عرض مشاركة واحدة
قديم 18-01-16, 11:34 PM   رقم المشاركة : 4
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


موقف ديـــن الإســـــلام الرسالة الخاتمة من الرسالات السابقة


موقف الرسالة الخاتمة من الرسالات السابقة:

لقد بين الله عز وجل، موقف الإســـــلام من الرسالات السابقة.

فقال عز وجل:
۩ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ... ۩ سورة المائدة: من الآية 48




وكون القــرآن مصدقاً لما بين يده من الكتاب تحقق من وجوه:

1- أن الكتب السماوية المتقدمة تضمنت ذكر هذ القــــرآن ومدحه، والإخبار بأنَّ الله سينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

فالكتب السماوية المتقدمة تضمنت ذكر هذا القرآن ومدحه والإخبار بأنَّ الله عز وجل سينزله على عبده ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
فكان نزوله على الصفة التي أخبرت بها الكتب السابقة تصديقاً لتلك الكتب

قال الله عز وجل:
۩ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) ۩

۩ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) ۩ سورة الإسراء

أي:
إن كان ما وعدنا الله في كتبه المتقدمة وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، من إنزال القرآن وبعثه لسيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، مفعولاً،-
أي:
لكائناً لا محالة ولابدَّ.



2- أن القـــرآن الكريـــم جاء بأمور صدَّق فيها الكتب السماوية السابقة بموافقته لها،

قال الله عز وجل:
۩ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ... ۩ سورة المدثر: من الآية 31

واستيقان الذين أوتوا الكتاب إنما يكون بسبب علمهم بهذا من كتبهم.


3- أن القرآن أخبر بإنزال الكتب السماوية وأنها من عند الله، وأمر بالإيمان بها.



والمهيمن يراد بها:

القائم على الشئ، وهو اسم من أسماء الله عز وجل، وذلك أنَّ الله تعالى قائم على شئون خلقه، تصريفاً وتدبيراً ورعاية.

والقرآن الكريم قائم ومهيمن على الكتب السماوية التي أنزلت من قبل يأمر بالإيمان بها (أنها منزلة من عند الله عز وجل على أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام)،- ويبين ما فيها من حق، ويخبر أن اليهود والنصارى هم من غيروا وبدلوا وحرفوا فيها.

فالقرآن الكريم، هو الحاكم المهيمن على تلك الكتب، لأَّنه الرسالة الإلهيــة الخاتمــة التي يجب الرجوع إليها والتحاكم بها.
وكل ما خالفها مما جاء في الرسالات السابقة فهو أحدى اثنتين:

إما
- محرَّف مغيَّر.
وإما:
- منسوخ.


ويقول جل شأنه:
۩ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۩ سورة الأعراف: الآية 157



يقول ابن كثير، بعد أن ذكر أقوال السلف في معنى كلمة ۩ مُهَيْمِنًا ۩


وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ اسْمَ "الْمُهَيْمِنِ:
" يَتَضَمَّنُ هَذَا كُلَّهُ، فَهُوَ أَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَحَاكِمٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ، جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ، الَّذِي أَنْزَلَهُ آخِرَ الْكُتُبِ وَخَاتَمَهَا، أَشْمَلَهَا وَأَعْظَمَهَا وَأَحْكَمَهَا حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ مَحَاسِنَ مَا قَبْلَهُ، وَزَادَهُ مِنَ الْكَمَالَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا جَعَلَهُ شَاهِدًا وَأَمِينًا وَحَاكِمًا عَلَيْهَا كُلِّهَا.


وهذا يقتضى أن يجعل هذا الكتاب هو المرجع الأول والأخير في التعرف على الدين الذي يريده الله عز وجل، ولا يجوز أن نحاكم القـــرآن إلى الكتب السماوية السابقة كما يفعل الضالون من اليهود والنصارى،



قال الله عز وجل:

۩ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) ۩

۩ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) ۩ سورة فصلت.


والشريعة الألهيــــة الخاتمة لا تحتاج إلى شريعة سابقة عليها ولا إلى شريعة لاحقة لها، بخـــلاف شريعة سيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام، فقد:
أحال أتباعه في أكثر الشريعة على التوراة،
وشريعة الإنجيل مكملة لشريعة التوراة

ولهذا كان النصارى محتاجين إلى كتب النبوات المتقدمة على سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، كالتوراة والزبور



وكان الأمم من قبلنا محتاجيبن إلى محدِّثين، بخـــلاف أمة سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، فإن الله أغناهم به، فلم يحتاجوا معه إلى نبي ولا محدث


إن الإســـــلام لا يكف لحظة واحدة عن مد يده لمصافحة أتباع كل ملة ونحلة في سبيل التعاون على إقامة العدل، ونشر الأمن، وصيانة الدماء أن تسفك، وحماية الحرمات أن تنتهك
(الرسل والرسالات، د/ عمر سليمان الأشقر، ص 253 : 255،- التعصب والتسامح بين المسيحية والإســـــلام، محمد الغزالي، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2005م، ص65 : 80 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


أما عن الشرائع التي ظن بعض المتوهمين أن الإســـــلام أخذها من الديانات السابقة، فهذا زعم باطل لا يقوم عليه دليل واضح،

ويبين د/ ناصر محمد السيد،- الشرائــــع المتشابهة بين الإســـــلام وغيره من الديانات
على النحو التالي:



1- الصلاة:

وهي الركن الثاني من أركان الدين الإسلامي، فرضت في القـــــرآن الكريــــــم ووضحت السنـــــة النبويـــــة المطهـــــــرة هيئتها وشكلها وما يتعلق بها من أحكام، فهي من أهم العبادات في دين الإسلام.



الصلاة في اليهودية:
لم تأخذ الصلاة في اليهوديةشكلاً واحداً، بل تدرجت حسب إسهامات حاخامات الدين اليهودي فيها على النحو التالي:

1- الصلاة في عصر الآباء:
كانت عبارة عن الدعاء باسم الرب، وكانت تتميز بالتوجه مباشرة إلى الله عز وجل، وكانت ترتبط – في بعض الأحيان – بتقديم ذبيحة.
فالصلاة بهذا الشكل عبارة عن ادعية وأذكار وليست شعيرة محددة بتوقيتات معينة.


2- الصلاة في مرحلة ما قبل السبيٍ:

تتميز بملامح خاصة منها: التوسل والابتهال من أجل الآخرين.
والأسفار الخمسة – التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية – لم يرد فيها لفظ الصلاة، وهي الأسفار الخمسة التي بُني عليها التشريع اليهودي.
وهذه من عجائب اليهود المحرفة!!
ويقول اليهودي/ هلال فارخي – أحد علماء الشريعة اليهودية -: إن الصلاة في عهد ما قبل السبي لم تكن محدودة أو إجبارية، بل كانت تتلى ارتجالياً حسب الأحوال والاحتياجات الشخصية والعمومية.


3- الصلاة في فترة السبي وما بعدها:

في هذه الفترة حدثت تطورات جديدة للصلاة اليهودية، كان من أهمها ظهور دور المجمع بعد أن تم تدمير الهيكل على يد البابلين، ولم يعد في الإمكان تقديم ذبائح في أرض بابل، وظهرت أهمية الصلاة في هذه الفترة، فبعد أن يقرأ اليهود جزءاً من الكتاب المقدس يتم تفسيره، ثم الصلاة.

ومن خلال ما تقدم:
نرى خضوع الصلاة اليهودية للأهواء البشرية، وهذا عكس الصلاة في الإسلام.



وإذا عدنا إلى عدد الصلوات في اليهودية نجدها ثلاثة في كل يوم:

• صلاة الفجر ويسمونها السحر.

• صلاة نصف النهار أو القيلولة.

• صلاة المساء ويسمونها صلاة الغروب.

وكانت قبلة اليهود في الصلاة إلى بيت المقدس، وكان المسلمــــون يتوجهون إليه في أول الأمر حتى تحولت قبلتهم إلى الكعبة المشرفة.
وكأنه:
إعلان إلهي بوراثة المسلمين لكل بقايا الحق في الديانات السابقة.



أما عن كيفية أداء الصلاة في اليهودية:

فإننا نؤمن بأن الصلوات في صورتها التي أنزلها الله عز وجل على رسله – عليهم الصلاة والسلام، كانت تتضمن ركوعاً وسجوداً، فقد خاطب الله تعالى بني إسرائيل في القرآن الكريم.

فقال الله عز وجل:
۩ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ۩
إلى قوله سبحانه:
۩ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ۩ سورة البقرة.


وقال عز وجل:
۩ ...وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ۩ سورة البقرة: من الآية 58

ولكن الصلاة في دين اليهود تطورت بفعل التدخل البشري القاصر في دين الله، وتغيرت حركات اليهود أثناء الصلاة عبر العصور، ففي الماضي كان اليهود يسجدون ويركعون في صلواتهم، ولا يزال الأرثوذكس يفعلون في الأعياد، ولكن الغالبية العظمى تصلي الأن جلوساً على الكراسي، كما هو الحال في الكنائس المسيحية، ولا يخلع اليهود نعالهم أثناء الصلاة، وهذا دليل واضح على بشرية بل وثنية هذه الديانات في صورتها الحالية.



الصلاة في النصرانية:

الصلاة في المسيحية عبارة عن أدعية وأذكار في حالات ومناسبات خاصة أو عامة، ليس لها شكل محدد ولا هيئة محددة، ولا وقت محدد.

ومرت هذه الصلاة بعدة مراحل متدرجة، نتيجة ارتباطها بالآباء الذين يغيرون فيها حسب أهوائهم وميولهم الخاصة.

وعن الصلاة في المسيحية، يفصل لنا د/ أحمد شلبي، فيقول:

وليس للصلاة المسيحية ترتيب خاص، وإنما هي أدعية تختلف من مكان إلى مكان، وإن كلمة الصلاة في المسيحية تختلف اختلافاً كلياً عنها في الإسلام، فهي عبارة عن أدعية وأذكار لا توقيت لها، وهي ليست واجبة، بل يرى كثير من المسيحين أن الانتظام في الصوم والصلاة توحيه اختياري لا إجباري.


ويقوا المستشار/ الطهطاوي:
لا يوجد عند المسيحين نص معين من الصلوات كل يوم أو مواقيت لها، إلا أنهم يقتبسون من اليهود العدد والوقت للصلاة، لذا قرروا لهم صلاتين واحدة في الصباح والأخرى في المساء.


ونحن باعتبارنا مسلمين لا ننعي استقاء النصرانية من اليهودية، لأننا نؤمن أن رسالة سيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام، مُكَمِّلَة لرسالة سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام،

ولكننا ننعي هذا الإقرار النصراني بأن ثمة خبرة وثنية وأممية تأثرت بها الصلاة المسيحية.

فالصلاة المسيحية – بشهادة أهلها – توليفة من الصلاة اليهودية والوثنية والأممية.


والصلاة المسيحية تطورت أيضاً عبر العصور، وتأثرت بالأحداث كاليهودية، وهذا يدل على بشرية هذه العبادة وتحريفها حسب الأحداث والأهواء.
ومن العجب العجاب أن الصلاة في المسيحية لا تشترط لها طهارة، فهم يصلون بلا طهارة.



ويرى يوسف بن إسماعيل النبهاني:
أن صلاة النصارى لابد لها من الاجتماع في الكنيسة مع اختلاط النساء بالرجال، وتلطخهم بالنجاسات في أثوابهم وأبدانهم وأمكنتهم أيضاً، لابسين أحذيتهم مع تحقق النجاسات فيها،
ومن يطلع على الفرق بينها وبين صلاة المسلمين يجد فروقاً عظيمة، فمن أهم أحكام الصلاة عتد المسلمين الطهارة من النجاسات وهذا شرط واجب لصحة الصلاة.
ونصت الشريعة اليهودية على الطهارة، ولكن اليهود غيَّروها، ونقلوا التشريع من درجة التنزيه الإلهي إلى درجة التشويه البشري، والطهارة في الإسلام واحدة لكل الناس على اختلاف طبقاتهم وأقدارهم، ولكن الطهارة في اليهودية طبقات!!،- فالأفراد العاديون لهم طهارة، والكهنة لهم طهارة أخرى، وهي لا شك مخالفة جوهرية، وعنصرية يهودية حتى في العبادات التي يفترض أن يقف الجميع سواء أمام الخالق عز وجل.
فإن اليهود حرَّفوا دينهم وضيعوا من دينهم شعائر الطهارة فشاعت فيهم القذارة.


وجاء الإسلام فأحيا ما طمسوه من الطهارة التي نعتقد يقيناً أن الله شرعها لسيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام.
وعلى الرغم من هذا:
فإن كمال التشريع الإسلامي في الطهارة لا تدانيه هذه الصورة العنصرية الساذجة للطهارة عند اليهود.



فماذا استقى الإسلام من هذه الصلاة اليهودية أو النصرانية إذن؟



اللهم لاشئ إلا في لفظ الصلاة، والتوجه بها إلى المعبود في الفرح والحزن، والفرج والشدة، والسراء والضراء، وما يكون قاسماً مشتركاً بين كل من يعرف له معبوداً مهما كان هذا المعبود فهو يطلبه لرغبة أو رهبة، سواء كان معبوداً بحق أم بباطل.
فكم ركع وسجد أشخاص وسالت دموعهم، وخشعت قلوبهم، وتعالت صيحاتهم أمام الشمس أو الكواكب أو الشجر أو البقر وغيرها من الأشياء التي عبدها بنو آدم!!.


إن البعد العقدي والأخلاقي والإجتماعي والصحي للصلاة في الإسلام، لا يمكن أن تطاله تلك الصلوات اليهودية والمسيحية التي شابتها عناصر وثنية انحرفت بها عن القدسيةـ وقطعتها عن مصدرها الإلهي.


إن دقة التشريع الإسلامي في الصلاة وشموله، وكماله في عددها وأركانها وسننها وهيئاتها، وفيما يتقدمها من نوافل، وما يتأخر عنها، في أوقاتها، وفيما يسبقها من طهارة، وما يخلفها من أذكار وختام.
كل هذا يدل على:
قدسية مصدرها، وعظمة المقصود بها، واقتداء الخلف بعد السلف في أدائها بالمعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، بحيث لو قام في الناس اليوم لم ينكر منها شيئاً.

(شبهات المستشرقين حول العبادات في الإسلام، د/ ناصر محمد السيد، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، ط1، 1426هــ / 2006م، ص110 : 130 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


2- يوم الجمعة:

إن الجمعة يوم من الأيــام المعدودة منذ أن خلق الله عز وجل السماوات والأرض، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى أنه:
«خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا»

(أخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه، 7 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ: 5 - بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وفي مواضع أخرى).


وكما قال صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، في فضل هذا اليوم العظيم:

«نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ»
(أخرجه الإمام/ الخــاري، في صحيحه، كِتَابُ الجُمُعَةِ: بَابُ فَرْضِ الجُمُعَةِ، برقم: 876، وفي مواضع أخرى،- وأخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه: 7 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ: 6 - بَابُ هِدَايَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، برقم: 21-(855)).


وقد اجتمع المسلمون لأداء شعائر الجمعة بعد هجرتهم إلى المدينة وقد أ مَّهم أسعد زُرارة، قبل مَقدِم رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، من مكة
1082 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَدَعَا لَهُ، فَمَكَثْتُ حِينًا أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا لَعَجْزٌ، إِنِّي أَسْمَعُهُ كُلَّمَا سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِي أُمَامَةَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَلَا أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَ هُوَ؟
فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَكَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ لِمَ هُوَ؟
قَالَ:
"أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، فِي نَقِيعِ الْخَضَمَاتِ، فِي هَزْمٍ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ رَجُلًا
(حديث حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا: بَابٌ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ، حديث رقم: 1082،- وأخرجه أبو داود في سننه، كِتَاب الصَّلَاةِ: بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى، حديث رقم: 1071).

ويرجح أن ذلك بإذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقيل: باجتهاد منهم.


وما قيل أن أول من جمع الناس هو كعب بن لؤي أحد أجداد النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وإنه كان يخطبهم،
فعلى فرض صحة هذا الخبر:

فيحتمل أن يكون ذلك من:
الإهتداء الفطري الذي يهتدي إليه أولو الفِطَرِ السليمة ويوافق الحق وأشبه بتوارد الخواطر، وما أكثر ما يحدث،
ويحتمل أن يكون ذلك من:
بقايا شرائع سابقة تغلغلت إلى أعرافهم كغيرها من بقايا دين سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، كما قيل عن يوم الجمعة:
((لم يزل أهل كل دين يعظمونه)).

وإن كان العرب أو غيرهم يعظمون يوم الجمعة، وجاء الإسلام موافقاً لهم في مجرد تعظيمهم له، إلا أن الإسلام تميز عن غيره بما خصه من إقامة الشرائع من: صلاة وخطبة جامعة في بيت الله مسبوقة بالطهارة، وأخذ الزينة، مما لا نجده في عُرفٍ أو دين آخر.


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


3- الصوم:

الصوم هو الركن الرابع من أركان دين الإسلام.
ويختلف في شكله ومضمونه عن الصوم في غيره من الشرائع، (سماوية وغير سماوية)، ويفصل د/ ناصر محمد السيد، القول في هذا الجانب كما يأتي:

إذا سلَّمنا – جدلاً – أن الإسلام أخذ الصيام من الديانات الأخرى، فهل إذا قارنَّا بين الصوم في الإسلام، وفي الديانات الأخرى سنجد تشابهاً
أم أن
الإســـــلام مَيَّز المسلمين بهذه العبادة ووضحها جلية للأعين المنصفة؟.



فنحن كمسلمين نؤمن بما أخبرنا به الله تعالى أن الصيام فُرِض على الأمم السابقة علينا، لأن الإسلام، يرث بقايا الحق من مواريث النبوات،
فقال الله عز وجل:
۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ۩ سورة البقرة.


فهذه شهادة بأن الله تبارك وتعالى فرض الصيام على هذه الأمة، شأنها في ذلك شأن الأمم السابقة، فلم ينكر الإسلام هذه الشعيرة عند الأمم السابقة، بل أقرها وأثبتها وجعل فرضيتها في الإسلام محقِّقة للتقوى في قلوب المسلمين.


وقد ذكر الإمام/ ابن كثير:
أَنَّ الصِّيَامَ كَانَ أَوَّلًا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَنَا، مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ -عَنْ مُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَزَادَ: لَمْ يَزَلْ هَذَا مَشْرُوعًا مِنْ زَمَانِ نُوحٍ إِلَى أَنْ نَسَخ اللَّهُ ذَلِكَ بِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
(تفسير ابن كثير، ج1 ص497).

وفي تعيين الله شهر رمضان دون ترك الأمر للإنسان ليختار شهراً معيناً إشعار للمسلمين بالوحدة والنظام.


الفرق بين الصيام في الإســلام واليهودية والنصرانية:


الصيام في اليهودية:

الصيام في العقيدة اليهودية هو عبادة لدفع ضرر واقع أو متوقع، وليس بهدف تزكية النفس وتطهيرها، فهو رمز للحداد والحزن، وكان اليهود يصومون صوماً مؤقتاً إذا اعتقدوا أن الله ساخط عليهم، أو حلَّت بالبلاد نكبة عظيمة، أو وباء فاتك، أو جدب عام، وفي بعض الأحيان عندما يعزم الملوك على مشروع جديد، فهو – إذاً ليس – تزكية للنفس، ولكنه دفع للشر وتعبير عن الذل والضعف، وهكذا كان الصوم عند المصريين القدماء، وعند السومريين وغيرهم، ولما لا نقول إن اليهود نقلوا هذه الشعيرة من الديانات القديمة السابقة عليهم؟!



الصيام عند النصارى:

من الراجح أن صيام رمضان كان واجباً على النصارى، فكان يأتي أحياناً في الحر الشديد، والبرد الشديد، وكان يشق ذلك عليهم في أسفارهم، ويضرهم في معايشهم، فاجتمع علماؤهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف، فجعلوه في الربيع، وزادوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا، فصار أربعين يوماً.
ثم إن ملكاً لهم اشتكى فمه، فجعل لله عليه إن هو بَرِئ من وَجَعِه أن يزيد في صومهم أسبوعاً، فبرئ فزاد عليه أسبوعاً، ثم مات ووليهم ملك آخر فقال: أتموه خمسين يوماً، فأتموه.!!

ومن خلال هذه الأحداث يظهر التحريف البشري الذي أصاب هذه الشعيرة عند النصارى،
وعلى الرغم من كل هذا:
فإن تقنين هذه الشعيرة وثباتها في الإسلام واستمدادها من القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة، وعدم خضوعها لعوامل التغيير والتبديل الذي حلَّ عليها في الديانات السابقة وشمولها وكمالها وتمامها، كل ذلك من أدل الدلائل على تميز الصوم في الإسلام عنه في غيره من الديانات.


وعند إنعدام النظر في الفرق بين شريعة الصوم في الإسلام والديانات الأخرى نجد فروقاً جوهرية من حيث:

طبيعة الصيام، وعدد الأيام، والحكمة من الصيام، وتنظيم الشعيرة،- حيث أن الصيام يؤدي إلى الصحة وهذا ما أثبته الطب.



ومن خلال هذه القراءة السريعة للصيام في الديانات السابقة تظهر عظمة الإســلام في تشريع العبادات التي شرعها الله عز وجل لعباده، وفي عودة العبادة إلى مصدرها الأول الذي جاءت به الرسل جميعاً دون تحريف أو تبديل، أو تدخل بشري، لأن الإســلام دين الفطرة الذي جاء للناس كافة.
(شبهات المستشرقين حول العبادات في الإسلام، د/ ناصر محمد السيد، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، ط1، 1426هــ / 2006م، ص281 : 296 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»



4- الحج:

الحج شعيرة من الشعائر التي عرفت في معظم الديانات السابقة للإســلام، ولكن ما جاء عنها في الإســلام يخالف ما جاء في سائر هذه الديانات المحرَّفة.

ولا يوجد أدنى تشابه بين شعائره في الإســلام وشعائره في الديانات الأخرى


ويبين لنا د/ ناصر محمد السيد، هذا الفرق الشاسع
فيقول:

من الجدير بالذكر أن الحج ليس شعيرة خاصة باليهود والنصارى، بل إنه من ضمن الشعائر التي مارستها معظم الملل والنحل، فظهر في الديانات الهندية والصينية، واليهودية، والمسيحية، وغيرها، فأصل الحج موجود في كل أمة على أشكال شتى.


فالإسلام جاء بالحج على نهج الحنيفية السمحة التي جاء بها أبو الأنبياء سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، امتثالاً لأمر الله عز وجل:
۩ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) ۩ سورة الحج.


ولو نظرنا في شعيرة الحج في اليهودية والنصرانية، لتبين لنا بوضوح الفروق الجوهرية في هذه الشعيرة بين الرسالات الثلاث.
بل لا نغالي إذا قلنا:
إن الحج كشعيرة لا وجود له في اليهودية والنصرانية المحرفتين.

فليس في اليهودية حج بالمعنى الذي يسبق إلى الذهن، وإنما هو مجرد أعياد مرتبطة بمواسم الحصاد

في سفر التثنية
"ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره، في عيد الفطير، وعيد الأسابيع، وعيد الَمظالَّ، ولا يحضروا أمام الرب فارغين، كل واحد حسبما تعطيه يده"
(التثنية، 16 : 16 ، 17).


ما قيل في اليهودية يقال مثله في المسيحية، فليس في النصرانية الحالية شعيرة يمكن أن يطلق عليها اسم الحج كما هو الحال في شعيرة الحج في دين الإســلام، في كمالها وشمولها، ووضوح معالمها وأبعادها الثقافية والإجتماعية والإقتصادية، وفوائدها الروحية والتربوية.

فلم يرد أي نص بالحج في كتب النصرانية المقدسة، فما نراه من حج النصارى الكاثوليك إلى روما، وحج المسيحين إلى القدس، لم يرد في الديانة المسيحية وأسفارها المقدسة لدى المسيحين، وإنما هو تقليد اتُّبع فيما بعد سيدنا/ عيسي – عليه الصلاة والسلام، بقرون.

والحج المسيحي إلى القدس ليس فريضة من فرائض المسيحية المنصوص عليها، وإنما نشأ بعد الإمبراطورة "هيلانة" أُم الإمبراطور "قسطنطين"، وقد زارت القدس سنة 324م، وعُرفت بعد ذلك بالقديسة، وليس الحج طقوساً أو مناسك، إنما هو عندهم عبارة عن سياحة دينية، وزيارة لبعض الأماكن التي يعتقدون أنها مقدسة، وقدسية هذه الأماكن لا يوجد عليها أدلة نصية من كتبهم
وإنما هي من وضع الرهبان ورجال الدين النصراني ولا علاقة لها بسيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام.



هذه الشعائر بقايا بقيت من دين سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، عند العرب، توارثوها عن أسلافهم وتواترت إليهم
واختلطت بعاداتهم الجاهلية، كعبادة الأصنام، وطوافهم بالبيت عراة، وإدخالهم الشرك في التلبية قائلين: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك)،


فجاء الإســـــلام ليعيد ملة سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، إلى نقائها وصفائها.
فقال عز وجل:
۩ ...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ۩ سورة الحج: من الآية 78


ولو كان النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، ناقلاً شريعته عن غيره لمجرد التشابه بينها وبين نبوته، لكانت هذه نفسها حجة تنسحب على نبوة كل نبي، ولكانت سارية على نبي الله سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، لأنه جاء ببعض ما جاء به سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام،
ولكانت سارية كذلك على سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام، لأنه جاء بمثل ما جاء من قبله أحياناً،
ولما ثبتت – بناء على ذلك – نبوة نبي، ولكان هذا هو الخطأ بعينه فلا يتأتى في نبوة النبيين نقل.


والإســـــلام أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وإلى مصدرها الأول من أول الأنبياء إلى خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

فشعيرة الحج لم تكن إلا إلى بيت الله الحرام من لدن أبو البشر سيدنا/ آدم – عليه الصلاة والسلام، إلى سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وإلى أن تقوم الساعة.
وأما ما ابتدعه اليهود والنصارى من مزارات وطقوس وعادات تقوم عندهم مقام الحج فلا أصل له حتى في أديانهم المحرفة.


(*) في: إقرار الإسلام للشعائر التي ورثها العرب عن دين سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام،
طالع:
 الوجه الثالث، من الشبهة السادسة والعشرون: (ق1 المجلد8 ج 13 شبهات حول العبادات والمعاملات الإقتصادية في الإسلام).
الرابط:
إدعاء أن الصلاة في الإسلام مقتبسة من الصابئة


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


5- تحريم الأشهر الحرم:

تحدث القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة الشريفــة، عن الأشهر الحرم حديثاً واضحاً يبين مدى قدسيتها عند الله عز وجل، وعند رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

وكا مما جاء في القرآن الكريم:
قوله عز وجل:
۩ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... ۩ سورة التوبة: من الآية 36


وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:
«إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ»
(أخرجه الإمام/ البخاري، في صحيحه، كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ: بَابُ تَفْسِير سُورَةُ بَرَاءَةَ،- وأخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه، 28 - كِتَابُ الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ: 9 - بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ).

فقال صلى الله عليه وسلم:
عن رجب: مضر، لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان، ويسمونه رجب، وكانت مضر تحرم رجب نفسه،- لهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، رجب شهر مضر، تأكيداً وبياناً لصحة ما صارت عليه مضر.



كان العرب يعظمون هذه الأشهر الحرم، ويحجون إلى البيت الحرام فيها، فكانت تأتي في الشتاء مرة وفي الصيف مرة أخرى، فشق عليهم الأمر، لأنهم كانوا يأتون للتجارة أيضاً، فربما كان الوقت غير مناسب لحضورهم للتجارة، فلهذا السبب أقدموا على السنة الشمسية بدلاً من القمرية، وعند ذلك ظل زمان الحج مختصاًّ بوقت واحد معين موافق لمصلحتهم وتجاراتهم، وربما كان بسبب أن العرب كانوا لا يكفون عن الحروب، فلهذا السبب أيضاً غيروا الأشهر الحرم عن مواقيتها وغيَّروا أسماءها لموافقة أهوائهم ومصالحهم، وهذا هو النَّسِيءُ.
أما اليهود والنصارى فقد علَّموا العرب صفة السنة الشمسية الكبيسة، لذا أنزل الله عز وجل هذه الآية


قال سبحانه:
۩ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... ۩ سورة التوبة: من الآية 36

وهذا يبين قضاء الله وقدره يوم أن خلق السماوات والأرض، وأنه عز وجل، وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها ورتبها، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة، فلذلك ردها الإســلام إلى حكمها الذي وضعها الله عليه يوم أن خلق السماوات والأرض، ولم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين واليهود والنصارى ولا عن تغيير أسمائها، والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها، ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية واليهود والنصارى، لأجل مصالحهم الدنيوية.



الحكمة من تحريم الأشهر الحرم:
أن يأخذ الإنسان نفسه بقدر من الضبط، والتحكم في مشاعره نحو الإستقامة، والقصد والحفاظ على الحريات، بأن يكف عن القتل والقتال والحرب، فكان الإنسان يقابل قاتل أبيه فيعرض عنه احتراماً لهذه الأشهر الحرم.
وأعظم ما فعلوه مخالفة هو "النَّسِيءُ"،- بأن يحلُّوا شهراً منها إذا غلبتهم شهوة الحرب، ويحرموا مكانه آخر.


يقول الله تبارك وتعالى:

۩ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) ۩ سورة التوبة.


حكمة دينية من هذه الآية الكريمة: ۩ ...ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۩سورة التوبة: من الآية 36

فتحريم الأشهر الحٌرم هو الدين المستقيم دين سيدنا/ إبراهيم وسيدنا/ إسماعيل – عليهما الصلاة والسلام – وتبدو في ارتباطها بعضها بعبادة الحج.
تتهيأ فيها الفرصة للقبائل الضعيفة التي لا تستطيع السفر، ولا تأمن الحركة أن تتحرك وتبحث عن مواطن الخصب، والماء والمرعى، فتسير بلا خوف.
شهدت الأشهر الحرم من عهد نبي الله سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام،- بعض القيم التي لمعت في ظلام الجاهلية، ومن هذه القيم "حرب الفِجار"، التي وجهتها العرب ضد كل مَن يبغي ويظلم وينتهك الحرمات، فقررت فيها حرمة البيت والأشهر الحرم فتنادت للصلح، ومنها "حِلْف الفُضول"، الذي عقد لمساعدة المظلومين ونصرتهم.


من خلال ما سبق يتبين لنا كيف حرفت الأمم السابقة هذه الأشهر الحرم وفرَّغتها من مضمونها وعن أهدافها السامية، وأزالت عنها قدسيتها.

وكيف أعادها دين الإســلام إلى ما كانت عليه منذ أن خلق الله السماوات والأرض، وأعاد إليها قدسيتها وأهدافها التي حُرِّمت من أجلها والتي يجب الاقتداء بها والعمل بموجبها، لأن فيها تؤدى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وفيها تكثر الحسنات، فهي أيام ذِكْر ورحمة، وهذا ما جاء الإســـــلام به للبشرية جمعاء.



وبعد هذا العرض للتـــشريعات في الإســـــلام وفي الشرائع الأخرى السابقة عليه
نقرر الآتي:
تعاليم الإســلام وشعائره وعباداته مستمدة من القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة المطهـــرة، سواء اتفق ذلك مع غيره أم اختلف،
وإن وافق بعض الشرائع وبعض الأعراف في بعض الأمور فهذا دليل على أنه:
الحق الذي جاء الإسلام به مكملاً وموضحاً وشاملاً لكل الشرائع التي جاء بها الأنبياء جميعاً – عليهم الصلاة والسلام، بعد أن تم تحريفها وتغييرها على أيدي أتباع هذه الملل.

أليس ذلك يليق بهذا الدين الشامل الذي جاء به الإســـــلام بهوية جديدة لأتباعه، بها يتميزون عن سواهم في العقيدة الصادقة والعبادة الصحيحة والمعاملات والأخلاق.
ومن ثم:
كان الاختصاص والتمييز ضرورين للجماعة المسلمة في التصور والاعتقاد وفي القبلة.



وعلى هذا الأساس الفطري أقام الإســـــلام شعائره التعبدية كلها، فهي لا تؤدى بمجرد النية، ولا بمجرد التوجه الروحي، ولكن هذا التوجه يتخذ شكلاً ظاهراً قياماً، واتجاهاً إلى القبلة، وتكبيراً وقراءة، وركوعاً وسجوداً في الصلاة، وإحراماً من مكان معين، ولباساً معيناً، وحركة وسعياً، ودعاء وتلبية، ونحراً وحلقاً في الحج، ونية وامتناعاً عن الطعام والشراب والمباشرة في الصوم.
وهكذا في كل عبادة حركة، وفي كل حركة عبادة، ليؤلف بين ظاهر النفس وباطنها.

فجاء الإســـــلام يلبي دواعي الفطرة بتلك الأشكال المعينة لشعائر العبادة، مع تجريد الـــــــذات الإلهيـــــــة عن كل تصور حسي وكل تحيز لجهة.

فيتوجه الفرد إلى قبلته حين يتوجه إلى الله تعالى بكليته، بقلبه وحواسه وجوارحه، فهذا التميز تلبية للشعور بالامتياز والتفرد الذي جاء به الإســـــلام.


دأب المستشرقون على أن يردوا كل تعاليم الإســـــلام إلى أصول سابقة، ومن بين ذلك الأحكام التشريعية، فهم يردونها أحياناً إلى أعراف الجاهلية العربية، ويردونها أحياناً إلى القانون الروماني،

وهم بهذا الرد والتردد يكشفون عن سوء طويتهم، في أنهم يحرصون كل الحرص على تجريد الإسلام من كل فضل ومن صفته الجوهرية، ألا وهي:
أنه وحــــــــــــــــي منزل من عند الله عز وجل.


وســـــواء – بعد ثبوت تنزيله من عند الله عز وجل – اتفق في بعض الأحكام مع النظم السابقة، أم اختلف معها، فبعض التشابه في الأحكام وارد لكن هذا التشابه الجزئي القليل لا يعنى نسبة نظام متكامل متضافر محكم في ترتيبه وتنظيمه إلى هذا الأصل المشوه أو ذاك الهراء المضطرب المتناقض.



وليس في النظام القبلي العربي قبل الإســـــلام نظام يستحق الأخذ به، بل أن العرب قبل الإســـــلام، لا يعرفون مثل هذا النظام المتقن في الأسرة والمواريث، الذين عهدناهما في التشريع الإسلامي.

كذلك:
نظام العقوبات الإسلامي تنزيل من حكيم حميد، وقد أحاط بتفاصيل دقيقة في الإثبات، والإشهاد، والتنفيذ لا نجد لها مثيلاً في أعراف الجاهلية.


وإقرار الإســـــلام لبعض الأمور الحميدة – كعقوبة الدية التي تحملها العاقلة كما كان في عرف العرب – لا يعني أخذ نظام العقوبات بأكمله من أعراف العرب، كما أن إقراره فكرة الدية على العاقلة لا يبرر أنها بكل تفاصيلها المدونة في كتب الفقه مأخوذة من عرب الجاهلية، ولا يعني أن عرب الجاهلية كانوا يعتقدون هذا النظام الدقيق، بل هو مستوحى من القــــرآن والسُّنـــة، كغيره من التشريعات الإسلامية.

فلا يستطيع مُدَّعٍ – على ما سبق – أن ينكر وضوح الحجة في اختلاف تشريعات الإســـــلام عن تشريعات الأديان السابقة، مما لا يجعل مجالاً للوهم أن منبع هذه الـــدين الحنيــف هو رب الأرض والسماء، وليس تشريعات محرَّفة أو أعراف جاهلية.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» هل الرفق واللين هما الأصل الذي يحرم الخروج عنه
»» شبهة رفع المصاحف وقضية التحكيم بين علي ومعاوية رضى الله عنهما
»» حوار مع الزميل/ Omar Jabassini - إثبات إجماع الأمة على أفضلية الشيخين رضى الله عنهما
»» بيان الإسلام: الزعم أن قاعدة تقوية الحديث الضعيف بكثرة طرقه على إطلاقها
»» إثبات حجية واستقلالية السنة النبوية بالتشريع،- حوار مع الزميل/ باحث بدون تعصب