حوار مع الشيعي أحمد راسم النفيس
أجرته صحيفة الوطن الكويتية
أكد الكاتب الشيعي د.أحمد راسم النفيس أن شيعة مصر لا يحتمون بإيران أو غير إيران، موضحاً أن الوجدان الشعبي هو حامي شيعة مصر.
وأضاف النفيس -الذي تشيع في النصف الثاني من الثمانينيات- في حوار خاص مع «الوطن» أن سلطات الأمن المصرية تريد اختراق الكيان الشيعي المصري.
وبين النفيس الذي انشق عن جماعة الإخوان المسلمين في الثمانينيات : أن الإخوان المسلمين بحاجة إلى أن يتواضعوا.
واعتبر النفيس أن الثورة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان كانت أول ثورة تغيير سلمي في الإسلام.
وبين النفيس أن الشيعة لا يكفرون أحداً واصفاً الوهابي المصري بأنه وهابي مخفف.
وانتقد النفيس من يستخف بشيعة مصر مشدداً على أن شيعة مصر ليسوا بحاجة لشهادة احد.
السؤال : متى أعلنت تشيعك؟
الجواب : في البداية لم أعلن ولكن تم الإعلان للجهات الأمنية بالنيابة عني في النصف الثاني من منتصف الثمانينيات، ثم بدأت سلسلة الاعتقالات في (1987، 1988، 1996) بتهمة التشيع، الكتابة عن آل البيت شرف وليس تهمة.
السؤال : لماذا انفصلت عن الإخوان المسلمين؟
الجواب : لم يحدث أنني وصفت الإخوان بما ليس فيهم، فالإخوان المسلمون مازال لديهم مجموعة من الادعاءات كالفهم الشامل للإسلام، وما زالوا يفاخرون بدورهم في انقلاب يوليو الذي أعاد مصر إلى زمن العسكرتاريا المملوكية.
الإخوان المسلمون في حاجة إلى أن يتواضعوا فهم يزعمون أشياء لا يقدمون أدلة عليها، ولكن نحن ضد قمعهم أو قمع أي تيار بما في ذلك الوهابيون الذين نختلف معهم.
الفتى حسن البنا دفع لتأسيس الجماعات الإسلامية، وعندما تقرأ رسائل حسن البنا تجد أنه مبهور بـهتلر ، كان إنجاز البناء الأبرز تأسيس تنظيم الضباط الأحرار.
السؤال : لماذا اتجهت إلى المذهب الشيعي؟
الجواب : ما أثار اهتمامي بالمذهب الشيعي تلك الاستفزازات التي تحدث ضد الشيعة كقولهم : الشيعة خطر، هذه الحملات المضادة للشيعة تأتي بنتائج عكسية، وأقول للقائمين على هذه الحملات : إذا كنتم تؤمنون بحرية الرأي فلتسمحوا بحوار جاد ومحترم بين الشيعة والسنة، بل إنني أبشرهم بما يسوءهم حيث ستأتي حملاتهم بنتائج عكسية بالغة الخطورة إذا كانوا يحذرون من التشيع، ((ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)).
السؤال : هل يمكن أن يكون الشيعة في مصر أغلبية في يوم ما؟
الجواب : لا نريد أن نستفز أحداً ولا نريد أن نهون من الواقع، عندما سئلت عن خطر المد الشيعي، قلت : إن الخطر يكمن في شركات توظيف الإسلام التي وظفت (100) ألف مقاتل، وهم متخيلون أنهم يقاتلون في سبيل الله.
السؤال : ما رأيك بمشروع العتبات المقدسة؟
الجواب : هو مشروع مجمد حتى إشعار آخر لأسباب سياسية ما زالت هناك مشاكل سياسية في العلاقات المصرية الإيرانية وننتظر أن تحسمها الآنسة كوندي ، وهذا لن يحدث قبلاً.
السؤال : لماذا تصرخ بأن هناك أكذوبة في التاريخ؟
الجواب : بالطبع فكونك تزعم أن هناك كياناً علمياً اسمه أهل السنة ، فهذا غير صحيح، هناك مذاهب أربعة، وعلى الرغم من ذلك فأنا واحد من الناس ممن نشأ ولا يعرف مذهبه، عندما تطلع على كتاب فقه السنة لمؤلفه السيد سابق أتحداك أن تحدد لي على أي مذهب كتب هذا الكتاب، أنا لا اشتم أحداً ولكني أذكر حقائق، الأحناف أنفسهم ينقسمون إلى مذاهب، وكذا الشافعية.
السؤال : هل صحيح أن هناك خطراً شيعياً على مصر؟
الجواب : إذا كان ثمة خطر فإن هذا الخطر يهدد شركات توظيف الأموال التي تهيمن على قضاء الأمة الإسلامية، هذه الشركات عندما أمرت أن تحشد مئات الألوف من المقاتلين لإسقاط الاتحاد السوفييتي فبادرت بالتنفيذ، أليس هذا خطراً؟ أليس القرضاوي الذي صرح بجواز قتل المدنيين المتعاونين مع القوات الأمريكية يعتبر خطراً على الإسلام؟ أليس القرضاوي بداعية فتنة، الإعلام العربي إعلام قذر وقل هذا الكلام على لساني.
كثيرون من المفكرين المصريين المدركين لحقيقة الأمر في مصر يقولون : إن مصر سنية المذهب شيعية الهوى، خيار الطائفية في مصر خيار غير عاقل.
خلال ظهور الشيعة في مصر طوال عشرين السنة الماضية لم تحمهم إيران وإنما الوجدان الشعبي ووجدان المثقفين الرافض ملاحقتهم بسبب انتمائهم المذهبي.. لم نحتم يوماً بإيران أو غيرها وإنما بالوجدان الشعبي ووجدان المثقفين الرافضين للملاحقات القائمة على انتماءات مذهبية، دوائر السلطة لم تمعن في العداء وإنما ترتكب مضايقات كبرى وصغرى لا ترقى إلى شن حرب إبادة.
خلال الثلاث السنوات الماضية لم تحدث مضايقات كبرى لشيعة مصر وإنما مجرد مضايقات صغيرة من قبل الأمن المصري المأمور من قبل القيادة السياسية، الأمر يأتي في إطار التحالفات الإقليمية.
السؤال : هل صحيح أن هناك حلفاً إقليمياً لمواجهة التشيع في المنطقة؟
الجواب : هذا الحلف قائم بالفعل.
السؤال : ماذا يريد الشيعة في مصر؟
الجواب : مطالبنا الديمقراطية والإصلاح السياسي، وهذان المطلبان ليسا ببعيدين عن المذهب الشيعي بل هما في صميم المذهب.
السؤال : هل ما زالت هناك مضايقات أمنية تحدث إلى الآن؟
الجواب : بعد عودتي من إيران احتجزتني سلطات الأمن ثلاث ساعات للبحث عن التمويل الإيراني، كنت أشارك ببحث في مؤتمر عن المهدي المنتظر ، ولم يكن هذا المؤتمر قاصراً على الشيعة بل ضم السنة والبوذيين والمسيحيين أيضاً، أنا لا أملك شيئاً على وجه الأرض، وحروب أفقاري ما زالت قائمة على قدم وساق.
لم يجدوا أموالا فصادروا الكتب والأسطوانات، من يتهم شيعة مصر بتلقي أموال هم المطالبون بالرد على سؤال من أين لك هذا؟ هناك تمويل يبلغ (2) مليار سنوياً لدعم الوهابية، هناك أفراد عاطلون عن العمل ولديهم مؤسسات ينفقون عليها من التمويل، أريدك أن تلتقط بعض الصور لهذا التمثال الموضوع على مكتبي، لأنه تم كسر قاعدته للبحث عن الدولارات.
السؤال : هل يمكن أن توجز لي رأيك في أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب ؟
الجواب : أبسط سؤال أجيب به هو : لماذا لم يدع الإمام علي لاجتماع السقيفة ليدلي بحجته؟ هل كان الإمام لا يملك حجة؟
قضية أخرى كيف نقول : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) لقد تمت مصادرة أرض فدك من السيدة فاطمة بدعوى هذه الرواية.
إذا نظرنا إلى ما حدث مع عثمان بن عفان نجد أن الثورة على عثمان بن عفان كانت أول ثورة تغيير سلمي في التاريخ الإسلامي، وكل ما يقال غير ذلك أكاذيب، لقد حوصر عثمان 49 يوماً وفي رواية أخرى 70 يوماً ولو كان هناك نية لقتله لقتل منذ الأسبوع الأول، وكان هناك اتفاق معه على إصلاح عدة أمور ولكن هذا الاتفاق لم يتم.
أريد أن أقول : إن معاوية بن أبي سفيان هو الذي نصح عثمان برفع حالة الاستعداد ورفض تزويد عثمان بالقوات عندما طلب منه ذلك، بعد أن تركه صحابة رسول الله ثم حدث الصدام بين فريقين في أعقاب مقتل عثمان : المعسكر الأول وهو معسكر الشرعية بقيادة الإمام علي والمعسكر الثاني : المعسكر الأموي.
السؤال : لماذا هناك تنازع للزعامة الشيعية في مصر رغم أن الأقليات عادة ما تلتحم لتحقيق أهدافها؟
الجواب : من يريد أن يعمل فليعمل بالطريقة التي تلائمه، ولكن قدر الشيعة في مصر عدم وجود مركزية تحسم مثل هذه الأمور وربما كان ذلك خيراً حتى لا ينظر للأمر بشكل طائفي، المشاكل التي حدثت كانت بسبب بعض التصريحات التي أضرت بالواقع الشيعي في مصر، مسألة الحزب الشيعي ورفع قضية على الأزهر وغيرها من التصريحات ليست في صالح شيعة مصر، أما مسألة الحرب بين المجلس الأعلى لرعاية آل البيت والمجلس الأعلى لأهل البيت، فأنا لست طرفاً فيها ولست في صراع مع أحد.
السؤال : هل هناك شخصية شيعية مصرية أضرت بشيعة مصر؟
الجواب : هناك بعض الجهات الأمنية تريد أن تخترق شيعة مصر كما فعلت مع جماعات أخرى ويقومون باستقطاب بعض العناصر.
السؤال : هل صحيح أن هناك من يريد تنصيب الدمرداش العقالي مهدياً منتظراً؟
الجواب : هذا كلام غير صحيح؛ لأن الدمرداش العقالي رغم خلافي معه رجل محترم وله وزنه ولن يقبل بذلك.
السؤال : كم عدد الشيعة في مصر؟
الجواب : ليس لدينا إحصاءات، وبالتالي يصعب التحديد.
السؤال : سأطرح السؤال بشكل مختلف : كم شخصية مصرية شيعية يعرفها د.النفيس ؟
الجواب : في المنصورة وحدها أعرف العشرات من المتشيعين وأعرف الكثير من خارج المنصورة من الكتاب والمفكرين.
أريد أن أقول لهؤلاء الذين يستخفون بالشيعة في مصر : نحن لا نحتاج شهادة من أحد، ويكفي أن المفتي الحالي د.علي جمعة صرح بأنه يلجأ إلى بعض الحلول في المذهب الجعفري. الإنسان الذي يستخف بالشيعة هو إنسان يستخف بثلثي المسلمين، والادعاء بأن السنة يزيدون على مليار ادعاء غير صحيح.
السؤال : هل صحيح أن جمال الدين الأفغاني كان شيعياً إيرانياً؟
الجواب : نعم كان شيعياً، الأزهر كان في بداياته شيعياً، وعندما جاء صلاح الدين الأيوبي أغلقه مائة عام، ثم أتى الظاهر بيبرس وأعاد للأزهر نشاطه.
السؤال : كيف تقيم العلاقة بين المجلس الأعلى لرعاية آل البيت والتيار الصدري؟
الجواب : التيار الصدري يعبر عن قطاع معتبر من الشارع العراقي، على الرغم من أنني انتقدت هذا التيار بسبب قلة خبرته، إلا أنني لا اعتقد أنه يسعى للقيام بعمليات مسلحة في مصر، مشكلة التيار الصدري أنه متمرد على الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ليس جريمة، قد يكون له أخطاء سياسية لكن العراقيين هم الأقدر على تقييمها.
السؤال : كيف استقبلت تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي حول الشيعة في مصر؟
الجواب : تصريحات القرضاوي كانت رداً على كلامي، وأنا عندما تكلمت لم أسب أو أشتم بل استطعت أن أخرج الضب من جحره، هل أنا تافه لهذه الدرجة حتى يقول عني القرضاوي : شيعي من المنصورة يرد عليَّ، أنا لا أريد اعترافاً من أحد ولكني أعرف جيداً من هو أحمد راسم النفيس .
السؤال : هل كان هناك تضييق أمني عليك بعد ردك على القرضاوي ؟
الجواب : لا لم يحدث، بالعكس سمعت من أحد ضباط أمن الدولة ثناء على ردي عليه، أنا لم أخطئ في أحد، وعندما اتهمت القرضاوي بالكذب فعندي المستندات ولديَّ وثيقة المصالحة التي وقع عليها كل من القرضاوي ومرشد الثورة الإسلامية، فلماذا يدعي أن أحداً لم يقبل أن يتكلم معه؟ إلى متى الاستخفاف بعقول الناس؟
السؤال : ماذا يفعل النفيس في العاشر من المحرم؟
الجواب : أحيي هذه الليلة، فـالحسين سفينة النجاة ومصباح الهدى، (حسين مني وأنا من حسين) (أحب الله من أحب حسيناً وأبغض الله من أبغض حسيناً) ولعنة الله على قاتليه، ولعن الله أمة ظلمته، ولعن الله أمة قتلته، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت، أريد أن أطلب ممن يحب آل البيت أن يتبرءوا ممن فعل ذلك بسبط النبي.. أنا لا أبكي في العاشر من المحرم فقط وإنما أبكي يومياً عند قراءتي لسيرة آل البيت، وعندما كتبت كتاب «على خطا الحسين » لم أستطع أن أكتب مشهد مقتله؛ لأنه أمر مؤلم بشدة، ولكن عندما كتبت «الشيعة والتشيع» اضطررت لكتابته.
السؤال : هل تود أن توجد مجالس عزاء في مصر؟
الجواب : نعم، بالطبع، ولم لا؟ أنت تعزي وتتعزى في رمز من الرموز، هذه لم تكن مصيبة أسرة وإنما مصيبة أمة.
السؤال : ما صحة ادعاء البعض بأن هناك اختراقاً شيعياً للصحافة المصرية؟
الجواب : كل ما حدث في الفترة الماضية في الصحف المصرية ليس لنا علاقة به، أنا لا أقر نشر أي ألفاظ نابية في الصحافة ضد أحد.
السؤال : هل تود أن يوجد مساجد شيعية في مصر؟
الجواب : نعم، إذا سمحت السلطة بذلك فالمسجد الشيعي لا يختلف عن غيره.
السؤال : هل تتوقع أن ينتشر زواج المتعة في مصر مع انتشار المد الشيعي؟
الجواب : زواج المسيار والزواج العرفي أسوأ من زواج المتعة، زواج المتعة حل لكثير من المشاكل ومنها ارتفاع عدد قضايا إثبات النسب، لماذا نتكلم عن المتعة ولدينا مشاكل الطلاق والعنوسة وغيرهما؟
السؤال : هل تؤيد تأسيس حزب للشيعة في مصر؟
الجواب : لا، يجب الانفصال عن المجتمع وتأسيس كنتون للشيعة، جلست مع بعض الوهابيين المصريين وأستطيع أن أقول لك : الوهابي المصري وهابي مخفف، الوهابية في مصر ليس بها مغالاة في التكفير.
ما أطرحه ليس لمصلحة طائفة ضد طائفة، وإنما لمصلحة تقديم رؤية حقيقية للتشيع، إذا كانت هناك فرصة للكتابة في جريدة مثل جريدة القاهرة فلماذا أخسرها، رئيس تحرير جريدة القاهرة عندما أتاح لي ذلك كان انطلاقا من مصريته وحرصه على نشر كل الآراء والأفكار.
منقول عن موقع مركز التنوير للدراسات الاستراتيجية وهو موقع أحسبه أكثر من جيد ومتخصص في الدراسات الشيعية .