما ذا أنت ؟
فقال: أدور في الأسفار لأصحح حالتي في التوكل وقد كان من المتوكلين؛ فقال الحسين: قد أفنيت عُمُرك في عمرانِ باطنك, فأين الفناء في التوحيد ؟ فكأن الخوّاص كان في تصحيح المقام الثالث في التوحيد, فطالبه بالمقام الرابع؛ فهذه مقامات الموحدين في التوحيد على سبيل الإجمال " الإحياء (4/ 306 – 307 ) .
فانظر كيف يقرر وحدة الوجود بهذا الأسلوب ويضرب الأمثال ليقنع الواقف على كلامه بهذه العقيدة وأكد ذلك باستشهاده بقول الحلاج الذي أفتى علماء الإسلام بقتله بعد تأكدهم من إلحاده وزندقته .
وللغزالي كتب أخرى مثل " الكتب المضنون بها على غير أهلها " سلك فيها مسلك الملاحدة في معنى الشفاعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة (ص37-39) :
" وقد أحدث قوم من ملاحدة الفلاسفة الدهرية للشرك شيئاً آخر ذكروه في زيارة القبور كما ذكر ذلك ابن سينا ومن أخذ عنه كصاحب الكتب المضنون بها وغيرها([1])، ذكروا معنى الشفاعة على أصلهم فإنهم لا يقرون، بأن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ولا أنه يعلم الجزئيات ويسمع أصوات عباده ويجيب دعاءهم، فشفاعة الأنبياء والصالحين على أصلهم ليست كما يعرفه أهل الإيمان من أنها دعاء يدعو به الرجل الصالح فيستجيب الله دعاءه. كما أن ما يكون من إنزال المطر باستسقائهم ليس سببه عندهم إجابة دعائهم، بل هم يزعمون أن المؤثر في حوادث العالم هو قوى النفس أو الحركات الفلكية أو القوى الطبيعية. فيقولون: إن الإنسان إذا أحب رجلاً صالحاً قد مات لا سيما إن زار قبره فإنه يحصل لروحه اتصال بروح ذلك الميت فيما يفيض على تلك الروح المفارقة من العقل الفعّال عندهم أو النفس الفلكية، يفيض على هذه الروح الزائرة المستشفعة من غير أن يعلم الله بشيء من ذلك - بل وقد لا تعلم الروح المستشفع بها بذلك - ومثلوا ذلك بالشمس إذا قابلها مرآة فإنه يفيض على المرآة من شعاع الشمس، ثم إذا قابل المرآة مرآة أخرى فاض عليها من تلك المرآة، وإن قابل تلك المرآة حائط أو ماء فاض عليه من شعاع تلك المرآة، فهكذا الشفاعة عندهم، وعلى هذا الوجه ينتفع الزائر عندهم. وفي هذا القول من أنواع الكفر مالا يخفى على من تدبره، ولا ريب أن الأوثان يحصل عندها من الشياطين وخطابهم وتصرفهم ما هو من أسباب ضلال بني آدم، وجعل القبور أوثانًا هو أول الشرك. ولهذا يحصل عند القبور لبعض الناس من خطاب يسمعه وشخص يراه وتصرف عجيب ما يظن أنه من الميت وقد يكون من الجن والشياطين؛ مثل أن يرى القبر قد انشق وخرج منه الميت وكلمه وعانقه، وهذا يرى عند قبور الأنبياء وغيرهم، وإنما هو شيطان؛ فإن الشيطان يتصور بصور الإنس ويدعي أحدهم أنه النبي فلان أو الشيخ فلان ويكون كاذبًا في ذلك " اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة (ص 168-171) : " فالحديث لو كان ثابتاً (1) كان معناه أنه خاطب العقل في أول أوقات خلقه وأنه خلق قبله غيره، وأنه تحصل به هذه الأمور الأربعة لا كل المصنوعات. و "العقل" في لغة المسلمين مصدر عقل يعقل عقلاً، ويراد به القوة التي بها يُعقل. وعلوم وأعمال تحصل بذلك، لا يراد بها قط في لغة جوهر قائم بنفسه فلا يمكن أن يراد هذا المعنى بلفظ العقل.
مع أنا قد بينا في مواضع أخر فساد ما ذكروه من جهة العقل الصريح، وأن ما ذكروه من المجردات والمفارقات ينتهي أمرهم فيه إلى إثبات النفس التي تفارق البدن بالموت، وإلى إثبات ما تجرده النفس من المعقولات القائمة بها، فهذا منتهى ما يثبتونه من الحق في هذا الباب.
والمقصود هنا أن كثيراً من كلام الله ورسوله يتكلم به من يسلك مسلكهم ويريد مرادهم لا مراد الله ورسوله، كما يوجد في كلام صاحب الكتب المضنون بها وغيره.
مثل ما ذكره في "اللوح المحفوظ" حيث جعله النفس الفلكية، ولفظ "القلم" حيث جعله العقل الأول .
قلت أنا ربيع وقريب من هذا ما قاله الغزالي في "الرسالة اللدنية" في (1/114 – 115) من القصور العوالي: " الطريق الثاني وهو التعليم الرباني على وجهين :
الوجه الأول، إلقاء الوحي، وهو أن النفس إذا كملت ذاتها يزول عنها دنس الطبيعة ودرن الحرص، والأمل في الفانية، وتقبل بوجهها على بارئها ومنشئها، وتتمسك بجود مبدعها، وتعتمد على إفادته، وفيض نوره. والله تعالى بحسن رعايته يقبل على تلك النفس إقبالاً كلياً، وينظر إليها نظراً إلاهياً، ويتخذ منها لوحاً، ومن النفس الكلي قلما، وينقش فيها جميع علومه، ويصير العقل الكلي كالمعلم، والنفس القدسية كالمتعلم، فيحصل جميع العلوم لتلك النفس، وينتقش فيها جميع الصور من غير تعلم وتفكر".
ويقول عن الإلهام (1/116) في القصور: "والذي يحصل عن الإلهام يسمى علماً لدنياً، والعلم اللدني هو الذي لا واسطة في حصوله بين النفس وبين الباري، وإنما هو كالضوء من سراج الغيب يقع على قلب صافٍ فارغ لطيف، وذلك أن العلوم كلها حاصلة معلومة في جوهر النفس الكلية الأولى الذي هو في الجواهر المفارقة الأولية المحضة بالنسبة إلى العقل الأول كنسبة حواء إلى آدم عليه السلام، وقد بين أن العقل الكلي أشرف وأكمل وأقوى وأقرب إلى الباري تعالى من النفس الكلية، والنفس الكلية أعز وألطف وأشرف من سائر المخلوقات، فمن إفاضة العقل الكلي يتولد الإلهام، ومن إشراق النفس الكلية بتولد الإلهام، فالوحي حلية الأنبياء، والإلهام زينة الأولياء".
إلى أن يقول في (ص 117): "وفرق بين الرسالة والنبوة؛ فالنبوة قبول النفس القدسية حقائق المعلومات والمعقولات عن جوهر العقل الأول".
والرسالة تبليغ تلك المعلومات والمعقولات إلى المستفيدين والقابلين.
إلى أن يقول: فإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً، رفع الحجاب بين نفسه وبين النفس التي هي اللوح، فيظهر فيها أسرار بعض المكنونات وانتقش فيها معاني تلك المكنونات، فتعتبر النفس عنها كما تشاء لمن يشاء من عباده".
ولفظ "الملكوت" و"الجبروت" و "الملك" حيث جعل ذلك عبارة عن النفس والعقل، ولفظ "الشفاعة" حيث جعل ذلك فيضاً يفيض من الشفيع على المستشفع وإن كان الشفيع قد لا يدري، وسلك في هذه الأمور ونحوها مسالك ابن سينا كما قد بسط في موضع آخر " .
قال الغزالي في المضنون به (2/151): "وأما شفاعة الأنبياء والأولياء، فالشفاعة عبارة عن نور يشرق من الحضرة الإلهية على جوهر النبوة، وينتشر منها إلى كل جوهر استحكمت مناسبته مع جوهر النبوة؛ لشدة المحبة وكثرة المواظبة على السنن وكثرة الذكر بالصلاة عليه صلَّى الله عليه وسلَّم ،ومثاله نور الشمس إذا وقع على الماء ،فإنه ينعكس منه إلى موضع مخصوص من الحائط ،لا إلى جميع المواضع، وإنما اختص ذلك الموضع لمناسبة بينه وبين الماء في الموضع، وتلك المناسبة مسلوبة على سائر أجزاء الحائط ،وذلك الموضع هو الذي إذا خرج منه خط إلى موضع النور من الماء حصلت منه زاوية إلى الأرض مساوية للزاوية الحاصلة من الخط الخارج من الماء إلى قرص الشمس ،بحيث لا يكون أوسع منه ولا أضيق. مثال ذلك لائح، وهذا لا يمكن إلا في موضع مخصوص من الجدار، فكما أن المناسبات الوضعية تقتضي الاختصاص بانعكاس النور، فالمناسبات المعنوية العقلية أيضاً تقتضي ذلك في الجواهر المعنوية ،ومن استولى عليه التوحيد فقد تأكدت مناسبته مع الحضرة الإلهية ،فأشرق عليه النور من غير واسطة ،ومن استولت عليه السنن والاقتداء بالرسول ومحبة أتباعه ،ولم ترسخ قدمه في ملاحظة الوحدانية لم تستحكم مناسبته إلا مع الواسطة فافتقر إلى واسطة في اقتباس النار، كما يفتقر الحائط الذي ليس مكشوفاً للشمس إلى واسطة الماء المكشوف للشمس ،إلى مثل هذا ترجع حقيقة الشفاعة في الدنيا، فالوزير الممكن في قلب الملك المخصوص بالعناية قد يغضي الملك عن هفوات أصحاب الوزير يعفو عنهم لا لمناسبة بين الملك وأصحاب الوزير، لكن لأنهم يناسبون الوزير المناسب للملك، ففاضت العناية عليهم بواسطة الوزير لا بأنفسهم، ولو ارتفعت الواسطة لم تشملهم العناية أصلاً؛ لأن الملك لا يعرف أصحاب الوزير واختصاصهم به إلا بتعريف الوزير وإظهاره الرغبة في العفو عنهم..."
بَرَّأ الله الإسلام من هذا الضَّلال الذي دونه ضلال الجاهلية.
ومثل القصور العوالي ,يقول في معراج السالكين من القصور العوالي (3/159) : " وقد أخبر الشارع عليه السلام أن الخير من الملائكة ،والشر من الشيطان ،فلا بد من أثر يحصل على الملائكة ،ولما كانت النفس روحانية قبلت عن الروحاني، وتأثرت عنه، فلولا العقول المعبر عنها بالملائكة الممدة للنفوس من خارج لما عقلت معقولاً البتة ".
وأما تعلقك بعبارات قالها الذهبي وإغفالك لنقده للغزالي وكذلك إغفالك لنقد العلماء الذين انتقدوه بحق ونقله عنهم الذهبي (1) فهذه أمور غريبة بعيدة عن النصح للإسلام والمسلمين وفيها تغرير بالجهال والمغفلين .
- ثالثاً : قال : " ابتلاءات بعض أئمة التصوف :
أورد الدكتور المدخلي نماذج من أئمة التصوف ذكر منهم أبا يزيد البسطامي وذا النون المصري والجنيد والحكيم الترمذي وذكر أنهم تعرضوا للنفي أو غيره وعزا ذلك إلى الشعراني في طبقاته.
والمأخذ عندي على هذا الكلام من وجهين :
الأول : أخشى أن يكون الدكتور قد جانب إتباع الأمانة العلمية لأنه نقل كلاما عن الشعراني كان قصده منه أن يظهر أن أهل التصوف كانوا دائما يتعرضون للابتلاء وساق كلامه لمدحهم فوظف الدكتور الكلام الذي جاء لمدح الصوفية ليذمهم به و هذا لا يستقيم و لا ينهض و الدكتور يعرف معنى البحث العلمي وبهذا يكون الدكتور قد خدمهم بغير قصد.
الوجه الآخر أن الدكتور استخدم هذا الكلام لحاجة في نفس يعقوب وأضاف - من عنده - أن علماء الإسلام هم الذين عملوا هذا لأئمة التصوف لكن كلام الأئمة والعلماء في هؤلاء الأئمة لا يسند موقف الدكتور ربيع .
وتعريض الدكتور بفتنة بعض مشايخ التصوف يجعلنا نتساءل كيف سيكون موقف الدكتور مما حصل لسيدنا الحسين بن على رضي الله عنهما ومن بعده الأئمة مالك واحمد والبخاري والقاضي عياض والعز بن عبد السلام, سلطان العلماء, بل وابن تيمية وغيرهم فهل الابتلاء ذم أم اختبار يرفع الله به درجات العلماء والصالحين؟ بغض النظر عن تفاصيل كل حالة.
- أقول :
1- وقولك :
" ابتلاءات الصوفية "
هل تريد بهذا أنها من جنس ابتلاءات الأنبياء والمصلحين فكلا بل إنها من جنس مطاردة ونفي أهل الضلال لأن الذين فعلوا بهم هذا من علماء أهل السنة وليسوا بمشركين ولا مبتدعين حتى يعاملوهم هذه المعاملة من أجل دينهم وتمسكهم بالكتاب والسنة وإنما من أجل الضلال والزندقة التي أخذت من كلامهم .


2- وما قولك أخشى أن يكون قد جانب الأمانة العلمية لأنه نقل كلاماً عن الشعراني كان قصده منه أن الصوفية كانوا دائماً يتعرضون للابتلاء وساق كلامه لمدحهم فوظف الدكتور الكلام الذي جاء لمدح الصوفية ليذمهم به وهذا لا يستقيم ولا ينهض والدكتور يعرف معنى البحث العلمي وبهذا يكون قد خدمهم بغير قصد .

قوله :
والمآخذ عندي على وجهين .....الخ

- أقول :
إني قلت في مناقشة الهادي المختار :
- أولاً :
ما ذكره الشعراني في كتاب الطبقات
( 1/13-14)، حيث ذكر:
1- أنهم نفوا أبا يزيد البسطامي من بلده سبع مرات .
2- وذكر أنه وقع لذي النون المصري مثل ذلك ، ويزعم الشعراني أنه وشوا به إلى بعض الحكام وحملوه من مصر إلى بغداد مغلولاً مقيداً , ويؤخذ من كلامه أنهم كانوا يعتقدون فيه أنه زنديق , والذين عاملوه هذه المعاملة هم علماء الأمة وفقهاؤها وإن طعن فيهم الشعراني.
3- ذكر أنهم قتلوا الحسين الحلاج وقطعوا يديه ورجليه.
وهو معروف بأنه زنديق يقول بالحلول ووحدة الوجود ومعروف بالسحر والشعوذة واتفقت عليه كلمة العلماء.
4- قال :
وشهدوا على الجنيد أنه كان يقرِّر علم التوحيد، ثم إنه تستر بالفقه واختفى.
5- وذكر أنهم أخرجوا الحكيم الترمذي إلى بلخ حين صنَّف كتاب علل الشريعة وكتاب ختم الأولياء فأنكروا عليه بسبب هذين الكتابين , وقالوا: فضلت الأولياء على الأنبياء ، وأغلظوا عليه فجمع كتبه كلها وألقاها في البحر فابتلعتها سمكة ثم لفظتها بعد سنين . هكذا يقول الشعراني ) !
ويلاحظ القارئ أنَّني قلت :
1- ويزعم الشعراني أنه وشوا به إلى بعض الحكام ( أي بذي النون ) .
وأريد أنَّ أبيّن بقولي:
( يزعم ) أن هذا القول: من الكذب ,لأن زعم مطية الكذب كما يقال .
2- إنني قلت :
والذين عاملوه هذه المعاملة هم علماء الأمة وفقهاؤها وإن طعن فيهم الشعراني ، فالشعراني يطعن في العلماء والفقهاء من أجل صوفية الضلال ، فأين هي مجانبتي لاتباع الأمانة العلمية ؟
وأين هو توظيفي لكلام الشعراني الذي ساقه لمدح الصوفية فأوهمت الناس أن الشعراني ساق كلامه لذم الصوفية وقد طعنت فيه طعنتين ,وقلت :
( هكذا يقول الشعراني ) ؛لفتاً للنظر إلى تخريف الشعراني في قوله عن الحكيم الترمذي :
(فجمع كتبه كلها وألقاها في البحر فابتلعتها سمكة ثم لفظتها بعد سنين )
كما ترى لماذا لأنه ساق قصص قتلهم ونفيهم للتباكي عليهم لأنه كما أعرف أنا ويعرف غيري أنه من غلاة الصوفية الخرافية ، فمن هو الخائن والمخون بالباطل والتجني ؟ .
3- وقوله :
" والوجه الآخر أن الدكتور استخدم هذا الكلام لحاجة في نفس يعقوب ...الخ .
- أقول :
أرجو أن يكون قصدي الحق ونصرة الإسلام ولي الشرف أن يشبه قصدي بقصد يعقوب نبي الله صلى الله عليه وسلم إن كان الهادي المختار يريد هذا وإلا فيكون قد أساء إلى نبي الله يعقوب عليه السلام من حيث لا يدري !


4- وقوله :
" وأضاف من عنده أن علماء الإسلام هم الذين عملوا هذا لأئمة التصوف ، لكن كلام الأئمة والعلماء في هؤلاء الأئمة لا يُسند موقف الدكتور ربيع .

أقول :
إن قوله :
" وأضاف من عنده أن علماء الإسلام "
هذا من نسج خيال المختار الصوفي
وهاك ما يسند قولي والحمد لله :
قال الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس (ص154) :
اتفق علماء العصر في إباحة دم الحلاج فأول من قال إنه حلال الدم أبو عمرو القاضي ووافقه العلماء .
- أقول :
والحلاج من المعظمين عند الصوفية ومنهم الغزالي والشعراني وقبلهم من ذكرهم ابن الجوزي .
قال ابن الجوزي :
" أخبرنا محمد بن عبد الباقي نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال :
أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر وكان يذهب مذهب مالك وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علماً لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة
" تلبيس إبليس (ص150) .


وقال الشعراني :

" وتعصب مرة فقهاء إخميم على ذي النون المصري ونزلوا في زورق ليمضوا إلى السلطان بمصر ليشهدوا عليه بالكفر فأعلموه بذلك فقال اللهم إن كانوا كاذبين فغرقهم فانقلب الزورق والناس ينظرون فغرقوا حتى رئيس المركب "
طبقات الشعراني (ص13) .
- أقول :
أما أن الفقهاء قد طعنوا في ذي النون وأرادوا الشهادة عليه فنعم وأما أنهم كذبوا عليه فحاشاهم ويشهد لصدقهم ونصحهم موقف الإمام ابن عبد الحكم والعلماء الآخرون من ذي النون وأما دعوى أن ذا النون دعا عليهم فغرقوا فهذا من أساطير الصوفية التي أضافوها إلى القصة .
ولا أريد أن أستقصي كلام العلماء ومواقفهم وفيما نقلته ما يبطل قول الهادي المختار إن كلام العلماء لا يسند الشيخ ربيعاً ، وقوله إني أضفت ذلك من عندي وأقول إن التقول والمجازفات والتعلق بالباطل إنما هو من أساليب الصوفية وغيرهم من أهل الضلال وفي مقال لي سابق بينت شيئاً من تقولات الصوفية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سيما التيجاني وطائفته ومع الأسف لم ينشر هذا البيان في ملحق جريدة المدينة المسمى بالرسالة بل حذف من مقالي الذي ضمنته هذا البيان ولا أدري لماذا هذا التصرف الغريب وهناك مؤلفات عديدة في كشف حال الصوفية التي تتقول على الله ورسوله ودينه .
وقوله :
" وتعريض الدكتور بفتنة بعض مشايخ التصوف يجعلنا نتساءل كيف سيكون موقف الدكتور مما حصل لسيدنا الحسين بن علي -رضي الله عنهما- ومن بعده من الأئمة مالك وأحمد والقاضي عياض والعز بن عبد السلام -سلطان العلماء- بل وابن تيمية وغيرهم , فهل الابتلاء ذم أم اختبار يرفع الله به درجات العلماء والصالحين ؟ بغض النظر عن تفاصيل كل حالة " .

- أقول :

إن موقفي مما حصل للحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته هو موقف أئمة السنة من احترامه وحبه وأن الذي جنى عليه هم الشيعة حيث استخرجوه ثم خذلوه فأسلموه للفساق حتى قتلوه بل لعلَّ الشيعة شاركوا في قتله وأما الأئمة مالك ومن ذكر على تفاوتهم فما لقوه فهو من الابتلاء الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل "
كل بحسب حاله .

وأما ما لحق بزعماء التصوف الذين تباكى عليهم الشعراني وتبعه الصوفية ومنهم الهادي المختار فليس هو من هذا الباب بل هو من باب آخر وقياس زعماء الصوفية على مالك وأحمد وابن تيمية وأمثالهم قياس فاسد قائم على التمويه .
فهل يقاس الحلاج الحلولي الذي أجمع العلماء على قتله لزندقته على مالك وأحمد وأمثالهما ؟ .

وهل يقاس ذو النون الذي أدانه علماء السنة وفقهاؤهم بالضلال الكبير على هؤلاء الأئمة أعلام السنة وهداتها ؟ .

وهل يقاس عليهم أبو يزيد وحاله لا يقل عن حال ذي النون بل أشد ؟.

قال الذهبي -رحمه الله- :
" وقد نقلوا عن أبي يزيد أشياء الشأن في صحتها عنه منها :
سبحاني وما في الجبة إلا الله , ما النار لاستندن إليها غداً , وأقول اجعلني لأهلها فداء أو لأبلغنها (1) , ما الجنة ؟
لعبة صبيان , هب لي هؤلاء اليهود ما هؤلاء حتى تعذبهم ؟ .
ومن الناس من يصحح هذا عنه ويقول :
قال هذا في حال سكره .
قال أبو عبد الرحمن السلمي :
أنكر عليه أهل بسطام ونقلوا إلى الحسين بن عيسى البسطامي أنه يقول :
لي معراج كما كان للنبي معراج فأخرجه من بسطام فحج ورجع إلى جرجان فلما مات الحسين رجع إلى بسطام ،قال الذهبي :
قلت كان الحسين من أئمة الحديث وأبو يزيد من أهل ( الفرق )(2) فمسلم حاله له(3) والله يتولى السرائر ونتبرأ إلى الله من كل من تعمد مخالفة الكتاب والسنة مات أبو يزيد سنة إحدى وستين ومائتين "
الميزان (2/346-347) .

وينظر بقية كلام أبي يزيد في ردي الثاني على الدكتور عبد العزيز القاري .

- رابعاً :
قال الهادي المختار :
" بعض أقوال أهل العلم في مسألة الاتحاد :
يقول السيوطي :
والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول وهو كفر ويطلق على مقام الفناء (4) اصطلاحا -اصطلح عليه الصوفية- ولا مشاحة في الاصطلاح إذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح لا محذور فيه شرعا ولو كان ذلك ممنوعا لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد وأنت تقول بيني وبين صاحبي زيدا اتحاد وكم استعمل المحدثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية.
وحيث وقع الاتحاد من محققي الصوفية إنما يريدون به معنى الفناء الذي هو صحو النفس وإثبات الأمر كله لله سبحانه لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد, وقد أشار إلى ذلك سيدي على بن وفاء فقال في قصيدة له :

يظنوا بي حلولا واتحادا *** وقلبي من سوى التوحيد خالي

فتبرأ من الاتحاد بمعنى الحلول.
(حياة الإمام جلال الدين السيوطي لمحمود شبي ص 509.)
قال الشيخ تاج الدين بن السبكي في كتاب معيد النعم ومبيد النقم :
" فالله الله في ألفاظ جرت من بعض سادات القوم لم يعنوا بها ظواهرها وإنما عنوا بها أمورا صحيحة .
ويقول في مواقع أخرى :
فالواجب تسليم أحوال القوم وإنا لا نأخذ أحدا إلا بجريمة ظاهرة ومتى أمكننا تأويل كلامه وحمله على محمل حسن لا نعدل عن ذلك لا سيما من عرفناه من أهل الخير ولزوم الطريقة ثم برزت لفظة عن غلطة أو سقطة إنها لا تهدم ما مضى. (اجتماع الأولياء ص 246).
وقال اليافعي في كتاب الإسناد ما نقل ونسب إلى المشايخ رضي الله عنهم مما يخالف العلم الظاهر فله مجال :
الأول أن لا نسلم نسبته إليهم حتى يصح عنهم والثاني بعد الصحة يلتمس له تأويل عند أهل العلم الثالث صدور ذلك عنهم في حال السكر والغيبة والسكر إن كان مباحا غير مؤاخذ لأنه غير مكلف في ذلك الوقت فسوء الظن بهم بعد هذه المخارج من عدم التوفيق '' .

- أقول :
إن السيوطي -رحمه الله- مضطرب متناقض في مواقفه من أهل وحدة الوجود فهو يدين طائفة منها بالحلول ووحدة الوجود ويتأول وينقل التأويلات لطائفة أخرى لا تقل عنها في الضلال والوقوع في وحدة الوجود ,وما مرجع ذلك إلا إلى ما وقع فيه هو من التصوف فقد خُدِع بالطريقة الشاذلية فأحسن بها الظن ومدحها ومدح أهلها .
وهو يؤمن بخرافات الصوفية في الأبدال والأقطاب والأوتاد والنجباء وتصرفاتهم وأحوالهم وينقل في ذلك حكايات لا يقرها شرع ولا عقل .
( انظر الحاوي للفتاوي ص /441-447)
فتراه تارة ينقل عن بعض العلماء إدانة بعض الصوفية بالحلول ووحدة الوجود فيقول :
( 2 /ص 244 ) :
" وقال صاحب كتاب
(( منهج الرشاد , في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد )) :
حدثني الشيخ كمال الدين المراغي عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنه قال له مرة :
الكفار إنما انتشروا في بلادكم لانتشار الفلسفة هناك , وقلة اعتنائهم بالشريعة والكتاب والسنة , قال :
فقلت له :
في بلادكم ما هو شر من هذا , وهو قول الاتحادية , فقال :
هذا لا يقوله عاقل ؛ فإن قول هؤلاء كل أحدٍ يعرف فساده " .
فترى أن العلامة ابن دقيق العيد لم يفرق بين أهل وحدة الوجود فلم يقل هؤلاء أهل وحدة الوجود وهؤلاء أهل فناء في ذات الله .. الخ
كما يقول التفتازاني والسيوطي , تعالى الله عما يقول الصوفية علواً كبيرا .
ثم قال السيوطي في ( ص 245/ 246 ) :
" قال صاحب منهج الرشاد :
" وما زال عباد الله الصالحون من أهل العلم والإيمان ينكرون حال هؤلاء الاتحادية , وإن كان بعض الناس قد يكون أعلم وأقدر وأحكم من بعض في ذلك " .
- وأقول : وإذن فما زال عباد الله الصالحون ينكرون حال أهل الاتحاد .
ثم قال :
وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني فى شرح المقاصد : وأما المنتمون إلى الإسلام فمنهم بعض غلاة الشيعة القائلون بأنه لا يمتنع ظهور الروحاني في الجسماني كجبريل في صورة دِحية الكلبي , وكبعض الجن أو الشياطين في صورة الأناسي, قالوا :
فلا يبعد أن يظهر الله تعالى في صورة بعض الكاملين , وأولى الناس بذلك عليّ وأولاده , تعالى الله عن ذلك علواًّ كبيراً .
قال :
ومنهم بعض المتصوفة القائلون بأن السالك إذا أمعن في السلوك , وخاض معظم لجة الوصول , فربما يحل الله فيه - تعالى الله عما يقول الظالمون علواًّ كبيراً -كالنار في الجمر بحيث لا تمايز , أو يتحد به بحيث لا اُثنينية ولا تغاير , وصح أن يقول (( هو أنا , وأنا هو )) .
قال :
وفساد الرأيين غنى عن البيان .
قال :
وههنا مذهبان آخران يوهمان الحلول أو الاتحاد , وليسا منه في شيء ؛
الأول :
أن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله وفى الله يستغرق في بحر التوحيد والعرفان , بحيث تضمحل ذاتهُ في ذاتِهِ تعالى وصفاتُه في صفاته , وتغيب عن كل ما سواه , ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى وهذا هو الذي يسمونه الفناء في التوحيد , وحينئذٍ ربما تصدر عنه عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال , وبعد الكشف عنها بالمقال , ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان , ونعترف بأن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان , والله الموفق .
ثم ذكر في المذهب الثاني
– وهو القول بالوحدة المطلقة –
وقال :
إنه غير الحلول والاتحاد وإنه أيضاً خارج عن طريق العقل والشرع , وإنه باطل وضلال .
وقد سقت بقية كلامه فيه في الكتاب الذي ألفته في ذم القول بالوحدة المطلقة فإنه به أجدر , وذكر السيد الجرجاني في شرح المواقف نحو ذلك , وقد سقت أيضاً عبارته في الكتاب المشار إليه .
أقول :
والمذهب الأول باطل وضلال أيضاً .

فهل تجد في كتاب الله وفي سنة رسوله وفي كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان وفي كلام أئمة الهدى أن البشر ولو كانوا أنبياء تضمحل ذواتهم في ذات الله وصفاتهم في صفاته ويغيبون عن كل ما سواه ولا يرى في الوجود إلا الله هذه هي وحدة الوجود والحلول والاتحاد التي لم يأت بها إلا ملاحدة الباطنية الصوفية , وليس لنا إلا الظاهر , فإذا أطلق صوفي عبارات الحلول ووحدة الوجود مع الله وجب علينا أن ندينه بهذا المذهب ولا يجوز أن نتأول هذا التأويل الباطل الذي نقله السيوطي عن التفتازاني
وهل يجوز للتفتازاني أن يقول : أن الصوفي تضمحل ذاته في ذات الله وصفاته في صفات الله ؟

فهل هناك اتحاد أشد منه ؟

تعالى الله وتنـزه وتقدس عما يقوله غلاة الصوفية علواً كبيراً .

وأرى أن هذه الصورة التي يمدحها أسوأ من الصورة التي أنكرها وأبطلها لأن الأولى يدعي فيها الرافضي والصوفي أن الله حل فيه .


وهذه الصورة تفيد أن الصوفي والرافضي والباطني قد اضمحل وذاب في ذات الله وصفاته وليس لذلك معنى إلا أقوى صور الاتحاد , وما معنى لا يرى في الوجود إلا الله ؟

أليس هذا هو قول أهل وحدة الوجود ؟
تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا .


والحاصل أن من دخل في التصوف وخصوصاً تصوف المتأخرين يأتي بمثل هذه العجائب والغرائب من التناقضات والتأويلات ,فلا يجوز أن يحتج بتأويلاته الفاسدة ومداهناته الباطلة التي تفرق بين المتماثلات .


وقد رفض مثل هذه التأويلات السخيفة فحول العلماء الناصحين وأجمعوا أنه لا يتأول إلا كلام المعصوم , وأدانوا من سلك طريقة الحلاج وابن عربي أمثالهما بالزندقة ودحضوا أباطيلهم وضلالاتهم بالشرع المحمدي والعقل الفطري .
أين ذهب السيوطي عن شيخه الحافظ ابن حجر وتلاميذه مثل البقاعي الذي ألف " تنبيه الغبي " وجمع أقوال كبار العلماء في إدانة أهل وحدة الوجود وحكى ما يشبه إجماع العلماء على أن التأويل لا يكون إلا لنصوص المعصوم ,وأن الأصل هو الأخذ بالظاهر من كلام الناس , واستشهد بقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : إن الناس كانوا يؤخذون بالوحي ...الأثر , وسيأتي .

والتفريق بين الحقيقة والشريعة طريق الباطنية , فلا يجوز للمسلم أن يسلك مسالك الباطنية في هذا التفريق , فإذا لجأنا إلى تأويل كلام بعض غلاة الصوفية بمثل تأويل التفتازاني قال الآخرون لماذا تفرقون بيننا وبين إخواننا وظاهر كلام الجميع واحد والحال واحد وكلنا صوفية ولم تطلعوا على ما في قلوبنا ولا على ما في قلوبهم .
بل يفتح الباب للباطنية الإسماعيلية وغيرها من فرق الإلحاد .
والله أمرنا أن نكون قوامين بالقسط , ولا يقوم القسط إلا على ما يظهر للناس والبواطن توكل إلى الله , وحساب الناس وما يكنونه إلى الله .







التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» برنامج التهريج المسمى الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة
»» آية تدل على سابق علم الله تعالى بنجاة الصحابة من النار
»» اذا كان المعصوم يعلم الغيب كيف يشاور غير المعصوم
»» محاضرة حشيت بالعلم وددت لو كل مسلم سمعها
»» زوار الحسين أكثر من زوار الكعبة كذبة رافضية قزوينية
 
قديم 31-05-10, 08:14 AM   رقم المشاركة : 8
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


قال الهادي المختار :


" قال الشيخ تاج الدين بن السبكي
في كتاب معيد النعم ومبيد النقم :


" فالله الله في ألفاظ جرت من بعض سادات القوم
لم يعنوا بها ظواهرها
وإنما عنوا بها أمورا صحيحة " .


ويقول في مواقع أخرى :

" فالواجب تسليم أحوال القوم
وإنا لا نأخذ أحدا إلا بجريمة ظاهرة
ومتى أمكننا تأويل كلامه وحمله على محمل حسن
لا نعدل عن ذلك
لا سيما من عرفناه من أهل الخير ولزوم الطريقة
ثم برزت لفظة عن غلطة أو سقطة
إنها لا تهدم ما مضى "

(اجتماع الأولياء ص 246).


وقال اليافعي في كتاب " الإسناد " :
" ما نقل ونسب إلى المشايخ
رضي الله عنهم مما يخالف العلم الظاهر
فله مجال :

- الأول :

أنَّ لا نسلم نسبته إليهم حتى يصح عنهم .

- والثاني :

بعد الصحة يلتمس له تأويل عند أهل العلم .

- الثالث :

صدور ذلك عنهم في حال السكر والغيبة والسكر إن كان مباحا غير مؤاخذ لأنه غير مكلف في ذلك الوقت فسوء الظن بهم بعد هذه المخارج من عدم التوفيق" !


- أقول :

إنَّ تاج الدِّين السبكي :

1- أشعري غال في تعطيل الصفات .

2- صوفي غال , يؤمن بخرافات الصوفية

وإن شئت فانظر الجزء الثامن من كتابه
" الطبقات "
(ص 403-418)
لتعرف غلوه في التصوف والخرافات .

3- فيه شدة زائدة على أهل السنة
ولين زائد تجاه غلاة الصوفية

كما رأيت بما فيهم أهل الحلول وحدة الوجود .

قال في ( طبقات الشافعية الكبرى5/191) :

" أقول :

للأشاعرة قولان مشهوران في إثبات الصفات
هل تمر على ظاهرها مع اعتقاد التنـزيه أو تؤول .


والقول بالإمرار مع اعتقاد التنـزيه
هو المعزو إلى السلف
وهو اختيار الإمام في الرسالة النظامية
وفي مواضع من كلامه
فرجوعه معناه الرجوع عن التأويل إلى التفويض
ولا إنكار في هذا ولا في مقابله
فإنها مسألة اجتهادية
أعني مسألة التأويل أو التفويض
مع اعتقاد التنـزيه
إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهياء
الإمرار على الظاهر والاعتقاد
أنه المراد وأنه لا يستحيل على الباري
فذلك قول المجسمة عبادالوثن
الذين في قلوبهم زيغ
يحملهم الزيغ على إتباع المتشابه
ابتغاء الفتنة
عليهم لعائن الله تترى واحدة بعد أخرى
ما أجرأهم على الكذب
وأقل فهمهم للحقائق ) اهـ !!.

- أقول :

1- من قال :
إن مذهب السلف هو التأويل أو التفويض ؟!.

2- إن مذهب السلف الصالح

هو الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة
وهو الإيمان بصفات الله وإثباتها له
على الوجه اللائق بالله
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل .


3- وهذا المذهب تجده مقرراً في كتب السنة الصحاح
والسنن وفي كتب التفسي
ر وفي كتب العقائد
التي دونت لإثبات عقيدة السلف
وللرد على المعطلة الجهمية
وعلى المشبهة
من قبل أن يأتي مذهب الأشاعرة .


4- لقد قرر العلماء أنه لا اجتهاد مع النص
ونصوص الصفات الصريحة
في إثبات علو الله على خلقه
واستوائه على عرشه
في الكتاب والسنة
تجاوزت العشرات ودان به السلف الصالح
وردوا تحريف المعطلة
وغلو المشبهة
بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة
وكذلك قرروا وجوب الإيمان بسائر صفاته
على الوجه اللائق به
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل .



5- أنصح المغرورين بمذهب الأشاعرة
أن يقرؤوا كتاب
" الإبانة "
وكتاب
" مقالات الإسلاميين "
وغيرهما من الكتب التي رجع فيها أبو الحسن
إلى مذهب السلف
ورد فيها على الجهمية المعطلة وغيرها .



وأنصحهم بالرجوع إلى كتاب التوحيد
من صحيح البخاري

وخلق أفعال العباد للبخاري

وإلى كتاب السنة من سنن أبي داود
ومقدمة ابن ماجه لكتابه السنن
وإلى مؤلفات أئمة السنة في بيان عقائد السلف بأدلتها .


وليرجع القاري إلى ما نقله الترمذي عن أئمة السلف :


قال -رحمه الله- في سننه (رقم 662) مُعلِّقاً على حديث :
( إنَّ الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى أن اللقمة لتصير مثل أُحُد )


هذا حديث حسن صحيح .

- قال الترمذي :
" وقد قال غير واحد من أهل العلم
في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات
من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى
كل ليلة إلى السماء الدنيا
قالوا
قد ثبتت الروايات في هذا ويؤمن بها
ولا يتوهم ولا يقال كيف .

هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث
أَمِرُّوها بلا كيف .
وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة .

وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات
وقالوا هذا تشبيه
وقد ذكر الله عز وجل
في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر
فتأوَّلت الجهمية هذه الآيات ففسَّروها على غير ما فسَّر أهل العلم وقالوا إنَّ الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إنَّ معنى اليد ها هنا القوة .

وقال إسحاق بن إبراهيم :
إنما يكون التشبيه

إذا قال : (يد كيد ) أو ( مثل يد )
أو ( سمع كسمع ) أو (مثل سمع )

فإذا قال سمع كسمع
أو مثل سمع فهذا التشبيه .

وأما إذا قال
كما قال الله تعالى
يد وسمع وبصر
ولا يقول كيف
ولا يقول مثل سمع ولا كسمع
فهذا لا يكون تشبيهاً
وهو كما قال الله تعالى في كتابه :
( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) " اهـ.


وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات
(ص408)
عن الأوزاعي أنه قال :

( كنا والتابعون متوافرون نقول :
إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ,
ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جلا وعلا ) .


وأثر مالك في ذلك مشهور
لما سأله سائل عن الاستواء
,فقد أخرج البيهقي في الصفحة نفسها من الكتاب نفسه
قول مالك رحمه الله :
( الاستواء غير مجهول ,والكيف غير معقول ,والإيمان به واجب ,والسؤال عنه بدعة
,وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يُخرج )


- أقول :

وقد أخذ الأشعرية بنصيب من مذهب الجهمية
فأوَّلوا الاستواء والنـزول واليد وسائر الصفات الخبرية

ويزعمون
-كما تزعم الجهمية-
أنَّ إثبات هذه الصفات يقتضي التشبيه
ويدَّعون مع ذلك
أنَّهم على مذهب السلف !!.


6- وقول السبكي :

" فالواجب تسليم أحوال القوم وإنا لا نأخذ أحدا إلا بجريمة ظاهرة ومتى أمكننا تأويل كلامه وحمله على محمل حسن لا نعدل عن ذلك لا سيما من عرفناه من أهل الخير ولزوم الطريقة ثم برزت لفظة عن غلطة أو سقطة إنها لا تهدم ما مضى " .


أ- وأي جريمة أشد من التفوه بالحلول ووحدة الوجود .


ب- الغلطة والسقطة تغتفر للمسلم
إذا كانت عن غير قصد وتعمد أما أن يتفوه الصوفي بالحلول ووحدة الوجود فلا يقال فيها غلطة أو سقطة بل نقول إن هذه عقيدة توارثها غلاة الصوفية جيلاً عن جيل من قبل عهد الحلاج ومن عهده إلى يومنا هذا وأنكرها وشدد النكير على الصوفية علماء الإسلام منذ بدرت بوادر التصوف إلى يومنا هذا فمن تأول لهم لا يقبل تأويله لأنه يخالف النصوص النبوية وأقوال وتطبيقات الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام .


7- كيف يوجب السبكي على المسلمين
التسليم بما ظاهره كفر وإلحاد ؟ .


بأي كتاب أو بأي سنة ؟


كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يَأخذُون ويُؤخَذُون بظاهر أقوالهم وأعمالهم ؟ وكذلك التابعون وتابعوهم بإحسان .
فمن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلَّم :
( إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم )
رواه البخاري (4/1581) .

وعن أم سلمة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له به قطعة من النار فلا يأخذها )

رواه البخاري (2/952) ومسلم (3/1337)
واللفظ له .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :

" إنَّ أناسا كانوا يؤخذون بالوحي
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإن الوحي قد انقطع
وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم
فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه
وليس إلينا من سريرته شيء
الله يحاسبه في سريرته
ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه
وإن قال إن سريرته حسنة "

رواه البخاري (2/934) .

كيف تطبق هذه الأحكام على هذه الأمة كلها
وعلى رأسهم الصحابة والتابعون
ثم تسقط أحكام الشريعة المحمدية عن الصوفية ؟

لا يقبل هذا إلا أن يكون الصوفية مجانين أو أطفالاً.

7- يتعجب المسلم من دفاع السبكي عن أهل عقيدة الحلول ووحدة الوجود والتأدب معهم والدعوة إلى تأويل ضلالاتهم مع حملته الشعواء على أهل السنة والتوحيد والحديث وأئمتهم ووصفهم ظلماً بأنهم من أهل الزيغ ومجسمة عباد وثن ، وقوله عليهم لعائن الله تترى واحدة بعد أخرى وما أدري هل يُدرك السبكي أن الصحابة والتابعين داخلون في هذا الطعن واللعن .

وإذا كان هذا حاله فكيف نقبل دفاعه عن الصوفية وتأويلاته لضلالهم ؟

والظاهر أنه لا يستثنى منهم أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض .

وهل يجوز للمسلم أن يقبل طعنه في أهل الحديث والسنَّة ولعنهم ؟!!

( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) (البقرة:113)


وأما اليافعي
فهو صوفي غال وعلى عقيدة ومنهج السبكي

بل قد يكون أسوأ حالاً منه فهو يعظم ابن عربي إمام وحدة الوجود ويبالغ في ذلك ,
انظر الدرر الكامنة (2/354)
والبدر الطالع للشوكاني (1/372)

ويعظم الحلاج وغيره من غلاة التصوف ,
وله منظومة يتوسل فيها بالأنبياء والأولياء وبالطور والتين والزيتون وبالضحى والتراويح وبالصفا والمروة وبأشياء أخر وفي هذه المنظومة يقول :


بحق سهل بسهل بابن خضرويه


*** بابن الخفيف بممشاد مع هرم


بحق ذي النون بالدقاق إن لهم


*** في الأولياء شيمة تعلو على الشيم


بابن أسباط بل شاه وشيمته


**** وبالرفاعي والحلاج نجمعهم


إلى أن يقول آمراً بالاستغاثة بغير الله :

واهتف بيوسف مهما كنت منتظراً فنعم غوث لملهوف ومهتضم

ويقول قبلها :

بحق قطب وأبدال هم أملي وهم لدى الخطب بعد الله معتصمي

ويقول في هذه المنظومة :

وفي ظفار رجال يستغاث بهم ويستعان بهم بالدفع في النقم


بحق شيخي وأشياخ له فهم غوثي وعوني ومقصودي ومعتصمي

انظر مرآة الجنان , تأليفه (4/364-366)
فيلحق تأويله بتأويل السبكي .


وإني أنصح الهادي المختار وأمثاله

أن يتركوا التعلق بالتصوف وأباطيله
والتعلق بخيوط العنكبوت
وأنصحهم بالتوبة إلى الله والاعتصام بالكتاب والسنة
واتباع السلف الصالح
في عقيدتهم ومنهجهم وهديهم وسائر شئونهم
فإن ذلك هو طريق النجاة والسعادة ,
وما خالفه من طرق الضلال والهلاك .


قال تعالى :

( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )
وقال تعالى :

( وأن هذا صراطي مستتقيماً
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )

ومن شر السبل الطرق الصوفية
لا سيما الطرق المعاصرة
كالتيجانية والمرغانية والنقشبندية والسهروردية والقادرية والرفاعية والجشتية .
فليحذر المؤمن الناصح لنفسه وللإسلام والمسلمين من هذه الطرق وليحذر منها .


- خامساً : قال الهادي المختار :

" إشكال ظاهر بعض النصوص :

أما إذا رجعنا إلى ظاهر
بعض النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة
فقد نجد نحن معشر العوام
صعوبة في مدلولاتها
فلعل الدكتور يساعدنا في فهمها ,
من ذلك مثلا قوله تعالى
'' هو الأوَّل والآخر والظَّاهر والباطن ''
- الحديد 3.
قال في شرح العقيدة الواسطية :


واسمه جل وعلا الباطن
أوجب أن لا يكون شيء دونه فلا شيء دونه باعتبار بطونه وفي هذا اللفظ معنى القرب والبعد من وجه ومعنى الاحتجاب والاختفاء من وجه
وقوله
'' وانت الباطن فليس دونك شيء ''

نفى ان يكون شيء دونه
كما نفى أن يكون فوقه
فلو قدر فوقه شيء لكان اكمل منه
في العلو والبيان إذ هذا شان الظاهر
ولو كان دونه شيء لكان أكمل منه في الدنو والاحتجاب
وهذا شأن الباطن وهذا يوافق قوله :
( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) ''


إلى أن يقول :
فأولية الله عز وجل سابقة على أولية كل ما سواه
وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه
فأوليته سابقه لكل شيء وآخريته بقاؤه بعد كل شيء وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء ومعنى الظهور يقتضي العلو وظاهر الشيء ما علا منه وأحاط بباطنه وبطونه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه , هذا لون وهذا لون .

فمدار هذه الأسماء الأربعة
على الإحاطة وهي إحاطتان زمانية ومكانية '' .

فالزمانية في قوله
( هو الأول والآخر )
والمكانية في قوله
(الظاهر والباطن).
( شرح العقيدة الواسطية
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
لخالد المصلح ص43-44).


فتأمل فضيلة الدكتور هذا الكلام بدقة ,
فهل نبقي النصوص على ظاهرها فيلتبس في الأذهان ما قد يفضي إلى الاتحاد فلا مفر عندئذ من التأويل الذي لا أظن أن الدكتور يقبله فما هو المخرج في هذه المسألة ؟ .


- أقول :

أنا لا أعرف هذا "المصلح"
,ولكن أنقل لك كلام أهل العلم في المعية
ثمَّ في القرب وكلاهما لا يقتضي الحلول في المخلوقات تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.


وهذا الذي دلَّ عليه كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله
صلَّى الله عليه وسلَّم
في عشرات النصوص مثل :


قوله تعالى :
( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )

في سبعة مواضع من كتاب الله تعالى
ومثل قوله تعالى :

( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ُ)
(فاطر:10)

ومثل قوله تعالى :
( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
(المعارج:4)

وقوله تعالى :
( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )
(البقرة:255)
وقوله تعالى :

( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )
(الأنعام:18)

وقوله تعالى :
( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ )
(الملك:16)

وأحاديث معراج
الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم إلى ربه تبارك وتعالى .

وأدلة علو الله تعالى على عرشه
كثيرة جدا حتَّى قال شيخ الإسلام ابن تيمية في
"المجموع "(5/121):

" قد وصف الله تعالى نفسه فى كتابه وعلى لسان رسوله بالعلو والاستواء على العرش والفوقية في كتابه فى آيات كثيرة حتى قال بعض أكابر أصحاب الشافعي في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أنَّ الله تعالى عالٍ على الخلق وأنه فوق عباده " اهـ.

وإليك كلام الأئمة
-رحمهم الله-
في القرب والمعية :

1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية في
" العقيدة الواسطية " ص28-29 :
" وليس معنى قوله ( وهو معكم ) أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وخلاف ما فطر الله عليه الخلق بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته . وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله في السماء أن السماء تقله أو تظله وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان فإن الله قد وسع كرسيه السموات والأرض وهو الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .

فصل :
وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه مجيب كما جمع بين ذلك في قوله :
( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) الآية .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
( إنَّ الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته )
وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء من جميع نعوته وهو علي في دنوه قريب في علوه " اهـ .

2- قال شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين (2/265-267) :
( فصل :
قال : الدرجة الثانية :
حياء يتولد من النَّظر في علم القرب : فيدعوه إلى ركوب المحبة ويربطه بروح الأنس ويكره إليه ملابسة الخلق النظر في علم القرب تحقق القلب بالمعية الخاصة مع الله فإن المعية نوعان : عامة وهى معية العلم والإحاطة كقوله تعالى :
( وهو معكم أينما كنتم الحديد )
وقوله :
( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) المجادلة 7
وخاصة وهى معية القرب كقوله تعالى :
( إنَّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )
النحل 128
وقوله :
( إنَّ الله مع الصَّابرين ) البقرة 153
وقوله :
( وإنَّ الله لمع المحسنين ) العنكبوت 69
؛فهذه معية قرب تتضمن الموالاة والنصر والحفظ وكلا المعنيين مصاحبة منه للعبد لكن هذه مصاحبة اطلاع وإحاطة وهذه مصاحبة موالاة ونصر وإعانة ف مع في لغة العرب تفيد الصحبة اللائقة لا تشعر بامتزاج ولا اختلاط ولا مجاورة ولا مجانبة فمن ظن شيئا من هذا فمن سوء فهمه أتي وأما القرب فلا يقع في القرآن إلا خاصا وهو نوعان قربه من داعيه بالإجابة وقربه من عابده بالإثابة
فالأول كقوله تعالى :
( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) البقرة 186 ؛ولهذا نزلت جوابا للصحابة رضي الله عنهم وقد سألوا رسول الله ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟

فأنزل الله تعالى هذه الآية .

والثاني قوله :
( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل )
فهذا قربه من أهل طاعته
وفى الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه قال :
( كنا مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في سفر فارتفعت أصواتنا بالتكبير فقال يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته )
فهذا قرب خاص بالداعي دعاء العبادة والثناء والحمد وهذا القرب لا ينافي كمال مباينة الرب لخلقه واستواءه على عرشه بل يجامعه ويلازمه فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولكنه نوع آخر والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جدا من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي ويجده أقرب إليه من جليسه كما قيل :

ألا رُبَّ من يدنو ويزعم أنه *** يحبك والنائي أحب وأقرب

وأهل السنة أولياء رسول الله وورثته وأحباؤه الذين هو عندهم أولى بهم من أنفسهم وأحب إليهم منها يجدون نفوسهم أقرب إليه وهم في الأقطار النائية عنه من جيران حجرته في المدينة والمحبون المشتاقون للكعبة والبيت الحرام يجدون قلوبهم وأرواحهم أقرب إليها من جيرانها ومن حولها هذا مع عدم تأتي القرب منها فكيف بمن يقرب من خلقه كيف يشاء وهو مستو على عرشه وأهل الذوق لا يلتفتون فى ذلك إلى شبهة معطل بعيد من الله خلى من محبته ومعرفته والقصد أن هذا القرب يدعو صاحبه إلى ركوب المحبة وكلما ازداد حبا ازداد قربا فالمحبة بين قربين قرب قبلها وقرب بعدها وبين معرفتين معرفة قبلها حملت عليها ودعت إليها ودلت عليها ومعرفة بعدها هي من نتائجها وآثارها ) اهـ.

3- قال العلامة الزركشي في كتابه " البرهان في علوم القرآن 4/427-428 "
متحدثاً عن كلمة ( مع ) وما تقتضيه من المعاني :
" ( مع ) للمصاحبة بين أمرين لا يقع بينهما مصاحبة واشتراك إلا في حكم يجمع بينهما "
وقسَّم المعية إلى قسمين :
الأوَّل يكثر في أفعال الجوارح وضرب له أمثلة .
ثمَّ قال :
" والثاني يكثر في الأفعال المعنوية نحو آمنت مع المؤمنين وتبت مع التائبين وفهمت المسألة مع من فهمها ومنه قوله تعالى :
( يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) وقوله :
( وكونوا مع الصادقين )
( وقيل ادخلا النار مع الداخلين )
( إنني معكما أسمع وأرى )
( إن معي ربي سيهدين )
( لا تحزن إن الله معنا ) :
أي بالعناية والحفظ .
( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ) :
يعني الذين شاركوه في الإيمان وهو الذي وقع فيه الاجتماع والاشتراك من الأحوال والمذاهب وقد ذكروا الاحتمالين المذكورين في قوله تعالى :
( واتبعوا النور الذي أنزل معه )
قيل إنه من باب المعية في الاشتراك فتمامه الاجتماع في الزمان على حذف مضاف إما إن يكون تقديره أنزل مع نبوته وإما إن يكون التقدير مع اتباعه .
وقيل لأنه فيما وقع به الاشتراك دون الزمان وتقديره واتبعوا معه النور.
وقد تكون المصاحبة في الاشتراك بين المفعول وبين المضاف كقوله :
شممت طيبا مع زيد .
ويجوز أن يكون منه قوله تعالى :
( قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) (الكهف:67)
نقل ذلك أبو الفتح القشيري في " شرح الإلمام "
عن بعضهم ثم قال :
" وقد ورد في الشعر استعمال (مع) في معنى ينبغي أن يتأمل ليلحق بأحد الأقسام وهو قوله :


يقوم مع الرمح الرديني قامة *** ويقصر عنه طول كل نجاد

وقال الراغب :
(مع) تقتضي الاجتماع إما في المكان نحو هما معاً في الدار أو في الزمان نحو وُلِدَا معاً أو في المعنى كالمتضايفين ؛ نحو الأخ والأب فإنَّ أحدهما صار أخاً للآخر في حال ما صار الآخر أخاه ,وإمَّا في الشرف والرتبة نحو :
هما معاً في العلو وتقتضي (مع) :
النصرة ,والمضاف إليه لفظ (مع) هو المنصور نحو قوله تعالى :
( لا تحزن إنَّ الله معنا ) ( إنَّ الله مع الذين اتَّقوا ) ( وهو معكم أين ما كنتم ) ( واعلموا أنَّ الله مع المتقين ) ( إنَّ معي ربي سيهدين ) انتهى " اهـ.

- أقول :
قوله " آمنت مع المؤمنين " :
المعية هنا معنوية لا تقتضي اختلاطاً في مكان معيَّن أو زمن معيَّن فهي تتناول كل مؤمن من عهد آدم إلى قيام الساعة وقل مثله في قوله : " مع التائبين " إلخ
ومثله قوله تعالى :
( ..وكونوا مع الصادقين )
وهي تقتضي النَّصر والتأييد كما في قوله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا )
وتقتضي الاطلاع والعلم والمشاهدة كما في قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم )
بالإجماع وهذه معاني هذه النُّصوص والسياقات تقتضيها وليست من التأويل في شيء .
إذا سلَّمتَ بأنَّ الله سبحانه وتعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه من غير تحريف ولا تعطيل ,ومن غير تفويضٍ ولا تمثيل وأنَّه منزَّهٌ أن يكون في شيئٍ من خلقه سَهُلَ عليك الإيمان بمعية الله العامَّة والخاصَّة ,وبقربه من عباده على الوجه اللائق به جلَّ وعلا الذي قرَّره السَّلف الصالح رضوان الله عليهم .
وأدركتَ بطلان ما يُقرِّره المعطلة والمشبِّهة وأهل الحلول ووحدة الوجود .
وأسأل الله أن يهيئ لهذه الكلمات
آذاناً صاغية وقلوباً واعية .


إنَّ ربي لسميع الدعاء


وصلى الله على نبينا محمد


وعلى آله وصحبه


وسلم.



كتبه


ربيع بن هادي بن عمير المدخلي


28/ شعبان /1426هـ.



___________________
(1) : إن صح هذا الكلام عن السبكي فوالله ماأنصف ولا نصح , وفي الإحياء من الضلالات الصوفية والفلسفية وكثرة الأحاديث الموضوعة ما يوجب ذم هذا الكتاب والتحذير منه وانظر إلى السبكي كيف لم يشر من قريب ولا من بعيد إلى ما تضمنه كتاب الإحياء من المخاطر والمهالك لا سيما على ضعاف النفوس .
([1]) : يقصد به الغزالي انظر ص (167).
(1) : يعني حديث " أول ما خلق الله العقل , قال له: أقبل، فأقبل. ثم قال: أدبر، فأدبر. فقال: وعزتي ما خلقت خلقاً أكرم عليَّ منك، فبك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب" وهو حديث باطل في إسناده ثلاثة من الكذابين .
(1) : انظر (ص4) من هذا البحث .
(1) : هكذا وفي السير " لأبلعنها " بالعين المهملة .
(2) : قال في الهامش : " ليس في خ " .
(3) : علق المحقق في الهامش بقوله : أخطأ الذهبي في قوله : " يسلم له حاله " ما يسلم حاله إلا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , أقول : الصواب مع هذا المحقق إذ ليس لنا إلا الظاهر والله يتولى السرائر .
(4) : هل لفظ الفناء بهذا المعنى الصوفي الذي ذكره التفتازاني والسيوطي ورد في القرآن والسنة ؟
وهل إطلاق لفظ الاتحاد عليه إطلاق واصطلاح صحيح يشبه استعمال المحدثين والفقهاء بهذا اللفظ في معانٍ لا محذور فيها ؟ ! فهذه من مغالطات الصوفية .






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» في الإعتماد على الحساب الفلكي لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان
»» تكفير المسلمين أصل من أصول الفكر الشيعي
»» الشيخ الفوزان لقب الجامية كالوهابية ألقاب أهل الشر للتنفير من الحق
»» نصيحة امام الشيعة المعصوم للشيعية بأن تعمل مثل الكلب عندما يبول
»» يقولون فساء وضراط الأئمة كريح المسك ومن شرب بولهم وغائطهم حرم على النار
 
قديم 01-06-10, 06:00 AM   رقم المشاركة : 9
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


الردُّ على لطف الله خوجة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :

فقد اطلعت على مقال للدكتور /
لطف الله خوجة , نشرته جريدة المدينة في ملحقها
المسمى بـ " الرسالة " في يوم الجمعة 5/8/1425هـ الموافق 9 سبتمبر 2005م
يتحدث عن التصوف والصوفية ,
فرأيت أنه أصاب المحز أو قارب في أول مقاله
حيث رد القول بأن أصل التصوف صحيح موافق للكتاب والسنة
ورد دعوى تقسيم التصوف إلى محمود ومذموم
وأن الكلام المنسوب إلى أئمة الصوفية
مثل الجنيد والسري فيه ما يخدم التصوف الفلسفي المذموم
ونفى أي وجود لطريقة صوفية محمودة , ونفذ إلى قوله :
" فالحاصل والواقع أن طريقة هؤلاء الأئمة الذين أعلنوا التقيد بالشريعة مجهولة غير معروفة
فإذا كان هذا هو الحال فكيف يمكن أن يقال :
إن تصوف هؤلاء الأوائل هو التصوف الصحيح .
وقد أجاد في هذا , سددنا الله وإياه في كل قول وعمل ,
غير أنه بعد هذه الإجادة
ذهب يفرق بين أهل التصوف الحقيقي
وبين أهل التصوف المجازي ,
ويعتبر الأخير من أهل السنة ولي معه وقفات ,
أسأل الله التوفيق فيها لبيان الحق .

1- قال الدكتور / لطف الله , لطف الله بنا وبه :
" وبعد هذا التقصي لأصل التصوف:
هنا نأتي للتساؤل المنطقي بعد هذا العرض والتقرير:
إذا بطل تقسيم التصوف، فكان فكرة فلسفية غالية، فكيف يكون حينئذ عموم المتصوفة من أهل السنة ؟!.


فالجواب أن يقال :

هذا التعجب مبني على فكرتين خاطئتين،
أولاهما:
( تطبيق حكم الفكرة على المنتسبين إليها ).
فإذا كان التصوف فلسفياً منحرفاً ، فالمتصوفة كذلك.
وإذا كان سنياً خالصاً ، فالمتصوفة كذلك.
لا، ليس الأمر كذلك، بل البناء الصحيح:
التفريق بين الفكرة والمنتسبين إليها.
فما كل المنتسبين متحققون، كما أنهم ليسوا كلهم غير متحققين بالفكرة، بل الأمر بين ذلك ".

والجواب:
إن حصر التصوف المذموم في الفكرة الفلسفية الغالية وقصر الحكم بالخروج عن السنة على من يتحقق بهذه الفلسفة الغالية ليس بصواب
فأئمة السلف حكموا على عموم الخوارج والقدرية والشيعة بالبدعة ولو لم يكن عندهم فلسفة أو محادة
لأنهم خالفوا الكتاب والسنة وأحدثوا في الدين ما ليس فيه بأفهامهم الفاسدة لا لقصدهم المحادة ولو قصد المبتدع المحادة لله ومعانتده لكفر ولكن السلف لم يكفروهم لأنهم متأولون وعندهم شبه.
كذلك التصوف كانت بدايته تنطلق من زهد مخالف للزهد الشرعي الذي قرره الكتاب والسنة وعبادة فيها مجاهدات ونظريات ترصد الوساوس والخطرات وتميزٌ عن الأمة بهذا المنهج يضاف إلى ذلك جهلهم بالشريعة واعتمادهم على الأحاديث الضعيفة والموضوعة والقول علي الله بغير علم وكل هذه مخالفات لهدي الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وفقهاؤها .
فبهذا المنهج المنحرف والتميز به عن الأمة بل عن أهل السنة وارتباطهم به وبشيوخه شذوا عن أهل السنة وحكم عليهم وعلى منهجهم ومؤلفاتهم بالبدعة.

وقد ذكر الكثير من ذلك الإمام ابن الجوزي
وهو موجود في مؤلفات الصوفية
كالطبقات لأبي عبدالرحمن السُلمي
وكالرسالة للقشيري
وكالإحياء للغزالي
والقوت لأبي طالب المكي
والغنية لعبدالقادر الجيلاني

وإذن فالتصوف من بدايته مذموم ومبتدع قبل أن تدخله الفلسفة ,فحصر الذم في الفلسفة الصوفية غير صواب فهذا ما يتعلق ببداية التصوف ونشأته وحكم أهله .

أما المتأخرون
فقد زادوا على التصوف وفلسفته أشياء وأشياء ليست مقصورة على شيوخهم وزعمائهم بل هي منتشرة في الأتباع كالتعلق بالأولياء وقبورهم ومشاهدهم وكالأوراد المخترعة القائمة على البدع والشركيات والكذب على الله وكالموالد وما فيها من غلو وشركيات أيضاً.


2- فقول الأخ لطف الله :

" وبعد هذا التقصي لأصل التصوف هنا نأتي للتساؤل المنطقي بعد هذا العرض والتقرير إذا بطل تقسيم التصوف فكان فكرة فلسفية غالية فكيف يكون حينئذ عموم المتصوفة من أهل السنة ؟ ... الخ
أقول:

إن هذا التساؤل والجواب عليه غير صحيح
فلا التصوف في ذاته كله فلسفة
إذ هو خليط من بدع شتى
ولا الذين انتقدوا التصوف والصوفية
حصروه في الفلسفة
ولا أحد من أهل السنة يعتقد في التصوف أنه سني خالص ، ولا في المتصوفة أنهم على سنة خالصة فهذا التقسيم لا وجود له.


3- وقول الدكتور لطف الله :

" بل البناء الصحيح التفريق بين الفكرة والمنتسبين إليها فما كل المنتسبين متحققون كما أنهم ليسوا كلهم غير متحققين بالفكرة بل الأمر بين ذلك " .

أقول:
هذا التفصيل من الأخ مبني على أن التصوف المذموم هو الفلسفة المتمثلة في الحلول ووحدة الوجود فقط التي حكم عليها بالكفر وهو محق مصيب في ذمه والحكم عليه.


ولكن يرد عليه أن التصوف أخلاط وأنواع منها أعمال شركية قبورية وغيرها ومنها أعمال بدعية من صلوات بدعية وأوراد بدعية تخصص بأزمنة معينة وولاءات لطرق معينة ومخاصمات لغيرها ولأهل السنة .


وموالد فيها شركيات وبدع وغلو في شيوخ الطرق وهذه لا شك أنها تخرج العاملين بها عن دائرة السنة إلى دائرة البدع فاتضح أن ما قرره الأخ غير صحيح.


4- قال الدكتور لطف الله :
" فالمتصوفة على درجات :
منهم المتحقق بالتصوف ،الذي يصح أن يسمى به حقيقة .
ومنهم من هو دون ذلك، يسمى متصوفا تجوزا لا حقيقة. وإذا صح هذا التفريق، فيبطل حينئذ التسوية بين جميع المتصوفة في الحكم . بل من المتصوفة من هو خارج عن دائرة أهل السنة، وهم المتحققون بالتصوف ؛ الصوفية الخلص ، الذين يعتقدون بالحلول والاتحاد، والوحدة " .



- أقول :
نعم المتصوفة على درجات ومع أنهم على درجات ففيهم الكافر كالقائلين بالحلول ووحدة الوجود .
ويتفاوتون في الضلال فطريقة صوفية أشد غلواً وضلالاً من طريقة أخرى ويتفاوت أهلها في الغلو فيها والالتزام بضلالاتها
وكل طرق الصوفية قائمة على ضلال ولا يصح أن يقال أن هناك صوفية مجازاً أهل سنة حقيقة ، لأن أهل السنة هم المتمسكون بالكتاب والسنة في عقائدهم ومناهجهم وعباداتهم على ما قال رسول الله r حينما تحدث عن الفرق فقال عليه الصلاة والسلام افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتي وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة.
قالوا : ما هي يا رسول الله ؟ قال:" من كان على ما أنا عليه وأصحابي"
فالسني من كان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما عدا ذلك من الفرق لا نكفرهم ولكنهم أهل بدع على تفاوتهم في الضلال ومنهم الصوفية على مختلف طرقهم ومناهجهم.
فمن لم يكن على طريق الصحابة في عقيدته ومنهجه فليس من أهل السنة.
وواقع الفرق الصوفية مخالف لهم عقيدة ومنهجاً وعملاً
ويربون أتباعهم على عقائدهم ومناهجهم
ويشوهون لهم أهل السنة وعقيدتهم ومنهجهم فينقادون لهم
فيصدق عليهم قول الله تعالى
}وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا[
فلهم نصيب من هذه الآية لتبعيتهم وتقليدهم الأعمى وإن كان أصلها في الكفار.
5- وقول الدكتور لطف الله :

" ومنهم من هو في دائرة أهل السنة، وهم الذين لم يتحققوا بالتصوف، بل أخذوا ظاهره، من التعبد والزهد، والمجاهدة.
ولا إشكال في خروج المتحققين بالتصوف من دائرة أهل السنة، بل من الإسلام، فلا مكان في الإسلام لمن يعتقد بالحلول، والاتحاد، ووحدة الوجود. إنما الذي قد يستشكل بقاء العموم من المتصوفة في دائرة السنة، مع ما هم عليه من البدع " .

- أقول :

إنَّ المشكلة في حصر الدكتور التصوف المذموم في التصوف الفلسفي
المتمثل في الحلول ووحدة الوجود والحكم عليه بالضلال مع حسن ظنه بما عدا ذلك من أنواع التصوف وما لازم التصوف ورافقه من ضلالات تخرج أهلها من دائرة أهل السنة وقد ألمحنا إلى بعضها فيما سلف.
فالدكتور يرى أن التصوف قسمان :


فلسفي فهو ضلال وكفر عنده وهو مصيب في ذلك ولا ينازعه سني صادق فيه .

والقسم الآخر
إنما هو تعبد وزهد ومجاهدة " (1)
- أقول :

ليس هذا فحسب هو واقع عموم الصوفية والتصوف وقد بينت ذلك سلفاً وواقع الصوفية وتاريخهم عامتهم وخاصتهم يؤكد ما ذكرت.

وأنا أدعو الدكتور لطف الله أن يقوم بجولة إلى بلاد المسلمين في العالم وغيرها
ليرى بأم عينيه واقع الصوفية العقدي والعملي والمنهجي والسلوكي لعامتهم وخاصتهم
هل هو تعبد وتزهد ومجاهدة فحسب
فإن وجده كما ذكر سلمنا له وإن وجده واقعاً مؤلماً يندى له الجبين كما ذكرت أنا
ويعرفه كل سلفي في العالم ، فأرجو من الدكتور أن يغير نظرته هذه وأن يغير حكمه فالأمر ليس بهذه السهولة التي تبدت له وليتذكر قول الرسول الكريم r :" القضاة ثلاثة ... الخ .


إن الدكتور يعترف بأن عموم المتصوفة
عندهم بدع لكن ما هي هذه البدع ؟

إنه يرى أنها تلك التي قد تدخل عليهم في تزهدهم ومجاهدتهم .

وأقول :
إن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد كما تصور الأخ
إنما هي بدع غليظة تقدم ذكرها أو بعضها فلينتبه لذلك وأرجوا أن يدركه بذكائه.

6- قال الدكتور لطف الله – لطف الله به وبنا - :

" وهنا تبرز الفكرة الثانية الخاطئة، وهي:
( إطلاق وصف المبتدع على كل من ارتكب بدعة )
فهذا خطأ؛ وذلك لأن الأصل في المسلم بقاؤه في دائرة السنة فلا يخرج منها إلا ببرهان، والبرهان ليس مجرد مخالفته للسنة، بل محادته للسنة:
فإننا لو أخرجنا كل من خالف السنة بشيء، لما بقي في دائرة السنة أحد؛ فالمخالفة واردة فلا يأمن أحد الخطأ ولا الزلة ، سواء في صورة بدعة ، أو معصية ، حتى الكبار والمتقدمين السابقين.أما المحاد، فهو المستحق أن يخرج من دائرة السنة، وهو الذي قد اتخذ منهجا بدعيا، وصار عليه، وبنى عليه مذهبه، كمن جعل منهجه العقل، أو الذوق، يرد بهما النصوص الثابتة فهذا هو المبتدع " .


والجواب على هذا المقطع من وجوه :

1- نحن مع الدكتور في تخطئة من يطلق وصف المبتدع على كل من وقع في بدعة
" فقد يجتهد المجتهد في طلب الحق مريدا ًبذلك وجه الله. فيقع في بدعة علمية أو عملية "
فلا يجوز أن يبدع بل يعذر عند الله وعند المؤمنين ويصدق عليه قول الله
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [
ويصدق عليه قول الرسول r :
" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ".

فمن كان على منهج أهل السنة والجماعة
عقيدة ومنهجاً ثم وقع في بدعة
خفيت عليه أنها بدعة وتخفى على كثير أنها بدعة فلا يجوز التسرع بتبديعه بل ينصح ويبين له أنها بدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته معارج الوصول (ص/ 43 ) :
" وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع
دخل في قوله
" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا"
وفي الحديث الصحيح أن الله قال :
" قد فعلت " وبسط هذا له موضع آخر ".

وإن كانت من البدع الواضحة كالقول بخلق القرآن أو إنكار رؤية الله أو تعطيل صفات الله عز وجل أو القول بإنكار القدر
فقد بدع السلف الصالح وأئمتهم من وقع في هذا الضلال وتبرؤا منهم وكفروا عتاتهم.

وأما من ينشأ في أحضان الروافض أو الصوفية أو الخوارج أو المعتزلة ويترعرع على عقائدهم أو على شيء منها فهذا لا يدخل في دائرة السنة من أصله لأن لهذه الطوائف بما فيهم الصوفية عقائد ومناهج تباين وتناهض عقائد ومناهج أهل السنة فمن هذا حاله لا يقال عنه :
" فإننا لو أخرجنا كل من خالف السنة بشيء لما بقي في دائرة السنة أحد "
, ولا يقال إنه عنده مجرد مخالفة للسنة".

نعم هناك عوام لا يرتبطون بالصوفية ولا بغيرهم من طوائف الضلال
بل هم يبغضون بعض الطوائف وما هم عليه من الضلال فهؤلاء إن شاء الله من أهل السنة ، ولكن البلاء فيمن يرتبط بطرق أهل الضلال ويتولاهم ويحمل شيئاً من عقائدهم الغليظة يوالي ويعادي عليها كما هو واقع عموم الصوفية .

7- وقول الدكتور :
" أما المحاد ، فهو المستحق أن يخرج من دائرة السنة، وهو الذي قد اتخذ منهجا بدعيا، وصار عليه، وبنى عليه مذهبه، كمن جعل منهجه العقل، أو الذوق، يرد بهما النصوص الثابتة. فهذا هو المبتدع.

وإذا طبقنا هذا الحد في تعريف المبتدع على المتصوفة وجدنا عمومهم يعملون البدعة دون محادة بل ظناً منهم أنها السنة وآفتهم نقصان العلم ولو علموا لتركوا ومن هذا حاله لا يخرج من الدائرة ".

- أقول :
1- إن المحاد المعاند قسمان:

قسم يجعل لنفسه منهجاً بدعياً يرد به نصوص الكتاب والسنة الصريحة كبراً وعناداً لا بالتأويل ولا بالجهل فهذا ليس مبتدعاً فحسب بل هو كافر.

وقسم زين له عمله ومنهجه فرآه حسناً
ويتأول النصوص لأنه يرى نفسه على الحق فهذا يحكم عليه أنه مبتدع لأنه خالف بتأويله سبيل المؤمنين وسلك طرق المبتدعين.

2- إنَّ هذا التعريف للمبتدع الذي جاء به الدكتور
لا أعرفه عن أحد من أئمة الإسلام
الذين واجهو البدع والمبتدعين بعلم وعدل
بل رأيناهم يبدعون من كان على أصول أهل السنة ومنهجهم ، ثم وقع في بدعة من البدع الواضحة كبدعة القدر أو الرفض أو بدعة الخوارج ، أو المرجئة ، أو القول بخلق القرآن، أو حتى التوقف في مسألة القرآن فيقول :
القرآن كلام الله ثم يتوقف عن قول أهل السنة:
" غير مخلوق " وسموهم الواقفة .

2- قول الدكتور
" وإذا طبقنا هذا الحد في تعريف المبتدع على المتصوفة وجدنا عمومهم يعملون بالبدعة دون المحادة بل ظناً منهم أنها السنة وآفتهم نقصان العلم ولو علموا لتركوا ومن هذا حاله لا يخرج من السنة ".
أقول:
إن هذا الحد غير مسلم وما أعرف أن السلف اشترطوا المحادة في تعريف المبتدع فقد أطلقت البدعة على مرجئة وهم من العباد وعلى غير المرجئة ولكن عندهم تأويلات وشبه.

2- قولك :
"وآفتهم نقصان العلم "
أقول :
هذه آفة كل المبتدعة وما ابتدع عالم قط
كما قال الإمام الشاطبي
– رحمه الله -
بل " البدعة مشتقة من الكفر "
كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

3- وقول الدكتور:
" ولو علموا لتركوا ".
أقول :
سامح الله الأخ كأنه لم يجرب أهل البدع من الصوفية وغيرهم ولهذا قال :
" ولو علموا لتركوا "
فليس الأمر عندهم بهذه السهولة ولو كان الأمر بهذه السهولة لما بقي صوفي على صوفيته.

إن أي مبتدع لا يخلوا من الهوى الذي يحمله على البقاء على بدعته والتشبث بها ويؤثرها على كل ما قرأ وسمع من الحجج وقوارع الأدلة ولولا هذا الهوى لما بقى في هذه البلاد صوفي ، ألا ترى أنهم يدرسون منهج السلف وعقائدهم في كل المراحل الدراسية أو جلها ، ثم لا يرجعون عن باطلهم، وأرجو أن تتصدى لدعوتهم وأن يحقق الله على يديك ما تأمله فيهم.


نعم لا نيأس منهم ولا من غيرهم وأرجو أن يقوم من أنعم الله عليهم ووفقهم لاتباع منهج السلف والتمسك به أن ينهضوا بدعوة الصوفية وغيرهم إلى دين الله الحق وصراطه المستقيم.

ولابد أن يجدوا من كثير من الناس استجابة لا من كلهم وقد توجد سهولة في قبول الحق والرجوع إليه عند البعض وقد لا يرجع البعض إطلاقاً وقد يرجع بعضهم بعد جهود وكل ذلك يرجع إلى مشيئة الله الموفق منهم والمخذول .

وقول الأخ :
ومن هذا حاله لا يُخرج من الدائرة .

يقصد به عموم المتصوفة وقد تبين لك حالهم أنهم ليسوا كما تصورهم الأخ وقد بيناه على الوجه الصحيح المطابق لواقعهم وتأريخهم ، وأزيده هل عموم التيجانية والرفاعية والنقشبندية والسهروردية والمرغنية والبريلوية وغيرهم من المتعلقين بالقبور يستغيثون بأهلها ويذبحون لهم ويقدمون لهم القرابين والنذور ويؤمنون بما يمليه عليهم سادتهم وشيوخهم من أوراد وخرافات ورقص يعتبرون من أهل السنة ؟ .

وهل هم على ما كان عليه رسول الله r وأصحابه والتابعون لهم بإحسان؟
وأطلب منه مرة أخرى أن يقوم بزيارة بعض البلدان ليرى ماذا يجري من عموم الصوفية عند قبر البدوي والجيلاني وزينب ونفيسة والعيدروس وغيرهم، وماذا يجري عند القبور في الهند وباكستان وغيرهما ، وعليه أن يستعين بأهل السنة في هذه البلدان ليُعرِفوه حقيقة ما يجري ليزداد بصيرة وإني لأكاد أقطع بأن الأخ سوف يغير رأيه وحكمه .

8- قال د/ لطف الله لطف الله بنا وإياه :
" قال ابن تيمية :
" فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة، فهو مخطئ ضال مبتدع.
ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور: مذموماً معيباً ممقوتاً فهو مخطئ ضال مبتدع "
الفتاوى 11/15 ".

وبهذا يتبين أن عمومهم لا يستحق وصف المبتدع ومن ثم فهم باقون في دائرة أهل السنة "
- أقول :
كلام شيخ الإسلام هذا حق
ولكنه في العلماء المجتهدين في طلب الحق ومعرفته
فإذا بذل العالم المجتهد أقصى وسعه في طلب الحق فعجز عن إدراكه فوقع في الخطأ وهذا حاله فإن هذا معذور مأجور ومن ذمه ومقته فهو المستحق للذم والمقت والتبديع.

وأدلة هذا من كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم
وقد أسلفنا الآية القرآنية والحديث النبوي في هذا،
ولكن هذا لا ينطبق على أهل الأهواء ولا على عوام الصوفية وجهالهم الذين يعملون بكل ما هب ودب ويقبلون ما يمليه عليهم شيوخ الصوفية من عقائد وأعمال وأوراد وعندهم هوى .

ولا على من يجتهد فيقصر في اجتهاده
أو عنده شوب هوى.
قال شيخ الإسلام في القواعد النورانية
( ص 151 – 152 )
في بيان الفرق بين أهل العلم والأهواء:

وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء
– مع وجود الاختلاف في قول كل منهما :
- أن العالم قد فعل ما أُمِر به من حسن القصد والاجتهاد , وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله , وإن لم يكن مطابقا , لكن اعتقاداً ليس بيقيني , كما يؤمر الحاكم بتصديق الشاهدين ذوى العدل , وإن كانا في الباطن قد أخطآ أو كذبا , وكما يؤمر المفتى بتصديق المخبر العدل الضابط , أو بإتباع الظاهر .
فيعتقد ما دل عليه ذلك , وإن لم يكن ذلك الاعتقاد مطابقا .
فالاعتقاد المطلوب هو الذي يغلب على الظن مما يؤمر به العباد , وإن كان قد يكون غير مطابق , وإن لم يكونوا مأمورين في الباطن باعتقاد غير مطابق قط .


فإذا اعتقد العالم اعتقادين متناقضين في قضية أو قضيتين , مع قصده للحق وإتباعه لما أمر باتباعه من الكتاب والحكمة :
عذر بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا , بخلاف أصحاب الأهواء .
فإنهم (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )
ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوى جزما لا يقبل النقيض , مع عدم العلم بجزمه .
فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده لا باطناً ولا ظاهراً . ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده , ويجتهدون اجتهاداً لم يؤمروا به .
فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضى مغفرة ما لم يعلموه , فكانوا ظالمين , شبيها بالمغضوب عليهم , أو جاهلين , شبيها بالضالين .

فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق . وقد سلك طريقه , وأما متبع الهوى المحض :
فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .

وثم قسم آخر – وهم غالب الناس –
وهو أن يكون له هوى , وله في الأمر الذي قصد إليه شبهة , فتجتمع الشهوة والشبهة .
ولهذا جاء في حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات , ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات )) .
فالمجتهد المحض مغفور له , أو مأجور وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب , وأما المجتهد الاجتهاد المركب على شبهة وهوى :
فهو مسيء .
وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب , وبحسب الحسنات الماحية .
وأكثر المتأخرين – من المنتسبين إلى فقه أو تصوف – مبتلون بذلك"

فهذا شيخ الإسلام يفرق بين المجتهد وصاحب الهوى
بل يجعل الاجتهاد أشكالاً فإذا كان الاجتهاد غير مشروع وفي غير موضعه التحق بأصحاب الأهواء .

أقول :
لو حكمنا لهذه الأصناف بأنهم من أهل السنة لخالفنا النصوص الداعية للأمة جميعاً إلى الاعتصام بالكتاب والسنة والداعية إلى طاعة الرسول r واتباعه ذلك واجب على عموم المسلمين.
ولخالفنا الآيات والأحاديث الناهية عن مخالفة ما جاء به محمد r والناهية عن البدع فمن اجتهد في طلب الحق وتحراه ولو بسؤال الثقات من أهل العلم سلم إن شاء الله من الذم والعقاب , ومن تهاون في طلب الحق ومشى على ما ورثه عن الآباء وما عليه أهل الأهواء والبدع وتقرب إلى الله بالبدع وإلى القبور وأصحابها بالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء فكيف يرفع من هذا شأنه إلى مصاف العلماء والأتقياء المجتهدين ومعاذ الله أن يقصد ابن تيمية هذه الأصناف.

وأذكر الأخ لطف الله والقارئ الكريم
بما سلف من حال المتصوفة والصوفية على وجه الأرض الآن وقبل الآن.

9- قال الدكتور لطف الله :
" لكن إذا قيل:
كيف حكمت أن هذا حال عمومهم، لم لا يكون العكس ؟
. قيل:
دليلنا على أن الكثرة غير متحققة بالتصوف :
1- إن التحقق يحتاج إلى تعلم وذهن قادر على فهم المسائل الصوفية الفلسفية المعقدة، وليس كل المتصوفة لديهم الاستعداد.
2- إن المتحققين بالتصوف يعملون على تعمية حقيقته عن العموم؛ لأن هؤلاء العموم لو أدركوا حقيقة التصوف، لما ترددوا في رفضه لما فيه من الكفر والإلحاد؛ لأن الأصل فيهم فطرة الإسلام، ولأن فيهم صدق التدين.

3- أنك لو سألت عمومهم عن حقيقة التصوف، ما أجابوا إلا بما يفيد أنه ذكر وعبادة، ليس إلا..!.
إذن فالمتحققون قلة، وغير المتحققين هم السواد الأعظم، ومن هنا قلنا:

عموم المتصوفة من أهل السنة والجماعة.

وهذه النتيجة المجتناة من هذا البحث، هي عينها ما يقرره ابن تيمية رحمه الله تعالى..!! ".

- أقول :
تقدم الكلام على قوله :
" التحقق بالتصوف ".
التحقق بوحدة الوجود والحلول :
وأقول :
إنه لا يتوقف وصف عموم الصوفية على التحقق بوحدة الوجود والحلول لأن التصوف يشتمل على بدع كثيرة عقائدية وعبادية , والصوفية واقعون فيها قد مر ذكرها.

2- إن المتحققين بالتصوف وإن عملوا على تعمية الناس عن حقيقة فلسفتهم فإنهم يوقعون أتباعهم في ضلالات وبدع شركية وغيرها وهذا أمر مشهود وواقع ملموس لا يجوز إنكاره أو إغفاله.

3- وقوله إنك لو سألت عمومهم عن حقيقة التصوف ما أجابوا إلا بما يفيد أنه ذكر وعبادة ليس إلا ..!

- أقول :
أ- قد يعجز الكثير منهم عن الإجابة على هذا السؤال
لأن أئمة الصوفية اضطربوا في تفسير التصوف فكيف بأتباعهم.

ب- وإن أجاب متحذلق منهم بما ذكره الأخ فإنه لا يصدَّق فواقع الصوفية بخلاف ما تنطوي عليه الإجابة وقد مر ذكر واقعهم ثم ما هي عبادتهم وذكرهم ؟

أليست حتى العبادات والأوراد والأحزاب الصوفية فيها البدع والشركيات واللعب والرقص بل حتى وحدة الوجود قد يسربها شيوخهم إلى عقائدهم .

وقوله :
" إذن فالمتحققون قلة، وغير المتحققين هم السواد الأعظم
ومن هنا قلنا:
عموم المتصوفة من أهل السنة والجماعة.
وهذه النتيجة المجتناة من هذا البحث، هي عينها ما يقرره ابن تيمية رحمه الله تعالى..!!
"- أقول :
إنَّ هذه النتيجة التي قرَّرها الدكتور مبنية على ما قرَّره فيما سلف من أنَّ التصوف محصورٌ في فلسفة وحدة الوجود والحلول ,وقد تبيَّن للقارئ أنَّ هذا التقرير غير صحيح وأنَّ الصوفية تشمل بدعاً كثيرة وشركيات وضلالات غير وحدة الوجود لا حصر لها . ويشهد لما قلته سلفاً وأقوله واقع الصوفية وطرقها سابقاً ولاحقاً .

وأخيراً
ما قرَّره الدكتور يختلف عمَّا قرَّره ابن تيمية وغيره من أهل السنَّة
-رحمهم الله-
فإنَّ شيخ الإسلام لا يقصد بكلامه إلاَّ المجتهدين الاجتهاد المشروع
لا هذه الأصناف من الصوفية ؛حيث قال خلال كلامه عن الباطنية وأتباعهم :
( وهذا الذي ذكرته حال أئمتهم وقادتهم العالمين بحقيقة قولهم، ولا ريب أنه قد انضم إليهم من الشيعة والرافضة من لا يكون في الباطن عالمًا بحقيقة باطنهم، ولا موافقًا لهم على ذلك، فيكون من أتباع الزنادقة المرتدين، الموالي لهم، الناصر لهم بمنزلة أتباع الاتحادية الذين يوالونهم، ويعظمونهم، وينصرونهم، ولا يعرفون حقيقة قولهم في وحدة الوجود، وأنَّ الخالق هو المخلوق‏.‏ فمن كان مسلما في الباطن وهو جاهل مُعظِّم لقول ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض وأمثالهم من أهل الاتحاد فهو منهم، وكذا من كان مُعظِّماً للقائلين بمذهب الحلول والاتحاد، فإن نسبة هؤلاء إلى الجهمية كنسبة أولئك إلى الرافضة والجهمية، ولكن القرامطة أكفر من الاتحادية بكثير ) اهـ.

فهذا الكلام في الاتباع الذين يعرفون حقيقة عقائد المتبوعين سواء من القرامطة أو من أهل وحدة الوجود والحلول وهذا يخالف ما قرره الدكتور لطف الله ونسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية بل لا يعرف سلف للدكتور غفر الله لنا وله وأسأل الله لنا وله التوفيق والسداد ورزقنا وإياه حب الحقِّ واتباعه .

وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه
وسلم
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
15/شعبان/1426هـ


_____________
([1]) : بل واقع الصوفية عامتهم وخاصتهم ليسوا بهذه الصفات فقد تخلوا عن ذلك من قرون .






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» الرد على محاضرات قصص تاريخية لطارق السويدان
»» كيف يثبت القضاء على مذهب الشيعة أن الزناة يزنون ولا يتمتعون
»» تكفير المسلمين أصل من أصول الفكر الشيعي
»» فتنة خروج ابن الأشعث على الحجاج و مقتل 100 ألف من المسلمين
»» خاتمة الشعراوي كما يصفها ولده عبد الرحيم
 
قديم 01-06-10, 06:20 AM   رقم المشاركة : 10
حلم
عضو ذهبي






حلم غير متصل

حلم is on a distinguished road


حكم الإسلام

في

شد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين





بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :

فإني قد اطلعت على ما دار
بين معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان
بن عبد الله الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وبين أناس خالفوه في موضوع شد الرحال
إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم


ورأيت ما في كلامهم من المخالفة للحق
ولما قرره السلف الصالح
ورأيت أنهم ليس لهم مستند صحيح
من الكتاب والسنة ولا من أقوال أئمة الإسلام السابقين
أهل القرون المفضلة
وإنما يتعلقون بهفوات المتأخرين
التي لا سند لها من نصوص القرآن والسنة الصحيحة
ولا أقوال ولا أعمال السلف الصالح
وعلى رأسهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان
ولا أقوال أئمة العلم والهدى ومنهم الأئمة الأربعة .


وقبل الخوض في هذه المسألة أقول :

إن محبة الرسول الكريم وخاتم النبيين
وإجلاله وتوقيره وطاعته واتباعه
والإشادة بمنزلته العظيمة عند الله
لمن أوجب ما افترضه الله على الناس عموماً؛
لأنه رسول رب العالمين إلى الناس والجن أجمعين،
قال الله تعالى :
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
( آل عمران:31 )

فعلامة محبة الله الصادقة
اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الله تعالى:
( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ
وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)
(النساء:80)


فجعل طاعته طاعة له وقرن طاعته بطاعته
فقال تعالى :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
(النساء:13) .

ومن أعظم طاعته التمسك بما جاء به

قال تعالى :
( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ )

(النساء:14)

ومن أعظم التجاوز لحدود الله
الابتداع في دين الله.

ومن صحيح سنته
صلى الله عليه وسلم
قوله صلى الله عليه وسلم :

" لا يؤمن أحدكم أكون أحب إليه
من ولده ووالده والناس أجمعين "

فلا يكتفى في حقه بمجرد الحب

بل لا بد من حب يفوق حب الأبناء والآباء والأقربين والناس أجمعين.

وبرهان ذلك
الحرص على اتباع كل ما جاء به وتصديقه
وعدم تحريفه أو معارضته بقول أحد
كائنا من كان

فلا يعارض قوله بقول أحد
ولا يقدم على هديه هدى أحد
صلى الله عليه وسلم

وهذا مطلوب من كل مسلم
فما ثبت من قوله أو فعله أو تقريره
أخذناه وتقربنا به إلى الله

وما لم يثبت
من قوله وتقريره في أبواب القرب
فلا يجوز لمسلم أن يتقرب به إلى الله
لأنه من الدين الذي لم يأذن به الله .


فزيارة القبور مشروعة
وشد الرحال إليها غير مشروع

لا بقول النبي صلى الله عليه وسلم
ولا بفعله ولا بتقريره

بل الصواب أنه منهي عنه ونهى عنه أصحابه
بناء على نهيه وتوجيهه
فلا يكون مشروعاً بحال من الأحوال

فقد روى كل من أبي هريرة
وأبي سعيد وأبي بصرة الغفاري
وابن عمر حديث :

" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :
المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى "

أما حديث أبي هريرة
فأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما
وأما حديث أبي سعيد فأخرجه الشيخان وغيرهما
بلفظ لا تشدوا الرحال ... الخ

وأما حديث أبي بصرة
فأخرجه مالك وأحمد
وأبو دواد الطيالسي والنسائي والترمذي
بأسانيد بعضها صحيح وبعضها حسن .

وأما حديث ابن عمر
فأخرجه الأزرقي في أخبار مكة بإسناد رجاله رجال الصحيح والطبراني في الكبير وفي الأوسط من طريق أخرى قال الهيثمي :
رجاله ثقات .



ولمَّا ذهب أبو هريرة إلى الطور
قال له أبو بصرة:
من أين جئت ؟
قال : جئت من الطور صليت فيه
قال :
أما إني لو أدركتك لم تذهب
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول :
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ..
الحديث
ونهى ابن عمر قزعة عن الذهاب إلى الطور
محتجاً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم
عن شد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة.


فاتفق فهم هؤلاء الثلاثة من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم على النهي عن شد الرحال
إلى غير المساجد الثلاثة
لأجل التقرب إلى الله
ولا نعرف لهم مخالف من الصحابة
وفقه الصحابة مقدم على فقه من خالفهم
مهما بلغوا من العلم ومن الكثرة


هذا مسلم لدى كل من يحترم سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وفقه أصحابه وعلمهم
أما من اتبع هواه فله شأن آخر .


ولقد بذل أئمة السنة جهوداً عظيمة
في بيان الحق في هذه المسألة
ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية
في عدد من الكتب، منها:

الجواب الباهر، وجولات في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة وسوف اختار من الأخير فقرات كنت علقت عليها أيام تحقيقي ودراستي له في حدود عام 1412هـ أسأل الله أن ينفع المسلمين بهذه الفقرات القيمة وما يتبعها من تعليقات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :
" فإن أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء منها في الدين؛ لهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف كالدارقطني والبزار وغيرهما.

وأجود حديث فيها ما رواه عبد الله بن عمر العمري
وهو ضعيف، والكذب ظاهر عليه.
مثل قوله:
( من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي )
فإنَّ هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته، وكان مؤمناً به، كان من أصحابه، لاسيما إن كان من المهاجرين إليه، المجاهدين معه ".
- أقول :
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبوعبد الرحمن العمري المدني، ضعيف عابد من السابعة/ م4. تقريب (1/435).
وضعف عبد الله عدد من أئمة الحديث مثل يحيى القطان، وعلي بن المديني، وابن حبان.

لكن هذا الحديث الذي نسبه إليه شيخ الإسلام
بهذا اللفظ ليس هو حديث عبد الله العمري، وإنما هو حديث حفص بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر.
ولفظ حديث عبد الله بن عمر العمري الضعيف هكذا: "من زار قبري وجبت له شفاعتي ".

وقد أورد الشيخ نفسه الحديثين في الرد على الأخنائي (ص 42، 43) بحاشية الرد على البكري ناسباً كل حديث إلى راويه على الصواب.
وكذلك ذكر ابن عبد الهادي الحديثين في كتابه الصارم المنكي ،أورد حديث عبد الله العمري في (ص11) وناقشه مناقشة علمية إلى (ص 27).
وأورد حديث حفص بن سليمان في (ص 48) وناقشه إلى (ص 69).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
" وقد ثبت عنه e أنه قال:
" لا تسبُّوا أصحابي، فوالدي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مثل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " أخرجاه في الصحيحين.
والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة؛ كالحج والجهاد والصلوات الخمس والصلاة عليه، فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين، بل ولا شرع السفر إليه، بل هو منهي عنه.
وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه، والسفر إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه فهو مستحب والسفر إلى الكعبة للحج فواجب.
فلو سافر أحد السفر الواجب والمستحب لم يكن مثل واحد من الصحابة الذين سافروا إليه في حياته، فكيف بالسفر المنهي عنه ؟
وقد اتفق الأئمة على أنه لو نذر أن يسافر إلى قبره صلوات الله وسلامه عليه أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين لم يكن عليه أن يوفي بنذره بل ينهى عن ذلك.
- أقول :
في مجمع الأنهر للشيخ عبد الله بن محمد بن سليمان المعروف بداماد آفندي الحنفي (1/547) :
" ومن نذر بما هو واجب قصداً من جنسه، وهو عبادة مقصودة ( نذراً مطلقاً ) غير معلق بشرط بقرينة التقابل، مثل أن يقول:
لله عليّ حج أو عمرة، أو اعتكاف ، أو لله علي نذر، وأراد شيئاً بعينه كالصدقة ؛فإن هذه عبادات مقصودة، ومن جنسها واجب، وإنما قيد النذر به؛ لأنه لم يلزم الناذر ما ليس من جنسه فرض؛ كقراءة القرآن، وصلاة الجنازة، ودخول المسجد، وبناء المساجد والسقاية وعمارتها.
وإكرام الأيتام، وعيادة المريض، وزيارة القبور، وزيارة قبر النبي e وإكفان الموتى، وتطليق امرأته، وتزويج فلانة.
لم يلزمه شيء من هذه الوجوه؛ لأنها ليس لها أصل في الفروض المقصودة، كما في كثير من الكتب ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :
" ولو نذر السفر إلى مسجده والمسجد الأقصى للصلاة ففيه قولان للشافعي.
أظهرهما عنه:
يجب ذلك، وهو مذهب مالك وأحمد .
والثاني :
لا يجب، وهو مذهب أبي حنيفة؛
لأن من أصله أنه لا يجب النذر إلا ما كان واجباً بالشرع ،وإتيان هذين المسجدين ليس واجباً بالشرع فلا يجب بالنذر عنده .
وأما الأكثرون فيقولون :
هو طاعة لله " اهـ.

- أقول :
ويحسن أن نورد أقوال الأئمة الأربعة حول هذه المسألة :


1- مذهب الشافعية :


قال الشافعي -رحمه الله-
في الأم (2/256) :
"ولو نذر، فقال عليّ المشي إلى إفريقية أو العراق أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء، لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان، وإنما يكون المشي إلى المواضع التي يرتجى فيها البر، وذلك المسجد الحرام وأحبّ إليَّ لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي ،وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي ؛لأن رسول الله e، قال:
( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :
المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس ) ،ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي e ومسجد بيت المقدس، كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام؛ وذلك أن البر بإتيان بيت الله فرض، والبر بإتيان هذين نافلة". وانظر حلية العلماء للقفَّال الشاشي (3/342).
وقال أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب" :
" وإن نذر المشي إلى المسجد الأقصى ومسجد المدينة ففيه قولان؛ قال في البويطي يلزمه، لأنه مسجد ورد الشرع بشد الرحال إليه، فلزمه المشي إليه بالنذر، كالمسجد الحرام. وقال في الأم: لا يلزمه، لأنه مسجد لا يجب قصده بالنسك، فلم يجب المشي إليه بالنذر كسائر المساجد".
وانظر حلية العلماء (3/342).
وذكر النووي هذين القولين في الإيضاح (ص 518 - 519) مع شرح ابن حجر الهيتمي. وقال ابن حجر الهيتمي هنا (ص 519) :
" ولو نذر زيارة قبره e لزم الوفاء به؛ لما علمت أنها في القرب المؤكدة، وكذا زيارة قبر غيره e مما تسن زيارته ؛لأنها قربة مقصودة ".
وهذا من العجائب والغرائب، لقد علم ابن حجر أن مذهب الشافعي استحباب الوفاء بالنذر بالذهاب إلى مسجد رسول الله e وبيت المقدس وتهيبه من القول بالوجوب خوفاً من الله وورعاً، وأكد ذلك النووي في الإيضاح بأن أصح القولين الاستحباب، وأقرهما ابن حجر على ذلك، ثم بعد كل هذا يرى وجوب الوفاء بالنذر بزيارة القبور ؛لأنها في نظره من القرب المؤكدة ،فهل لا يلزم الوفاء بنذر شد الرحال إلى مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وإلى بيت المقدس لأنه لا يرقى إلى درجة القرب المؤكدة ،وقد حضنا رسول الهدى e إلى شد الرحال إليهما مع أعظم بيوت الله المسجد الحرام.

وإني لأخشى أن يكون هذا الكلام مدسوساً عليه
فإن كان منه فأرجو أن يكون قد رجع عنه.
وله كلام جيد في هذا الباب من الإنصاف أن نذكره :
قال في كتابه الزواجر :
( الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ :
اتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ ، وَإِيقَادُ السُّرُجِ عَلَيْهَا ، وَاِتِّخَاذُهَا أَوْثَانًا ، وَالطَّوَافُ بِهَا ، وَاسْتِلَامُهَا ، وَالصَّلَاةُ إلَيْهَا )
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لا بَأْسَ بِهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
( عَهْدِي بِنَبِيِّكُمْ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسِ لَيَالٍ فَسَمِعْته يَقُولُ :
إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إلَّا وَلَهُ خَلِيلٌ مِنْ أُمَّتِهِ وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ ، وَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا ، أَلَا وَإِنَّ الْأُمَمَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ، اللَّهُمَّ إنِّي بَلَّغْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) الْحَدِيثَ .
وَالطَّبَرَانِيُّ ( لَا تُصَلُّوا إلَى قَبْرٍ ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَى قَبْرٍ ) .
وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :
{ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ } . وَمُسْلِمٌ :
{ أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ } .
وَأَحْمَدُ : { إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ ، وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ } . وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ :
{ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ } .
وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد :
{ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ } .
وَأَحْمَدُ عَنْ أُسَامَةَ ، وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ } .
وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ :
{ أُولَئِكَ إذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ : { نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْقُبُورِ } .
وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ :
{ إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ ، وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ } .
وَابْنُ سَعْدٍ :
{ أَلَا إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ } .
وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ { إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ } .
وَأَيْضًا : { كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فَلَعَنَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى } .
تَنْبِيهٌ :
عَدُّ هَذِهِ السِّتَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْته مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَوَجْهُ أَخْذِ اتِّخَاذِ الْقَبْرِ مَسْجِدًا مِنْهَا وَاضِحٌ ، لِأَنَّهُ لُعِنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُبُورِ أَنْبِيَائِهِ وَجُعِلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُبُورِ صُلَحَائِهِ شَرَّ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَفِيهِ تَحْذِيرٌ لَنَا كَمَا فِي رِوَايَةِ : { يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا } : أَيْ يُحَذِّرُ أُمَّتَهُ بِقَوْلِهِ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَصْنَعُوا كَصُنْعِ أُولَئِكَ فَيُلْعَنُوا كَمَا لُعِنُوا ؛ وَاِتِّخَاذُ الْقَبْرِ مَسْجِدًا مَعْنَاهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ إلَيْهِ ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ " وَالصَّلَاةُ إلَيْهَا " مُكَرَّرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِاِتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا فَقَطْ ، نَعَمْ إنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا الْأَخْذُ إنْ كَانَ الْقَبْرُ قَبْرَ مُعَظَّمٍ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ كَمَا أَشَارَتْ إلَيْهِ رِوَايَةُ : { إذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ }
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَصْحَابُنَا :
{ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ إلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ تَبَرُّكًا وَإِعْظَامًا }
فَاشْتَرَطُوا شَيْئَيْنِ أَنْ يَكُونَ قَبْرَ مُعَظَّمٍ وَأَنْ يَقْصِدَ بِالصَّلَاةِ إلَيْهِ -وَمِثْلُهَا الصَّلَاةُ- عَلَيْهِ التَّبَرُّكَ وَالْإِعْظَامَ ،وَكَوْنُ هَذَا الْفِعْلِ كَبِيرَةً ظَاهِرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا عَلِمْت ، وَكَأَنَّهُ قَاسَ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ تَعْظِيمٍ لِلْقَبْرِ كَإِيقَادِ السُّرُجِ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَبَرُّكًا بِهِ ، وَالطَّوَافُ بِهِ كَذَلِكَ وَهُوَ أَخْذٌ غَيْرُ بَعِيدٍ ، سِيَّمَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا بِلَعْنِ مَنْ اتَّخَذَ عَلَى الْقَبْرِ سُرُجًا ، فَيُحْمَلُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَعْظِيمًا وَتَبَرُّكًا بِذِي الْقَبْرِ . وَأَمَّا اتِّخَاذُهَا أَوْثَانًا فَجَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ بَعْدِي }
أَيْ لَا تُعَظِّمُوهُ تَعْظِيمَ غَيْرِكُمْ لِأَوْثَانِهِمْ بِالسُّجُودِ لَهُ أَوْ نَحْوِهِ ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ :
{ وَاِتِّخَاذُهَا أَوْثَانًا }
هَذَا الْمَعْنَى اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ بَلْ كُفْرٌ بِشَرْطِهِ ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مُطْلَقَ التَّعْظِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ كَبِيرَةٌ فَفِيهِ بُعْدٌ (1)
نَعَمْ قَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ :
قَصْدُ الرَّجُلِ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْقَبْرِ مُتَبَرِّكًا بِهَا عَيْنُ الْمُحَادَّةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَإِبْدَاعُ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا
ثُمَّ إجْمَاعًا ، فَإِنَّ أَعْظَمَ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَسْبَابِ الشِّرْكِ الصَّلَاةُ عِنْدَهَا وَاِتِّخَاذُهَا مَسَاجِدَ أَوْ بِنَاؤُهَا عَلَيْهَا . وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ إذْ لَا يُظَنُّ بِالْعُلَمَاءِ تَجْوِيزُ فِعْلٍ تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنُ فَاعِلِهِ ، وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ لِهَدْمِهَا وَهَدْمِ الْقِبَابِ الَّتِي عَلَى الْقُبُورِ إذْ هِيَ أَضَرُّ مِنْ مَسْجِدِ الضِّرَارِ لِأَنَّهَا أُسِّسَتْ عَلَى مَعْصِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدْمِ الْقُبُورِ الْمُشْرِفَةِ ، وَتَجِبُ إزَالَةُ كُلِّ قِنْدِيلٍ أَوْ سِرَاجٍ عَلَى قَبْرٍ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَنَذْرُهُ انْتَهَى .


2- مذهب المالكية :


في المدونة (2/87):
"وقال مالك: ومن قال:
لله عليَّ أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس، فلا شيء عليه، إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلي في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس. فإن كان تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكباً". وانظر الكافي لابن عبد البر (1/458).

ويفهم من استثناء مالك الصلاة فقط من صور الأعمال التي يشملها نذر المشي إلى المدينة وإلى بيت المقدس، ومنها مثلاً زيارة قبر النبي e وقبور الشهداء في المدينة وقبر الخليل وسائر قبور الأنبياء في بيت المقدس، أنه لا يجب ولا يشرع شد الرحال إلى قبر نبينا محمد e ولا إلى قبر غيره من الأنبياء والصالحين ولا يجب ولا يستحب الوفاء بالنذر بالمشي إليها ولو كان يرى شيئاً من هذا لاستثناه كما استثنى الصلاة، وهذا يدل على قوة اتباعه للكتاب والسنة وتمسكه بهما وبعده عن الغلو والبدع التي قال الله في شأنها: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}
وقول رسول الله e:
"كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
وقوله: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
فليت أتباعه يقفون حيث وقف لأن الدين توقيفي.



3- مذهب الحنابلة :

قال ابن قدامة في المغني (10/16):
"وإن نذر المشي إلى مسجد النبي e، أو المسجد الأقصى لزمه ذلك.
وبهذا قال مالك والأوزاعي، وأبوعبيد، وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعي، وقال في الآخر:

"ولا يبين لي وجوب المشي إليهما؛ لأن البر بإتيان بيت الله فرض والبر بإتيان هذين نفل".


4- مذهب الأحناف :


في البحر الرائق (3/81) :
"ولو قال عليَّ المشي إلى بيت الله الحرام، ولم يذكر حجاً ولا عمرة لزم أحد النسكين استحساناً، فإن جعله عمرة مشي حتى يحلق، إلا إذا نوى به المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس أو مسجد من المساجد، فإنه لا يلزمه شيء".
ويفهم من موقفهم هذا ما يفهم من موقف مالك رحم الله الجميع ووفق الأمة لسلوك منهجهم.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي e أنه قال:
" من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه ".

وأما السفر إلى زيارة قبور الأنبياء الصالحين
فلا يجب بالنذر عند أحد منهم لأنه ليس بطاعة.

فكيف يكون من فعل هذا كواحد من أصحابه ؟

وهذا مالك كره أن يقول الرجل:
زرت قبر رسول الله e واستعظمه.

وقد قيل:

إن ذلك لكراهية زيارة القبور.
وقيل:
لأن الزائر أفضل من المزور.
وكلاهما ضعيف عند أصحاب مالك.

- أقول :

زيارة القبور مشروعة
وكان رسول الله قد نهى عنها من باب سد الذرائع؛ لأن الأمم السابقة فتنت بقبور أنبيائها وصالحيها حتى أوقعهم الشيطان كرات ومرات في هوة الشرك بهم واتخاذهم أنداداً مع الله، وأول فتنة من فتن الشرك وقعت لقوم نوح إذ تعلقت قلوبهم بود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم رجال صالحون فجعلوهم أنداداً مع الله.


من أجل ذلك وأمثاله نهى رسول الله
أولاً عن زيارة القبور

ولما رسخت عقيدة التوحيد في قلوب أصحابه الكرام وأمن عليهم الفتنة رخص لهم في زيارتها، وبين لهم الغاية من زيارتها وهي أنها تذكرهم الآخرة، هذه واحدة، والأخرى ليستفيد الأموات من دعاء إخوتهم الأحياء.


وإذا كان الأمر كذلك
والهدف الأول وهو تذكرة الآخرة، أمر يتحقق بزيارة القبور القريبة والمجاورة، حتى ولو كانت قبور قوم مشركين اكتفى الشارع الحكيم بالحد الأدنى الذي يحقق الغرض الشرعي مع تحفظات كثيرة تسد ذرائع الفتنة والشرك:

منها أن لا يقولوا هجراً، ومنها أن لا تتخذ مساجد، ومنها أن لا يبنى عليها، ولا تجصص، ولا يصلى عليها ولا إليها، اكتفى بالحد الأدنى مع هذه الاحتياطات والتحفظات. ولم يشرع أبداً السفر إليها وشد الرحال إليها، لا بقوله ولا بفعله.

وآية ذلك :
أن هذا الأمر لم ينزل فيه قرآن، ولم يثبت فيه حديث من قول رسول الله أو فعله، فلو كان مشروعاً لتحقق فيه كل ذلك ولسن لنا رسول الله ذلك برحلات ورحلات إلى قبور الأنبياء والصالحين.
ولملئت الدواوين برحلات الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان

ونحن نجد دواوين الإسلام
من صحاح وسنن ومسانيد وكتب فقه السلف الصالح
قد سجلت كل حقوق الأموات من عيادتهم وهم مرضى إلى غسلهم وتحنيطهم وتشييعهم ودفنهم وزيارتهم والاستغفار لهم والدعاء لهم والنهي عن الجلوس على قبورهم، ومن جهة أخرى لحماية عقيدة الأحياء من المسلمين نهي عن البناء على قبور الأموات بأي شكل وبأي صورة لا مساجد ولا مطلق بناء ولا بتجصيص.


كل هذا قد طفحت به دواوين الإسلام التي نوهنا عنها
خالية خلواً كاملاً
من حديث نبوي صحيح أو حسن،
ومن أقوال الصحابة والقرون المفضلة،
ومن أقوال أئمة الهدى
من شيء له تعلق بقضية السفر إلى القبور
فهذا الإمام مالك لا تجد له كلمة في موطأه تشير إلى السفر وشد الرحال إلى قبر رسول الله e ولا إلى قبر غيره، وهذه كتب تلاميذه التي دونوا فيها فقه هذا الإمام لا نجد فيها باباً ولا فصلاً ولا حديثاً يحث المسلمين على شد الرحال والسفر إلى قبر النبي e أو غيره من الأنبياء والصالحين.
وهذا الإمام الشافعي يدون فقهه العظيم في الأم وغيرها، فلم يعقد باباً ولا فصلاً، ولم يذكر حديثاً واحداً بشأن السفر إلى قبور الأنبياء.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل وهذا مسنده العظيم ومسائله التي دونت في كتب لا تجد لهذه المسألة فيها أثراً ولا خبرا .
وهذان الصحيحان، وبقية الأمهات الست وأخواتها من دواوين الإسلام المعتبرة، خلت خلواً كاملاً عن قضية شد الرحال والسفر إلى قبر النبي e أو إلى قبور غيره من الأنبياء.
وهذه كتب أبي حنيفة وأصحابه أبي يوسف ومحمد نبحث فيها، فلا نجد فيها ذكراً لهذه المسألة.

فما هو السر إذن في عمل هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمة من الفقهاء والمحدثين؟
ويجب أن يقف جميع العقلاء متسائلين:
هل ينقصهم حب رسول الله e؟
هل كان هناك مادة خصبة وأحاديث وآثار ثرة أهملوها بل كتموها ودفنوها كما فعلوا بوصية علي في نظر الباطنية وغلاة الرفض؟ إن المنتسبين إلى السنة على اختلاف اتجاهاتهم بحمد الله لا يظنون بسفلهم هذا الظن السيئ، ولكنها الغفلة ودغدغة شياطين الإنس والجن لعواطف الحب العمياء التي لا تميز بين حق وباطل، وبين جفاء وإفراط وإطراء، إنه ليس بأيدي المتحمسين لهذه المسألة مسألة شد الرحال إلى القبور التي يبالغون فيها وقد يكفرون من يخالفهم إلا غثاء وسرابٌ من الأحاديث الباطلة لا يدعمها كتاب ولا سنة، ولا قول صحابي ولا إمام من أئمة الإسلام.

إنا نقول لهؤلاء ما نقتبسه من قول الله:
{ قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة }.
نقول لكم:
قوموا مثنى وفرادى وجماعات وشكلوا لجانا واعقدوا مؤتمرات وفكروا في كل ذلك وقلبوه بطنا لظهر، لماذا أهمل سلفكم الصالح وأقصد بهم القرون المفضلة هذه القضية المهمة؟

ولماذا لم يحتفوا بها ويسجلوها في دواوينهم الفقهية والحديثية والعقائدية ؟

هل أصابتهم جنة أو جفاء
أو أن القضية لا أساس لها؟
لعل احترامكم لسادة هذه الأمة
وسلفها الصالح وحسن ظنكم بهم يدفعانكم
إلى الاعتراف بالحقيقة.
والواقع أن رسول الله e لم يفعل ولم يأمر بشيء من هذا، بل عمل عكس هذا تماماً من الاحتياطات والتحفظات التي ذكرناها، وما أروعها وأنصفها وأوضحها وأكثرها وأبركها على الأمة!
ونؤكد هذا بقوله e:
" لا تجعلوا قبري عيداً ".
وفعل أصحابه تنفيذاً لهذا التوجيه السديد وأمثاله؛ حيث دفنوه في حجرته خشية أن يتخذ قبره مسجداً، كما قالته عائشة ورواه الشيخان وغيرهما.
وما كانوا يأتون قبره، كما روى ذلك عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال:
" كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه وأخبرناه عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال معمر فذكرت ذلك لعبيد الله ابن عمر فقال :
ما نعلم أحداًًٌََُ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر" .

فهذا الإمام عبيد الله بن عمر من كبار البيت العمري وكبراء علماء المدينة لا يعلم أن أحداًَُ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل مثل فعل ابن عمر من إتيانه قبره صلى الله عليه وسلم للسلام عليه وذلك لأنهم كانوا يكتفون بالسلام عليه عند دخول مسجده وعند خروجهم منه وفي أثناء الصلوات المكتوبة والمسنونة في المساجد والبيوت وغيرها ويكتفون بالصلاة عليه في كل مكان ويعلمون أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة في أي مكان أو زمان صلى الله عليه بها عشراً .

هذا بالإضافة إلى ما سمعوه من قول النبي
صلى الله عليه وسلم:
" لا تتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني "
وسمعوه يقول :
" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قالت عائشة : يحذر ما صنعوا .
وقال مالك إمام دار الهجرة
لما سمع أن أناسا يترددون على قبر النبي
صلى الله عليه وسلم :
" ما علمت أحدا فعل ذلك ممن مضى ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها "

ولا يجوز للمسلمين أن يغلوا في قبر النبي
صلى الله عليه وسلم ولا في قبر غيره
فيتشبهوا باليهود والنصارى فيستحقون ما استحقوه من اللَّعن نعوذ بالله من ذلك .

وفَّق الله الأمة الإسلامية للاحتكام إلى كتاب ربِّها وسنَّة نبيها واتِّباع سلفها الصالح.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.



كتبه


ربيع بن هادي المدخلي


28/ذي القعدة/1425هـ



_____________
(1) أقول : لا بُعد فيه إلا أن التعظيم الذي لم يأذن به الله قد يكون شركاً وقد يكون غلواً "وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".






التوقيع :
الأدعياء كثر
فمدع أن النصرانية على هدي عيسى
-عليه السلام-
و مدع أن التشيع على هدي آل البيت
- رضوان الله تعالى عنهم -
و لا ندري أي الدعوتين أكذب من الأخرى
من مواضيعي في المنتدى
»» تكفير المسلمين أصل من أصول الفكر الشيعي
»» في الإعتماد على الحساب الفلكي لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان
»» جالية اليمن بجيزان تدشن حملة تبرع بالدم لدعم الجيش السعودي
»» قناة الجزيرة تدعم الحوثيين وتستضيف قادتهم الميدانيين
»» مطاردة القراصنة على الأراضي الصومالية استهبال ايراني جديد
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:44 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "