تسقط من عينه بتلك الخواطر الخامس إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته السادس خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جملة وأنت لا تشعر السابع أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به فاعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر الثامن أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة والإنابة أصلا بل هي ضدها من كل وجه وما اجتمعا في قلب إلا وغلب أحدهما صاحبه وأخرجه واستوطن مكانه فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس والشيطان فيه خواطر الإيمان والمعرفة والمحبة فأخرجتها واستوطنت مكانها لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك وأحس بمصابه التاسع أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح معذب مشغول بما لا يفيد العاشر أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي وإذا غلبت على القلب أورثته الوساوس وعزلته عن سلطانها وأفسدت عليه رعيته وألقته في الأسر الطويل كما أن هذا معلوم في الخواطر النفسانية فهكذا الخواطر الإيمانية الرحمانية هي أصل الخير كله فإن أرض القلب إذا بذر فيها خواطر الإيمان والخشية والمحبة والإنابة والتصديق بالوعد ورجاء الثواب وسقيت مرة بعد مرة وتعاهدها صاحبها بحفظها ومراعاتها والقيام عليها أثمرت له كل فعل جميل وملأت قلبه من الخيرات واستعملت جوارحه في الطاعات واستقر بها الملك في سلطانه واستقامت له رعيته ولهذا لما تحققت طائفة من السالكين ذلك عملت على حفظ الخواطر فكان ذلك هو سيرها وجل أعمالها وهذا نافع لصاحبه بشرطين أحدهما أن لا يترك به واجبا ولا سنة والثاني أن لا يجعل مجرد حفظها هو المقصود بل لا يتم