العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-18, 02:08 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


معنى تفضيل جنس الرجل على جنس المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم


بعض الناس إذا سمع مقولة ( تفضيل جنس الرجل على جنس المرأة ) يعتقد أن المقصود :

أن الله يُحب الرجال أكثر من النساء !
أو أن الرجال سيُدخلهم الله الجنة نظرًا لرجولتهم !


فلذا تجد هذا (البعض) عندما يسمع العبارة السابقة يبادرك بقوله:

معنى هذا أنك أفضل من مريم أو عائشة أو خديجة -رضي الله عنهن- ؟
أو يقول: معنى هذا أن الرجل الكافر أفضل من المرأة المؤمنة ؟

فيحصل من هذا خلطٌ وبلبلة في هذه المسألة، لأنه لم يفهم المراد بالتفضيل، ولو فهِم المراد لهدأت نفسه، وسكنت ثائرته، ورضي بما قسم الله لكلٍ من الجنسين.


ولتوضيح هذا الأمر يُقال: هذا التفضيل للرجل على المرأة لا يتعدى هذه القسمة:


1-أن يكون تفضيلهم بأن يُدخلهم الله الجنة دون النساء، وهذا باطل ؛ لأننا نرى النار يدخلها فئامٌ من الرجال، بل إن القرآن خصّ رجالاً بدخول النار بأعيانهم؛ كفرعون وأبي لهب وغيرهما.


2-أو أن يكون التفضيل بأن الله يُحب الرجال دون النساء. وهذا لا دليل عليه؛ لأن النصوص الشرعية تدل على أن الله يحب "المتقين" "المحسنين" "التوابين" "المتطهرين" "الصابرين" "المتوكلين" "المقسطين" ، وكلُ هذا يعم النساء كما يعم الرجال، بلا فرق.


3-أن يراد بالتفضيل أن الله خصَّ الرجال بصفاتٍ تختلف عن صفات النساء -لحكمةٍ يريدها سيأتي بيانها- ، وهذه الصفات التي خصّهم بها ترتب عليها تفضيلهم بأشياء أخرى أعطاهم إياها لم يُعطها للنساء.
وهذه الصفات التي خصّ الرجالَ بها، مثل: القوة البدنية، قوة التحمل، عدم الجزع -مقارنة بالنساء-، الجَلَد على تدبير الأمور، تمام العقل وعدم ضعفه عند تزاحم الوارد عليه.


وقد ترتَّبَ على هذه الصفات أن خصّهم الله بأشياء لم يُعطها النساء؛ مثل:


1-أن تكون النبوة فيهم.
2-القوامة على النساء.
3-التضعيف في الميراث؛ أي أن للذكر مثلُ حظ الأنثيين.
4-الجهاد والغزو.
5-الإمامة العظمى ، ومنصب القضاء الذي يستدعي تدبير الأمور والبروز للناس.
6-أن يكون أمرُ الطلاق بيده .
7-أن تكون شهادته تعدل شهادة امرأتين.


ولأجل هذا (التفضيل) أصبحت النعمة على الإنسان بالولد أكمل من النعمة عليه بالبنت، فسُنّ لهذا أن يَعُقّ عن الولد بشاتين وعن الأنثى بشاة واحدة.


ولأجله - أيضًا- علم الناس من قديم الزمان (فضلَ) جنس الرجال على جنس النساء فلم يُنكر هذا أحدٌ منهم - رجالاً ونساءً - إلا من شذّ!


وكما قلت : فهذا التفضيل من الله للرجال على النساء لا يستلزم دخولهم الجنة أو قُربهم منه تعالى؛ لأن أمور الآخرة لا دخلَ لها بهذه الخصائص التي خصَّ بها الرجال لتستقيم حياة البشر في الدنيا، وإنما أمرُ الآخرة مرتبطٌ بالإيمان والعمل الصالح. فمن كان مؤمنًا عاملاً بالصالحات فهو الأقرب عند الله ؛ كما قال سبحانه: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) لا (رجالكم).
فأيُّما امرأةٍ آمنت بربِّها وعملت من الصالحات فهي في منزلة من آمن وعمل الصالحات من الرجال، ولا فضلَ له عليها في الآخرة لأجل رجولته؛ لأن أمر (الرجولة) انتهى مع نهاية الدنيا.
قال تعالى: ( من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
فالحياة الطيبة للمؤمنين من الجنسين.
والفلاح في الآخرة للمؤمنين من الجنسين.


ولتوضيح هذا أكثر:


إن تفضيل الرجال على النساء هو كغيره من الأفضال الأخرى من الله، مثال ذلك: (المال) هو من فضل الله على الإنسان، فمن أعطاه الله مالاً فقد فضّله على غيره بخصيصة لا توجد عند غيره ؛ كما قال : ( والله فضّل بعضَكم على بعض في الرزق فما الذين فُضِّلوا برآدي رزقهم ) .


ولكن هذا الفضل (وهو المال) لا يُقرِّب الإنسان من الله زلفى ، إذا لم يؤمن ولم يعمل الصالحات، بل قد يكون هذا الفضل من الله إذا لم يقارنه الإيمانُ والعملُ الصالح سببًا من أسباب عذاب هذا الإنسان في الدنيا والآخرة.
وقد قال تعالى: ( وما أموالكم وأولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى).


ومثل المال: (الصحة) : هي فضلٌ من الله، وهكذا كلُ أمر مباح يحبه الناس ويتنافسون في تحصيله، هو من فضل الله، لكنه لا يُقرِّب صاحبه إلى الله زلفى ما لم يُقرن بإيمان وعمل صالح.


وهكذا أمر (الرجل) مع (المرأة)، فالرجولة فضل من الله على الإنسان في الدنيا، نظرًا لما يترتب عليها من صفات -سبق بيانها- ، ولكن هذه (الرجولة) لا تكفي عند الله لنيل مرضاته ودخول جناته؛ لأن أمر الآخرة مختلف عن الدنيا وما فيها من فضائل .


بهذا التوضيح : ينحلُّ الإشكال الذي أورده ابن حزم وتابعه فيه مَن تابعه ، وهو إشكالٌ قد يَرِد على ذهن القارئ؛ وهو أننا إذا قلنا بأن جنس الرجال أفضل من جنس النساء، نظرًا لما سبق، فلا يُقال لنا كما قال ابن حزم: بأنكم بهذا تُفضلون أنفسكم على زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم).. إلخ!!


لأنه كما سبق: ليس معنى تفضيل جنس الرجال على جنس النساء أنهم أقرب عند الله، أو أنهم يدخلون الجنة قبل النساء، أو يختصون بمنازلها العالية دونهن.. كل هذا لا يقوله مسلم؛ لأن التفضيل ليس في هذه الأمور التي قد تتفوق فيها كثيرٌ من النساء على الرجال، وقد يخصّ تعالى بعضهنَّ بالقُرب والفضل العميم منه ؛ كزوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
إنما التفضيل في الصِّفات الخاصة بطبيعة تكوين الرجل وصفاته التي تميزه عن المرأة -كما مضى- ، وهو تفضيلٌ منتهٍ بنهاية الدنيا، لا يُمكن لأيِّ إنسان تغييره مهما فعل؛ لأنه تابعٌ للخَلق والفطرة ، وإرادة الله التي اقتضت وجود جنسين متمايزَيْن في هذه الدنيا ، يسكن بعضهما إلى بعض، ويؤدي كلٌ منهما دوره المحدد له.


إذا علمت النساءُ هذا ؛ فهنَّ أمام خِيارَين:



الأول: أن لا يرضَيْن ، ويصرِرْن على متابعة دعاة (مساواة) الرجل بالمرأة، وأن المرأة كالرجل في جميع صفاته، مما يترتب عليه:


أ‌-أنهنّ ارتكبن بفعلهنّ هذا كبيرةً من كبائر الذنوب، لعن الله عليها - كما سيأتي- ، وهي مساواتُهُنّ بين مَن فاوت الله بينهما في الصفات. وخالَفْنَ أخباره وأوامره بخصوص هذا الفرق بينهما، مما سيترتب عليه تعريض أنفسهن للعذاب.


ب‌-أنهن لن يُغَيِّرن -في حقيقة الأمر- شيئًا من هذا التفاضل بين الرجل والمرأة، لأنه شيءٌ تابعٌ لتكوين الرجل والمرأة ، ومناسبٌ للفطرة ، ومتفق عليه بين العقلاء، مهما أتعبن أنفسهن وأجهدنها في سبيل تغيير هذا الأمر، فجهودهن ستضيع سُدًى، وسيكتشفن أنهن يجرين خلف السراب، فضلاً عمّا ينتظرهن من الخزي والعذاب في الدنيا والآخرة -نعوذ بالله من الخذلان- ، وسيكوننّ كمن يحاول جعل الشمس ( مربعة ) الشكل !


الثاني: أن يرضَيْن بهذه الفوارق بينهن وبين الرجل، وأنها من إرادة الله -عز وجل- ؛ لحكمةٍ يعلمها ، فلأجل هذا يرضَيْن بذلك وتقرّ أعينهنّ لعلمهن بأن الله عليم حكيم، وأنه تعالى رؤوف بالعباد ، ويجتهدن في الأعمال الصالحة التي تُقربهن إلى الله وتُوصلهن إلى مرضاته وجناته ؛ لعلمهن أن أمر الآخرة -كما سبق- لا دخلَ له بالرجولة أو الأنوثة.


أما أمر الدنيا فيَرْضَيْن بما قسم الله لهن؛ ولا يحاوِلنَ الخروج عن إرادة الله الكونية بتشبُّهٍ بالرجال ، ودعوة إلى مساواةٍ خياليةٍ باطلة، ويعلَمْن أن هذه الدنيا عمّا قليل زائلة، ولا يبقى بعدها إلا حياة الخلود ؛ فلا يُضِعنها جريًا وراء أفكارٍ زائفة.
وهذا الأمر الثاني هو الذي أرضاه لنساء أمتي العاقلات اللواتي يعلمن أين تكون مصلحتُهنّ.


وجود الجنسين ضرورة لدوام الحياة:


اقتضت حكمة الله -تعالى- أن تكون له الوحدانية -سبحانه وتعالى- فلا رب سواه، ولا معبود غيره، (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد).
أما ما عداه من المخلوقات فقد أراد الله أن تكون على هيئة زوجَين اثنين ؛ لتدوم بهما الحياة، قال -سبحانه-مخبرًا عن هذه الحقيقة: (ومن كلِّ شيءٍ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون).
والرجل والمرأة زوجان من هذه الأزواج التي تعيش في ملكوت الله ؛ كما قال - سبحانه-: ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) ، ( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى).
وهذا التزاوج بين الرجل والمرأة لحِكَمٍ عظيمة ، نعرف بعضَها ، ونجهل الآخر ، منها : أن يتناسلوا ويتكاثروا لتدوم الحياة، وأن تكون المرأةُ سكَنًا للرجل الذي يكدّ ويشقى..إلخ


أسأل الله أن يوفق نساء المسلمين، وأن يجعلهن من أنصار دينه، ويرزقهن الجنة ، إنه على ذلك قدير ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.











  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:44 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "