عرض مشاركة واحدة
قديم 19-04-06, 12:48 PM   رقم المشاركة : 9
أثر عابر
مشترك جديد





أثر عابر غير متصل

أثر عابر is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمرى1 
   يا أثر بعد عين
الحسن بن على رضى الله عنهما تدعون أن زوجته سمته لصالح معاوية
دعك من الحسن بن على رضى الله عنهما
رجل ما جالس مع زوجته فى لحظة ود فتقدم له طعام فيه سم فيأكله وهو يعلم أن فيه سم
فهل كان الرجل فى هذه اللحظة يقتل نفسه لنصرة الحق أم لنصرة الكرنب الذى تصنعه زوحته أم لنصر المتعة والخمس
الذى تأكله أصنامكم
سبحان الله أين العقول

الجواب عن هذه الشبهة يتمّ بأحد وجهين :

الوجه الأول : أنّ الأئمة (عليهم السلام) أقدموا على القتل وشرب السم مع علم ويقين منهم على ذلك .
وأمّا أنّهم لا يعلمون بما يجري عليهم ، ولو علموا لم يقدموا لأنّه من الإلقاء في التهلكة فهو ينافي صريح الأخبار عنهم في هذا الشأن . فهذا الإمام الصادق (عليه السلام) يقول : " أيّ إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير ، فليس ذلك بحجّة الله على خلقه " .

وهذا الإمام الرضا (عليه السلام) كيف أجاب السائل الذي طرأت عليه الأوهام والشكوك في حادثة أمير المؤمنين (عليه السلام) حين قال له : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لما سمع صياح الأوز في الدار : " صوائح تتبعها نوائح " .

وقول أمّ كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك أن يصلي بالناس ؟ فأبى عليها، وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح ، وقد عرف (عليه السلام) أنّ ابن ملجم قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا يجز تعرّ ضه ؟ فقال الإمام الرضا (عليه السلام) ذلك كان ولكنه خيّر تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عز وجل .

وهكذا كان الجواب منهم (عليهم السلام) عن شأن حادثة الإمام الحسين (عليه السلام) ـ الكافي : ( كتاب الحجة : باب أنّ الائمة يعلمون متى يموتون ) ـ ، وإلى كثير من أمثال هذه الأحاديث والأجوبة .

ولكن أجمعها لرفع هاتيك الشبهة وأصرحها في الغرض خبر ضريس الكناسي ، فإنّه قال: سمعت أبا جعفر يقول وعنده أناس من أصحابه : " عجبت من قوم يتولّونا ويجعلونا أئمة ويصفون أنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم ، فينقصونا حقّنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتّسليم لأمرنا أترون أنّ الله تبارك وتعالى إفترض طاعة أوليائه على عباده، ثم يخفى عنهم أخبار السماوات والأرض ، ويقطع عنهم مواد العلم فيما يراد عليهم ممّا فيه قوام دينهم " .
فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : " يا حمران إنّ الله تبارك وتعالى قد كان قدّر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الإختيار ثم أجراه ، فبتقدّم علم إليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صمت من صمت منّا، ولو أنّهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أمر الله عز وجل ، وإظهار الطواغيت عليهم ، سألوا الله عز وجل أن يدفع عنهم ذلك وألحّوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذاً لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثم كان إنقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم إنقطع فتبدد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب إقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبنّ بك المذاهب فيهم " ـ الكافي : (باب أنّ الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء ) ـ .

وبعد هذا البيان الجلي والحجة الناصعة تحصل القناعة لكل عارف بصير ، فالحاصل أنّ التسليم بما هو قضاء الله وقدره ليس من الإلقاء للنفس في التهلكة .

الوجه الثاني : أنّ الأئمة المعصومين كانوا مجبورين في حياتهم الشخصية وأمام الأحداث والظواهر على العمل بعلمهم العادي المتأتّي من العلل الطبيعية ، والأسباب المتداولة المتوفرة للجميع .
ويؤكّد على ذلك استسلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام إرادة الله تعالى جاء في التاريخ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في المسجد فأخبروه بسوء حال إبنه إبراهيم ، فذهب (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى البيت وإحتضن إبنه ، فقال له وهو ينظر إليه : " أي إبراهيم العزيز ، إنني لا أستطيع فعل شيء لك ولا يمكن ردّ القضاء الإلهي ، إنّ عين أبيك دامعة وقلبه حزين عليك ، ولكنني لن أتفوّه بكلمة تجلب غضب الله تعالى ، فإن لم يكن وعداً صادقاً من الله تعالى للحقنا بك ولبكيت وحزنت أكثر من هذا لفراقك " ـ السيرة الحلبية : ج3 ، بحار الأنوار : ج33 / ص157 ـ .

وكان بإمكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإعجاز والولاية تلك الولاية التي كانت للسيد المسيح (عليه السلام) في معجزاته في إحياء الموتى وإعادة صحّة وسلامة المرضى من أمراضهم الصعبة أن يعيد سلامة إبنه ، كان بإمكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببركة الدعاء المستجاب الذي منحه الله تعالى أن يغير الحالة التي كانت لإبنه ، وكان بإمكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق العلم الغيبي أن يقضي على عوامل المرض لكي لا يمرض إبنه ، ولكنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يستخدم في هذا الأمر ولا في الأمور الأخرى هذه الاسباب المؤثرة ، ولم يخطُ خارج الأحداث الطبيعية والأسباب العادية ، لماذا ؟! لأنّ هذه الأسباب غير العادية أُعطيت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهداف أخرى، وأنّه عليه أن يستخدمها فيما يخصّ بإثبات الولاية أو في المواقف التي يحتاج إليها فيها ، لا في المسائل الصغيرة والأعمال الشخصية العادية ، نعم إنّه يستطيع إستخدام هذه الأسباب عندما يقترن الأمر بإذن إلهي عندما يريد أن يثبت ويبرهن نبوّته وإرتباطه بمقام الربوبية مثلاً .

ألا ترى أنّ الشرطة مجهّزون بأسلحة كالمسدس والرشاش ، ولكن لا يحق لهم إستخدام هذه الأسلحة إلاّ في مواقف خاصة وعندما يسمح لهم بذلك وليس في الأمور الشخصية والأعمال العادية .
ومن أسباب عدم إستخدام هذه الامور رعاية الجوانب التربوية ، فإن حياة الزعيم القائد والإمام لو كانت بعيدة عن المصائب والمشاكل والبلايا والأمراض مثلاً لم يستطع أن يوصي الآخرين بالصبر والتحمل في المشاكل والمصائب أو يدعو الأمة للمقاومة وتحمّل الصعاب والصبر عليها ، إذ لاشك في أنّ صبر القائد والإمام في المصائب والمشاكل ومقاومته وإيثاره في ميادين الجهاد قدوة للآخرين ، لأنّ الشخص الذي لا يعرف الألم وعدم الراحة ولم يتلمس طوال حياته المصائب والمشاكل لا يمكنه أن يكون نموذجاً في الإخلاق وقدوة لحياة الإنسان . ولهذا ترى في التاريخ أن الشخصيات الإلهية كانت تسعى كالآخرين لحلّ مشاكلها ومواجهة مصائبها بالوسائل العادية .

ويؤكّد على ذلك ما نشاهده في أسلوب حياة المعصومين من أنّه لا يختلف كثيراً عن حياة الآخرين ، كانوا يمرضون مثلهم ويتوسلون لشفائهم بالأدوية التي كانت في زمنهم ، وفي الحياة الإجتماعية أو المعارك الجهادية يستخدمون نفس الوسائل التي يستخدمها الآخرون ، ويرسلون الأشخاص ليأتوهم بالتقارير عن المعارك ، فإنّ كل ذلك يدل على أنهم لم يكونوا ليستفيدون من الوسائل الإعجازية .

فصفوة البحث أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة يعلمون الغيب ولكن لا يستخدمون ذلك العلم إلاّ في المواقف الخاصة لا في حياتهم اليومية العادية .
فكانوا (عليهم السلام) يعلمون أن هذا الطعام الذي يأكلونه مسموم ولكنهم يسلّمون لأمر الله تعالى وقدره .