عرض مشاركة واحدة
قديم 18-01-16, 11:36 PM   رقم المشاركة : 5
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


الإسلام جاء حرباً على الجاهلية، وكل تقاليدها العمياء يستحيل أن يُقلِّد سلوكياتها أو ي


ثالثاً:
الإسلام الذي جاء حرباً على الجاهلية، وعلى كل تقاليدها العمياء يستحيل أن يُقلِّد سلوكيَّاتها أو أن يأخذ منها:


لو أخذ الإســـــلام من الجاهلية شيئاً – كما يدعي المدعون – لما شنت الجاهلية حربها الشعواء على الإســـــلام حينما بزغ لأول مرة.

بل إن الجاهلية حاولت أن تقايض نبي الإســـــلام صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، على التنازل عن بعض ما فيه من تعاليم، لُقْبل زعماؤها على الإســـــلام،

فما كان من الإســـــلام – بعـــزته المــستعلية – ليسمح للجاهلية أن تخترق منه ولو جزءاً من تعاليمه، فقال الله عز وجل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:

۩ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) ۩ سورة القلم، أي: إنهم تنوا أن تلين لهم يا مُحَمَّدٌ، وتترك بعض ما لا يرضون مصانعة لهم، فيلينوا لك ويفعلوا مثل ذلك.

وعليه:
فإن محاولة إلصاق بعض شرائـــع الإســـــلام ببعض مبادئ الجاهلية هي محاولة جِدُّ كاذبة، وافتراء شنيع على الإســـــلام، لا يعتمد على دليل، بل على فكرة شوهاء وهي أن مجرد التشابه بين بعض ما كان عليه عرب الجاهلية وبين بعض ما قرره الإســـــلام قاضٍ بأن الجاهلية هي مصدر الإســـــلام، ولم يسألوا أنفسهم لماذا كان هذا التشابه؟! وما منبعه؟! وكيف نكيفه أو نصوره؟!

وللإجابة عن ذلك:

لابد من الوقوف على مصادر سلوكيات العرب ومرجعياتهم على اختلاف قبائلهم وتعدد أماكنهم وتنوع مشاربهم.



الجذور التاريخية لعادات العرب وعباداتهم في الجاهلية:


1- الحنيفية الموروثة عن سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، وهذه قد بقيت غير مشوبة لدى بعض أناس كزيد بن عمرو بن نفيل، الذي حافظ عليها بعد أن لم يقنع باليهودية ولا بالنصرانية ورفض عبادة الأصنام.

والحنيف عند عرب الجاهلية من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويختتن.

فلما جاء ديــن الإســـــلام، كان الحنيف هو المسلم، ولذلك فإن العرب لم يعترضوا أبداً على الوحدانية بإقرار القرآن الكريم.

قال الله عز وجل:
۩ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) ۩

۩ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) ۩

۩ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) ۩ سورة العنكبوت.

وإنما كان اعتراضهم على المنهج الذي جاء يغاير منهجهم في الحياة، والتشريعات التي قاومت الكثير مما كانوا قد ألفوه، حيث حرم عليهم كثيراً مما كانوا يمارسونه في حياتهم، وأقر عليهم ما لم يألفوه.


2- الفطرة السليمة:

التي قادتهم إلى كثير من الأخلاق الحميدة الفطريَّة، كالكرم، والشجاعة، ونصرة المظلوم، ويشهد لهذا "حلف الفضول" الذي دعا إليه ابن جُدعان.


3- دخول بعضهم في ديانات إلهية:
كورقة بن نوفل الذي اعتنق النصرانية.


4- إقحامتهم المنحرفة:
كعبادة الأصنام التي أدخلها عمرو لحي وغيره.


5- النعرة القبلية:
التي ألجأتهم إلى عادات مستقبحة، كالقتل، والثأر، ووأد البنات، وحرمان المرأة والذكر الصغير من الميراث.


هذه هي الأُطُر التي يمكن أن تكون مرجع سلوك العرب في الجاهلية سواء على مستوى العبادات أم العادات، فماذا كان موقف الإسلام منها




أما بالنسبة للحنيفية الإبراهيمية، فالقــرآن الكريم يقرر أنه جاء ليحافظ عليها، لأنها ربانية المصدر.

قال الله تعالى:

۩ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) ۩

۩ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) ۩

۩ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) ۩

۩ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) ۩ سورة آل عمران.


وقال عز وجل:
۩ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) ۩ سورة آل عمران.


وقال تعالى:
۩ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) ۩ سورة النساء.


وقال الله عز وجل:
۩ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) ۩ سورة الأنعام.


فالقرآن الكريم يقرر أن ما جاء به سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، هو ما جاء به سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، من قبل.
وإذا كان العرب هم أبناء سيدنا/ إسماعيل بن إبراهيم – عليهما الصلاة والسلام، فلا شك أنهم قد توارثوا عن آبائهم الكثير من هذه الآثار عادة وعبادة.

ولهذا:
لم يحتج الكفار على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، بأنه جاء بما شرعوه هم لأنفسهم، لعلمهم بأن ما كانوا يقومون به هو من ميراث سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، الذي جاء ديــن الإســـــلام مجدداً لدعوته، وخير مثال لذلك هو الحج.

فقد كان الناس قبل الإسلام يحجون البيت على ميراث سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لكن هذا الميراث دخله بعض التغيير والتعديل، كما أدخلت قريش فكرة الحُمْس *(1)،-
وكما اختلقوا لأنفسهم تلبية خاصة، خالفهم فيها غيرهم.

فجاء ديــن الإســلام بتلبيته المنزهة لربِّ العباد من الشرك، كما ألغى فكرة الحُمْس.

ولا يمكن لأحد أن يقول:
إن الحج هو من ميراث الجاهلية وعلى هذا قِسْ العديد من التشريعات التي أقرها دين الإســلام مما كان معروفاً في الجاهلية


*1- (الحُمْسُ عند قريش:

قال بن إسحاق وقد كانت قريش - لا أدري أقبل الفيل أم بعده - ابتدعت رأي الحُمْس رأياً رأوه وأداروه، فقالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحُرْمَة ووُلاة البيت وقُطَّان مكة وساكنها، فليس لأحد من العرب مثل حقِّنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظِّموا شيئاً من الحِلِّ كما تعظمون الحَرَم، فأنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحُرْمَتِكم وقالوا: قد عظَّموا من الحِلِّ مثل ما عظَّموا من الحَرَم، فتركوا الوقوف على عَرَفة والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويرون لسائر العرب أن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهْلُ الحَرَم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحُرْمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحُمْس، والحُمْس أهْل الحَرَم ثم جعلوا لمَن ولدوا من العرب من ساكن الحِلِّ والحِرِم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يَحِلُّ لهم، ما يَحِلُّ لهم، ويحْرُم عليهم ما يحْرُم عليهم).


وأما بالنسبة لما يرجع إلى الأخلاق الفطرية التي كانوا مُتَخَلِّقِين بها، فهذا مما تتفق عليه كل الفطر السليمة، وقد قرر القــرآن الكريــم، أن الديــن الإلهـــي هو دين الفطرة،

قال الله عز وجل:
۩ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۩ سورة الروم.


ومن ثم فلا نقول:
إن هذه الأخلاق ميراث الجاهلية، بل هي فطرة الله في جميع خلقه بدليل أننا نجد الكثير من الصفات يتفق فيها أصحاب المعتقدات المختلفة، فالكرم والشجاعة والحلم واحترام الآخرين قدر مشترك بين جميع من يتحلى بها، لأنها مكتسبات فطرية، وإنما دور الإيمان والشرائع هو في تهذيبها وتنميتها فقط،
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:
20782 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ , أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ , عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» *(1)
أي:
أنه صلى الله عليه وسلم، لم يدَّعِ أنه أنشأ مكارم الأخلاق، بل هي موجودة بالفطرة السليمة، وكان دوره تنميتها فقط، وتتميمها
ومن ثم أشار إلى: "حلف الفضول" وقال:
«وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ»
*1- (حديث صحيح: أخرجه البيهقي في سننه الكبرى،كِتَابُ الشَّهَادَاتِ: بَابُ: بَيَانُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيهَا...، حديث رقم: 21301،- وفي موضع آخر، والحاكم في مستدركه، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، ومن كتاب آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دلائل النبوة (4221)،- وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (45)).


أما بالنسبة لموروثات الديانات السابقة، فلا غرابة أن نجد تشابهاً ما في تشريعات هذه الديانات، وبين بعض ما جاء به الإســلام، ولِمَ لا والمصــدر واحــد؟!

بل هذا التشابه هو أحد أدلة المصداقية، وبالطبع قد وقع هذا التشابه فيما هو إلهــي المصدر، بعيداً عن تحريفات أتباع هذه الديانات.


نأتي بعد ذلك إلى مخترعات الجاهلين وانحرافاتهم عن حنيفية سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، عَقَدِياًّ وتشريعياًّ،
وكذا تصرفاتهم النكراء التي كانت تلجئهم إليها عصبيتهم وقبليتهم، وهذا هو القسم الذي جاء الإســلام بهدمه من الأساس، وهو القسم الأكبر، ولأجله كفر من كفر، بل حارب من أجل بقائه ونصرته مَن حارب بحجة أنه موروث آبائهم.

ولقد بلغ من حرصهم على بقاء ميراث الآباء من تلك العبادات والعادات المنحرفة أن عرضوا على النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، الملك والمال والجاه.
فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة:
«مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً»

الحديث:
2170ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدٍ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:
جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يُؤْذِينَا فِي نَادِينَا وَمَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنْ إِيذَائِنَا، قَالَ: يَا عَقِيلُ ائْتِ مُحَمَّدًا فَادْعُهُ، فَذَهَبْتُ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَاءَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ يَتَخَلَّلُ الْفَيْءَ، فَجَلَسَ عِنْدَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، وَقُرَيْشٌ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ،
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ بَنِي عَمِّكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ،
قَالَ:
فَحَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ، قَالَ:
هَلْ تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ،
قَالَ: مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً،
قَالَ: فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَا كَذَبَنَا ابْنُ أَخِي فَارْجِعُوا، قَالَ: فَرَجَعُوا.
(حديث حسن: رواه البزار في مسنده، مسند عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، (4/2170)، والطبراني في المعجم الكبير، بَابُ الْعَيْنِ: مَا أَسْنَدَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (511)،- وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (92).


وأول ما حاربه الإســلام هو أساس عقيدتهم – آلهتهم التي عبدوها من دون الله – فقد صعقوا حينما فاجأهم النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، بأن الدين الحق هو دين التوحيد، وأن هذا الكون ليس له إلا إله واحد هو الذي خلق ورزق، وهو الجدير بالعبادة.

قال الله عز وجل:
۩ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) ۩
۩ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ۩ سورة الحج.


نعم ترك عبادة الأصنام هي حنيفية سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، التي دعا ربه وسأله المداومة عليها.

قال الله عز وجل:
۩ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) ۩

۩ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) ۩ سورة إبراهيم.


وعاب رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، - بأمر ربه ووحيه – على قومه عبادة الأصنام.


قال الله عز وجل:
۩ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) ۩ سورة الرعد.


ولم يجارِ الإســلامُ عرب الجاهلية في عبادتهم للأوثان، وجَعْلها آلهة مع الله تقربهم زلفى، ناهيك عن كثير من التشريعات التي كانت حائط صد في وجه الكفار،
حيث حرَّم عليهم القرآن – في الفترة المكية التي يصرُّ بعض الناس على أنها كانت فترة مهادنة ومداهنة – وِأْد البنات، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والزنا، والظلم، وقطع الرحم، والكذب....،- وغير ذلك مما لا تقتضي الحكمة تأخيره، لأنه مما يتعلق بالكليات التي ضمن الــــدين حفظها،
وهي:
«النفس، والعرض، والدين، والمال، والعقل».



ثم جاء العهد المدني بثرائه الوافر في الجانب التشريعي، إيجاباً وتحريماً وندباً وكراهة، وإباحة، حتى صار من الضوابط القياسية لتحديد المدني من القــرآن الكريــم، أن تكون الآية مشتملة على تشريع.


ونذكر موقف سيدنا/ جعفر بن أبي طالب – رضى الله عنه، حين عقد للنجاشي موازنة بين موقفهم في الجاهلية، وما دعاهم إليه الإســـــلام،
فقال:
أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ
حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ،
فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ "،
قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا،
فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا، فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنَ الخَبَائِثِمّ
(حديث صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مُسْنَدُ أَهْلِ الْبَيْتِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمِ أَجْمَعِينَ: حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، (1740)،- وصححه الألباني في فقه السيرة، ج1 ص115).


وعندما سأل هرقل ملك الروم، أبا سفيان عن النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، كان من بين ما سأله عنه أن

قال:
مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَة....،-
((ولم يكن سيدنا/ أبو سفيان – رضى الله عنه، قد أسلم بعدُ حين قال ذلك))
(أخرجه البخاري في صحيحه، كِتَابُ بَدْءِ الوَحْيِ، بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).


فهذا كله – وغيره – ناطق بأن ثورة الكفار على الإسلام سببها هو أنه قد جاءهم بخلاف ما يعرفون، وبنقض ما يعتقدون ويسلكون، ولا ينافي ذلك التوافق فيما هو فِطْرِي – ككريم الأخلاق – أو ما هو من ميراث الحنيفية، أو الديانات الربانية التي تشارك الإسلام في وحدانية المصدر.

وبهذا يتضح جلياًّ بطـــــلان زعــــم أن ديـــــن الإســـــلام أخذ بعض شرائعه من الجاهلية.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» أي واحد ممن تزعمون إمامتهم الصادق وأيهم الكاذب يا رافضة؟
»» واجبات الإمام من دين الرافضة عجز الـ لا درزن المقدس عن القيام بها
»» إمام الرافضة يقول: وعصيتك بفرجي - هل يقصد الزنا أم عمل قوم لوط
»» الرد على شبهة: وليت عليكم ولست بخيركم
»» حديث: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»، مداراة وليس تقية ولا مداهنة يا من أعمى الله بصائرهم