بسم الله الرحمن الرحيم .
تأملوا هذه الروايات المتعلقة ب الصحابي الجليل أبي عبدالله الشيعي صاحب المهدي أول حاكم عبيدي ثم بعدها نناقش مهاجر خشيوة حفيد ابن سبأ في ديانته بتكفير صحابة رسول الله .
للداعي إدريس عماد الدين :عيون الأخبار : السبع الخامس ص116 و ص 117
ثم إنه بدأ الفساد ورجع كثير إلا من عصم الله عن سبيل الرشاد وذلك أن العباس محمد بن زكريا قد تطامع الرياسة لأنه حين قدم على أخيه أبي عبدالله أكرمه ,لما كان له من التقدم في السن ,ورياضة في العلم.
وكان أبو عبدالله يجله , وذلك لما كان أبو عبدالله رحمة الله عليه ,جرى عليه من حسن الآداب والتواضع وصفاء النية وصلاح العقيدة .
ثم يذكر المؤلف أن أبا العباس بدأ يحرض أخيه أباعبدالله الشيعي ممهد الدولة وبانيها وأبو عبدالله يتعاظم ذلك وينكره , وقال أباالعباس لأخيه :ملكت أمرا وانطاع لك جميع الناس فجئت بمن غير سياستك ونقصك رئاستك.
ثم قال المؤلف
:فلم يزل يبكته بمثل هذا الكلام ويقرعه ,ويوصل معه ما استحكم في قلبه ويفزعه حتى أصغى إليه بعض الإصغاء ,وكاد سحره أن ينفذ فيه فيتبعه حين طغى وبغى.
فجاهر عبدالله ولي الله على سبيل الناصحين : إني قد قومت لك هؤلاء الكتاميين وأجريتهم على ما أردت من التقويم ,وأخذتهم على ترتيب وتعليم ........فلو تركت لي أمرهم وكنت في قصرك وادعا ,لكان ذلك أهيب لك وأشد لأمرك وأعظم لسلطانك . فلما سمع بذلك المهدي بالله (عم) وعلم أمره وما أضمره في ذلك وأسره ,وتحقق من حيث أتى ,وأن ذلك من قبل أخيه ,وأنه قد عمل سحره فيه.
وكان من أسباب طعن أبا العباس في المهدي كما يذكر المؤلف الداعي بسبب أموال الله الوالي التي أخذها الإمام من أيديهم وأنه كان يجب أن يتركها ويصرف آمرها إليهم .
ثم يذكر الداعي أنه اجتمع بعض المشايخ بالمهدي ومنهم شيخ المشايخ هارون بن يونس وقالوا له : إن كنت المهدي فأرنا المعجزات ,فقد شككنا فيك.
فأوقفه المهدي بالله على ما في كتاب الله من ذم الأمم حين سؤالهم لأنبيائهم أن يروهم الآيات وما في ذلك من الدلالات ,وقال له في قوله شككنا في أمرك , ألم تكن قبل شكك على اليقين ؟ قال : بلى ! قال: فإن الشك لا يزيل اليقين .
ثم يذكر الداعي أنهم اجتمعوا في دار أبو زاكي تمام بن معارك ومعهم أبو العباس وعزموا على قتل المهدي وذلك حين دخولهم عليه .
ثم يقول الداعي في ص 119
ونظر المهدي بالله (عم ) إلى أبي عبدالله دخل عليه غير مرة وقميصه مقلوب, وذلك لما هو فيه من الشغل الذي ألهاه أن يشعر بذلك وطول السعي فيه والدأب عليه ,فقال له الإمام (ص) : يا أباعبدالله ،ما هذا الأمر الذي أذهلك وشغلك في أمر نفسك ؟ قال : وما هو يا مولاي ؟ قال :أرى قميصك مقلوبا عليك وأنت تدخل كذلك مرارا ما اهتديت إليه ولا أحسبك نزعته عن نفسك.
فنظر إليه وقال: الله يا مولاي , ما علمت به .
قال :إن هذا لشغل عظيم ! فأين تبيت منذ كذا وكذا من الليالي ؟
فسكت أبو عبدالله . قال : أليس في بيت أبي زاكي ؟
قال : نعم يا مولاي
قال : وما أخرجك عن دارك التي أنزلناك بها إلى دار أبي زاكي ؟
قال : يا مولاي خفت على نفسي . قال : ممن ؟
فسكت . فقال : أمني تخاف ؟
قال خوفت يا مولاي فخفت . قال : فهل يخاف المرء إلا من عدوه؟. قال : أعوذ بالله ! فقال له أمير المؤمنين :إن المؤمن لا يخاف وليه .فسكت أبو عبدالله وأيقن أنه قد بدت عورته ووجبت له عليه حجته وانصرف وعلم القوم بما قال أمير المؤمنين (عم ) فأمسكوا عن الدخول عليه وخافوا منه .
ثم يخبرنا الداعي عماد ماذا فعل المهدي بمن خالفوه وسماهم المنافقين وأنهم واجههم بما قالوا فأظهروا البراءة فاعتذروا مما قالوا فرد عليهم ردا جميلا وأخرج جماعة من وجوههم وفرقهم في البلدان ,وممن أخرج أبو زاكي إلى طرابلس وكان عمه أبو يوسف ماكنون بن صبارة عاملا عليها . فلما وصل إليه كتاب الإمام ( عم ) وعرفه بفعل ابن أخيه أبي زاكي قتله صبرا وبعث برأسه إلى الإمام (عم ). وقتل كذلك جماعة من المنافقين في البلدان ,والقاتلون لهم إخوانهم الباقون على الإيمان . وهرب ابن القديم فاستخفى .ثم ظهر فأمر الإمام بقتله ,وباء بذميم فعله . انظر ص 119
ثم يقول ص 120 :وتقدم أمير المؤمنين إلى غزوية بن يوسف الملوسي وجبر بن تماشت الجميلي بقتل أبي العباس محمد بن زكريا. فقال جبر لغزوية: ماالذي أمرك به مولانا عليه السلام؟ فقال :أمرني بقتل أبي العباس .
فقال :أنا أكبر منك سنا .فخذ من رأي :أنقتل أبا العباس فيدخل أبو عبدالله إلى أمير المؤمنين فيبكي بين يديه فنقتل رضاء له ؟ ما هذا برأي .لكن افعل ما أمرك به أمير المؤمنين ,ودعني وأبا عبدالله !
وخرج أبوعبدالله وأبو العباس من قصر المهدي بالله إلى قصر القائم بأمر الله (عم) ,فرمى جبر بن تماشت أبا عبدالله أحمد بن زكريا فلم يخطئه فقتله,وكأنما كان سراجا فانطفأ. ورمى غزوية أبا العباس فبقي ساعة من نهار ثم مات.
فترحم أمير المؤمنين على أبي عبدالله وأمر بدفنه بعد أن صلى عليه. وأما ابو العباس فلعنه الإمام عليه السلام وباء بما اقترف مخرجا من رحمة الله مقترفا للآثام. فرحمة الله على أبي عبدالله وعلى المؤمنين المجاهدين الصابرين, ولعنة الله الذين صدوا عن السبيل ,ومالوا عن اتباع الدليل .....
ثم يكمل : وقيل إن الإمام عليه السلام أمر بقتل أبي عبدالله ثم ترحم عليه. فإن كان ذلك فهو تطهير له ليموت على الطاعة قبل أن يصير في الذنب المحبط للعمل . وترحم الإمام عليه تكفير لذنبه, وبه يدرك الرحمة والعفو من ربه ,لأن إساءته كانت للإمام (عم ) فحين عفا عنه ,لم يلحقه ذنب البشاعة ,وذلك لا خلاف فيه ,إن ما كان الله وبين العبد من الذنوب وأخلص في التوبة والاستغفار ,ولم يتماد على الذنب والاصرار ف (إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).....
فأما التبعات التي بين المرء والعباد فلا تغفر حتى يخرج إليهم عنها ,ويبرأ إليهم منها . أما أولياء الله الائمة ,فإنهم آل الرسول والشفعاء إلى الله ,وبهم وبجدهم نبي الله تعتق الرقاب من النار ,وبهم النجاة من العذاب والفوز في دار القرار ,فلم يضع لأبي عبدالله سعيه واجتهاده ,ولا بطل عند ولي الله فضله وجهاده ,بل استغفر له وترحم عليه ورضى عنه ,ووهب له ما كان من اجترامه إليه . ص 121 .