عرض مشاركة واحدة
قديم 07-10-09, 06:38 PM   رقم المشاركة : 1
الشريف الحنبلي
متى عيوني ترى عيون غاليها ؟





الشريف الحنبلي غير متصل

الشريف الحنبلي is on a distinguished road


قراءة نقدية في أشهر الكتب المؤلفة في فضائل آل البيت

لـ د / خالد بن أحمد الصُّمِّيُّ بابطين
عضو هيئة التدريس بجامعة أُم القرى

(من منتدى ال البيت حول العالم)
http://www.alalbayt.net


الإخوة الفضلاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذه مشاركة مني في موضوع يتعلق بأهل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليه، وستكون هذه المشاركة على حلقات متتابعة، وأسأل الله تعالى أن يجعلها نافعة لي في الدارين. وهذه القراءات النقدية جزء من مؤلفي الذي صدر حديثاً بعنوان: (دراسات في أهل البيت النبوي)، والحمد لله رب العالمين.




قراءة نقدية في أشهر الكتب المؤلفة في فضائل آل البيت (1)



من المقرَّر عند أهل العلم أنَّ الكتب المؤلفة في فضائل آل البيت من الكثرة بمكان، إلا أنه ينبغي أن يُقال: إنَّ أكثر تلك الكتب دخلتها الأحاديث الضَّعيفة والموضوعة، والقصص والأخبار الواهية، بل وفي بعضها انحرافاتٌ خطيرةٌ لا يحسن السُّكوت عليها.
قال العلاَّمة صديق حسن خان - رحمه الله تعالى - في هذا السِّياق محذِّراً من الوضع في فضائل عليٍّ ابن أبي طالب رضي الله عنه ، مبيِّناً آثار ذلك الوضع في الأُمَّة:
« إنما دخل الفساد وسوء الاعتقاد في الأُمَّة من طريق هذه الأخبار المختلقة، والآثار المفتعلة، جاء بها قومُ سوءٍ من الرَّوافض وأهل البدع، وأشاعوها في الناس الجهلة والعامَّة، الذين لا تمييز لهم أصلاً بين الصَّحيح والسَّقيم، والحسن والقبيح، وذكَّر بها الوعَّاظ الجاهلون، فصارت بعد زمان كأنها الدِّين والعقيدة، ودسُّوا موضوعاتٍ كثيرةً فيها، فعاد الإسلام وأهله غريباً وغرباء »([1]).
على أنه « قد صحَّ في فضائل أهل البيت أحاديث كثيرة ؛ وأمَّا كثير من الأحاديث التي يرويها من صنَّف في فضائل أهل البيت، فأكثرها لا يصحّحه الحفَّاظ، وفيما صحَّ في ذلك كفاية » ([2]).
وهذه سمةٌ بارزةٌ في أكثر ما كُتب في فضائل أهل البيت.
أمَّا بالنِّسبة للضَّعيف؛ فالأمر فيه يسير طالما كان في الفضائل والمناقب.
قال أبو عبد الله النوفلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: « إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحلال والحرام والسُّنن والأحكام تشدَّدنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد »([3]).
وهو مرويٌّ عن غير واحد من أهل العلم([4]).
ويذهب العلاَّمة صديق حسن خان إلى أنَّ الضَّعيف لا يُقبل حتى في الفضائل والمناقب، يقول - رحمه الله تعالى - مقرِّراً ذلك:
«ومسلك أهل التحقيق أنَّ الحكم بفضيلة أحدٍ حكمٌ شرعيٌّ، وأحكام الشَّرع الشَّريف متساوية الأقدام، فلا وجه للتمسُّك بالضِّعاف فيها، بل لابدَّ أن يكون الخبر صحيحاً لذاته أو لغيره، وكذا الحسن. لا يحتجُّ بالضَّعيف إلا عن طريق الشَّهادة والمتابعة إذا كان موافقاً» اهـ([5]).
وأمَّا الواهي والموضوع فلا عذر في إيراده إلا مع بيان حاله.
قال السُّيوطيُّ في «تدريب الراوي» (1/246) في الكلام على الموضوع:
«وتحرم روايته مع العلم به، أي بوضعه في أي معنى كان، سواء في الأحكام والقصص والترغيب وغيرها، إلا مبيَّناً، أي مقروناً ببيان وضعه، لحديث «مسلم» [1/9]: (من حدَّث عنّي بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)» اهـ.
وكَتَبَ البخاريُّ على حديثٍ: «موضوع؛ مَنْ حدَّث بهذا استوجب الضَّرب الشَّديد، والحبس الطويل!». وعلَّق عليه الحافظ السَّخَاويُّ بقوله: «لكن محلّ هذا ما لم يُبيِّن ذاكره أمره، كأن يقول: هذا كذب، أو باطل، أو نحوهما من الصَّريح في ذلك»([6]).
وقال الخطيبُ البغداديُّ - رحمه الله تعالى - :
«ومن روى حديثاً موضوعاً على سبيل البيان لحال واضعه، والاستشهاد على عظيم ما جاء به، والتَّعجُّب منه والتنفير عنه ؛ ساغ له ذلك، وكان بمثابة إظهار جرح الشَّاهد في الحاجة إلى كشفه والإبانة»([7]).


* * *

وقد قسَّمتُ هذا الفصل إلى خمسة مباحث، أوردتُ فيها نماذج من تلك الكتب نقداً وتحليلاً في موازنة بينها وبين هذا الكتاب. ولقد ناقشتُ بعض القضايا المذكورة في تلك الكتب، وبيَّنتُ فيها وجهة نظري - فيما رأيتُ أنه الصَّواب -، وأيَّدتُ ذلك بالأدلة، وبما أنقله عن أهل العلم في القضية التي يدور النِّقاش حولها.
* المبحث الأول: قراءة نقدية في كتاب «ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القُرْبى» للمحبِّ الطَّبريِّ.
* المبحث الثاني: قراءة نقدية في كتاب «نور الأبصار في مناقب آل النَّبيِّ المختار» لسيِّد مؤمن الشَّبَلنْجيّ.
* المبحث الثالث: قراءة نقدية في كتاب «الشَّرف المؤبَّد لآل محمَّد» ليوسف بن إسماعيل النَّبهانيِّ.
* المبحث الرابع: قراءة نقدية في كتاب «فضائل أهل البيت» لأبي جعفر محمد بن الحسن الصَّفَّار.
* المبحث الخامس: قراءة نقدية في كتاب «نُزُل الأبرار بما صحَّ من مناقب أهل البيت الأطهار» للشَّيخ محمد بن معتمد خان البدخشانيِّ الحارثيِّ.
* وسبب اختياري لهذه الكتب لدراستها ونقدها وتحليلها :
أنَّ جميعها مطبوع متداول؛ هذا من وجه. ومن وجه آخر؛ أنها تمثِّل الفترة الزَّمنية على مختلف العصور، بدءًا من الرُّبع الأول من القرن الثالث الهجري، وانتهاءً بالقرن الرَّابع عشر الهجري.
وثمَّة وجهٌ ثالثٌ؛ وهو أنَّ أصحاب تلك الكتب يُمثِّلون شتى الطوائف والفرق الإسلامية (أهل السُّنَّة والجماعة - الرَّافضة - الصُّوفية).
هذا ؛ وإني قد أطلتُ النَّفَسَ في مناقشة بعض الكتب لعدة اعتبارات، منها:
1 - أهمية تلك القضايا ومساسها بعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة.
2 - تكرار مؤلِّفيها لتلك القضايا بمناسبة وبغير مناسبة.
3 - انتشار كثير من تلك الأفكار المخالفة لهذه العقيدة في صفوف أعدادٍ من المسلمين.
4 - براعة مؤلِّفيها في عرض تلك القضايا والأفكار بأُسلوب يأسر القارئ العادي ويُؤثِّر فيه ؛ فاقتضى الحال ما صنعتُ.
سائلاً المولى عزَّ وجلَّ التَّوفيق والسَّداد، والعصمة من الخطأ والزَّلل.


--------------------------------
([1]) انظر: «الدين الخالص» لصديق حسن خان (3/317)، ط: دار الكتب العلمية.

([2]) من كلام الشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب. انظر «الدُّرر السَّنية في الأجوبة النَّجدية» (1/208).

([3]) أخرجه الخطيب البغدادي في «الكفاية في علم الرواية» (ص134) - باب التَّشدُّد في أحاديث الأحكام. ونقله الحافظ ابن حجر في «القول المسدد في الذّبّ عن المسند للإمام أحمد» (ص20)، وغير واحد من السَّلف.

([4]) فقد قال به عبد الرحمن بن مهدي، وأبو زكريا العنبري فيما نقله عنه الحاكم، وابن عبد البر، وغيرهم. انظر «الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة» لأبي الحسنات اللكنوي (ص50 - 51).

([5]) «الدين الخالص» (3/316).

([6]) انظر: «فتح المغيث» (1/275).

([7]) «فتح المغيث» (1/275).