منقووووووووووووووول
بنصه
------------
أسرار اللقاء بين ولي العهد ونخبة الشيعة
احمد شهاب
تطورات متلاحقة تجري في المنطقة الخليجية من الأهمية رصدها وتعقبها باستمرار باعتبارها مدخلا هاما لتحقيق الاستقرار السياسي الاجتماعي، وخطوة لعبور منحنيات التوتر الخطرة بأقل قدر ممكن من الخسائر وبأكبر قدر من التوافق الاجتماعي والتلاحم الوطني.
إن للمكانة السياسية والجغرافية والدينية للمملكة العربية السعودية أثرا هاما في حركة ونهوض المناطق المجاورة، إن لم اقل في جميع الدول الإسلامية، فالثقل التاريخي والحضاري للمناطق المقدسة التي انطلقت منها الدعوة التوحيدية الأولى، لا تزال مؤثرة وتسكن وجدان الإنسان المسلم في كل أنحاء العالم، وبإمكان أي بادرة سياسية أو ثقافية أن تنعكس ايجابيا على بقية المناطق.
إن أهمية اللقاء الأخير الذي عقد أخيرا بين ولي العهد السعودي ونخبة من الشخصيات الشيعة انه لقاء غير مسبوق فالأمير عبد الله أبدى تفهما كبيرا لمطالب المواطنين الشيعة وهي مطالب موضوعية تلخصت في ضرورة إفساح المجال لأبناء الطائفة لان يتلقوا معاملة متساوية مع بقية المواطنين وخاصة في حقلي التعلم والتوظيف، وأهمية سن الأنظمة واللوائح التي تجرم الممارسات الطائفية، وإلغاء كافة الإجراءات غير النظامية التي تبيح الممارسات الطائفية أو تحمي مرتكبيها، كما تنادي العريضة التي وقع عليها 450 شخصية سعودية (50 عالم دين و 43 أكاديميا، 101 رجال أعمال، 31 كاتبا وصحافيا وشاعرا و 24 امرأة) بشراكة وطنية تقوم على الإيمان بوحدة الوطن ومرجعيته السياسية وسلمية المطالب الإصلاحية.
لقد أكد الوفد الذي ضم 18 شخصية دينية وسياسية وثقافية لولي العهد السعودي أن المواطنين الشيعة هم جزء أصيل لا يتجزأ من كيان هذا الوطن السعودي، فهو وطنهم النهائي، ولا بديل لهم عنه وهو حديث يحوز على أهمية كبيرة في هذا الوقت الذي تحاول فيه جهات من الخارج الاستفادة من أي صراع داخلي لتعميق الهوة بين شرائح المجتمع المختلفة.
وفي اللقاء الودي بدأ الحوار بين الطرفين هادئا وأبدى الأمير تفهما للظروف الاستثنائية التي يعيشها الشيعة مؤكد انه يتحسس هذه المعاناة منذ سنوات طويلة، فهو لا يشك بوطنية أبناء الطائفة ويثق بان طلاب الإصلاح الداخلي والمعارضة الشيعية في الخارج مخلصة ووطنية ولفت إلى أن العلاقة الخاصة التي كانت تجمعه مع رجل الحوار وداعية التقريب بين المدارس الفقهية السيد موسى الصدر.
كما أبدى الأمير عبد الله تفهمه للمطالب المقدمة ووعد بإجراء إصلاحات جادة يدشنها بحوار وطني لإصلاح البيت السعودي عبر حوار مفتوح تحت رعايته يضم شخصيات منتخبة من السنة والشيعة والفرقة الإسماعيلية ومحاولة تجاوز الحساسيات الطائفية، وانه بصدد تقديم مقترحات (إعلان مبادئ لإصلاح الوضع والبيت العربي).
إن الحوار الجريء بين النخب الاجتماعية والسلطة الحاكمة في المجتمعات العربية والإسلامية وتلمس الثغرات ومحاولة التخلص منها يظل هو السبيل الوحيد المثمر لدعم مساعي إصلاح المشكلات المتراكمة وحلها قبل أن تتحول إلى أزمة مستعصية أو مرض غير قابل للعلاج، وتنفجر مثل غيرها من الأزمات المزمنة.
جريدة الوطن