قبل ان ادخل في صلب الموضوع ، استغرب هذا التخبط والعشوائية لدى اتباع اهل السنة هنا والذين دائما ما كانو يذكرون اية وكذلك جعلناكم امة وسطا ، واية كنتم خير امة اخرجت للناس ، واية ولتكن منكم امة يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، معتقدين ان الامة المقصودة بها كل من هب ودب من امة محمد ، ورغم ان معنى هذه الكلمة امة محمد غامض فقد سالتهم مرارا وتكرارا ان يبينوا لنا معناها مع الدليل ولم يستطيعوا لانهم يعرفون انهم سيقعون في مأزق عند الجواب ، والغريب ان بعضهم اخرجنا من امة محمد وعندما طلبنا منه دليل بدأ يتخبط هنا وهناك الى ان قال البعض اننا اصلا غير داخلين ضمنها ، هكذا بلا برهان ولا دليل ...
على العموم سوف نبين وبادلة واضحة من القران المعنى الصحيح للامة المذكورة ، كما فسرها ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين قرنهم رسول الله بكتاب الله ، فهم حجتنا ودليلنا الى الحق ، كونهم معصومين يهدون الى الحق لا الى الضلال ، هم اهل الذكر ، والراسخون في العلم ، وسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق....
في الوقت الذي اتبع المخالفون اناس يختلفون ويتناقضون ويفسرون القران بتفسيرات غريبة عجيبة لا يقبلها العقل السقيم ، واتبعهم عامة الناس بتقليد اعمى وتعطيلا للعقل ، وهم مع ذلك لا يملكون دليلا واحدا لا من كتاب ولا من سنة على وجوب اتباع هؤلاء المفسرون المدعون انهم عالمون لكتاب الله وهم لا يفقهون شيئا فيه واكبر دليل تناقضاتهم وتخبطاتهم في كل تفسير...
والان الى التفسير الصحيح لكتاب الله الكريم :
هنا توضيح لمعنى آل محمد وأمة محمد الذين يمثلون اهل البيت عليهم السلام خاصة ، كما فسرها مولانا جعفر الصادق عليه السلام لشيعته ...
روينا عن أبى عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه أن سائلا سأله فقال: يابن رسول الله، أخبرني عن آل محمد من هم؟ قال: هم أهل بيته خاصة، قال: فإن العامة يزعمون أن المسلمين كلهم آل محمد، فتبسم أبو عبد الله، ثم قال: كذبوا وصدقوا، قال السائل: يابن رسول الله ما معنى قولك كذبوا وصدقوا، قال: كذبوا بمعنى وصدقوا بمعنى، كذبوا في قولهم المسلمون هم آل محمد الذين يوحدون الله ويقرون بالنبي (عليه السلام) على ما هم فيه من النقص في دينهم والتفريط فيه، وصدقوا في أن المؤمنين منهم من آل محمد، وإن لم يناسبوه، وذلك لقيامهم بشرائط القرآن، لا على أنهم آل محمد الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . فمن قام بشرائط القرآن وكان متبعا لآل محمد فهو من آل محمد على التولى لهم وإن بعدت نسبته من نسبة محمد (عليه الصلاة والسلام)، قال السائل: أخبرني ما تلك الشرائط، جعلني الله فداك، التى من حفظها وقام بها كان بذلك المعنى من آل محمد، فقال: القيام بشرائط القرآن، والاتباع لآل محمد صلوات الله عليهم، فمن تولاهم ، وقدمهم على جميع الخلق كما قدمهم الله من قرابة رسول الله ، فهو من آل محمد على هذا المعنى، وكذلك حكم الله في كتابه فقال جل ثناؤه: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ، وقال يحكى قول إبراهيم: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وقال في اليهود يحكى قول الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّار قال الله عز وجل لنبيه: قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، وقال في موضع آخر : قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ // وإنما نزل هذا في قوم من اليهود كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقتلوهم الانبياء بأيديهم ولا كانوا في زمانهم ولكن قتلهم أسلافهم ورضوا هم بفعلهم، وتولوهم على ذلك فأضاف الله عز وجل إليهم فعلهم وجعلهم منهم لاتباعهم إياهم،
قال السائل: أعطني جعلني الله فداك، حجة من كتاب الله أستدل بها على أن آل محمد هم أهل بيته خاصة دون غيرهم، قال: نعم، قال الله عز وجل، وهو أصدق القائلين: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ،، ثم بين من أولئك الذين اصطفاهم فقال: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. ولا تكون ذرية القوم إلا نسلهم. وقال عز وجل: اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرا،،،
وقال: وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ، وإنما كان ابن عم فرعون، وقد نسب الله هذا المؤمن إلى فرعون لقرابته في النسب، وهو مخالف لفرعون في الاتباع والدين، ولو كان كل من آمن بمحمد (عليه السلام) من آل محمد الذين عناهم الله في القرآن لما نسب مؤمن آل فرعون إلى فرعون وهو مخالف لفرعون في دينه، ففى هذا دليل على أن آل الرجل هم أهل بيته، ومن اتبع آل محمد فهو منهم بذلك المعنى لقول إبراهيم: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وقال عز وجل : أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ،، يعنى أهل بيته خاصة وأتباعهم عامة، ومن دخل النار من غير أهل بيت فرعون فإنما يدخلها بتوليه أهل بيت فرعون وهو منهم باتباعه لهم، وآل فرعون أئمة عليهم فمن تولاهم فهو لهم تبع. وقال تعالى : وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ // وذلك أنه قد يكون من آل موسى وآل هرون وآل داود من لا نسب بينه وبينه إلا بالاتباع، فأهل بيوتات الانبياء الائمة (عليهم السلام)، فمن تولاهم واتبعهم فهو منهم على ذلك المعنى وعلى نحو ما وصف الله سبحانه،
ثم قال جعفر بن محمد عليه السلام للسائل: اعلم أنه لم يكن من الامم السالفة والقرون الخالية والاسلاف الماضية ولا سمع به أحد أشد ظلما من هذه الامة، فإنهم يزعمون أنه لا فرق بينهم وبين أهل بيت نبيهم ولا فضل لهم عليهم، فمن زعم ذلك من الناس فقد أعظم على الله الفرية وارتكب بهتانا عظيما وإثما مبينا، وهو بذلك القول برئ من محمد وآل محمد حتى يتوب ويرجع إلى الحق بالاقرار بالفضل لمن فضله الله عز وجل عليه من أهل بيت النبوة وموضع الرحمة ومعدن العلم وأهل الذكر ومختلف الملائكة، فمن زعم أنه لا فضل لمن كانت هذه صفته عليه فهو منهم برئ في الدنيا والآخرة.
ثم قال: وههنا قول آخر من قبل الاجماع، قال السائل: وما هو؟ قال: أليس ما اجتمع عليه المسلمون كان أولى بالحق وأحرى أن يؤخذ به مما اختلفوا فيه؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن المدعين من المسلمين أنهم آل محمد، أليس هم مقرون أن أهل بيت محمد شركاؤهم فيما ادعوا من أنهم آل محمد؟ قال: بلى، [ قال ]: أفلا ترى أن المدعين أنهم آل محمد مقرون لاهل بيت محمد الذين هم أهل بيته وأن آل محمد منكرون لما ادعاه المدعون من ذلك، وأنه باطل مدفوع حتى يثبتوه لانفسهم بأحد أمرين، إما بإجماع من أهل بيت محمد وإقرار لهم بما ادعوه وأن يصدقوهم فيما ادعوه المدعون لآل محمد وشهدوا لهم، أو ببينة من غيرهم تشهد لهم ممن ليس لهم في الدعوى شئ ولا يجدون لذلك سبيلا، أفلا ترى أن حق أهل بيت محمد قد ثبت، وأن ما ادعاه المدعون باطل لما فيه من الاختلاف بين الناس وحق آل محمد المجتمع عليه من الوجهين، وبطلت دعوى المدعين بالوجه الذى ذكرنا فيه أولا بالحجة وبوجه الاجماع الذى بينا ذكره.
قال السائل: أخبرني، جعلني الله فداك، عن أمة محمد، أهم أهل بيت محمد؟ قال: نعم، قال: أو ليس المسلمون جميعا وكل من آمن به وصدقه أمته؟ قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه: هذه المسألة مثل المسألة الاولى في آل محمد، وليس كل المسلمين ممن لم يكن من أهل بيت محمد من بنى هاشم أمة محمد، والناس كافة أهل مشارق الارض ومغاربها من عربها وعجمها وإنسها وجنها من آمن منهم بالله ورسوله وصدقه واتبعه بالتولي للامة التى بعث فيها ، فهو من أمة محمد بالتولي لتلك الامة، ومن كان هكذا من المسلمين الذين يوحدون الله ويقرون بالنبي، فهو من الامة التى بعث إليها محمد، ومن أنكر فضل هذه الامة فهو من الذين قالوا: نؤمن ببعض ونكفر ببعض، وأحبوا أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. وهم الذين إذا قيل لهم: أتؤمنون بالله وبرسوله؟ قالوا: نعم، وإذا قيل لهم: أفتقرون بفضل آل محمد الذى أنتم به مؤمنون وله مصدقون، قالوا: لا، لانهم لا فضل لهم علينا،
قال السائل: وما الحجة في أن أمة محمد هم أهل بيت محمد الذين ذكرت دون غيرهم؟ قال: قول الله، تبارك وتعالى، وهو أصدق القائلين: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{127} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ،، فلما أجاب الله دعوة إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة، وأن يبعث فيها رسولا منها ، يعنى من تلك الامة، يتلو عليها آياته، ويزكيها ويعلمها الكتاب والحكمة، أردف إبراهيم دعوته الاولى لتلك الامة التى سأل لها من ذريته بدعوة أخرى يسأل لهم التطهير من الشرك بالله ومن عبادة الاصنام، ليصح أمرهم فيها، ولئلا يتبعوا غيرها، فقال : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ،،الذين دعوتك لهم، ووعدتني أن تجعلهم أئمة وأمة مسلمة، وأن تبعث فيها رسولا منها، وأن تجنبهم عبادة الاصنام، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ // فذلك دلالة على أنه لا تكون الائمة والامة المسلمة التى بعث فيها محمد إلا من ذرية إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام من سكان الحرم ممن لم يعبد غير الله قط لقوله: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ،، ولم يقل ليعبدوا الاصنام. فهذه الآية تدل على أن الائمة والامة المسلمة التى دعا لها إبراهيم صلوات الله عليه من ذريته ممن لم يعبد غير الله قط، ثم قال: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ // فخص دعاء إبراهيم عليه السلام الائمة والامة التى من ذريته، ثم دعا لشيعتهم كما دعا لهم، فأصحاب دعوة إبراهيم وإسمعيل عليهما السلام رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة صلوات الله عليهم، ومن كان متوليا لهؤلاء من ولد إبراهيم وإسمعيل عليهما السلام فهو من أهل دعوتهما لان جميع ولد إسمعيل قد عبدوا الاصنام، غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى وفاطمة والحسن والحسين وكانت دعوة إبراهيم وإسمعيل لهم. والحديث المأثور عن النبي (عليه الصلاة والسلام) أنه قال: أنا دعوة أبى إبراهيم ومن كان متبعا لهذه الامة التى وصفها الله عز وجل في كتابه بالتولي لها كان منها، ومن خالفها بأن لم يرها عليه فضلا فهو من الامة التى بعث إليها محمد (عليه السلام) فلم تقبل . قال الله تبارك وتعالى في هذه الامة التى وجبت لها دعوة إبراهيم وإسمعيل في غير موضع من الكتاب: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وفى هذه الآية تكفير أهل القبلة بالمعاصى، لانه من لم يدع إلى الخير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر فليس من الامة التى وصفها الله عز وجل، لانهم يزعمون أن جميع المسلمين هم أمة محمد (عليه السلام)، وقد ترى هذه الآية وصفت أمة محمد بالدعاء إلى الخير والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، فمن لم توجد فيه صفة الله عز وجل التى وصف بها الامة فكيف يكون منها وهو على خلاف ما شرط الله عز وجل على الامة ووصفها به.
وقال في موضع آخر، يعنى تلك الامة: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا . فإن ظننت أن الله جل ثناؤه عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين، أفترى أن من لم تكن شهادته تجوز في الدنيا على صاع من تمر أن الله طالب شهادته على الخلق يوم القيامة، وقابلها على الامم السالفة، كلا لن يعنى الله مثل هذا من خلقه،
وقال في موضع آخر يعنى تلك الامة التى عنتها دعوة إبراهيم: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ فلو كان الله عز وجل عنى جميع المسلمين أنهم خير أمة أخرجت للناس لم يعرف الناس الذين أخرج إليهم جميع المسلمين من هم؟ كلا لن يعنى الله الذين تظنون من همج هذا الخلق، ولكن عنى الله الامة التى بعث فيها محمد (صلى الله عليه وسلم).
قال السائل: فإنه لم يكن معه إلا على وحده، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن مع على فاطمة والحسن والحسين، وهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأصحاب الكساء هم الذين شهد لهم الكتاب بالتطهير، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحده أمة لان الله سبحانه يقول: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ // فكان إبراهيم وحده أمة ثم رفده بعد كبره بإسمعيل وإسحق، وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب، وكذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان وحده أمة ثم رفده بعلى وفاطمة، وكثره بالحسن والحسين كما كثر إبراهيم بإسمعيل واسحاق، وجعل الامامة التى هي خلف النبوة في ذريته من ولد الحسين بن على كما جعل النبوة في ذرية إسحاق، ثم ختمها بذرية إسماعيل، وكذلك كانت الامامة في الحسن بن على لسبقه، قال الله عزوجل في ذلك: والسابقون السابقون أولئك المقربون ، فكان الحسن أسبق من الحسين، ثم نقل الله عزوجل الامامة إلى ولد الحسين كما نقل النبوة من ولد إسحاق إلى ولد اسمعيل، وعليهم إجماع الامة بالشهادة لهم، وأنها جارية فيهم، ولم يجمعوا بمثل هذه الشهادة لاحد سواهم.
اخيرا : نخلص الكلام اعلاه فنقول :
لو كان اهل السنة والجماعة يقصدون ان امة محمد هم وحدهم فباي دليل استدلوا على ذلك وهم يعرفون ان جميع المسلمين مع اختلاف مذاهبهم يقرون برسالة محمد ونبوته ؟!
ثم كيف جاز لهم ان يفسرون القران بتفاسيرهم التي تجعلهم كلهم امة محمد ، فلو تدبرنا في الايات اعلاه لوجدنا ان هناك تخصيص وتفضيل لهذه الامة ، ومعلوم ان اهل السنة والجماعة فيهم البار والفاجر وفيهم الفساق وشاربي الخمور والمجرمين ، والراقصات العاهرات ، واصحاب القنوات الفضائية المخالفة للقيم الاسلامية ، وفيهم السذج والمجانين والاطفال ، وفيهم المفسدون في الارض ، وهؤلاء كلهم يقرون بمحمد ، ويعتبرون عندكم من امة محمد ، فكيف تنطبق عليهم هذه الايات الشريفة :
1- قال تعالى : وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ...
فهذه الامة موصوفة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهل هذه الاية تنطبق على اولئك الفجار الفساق ام تبيين العكس ؟!
2- قوله تعالى : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...
فهل يعقل ان اولئك الفجار الفساق يمثلون خير امة ؟ وهل يعقل انهم خرجوا للناس وهم مفسدين مضلين ؟!
3- قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا ...
لاحظوا ان الله جعل هذه الامة وسطا ، وجعلها شهيدة على الناس ، فهل يعقل ان يجعل الله الفساق والفجار شهداء يوم القيامة ، مع انه في الامور الدينية البسيطة لا تجوز شهادتهم ، فكيف تقبل في هذا الامر العظيم يوم القيامة .؟! قال تعالى : يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ...فهذا في امر الوصية فكيف بمن هو اعظم منه واهم ؟!
4- قوله تعالى : ((وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ))
لاحظوا ان الله قد بين لنا انه اجتباهم ، فهل يعقل ان الله يجتبي الفساق والفجار والعصاة من زناة وشاربي خمر ومجرمين ومفسدين ؟!
وقد جاء لفظ الاجتباء في العديد من ايات القران مختصا بالمعصومين من الرسل والانبياء ، وهذا يعني ان الاجتباء لا يكون الا في معصوم اختاره الله وفضله على غيره :
قال تعالى : (( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87) ))
وقال ايضا عز وجل: (( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) ))
وقال ايضا عن يوسف عليه السلام : (( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) ))..
وقال ايضا : (( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) ))...
وقال ايضا سبحانه وتعالى : (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) ))...
وقال في ادم عليه السلام : (( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) ))...
وقال عن يونس عليه السلام : (( فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) ))...
وفي النهاية نسأل الله ان يهدينا ويهديكم الى طريق الحق.