العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحوار مع الأباضية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-10, 03:53 AM   رقم المشاركة : 1
JusTRooT
موقوف






JusTRooT غير متصل

JusTRooT is on a distinguished road


ما هو العرش وما معنى الإستواء عليه ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أخوتي الأفاضل الكرام


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ورد في كتاب الله آيات عن الإستواء على العرش


قوله تعالى : " إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "

الآية 54 من سورة الأعراف

قوله تعالى: " إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ "

الآية 3 من سورة يونس

قوله تعالى: " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ "

الآية 2 من سورة الرعد

قوله تعالى: " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "

الآية 5 من سورة طه

قوله تعالى: " الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا "

الآية 59 من سورة الفرقان

قوله تعالى : " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ "

الآية 4 من سورة السجدة

قوله تعالى: " هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْـزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

الآية 4 من سورة الحديد


فما تأويلكم للعرش الذي جاء في الآيات الكريمة وأستوى عليه جل وعلا بعد خلق السماوات والأرض؟؟ وما تأويل الإستواء؟؟


أنتظر الأخوان المشاركين للنقاش في هذا الموضوع وليعلم الله أني طالبَ علمٍ من حق وما جئت هنا لكي أعبث و أشتِم أو أُشتَم فأتمنى الإلتزام داخل الموضوع والإستدلال بالأدلة الصريحة والصحيحة للإيضاح إن وجدت.






 
قديم 02-12-10, 06:42 AM   رقم المشاركة : 2
اليوبيل الماسي
مشترك جديد






اليوبيل الماسي غير متصل

اليوبيل الماسي is on a distinguished road


قولنا في استواء الله تعالى على عرشه: "إنه علو خاص على العرش يليق بجلال الله تعالى وعظمته" نريد به أنه علو يختص به العرش وليس هو العلو العام الشامل لجميع المخلوقات، ولهذا لا يصح أن نقول: استوى على المخلوقات، أو على السماء، أو على الأرض مع أنه عال على ذلك، وإنما نقول: هو عال على جميع المخلوقات عال على السماء، عال على الأرض ونحو ذلك.

وأما العرش فنقول: إن الله تعالى عال على عرشه ومستو على عرشه، فالاستواء أخص من مطلق العلو، ولهذا كان استواء الله تعالى على عرشه من صفاته الفعلية المتعلقة بمشيئته بخلاف علوه فإنه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها.

وقد صرح بمثل ما قلنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى في شرح حديث النزول ص 522 مج 5 مجموع الفتاوي جمع ابن قاسم: "فإن قيل: فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟ قيل: الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء مستوياً عليه، ولهذا لا يقال: لكل ما كان عالياً على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه: استوى على غيره فإنه عال عليه". أ.هـ. المقصود منه وتمامه فيه.

,أما قولنا: "يليق بجلاله وعظمته" فالمراد به أن استواءه على عرشه كسائر صفاته يليق بجلاله وعظمته، ولا يماثل استواء المخلوقين، فهو عائد إلى الكيفية التي عليها هذا الاستواء، لأن الصفات تابعة للموصوف، فكما أن لله تعالى ذاتاً لا تماثل الذوات، فإن صفاته لا تماثل الصفات: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ليس كمثله شيء في ذاته ولا صفاته.

ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله في الاستواء حين سئل كيف استوى؟ قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وهذا ميزان لجميع الصفات فإنها ثابتة لله تعالى كما أثبتها لنفسه على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وبهذا تبين فائدة القول بأن الاستواء على العرش علو خاص على العرش مختص به، لأن العلو العام ثابت لله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض، وحين خلقهما، وبعد خلقهما، لأنه من صفاته الذاتية اللازمة كالسمع، والبصر، والقدرة، والقوة ونحو ذلك بخلاف الاستواء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب السماء والصفات.






 
قديم 02-12-10, 11:58 AM   رقم المشاركة : 3
JusTRooT
موقوف






JusTRooT غير متصل

JusTRooT is on a distinguished road



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليوبيل الماسي مشاهدة المشاركة
   وبهذا تبين فائدة القول بأن الاستواء على العرش علو خاص على العرش مختص به، لأن العلو العام ثابت لله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض، وحين خلقهما، وبعد خلقهما، لأنه من صفاته الذاتية اللازمة كالسمع، والبصر، والقدرة، والقوة ونحو ذلك بخلاف الاستواء.




فقد ذكر كل ذلك الكلام انه استوى على العرش وإن الإستواء علو خاص
ألم يعرف الشيخ العثيمين ما هو العرش الذي أستوى عليه سبحانه؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

اقتباس:
لأن العلو العام ثابت لله عز وجل قبل خلق السماوات
والأرض، وحين خلقهما، وبعد خلقهما



يعني من هذا الكلام أنا الإستواء على العرش علو خاص وليس عام لأن العام قبل وبعد وحين
" ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ "


لكن يبقى السؤال ما هذا العرش الذي أستوى عليه - العلو الخاص - جلا وعلا بعد خلق السماوات والأرض، ومن أين أتى؟؟






 
قديم 02-12-10, 12:40 PM   رقم المشاركة : 4
سني من السلطنة
(محب الكتاب والسنة)






سني من السلطنة غير متصل

سني من السلطنة is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة justroot مشاهدة المشاركة
  



فقد ذكر كل ذلك الكلام انه استوى على العرش وإن الإستواء علو خاص
ألم يعرف الشيخ العثيمين ما هو العرش الذي أستوى عليه سبحانه؟؟

أرجو أن تقرأ الثلاث الفقرات الأولى جيداً من مشاركة اليوبيل الماسي لأنك دائماً تعيد السؤال وكأنك لم تقرأ الرد على موضوعك جيداً

اقتباس:
قولنا في استواء الله تعالى على عرشه: "إنه علو خاص على العرش يليق بجلال الله تعالى وعظمته" نريد به أنه علو يختص به العرش وليس هو العلو العام الشامل لجميع المخلوقات، ولهذا لا يصح أن نقول: استوى على المخلوقات، أو على السماء، أو على الأرض مع أنه عال على ذلك، وإنما نقول: هو عال على جميع المخلوقات عال على السماء، عال على الأرض ونحو ذلك.

وأما العرش فنقول: إن الله تعالى عال على عرشه ومستو على عرشه، فالاستواء أخص من مطلق العلو، ولهذا كان استواء الله تعالى على عرشه من صفاته الفعلية المتعلقة بمشيئته بخلاف علوه فإنه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها.

وقد صرح بمثل ما قلنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى في شرح حديث النزول ص 522 مج 5 مجموع الفتاوي جمع ابن قاسم: "فإن قيل: فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟ قيل: الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء مستوياً عليه، ولهذا لا يقال: لكل ما كان عالياً على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه: استوى على غيره فإنه عال عليه". أ.هـ. المقصود منه وتمامه فيه.







 
قديم 02-12-10, 01:30 PM   رقم المشاركة : 5
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


الزميل المحترم هداني الله تعالى وإياك للحق

هذا ملخص للموضوع من فتح رب البرية بتلخيص الحموية

للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

وشكرا لك


============


الباب العاشر:

في استواء الله على عرشه

الاستواء في اللغة يطلق على معانٍ

تدور على الكمال والانتهاء.

وقد ورد في القرآن على ثلاثة أوجه:

مطلقاً كقوله تعالى: ( ولما بلغ أشده واستوى )

أيْ كمل،

ومُقَيَّداً بإلى كقوله تعالى: ( ثم استوى إلى السماء )

أيْ قصد بإرادة تامة،

ومقَيَّداً بعلى كقوله تعالى: ( لتستووا على ظهوره )

ومعناه حينئذٍ العلوُّ والاستقرار.

فاستواء الله على عرشه معناه علوّه واستقراره عليه،

علوًّا واستقراراً يليق بجلاله وعظمته.

وهو من صفاته الفعليةِ

التي دلّ عليها الكتاب والسنة والإجماع.


============

إذا قال لك الجهمي في صفة من صفات الله

كيف هي؟



فقل له:

كيف هو بذاته؟

فإنه لا يمكن أن يكيف ذاته.


فقل له:

إذا كان لا يمكن تكييفُ ذاته،

فكذلك لا يمكن تكييف صفاته،

لأن الصفاتِ تابعةٌ للموصوف.


==============



فإن قال قائل:

إذا كان استواء الله على عرشه بمعنى العلو عليه،

لزم من ذلك

أن يكون أكبرَ من العرش أو أصغر أو مساوياً،

وهذا يقتضي أن يكون جسماً، والجسم ممتنع على الله.



فجوابه أن يقال:


لا ريبَ أن الله أكبرُ من العرش، وأكبرُ من كل شيء.

ولا يلزم على هذا القول

شيء من اللوازم الباطلة التي يُنَزَّه الله عنها.


وأما قوله إن الجسم ممتنع على الله،

فجوابه أن الكلام في الجسم وإطلاقَه على الله

نفياً أو إثباتاً من البدع

التي لم ترد في الكتاب والسنة وأقوال السلف.

وهو من الألفاظ المجملة التي تحتاج إلى تفصيل.


فإن أريد بالجسم الشيءُ الـمُحْدَثُ المركَّب

المفتقرُ كلُّ جزء منه إلى الآخر،

فهذا ممتنع على الرب الحي القيوم.


وإن أريد بالجسم ما يقوم بنفسه ويَتَّصِف بما يليق به،

فهذا غير ممتنع على الله تعالى،

فإن الله قائم بنفسه متصف بالصفات الكاملة

التي تليق به.



لكن لما كان لفظ الجسم يحتمل ما هو حقّ وباطل

بالنسبة إلى الله

صار إطلاقُ لفظِه نفياً أو إثباتاً ممتنعاً على الله.

=============


فإن قال قائل:

إذا فسرتـمُ استواءَ الله على عرشه بعلوه عليه


أوهم ذلك أن يكون الله محتاجاً إلى العرش ليُقِلَّّه.



فالجواب


أنّ كل من عرف عظمة الله تعالى

وكمال قدرته وقوته وغناه

فإنه لن يخطر بباله

أن يكون الله محتاجاً إلى العرش لِيُقِلَّه.


كيف والعرش وغيره من المخلوقات

مفتقر إلى الله ومضطر إليه،

لا قِوام له إلا به،

ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره؟!


=============





فإن قيل:

هل يصح تفسير استواء الله على عرشه باستيلائه عليه،

كما فسره به المعطلةُ فراراً من هذه اللوازم؟


فالجواب أنه لا يصح.


وذلك لوجوه، منها:


1-أنّ هذه اللوازمَ إنْ كانت حقّاً

فإنها لا تمنع من تفسير الاستواء بمعناه الحقيقي،

وإن كانت باطلاً فإنه لا يمكن أن تكون

من لوازم نصوص الكتاب والسنة،

ومن ظن أنها لازمةٌ لها فهو ضالّ.


2-أن تفسيره بالاستيلاء

يلزم عليه لوازم باطلة لا يمكن دفعها،

كمخالفة إجماع السلف،

وجواز أن يقال إن الله مستوٍ على الأرض

ونحوِها مما ينزه الله عنه،

وكون الله تعالى غيرَ مستولٍ على العرش

حين خلق السمواتِ والأرضَ.


3-أن تفسيره بالاستيلاء غير معروف في اللغة،

فهو كذبٌ عليها. والقرآن نزل بلغة العرب،

فلا يمكن أن نفسره بما لا يعرفونه في لغتهم.


4-أن الذين فسروه بالاستيلاء

كانوا مُقِرِّين بأن هذا معنىً مجازيٌّ.


والمعنى المجازيُّ لا يُقْبَلُ إلا بعد تمام أربعة أمور:


الأولِ الدليلِ الصحيحِ المقتضي

لصرف الكلام عن حقيقته إلى مجازه.


الثاني احتمالِ اللفظِ للمعنى المجازيِّ - الذي ادّعاه -

من حيث اللغة.


الثالثِ احتمالِ اللفظ للمعنى المجازيِّ الذي ادعاه

في ذلك السياق المعيَّنِ.

فإنه لا يلزم من احتمال اللفظ لمعنىً من المعاني

من حيثُ الجملةُ،

أن يكون محتمِلاً له في كل سياق،

لأن قرائن الألفاظِ والأحوالِ قد تمنع بعض المعاني

التي يحتملها اللفظ في الجملة.


الرابعِ أن يُبَيِّنَ الدليلَ على أنّ المرادَ من المعاني المجازيةِ

هو ما ادعاه،

لأنه يجوز أن يكون المرادُ غيرَه،

فلا بد من دليل على التعيين.

والله أعلم.




================


والعرش في اللغة سرير الملك.


قال الله تعالى عن يوسفَ:


( ورفع أبويه على العرش )


وقال عن ملكة سبإٍ:

( ولها عرش عظيم ).



وأما عرش الرحمن الذي استوى عليه،

فهو عرش عظيم محيط بالمخلوقات،

وهو أعلاها، وأكبرها


==================







من مواضيعي في المنتدى
»» المغرب يشن حملة على الكتب الشيعية
»» Mbc جابت ولد مبروك لأمريكا
»» أكذوبة مذكرات همفر / للشيخ سليمان الخراشي
»» ممن نبرأ أولا : من فتاوى الخميني والسيستاني أم فتوى ابن جبرين ورأي الكلباني ؟
»» المفطرات المعاصرة للشيخ خالد المشيقح
 
قديم 06-12-10, 11:26 PM   رقم المشاركة : 6
JusTRooT
موقوف






JusTRooT غير متصل

JusTRooT is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العلا مشاهدة المشاركة
  

لكن لما كان لفظ الجسم يحتمل ما هو حقّ وباطل

بالنسبة إلى الله

صار إطلاقُ لفظِه نفياً أو إثباتاً ممتنعاً على الله.

=============


وأما عرش الرحمن الذي استوى عليه،

فهو عرش عظيم محيط بالمخلوقات،

وهو أعلاها، وأكبرها


==================


للآسف تخبط شديد في العقيدة مع إحترامي الشديد بأن العلماء الذين ظهروا في بلاد الحرمين في العقود الماضية لم يكن لهم فهم في العقيدة الإسلامية مع إحترامي الشديد ولكن هذي وجهة نظر ومن المؤسف أن الأجيال التي تبعتهم أخذوا متمسكين بفهمهم وهنالك أناس بدأ يتضح لهم ذلك بعيداً عن الغلو في أحد منهم


وهنالك لي رد في موضوع آخر

رقم المشاركة : 154






 
قديم 06-12-10, 11:48 PM   رقم المشاركة : 7
صحوة ضمير
عضو ذهبي







صحوة ضمير غير متصل

صحوة ضمير is on a distinguished road


اعلم أن العرش خلق عظيم جدا كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ولذلك أضافه تعالى إلى نفسه في قوله (ذو العرش) وفيه آيات أخر.
ولغة سرير الملك ومن أوصافه في القرآن : (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)الحاقة17 ، وأنه على الماء وفي السنة أن أحد حملة العرش ما بين شحمة إذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وأن له قوائم وأنه سقف جنة الفردوس . جاء ذلك في أحاديث صحيحة ، وذلك كله مما يبطل تأويل العرش بأنه عبارة عن الملك وسعة السلطان. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.


رحم الله ريحانة الشام ومحدثها العلامة الألبانى ورفع درجته في عليين وجمعنا معه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين






التوقيع :
اللهم اغفر لأبي وارحمه واعف عنه .. اللهم أنر قبره واجعله روضة من رياض الجنة اللهم اجعل ملتقانا الفردوس الأعلى برحمتك ياأرحم الراحمين
من مواضيعي في المنتدى
»» جنازة السيد منير الخباز الروافض لا يذكرون الله ويذكورن ربهم الحسين
»» موقف اهل السنة و الشيعة من القول بتحريف القرآن؟
»» إجراءات أمنية خاصة ستتخذ لحماية الفرق السعودية في إيران
»» مهم جدا وعارفه انه طويل الحكم على الشيعة
»» القطيف: القبض على إيراني بحوزته منشورات تدعو إلى إحراق المحلات والمدارس
 
قديم 06-12-10, 11:50 PM   رقم المشاركة : 8
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


بالنسبة لمسألة التخبط في فهم العقيدة الإسلامية

فالجميع يستطيع رمي الآخرين بها بسهولة

وقد يقول قائل أن علماء الإباضية في عمان في القرون الماضية متخبطون في فهم العقيدة الإسلامية

وهذه وجهة نظره وأن هناك من يتبعهم متمسكين بفهمهم

وأن هنالك من بدا له الحق المبين
======


وليس هذا موضوعنا هداك الله تعالى

وليس من حقك أن تبطل فهمنا للعرش بأنه مادة مخلوقة

وتثبت فهمك بأنه معنوي والمراد به الملك



لأن عندنا مرجع وهو لغة العرب التي نزل بها القرآن

وقال الله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش )

فعلى فهمك وظنك أنه رفع أبويه على الملك

وأظنك لن تستسيغ هذا الكلام



وربما تحاول التفريق بين العرش الذي رفع يوسف عليه أبويه

وبين العرش الذي استوى عليه الرحمن

ولا مجال للتفريق بدون دليل ولا برهان




قد تقول أن يوسف له عرش ويرفع من شاء عليه

ولكن الرحمن له ملك ولا يمكن أن يكون له عرش ولا أن يستوي عليه


طيب لماذا ؟

لأن يوسف عليه السلام مخلوق وملك يفعل ما يريد

أما الرحمن سبحانه وتعالى فخالق فلا يفعل إلا ما تريدون؟


خلقنا وخلق العرش

وأخبرنا أنه استوى عليه


فنقول لا يارب لا يليق بك أن تستوي على العرش

بل أنت استوليت على الملك


ممن استولى عليه؟

ثم استولى على الملك

بأي لغة نتحدث




هداني الله تعالى وإياكم للصراط المستقيم








من مواضيعي في المنتدى
»» هداية الصوفية / كتب ورسائل
»» القول السديد في مقاصد التوحيد / للشيخ عبد الرحمن السعدي
»» لا تعطوهم إجازة في عاشوراء
»» قناة المستقلة
»» تفسير الفاتحة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
 
قديم 07-12-10, 09:49 PM   رقم المشاركة : 9
JusTRooT
موقوف






JusTRooT غير متصل

JusTRooT is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العلا مشاهدة المشاركة
   بالنسبة لمسألة التخبط في فهم العقيدة الإسلامية

فالجميع يستطيع رمي الآخرين بها بسهولة

وقد يقول قائل أن علماء الإباضية في عمان في القرون الماضية متخبطون في فهم العقيدة الإسلامية

وهذه وجهة نظره وأن هناك من يتبعهم متمسكين بفهمهم

وأن هنالك من بدا له الحق المبين
======



وليس هذا موضوعنا هداك الله تعالى

وليس من حقك أن تبطل فهمنا للعرش بأنه مادة مخلوقة

وتثبت فهمك بأنه معنوي والمراد به الملك



لأن عندنا مرجع وهو لغة العرب التي نزل بها القرآن

وقال الله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش )

فعلى فهمك وظنك أنه رفع أبويه على الملك

وأظنك لن تستسيغ هذا الكلام



وربما تحاول التفريق بين العرش الذي رفع يوسف عليه أبويه

وبين العرش الذي استوى عليه الرحمن

ولا مجال للتفريق بدون دليل ولا برهان




قد تقول أن يوسف له عرش ويرفع من شاء عليه

ولكن الرحمن له ملك ولا يمكن أن يكون له عرش ولا أن يستوي عليه


طيب لماذا ؟

لأن يوسف عليه السلام مخلوق وملك يفعل ما يريد

أما الرحمن سبحانه وتعالى فخالق فلا يفعل إلا ما تريدون؟


خلقنا وخلق العرش

وأخبرنا أنه استوى عليه


فنقول لا يارب لا يليق بك أن تستوي على العرش

بل أنت استوليت على الملك


ممن استولى عليه؟

ثم استولى على الملك

بأي لغة نتحدث





هداني الله تعالى وإياكم للصراط المستقيم






يقول الرازي في كتاب مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير الذي توفي سنة 606 هـ

عند تفسيره للآية 54 من سورة الأعراف

" إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ "


((أما قوله تعالى " : ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ " فاعلم أنه لا يمكن أن يكون المراد منهكونه مستقراً على العرش ويدل على فساده وجوه عقلية، ووجوه نقلية.

أما العقلية فأمور: أولها: أنه لو كان مستقراً على العرش لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهياً وإلا لزم كون العرش داخلاً في ذاته وهو محال، وكل ما كان متناهياً فإن العقل يقضي بأنه لا يمنع أن يصير أزيد منه أو أنقص منه بذرة والعلم بهذا الجواز ضروري، فلو كان الباري تعالى متناهياً من بعض الجوانب لكانت ذاته قابلة للزيادة والنقصان، وكل ما كان كذلك كان اختصاصه بذلك المقدار المعين لتخصيص مخصص وتقدير مقدر، وكل ما كان كذلك فهو محدث، فثبت أنه تعالى لو كان على العرش لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهياً، ولو كان كذلك لكان محدثاً وهذا محال فكونه على العرش يجب أن يكون محالاً. وثانيها: لو كان في مكان وجهة لكان إما أن يكون غير متناه من كل الجهات، وإما أن يكون متناهياً في كل الجهات. وإما أن يكون متناهياً من بعض الجهات دون البعض والكل باطل فالقول بكونه في المكان والحيز باطل قطعاً.

بيان فساد القسم الأول: أنه يلزم أن تكون ذاته مخالطة لجميع الأجسام السفلية والعلوية، وأن تكون مخالطة للقاذورات والنجاسات، وتعالى الله عنه، وأيضاً فعلى هذا التقدير: تكون السموات حالة في ذاته، وتكون الأرض أيضاً حالة في ذاته.

إذا ثبت هذا فنقول: الشيء الذي هو محل السموات، إما أن يكون هو عين الشيء الذي هو محل الأرضين أو غيره، فإن كان الأول لزم كون السموات والأرضين حالتين في محل واحد من غير امتياز بين محليهما أصلاً، وكل حالين حلا في محل واحد، لم يكن أحدهما ممتازاً عن الآخر، فلزم أن يقال: السموات لا تمتاز عن الأرضين في الذات، وذلك باطل، وإن كان الثاني: لزم أن تكون ذات الله تعالى مركبة من الأجزاء والأبعاض وهو محال.
والثالث: وهو أن ذاتالله تعالى إذا كانت حاصلة في جميع الأحياز والجهات، فإما أن يقال: الشيءالذي حصل فوق هو عين الشيء الذي حصل تحت، فحينئذ تكون الذات الواحدة قدحصلت دفعة واحدة في أحياز كثيرة، وإن عقل ذلك فلم لا يعقل أيضاً حصولالجسم الواحد في أحياز كثيرة دفعة واحدة؟ وهو محال في بديهة العقل. وأماإن قيل: الشيء الذي حصل فوق غير الشيء الذي حصل تحت، فحينئذ يلزم حصولالتركيب والتبعيض في ذات الله تعالى وهو محال.

وأماالقسم الثاني: وهو أن يقال: أنه تعالى متناه من كل الجهات. فنقول: كل ماكان كذلك فهو قابل للزيادة والنقصان في بديهة العقل، وكل ما كان كذلك كاناختصاصه بالمقدار المعين، لأجل تخصيص مخصص، وكل ما كان كذلك فهو محدث،وأيضاً فإن جاز أن يكون الشيء المحدود من كل الجوانب قديماً أزلياً فاعلاًللعالم، فلم لا يعقل أن يقال: خالق العالم هو الشمس، أو القمر، أو كوكبآخر، وذلك باطل باتفاق.

وأماالقسم الثالث: وهو أن يقال: أنه متناه من بعض الجوانب، وغير متناه من سائرالجوانب، فهذا أيضاً باطل من وجوه: أحدها: أن الجانب الذي صدق عليه كونهمتناهياً غير ما صدق عليه كونه غير متناه، وإلا لصدق النقيضان معاً وهومحال. وإذا حصل التغاير لزم كونه تعالى مركباً من الأجزاء والأبعاض،وثانيها: أن الجانب الذي صدق حكم العقل عليه بكونه متناهياً، إما أن يكونمساوياً للجانب الذي صدق حكم العقل عليه بكونه غير متناه، وإما أن لا يكونكذلك، والأول باطل، لأن الأشياء المتساوية في تمام الماهية كل ما صح علىواحد منها صح على الباقي، وإذا كان كذلك: فالجانب للذي هو غير متناه يمكنأن يصير متناهياً، والجانب الذي هو متناه يمكن أن يصير غير متناه، ومتىكان الأمر كذلك كان النمو والذبول والزيادة والنقصان والتفرق والتمزق علىذاته ممكناً، وكل ما كان كذلك فهو محدث، وذلك على الإله القديم محال، فثبتأنه تعالى لو كان حاصلاً في الحيز والجهة، لكان إما أن يكون غير متناه منكل الجهات وإما أن يكون متناهياً من كل الجهات، أو كان متناهياً من بعضالجهات، وغير متناه من سائر الجهات، فثبت أن الأقسام الثلاثة باطلة، فوجبأن نقول القول بكونه تعالى حاصلاً في الحيز والجهة محال.

والبرهانالثالث: لو كان الباري تعالى حاصلاً في المكان والجهة، لكان الأمر المسمىبالجهة إما أن يكون موجوداً مشاراً إليه، وإما أن لا يكون كذلك، والقسمانباطلان، فكان القول بكونه تعالى حاصلاً في الحيز والجهة باطلاً.

أمابيان فساد القسم الأول: فلأنه لو كان المسمى بالحيز والجهة موجوداً مشاراًإليه، فحينئذ يكون المسمى بالحيز والجهة بعداً وامتداد، والحاصل فيه أيضاًيجب أن يكون له في نفسه بُعْدُ وامتداد، وإلا لامتنع حصوله فيه، وحينئذيلزم تداخل البعدين، وذلك محال للدلائل الكثيرة، المشهورة في هذا الباب،وأيضاً فيلزم من كون الباري تعالى قديماً أزلياً كون الحيز والجهة أزليين،وحينئذ يلزم أن يكون قد حصل في الأزل موجود قائم بنفسه سوى الله تعالى،وذلك بإجماع أكثر العقلاء باطل.
وأما بيان فساد القسمالثاني: فهو من وجهين: أحدهما: أن العدم نفي محض، وعدم صرف، وما كان كذلكامتنع كونه ظرفاً لغيره وجهة لغيره. وثانيهما: أن كل ما كان حاصلاً في جهةفجهته ممتازة في الحس عن جهة غيره، فلو كانت تلك الجهة عدماً محضاً لزمكون العدم المحض مشاراً إليه بالحس، وذلك باطل، فثبت أنه تعالى لو كانحاصلاً في حيز وجهة لأفضى إلى أحد هذين القسمين الباطلين، فوجب أن يكونالقول به باطلاً.

فإن قيل: فهذا أيضاً وارد عليكم في قولكم: الجسم حاصل في الحيز والجهة.

فنقول: نحن على هذا الطريق لا نثبت للجسم حيزاً ولا جهة أصلاً ألبتة، بحيث تكونذات الجسم نافدة فيه وسارية فيه، بل المكان عبارة عن السطح الباطن منالجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهذا المعنى محالبالاتفاق في حق الله تعالى، فسقط هذا السؤال.

البرهانالرابع: لو امتنع وجود الباري تعالى إلا بحيث يكون مختصاً بالحيز والجهة،لكانت ذات الباري مفتقرة في تحققها ووجودها إلى الغير، وكل ما كان كذلكفهو ممكن لذاته ينتج أنه لو امتنع وجود الباري إلا في الجهة والحيز، لزمكونه ممكناً لذاته، ولما كان هذا محالاً كان القول بوجوب حصوله في الحيزمحالاً.

بيانالمقام الأول: هو أنه لما امتنع حصول ذات الله تعالى، إلا إذا كان مختصاًبالحيز والجهة. فنقول: لا شك أن الحيز والجهة أمر مغاير لذات الله تعالى،فحينئذ تكون ذات الله تعالى مفتقرة في تحققها إلى أمر يغايرها، وكل ماافتقر تحققه إلى ما يغايره، كان ممكناً لذاته. والدليل عليه: أن الواجبلذاته هو الذي لا يلزم من عدم غيره عدمه، والمفتقر إلى الغير هو الذي يلزممن عدم غيره عدمه، فلو كان الواجب لذاته مفتقراً إلى الغير لزم أن يصدقعليه النقيضان، وهو محال. فثبت أنه تعالى لو وجب حصوله في الحيز لكانممكناً لذاته، لا واجباً لذاته، وذلك محال.

والوجهالثاني: في تقرير هذه الحجة: هو أن الممكن محتاج إلى الحَيّز والجهة. أماعند من يثبت الخلاء. فلا شك أن الحيز والجِهة تتقرر مع عدم التمكن، وأماعند من ينفي الخلاء فلا، لأنه وإن كان معتقداً أنه لا بد من متمكن يحصل فيالجهة، إلا أنه لا يقول بأنه لابد لتلك الجهة من متمكن معين، بل أي شيءكان فقد كفى في كونه شاغلاً لذلك الحيز.
إذا ثبت هذا فلو كانذات الله تعالى مختصة بجهة وحيز لكانت ذاته مفتقرة إلى ذلك الحيز، وكانذلك الحيز غنياً تحققه عن ذات الله تعالى وحينئذ يلزم أن يقال: الحيز واجبلذاته غني عن غيره وأن يقال ذات الله تعالى مفتقرة في ذاتها واجبة بغيرهاوذلك يقدح في قولنا: الإله تعالى واجب الوجود لذاته.

فإن قيل: الحيز والجهة ليس بأمر موجود حتى يقال ذات الله تعالى مفتقرة إليه ومحتاجة إليه

فنقول: هذا باطل قطعاً لأن بتقدير أن يقال إن ذات الله تعالى مختصة بجهة فوقفإنما نميز بحسب الحس بين تلك الجهة وبين سائر الجهات وما حصل فيهالامتياز بحسب الحس كيف يعقل أن يقال إنه عدم محض ونفي صرف؟ ولو جاز ذلكلجاز مثله في كل المحسوسات وذلك يوجب حصول الشك في وجود كل المحسوسات،وذلك لا يقوله عاقل.

البرهانالخامس: في تقرير أنه تعالى يمتنع كونه مختصاً بالحيز والجهة نقول: الحيزوالجهة لا معنى له إلا الفراغ المحض، والخلاء الصرف، وصريح العقل يشهد أنهذا المفهوم مفهوم واحد لا اختلاف فيه ألبتة. وإذا كان الأمر كذلك كانتالأحياز بأسرها متساوية في تمام الماهية.

وإذاثبت هذا فنقول: لو كان الإله تعالى مختصاً بحيز، لكان محدثاً، وهذا محال؛فذاك محال. وبيان الملازمة: أن الأحياز لما ثبت أنها بأسرها متساوية، فلواختص ذات الله تعالى بحيز معين لكان اختصاصه به، لأجل أن مخصصاً خصصه بذلكالحيز وكل ما كان فعلاً لفاعل مختار، فهو محدث فوجب أن يكون اختصاص ذاتالله بالحيز المعين محدثاً، فإذا كانت ذاته ممتنعة الخلو عن الحصول فيالحيز، وثبت أن الحصول في الحيز محدث، وبديهة العقل شاهدة بأن ما لا يخلوعن المحدث فهو محدث، لزم القطع بأنه لو كان حاصلاً في الحيز لكان محدثاً،ولما كان هذا محالاً كان ذلك أيضاً محالاً.

فإنقالوا: الأحياز مختلفة بحسب أن بعضها علو وبعضها سفل، فلم لا يجوز أن يقالذات الله تعالى مختصة بجهة علو؟ فنقول: هذا باطل، لأن كون بعض تلك الجهاتعلو، وبعضها سفلاً، أحوال لا تحصل، إلا بالنسبة إلى وجود هذا العالم، فلماكان هذا العالم محدثاً كان قبل حدوثه لا علو ولا سفل ولا يمين ولا يسار،بل ليس إلا الخلاء المحض، وإذا كان الأمر كذلك، فحينئذ يعود الإلزامالمذكور بتمامه، وأيضاً لو جاز القول بأن ذات الله تعالى مختصة ببعضالأحياز على سبيل الوجوب؟ فلم لا يعقل أيضاً أن يقال: إن بعض الأجسام اختصببعض الأحياز على سبيل الوجوب؟ وعلى هذا التقدير، فذلك اسم لا يكون قابلاًللحركة والسكون، فلا يجري فيه دليل حدوث الأجسام، والقائل بهذا القول، لايمكنه إقامة الدلالة على حدوث كل الأجسام بطريق الحركة والسكون، والكراميةوافقونا على أن تجويز هذا يوجب الكفر والله أعلم.
البرهان السادس: لوكان الباري تعالى حاصلاً في الحيز والجهة لكان مشاراً إليه بحسب الحس وكلما كان كذلك، فإما أن لا يقبل القسمة بوجه من الوجوه وإما أن يقبل القسمة.

فإنقلنا: إنه تعالى يمكن أن يشار إليه بحسب الحس، مع أنه لا يقبل القسمةالمقدارية ألبتة، كان ذلك نقطة لا تنقسم، وجوهراً فرداً لا ينقسم، فكانذلك في غاية الصغر والحقارة، وهذا باطل بإجماع جميع العقلاء، وذلك لأنالذين ينكرون كونه تعالى في الجهة ينكرون كونه تعالى كذلك، والذين يثبتونكونه تعالى في الجهة ينكرون كونه تعالى في الصغر والحقارة مثل الجزء الذيلا يتجزأ، فثبت أن هذا بإجماع العقلاء باطل، وأيضاً فلو جاز ذلك، فلم لايعقل أن يقال: إله العالم جزء من ألف جزء من رأس إبرة، أو ذرة ملتصقة بذنبقملة، أو نملة؟ ومعلوم أن كل قول يفضي إلى مثل هذه الأشياء، فإن صريحالعقل يوجب تنزيه الله تعالى عنه.

وأماالقسم الثاني: وهو أنه يقبل القسمة، فنقول: كل ما كان كذلك، فذاته مركبةوكل مركب فهو ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته فهو مفتقر إلى الموجد والمؤثر،وذلك على الإله الواجب لذاته محال.

البرهانالسابع: أن نقول: كل ذات قائمة بنفسها مشاراً إليها بحسب الحس فهو منقسموكل منقسم ممكن فكل ذات قائمة بنفسها مشار إليها بحسب الحس فهو ممكن. فمالا يكون ممكناً لذاته بل كان واجباً لذاته امتنع كونه مشاراً إليه بحسبالحس.

أماالمقدمة الأولى: فلأن كل ذات قائمة بالنفس مشار إليها بحسب الحس فلا بدوأن يكون جانب يمينه مغايراً لجانب يساره وكل ماهو كذلك فهو منقسم.

وأماالمقدمة الثانية: وهي أن كل منقسم ممكن فإنه يفتقر إلى كل واحد من أجزائهوكل واحد من أجزائه غيره، وكل منقسم فهو مفتقر إلى غيره، وكل مفتقر إلىغيره فهو ممكن لذاته.

واعلم أن المقدمة الأولى من مقدمات هذا الدليل إنما تتم بنفي الجوهر الفرد.

البرهانالثامن: لو ثبت كونه تعالى في حيز لكان إما أن يكون أعظم من العرش أومساوياً له أو أصغر منه فإن كان الأول كان منقسماً لأن القدر الذي منهيساوي العرش يكون مغايراً للقدر الذي يفضل على العرش وإن كان الثاني كانمنقسماً لأن العرش منقسم والمساوي للمنقسم منقسم وإن كان الثالث، فحينئذيلزم أن يكون العرش أعظم منه وذلك باطل بإجماع الأمة أما عندنا فظاهر،وأما عند الخصوم فلأنهم ينكرون كون غير الله تعالى أعظم من الله تعالى،فثبت أن هذا المذهب باطل.
البرهان التاسع: لوكان الإله تعالى حاصلاً في الحيز والجهة لكان إما أن يكون متناهياً من كلالجوانب. وإما أن لا يكون كذلك والقسمان باطلان، فالقول بكونه حاصلاً فيالحيز والجهة باطل أيضاً. أما بيان أنه لا يجوز أن يكون متناهياً من كلالجهات، فلأن على هذا التقدير يحصل فوقه أحياز خالية، وهو تعالى قادر علىخلق الجسم في ذلك الحيز الخالي، وعلى هذا التقدير لو خلق هناك عالماً آخرلحصل هو تعالى تحت العالم وذلك عند الخصم محال وأيضاً فقد كان يمكن أنيخلق من الجوانب الستة لتلك الذات أجساماً أخرى، وعلى هذا التقدير فتحصلذاته في وسط تلك الأجسام محصورة فيها ويحصل بينه وبين الأجسام الاجتماعتارة والافتراق أخرى، وكل ذلك على الله تعالى محال.

وأماالقسم الثاني: وهو أن يكون غير متناه من بعض الجهات فهذا أيضاً محال، لأنهثبت بالبرهان أنه يمتنع وجود بعد لا نهاية له، وأيضاً فعلى هذا التقدير لايمكن إقامة الدلالة على أن العالم متناه لأن كل دليل يذكر في تناهيالأبعاد، فإن ذلك الدليل ينتقض بذات الله تعالى فإنه على مذهب الخصم بعدلا نهاية له، وهو وإن كان لا يرضى بهذا اللفظ إلا أنه يساعد على المعنى،والمباحث العقلية مبنية على المعاني، لا على المشاحة في الألفاظ.

البرهانالعاشر: لو كان الإله تعالى حاصلاً في الحيز والجهة لكان كونه تعالى هناكإما أن يمنع من حصول جسم آخر هناك أو لا يمنع، والقسمان باطلان فبطل القولبكونه حاصلاً في الحيز.

أمافساد القسم الأول: فلأنه لما كان كونه هناك مانعاً من حصول جسم آخر هناككان هو تعالى مساوياً لسائر الأجسام في كونه حجماً متحيزاً ممتداً فيالحيز والجهة مانعاً من حصول غيره في الحيز الذي هو فيه، وإذا ثبت حصولالمساواة في ذلك المفهوم بينه وبين سائر الأجسام فإما أن يحصل بينه وبينهامخالفة من سائر الوجوه أو لا يحصل، والأول باطل لوجهين: الأول: أنه إذاحصلت المشاركة بين ذاته تعالى وبين ذوات الأجسام من بعض الوجوه، والمخالفةمن سائر الوجوه كان ما به المشاركة مغايراً لما به المخالفة، وحينئذ تكونذات الباري تعالى مركبة من هذين الاعتبارين، وقد دللنا على أن كل مركبممكن فواجب الوجود لذاته ممكن الوجود لذاته هذا خلف. والثاني: وهو أن مابه المشاركة وهو طبيعة البعد والامتداد. إما أن يكون محلاً لما بهالمخالفة. وإما أن يكون حالاً فيه وإما أن يقال: إنه لا محل له ولا حالاًفيه. أما الأول: وهو أن يكون محلاً لما به المخالفة، فعلى هذا التقديرطبيعة البعد والامتداد هي الجوهر القائم بنفسه، والأمور التي حصلت بهاالمخالفة أعراض وصفات، وإذا كانت الذوات متساوية في تمام الماهية فكل ماصح على بعضها وجب أن يصح على البواقي، فعلى هذا التقدير كل ما صح على جميعالأجسام، وجب أن يصح على الباري تعالى وبالعكس، ويلزم منه صحة التفرقوالتمزق والنمو والذبول والعفونة والفساد على ذات الله تعالى وكل ذلك محال.
وأما القسم الثاني: وهو أن يقال: ما به المخالفة محل وذات، وما به المشاركة حال وصفة فهذامحال، لأن على هذا التقدير تكون طبيعة البعد والامتداد صفة قائمة بمحل،وذلك المحل إن كان له أيضاً اختصاص بحيز وجهة، وجب افتقاره إلى محل آخر لاإلى نهاية، وإن لم يكن كذلك فحينئذ يكون موجوداً مجرداً لا تعلق له بالحيزوالجهة والإشارة الحسية ألبتة، وطبيعة البعد والامتداد واجبة الاختصاصبالحيز والجهة والإشارة الحسية، وحلول ما هذا شأنه في ذلك المحل يوجبالجمع بين النقيضين وهو محال.

وأماالقسم الثالث: وهو أن لا يكون أحدهما حالاً في الآخر ولا محلاً له فنقول: فعلى هذا التقدير يكون كل واحد منهما متبايناً عن الآخر، وعلى هذا التقديرفتكون ذات الله تعالى مساوية لسائر الذوات الجسمانية في تمام الماهية، لأنما به المخالفة بين ذاته وبين سائر الذوات ليست حالة في هذه الذوات، ولامحالاً لها بل أمور أجنبية عنها فتكون ذات الله تعالى مساوية لذواتالأجسام في تمام الماهية، وحينئذ يعود الإلزام المذكور، فثبت أن القول: بأن ذات الله تعالى مختصة بالحيز والجهة بحيث يمنع من حصول جسم آخر في ذلكالحيز يفضي إلى هذه الأقسام الثلاثة الباطلة فوجب كونه باطلاً.

وأماالقسم الثاني: وهو أن يقال: إن ذات الله تعالى وإن كانت مختصة بالحيزوالجهة، إلا أنه لا يمنع من حصول جسم آخر في ذلك الحيز والجهة، فهذا أيضاًمحال لأنه يوجب كون ذاته مخالطة سارية في ذات ذلك الجسم الذي يحصل في ذلكالجنب والحيز وذلك بالإجماع محال، ولأنه لو عقل ذلك فلم لا يعقل حصولالأجسام الكثيرة في الحيز الواحد؟ فثبت أنه تعالى لو كان حاصلاً في حيزلكان إما أن يمنع حصول جسم آخر في ذلك الحيز أو لا يمنع، وثبت فسادالقسمين، فكان القول بحصوله تعالى في الحيز والجهة محالاً باطلاً.

البرهانالحادي عشر: على أنه يمتنع حصول ذات الله تعالى في الحيز والجهة هو أننقول: لو كان مختصاً بحيز وجهة لكان. إما أن يكون بحيث يمكنه أن يتحرك عنتلك الجهة أو لا يمكنه ذلك، والقسمان باطلان، فبطل القول بكونه حاصلاً فيالحيز.

أماالقسم الأول: وهو أنه يمكنه أن يتحرك فنقول: هذه الذات لا تخلو عن الحركةوالسكون وهما محدثان، لأن على هذا التقدير السكون جائز عليه والحركة جائزةعليه، ومتى كان كذلك لم يكن المؤثر في تلك الحركة ولا في ذلك السكون ذاته،وإلا لامتنع طريان ضده والتقدير: هو تقدير أنه يمكنه أن يتحرك وأن يسكن،وإذا كان كذلك ان المؤثر في حصول تلك الحركة، وذلك السكون هو الفاعلالمختار وكل ما كان فعلاً لفاعل مختار فهو محدث، فالحركة والسكون محدثانوما لا يخلو عن المحدث فهو محدث فيلزم أن تكون ذاته تعالى محدثة وهو محال.
وأما القسم الثاني: وهو أنه يكون مختصاً بحيز وجهة مع أنه لا يقدر أن يتحرك عنه فهذا أيضاًمحال لوجهين: الأول: أن على هذا التقدير يكون كالزمن المقعد العاجز، وذلكنقص، وهو على الله محال. والثاني: أنه لو لم يمتنع فرض موجود حاصل في حيزمعين بحيث يكون حصوله فيه واجب التقرر ممتنع الزوال لم يبعد أيضاً فرضأجسام أخرى مختصة بأحياز معينة بحيث يمتنع خروجها عن تلك الأحياز، وعلىهذا التقدير فلا يمكن إثبات حدوثها بدليل الحركة والسكون، والكراميةيساعدون على أنه كفر. والثالث: أنه تعالى لما كان حاصلاً في الحيز والجهةكان مساوياً للأجسام في كونه متحيزاً شاغلاً للأحياز، ثم نقيم الدلالةالمذكورة على أن المتحيزات لما كانت متساوية في صفة التحيز وجب كونهامتساوية في تمام الماهية، لأنه لو خالف بعضها بعضاً لكان ما به المخالفةإما أن يكون حالاً في المتحيز أو محلاً له أو لا حالاً ولا محلاً،والأقسام الثلاثة باطلة على ما سبق. وإذا كانت متساوية في تمام الماهيةفكما أن الحركة صحيحة على هذه الأجسام وجب القول بصحتها على ذات اللهتعالى وحينئذ يتم الدليل.

الحجةالثانية عشرة: لو كان تعالى مختصاً بحيز معين لكنا إذا فرضنا وصول إنسانإلى طرف ذلك الشيء وحاول الدخول فيه فإما أن يمكنه النفوذ والدخول فيه أولا يمكنه ذلك، فإن كان الأول كان كالهواء اللطيف، والماء اللطيف، وحينئذيكون قابلاً للتفرق والتمزق وإن كان الثاني كان صلباً كالحجر الصلد الذيلا يمكنه النفوذ فيه، فثبت أنه تعالى لو كان مختصاً بمكان وحيز وجهة لكانإما أن يكون رقيقاً سهل التفرق والتمزق كالماء والهواء، وإما أن يكونصلباً جاسئاً كالحجر الصلد، وقد أجمع المسلمون على أن إثبات هاتين الصفتينفي حق الإله كفر وإلحاد في صفته، وأيضاً فبتقدير أن يكون مختصاً بمكانوجهة، لكان إما أن يكون نورانياً وظلمانياً، وجمهور المشبهة يعتقدون أنهنور محض، لاعتقادهم أن النور شريف والظلمة خسيسة، إلا أن الاستقراء العامدل على أن الأشياء النورانية رقيقة لا تمنع النافذ من النفوذ فيها،والدخول فيما بين أجزائها، وعلى هذا التقدير فإن ذلك الذي ينفذ فيه يمتزجبه ويفرق بين أجزائه ويكون ذلك الشيء جارياً مجرى الهواء الذي يتصل تارةوينفصل أخرى.
ويجتمع تارة ويتمزقأخرى، وذلك مما لا يليق بالمسلم أن يصف إله العالم به، ولو جاز ذلك فلم لايجوز أن يقال إن خالق العالم هو بعض هذه الرياح التي تهب؟ أو يقال إنه بعضهذه الأنوار والأضواء التي تشرق على الجدران؟ والذين يقولون إنه لا يقبلالتفرق والتمزق ولا يتمكن النافذ من النفوذ فإنه يرجع حاصل كلامهم إلى أنهحصل فوق العالم جبل صلب شديد وإله هذا العالم هو ذلك الجبل الصلب الواقففي الحيز العالي، وأيضاً فإن كان له طرف وحد ونهاية فهل حصل لذلك الشيءعمق وثخن أو لم يحصل؟ فإن كان الأول فحينئذ يكون ظاهره غير باطنه وباطنهغير ظاهره، فكان مؤلفاً مركباً من الظاهر والباطن مع أن باطنه غير ظاهرهوظاهره غير باطنه، وإن كان الثاني فحينئذ يكون ذاته سطحاً رقيقاً في غايةالرقة مثل قشرة الثوم بل أرق منه ألف ألف مرة، والعاقل لا يرضى أن يجعلمثل هذا الشيء إله العالم، فثبت أن كونه تعالى في الحيز والجهة يفضي إلىفتح باب هذه الأقسام الباطلة الفاسدة.

الحجة الثالثة عشرة: العالم كرة، وإذا كان الأمر كذلك امتنع أن يكون إله العالم حاصلاً في جهة فوق.

أماالمقام الأول: فهو مستقصي في علم الهيئة إلا إنا نقول أنا إذا اعتبرناكسوفاً قمرياً حصل في أول الليل بالبلاد الغربية كان عين ذلك الكسوفحاصلاً في البلاد الشرقية في أول النهار، فعلمنا أن أول الليل بالبلادالغربية هو بعينه أول النهار بالبلاد الشرقية، وذلك لا يمكن إلا إذا كانتالأرض مستديرة من المشرق إلى المغرب، وأيضاً إذا توجهنا إلى الجانبالشمالي فكلما كان توغلنا أكثر، كان ارتفاع القطب الشمالي أكثر وبمقدار مايرتفع القطب الشمالي ينخفض القطب الجنوبي وذلك يدل على أن الأرض مستديرةمن الشمال إلى الجنوب، ومجموع هذين الاعتبارين يدل على أن الأرض كرة.

وإذاثبت هذا فنقول: إذا فرضنا إنسانين وقف أحدهما على نقطة المشرق والأخر علىنقطة المغرب صار أخمص قدميهما متقابلين، والذي هو فوق بالنسبة إلى أحدهمايكون تحت بالنسبة إلى الثاني، فلو فرضنا أن إله العالم حصل في الحيز الذيفوق بالنسبة إلى أحدهما، فذلك الحيز بعينه هو تحت بالنسبة إلى الثاني،وبالعكس فثبت أنه تعالى لو حصل في حيز معين لكان ذلك الحيز تحتاً بالنسبةإلى أقوام معينين، وكونه تعالى تحت أهل الدنيا محال بالاتفاق، فوجب أن لايكون حاصلاً في حيز معين، وأيضاً فعلى هذا التقدير أنه كلما كان فوقبالنسبة إلى أقوام كان تحت بالنسبة إلى أقوام آخرين، وكان يميناً بالنسبةإلى ثالث، وشمالاً بالنسبة إلى رابع، وقدام الوجه بالنسبة إلى خامس، وخلقالرأس بالنسبة إلى سادس، فإن كون الأرض كرة يوجب ذلك إلا أن حصول هذهالأحوال بإجماع العقلاء محال في حق إله العالم إلا إذا قيل إنه محيطبالأرض من جميع الجوانب فيكون هذا فلكاً محيطاً بالأرض وحاصله يرجع إلى أنإله العالم هو بعض الأفلاك المحيطة بهذا العالم، وذلك لا يقوله مسلم،والله أعلم.
الحجة الرابعة عشرة: لو كان إله العالم فوق العرش لكان إما أن يكون مماساً للعرش، أو مبايناًله ببعد متناه أو ببعد غير متناه، والأقسام الثلاثة باطلة، فالقول بكونهفوق العرش باطل.

أمابيان فساد القسم الأول: فهو أن بتقدير أن يصير مماساً للعرش كان الطرفالأسفل منه مماساً للعرش، فهل يبقى فوق ذلك الطرف منه شيء غير مماس للعرشأو لم يبق؟ فإن كان الأول فالشيء الذي منه صار مماساً لطرف العرش غير ماهو منه غير مماس لطرف العرش، فيلزم أن يكون ذات الله تعالى مركباً منالأجزاء والأبعاض فتكون ذاته في الحقيقة مركبة من سطوح متلاقية موضوعةبعضها فوق بعض، وذلك هو القول بكونه جسماً مركباً من الأجزاء والأبعاضوذلك محال، وإن كان الثاني فحينئذ يكون ذات الله تعالى سطحاً رقيقاً لاثخن له أصلاً، ثم يعود التقسيم فيه، وهو أنه إن حصل له تمدد في اليمينوالشمال والقدام والخلف كان مركباً من الأجزاء والأبعاض، وإن لم يكن لهتمدد ولا ذهاب في الأحياز بحسب الجهات الستة كان ذرة من الذرات وجزءاً لايتجزأ مخلوطاً بالهباآت، وذلك لا يقوله عاقل.

وأماالقسم الثاني: وهو أن يقال بينه وبين العالم بعد متناه، فهذا أيضاً محال،لأن على هذا التقدير لا يمتنع أن يرتفع العالم من حيزه إلى الجهة التيفيها حصلت ذات الله تعالى إلى أن يصير العالم مماساً له، وحينئذ يعودالمحال المذكور في القسم الأول.

وأماالقسم الثالث: وهو أن يقال أنه تعالى مباين للعالم بينونة غير متناهية،فهذا أظهر فساداً من كل الأقسام لأنه تعالى لما كان مبايناً للعالم كانتالبينونة بينه تعالى وبين غيره محدودة بطرفين وهما ذات الله تعالى وذاتالعالم، ومحصوراً بين هذين الحاصرين، والبعد المحصور بين الحاصرينوالمحدود بين الحدين والطرفين يمتنع كونه بعداً غير متناه.

فإنقيل: أليس أنه تعالى متقدم على العالم من الأزل إلى الأبد، فتقدمه علىالعالم محصور بين حاصرين ومحدود بين حدين وطرفين أحدهما: الأزل، والثاني: أول وجود العالم ولم يلزم من كون هذا التقدم محصوراً بين حاصرين أن يكونلهذا التقدم أول وبداية، فكذا ههنا، وهذا هو الذي عول عليه محمد بن الهيثمفي دفع هذا الإشكال عن هذا القسم.
والجواب: أن هذا هومحض المغالطة، لأنه ليس الأزل عبارة عن وقت معين وزمان معين حتى يقال إنهتعالى متقدم على العالم من ذلك الوقت إلى الوقت الذي هو أول العالم، فإنكل وقت معين يفرض من ذلك الوقت إلى الوقت الآخر يكون محدوداً بين حدينومحصوراً بين حاصرين، وذلك لا يعقل فيه أن يكون غير متناه بل الأزل عبارةعن نفي الأولية من غير أن يشار به إلى وقت معين ألبتة.

إذاعرفت هذا فنقول: إما أن نقول إنه تعالى مختص بجهة معينة، وحاصل في حيزمعين وإما أن لا نقول ذلك، فإن قلنا بالأول كان البعد الحاصل بين ذينكالطرفين محدوداً بين ذينك الحدين والبعد المحصور بين الحاصرين لا يعقلكونه غير متناه، لأن كونه غير متناه عبارة عن عدم الحد والقطع والطرف،وكونه محصوراً بين الحاصرين معناه إثبات الحد والقطع والطرف والجمع بينهمايوجب الجمع بين النقيضين، وهو محال. ونظيره ما ذكرناه أنا متى عينا قبلالعالم وقتاً معيناً كان البعد بينه وبين الوقت الذي حصل فيه أول العالمبعداً متناهياً لا محالة. وأما إن قلنا بالقسم الثاني: وهو أنه تعالى غيرمختص بحيز معين وغير حاصل في جهة معينة، فهذا عبارة عن نفي كونه في الجهة. لأن كون الذات المعينة حاصلة لا في جهة معينة في نفسها قول محال، ونظيرهذا قول من يقول الأزل ليس عبارة عن وقت معين بل إشارة إلى نفي الأوليةوالحدوث، فظهر أن هذا الذي قاله ابن الهيثم تخييل خال عن التحصيل.

الحجةالخامسة عشرة: أنه ثبت في العلوم العقلية أن المكان: إما السطح الباطن منالجسم الحاوي وإما البعد المجرد والفضاء الممتد، وليس يعقل في المكان قسمثالث.

إذاعرفت هذا فنقول: إن كان المكان هو الأول فنقول: ثبت أن أجسام العالممتناهية، فخارج العالم الجسماني لا خلاء ولا ملاء ولا مكان ولا جهة،فيمتنع أن يحصل الإله في مكان خارج العالم، وإن كان المكان هو الثاني،فنقول طبيعة البعد طبيعة واحدة متشابهة في تمام الماهية، فلو حصل الإله فيحيز لكان ممكن الحصول في سائر الأحياز، وحينئذ يصح عليه الحركة والسكونوكل ما كان كذلك كان محدثاً بالدلائل المشهورة المذكورة في علم الأصول،وهي مقبولة عند جمهور المتكلمين، فيلزم كون الإله محدثاً، وهو محال. فثبتأن القول بأنه تعالى حاصل في الحيز والجهة قول باطل على كل الاعتبارات.

الحجةالسادسة عشرة: وهي حجة استقرائية اعتبارية لطيفة جداً، وهي أنا رأينا أنالشيء كلما كان حصول معنى الجسمية فيه أقوى وأثبت، كانت القوة الفاعليةفيه أضعف وأنقص، وكلما كان حصول معنى الجسمية فيه أقل وأضعف، كان حصولالقوة الفاعلية أقوى وأكمل، وتقريره أن نقول وجدنا الأرض أكثف الأجساموأقواها حجمية، فلا جرم لم يحصل فيها إلا خاصة قبول الأثر فقط، فأما أنيكون للأرض الخالصة تأثير في غيره فقليل جداً.
وأما الماء فهو أقلكثافة وحجمية من الأرض، فلا جرم حصلت فيه قوة مؤثرة، فإن الماء الجاريبطبعه إذا اختلط بالأرض أثر فيها أنواعاً من التأثيرات. وأما الهواء، فإنهأقل حجمية وكثافة من الماء، فلا جرم كان أقوى على التأثير من الماء، فلذلكقال بعضهم أن الحياة لا تكمل إلا بالنفس، وزعموا أنه لا معنى للروح إلاالهواء المستنشق. وأما النار، فإنها أقل كثافة من الهواء، فلا جرم كانتأقوى الأجسام العنصرية على التأثير فبقوة الحرارة يحصل الطبخ والنضج،وتكون المواليد الثلاثة أعني المعادن والنبات والحيوان. وأما الأفلاك،فإنها ألطف من الأجرام العنصرية، فلا جرم كانت هي المستولية على مزاجالأجرام العنصرية بعضها البعض، وتوليد الأنواع والأصناف المختلفة من تلكالتمزيجات، فهذا الاستقراء المطرد يدل على أن الشيء كلما كان أكثر حجميةوجرمية وجسمية كان أقل قوة وتأثيراً وكلما كان أقوى قوة وتأثيراً كان أقلحجمية وجرمية وجسمية، وإذا كان الأمر كذلك أفاد هذا الاستقراء ظناً قوياًأنه حيث حصل كمال القوة والقدرة على الإحداث والإبداع لم يحصل هناك ألبتةمعنى الحجمية والجرمية والاختصاص بالحيز والجهة، وهذا وإن كان بحثاًاستقرائياً إلا أنه عند التأمل التام شديد المناسبة للقطع بكونه تعالىمنزهاً عن الجسمية والموضع والحيز. وبالله التوفيق. فهذه جملة الوجوهالعقلية في بيان كونه تعالى منزهاً عن الاختصاص بالحيز والجهة.

أما الدلائل السمعية فكثيرة: أولها: قوله تعالى:
{
قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }
[
الإخلاص: 1] فوصفه بكونه أحداً والأحد مبالغة في كونه واحداً. والذي يمتلىء منهالعرش ويفضل عن العرش يكون مركباً من أجزاء كثيرة جداً فوق أجزاء العرش،وذلك ينافي كونه أحداً ورأيت جماعة من الكرامية عند هذا الإلزام يقولونإنه تعالى ذات واحدة، ومع كونها واحدة حصلت في كل هذه الأحياز دفعة واحدة. قالوا: فلأجل أنه حصل دفعة واحدة في جميع الأحياز امتلأ العرش منه. فقلتحاصل هذا الكلام يرجع إلى أنه يجوز حصول الذات الشاغلة للحيز والجهة فيأحياز كثيرة دفعة واحدة والعقلاء اتفقوا على أن العلم بفساد ذلك من أجلالعلوم لضرورية، وأيضاً فإن جوزتم ذلك فلم لا تجوزون أن يقال: إن جميعالعالم من العرش إلى ما تحت الثرى جوهر واحد وموجود واحد إلا أن ذلك الجزءالذي لا يتجزأ حصل في جملة هذه الأحياز، فيظن أنها أشياء كثيرة، ومعلوم أنمن جوزه، فقد التزم منكراً من القول عظيماً.

فإنقالوا: إنما عرفنا ههنا حصول التغاير بين هذه الذوات لأن بعضها يفنى معبقاء الباقي وذلك يوجب التغاير، وأيضاً فنرى بعضها متحركاً، وبعضها ساكناًوالمتحرك غير الساكن، فوجب القول بالتغاير، وهذه المعاني غير حاصلة في ذاتالله، فظهر الفرق، فنقول: أما قولك بأنا نشاهد أن هذا الجزء يبقى مع أنهيفنى ذلك الجزء الآخر، وذلك يوجب التغاير.
فنقول: لا نسلم أنهفني شيء من الأجزاء بل نقول لم لا يجوز أن يقال أن جميع أجزاء العالم جزءواحد فقط؟ ثم إنه حصل ههنا وهناك، وأيضاً حصل موصوفاً بالسواد والبياضوجميع الألوان والطعوم، فالذي يفنى إنما هو حصوله هناك، فأما أن يقال إنهفني في نفسه، فهذا غير مسلم، وأما قوله: نرى بعض الأجسام متحركاً وبعضهاساكناً، وذلك يوجب التغاير، لأن الحركة والسكون لا يجتمعان. فنقول: إذاحكمنا بأن الحركة والسكون لا يجتمعان لاعتقادنا أن الجسم الواحد لا يحصلدفعة واحدة في حيزين، فإذا رأينا أن الساكن بقي هنا، وأن المتحرك ليس هناقضينا أن المتحرك غير الساكن. وأما بتقدير أن يجوز كون الذات الواحدةحاصلة في حيزين دفعة واحدة، يمتنع كون الذات الواحدة متحركة ساكنة معاً،لأن أقصى ما في الباب أن بسبب السكون بقي هنا، وبسبب الحركة حصل في الحيزالآخر، إلا أنا لما جوزنا أن تحصل الذات الواحدة دفعة واحدة في حيزين معاًلم يبعد أن تكون الذات الساكنة هي عين الذات المتحركة، فثبت أنه لو جاز أنيقال إنه تعالى في ذاته واحد لا يقبل القسمة، ثم مع ذلك يمتلىء العرش منه،لم يبعد أيضاً أن يقال: العرش في نفسه جوهر فرد وجزء لا يتجزأ، ومع ذلكفقد حصل في كل تلك الأحياز، وحصل منه كل العرش ومعلوم أن تجويزه يفضي إلىفتح باب الجهالات. وثانيها: أنه تعالى قال:
{
وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَـٰنِيَةٌ }
[
الحاقة: 17] فلو كان إله العالم في العرش، لكان حامل العرش حاملاً للإله، فوجب أنيكون الإله محمولاً حاملاً، ومحفوظاً حافظاً، وذلك لا يقوله عاقل. وثالثها: أنه تعالى قال:
{
وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ }
[
محمد: 38] حكم بكونه غنياً على الإطلاق، وذلك يوجب كونه تعالى غنياً عن المكانوالجهة. ورابعها: أن فرعون لما طلب حقيقة الإله تعالى من موسى عليه السلامولم يزد موسى عليه السلام على ذكر صفة الخلاقية ثلاث مرات، فإنه لما قال:
{
وَمَا رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }
[
الشعراء: 23] ففي المرة الأولى قال:
{
رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ }
[
الدخان: 7] وفي الثانية قال:
{
رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءابَائِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }
[
الشعراء: 26] وفي المرة الثالثة:
{
قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }
[
الشعراء: 28] وكل ذلك إشارة إلى الخلاقية، وأما فرعون لعنه الله فإنه قال:
{
يٰهَـٰمَـٰنُ ٱبْنِ لِى صَرْحاً لَّعَـلّى أَبْلُغُ ٱلأَسْبَـٰبَ أَسْبَـٰبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ }
[
غافر: 36، 37] فطلب الإله في السماء، فعلمنا أن وصف الإله بالخلاقية، وعدم وصفهبالمكان والجهة دين موسى، وسائر جميع الأنبياء، وجميع وصفه تعالى بكونه فيالسماء دين فرعون وإخوانه من الكفرة.
وخامسها: أنه تعالىقال في هذه الآية: { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَىٱلْعَرْشِ } وكلمة «ثم» للتراخي وهذا يدل على أنه تعالى إنما استوى علىالعرش بعد تخليق السموات والأرض، فإن كان المراد من الاستواء الاستقرار،لزم أن يقال: إنه ما كان مستقراً على العرش، بل كان معوجاً مضطرباً، ثماستوى عليه بعد ذلك، وذلك يوجب وصفه بصفات سائر الأجسام من الاضطرابوالحركة تارة، والسكون أخرى، وذلك لا يقوله عاقل. وسادسها: هو أنه تعالىحكى عن إبراهيم عليه السلام أنه إنما طعن في إلهية الكوكب والقمر والشمسبكونها آفلة غاربة فلو كان إله العالم جسماً، لكان أبداً غارباً آفلاً. وكان منتقلاً من الاضطراب والاعوجاج إلى الاستواء والسكون والاستقرار، فكلما جعله إبراهيم عليه السلام طعناً في إلهية الشمس والكوكب والقمر يكونحاصلاً في إله العالم، فكيف يمكن الاعتراف بإلهيته. وسابعها: أنه تعالىذكر قبل قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } شيئاً وبعده شيئاًآخر. أما الذي ذكره قبل هذه الكلمة فهو قوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ } وقد بينا أن خلق السمواتوالأرض يدل على وجود الصانع وقدرته وحكمته من وجوه كثيرة. وأما الذي ذكرهبعد هذه الكلمة فأشياء: أولها: قوله: { يَغْشَىٱلليلٱلنهار يَطلُبُهُحثيثاً } وذلك أحد الدلائل الدالة على وجود الله، وعلى قدرته وحكمته. وثانيها: قوله: { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرٰتٍبِأَمْرِهِ } وهو أيضاً من الدلائل الدالة على الوجود والقدرة والعلم. وثالثها: قوله: { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلاْمْرُ } وهو أيضاً إشارة إلىكمال قدرته وحكمته.

إذاثبت هذا فنقول: أول الآية إشارة إلى ذكر ما يدل على الوجود والقدرةوالعلم، وآخرها يدل أيضاً على هذا المطلوب، وإذ كان الأمر كذلك فقوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } وجب أن يكون أيضاً دليلاً على كمالالقدرة والعلم، لأنه لو لم يدل عليه بل كان المراد كونه مستقراً على العرشكان ذلك كلاماً أجنبياً عما قبله وعما بعده، فإن كونه تعالى مستقراً علىالعرش لا يمكن جعله دليلاً على كماله في القدرة والحكمة وليس أيضاً منصفات المدح والثناء، لأنه تعالى قادر على أن يجلس جميع أعداد البق والبعوضعلى العرش وعلى ما فوق العرش، فثبت أن كونه جالساً على العرش ليس من دلائلإثبات الصفات والذات ولا من صفات المدح والثناء، فلو كان المراد من قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } كونه جالساً على العرش لكان ذلككلاماً أجنبياً عما قبله وعما بعده، وهذا يوجب نهاية الركاكة، فثبت أنالمراد منه ليس ذلك، بل المراد منه كمال قدرته في تدابير الملك والملكوتحتى تصير هذه الكلمة مناسبة لما قبلها ولما بعدها وهو المطلوب.
وثامنها: أن السماء عبارة عن كل ما ارتفع وسما وعلا، والدليل عليه أنه تعالى سمى السحاب سماء حيث قال:
{
وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن ٱلسَّمَاء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ }
[
الأنفال: 11] وإذا كان الأمر كذلك، فكل ماله ارتفاع وعلو وسمو كان سماء، فلو كانإله العالم موجوداً فوق العرش، لكان ذات الإله تعالى سماء لساكني العرش. فثبت أنه تعالى لو كان فوق العرش لكان سماء والله تعالى حكم بكونه خالقاًلكل السموات في آيات كثيرة منها هذه الآية وهو قوله: { إِنَّ رَبَّكُمُٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فلو كان فوق العرشسماء لسكان أهل العرش لكان خالقاً لنفسه وذلك محال.

وإذاثبت هذا فنقول: قوله: { ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } آيةمحكمة دالة على أن قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } منالمتشابهات التي يجب تأويلها، وهذه نكتة لطيفة، ونظير هذا أنه تعالى قالفي أول سورة الأنعام:
{
وَهُوَ ٱللَّهُ فِىٱلسَّمَـٰوَاتِ }
[
الأنعام: 3] ثم قال بعده بقليل:
{
قُل لِّمَن مَّا فِىٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ قُل لِلَّهِ }
[
الأنعام: 12] فدلت هذه الآية المتأخرة على أن كل ما في السموات، فهو ملك لله فلوكان الله في السموات لزم كونه ملكاً لنفسه، وذلك محال فكذا ههنا، فثبتبمجموع هذه الدلائل العقلية والنقلية أنه لا يمكن حمل قوله: { ثُمَّٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } على الجلوس والاستقرار وشغل المكان والحيز،وعند هذا حصل للعلماء الراسخين مذهبان: الأول: أن نقطع بكونه تعالىمتعالياً عن المكان والجهة ولا نخوض في تأويل الآية على التفصيل بل نفوضعلمها إلى الله، وهو الذي قررناه في تفسير قوله:
{
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرٰسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ }
[
آل عمران: 7] وهذا المذهب هو الذي نختاره ونقول به ونعتمد عليه.

والقولالثاني: أن نخوض في تأويله على التفصيل، وفيه قولان ملخصان: الأول: ماذكره القفال رحمة الله عليه فقال: { ٱلْعَرْشِ } في كلامهم هو السرير الذييجلس عليه الملوك، ثم جعل العرش كناية عن نفس الملك، يقال: ثل عرشه أيانتفض ملكه وفسد. وإذا استقام له ملكه واطرد أمره وحكمه قالوا: استوى علىعرشه، واستقر على سرير ملكه، هذا ما قاله القفال. وأقول: إن الذي قاله حقوصدق وصواب، ونظيره قولهم للرجل الطويل: فلان طويل النجاد وللرجل الذييكثر الضيافة كثير الرماد، وللرجل الشيخ فلان اشتعل رأسه شيباً، وليسالمراد في شيء من هذه الألفاظ إجراؤها على ظواهرها، إنما المراد منهاتعريف المقصود على سبيل الكناية فكذا ههنا يذكر الاستواء على العرش،والمراد نفاذ القدرة وجريان المشيئة، ثم قال القفال رحمه الله تعالى: والله تعالى لما دل على ذاته وعلى صفاته وكيفية تدبيره العالم على الوجهالذي ألفوه من ملوكهم ورؤسائهم استقر في قلوبهم عظمة الله وكمال جلاله،إلا أن كل ذلك مشروط بنفي التشبيه، فإذا قال: إنه عالم فهموا منه أنه لايخفى عليه تعالى شيء، ثم علموا بعقولهم أنه لم يحصل ذلك العلم بفكرة ولاروية ولا باستعمال حاسة، وإذا قال: قادر علموا منه أنه متمكن من إيجادالكائنات، وتكوين الممكنات، ثم علموا بعقولهم أنه غني في ذلك الإيجاد،والتكوين عن الآلات والأدوات، وسبق المادة والمدة والفكرة والروية، وهكذاالقول في كل صفاته، وإذا أخبر أن له بيتاً يجب على عباده حجة فهموا منهأنه نصب لهم موضعاً يقصدونه لمسألة ربهم وطلب حوائجهم كما يقصدون بيوتالملوك والرؤساء لهذا المطلوب، ثم علموا بعقولهم نفي التشبيه، وأنه لميجعل ذلك البيت مسكناً لنفسه، ولم ينتفع به في دفع الحر والبرد بعينه عننفسه، فإذا أمرهم بتحميده وتمجيده فهموا منه أنه أمرهم بنهاية تعظيمه، ثمعلموا بعقولهم أنه لا يفرح بذلك التحميد والتعظيم ولا يغتم بتركه والإعراضعنه.
إذا عرفت هذه المقدمةفنقول: إنه تعالى أخبر أنه خلق السموات والأرض كما أراد وشاء من غير منازعولا مدافع، ثم أخبر بعده أنه استوى على العرش، أي حصل له تدبير المخلوقاتعلى ما شاء وأراد، فكان قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي بعدأن خلقها استوى على عرش الملك والجلال. ثم قال القفال: والدليل على أن هذاهو المراد قوله في سورة يونس:
{
إِنَّرَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِى سِتَّةِأَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ }
[
يونس: 3] فقوله: { يُدَبّرُ ٱلاْمْرَ } جرى مجرى التفسير لقوله: { ٱسْتَوَىٰعَلَى ٱلْعَرْشِ } وقال في هذه الآية التي نحن في تفسيرها: { ثُمَّٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِى الليل النهارَ يطلبهُ حثيثاً والشمسوالقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر } وهذا يدل على أن قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } إشارة إلى ما ذكرناه.

فإنقيل: فإذا حملتم قوله: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } على أنالمراد: استوى على الملك، وجب أن يقال: الله لم يكن مستوياً قبل خلقالسموات والأرض.

قلنا: إنه تعالى إنما كان قبل خلق العوالم قادراً على تخليقها وتكوينها وما كانمكوناً ولا موجوداً لها بأعيانها بالفعل، لأن إحياء زيد، وإماتة عمرو،وإطعام هذا وإرواء ذلك لا يحصل إلا عند هذه الأحوال، فإذا فسرنا العرشبالملك والملك بهذه الأحوال، صح أن يقال: إنه تعالى إنما استوى على ملكهبعد خلق السموات والأرض بمعنى أنه إنما ظهر تصرفه في هذه الأشياء وتدبيرهلها بعد خلق السموات والأرض، وهذا جواب حق صحيح في هذا الموضع.
والوجه الثاني: في الجواب أن يقال: استوى بمعنى استولى، وهذا الوجه قد أطلنا في شرحه في سورة طه فلا نعيده هنا.

والوجهالثالث: أن نفسر العرش بالملك ونفسر استوى بمعنى: علا واستعلى على الملكفيكون المعنى: أنه تعالى استعلى على الملك بمعنى أن قدرته نفذت في ترتيبالملك والملكوت، واعلم أنه تعالى ذكر قوله: { ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } في سور سبع. إحداها: ههنا. وثانيها: في يونس. وثالثها: في الرعد. ورابعها: في طه. وخامسها: في الفرقان. وسادسها: في السجدة. وسابعها: في الحديد، وقدذكرنا في كل موضع فوائد كثيرة، فمن ضم تلك الفوائد بعضها إلى بعض كثرتوبلغت مبلغاً كثيراً وافياً بإزالة شبه التشبيه عن القلب والخاطر))



هذا وأنتهى كلامه






 
قديم 07-12-10, 10:03 PM   رقم المشاركة : 10
JusTRooT
موقوف






JusTRooT غير متصل

JusTRooT is on a distinguished road


البيضاوي الذي توفي سنة 685
في تفسيره (انوار التنزيل واسرار التأويل)

عند تفسيره للآية 54 من سورة الأنفال مانصه:

"
ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ " استوى أمره أو استولى، وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله بلا كيف، والمعنى: أن له تعالى استواء على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه، أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه وقيل الملك.






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:36 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "