س :- يذهب بعض علماء الشيعة في معرض مناقشتهم لما يستدل به السنة على عدالة الصحابة من قوله تعالى " محمد رسول الله و الذين معه " بأن ذيل الآية الكريمة فيه تخصيص و يفيد القصر و ليس العموم لقوله تعالى { وَعَدَ الله الذين آمنوا و عملوا الصالحات منهم مغفرة و أجر عظيما } بحجة أن " من " هنا للتبعيض و ليست بيانية . فما هو رأي سماحتكم ؟
ج :- ليست هذه المناقشة صحيحة سواء أكانت " من " في الآية بيانية أو تبعيضية
أما على القول بانها بيانية فواضح أذ لا تفيد تخصيصاً و لا قصراً و انما تأتي في سياق الشمول .
و أما على القول بأنها تبعيضية فليس المقصود بها قصر المدح و الوعد على البعض دون الآخر
اذ ان ذيل الآية الكريمة جاء بعد المدح الشامل فليس من أساليب اللغة و البلاغة في التعبير أن تعقب على الممدوح بالأستثناء الذي فيه استدراك للمدح فلا يصح مثلاً أن تقول عن ثلة من الناس انهم كرام ثم تقول لكن الكريم منهم له أجر عظيم و تريد بذلك الاستدراك عن المدح , و انما يصح ذلك حين تريد بالاستدراك بيان علو درجة لبعض من شملهم المدح فهو ليس استدراكاً عن أصل مدحهم و انما استدراك لبيان مزيد فضل لهم .
و هكذا الأمر فيما نحن فيه فإن صدر الآية الكريمة مدح مطلق من كان مع الرسول صلى الله عليه و على آله و سلم و زكى ايمانهم و ذكر حالهم و أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم و انهم يبتغون فضل الله و رضوانه و ان مثلهم في التوراة و الانجيل و بعد هذا المدح العظيم و التزكية جاء ذيل الآية ,
و لا يصح حسب أساليب التعبير البلاغي ان يكون ذيل الآية تبعيضاً بين الممدوحين بما يفضي الى استدراك المدح الأول و الاستثناء من الوعد و انما لا بد أن يكون – اذا كانت من للتبعيض – تبعيضاً بين الممدوحين بما يفيد علو درجة بعضهم على الآخر .
على أن الذي استظهره من الآية الكريمة أنّ " من " هنا بيانية و ليست تبعيضية لأن الوصف الذي جائت به لا يزيد على وصف المدح المذكور في صدر الآية " فالايمان و العمل الصالح " هو الذي أنطوى عليه المدح في صدر الآية الكريمة الا اذا أريد بالعمل الصالح ما زاد على العبادة و كان المقصود بقوله تعالى " يبتغون فضلاً من الله و رضوانا " الإشارة الى ابتغاء ذلك بالعبادة و الا لو كان المراد به ما هو عام لم يزد الوصف في الذيل على الوصف في الصدر , فتكون " من " بيانية .
هذا و نظير هذه الآية قوله تعالى مخاطباً زوجات النبي صلى الله عليه و على آله و سلم { و ان كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً } . فان " من " هنا ان كانت تبعيضية فانها لا تعني استثناء بعض زوجات النبي من المدح و انما تعني تفاضلهن في نعيم الآخرة , فيكون للمحسنة التي أرادت الله و رسوله و الدار الآخرة درجة أعلى حسب تفاضل العمل مع اشتراكهن جميعاً في مدحهن و رفعتهن حيث أردن الله و رسوله و الدار الآخرة .
http://www.almaiad.com/question/questions/qu-95.htm
موقع سماحة المرجع الإسلامي الامام الشيخ حسين المؤيد