(ذكر تضعيف الإباضي للأثر والرد عليه)
قام الإباضي بذكر علة هذه الرواية التي جاءت في (السنن الكبرى للبيهقي / والسنن الكبرى للنسائي / والمستدرك على الصحيحين للحاكم / وجامع العلم وفضله لابن عبدالبر) فذكر الإسناد وظلل على عكرمة بن عمار ثم قال الإباضي :
" كان يحيى يضعف رواية أهل اليمامة مثل عكرمة بن عمار وضربه.
قال أبو حاتم : كان صدوق ربما وهم في حديثه وربما دلس وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط.
قال الأسدي : عكرمة بن عمار صدوق إلا أن في حديثه شيئا روى عنه الناس.
قال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ : عكرمة بن عمار ثقة روى عنه : سفيان الثوري وذكره بالفضل وكان كثير الغلط ينفرد عن إياس بأشياء لا يشاركه فيها أحد.
وقال ابن خراش : كان صدوقا وفي حديثه نكرة.
قال ابن حجر العسقلاني : صدوق يغلط , وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب ولم يكن له كتاب.
ومرة : مشهور مختلف فيه
القطان : ومرة : ضعف روايته : ليس بصحاح.
[4008] راجع تهذيب الكمال .. راجع الجرح والعدالة ... وراجع سير أعلام النبلاء ج7 ص137 "اهـ كلام الإباضي.
قلت : قد حاول الإباضي التدليس بهذه النقول , والإيهام أن عكرمة مجروح ولا يوجد من وثقه وعدّله , وعليه فهو ضعيف الحديث ولا تقبل روايته! ثم أحال في آخر نقوله إلى ثلاثة كتب , ومن رجع إلى هذه المصادر وجد أن عكرمة بن عمار عند بعض المحدثين صدوق والصدوق حديثه من قبيل الحسن لذاته – على تفصيل كما هو معروف عند المحدثين- , وبعضهم وثقه والثقة حديثه صحيح , وعليه فعكرمة بن عمار لا ينزل حديثه عن الحسن ما لم يثبت أن روايته عمن ثبت اضطرابه في روايته عنه كيحيى بن أبي كثير , وسيأتي نقل كلام المحدثين فيه بعد قليل.
فجماع القول فيه : أنه صدوق حسن الحديث إلا روايته عن يحيى بن أبي كثير فمجمع على ضعفه فيها لاضطرابه في الرواية عنه وحديثه مستقيم إن حدث عنه ثقة كما قال الحافظ ابن عدي رحمه الله تعالى, وهذه الرواية التي نحن بصدد الكلام عنها ليست من رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير , وقد روى عنه عبدالرحمن بن مهدي وهو إمام ثقة , وروى عنه عمر بن يونس وهو ثقة , وروى عن النضر بن محمد وهو ثقة وإليك ما جاء في ترجمة عكرمة بن عمار من سير أعلام النبلاء (7/ 134-139) للذهبي رحمه الله تعالى:
"عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ أَبُو عَمَّارٍ العِجْلِيُّ
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو عَمَّارٍ العِجْلِيُّ، البَصْرِيُّ، ثُمَّ اليَمَامِيُّ، مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، وَأَوعِيَةِ الصِّدْقِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبِي كَثِيْرٍ السُّحَيْمِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بنِ الوَلِيْدِ، وَضَمْضَمِ بنِ جَوْسٍ، وَطَاوُوْسِ بنِ كَيْسَانَ، وَمَكْحُوْلٍ، وَنَافِعٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَأَبِي النَّجَاشِيِّ عَطَاءِ بنِ صُهَيْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَنَحْوِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَقِيَ صَحَابِيّاً: وَهُوَ الهِرْمَاسُ بنُ زِيَادٍ ، فَعِدَادُهُ إِذاً فِي التَّابِعِيْنَ الصِّغَارِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٌ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، وَبِشْرُ بنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، وَعُمَرُ بنُ يُوْنُسَ اليَمَامِيُّ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرَشِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَمَامِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بَكَّارٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ، وَالحَسَنُ بنُ سَوَّارٍ، وَشَاذُّ بنُ فَيَّاضٍ، وَعَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ المُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ: سَأَلْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ:
هُوَ ابْنُ عَمَّارِ بنِ عُقْبَةَ بنِ حَبِيْبِ بنِ شِهَابِ بنِ ذُبَابِ بنِ الحَارِثِ بنِ خِمْصَانَةَ بنِ الأَسَعْدِ بنِ جَذِيْمَةَ بنِ سَعْدِ بنِ عِجْلٍ.
وَرَوَى: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى: أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى: كَانَ أُمِّيّاً، وَكَانَ حَافِظاً.
وَرَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَحَادِيْثُ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، لَيْسَتْ بِذَاكَ، مَنَاكِيْرُ، كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُضَعِّفُهَا.
وَقَالَ أَيْضاً: كَانَ يَحْيَى يُضَعِّفُ رِوَايَةَ أَهْلِ اليَمَامَةِ، مِثْلَ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَضَرْبِهِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
كَانَ عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ثِقَةً، ثَبْتاً.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.
يَرْوِي عَنْهُ: النَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَلفَ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ فِي غَيْر إِيَاسِ بنِ سَلَمَةَ، كَانَ حَدِيْثُه عَنْ إِيَاسٍ صَالِحاً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يُضَعِّفُ رِوَايَةَ أَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ ، وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَقَالَ: عِكْرِمَةُ أَوْثَقُهُمَا.
قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: هَلْ كَانَ بِاليَمَامَةِ أَحَدٌ يُقَدَّمُ عَلَى عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، مِثْلَ أَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ، وَمُلاَزِمِ بنِ عَمْرٍو، وَهَؤُلاَءِ؟
فَقَالَ: عِكْرِمَةُ فَوْقَ هَؤُلاَءِ - أَوْ نَحْوُ هَذَا -.
ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى: الغَلاَبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثَبْتٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُضْطَرِبٌ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كِتَابٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَفِي حَدِيْثِهِ عَنْ يَحْيَى اضْطِرَابٌ، كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مُلاَزمَ بنَ عَمْرٍو.
قَالَ: وَأَعْلاَهُم فِي يَحْيَى: هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ ، وَالأَوْزَاعِيُّ .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، إِلاَّ فِي حَدِيْثِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، رُبَّمَا وَهِمَ فِي حَدِيْثِهِ، وَرُبَّمَا دَلَّسَ، وَفِي حَدِيْثِهِ عَنْ يَحْيَى بَعْضُ الأَغَالِيطِ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَيَحْيَى القَطَّانُ.
وَوَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، إِلاَّ أَنَّ يَحْيَى القَطَّانَ ضَعَّفَهُ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَقَدَّمَ مُلاَزِماً عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ ثِقَةٌ عِنْدَهُم.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا سَمِعْتُ فِيْهِ إِلاَّ خَيْراً.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِأَحَادِيْثَ طِوَالٍ، لَمْ يَشْرَكْهُ فِيْهَا أَحَدٌ.
وَقَدِمَ البَصْرَةَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: أَلاَ أُرَانِي فَقِيْهاً وَأَنَا لاَ أَشعُرُ.
قَالَ: وَعِكْرِمَةُ صَدُوْقٌ، إِلاَّ أَنَّ فِي حَدِيْثِهِ شَيْئاً.
رَوَى عَنْهُ: النَّاسُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ البُخَارِيُّ الحَافِظُ: عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ ثِقَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَذَكَرَهُ بِالفَضْلِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الغَلَطِ، يَنْفَرِدُ عَنْ أُنَاسٍ بِأَشْيَاءَ لاَ يُشَارِكُهُ فِيْهَا أَحَدٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: كَانَ صَدُوقاً، وَفِي حَدِيْثِهِ نَكِرَةٌ.
وَقَالَ الإِمَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ: كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ.
قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَلَمْ يَحتَجَّ بِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ يَسِيْراً، وَأَكْثَرَ لَهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَكْثَرَ مُسْلِمٌ الاسْتِشهَادَ بِعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ.
قُلْتُ: قَدْ سَاقَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُوْلِ حَدِيْثاً مُنْكَراً، وَهُوَ الَّذِي يَرْوِيْهِ عَنْ سِمَاكٍ الحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الأُمُورِ الثَّلاَثَةِ الَّتِي الْتَمَسَهَا أَبُو سُفْيَانَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ سُفْيَانَ عِنْدَ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ.
قَالَ: فَجَاءَ يَكْتُبُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! هَاتِ حَتَّى أَكْتُبَ.
قَالَ: لاَ تَعجَلَنَّ.
قَالَ: قُلْتُ: خُذِ الكِتَابَ، فَسَلْ عَنْهُ.
قَالَ: وَلاَ تَعجَلْ، نُوْقِفُهُ عَلَى كُلِّ حَدِيْثٍ عَلَى السَّمَاعِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ خَطُّ سُفْيَانَ خَطَّ سُوءٍ.
وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ أَيْضاً: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ مِنَ اليَمَامَةِ، فَرَأَيتُهُ فَوْقَ سَطحٍ يُخَاصِمُ أَهْلَ القَدَرِ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بنَ عَمَّارٍ يَقُوْلُ لِلنَّاسِ:
أُحَرِّجُ عَلَى رَجُلٍ يَرَى القَدَرَ إِلاَّ قَامَ، فَخَرَجَ عَنِّي، فَإِنِّي لاَ أُحَدِّثُه.
قَالَ خَلِيْفَةُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
زَادَ يَحْيَى: فِي رَجَبٍ..." اهـ
أقول : ومن قرأ هذه الترجمة علم أن القول الفصل في عكرمة بن عمار أنه صدوق حسن الحديث وقد وثقه آخرون , إلا أن الإباضي لهوى في نفسه , تتبع بعض أقوال الجرح في عكرمة وأظهرها على أن عكرمة مجروح وعليه فهو ضعيف الحديث فلا تصح روايته!
وذكر الإباضي علة ثانية وهو ضعف محمد بن إبراهيم الطرسوسي فقال :" أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي
قال عنه النيسابوري , صدوق كثير الوهم.
قال عنه ابن حجر العسقلاني , صدوق صاحب حديث يهم.
قال عنه الأندلسي : أنكرت عليه أحاديث." اهـ
قلت : الإسناد هو : ما رواه الحاكم في مستدركه قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، من أصل كتابه، ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، ثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، ثنا عكرمة بن عمار العجلي، ثنا أبو زميل سماك الحنفي، ثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما..
وأما ما ذكره الإباضي عن النيسابوري وابن حجر والأندلسي فجوابه:
أن هذا الجرح معارض بتعديل من وثقه فقد وثقه أبو داود وابن حبان وأحمد الخلال والذهبي بل والأندلسي نفسه وهو مسلمة بن قاسم فقد وثقه! , وقد دلس الإباضي فلم ينقل توثيق مسلمة بن القاسم , فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تهذيب التهذيب :" و قال مسلمة بن قاسم : أنكرت عليه أحاديث ، ولج فيها و حدث ، فتكلم الناس فيه .
و قال فى موضع آخر : روى عنه غير واحد ، و هو ثقة ." اهـ
وإليك ما قيل فيه من تهذيب التهذيب (9/ 15) لابن حجر : "قال الآجري عن أبي داود ثقة وقال أبو بكر الخلال أبو أمية رفيع القدر جدا كان إماما في الحديث مقدما في زمانه وقال ابن حبان في الثقات دخل مصر فحدثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها فلا يعجبني الاحتجاج بخبره لا بما حدث من كتابه وقال الحاكم صدوق كثير الوهم وقال ابن يونس كان من أهل الرحلة فهما بالحديث وكان حسن الحديث توفي بطرسوس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
قلت: وقال ابن أبي حاتم كتب إلي ببعض فوائده وأدركته ولم أكتب عنه.
وقال مسلمة بن قاسم أنكرت عليه أحاديث ولج فيها وحدث فتكلم الناس فيه وقال
في موضع آخر روى عنه غير واحد وهو ثقة.." اهـ
ووثقه الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في ميزان الاعتدال (3 /447 ) فقال : "محدث رحال ثقة.
قال الحاكم: كثير الوهم.
قلت: وثقه أبو داود، وله رواية عن عبد الله بن بكر السهمى، وطبقته.
وهو بغدادي حافظ." اهـ
ولو تنزلنا مع الإباضي وقلنا أن الطرسوسي ضعيف وعنده وهم , فقد توبع من طريق آخر يتقوى به , إذ روى الحافظ ابن عبدالبر بإسناده فقال : حدثنا إبراهيم بن شاكر، ثنا عبد اللّه بن محمد بن عثمان، ثنا سعيد بن خمير وسعيد بن عثمان قالا: نا أحمد بن عبد اللّه بن صالح، ثنا النضر بن محمد، ثنا عكرمة بن عمار قال: حدثني أبو زميل قال: حدثني ابن عباس - رضي اللّه عنه - .. به
وأحمد بن عبدالله بن صالح العجلي الإمام الحافظ وهو ثقة , انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (12 / 505) فهذه متابعة قوية للطرسوسي.
والخلاصة : أن قصة المناظرة وفيها قول ابن عباس رضي الله عنهما للخوارج الحرورية "وليس فيكم منهم أحد" إسنادها حسن كما سبق بيانه , ولا عبرة بتشغيب الإباضية إذ هم أجهل الناس بعلم الحديث وعالة على أهل السنة والجماعة فيه ! ومن تكلم بغير فنه أتى بالعجائب.
فمحاولة تضعيفهم لهذه المناظرة ؛ لزعمهم أن بين الحرورية صحابة ! وهذه المناظرة تبطل هذا الزعم .
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أبو البدر أحمد بن عايد العنزي
25 من شهر ذي الحجة 1440