وقفة (5)
وقال الشيخ ص 67: " ما معنى الصوفية ؟ يعني الذين سلكوا طريق تصفية القلوب .. الإحسان .. كان هذا مسلكهم في السير إلى الله .." " .
قلت : الصوفية لم يتفقوا على تعريف جامع مانع للتصوف بل قيل أنه له من ألف تعريف ، فكل شخص يعرف بحسب حاله ومقامه ، ولأن الشيخ في صدد دعوة من هم ليسوا بصوفية عرف التصوف بتصفية القلوب ، ولكن التساؤل هل هذا هو تعريف التصوف أم أن التصوف أوسع من تصفية القلوب ؟؟
وإذا كان هذا هو التصوف لكان الجفري أول من يخالف هذا الحديث ، فهو ما فتئ عن الهمز واللمز لإخوانه المسلمين المخالفين له، كما قال : " وكأن الإسلام منذ ألف وأربعمائة سنة لم يخدم حتى جاء هذا الفكر في العصر الأخير ليجدد خدمة الإسلام " ص 58، وقال عن الذين خالفوه في مسألة التوسل : " وجعل هذه المسألة في حياة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وتحريمها بعد وفاة النبي جهل قبيح " ص 73. وقوله وهو يصف من ينتقد أهل وحدة الوجود والحلول والاتحاد قال ص 67 : " نرجع لمجلد التصوف لكتاب ابن تيمية في الفتاوى وهو من الذين يحتج به الإخوان الذين يشتمون ، أو يتجرؤون على الصوفية وعلى الصالحين وعلى الأئمة السابقين " ، وبهذه الطريقة يشحن قلب قال السالك أو السالكة في التصوف حقدا على من يسميهم إخوانه ، ولا أعلم كيف يصفهم بإخوانه وهو يهيج عليهم السالكين ، أفلا يصح أن يشرح للسالكين التصوف دون أن يشعل نار الحقد والفتنه ، أم أنه لا يصح تصوف دون عداء لأتباع منهج السلف في التلقي والسلوك ؟! أم هناك أمر آخر مراد من هذه التربية ؟
ثم ما هو رأي الشيخ الجفري بأهل وحدة الوجود الذين يرون الوجود واحد ( أي الله عين كل شيء والعياذ بالله ) مثل الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي ، وأصحاب الحلول والاتحاد ووحدة الأديان .. إلخ من المعتقدات؟؟!! فهل ينكر الشيخ أو مشايخ الصوفية هذه العقائد أم أنهم يلتمسون التأويلات لأهل الظاهر والمريدين المبتدئين فإذا ما وصلوا ووثقوا بهم لقنوهم عقيدة وحدة الوجود ؟
وقفة (6)
وقال الشيخ ص 67: " إن الصوفية هم صفوة هذه الأمة .. هم خلاصة التابعين وتابعي التابعين". "
فأقول : وبهذا القول من الشيخ يكون الصوفية أهل وحدة الوجود والحلول والاتحاد ومن يجاهر بالفواحش أمثال علي وحيش ومن يتشوش من قول : (( المؤذن الله أكبر )) أفضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد الصحابة رضوان الله عليهم ،، حيث أنهم خلاصة الأمة الإسلامية ، وهذا الذي جادت به الأمة ،، لكن هل هؤلاء أفضل من الأئمة الأربعة فضلا عن التابعين وأتباعهم إلى يوم الدين،، ثم أين طرق الصحابة في التصوف، وتابعيهم؟!، وهل الذي يقول : "سبحاني ما عظم شأني، حسبي من نفسي حسبي ."(96) يكون من خلاصة الأمة ؟؟!! ، فما الذي يريده الشيخ من أمة الإسلام ؟
ثم هل كان الصحابة والتابعون يعلمون أنهم صوفية ؟ ثم هذا الكلام يلزم منه الطعن بكل من ليس بصوفي، وذلك إذا عُرف التصوف بتصفية القلوب والإحسان ، أي من لم يكن صوفياً لم يصف قلبه و...... إلخ
وقفة (7)
وقال الشيخ وهو يتكلم و يصف الصوفية الأوائل ص 68: " ترجم له الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ثم قال : "وقبر معروف ترياق مجرب"، أثنى عليهم وأثنى على ضرائحهم فكيف على أشخاصهم." .
هذه العبارة غير دقيقة فقد رجعت إلى كتاب سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي رحمه الله كما نصح الشيخ على الجفري بذلك ، وقرأت سيرة معروف الكرخي رحمه الله ، فوجدت أن الذي قال : " وقبر معروف ترياق مجرب " ليس الذهبي بل هي عبارة منقولة عن إبراهيم الحربي ، وقد فسرها الإمام الذهبي ، وهذه عبارة الذهبي كاملة : " وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب ، يريد إجابة دعاء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء كما أن الدعاء في السحر مرجو ودبر المكتوبات وفي المساجد بل دعاء المضطر مجاب في أي مكان اتفق، اللهم إني مضطر إلى العفو فاعف عني "(97) ، ومع ذلك هذه العبارة لا تصح عن إبراهيم الحربي فهذه أخرجها الخطيب البغدادي في تاريخه قال : " أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري قال أنبأنا محمد بن الحسين السلمي قال سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول سمعت أبا علي الصفار يقول سمعت إبراهيم الحربي يقول قبر معروف الترياق المجرب "(98).
محمد بن حسين السلمي ، هو أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي وقد مر في الفصل الرابع : أحاديث ضعيفة وموضوعة وقصص لا تثبت احتج بها الشيخ الوقفة ( 9 ) أن أبا عبد الرحمن السلمي على أقل أحواله ضعيف لا يحتج بحديثه ، وكيف إذا كان متهم بوضع الحديث ؟
ثم أين أثنى الذهبي على ضرائحهم ؟؟ إنما ذكر هذه العبارة عن إبراهيم الحربي ، ولا اعلم كيف عممها الجفري على جميع ضرائح الصوفية أو أغلبهم ؟؟؟
فعبارة الشيخ الجفري تستلزم أن الامام الذهبي اثنى على ضريح ابن عربي وابن الفارض وابن قسي وغيرهم وهذا الذي لم يقل به الذهبي .
------------------------
(96) أبو يزيد البسطامي ص 49 .
(97) ص 9/343 .
(98) ص 122 / 1 .
يتبع ....