الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحة اجمعين
حقيقة لا اجد مقدمة ابدا بها الا بترك القارئ الكريم يسبح في هذة الخرافة ويغوص في اعماق هذه الاسطورة الاتية
(الرابع عشر: ممن رآه في حياة أبيه (عليهما السلام): وفيه عن علي بن إبراهيم بن مهزيار الذي كان خادما له (عليه السلام) أن الحسن العسكري كان يأمرني بإحضار حجة الله من السرداب، وأنا أحضره عنده وهو يأخذه ويقبله ويتكلم معه، وهو يجاوب أباه بذلك وهو يشير إلي برده وأرده إلى السرداب، حتى أنه (عليه السلام) أمرني بإحضاره يوما من الأيام فقال (عليه السلام): يا بن مهزيار ائتني بولدي حجة الله، فأتيت به إليه من السرداب، فأخذه مني وأجلسه في حجره وقبل وجهه وتكلم معه بلغة لا أعرفها وهو يجاوب أباه بتلك اللغة، فأمرني برده إلى محله ومكانه، فذهبت به ورجعت إلى العسكري (عليه السلام)، ثم رأيت أشخاصا من خواص المعتمد العباسي عند الإمام (عليه السلام) يقولون: إن الخليفة يقرئك السلام ويقول: بلغنا أن الله عز وجل أكرمك بولد وكبر فلم لا تخبرنا بذلك لكي نشاركك في الفرح والسرور؟ ولا بد لك أن تبعثه إلينا فإنا مشتاقون إليه.قال ابن مهزيار: لما سمعت منهم هذه المقالة فزعت وتضجرت وتفجرت واضطرب فؤادي فقال الإمام: يا بن مهزيار اذهب بحجة الله إلى الخليفة، فزاد اضطرابي وحيرتي، لأني كنت متيقنا أنه أراد قتله فكنت أتعلل وأنظر إلى سيدي ومولاي العسكري (عليه السلام) فتبسم في وجهي وقال: لا تخف اذهب بحجة الله إلى الخليفة،فأخذتني الهيبة ورجعت إلى السرداب فرأيته يتلألأ نوره كالشمس المضيئة فما كنت رأيته بذلك الحسن والجمال، وكانت الشامة السوداء في خده الأيمن كوكبا دريا، فحملته على كتفي وكان عليه برقع، فلما أخرجته من السرداب تنورت سامراء من تلك الطلعة الغراء وسطع النور من وجهه إلى عنان السماء واجتمع الناس رجالا ونساء في الطرق والشوارع وصعدوا على السطوح فانسد الطريق علي، فلم أقدر على المشي إلى أن صار أعوان الخليفة يبعدون الناس من حولي حتى أدخلوني دار الإمارة.فرفع الحجاب فدخلنا مجلس الخليفة، فلما نظر هو وجلساؤه إلى طلعته الغراء وإلى ذلك الجمال والبهاء أخذتهم الهيبة منه فتغيرت ألوانهم وطاش لبهم وحارت عقولهم وخرست ألسنتهم، فصار الرجل منهم لا يتكلم ولا يقدر أن يتحرك من مكانه، فبقيت واقفا والنور الساطع والضياء اللامععلى كتفي، فبعد برهة من الزمان قام الوزير وصار يشاور الخليفة، فأحسست أنه يريد قتله فغلب علي الخوف من أجل سيدي ومولاي، فإذا بالخليفة أشار إلى السيافين أن اقتلوه، فكل واحد منهم أراد سل سيفه من غمده، فلم يقدر عليه ولم يخرج السيف من غمده، وقال الوزير: هذا من سحر بني هاشم(كذا.أقول إن غاب عن المجوسي ان الخليفة من بني هاشم فلن يغيب عن وزيره فلا تغفل) وليس هذا بعجيب ولكن ما أظن أن سحرهم يؤثر في السيوف التي في خزانة الخليفة، فأمر بإتيان السيوف من الخزانة فأتيت فلم يقدروا أيضا على إخراجها من أغمادها، وجاؤوا بالمواسي والسكاكين فلم يقدروا على فكها. ثم أمر الخليفة بإشارة من الوزير بالأسود الضارية من بركة السباع، فأتى بثلاثة من الأسود الضارية والسباع العادية فأشار إلى الخليفة وقال: إلقه نحو الأسود، فحار عقلي وطاش لبي وقلت في نفسي: إني لا أفعل ذلك ولو أني أقتل، فقرب (عج) من أذني فقال لي: لا تخف وألقني، فلما سمعت من سيدي ومولاي ذلك ألقيته نحو الأسود بلا تأمل، فتبادرت وتسابقت الأسود نحوه وأخذوه بأيديهم في الهواء، ووضعوه على الأرض برفق ولين ورجعوا إلى القهقرى مؤدبين كأنهم العبيد بين يدي الموالي واقفين، ثم تكلم واحد منهم بلسان فصيح، وشهد بوحدانية الباري عز شأنه وبرسالة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وبإمامة علي المرتضى والزكي المجتبى والشهيد بكربلا وعن الأئمة واحدا واحدا، ثم قال: يا بن رسول الله لي إليك الشكوى فهل تأذن لي؟ فأذن له فقال: إني هرم وهذان شابان فإذا جئ إلينا بطعمة ما يراعياني، ويأكلان الطعمة قبل أن أكمل فأبقى جائعا، قال (عج): مكافأتهما أن يصيرا مثلك وتصير مثلهما، فلما قال هذا الكلام فإذا صار كما قال، وصارا كما أراد، فعرض لهما الهرم وعاد له الشباب ما شاء الله، فلما رأى الحاضرون كبروا جميعا من غير اختيار، وفزع الخليفة ومن كان معه وتغيرت ألوانهم، فأمر برده إلى أبيه العسكري (عليه السلام)، فعدت ضاحكا شاكرا لله حامدا له، فأتيت به إلى أبيه وقصصت عليه القصة فأمرني برده إلى السرداب فذهبت به .
أقول ولا تعليق على هذه الاسطورة الا بتذكير هواة الخرافة بقول الطوسي
(لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل ، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار ، وكان يتحمل المشاق والأذى ، فإن منازل الأئمة وكذلك الأنبياء عليهم السلام إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل : هلا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله ؟قلنا : المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والامر بوجوب اتباعه ونصرته والتزام الانقياد له ، وكل ذلك فعله تعالى ، وأما الحيلولة بينهم وبينه فإنه ينافي التكليف ، وينقض الغرض به ، لان الغرض بالتكليف استحقاق الثواب ، والحيلولة ينافي ذلك ، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق ، فلا يحسن من الله فعلها) الغيبة للطوسي 329
ولما كانت عادة شيوخ الطائفة التناقض وجدنا الطوسي نفسة يذكر اخبارا تنقض كلامة الذي اصلة من اصله فانة روى في نفس هذا الكتاب
(وحدث عن رشيق صاحب المادراي قال : بعث إلينا المعتضد*ونحن ثلاثة نفر فأمرنا أن يركب كل واحد منا فرسا ونجنب آخر ونخرج مخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلى ، وقال لنا :الحقوا بسامرة ووصف لنا محلة ودارا وقال : إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسود فاكبسوا الدار ، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه .
فوافينا سامرة فوجدنا الامر كما وصفه ، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها ، فسألناه عن الدار ومن فيها فقال : صاحبها ، فوالله ما التفت إلينا وقل اكتراثه بنا ، فكبسنا الدار كما أمرنا ، فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه ، كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت ، ولم يكن في الدار أحد .
فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحرا فيه ماء (كذا ولا يسعنا الا شكره على المعلومة) ، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء ، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا ولا إلى شئ من أسبابنا.
فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى البيت فغرق في الماء ، وما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة ، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك ، وبقيت مبهوتا .
فقلت لصاحب البيت : المعذرة إلى الله وإليك ، فوالله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجئ وأنا تائب إلى الله .فما التفت إلى شئ مما قلنا ، وما انفتل عما كان فيه فهالنا ذلك ، وانصرفنا عنه ، وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان .فوافيناه في بعض الليل فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر ، فحكينا له ما رأينا ، فقال : ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول ؟ قلنا : لا فقال : أنا نفي من جدي ، وحلف بأشد أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته)نفس المصدر السابق ح رقم 218 (ص 248- 250)
فقلي بربك كيف يجمع شيخ الطائفة بين علة عدم ظهور الامام خوفا على نفسة من القتل وبين إسطورة رشيق صاحب المعتمد على الله العباسي؟!!
ـــــــــــــــــــــــــ
جاء فى هامش التحقيق ص 248 (*)هكذا في النسخ والمصادر والظاهر أنه تصحيف المعتمد ، حيث بويع أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد بالله في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله عمه وهو يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة 279 بينما قبض الإمام الحسن العسكري عليه السلام في سنة 260 ( راجع مروج الذهب : 4 / 111 و 143 )