القول بالغسل هو الذي مضت عليه المذاهب الأربعة، واستدلوا عليه بأدلة عديدة، منها ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره، حيث كتب يقول:
«إن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح، ولا ينعكس، فكان الغسل أقرب الى الاحتياط، فوجب المصير إليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الرجل يقوم مقام مسحها.
وإن فرض الرجلين محدود الى الكعبين، والتحديد إنما جاء في الغسل لا في المسح...»[7].
وقال القرطبي : (إن الفرض في الرجلين الغسل دون المسح، وهذا مذهب الجمهور والكافة من العلماء، وهو الثابت من فعل النبي(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)، واللازم من قوله في غير ما حديث، وقد رأى قوماً يتوضؤون وأعقابهم تلوح، فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعقاب من النار اسبغوا الوضوء». ثم إن الله حدها، فقال: الى الكعبين، كما قال في اليدين: الى المرافق، فدلّ على وجوب غسلهما...)[8].
وقال محمد رشيد رضا: «وأما الجمهور فقد أخذوا بقراءة النصب وأرجعوا قراءة الجر إليها، وأيدوا ذلك بالسنة الصحيحة وإجماع الصحابة، ويزاد على ذلك أنه هو المنطبق على حكمة الطهارة، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ، وعمدة الجمهور في هذا الباب عمل الصدر الأول، وما يؤيده من الأحاديث القولية، وأصحها حديث ابن عمر في الصحيحين، قال: تخلف عنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، قال فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار، مرتين أو ثلاثاً...»[9] .