العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-12, 07:42 PM   رقم المشاركة : 1
بان
عضو فضي







بان غير متصل

بان is on a distinguished road


اما الريادة او التصهين ---خيارات الاقليات في المشرق العربي

مقال رائع لاياد ابو شقرا

«لطالما شهدت تعصبا ذميما يُروَّج للدفاع عن التسامح»

(صامويل كولريدج)

واقع الدماء التي تراق يوميا منذ أكثر من سنة على تراب سوريا، ودعم - بل تحريض - بعض القوى الإقليمية والدولية نظام الرئيس بشار الأسد على الإمعان في قتل السوريين، لا يسمحان للمحلل السياسي الجاد أن يضيع وقته في الغوص بمشهد صغير نسبيا كالمشهد اللبناني.

صحيح أن بعض اللبنانيين ما زالوا يتصوّرون أن لبنان قطب الكون وعلة الوجود. ومنهم، ولا سيما من المسيحيين، مَن يتوهمون أن لبنان قادر بقواه الذاتية على إرباك كل المعادلات الدولية بفضل «العلاقات الخاصة» التي تربط قادته الروحيين والزمنيين بمرجعيات العالم الدينية والسياسية. كل هذا صحيح. غير أن من المفيد أيضا أن يعي اللبنانيون - كل اللبنانيين - أنهم باتوا الآن بيادق شطرنج صغيرة في لعبة أكبر منهم بكثير، وأن أولئك الذين تستهويهم روح المغامرة فيغدون «ملكيين أكثر من الملك» يدفعون لبنان أولا، والمنطقة ثانيا، إلى نكبة أسوأ حتى من النكبة التي تئن منها راهنا.

ولئن كانت العودة إلى تحليل «فكر» البطريرك الماروني بشارة الراعي غير ذات جدوى، وكذلك التوقف طويلا عند المواقف السلبية المعلنة لبعض القادة المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك «الشوام» من تداعيات «الربيع العربي» المضطرب، يجوز القول إن متابعة ما يقوله النائب الماروني اللبناني ميشال عون - وما يفعله على الساحة اللبنانية الصغيرة - قد يشكل البداية الأسهل لفهم خلفيات المنطلقات الخاطئة عند قطاع من مسيحيي سوريا ولبنان، وإلى حد ما العراق، في التعامل مع «الحالة الإسلامية». وهنا عن عمد أستثني الوضع في مصر، لأن التركيبة الاجتماعية – السياسية لمصر «الدولة الأمة».. تختلف اختلافا جوهريا عن التركيبة الاجتماعية – السياسية لبلاد الشام التي عاشت لقرون، لا لعقود فقط، صورا متعددة من التنوع والتجزئة.

ميشال عون، من حيث الحجم السياسي، لاعب صغير جدا حتى في الحسابات اللبنانية الضيقة. وهو نفسه أدرك هذه الحقيقة من دون أن يعترف بها، بدليل تحالفه سياسيا مع حزب الله، التنظيم الديني المسلح المدعوم بالمال والسلاح والسياسة من إيران. وهذا، بعدما كان حتى خريف عام 2003، يعاديه ويحرض عليه من قلب العاصمة الأميركية واشنطن، بدعم نشط من رموز «اللوبي» الإسرائيلي هناك (النائبة إلينا روز ليتينن والنائب إليوت إينغل والباحثة الإسرائيلية ميراف وورمزر).

عون، أيضا حتى الأمس القريب، كان يعتبر نفسه «الأب الروحي» لقانون محاسبة سوريا في الكونغرس الأميركي، و«عرّاب» القرار الدولي 1559 الذي طالب دمشق بسحب قواتها من لبنان. وقبلها، كان «بطل» الحروب العبثية المدمرة للبنان، بدءا من المنطقة المسيحية ذاتها، ثم ضد أطراف لبنانية من باقي الطوائف، ثم كانت «الوقفة الأخيرة» في القصر الجمهوري ووزارة الدفاع قبالة الجيش السوري.. التي انتهت بهروبه لاجئا إلى السفارة الفرنسية، ومنها إلى المنفى في باريس.

وأخيرا، لا آخرا، عندما كان السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، يتكلم في إحدى المناسبات - قبل بضع سنوات - عن «بيئة حاضنة» للعمالة لإسرائيل، مطالبا بإعدام كل عميل و«البدء بالعملاء من الشيعة»، فإنه ما كان ناسيا البتة التاريخ السياسي لميشال عون ولا ارتباطاته السياسية.

هذا كله في الماضي.

اليوم ميشال عون يتكلم في «الأحجام السياسية الحقيقية». وفي الوقت ذاته، يصمت السيد نصر الله فلا يعلق على الاستقبال البطولي الذي أعده مناصرو عون للعميد فايز كرم، أحد أركان «التيار العوني»، بعد خروجه من السجن، حيث أمضى فترة مسجونية مختصرة، بسخاء، بعد إدانته بالاتصال بـ«العدو الإسرائيلي».

نعم. كرم حوكم وأدانه القضاء بـ«الاتصال بالعدو الإسرائيلي» في بلد يسيطر عليه أمنيا وسياسيا حزب الله. فلماذا يصمت السيد نصر الله؟ وكيف يقرر عون أحجام أهل السياسة يا ترى؟

قد يكون السبب أن «العمالة للعدو الإسرائيلي» في حسابات «قوة الممانعة والمقاومة» الرئيسة في لبنان مسألة استنسابية، يعتمد تسديد تهمها تبعا للتحالفات الظرفية مع هذا الفريق أو ذاك.

وقد يكون أن حزب الله ارتأى أن العميد كرم، وهو العسكري المحترف والمنضبط والمرؤوس، ما كان له أن يتصل بـ«العدو» من دون تكليف مباشر من رئيسه. وبالتالي، سيكون من الظلم اتهام عسكري بـ«العمالة» إذا كان فقط ينفذ أوامر رئيسه.

وطبعا، ربما هناك سبب آخر، وجيه جدا، هو أن العداء الفعلي والميداني لإسرائيل ليس مسألة أساسية في شروط تحالفات حزب الله. وهذا ما يعبر عنه خير تعبير موقف نظام «الممانعة» السورية.. «الممتنع» لعقود عن تحرير الجولان، وموقف حكومة بنيامين نتنياهو «الممانعة» لإسقاط نظام بشار الأسد بقدر «ممانعتها» تحرر الشعب الفلسطيني، واستطرادا، موقف نوري المالكي الذي «يمانع» في تدخل دولي ينقذ الشعب السوري من التقتيل.. مع أن الذي جاء به إلى الحكم قوات احتلال أميركي غزت العراق بتخطيط نشط من «اللوبي الإسرائيلي» ومباركة إيرانية ضمنية!

ميشال عون الذي يتكلم اليوم عن «أحجام» الساسة في لبنان يفترض بمن تبقى في «تياره» من عقلاء أن يخبروه بأصوات مَن ربح نوابه مقاعدهم في دوائر المتن الشمالي وبعبدا وجبيل وبعلبك.. بل حتى في كسروان وجزّين. وهو في حربه الإلغائية الداخلية ضد التعايش والاعتدال، بالذات، ضد غالبيتي السنة والدروز - ولا سيما في ضوء مواقف غالبيتي السنة والدروز المؤيدتين للشعب السوري ضد قاتليه - ليس إلا واجهة هشة ومتواضعة جدا لأصحاب المشروع الانتحاري الحقيقيين داخل لبنان وخارجه.

المسألة مع عون.. ومن قبله البطريرك الراعي، وطبعا، مع السيد حسن نصر الله ونوري المالكي وبشار الأسد، واضحة ومفهومة. وسواء اعترفوا أو كابروا فنفوا.. إنها قضية «تحالف الأقليات» ضد عدو مشترك يكرهونه ويخشونه أكثر من كرههم وخشيتهم أي فريق آخر.

الجيش الذي دمر ولا يزال يدمر، بشراسة فظيعة، حمص وجسر الشغور وتفتناز وإدلب وبلدات حوران، بعدما كان قد دمر حماه عام 1982، لا يقاتل اليوم عدوا خارجيا.. بل يقتل أهله.

وهذا التحالف، الذي ترفضه اليوم قيادات بارزة في «الأقليات» المسلمة والمسيحية في بلاد الشام، قد يفيد المنخرطين ميدانيا على المدى القصير. فقد تكسب الأقليات المتحالفة بضع جولات في هذه «الحرب غير المقدسة» بفعل الدعم الخارجي.. لكنها محكومة حتما بخسارة الحرب. وبعدها، قد تخسر الأقليات الأصغر وجودها ذاته.

لقد عايشت منطقة الشرق الأوسط منذ 1948 أمثولة صارخة، هي تأسيس الصهيونية العالمية دولة إسرائيل. وكما نعرف، كانت النتيجة تهجير يهود دول المنطقة ونسف علاقاتهم بجيرانهم، وخلق حالة من العداء بين المسلمين واليهود لم يعشها الجانبان منذ ما بعد غزوة الأحزاب.

والخيار المطروح أمام الأقليات هو إما الريادة الفكرية والثقافية، كما فعلت عبر مئات السنين فأسهمت في تعزيز تيار التنوير والتسامح الإسلامي، أو «التصهين» الذي لا يمكن إلا أن يولّد الشك والتزمّت وصولا إلى التكفير والاضطهاد.

القرار طبعا، في مكان أعلى بكثير من مستوى ميشال عون.







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:37 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "